نقوس المهدي
كاتب
أود البدء على غير عادتي بقول اشاري قبل طرح القراءة ،يقول اندري غورون( عندما يباع ويشترى كل شيء يتم تقويض الأسس التي تجمعها الإنسانية ) ولعلني سأكثف من الإيقونة التوضيحية هنا بقول اشاري اخر من سنخ اشاري أخر ليس كسابقه ، فيقول الفيلسوف والناقد الفرنسي غاستوف باشلار ( ان كل قارئ متحمس يكتب في ذاته من خلال الفعل القرائي وكأن القارئ طيف الكاتب ) بينما رأى اسكاربيت ( ان فعل القراءة عملية معقدة تغدوا فيها اثارة العلاقة المكتوبة من دون جواب محدد سلفاً بل يحسب القارئ زمن القراءة وظروفها وتثبيت النظر على المكتوب وعلى الكفاية اللغوية الحاضرة).
الايروتيكية erotic تعني المثير للشهوة باللغة العربية واسماها البعض ( أدب المواخير) وظاهرة الايروسية eros معناها شهواني وهو ادب مدنس ويرى بعض المهتمين انه ( أدب ترفيهي مكشوف، وسرد شهرزادي...) تعود لتسمية احد آلهة الحب عند الإغريق وكان يسمى في الميثولوجيا الاغريقية الاله المسؤول عن الرغبة وتمت عبادته لحالة الخصوبة،والمماثل عند الرومانية له كيوبيد .ان الادب باعتباره قيمة إنسانية ومنظومة للقيم الأخلاقية فلب الثقافية والأدبيات البناءة هو وظيفة التكيف نحو البناء الإنساني والمجتمعي ، والنصوص الدينية المقدسة تحوي في كلها حوارات وأمثلة اقرب دفئاً وراحة للنفس بطبيعة قدسيتها وطراوتها الإبداعية في اللغة والبلاغة والمعرفة والثيمة وتأثيرها ،كما يقول الروائي احمد سعداوي ( الدين بكل مستوياته كنصوص مقدسة، ومنظومة قيم وتاريخ أسطوري له حضور فاعل وأساسي في الأدب العالمي بصورة عامة) وهاته القدسية كان من الحري ان تتخذ كمنهجة للكتاب والأدباء الخائضون في مجال الأدب الروائي خصوصاً .مرض عضال نخر المثقف العربي منذ سنين وهذا الداء له جذور سقتها دوامة الاعلام المأجور،وكذا التاريخ الرخيص الذي يصور مصراً فرعونيا بدون الأنبياء ،وهكذا وفق هذه المساحات المتاحة تجرأ الزهاوي والرصافي على الذات المقدسة وأعلنوا الإلحاد والتشكيك بعدالة الله وإحكامه من خلال نصوصهم الشعرية دون تورع ، رغم هذا هلل السذج أشباه المثقفين آنئذ وراحوا يتغنون بأمجاد هؤلاء كمفكرين للثقافة العربية،واستمرت الإشكالية والهيمنة الغربية تفتك في كينونة المثقف العربي بصور حروب باردة ممنهجة فهم سعوا بلا هوادة لتحليل وتفسيخ القيم الإنسانية وتسطيح الثقافة والفكر والهوية العربية والإسلامية ، وكان مدخلهم لذلك في أحايين كثيرة هو الأدب ،فغيبوا الحوار المعقلن وطرحوا الايروتيكية في أذهان أشباه المثقفين كدعوة للتحرر والحرية والديمقراطية الكتابية ، لتكون مجاري لنقل الأفكار الهابطة والخطابات المبتذلة الرخيصة السوقية ،فراح كتاب الايروسية سواء في الشعر او القصة او الرواية يتخلون عن (التابو) الجسدي ويتكلمون بظواهر نصوصهم على مفاتن الجسد بوضوح وعمق فجٍ ،ويسهبوا اطناباً في التأكيدات لكي يوحي للقارئ الشبقيّة أو (إيروتيكيزم ) يهربون بهذا من هزالة المعنى والصورة في نصوصهم جاعلين تلك الألفاظ المنحلة غطاء يسترهم من النقد الحقيقي للنص ،والمثقف العربي يهدم ثقافته المرتبطة بحضارته وتاريخه الثر يختبأ خلف رؤية العقل الجمعي وأوهام لا يوجد فيها سلطان كأنه يتشرنق في بوتقة المنزوين من الحياة ؛ ما يجب الإشارة أليه هو انحطاط ذلك الأدب يجد رواجاً إعلاميا فماكينة الإعلام التي تتصدرها مجموعة من الوجوه المصبوغة بكيمائيات دول الغرب ، تهلل لمنظور ( خالف تعرف) ؛ امتدت تلك الحقب التاريخية التي لمع فيها بعض كتاب العري الماجن ، لتصل إلى الأدباء المعاصرين ومنهم الروائيين على وجه الخصوص ، وفيهم علاء الأسواني صاحب رواية ( عمارة يعقوبيان) و ( شيكاغو) وقد تحولت إلى فلمين فيما بعد ، فعلاء الأسواني يجعل الجنس مادة رئيسة في رواياته حسب قوله بأحد لقاءاته ولا يمكن ان يستغن عنه ، والأخرى هي السورية غادة السمان التي كتبت عنها الكاتبة أميرة ابو الحسن كتاباً تحت عنوان ( الجنس في أدب غادة السمان ) ونقلت نصوص من قصص غادة السمان ،لا تصلح حتى للتفكير بقراءتها مرة ثانية لو اخطأ من قراها للوهلة الأولى ظناً منه ان السمان أديبة تكتب لبناء الإنسانية ،علاء الأسواني اقتفى سيرة أجداه المصريين ، فإحسان عبد القدوس روائي الجنس كما يطلقون عليه ، ملأ المكتبات العربية بسيل من عبارات تخدش الأسرة العربية في خدرها حينما تتلقف إحدى تلك رواياته لتقرئها ،وقد بلغت الجرأة عنده في قصته ( منتهى الحب) التهجم على الذات المقدسة ،مع هذا تحولت روايات عبد القدوس إلى اعمال سينمائية في مصر ولعمري أي أدب هابط منحل سوقي تقدمه السينما المصرية فهم استغلوا جسد المرأة للتجارة والإعلان وسلعوه وامتهنوا الفنانة كبضاعة رخيصة تبرز معالم ومفاتن جسدها وبعض المشاهد الساخنة مقابل حفنة من الدولارات تمنح لها ، أي فن منحط هذا !!!!! تمظهر النسوة الهابط في السينما المصرية والمشاهد المنحطة قد كتبها روائي ومؤلف كان خلفية لهذا العمل ،فهم يحاولون تفريغ انسنة الإنسانية وإخراجه من أدميته لحالة البهيمية القاتمة الهوجاء ، تشارك غادة السمان نفس الدور لعبته الجزائرية أحلام مستغانمي في رواياتها ( عابر سرير) و ( ذاكرة الجسد) كل اشتغالاتها إيحاءات ومشاهد لا تليق بكتاب الأدب ان يطلقوها على النشء من أصحاب العقول الخصبة ،وكما أحسان عبد القدوس ومن تبعه علاء الأسواني ،لم يختلف الحال كثيراً في نصوص نجيب محفوظ الذي تجاوز على المقدسات الدينية في روايته ( أولاد حارتنا) الصادرة عام 1962 وساعده على نشرها في صحيفة الأهرام رئس تحريرها ائنذاك محمد حسنين هيكل ؛ والعمل المشابه له للهندي سلمان رشدي في رواية ( آيات شيطانية) التي أساء فيها للمقدسات الدينية كذلك ،وحصل على جائزة نوبل للآداب مع العلم انه لم يكن معروفاً ومشهوراً قبل كتابته لهذه الرواية ولكنه سام الفشل والعيش مغمورا فكتب هذه الرواية وتهجم على المقدسات لكي يكون بطلاً بالركون لجائزة نوبل (الغربية)!!! ،نفس المعنيين ( رشدي ومحفوظ) مع الفئة الأولى ( كتاب أدب العري الفاضح) هدفهم تقويض الأسس الإنسانية السمحاء والفطرة السليمة بدواخل الإنسان،محاولين كسر منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية وفق ما يشتهي هواهم ونرجسيتهم ،والسينما المصرية بما تمتاز به من إسفاف في الألفاظ وسقوط أخلاقي كبير وفظيع لدى اغلب الممثلات تكتمل حلقة الانحطاط والدونية ،برسالة ماجستير عن العري في دولة مصر .الحال يشمل الميثولوجيات والتراث ، فقد كتب الدكتور محمد عبد الرحمن كتاب في الاستبداد السلطوي والفساد الجنسي في إلف ليلة وليلة ، وانك لو قرأت الف ليلة وليلة ستجد العري في البعد اللفظي والذي يشكل نفس خطورة العري المرئي بالنسبة للقراء بل حتى المستمعين والمشاهدين،وكذلك هناك الايروتيكية في الحضارة ومنها ملحمة اوفيد ovidus( فن الهوى) والملحمة الفارسية اناتغرافيا Anagaranga ، والملحمة الهندية الشهيرة كاماسوترا kamasutra . يقول الناقد يوسف سامي اليوسف في مقدمة كتابه ( مقال في رواية): ان التدفق الغزير في البلدان العربية وهذا السيل الزاخر علامة انحطاط وان معظم ما ينتجه الطور الراهن من اداب ليس سوى إنتاج خديج يعوزه النضج والكمال بل تعوزه التلقائية أول كل شيء ...) ولو قرأنا جغرافيا الكتابة الايروسية وانتشارها بين الأديبات العربيات ستجد ان حصة الأسد من نصيب السعودية ،عاكسات سوء فهم كبير بين النظرية والتطبيق ، مسجلات اللوم في النظرية بسبب التطبيقات الخاطئة لبعض المفاهيم الإنسانية والدينية،فلو طالعت تلك الكتيبات لزكمت انفك وقززت نفسك تلك الحفنة من الروايات الهابطة التي كتبت بأقلام نساء عربيات ،ومنهن رواية ( أيام في الجنة) للكاتبة العمانية غالية ال سعيد و( بنات الرياض) للسعودية رجاء الصانع. و( حين كنت رجلا) لالهام منصور من لبنان ، ونساء عند خط الاستواء للسعودية زينب حفني المتحررة التي تسكن لندن ،السعودية وحدها كان نصيبها ( 65 رواية كلها بأقلام نسائية)حيث صدر في الأردن رواية (خارج الجسد) لعفاف البطاينة، ورواية (مرافئ الوهم) لليلى الأطرش، ورواية (أصل الهوى) لحزامة حبايب،وفضيلة الفاروق ورواياتها (اكتشاف الشهوة) و(تاء الخجل) .لم يوظفن في رواياتهن الدلالات القصصية المعبرة ،بل كل فصول رواياتهن عبارة عن أشارات ورمزية توحي للقارئ بالمشاهد المهدمة لسلوك الفرد نفسياً ،والتي تتنزه العائلة العربية عن دخول أشباهها لمكتبات بيوتهم او بناتهم وشبابهم ،استوقفتني ذات مرة مقولة لأحد عشاق الأدب الغربي ( اخترت رواية العطر للكاتب الفرنسي باتريك زوسكيند وهي رواية مترجمة للعربية أغراني عنوانها لذا اخترتها لحبي الشديد لكل ما له صلة بالعطور ومن منا من لا يحب العطور؟ ..تخيلت من العنوان بأنني سأشتم أنواع من الروائح الطيبة عبر صفحات هذه الرواية ولكن المفارقة الكبرى كانت الرواية تعج بكل أنواع الروائح العفنة...) بعضهم يطلق على من يدافعون وينتهجون ترجمان الروايات الفرنسية المنحلة تلك بأنهم أما ساديون او مازدوشية ، يطرحون بضاعتهم المتعفنة والفاسدة ليتلذذوا بالتشهير بهم او الوصول للشهرة والمجد بسرعة البرق للسخرية والاستخفاف بمن اطاعو نتاجاتهم واستهلكوها ؛ وان كل من يحارب الهوية والمبدأ سيقف بطابور أولئك المروجين المالكين لفضائيات مرتزقة رخيصة الشراء ،فكما يقول احد الكتاب ( المسرفون في العدوان كائنات تفتقر الى غريزة التأمل والتفطن التي هي الغريزة المتخصصة بإنتاج الثقافة) ونسوا ان لغتهم العربية الام تقول لهم ان الثقافة( تثقيف الرمح وتسويته) وان الجمال هو تذوق نفسي يتسامى روحياً وان للإنسانية والمبادئ جمالاً أخر غير المتعشعش في نفوسهم الدوغمائية السقيمة المتعبدة بالشكليات والزخارف ،وفي الختام اعترف باني قد تنزهت عن ذكر نص النصوص المشار لها بالقراءة حفاظاً على الذائقة العامة لقراء المقال وللمجتمعات العربية بصورة عامة،فاني اعتبر تلك الروايات مكانها سلة المهملات وليس رفوف المكتبات.
.
Emile Charles Emile Hippolyte Lecomte-Vernet,
(1821-1900)
الايروتيكية erotic تعني المثير للشهوة باللغة العربية واسماها البعض ( أدب المواخير) وظاهرة الايروسية eros معناها شهواني وهو ادب مدنس ويرى بعض المهتمين انه ( أدب ترفيهي مكشوف، وسرد شهرزادي...) تعود لتسمية احد آلهة الحب عند الإغريق وكان يسمى في الميثولوجيا الاغريقية الاله المسؤول عن الرغبة وتمت عبادته لحالة الخصوبة،والمماثل عند الرومانية له كيوبيد .ان الادب باعتباره قيمة إنسانية ومنظومة للقيم الأخلاقية فلب الثقافية والأدبيات البناءة هو وظيفة التكيف نحو البناء الإنساني والمجتمعي ، والنصوص الدينية المقدسة تحوي في كلها حوارات وأمثلة اقرب دفئاً وراحة للنفس بطبيعة قدسيتها وطراوتها الإبداعية في اللغة والبلاغة والمعرفة والثيمة وتأثيرها ،كما يقول الروائي احمد سعداوي ( الدين بكل مستوياته كنصوص مقدسة، ومنظومة قيم وتاريخ أسطوري له حضور فاعل وأساسي في الأدب العالمي بصورة عامة) وهاته القدسية كان من الحري ان تتخذ كمنهجة للكتاب والأدباء الخائضون في مجال الأدب الروائي خصوصاً .مرض عضال نخر المثقف العربي منذ سنين وهذا الداء له جذور سقتها دوامة الاعلام المأجور،وكذا التاريخ الرخيص الذي يصور مصراً فرعونيا بدون الأنبياء ،وهكذا وفق هذه المساحات المتاحة تجرأ الزهاوي والرصافي على الذات المقدسة وأعلنوا الإلحاد والتشكيك بعدالة الله وإحكامه من خلال نصوصهم الشعرية دون تورع ، رغم هذا هلل السذج أشباه المثقفين آنئذ وراحوا يتغنون بأمجاد هؤلاء كمفكرين للثقافة العربية،واستمرت الإشكالية والهيمنة الغربية تفتك في كينونة المثقف العربي بصور حروب باردة ممنهجة فهم سعوا بلا هوادة لتحليل وتفسيخ القيم الإنسانية وتسطيح الثقافة والفكر والهوية العربية والإسلامية ، وكان مدخلهم لذلك في أحايين كثيرة هو الأدب ،فغيبوا الحوار المعقلن وطرحوا الايروتيكية في أذهان أشباه المثقفين كدعوة للتحرر والحرية والديمقراطية الكتابية ، لتكون مجاري لنقل الأفكار الهابطة والخطابات المبتذلة الرخيصة السوقية ،فراح كتاب الايروسية سواء في الشعر او القصة او الرواية يتخلون عن (التابو) الجسدي ويتكلمون بظواهر نصوصهم على مفاتن الجسد بوضوح وعمق فجٍ ،ويسهبوا اطناباً في التأكيدات لكي يوحي للقارئ الشبقيّة أو (إيروتيكيزم ) يهربون بهذا من هزالة المعنى والصورة في نصوصهم جاعلين تلك الألفاظ المنحلة غطاء يسترهم من النقد الحقيقي للنص ،والمثقف العربي يهدم ثقافته المرتبطة بحضارته وتاريخه الثر يختبأ خلف رؤية العقل الجمعي وأوهام لا يوجد فيها سلطان كأنه يتشرنق في بوتقة المنزوين من الحياة ؛ ما يجب الإشارة أليه هو انحطاط ذلك الأدب يجد رواجاً إعلاميا فماكينة الإعلام التي تتصدرها مجموعة من الوجوه المصبوغة بكيمائيات دول الغرب ، تهلل لمنظور ( خالف تعرف) ؛ امتدت تلك الحقب التاريخية التي لمع فيها بعض كتاب العري الماجن ، لتصل إلى الأدباء المعاصرين ومنهم الروائيين على وجه الخصوص ، وفيهم علاء الأسواني صاحب رواية ( عمارة يعقوبيان) و ( شيكاغو) وقد تحولت إلى فلمين فيما بعد ، فعلاء الأسواني يجعل الجنس مادة رئيسة في رواياته حسب قوله بأحد لقاءاته ولا يمكن ان يستغن عنه ، والأخرى هي السورية غادة السمان التي كتبت عنها الكاتبة أميرة ابو الحسن كتاباً تحت عنوان ( الجنس في أدب غادة السمان ) ونقلت نصوص من قصص غادة السمان ،لا تصلح حتى للتفكير بقراءتها مرة ثانية لو اخطأ من قراها للوهلة الأولى ظناً منه ان السمان أديبة تكتب لبناء الإنسانية ،علاء الأسواني اقتفى سيرة أجداه المصريين ، فإحسان عبد القدوس روائي الجنس كما يطلقون عليه ، ملأ المكتبات العربية بسيل من عبارات تخدش الأسرة العربية في خدرها حينما تتلقف إحدى تلك رواياته لتقرئها ،وقد بلغت الجرأة عنده في قصته ( منتهى الحب) التهجم على الذات المقدسة ،مع هذا تحولت روايات عبد القدوس إلى اعمال سينمائية في مصر ولعمري أي أدب هابط منحل سوقي تقدمه السينما المصرية فهم استغلوا جسد المرأة للتجارة والإعلان وسلعوه وامتهنوا الفنانة كبضاعة رخيصة تبرز معالم ومفاتن جسدها وبعض المشاهد الساخنة مقابل حفنة من الدولارات تمنح لها ، أي فن منحط هذا !!!!! تمظهر النسوة الهابط في السينما المصرية والمشاهد المنحطة قد كتبها روائي ومؤلف كان خلفية لهذا العمل ،فهم يحاولون تفريغ انسنة الإنسانية وإخراجه من أدميته لحالة البهيمية القاتمة الهوجاء ، تشارك غادة السمان نفس الدور لعبته الجزائرية أحلام مستغانمي في رواياتها ( عابر سرير) و ( ذاكرة الجسد) كل اشتغالاتها إيحاءات ومشاهد لا تليق بكتاب الأدب ان يطلقوها على النشء من أصحاب العقول الخصبة ،وكما أحسان عبد القدوس ومن تبعه علاء الأسواني ،لم يختلف الحال كثيراً في نصوص نجيب محفوظ الذي تجاوز على المقدسات الدينية في روايته ( أولاد حارتنا) الصادرة عام 1962 وساعده على نشرها في صحيفة الأهرام رئس تحريرها ائنذاك محمد حسنين هيكل ؛ والعمل المشابه له للهندي سلمان رشدي في رواية ( آيات شيطانية) التي أساء فيها للمقدسات الدينية كذلك ،وحصل على جائزة نوبل للآداب مع العلم انه لم يكن معروفاً ومشهوراً قبل كتابته لهذه الرواية ولكنه سام الفشل والعيش مغمورا فكتب هذه الرواية وتهجم على المقدسات لكي يكون بطلاً بالركون لجائزة نوبل (الغربية)!!! ،نفس المعنيين ( رشدي ومحفوظ) مع الفئة الأولى ( كتاب أدب العري الفاضح) هدفهم تقويض الأسس الإنسانية السمحاء والفطرة السليمة بدواخل الإنسان،محاولين كسر منظومة القيم الإنسانية والأخلاقية وفق ما يشتهي هواهم ونرجسيتهم ،والسينما المصرية بما تمتاز به من إسفاف في الألفاظ وسقوط أخلاقي كبير وفظيع لدى اغلب الممثلات تكتمل حلقة الانحطاط والدونية ،برسالة ماجستير عن العري في دولة مصر .الحال يشمل الميثولوجيات والتراث ، فقد كتب الدكتور محمد عبد الرحمن كتاب في الاستبداد السلطوي والفساد الجنسي في إلف ليلة وليلة ، وانك لو قرأت الف ليلة وليلة ستجد العري في البعد اللفظي والذي يشكل نفس خطورة العري المرئي بالنسبة للقراء بل حتى المستمعين والمشاهدين،وكذلك هناك الايروتيكية في الحضارة ومنها ملحمة اوفيد ovidus( فن الهوى) والملحمة الفارسية اناتغرافيا Anagaranga ، والملحمة الهندية الشهيرة كاماسوترا kamasutra . يقول الناقد يوسف سامي اليوسف في مقدمة كتابه ( مقال في رواية): ان التدفق الغزير في البلدان العربية وهذا السيل الزاخر علامة انحطاط وان معظم ما ينتجه الطور الراهن من اداب ليس سوى إنتاج خديج يعوزه النضج والكمال بل تعوزه التلقائية أول كل شيء ...) ولو قرأنا جغرافيا الكتابة الايروسية وانتشارها بين الأديبات العربيات ستجد ان حصة الأسد من نصيب السعودية ،عاكسات سوء فهم كبير بين النظرية والتطبيق ، مسجلات اللوم في النظرية بسبب التطبيقات الخاطئة لبعض المفاهيم الإنسانية والدينية،فلو طالعت تلك الكتيبات لزكمت انفك وقززت نفسك تلك الحفنة من الروايات الهابطة التي كتبت بأقلام نساء عربيات ،ومنهن رواية ( أيام في الجنة) للكاتبة العمانية غالية ال سعيد و( بنات الرياض) للسعودية رجاء الصانع. و( حين كنت رجلا) لالهام منصور من لبنان ، ونساء عند خط الاستواء للسعودية زينب حفني المتحررة التي تسكن لندن ،السعودية وحدها كان نصيبها ( 65 رواية كلها بأقلام نسائية)حيث صدر في الأردن رواية (خارج الجسد) لعفاف البطاينة، ورواية (مرافئ الوهم) لليلى الأطرش، ورواية (أصل الهوى) لحزامة حبايب،وفضيلة الفاروق ورواياتها (اكتشاف الشهوة) و(تاء الخجل) .لم يوظفن في رواياتهن الدلالات القصصية المعبرة ،بل كل فصول رواياتهن عبارة عن أشارات ورمزية توحي للقارئ بالمشاهد المهدمة لسلوك الفرد نفسياً ،والتي تتنزه العائلة العربية عن دخول أشباهها لمكتبات بيوتهم او بناتهم وشبابهم ،استوقفتني ذات مرة مقولة لأحد عشاق الأدب الغربي ( اخترت رواية العطر للكاتب الفرنسي باتريك زوسكيند وهي رواية مترجمة للعربية أغراني عنوانها لذا اخترتها لحبي الشديد لكل ما له صلة بالعطور ومن منا من لا يحب العطور؟ ..تخيلت من العنوان بأنني سأشتم أنواع من الروائح الطيبة عبر صفحات هذه الرواية ولكن المفارقة الكبرى كانت الرواية تعج بكل أنواع الروائح العفنة...) بعضهم يطلق على من يدافعون وينتهجون ترجمان الروايات الفرنسية المنحلة تلك بأنهم أما ساديون او مازدوشية ، يطرحون بضاعتهم المتعفنة والفاسدة ليتلذذوا بالتشهير بهم او الوصول للشهرة والمجد بسرعة البرق للسخرية والاستخفاف بمن اطاعو نتاجاتهم واستهلكوها ؛ وان كل من يحارب الهوية والمبدأ سيقف بطابور أولئك المروجين المالكين لفضائيات مرتزقة رخيصة الشراء ،فكما يقول احد الكتاب ( المسرفون في العدوان كائنات تفتقر الى غريزة التأمل والتفطن التي هي الغريزة المتخصصة بإنتاج الثقافة) ونسوا ان لغتهم العربية الام تقول لهم ان الثقافة( تثقيف الرمح وتسويته) وان الجمال هو تذوق نفسي يتسامى روحياً وان للإنسانية والمبادئ جمالاً أخر غير المتعشعش في نفوسهم الدوغمائية السقيمة المتعبدة بالشكليات والزخارف ،وفي الختام اعترف باني قد تنزهت عن ذكر نص النصوص المشار لها بالقراءة حفاظاً على الذائقة العامة لقراء المقال وللمجتمعات العربية بصورة عامة،فاني اعتبر تلك الروايات مكانها سلة المهملات وليس رفوف المكتبات.
.
صورة مفقودة
Emile Charles Emile Hippolyte Lecomte-Vernet,
(1821-1900)