ا
ابن يامون
كان الرشيد ميالا إلى أبي نواس معجبا بشعره ومنادمته. وكان ميالا إلى زوجته السيدة زبيدة ولا يفضّل عليها أحدا من النساء، وفي ذات يوم دخل عليه أبو نواس واخذ في ممازحته ومنادمته فلم تنبسط لذلك أساريره، فعلم أنّ هناك ما يشغله ويقلق باله.
فقال له: ياأميرالمؤمنين ما عهدي بأحد ظلم نفسه مثلك، لماذا لا تتمتّع بتمام اللذة وتغتنم صفو الحياة..؟ أمامك المآكل الشهية والجواري الأبكار بديعات الحسن والجمال ذوات الخدود النواضر والعيون الفواتك من كل مائسة تختال باهرة الطلعة رائعة الدلال وامامك يا أميرالمؤمنين المدنيات والحجازيات والعراقيات بقدودهن السمهريات، وامامك الأوانس من سائر الأمصار وما هنّ عليه من حياء ووقار وخفة ولطافة ورشاقة، فاستفاق الخليفة من شروده الذي كان فيه، واعتدل وتوجه إلى أبي نواس وقال: ويحك يا ابا نواس انني لا اعتقد أنّ لك شبيها بين الناس ولم اسمع من احد اعذب من ألفاظك وأحلى من حديثك فأعد عليّ ما قلت فأعاد عليه الحديث , وزاد فيه وصفا وإغراءً. وهنا وجد الرشيد من النشاط ما أعاد إليه عهد تصابيه، وسُرَّ من أبي نواس سرورا لا مزيد عليه وصرفه وأنعم عليه، ثم ذهب الى الحرم فدخل على زوجته السيدة زبيدة فوجدته على غير ما تعهد
فقالت له: ما بال أميرالمؤمنين هل حدث ما يوجب انشغاله عني؟؟؟
فأجاب: لا أبدا لم يحصل شيء.. وما زالت به حتى باح لها بما قاله أبو نواس.. فاغتاظت غيظا شديدا ثم قالت أما كان الأجدر بك يا أميرالمؤمنين أن توبخه وتوقفه عند الحد الذي لا يتمادى فيه؟؟
فقال لها: وكيف أوبخ من أزال همومي وصيرني الى غبطة بعد يأس؟؟!!
فقامت من حضرته وهي تكاد تتميز من الغيظ ونادت بعض غلمانها الأمناء وقالت لهم اذهبوا
الى أبي نواس في داره واضربوه ضربنا أليما ولا تتركوه حتى يسقط بين أيديكم مغمى عليه.. وعرِّفوه أن الملكة زبيدة هي التي أمرت بذلك..
فخرج الغلمان من عندها حتى دخلوا على أبى نواس فقالوا له: إننا أتيناك من الملكة زبيدة حرم أمير المؤمنين..
فقال لهم: أهلا وسهلا بكم ماذا تريدون مني؟
فعمدوا الى عصيّهم وانهالوا بها على جسمه حتى أثخنوه جراحا وصار يستغيث ولا يغاث، ولم يتركوه حتى سقط على الأرض مغمى عليه، فنزلت زوجته أخذته منهم واحتملته الى الفراش. واستمر في فراشه مدة شهر كامل ولم يعلم أميرالمؤمنين بشيء مما حدث له.
وفي ذات يوم مرّت ذكراه على مخيلة الرشيد ، واشتاق الى حديثه وحسن مداعبته فأرسل بعض الخدم في طلبه فوجدوه مريضا
فقالوا له: اجب أمير المؤمنين
فقال لهم: كيف اذهب إليه وأنا على ما ترون من المرض والهزل
فاحتملوه الى قصر الخلافة ثم ادخلوه على الرشيد فلما مثل بين يديه أمره بالجلوس , فجلس وهو زائغ البصر.. وراح ينظر الى المجلس في وجل واضطراب , ووقع نظره على باب صغير في آخر الإيوان
فأدرك بنباهته أن السيدة زبيدة تسترق السمع من خلف ذاك الباب وان الخليفة لم يعلم شيئا مما حدث له.
فنظر إليه الخليفة وقال: لماذا احتجبت عنا كل هذه المدة يا أبا نواس؟؟
فقال: وقيتَ السوءَ يا أميرالمؤمنين لقد كنتُ مريضا، وهذا ما منعني من الوفود إليكم..
فقال الرشيد: لا بأس عليك يا ابا نواس فما دام انك شفيت فقصَّ علينا أحاديث الغرام وما يجب على مثلي من ربّات الجمال..
فقال أبو نواس: دعنا يا مولاي الآن من مثل هذا الحديث..
فقال الخليفة: بحقّي عليك إلا ما قصصت عليَّ شيئا ظريفا عن النساء وجمالهنّ والمتعة بهنّ، وأعدْتَ عليّ ذلك الحديث الذي ارتاحت له نفسي، وابتهجت أذناي لسماعه، وإنني والحق يقال يا أبا نواس منذ تلك الليلة التي سمعت فيها حديثك، وأنا أتشوق الى سماعه من جديد أتلهف الى سماع أخبار ما وصفت من النساء..
فقال أبو نواس: نعم يا أميرالمؤمنين لقد أخبرتك أن العرب اشتقت اسم الضرّة من الضرر وانهم قالوا:
من حوى امرأتين جاء الى نفسه بداهيتين، وجلب على ذاته مصيبتين ولم يعش باقي عمره الا في همّ ونكد..
ومن حوى ثلاثة تنغصّت حياته وحانت من المزعجات وفاته..
ومن جاء بأربعة عُدَّ من اهل القبور وان لم يكن في اللحد مدفونا.. والخيرُ كلُّ الخير للرجل العاقل،
الزوجة الواحدة يهواها وتهواه فيعيش طوال حياته متمتعا بما يهواه من نعمة دينه ودنياه.. هذا يا أميرالمؤمنين ما كنت قد حدثتك به.
فقال الرشيد: ويحك يا ابا نواس انني لم اسمع منك هذا الحديث قط.
فقال ابو نواس: وهو يتجاهل كأنه لم يسمع ما قاله الخليفة: يا امير المؤمنين وناصر الدولة والدين
ان في الزوجة الواحدة كفاية وهي للخير طراز ونهاية فمنها الخير والانعام والمجد والاكرام...
فقال الرشيد: برئتُ من ديني ان كنت قد سمعت منك شيئا من هذا البيان قبل الآن.
فقال ابو نواس: ربما كانت افكارك شاردة في ذلك الحين يا اميرالمؤمنين وانني أخبرتك ايضا ان عندك السيدة زبيدة بنت القاسم ريحانة الرياحين، وبهجة الناظرين واني لحظت من كلامك ان عينك
تميل الى جمال الغانيات وتطمع الى امتلاك الحسان الفاتنات وهذا لا يليق بك يا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فاغتاظ الرشيد وهجم عليه بسيفه وصاح به: ويلك هل تكذبني يا ابا نواس؟؟
فقال ابو نواس: الله الله وهل انت تريد ان تقتلني , يا امير المؤمنين؟؟.
وهنا سمع الخليفة من خلف الستار ضحكة لذيذة وصوتا رقيقا يقول: صدقت يا ابا نواس انت لم تحدثه بما قال عنك، ولم يخبرني بما قلتَه له الآن بل قال لي كلاما محرّفا وهذا على رأيك من شدة شغفعه
بالنساء وميله إليهنّ.
فقال ابو نواس: نعم نعم هذا كان كلامي يا مولاتي
ثم غادر الغرفة تاركا الخليفة والمجلس خائفا مذعورا.. وخرج من القصر وهو لا يصدق بالنجاة
وبعد وصوله بقليل اقبل اليه عبيد الملكة زبيدة ومعهم الهدايا الكثيرة وعشرة آلاف درهم , فأخذها منهم وقال لهم: قولوا للملكة إنني بعد الآن لن أحدثه الا بما يسرّها.
وحين دخلت السيدة زبيدة على الرشيد قصّت عليه ما كان من أمرها مع أبي نواس وما حصل له
من الضرب والتعذيب فأمر بإحضاره ولما سأله عما حصل قال: ما أصابتني نكبة في الحياة الا من يد مولاتي زبيدة...
فضحك الاثنان، وامر له الخليفة بجائزة اخرى,,
فقال له: ياأميرالمؤمنين ما عهدي بأحد ظلم نفسه مثلك، لماذا لا تتمتّع بتمام اللذة وتغتنم صفو الحياة..؟ أمامك المآكل الشهية والجواري الأبكار بديعات الحسن والجمال ذوات الخدود النواضر والعيون الفواتك من كل مائسة تختال باهرة الطلعة رائعة الدلال وامامك يا أميرالمؤمنين المدنيات والحجازيات والعراقيات بقدودهن السمهريات، وامامك الأوانس من سائر الأمصار وما هنّ عليه من حياء ووقار وخفة ولطافة ورشاقة، فاستفاق الخليفة من شروده الذي كان فيه، واعتدل وتوجه إلى أبي نواس وقال: ويحك يا ابا نواس انني لا اعتقد أنّ لك شبيها بين الناس ولم اسمع من احد اعذب من ألفاظك وأحلى من حديثك فأعد عليّ ما قلت فأعاد عليه الحديث , وزاد فيه وصفا وإغراءً. وهنا وجد الرشيد من النشاط ما أعاد إليه عهد تصابيه، وسُرَّ من أبي نواس سرورا لا مزيد عليه وصرفه وأنعم عليه، ثم ذهب الى الحرم فدخل على زوجته السيدة زبيدة فوجدته على غير ما تعهد
فقالت له: ما بال أميرالمؤمنين هل حدث ما يوجب انشغاله عني؟؟؟
فأجاب: لا أبدا لم يحصل شيء.. وما زالت به حتى باح لها بما قاله أبو نواس.. فاغتاظت غيظا شديدا ثم قالت أما كان الأجدر بك يا أميرالمؤمنين أن توبخه وتوقفه عند الحد الذي لا يتمادى فيه؟؟
فقال لها: وكيف أوبخ من أزال همومي وصيرني الى غبطة بعد يأس؟؟!!
فقامت من حضرته وهي تكاد تتميز من الغيظ ونادت بعض غلمانها الأمناء وقالت لهم اذهبوا
الى أبي نواس في داره واضربوه ضربنا أليما ولا تتركوه حتى يسقط بين أيديكم مغمى عليه.. وعرِّفوه أن الملكة زبيدة هي التي أمرت بذلك..
فخرج الغلمان من عندها حتى دخلوا على أبى نواس فقالوا له: إننا أتيناك من الملكة زبيدة حرم أمير المؤمنين..
فقال لهم: أهلا وسهلا بكم ماذا تريدون مني؟
فعمدوا الى عصيّهم وانهالوا بها على جسمه حتى أثخنوه جراحا وصار يستغيث ولا يغاث، ولم يتركوه حتى سقط على الأرض مغمى عليه، فنزلت زوجته أخذته منهم واحتملته الى الفراش. واستمر في فراشه مدة شهر كامل ولم يعلم أميرالمؤمنين بشيء مما حدث له.
وفي ذات يوم مرّت ذكراه على مخيلة الرشيد ، واشتاق الى حديثه وحسن مداعبته فأرسل بعض الخدم في طلبه فوجدوه مريضا
فقالوا له: اجب أمير المؤمنين
فقال لهم: كيف اذهب إليه وأنا على ما ترون من المرض والهزل
فاحتملوه الى قصر الخلافة ثم ادخلوه على الرشيد فلما مثل بين يديه أمره بالجلوس , فجلس وهو زائغ البصر.. وراح ينظر الى المجلس في وجل واضطراب , ووقع نظره على باب صغير في آخر الإيوان
فأدرك بنباهته أن السيدة زبيدة تسترق السمع من خلف ذاك الباب وان الخليفة لم يعلم شيئا مما حدث له.
فنظر إليه الخليفة وقال: لماذا احتجبت عنا كل هذه المدة يا أبا نواس؟؟
فقال: وقيتَ السوءَ يا أميرالمؤمنين لقد كنتُ مريضا، وهذا ما منعني من الوفود إليكم..
فقال الرشيد: لا بأس عليك يا ابا نواس فما دام انك شفيت فقصَّ علينا أحاديث الغرام وما يجب على مثلي من ربّات الجمال..
فقال أبو نواس: دعنا يا مولاي الآن من مثل هذا الحديث..
فقال الخليفة: بحقّي عليك إلا ما قصصت عليَّ شيئا ظريفا عن النساء وجمالهنّ والمتعة بهنّ، وأعدْتَ عليّ ذلك الحديث الذي ارتاحت له نفسي، وابتهجت أذناي لسماعه، وإنني والحق يقال يا أبا نواس منذ تلك الليلة التي سمعت فيها حديثك، وأنا أتشوق الى سماعه من جديد أتلهف الى سماع أخبار ما وصفت من النساء..
فقال أبو نواس: نعم يا أميرالمؤمنين لقد أخبرتك أن العرب اشتقت اسم الضرّة من الضرر وانهم قالوا:
من حوى امرأتين جاء الى نفسه بداهيتين، وجلب على ذاته مصيبتين ولم يعش باقي عمره الا في همّ ونكد..
ومن حوى ثلاثة تنغصّت حياته وحانت من المزعجات وفاته..
ومن جاء بأربعة عُدَّ من اهل القبور وان لم يكن في اللحد مدفونا.. والخيرُ كلُّ الخير للرجل العاقل،
الزوجة الواحدة يهواها وتهواه فيعيش طوال حياته متمتعا بما يهواه من نعمة دينه ودنياه.. هذا يا أميرالمؤمنين ما كنت قد حدثتك به.
فقال الرشيد: ويحك يا ابا نواس انني لم اسمع منك هذا الحديث قط.
فقال ابو نواس: وهو يتجاهل كأنه لم يسمع ما قاله الخليفة: يا امير المؤمنين وناصر الدولة والدين
ان في الزوجة الواحدة كفاية وهي للخير طراز ونهاية فمنها الخير والانعام والمجد والاكرام...
فقال الرشيد: برئتُ من ديني ان كنت قد سمعت منك شيئا من هذا البيان قبل الآن.
فقال ابو نواس: ربما كانت افكارك شاردة في ذلك الحين يا اميرالمؤمنين وانني أخبرتك ايضا ان عندك السيدة زبيدة بنت القاسم ريحانة الرياحين، وبهجة الناظرين واني لحظت من كلامك ان عينك
تميل الى جمال الغانيات وتطمع الى امتلاك الحسان الفاتنات وهذا لا يليق بك يا ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
فاغتاظ الرشيد وهجم عليه بسيفه وصاح به: ويلك هل تكذبني يا ابا نواس؟؟
فقال ابو نواس: الله الله وهل انت تريد ان تقتلني , يا امير المؤمنين؟؟.
وهنا سمع الخليفة من خلف الستار ضحكة لذيذة وصوتا رقيقا يقول: صدقت يا ابا نواس انت لم تحدثه بما قال عنك، ولم يخبرني بما قلتَه له الآن بل قال لي كلاما محرّفا وهذا على رأيك من شدة شغفعه
بالنساء وميله إليهنّ.
فقال ابو نواس: نعم نعم هذا كان كلامي يا مولاتي
ثم غادر الغرفة تاركا الخليفة والمجلس خائفا مذعورا.. وخرج من القصر وهو لا يصدق بالنجاة
وبعد وصوله بقليل اقبل اليه عبيد الملكة زبيدة ومعهم الهدايا الكثيرة وعشرة آلاف درهم , فأخذها منهم وقال لهم: قولوا للملكة إنني بعد الآن لن أحدثه الا بما يسرّها.
وحين دخلت السيدة زبيدة على الرشيد قصّت عليه ما كان من أمرها مع أبي نواس وما حصل له
من الضرب والتعذيب فأمر بإحضاره ولما سأله عما حصل قال: ما أصابتني نكبة في الحياة الا من يد مولاتي زبيدة...
فضحك الاثنان، وامر له الخليفة بجائزة اخرى,,