نقوس المهدي
كاتب
الحلقه الاولى
الجنس لقاء.. لا لقاح!
معظمنا يتعامل مع الجنس على أنه أداة تلقيح وماكينة إنجاب ومفرخة تناسل!!، وبرغم أن الجنس لقاء لا لقاح، فإننا ما زلنا نغفل بديهيات هذا اللقاء وآدابه، وبرغم أن شعرنا العربى يؤكد على أنه كلام فسلام فلقاء، فإننا ما زلنا ننكر الكلام والسلام واللقاء ونقتحم باب الجنس بدون إستئذان أو تمهيد .
اللقاء له أتيكيت إنسانى، واللقاح له غريزة حيوانية، فنحن نفترق عن الحيوان أننا لا نملك مواعيد محددة للجماع أو ما يطلق عليه فى علم الحيوان موسم التلاقح، وهى مواسم منضبطة جداً يتجه فيها ذكور القطيع أوتوماتيكياً إلى الأناث ويتم الجماع والسفاد والإخصاب .
اللقاء يعنى مواجهة، فى الجنس ننفرد ونتميز عن الحيوانات بأننا نرى ملامح بعضنا البعض أثناء الجنس، الرفيق يرى الفرحة ويراقب البهجة ويحس النشوة فتنتقل إليه كهرباء التفاعل الجنسى، ومن الممكن أن يلاحظ ألماً وصدوداً وهجراناً بل وتمثيلاً، فيفهم أنه راسب فى إختبار الحب، وعليه أن يطور أدواته الإنسانية، ويعدل من مفاهيمه الجنسية، ويفهم أنه يلتقى ولا يلقح، ويعى أنه يضع بذرة المحبة قبل أن يضع بذرة الإخصاب .
اللقاء لغة، والجنس لغة، والجنس الأخرس جريمة، فالكلام هو الموسيقى التصويرية لدراما الجنس، هل تتصور فيلماً درامياً بدون موسيقى تصويرية، سيتحول حتماً إلى جثة بلاروح .
التلاقح عضو جنسى ذكرى فى عضو أنثوى، اللقاء الجنسى رجل فى رحم إمرأة، وإمرأة فى حضن رجل، يحس بها كاملة، وتحس به كاملاً، بعكس التلاقح الذى تحس فيه بالجزء البارز الذى إقتحمها لكى يلقى بإفرازاته اللزجة ويرحل، اللقاء الجنسى حياة فى حياة، أما اللقاح الجنسى فهو لحم فى لحم، اللقاء الجنسى فيلم ساخن على الشاشة، أما اللقاح الجنسى فهو سيناريو بارد على الورق .
الحلقة الثانيه
إكتشف الرفيق قبل الجنس نفسه!
فى أمثالنا الشعبية يقال الرفيق قبل الطريق، أى أن إكتشاف رفيق على نفس الموجة الإنسانية أهم من الطريق نفسه أو بالأصح يسهل وعورة ويهون مصاعب الطريق، وكذلك فى الجنس فإن إكتشاف طريق قلب الرفيق سواء الزوجة أو الزوج أهم من طريق الجنس نفسه أو طريقة الجنس نفسها، لأنك لن تطبق طريقة أو تحفر طريقاً طالما نفيت الطرف الآخر، وقطعت كل وسائل التواصل وأدوات وعدسات الإكتشاف الإنسانى.
عندما تتزوج وتمارس الجنس فأنت تطرق باب إنسانة غامضة مهما كان حجم خبراتك الإنسانية معها والتى مارستها من قبل، فالجنس خبرة إنسانية مستقلة ولغة حية متفردة لها مفرداتها وأبجديتها ونحوها وصرفها وبلاغتها الخاصة!!، وفى نفس الوقت تطرق أو تطرقين باب سلوك غامض وهو الجنس مع هذه الإنسانة بالذات أو هذا الإنسان بالذات.
إذن أنت أمام غموضين، غموض الرفيق المشارك، وغموض الموضوع وهو الجنس نفسه، ماذا يحدث وماذا نفعل بإزاء الغموضين؟؟؟!، ما يحدث هو أنك تنهمك فى كشف غموض الجنس، وهتك أسرار الموضوع، ولا تفكر لحظة فى أن تكتشف الآخر، تكتشف الرفيق، تحاول الملاحة فى بحوره، تكتشف البوصلة، تقرأ خريطته النفسية والإنسانية والجنسية، فمادمت مشبعاً ومترعاً وسكراناً بالجنس نفسه، فألف "طظ " فى رفيق رحلتك، وشريك سريرك وأحلامك، وليذهب ولتذهب هى إلى الجحيم، فلسان حالك يقول "أنا لسه حأكتشف وأوجع دماغى، لذتى هى العليا، وكل ما عداها فى أسفل السافلين ".
إنشغالك فى ليلة الدخلة بالجزء البوليسى من الجنس وهو السؤال المقدس "الغشاء فين؟ والدم فين؟؟ والفتحة منين"، قبل أن ترى ملامح محبوبتك، وقبل أن تقيس ترمومتر دهشتها ورعبها وبهجتها وفرحتها وإقدامها أو إحجامها، هذا يقتل الجنس حتى ولو كنت خبير الجنس الأول وملك الأوضاع ومؤلف الكاماسوترا نفسها!!، إستكمالك لرحلة الجنس بعد الزواج فى دروب لذتك الخاصة فقط وأنت تفهم أن الجنس قذف ينتهى بإعطاء ظهرك لرفيقة دربك وشريكة حياتك، يحول الجنس لعملية ميكانيكية روتينية وآلية مثل فتحك اليومى لباب شقتك!
مطلوب أن تنمى مهاراتك فى فنون الجنس، ولكن مطلوب أكثر أن تنمى مهاراتك فى فنون الحب والتواصل!، الجنس ليس صرخات شبق وتأوهات لذة فقط، ولكنه قبل ذلك صرخة إحتياج، الزوجة أحياناً تحتاج إلى الضمة والحضن للأمان والطمأنينة والسكينة، هذه السكينة التى تناسينا أنها حجر اساس العلاقة الزوجية.
الزوج أحياناً يحتاج حضنك للهروب من مطاردة الواجبات والتوترات والضغوط، عندما يجد جميع الأبواب موصدة، ليس امامه إلا بابك أنت.
لا تدخل على الجنس بمنطق المفتش "كولومبو" الذى يحاول حل أسرار اللغز الجنسى، ولكن أطرق باب الجنس بمنطق المنقذ على شاطئ البحر الذى من الممكن أن يمنح الحياة لغريق بمجرد قبلة.
الحلقة الثاثة
الجنس وصال لا فصال!
أكبر خطر تتعرض له علاقاتنا الجنسية حين تتحول من وصال إلى فصال!، حين يتحول الجنس إلى عملية بيع وشراء ومساومة وبورصة ومعاملات بنكية وربح وخسارة، وينقلب سرير غرفة النوم إلى ساحة عراك فى سوق المال، يباع فيه الجسد مقابل طلب مؤجل، وتشترى فيه الرغبة لقاء تنفيذ ما أهملته الأيام والسنون.
كثيراً ما نرى زوجة تتمنع على زوجها تخطيطاً لمؤامرة لا تكتمل خطواتها الأخيرة إلا عند إلتحام جسد الزوج بها وإرتفاع حرارة الشبق وسخونة الرغبة، فتلقى فى أذنه بطلباتها المؤجلة دفعة واحدة، وتتراوح هذه الطلبات من مجرد موافقة على زيارة الأم إلى التوقيع على قطعة الأرض التى يمتلكها ويعتبرها أغلى من أبنائه!.
وكثيراً ما نرى زوجاً يعاقب زوجته من خلال كسرها جنسياً، من خلال قهر رغباتها أو إجبارها على أوضاع جنسية تكرهها، كل هذا لمجرد إذلالها وكسر أنفها كما يدعى.
هكذا تتحول غرفة النوم إلى ساحة صراعات وتصفية حسابات، ما نغطى عليه ونهرب من مواجهته نهاراً، يصبح ليلاً هو همنا وثأرنا وكرامتنا التى يجب أن ننتقم لها من خلال مناورات الجسد ومساومات الرغبة ومراهنات اللذة.
إدخل بإستمتاع على علاقتك الجنسية، إدخلى بحب حقيقى على شريكك، إطرح وراء ظهرك كل المؤامرات والدسائس التى تحيكها فى الظلام لزوجتك، إبعدى روح الفصال وثقافة الشوبنج عندما تخلعين ثيابك، لا تمارس الجنس كزائر من زوار بيوت الهوى كل همه إقتناص المتعة السريعة، ولا تمارسى الجنس كمعادلة إقتصادية، الجسد مقابل خدمة، واللذة مقابل ثمن.
الوصال قبل الفصال.... وإلا تحول الجنس أرقى العلاقات الإنسانية إلى أحقر سلوك وأبشع علاقة، حافظوا عليه من ذوبان صدقه وإنصهار بريقه فى مستنقع الزيف والكذب الأسود والتمثيل الردئ.
الحلقة الرابعة
الجنس خبرات إنسانية لا جيتوهات سرية وعلاقة مثيرة لا موضوع مثير!
هاجمنا الكثيرون عندما نادينا بتدريس الثقافة الجنسية من منطلق خلى الطابق مستور.. ودارى على فضيحتك... و إن الله حليم ستار... الخ، إعترضوا لأنهم يريدون الجنس كهنوتاً، ويريدونه "جيتو" سرياً لا يسكنه إلا هم، ولا يفقه لغته إلا هم، ولا يعرف دروبه السرية وحاراته وشوارعه وأزقته الجانبية إلا هم!!.
الجنس مدينة مفتوحة الأبواب مكشوفة السماء، مفاتيحها فى حوزة كل سكانها، وأغانيها متاحة لكل الحناجر حتى الخشنة والمبحوحة منها، وطيورها تحط على الأكتاف بلا خوف أو فزع، وغيومها تنقشع بمجرد لمحة أو حضن، أو ربتة على كتف أو قبلة على خد، الجنس لا يعرف المعابد المغلقة أو الأحزاب السرية أو تنظيمات ما تحت الأرض، لا يستطيع الكلام من هو معقود اللسان، ولا يقدر على الرقص من شلت قدماه، ولا يتمكن من الضحك من سكنه الهم والحزن.
نترك أولادنا بلا معرفة يفترسهم الجهل، بينهم وبين أجسادهم خط بارليف، ويحول بينهم وبين رغباتهم "سد عالى" خلفه بحيرة راكدة من الخوف والرعب والكبت والتخبط .
إذا سئلنا كيف سيكتشف أولادنا وبناتنا خريطتهم الجنسية؟، نرد من المؤكد أنهم سيتعثرون و "يتكعبلون" فيها، نتركهم للصدفة ولعبة النرد الإجتماعية، نفرض الوصاية عليهم، فنحن الآباء الصح والحقيقة والمطلق والحق المبين.
هكذا يظل الجنس خبرة سرية تفتقد الوضوح والبيان الإنسانى، فيظل كل منا يبحث عن مفتاح شفرة قفل خزانة هذا الغموض طيلة حياته، بدون أن يعرف حقيقة الجنس نفسه كأجمل وأرق وأصدق خبرة إنسانية فى الوجود، ولأننا نعيش بمنطق "أهى عيشه والسلام" فنحن مجرد ممارسين للعيشه لا الحياة، والحياة شئ مختلف عن مجرد العيشة، فالحياة هى نزول إلى آبار الصدق والحميمية أما العيشة فهى السطح والقشرة، العيشة تتطلب فقط تلبية الحاجة البيولوجية التى من الممكن أن تتوفر لقطط الشوارع البائسة، ونحن العرب أفضل البشر فى الكون تفنناً فى العيشه وإبتعاداً عن الحياة.
الحجرة السرية التى كان ينصح الطفل ألا يدخلها فى الحكايات الشعبية فيعيش حياته مؤرقاً ممزقاً بين الطاعة والفضول، والتفاحة التى أمر آدم وحواء بعدم قطفها فغلبهما حب الإستطلاع فإستحقا الغضب الإلهى ونزلت اللعنة على بنى البشر بسببها فى الميثولوجيا التوراتية، الجنس أصبح حجرتنا السرية المعاصرة وتفاحتنا الحديثة، صار له فقهاً سرياً وتراتيل مبهمة وكهنوتاً لا يظهر إلا لخاصة الخاصة، حبسنا الجنس فى قمقم اللعنة والفسق والدنس، حتى الجنى المارد لن يخرج من القمقم لكى يلبى لنا مطالبنا، فنحن قد خلقنا مارداً أقوى وأخطر هو مارد الخوف والجهل.
.
Les danseuses Bleues
Edgar Degas
الجنس لقاء.. لا لقاح!
معظمنا يتعامل مع الجنس على أنه أداة تلقيح وماكينة إنجاب ومفرخة تناسل!!، وبرغم أن الجنس لقاء لا لقاح، فإننا ما زلنا نغفل بديهيات هذا اللقاء وآدابه، وبرغم أن شعرنا العربى يؤكد على أنه كلام فسلام فلقاء، فإننا ما زلنا ننكر الكلام والسلام واللقاء ونقتحم باب الجنس بدون إستئذان أو تمهيد .
اللقاء له أتيكيت إنسانى، واللقاح له غريزة حيوانية، فنحن نفترق عن الحيوان أننا لا نملك مواعيد محددة للجماع أو ما يطلق عليه فى علم الحيوان موسم التلاقح، وهى مواسم منضبطة جداً يتجه فيها ذكور القطيع أوتوماتيكياً إلى الأناث ويتم الجماع والسفاد والإخصاب .
اللقاء يعنى مواجهة، فى الجنس ننفرد ونتميز عن الحيوانات بأننا نرى ملامح بعضنا البعض أثناء الجنس، الرفيق يرى الفرحة ويراقب البهجة ويحس النشوة فتنتقل إليه كهرباء التفاعل الجنسى، ومن الممكن أن يلاحظ ألماً وصدوداً وهجراناً بل وتمثيلاً، فيفهم أنه راسب فى إختبار الحب، وعليه أن يطور أدواته الإنسانية، ويعدل من مفاهيمه الجنسية، ويفهم أنه يلتقى ولا يلقح، ويعى أنه يضع بذرة المحبة قبل أن يضع بذرة الإخصاب .
اللقاء لغة، والجنس لغة، والجنس الأخرس جريمة، فالكلام هو الموسيقى التصويرية لدراما الجنس، هل تتصور فيلماً درامياً بدون موسيقى تصويرية، سيتحول حتماً إلى جثة بلاروح .
التلاقح عضو جنسى ذكرى فى عضو أنثوى، اللقاء الجنسى رجل فى رحم إمرأة، وإمرأة فى حضن رجل، يحس بها كاملة، وتحس به كاملاً، بعكس التلاقح الذى تحس فيه بالجزء البارز الذى إقتحمها لكى يلقى بإفرازاته اللزجة ويرحل، اللقاء الجنسى حياة فى حياة، أما اللقاح الجنسى فهو لحم فى لحم، اللقاء الجنسى فيلم ساخن على الشاشة، أما اللقاح الجنسى فهو سيناريو بارد على الورق .
الحلقة الثانيه
إكتشف الرفيق قبل الجنس نفسه!
فى أمثالنا الشعبية يقال الرفيق قبل الطريق، أى أن إكتشاف رفيق على نفس الموجة الإنسانية أهم من الطريق نفسه أو بالأصح يسهل وعورة ويهون مصاعب الطريق، وكذلك فى الجنس فإن إكتشاف طريق قلب الرفيق سواء الزوجة أو الزوج أهم من طريق الجنس نفسه أو طريقة الجنس نفسها، لأنك لن تطبق طريقة أو تحفر طريقاً طالما نفيت الطرف الآخر، وقطعت كل وسائل التواصل وأدوات وعدسات الإكتشاف الإنسانى.
عندما تتزوج وتمارس الجنس فأنت تطرق باب إنسانة غامضة مهما كان حجم خبراتك الإنسانية معها والتى مارستها من قبل، فالجنس خبرة إنسانية مستقلة ولغة حية متفردة لها مفرداتها وأبجديتها ونحوها وصرفها وبلاغتها الخاصة!!، وفى نفس الوقت تطرق أو تطرقين باب سلوك غامض وهو الجنس مع هذه الإنسانة بالذات أو هذا الإنسان بالذات.
إذن أنت أمام غموضين، غموض الرفيق المشارك، وغموض الموضوع وهو الجنس نفسه، ماذا يحدث وماذا نفعل بإزاء الغموضين؟؟؟!، ما يحدث هو أنك تنهمك فى كشف غموض الجنس، وهتك أسرار الموضوع، ولا تفكر لحظة فى أن تكتشف الآخر، تكتشف الرفيق، تحاول الملاحة فى بحوره، تكتشف البوصلة، تقرأ خريطته النفسية والإنسانية والجنسية، فمادمت مشبعاً ومترعاً وسكراناً بالجنس نفسه، فألف "طظ " فى رفيق رحلتك، وشريك سريرك وأحلامك، وليذهب ولتذهب هى إلى الجحيم، فلسان حالك يقول "أنا لسه حأكتشف وأوجع دماغى، لذتى هى العليا، وكل ما عداها فى أسفل السافلين ".
إنشغالك فى ليلة الدخلة بالجزء البوليسى من الجنس وهو السؤال المقدس "الغشاء فين؟ والدم فين؟؟ والفتحة منين"، قبل أن ترى ملامح محبوبتك، وقبل أن تقيس ترمومتر دهشتها ورعبها وبهجتها وفرحتها وإقدامها أو إحجامها، هذا يقتل الجنس حتى ولو كنت خبير الجنس الأول وملك الأوضاع ومؤلف الكاماسوترا نفسها!!، إستكمالك لرحلة الجنس بعد الزواج فى دروب لذتك الخاصة فقط وأنت تفهم أن الجنس قذف ينتهى بإعطاء ظهرك لرفيقة دربك وشريكة حياتك، يحول الجنس لعملية ميكانيكية روتينية وآلية مثل فتحك اليومى لباب شقتك!
مطلوب أن تنمى مهاراتك فى فنون الجنس، ولكن مطلوب أكثر أن تنمى مهاراتك فى فنون الحب والتواصل!، الجنس ليس صرخات شبق وتأوهات لذة فقط، ولكنه قبل ذلك صرخة إحتياج، الزوجة أحياناً تحتاج إلى الضمة والحضن للأمان والطمأنينة والسكينة، هذه السكينة التى تناسينا أنها حجر اساس العلاقة الزوجية.
الزوج أحياناً يحتاج حضنك للهروب من مطاردة الواجبات والتوترات والضغوط، عندما يجد جميع الأبواب موصدة، ليس امامه إلا بابك أنت.
لا تدخل على الجنس بمنطق المفتش "كولومبو" الذى يحاول حل أسرار اللغز الجنسى، ولكن أطرق باب الجنس بمنطق المنقذ على شاطئ البحر الذى من الممكن أن يمنح الحياة لغريق بمجرد قبلة.
الحلقة الثاثة
الجنس وصال لا فصال!
أكبر خطر تتعرض له علاقاتنا الجنسية حين تتحول من وصال إلى فصال!، حين يتحول الجنس إلى عملية بيع وشراء ومساومة وبورصة ومعاملات بنكية وربح وخسارة، وينقلب سرير غرفة النوم إلى ساحة عراك فى سوق المال، يباع فيه الجسد مقابل طلب مؤجل، وتشترى فيه الرغبة لقاء تنفيذ ما أهملته الأيام والسنون.
كثيراً ما نرى زوجة تتمنع على زوجها تخطيطاً لمؤامرة لا تكتمل خطواتها الأخيرة إلا عند إلتحام جسد الزوج بها وإرتفاع حرارة الشبق وسخونة الرغبة، فتلقى فى أذنه بطلباتها المؤجلة دفعة واحدة، وتتراوح هذه الطلبات من مجرد موافقة على زيارة الأم إلى التوقيع على قطعة الأرض التى يمتلكها ويعتبرها أغلى من أبنائه!.
وكثيراً ما نرى زوجاً يعاقب زوجته من خلال كسرها جنسياً، من خلال قهر رغباتها أو إجبارها على أوضاع جنسية تكرهها، كل هذا لمجرد إذلالها وكسر أنفها كما يدعى.
هكذا تتحول غرفة النوم إلى ساحة صراعات وتصفية حسابات، ما نغطى عليه ونهرب من مواجهته نهاراً، يصبح ليلاً هو همنا وثأرنا وكرامتنا التى يجب أن ننتقم لها من خلال مناورات الجسد ومساومات الرغبة ومراهنات اللذة.
إدخل بإستمتاع على علاقتك الجنسية، إدخلى بحب حقيقى على شريكك، إطرح وراء ظهرك كل المؤامرات والدسائس التى تحيكها فى الظلام لزوجتك، إبعدى روح الفصال وثقافة الشوبنج عندما تخلعين ثيابك، لا تمارس الجنس كزائر من زوار بيوت الهوى كل همه إقتناص المتعة السريعة، ولا تمارسى الجنس كمعادلة إقتصادية، الجسد مقابل خدمة، واللذة مقابل ثمن.
الوصال قبل الفصال.... وإلا تحول الجنس أرقى العلاقات الإنسانية إلى أحقر سلوك وأبشع علاقة، حافظوا عليه من ذوبان صدقه وإنصهار بريقه فى مستنقع الزيف والكذب الأسود والتمثيل الردئ.
الحلقة الرابعة
الجنس خبرات إنسانية لا جيتوهات سرية وعلاقة مثيرة لا موضوع مثير!
هاجمنا الكثيرون عندما نادينا بتدريس الثقافة الجنسية من منطلق خلى الطابق مستور.. ودارى على فضيحتك... و إن الله حليم ستار... الخ، إعترضوا لأنهم يريدون الجنس كهنوتاً، ويريدونه "جيتو" سرياً لا يسكنه إلا هم، ولا يفقه لغته إلا هم، ولا يعرف دروبه السرية وحاراته وشوارعه وأزقته الجانبية إلا هم!!.
الجنس مدينة مفتوحة الأبواب مكشوفة السماء، مفاتيحها فى حوزة كل سكانها، وأغانيها متاحة لكل الحناجر حتى الخشنة والمبحوحة منها، وطيورها تحط على الأكتاف بلا خوف أو فزع، وغيومها تنقشع بمجرد لمحة أو حضن، أو ربتة على كتف أو قبلة على خد، الجنس لا يعرف المعابد المغلقة أو الأحزاب السرية أو تنظيمات ما تحت الأرض، لا يستطيع الكلام من هو معقود اللسان، ولا يقدر على الرقص من شلت قدماه، ولا يتمكن من الضحك من سكنه الهم والحزن.
نترك أولادنا بلا معرفة يفترسهم الجهل، بينهم وبين أجسادهم خط بارليف، ويحول بينهم وبين رغباتهم "سد عالى" خلفه بحيرة راكدة من الخوف والرعب والكبت والتخبط .
إذا سئلنا كيف سيكتشف أولادنا وبناتنا خريطتهم الجنسية؟، نرد من المؤكد أنهم سيتعثرون و "يتكعبلون" فيها، نتركهم للصدفة ولعبة النرد الإجتماعية، نفرض الوصاية عليهم، فنحن الآباء الصح والحقيقة والمطلق والحق المبين.
هكذا يظل الجنس خبرة سرية تفتقد الوضوح والبيان الإنسانى، فيظل كل منا يبحث عن مفتاح شفرة قفل خزانة هذا الغموض طيلة حياته، بدون أن يعرف حقيقة الجنس نفسه كأجمل وأرق وأصدق خبرة إنسانية فى الوجود، ولأننا نعيش بمنطق "أهى عيشه والسلام" فنحن مجرد ممارسين للعيشه لا الحياة، والحياة شئ مختلف عن مجرد العيشة، فالحياة هى نزول إلى آبار الصدق والحميمية أما العيشة فهى السطح والقشرة، العيشة تتطلب فقط تلبية الحاجة البيولوجية التى من الممكن أن تتوفر لقطط الشوارع البائسة، ونحن العرب أفضل البشر فى الكون تفنناً فى العيشه وإبتعاداً عن الحياة.
الحجرة السرية التى كان ينصح الطفل ألا يدخلها فى الحكايات الشعبية فيعيش حياته مؤرقاً ممزقاً بين الطاعة والفضول، والتفاحة التى أمر آدم وحواء بعدم قطفها فغلبهما حب الإستطلاع فإستحقا الغضب الإلهى ونزلت اللعنة على بنى البشر بسببها فى الميثولوجيا التوراتية، الجنس أصبح حجرتنا السرية المعاصرة وتفاحتنا الحديثة، صار له فقهاً سرياً وتراتيل مبهمة وكهنوتاً لا يظهر إلا لخاصة الخاصة، حبسنا الجنس فى قمقم اللعنة والفسق والدنس، حتى الجنى المارد لن يخرج من القمقم لكى يلبى لنا مطالبنا، فنحن قد خلقنا مارداً أقوى وأخطر هو مارد الخوف والجهل.
.
Les danseuses Bleues
Edgar Degas
صورة مفقودة