نقوس المهدي
كاتب
يمكن لنا أن نميز بين أربعة أنواع من الكتابة والجنس ، أحدها هو الكتابة الجنسية ، وفي هذا الموضوع تبرز الغرائز والأهواء ، ويصبح الجنس هدفاً بذاته يسعى إليه الكاتب ،
ولا يسعى إلى شيء سواه ، يغوص في الشخصية فلا تجد عنده إلا الجنس ، فيخرجه وينثره على الورق ، كأنما يريد أن يشعل فينا ناراً مخمدة انطفأت منذ مدة ، فتشتعل نفوسنا وتتهيج أرواحنا ونتابعه بعصبية وانفعال إلى أن يصل إلى الغاية التي ينشدها ، وهي تدميرنا وتدمير ذواتنا ، وهذا ما كنا نقرؤه عندما كنا شباباً في مرحلة المراهقة ، نخفي الكتب الجنسية ، وإن وجدنا الأمن مستتباً أخرجنا هذه الكتب وأسرعنا في قراءتها ، فتهجينا إلى درجة الانشغال عن كل ما سواها ، وحينئذ ترانا وقد أخذ بنا الشوق إلى المرأة كل مأخذ وصارت المرأة المتخيلة هي هدف نسعى إليه ، فنجمع غرائزنا واحتقاناتنا وكبتنا وأهواءنا ولا نرخي أنفسنا حتى نرتاح . هذا الموضوع هو أدب ، لكن يسمونه في بلادنا أدب ساقط ، أدب منحط وسافل . لذلك نجد كل شعوب الأرض عندها مثل هذا الأدب ، أمّا نحن ، فنميزه بأن نبتعد عنه قدر الإمكان ، مع أنه كان لدينا في القديم ، مثل هذه الصناعة ، وقد درجت إحدى الدور على نشر عدداً من الكتب الخاصة بهذا الأدب . في الطرف الأخر ، أو النوع الثاني تواجهنا الكتابة الخالية من الجنس ، أو الكتابة الفاضلة، وهي الكتابة منتهية الصلاحية ، فنجدها تحوّم في الطهارة والنقاء والحب البريء والأمومة ، هذه المواضيع التي أكل عليها الزمان وشرب عصيراً ، كي تبلع ، وتختفي آثارها، نراها وقد انطفأت وخبت آثارها ، وقلما نجد آثار مثل هذه المواضيع باقية حتى الآن ، اللهم عند الكاتب غير المجرّب الذي بدأ حياته دون أن يفقه من الحياة شيئاً . في النوع الثالث ، لدينا الجنس رسالة ، إنه مثل الطعام والشراب ، فكما أن الإنسان لا يستطيع العيش بدونهما ، كذلك لا تستطيع الحياة دون جنس ، لذلك نشعر ونحسّ به ، كما لو كان قدرة تتجلّى ، إنه من ذات العمل لا يجوز أن ينحرف عنه بضع بوصات أو يقترب منه بضع بوصات ، ينهمر في الكتابة ، نشعر به وكأن ضجيجاً قادماً من بعيد ، فإذا هو الآن ، يفتح أطراف الربيع ويتمرغ على العشب الأخضر الطري ، ويلتقط الكمثرى ، فإذا طعمها حلو ومستساغ ، رطب محمّل بأزهار وورود الجنة ، فنأخذ منه إلى أن ندوخ ونستسلم . هنا سيكون الجنس مقبولاً ، لا بل إننا لا نشعر به ، يمرّ بنا كأنثى تبتسم ، أو كامرأة عبرت آلاف الكيلومترات لترى فارسها الممشوق القامة ، إنه صوت الرعد حين نكون بداخله أو صوت أجنحة الفراشة حين نستمع له ، يكون قريباً من القلب ، ينفض لـه بسرعة ، ثم يغطيه بضرباته ، لقد وقع حبّ مفاجئ هنا ، في هذه الصفحة ، على هذه السطور ، لذلك اكتمل الحب بالجنس فكان نهراً عظيماً يصب في الخليج ، وتسمع لثرثرة المياه صوتاً عذباً وحنيناً جارفاً ، أشبه بأغنية الملائكة . في النوع الرابع ، ستجد صوتاً حنوناً وأهازيج مرحة وصوتاً في عمق الليل يجرحه ويناغيه ويعاتبه وحين تمسك به يتحول إلى شيء قابل للكسر ، فمرة يقدم لك الجنس بأكواب مترعة ومرة يمنعه عنك ، كأنما يقتص منك ، أو كأنما بينكما ثأر وأغنية ، فلا هو يريك إن قدمه لك ولا هو يغضبك إن منعه عنك . إذاً الأفضل هو النوع الثالث الذي يقدمه لك دون أن تشعر به أو تحسّ به ، لأنه غذاء للروح كما يقولون .
ولا يسعى إلى شيء سواه ، يغوص في الشخصية فلا تجد عنده إلا الجنس ، فيخرجه وينثره على الورق ، كأنما يريد أن يشعل فينا ناراً مخمدة انطفأت منذ مدة ، فتشتعل نفوسنا وتتهيج أرواحنا ونتابعه بعصبية وانفعال إلى أن يصل إلى الغاية التي ينشدها ، وهي تدميرنا وتدمير ذواتنا ، وهذا ما كنا نقرؤه عندما كنا شباباً في مرحلة المراهقة ، نخفي الكتب الجنسية ، وإن وجدنا الأمن مستتباً أخرجنا هذه الكتب وأسرعنا في قراءتها ، فتهجينا إلى درجة الانشغال عن كل ما سواها ، وحينئذ ترانا وقد أخذ بنا الشوق إلى المرأة كل مأخذ وصارت المرأة المتخيلة هي هدف نسعى إليه ، فنجمع غرائزنا واحتقاناتنا وكبتنا وأهواءنا ولا نرخي أنفسنا حتى نرتاح . هذا الموضوع هو أدب ، لكن يسمونه في بلادنا أدب ساقط ، أدب منحط وسافل . لذلك نجد كل شعوب الأرض عندها مثل هذا الأدب ، أمّا نحن ، فنميزه بأن نبتعد عنه قدر الإمكان ، مع أنه كان لدينا في القديم ، مثل هذه الصناعة ، وقد درجت إحدى الدور على نشر عدداً من الكتب الخاصة بهذا الأدب . في الطرف الأخر ، أو النوع الثاني تواجهنا الكتابة الخالية من الجنس ، أو الكتابة الفاضلة، وهي الكتابة منتهية الصلاحية ، فنجدها تحوّم في الطهارة والنقاء والحب البريء والأمومة ، هذه المواضيع التي أكل عليها الزمان وشرب عصيراً ، كي تبلع ، وتختفي آثارها، نراها وقد انطفأت وخبت آثارها ، وقلما نجد آثار مثل هذه المواضيع باقية حتى الآن ، اللهم عند الكاتب غير المجرّب الذي بدأ حياته دون أن يفقه من الحياة شيئاً . في النوع الثالث ، لدينا الجنس رسالة ، إنه مثل الطعام والشراب ، فكما أن الإنسان لا يستطيع العيش بدونهما ، كذلك لا تستطيع الحياة دون جنس ، لذلك نشعر ونحسّ به ، كما لو كان قدرة تتجلّى ، إنه من ذات العمل لا يجوز أن ينحرف عنه بضع بوصات أو يقترب منه بضع بوصات ، ينهمر في الكتابة ، نشعر به وكأن ضجيجاً قادماً من بعيد ، فإذا هو الآن ، يفتح أطراف الربيع ويتمرغ على العشب الأخضر الطري ، ويلتقط الكمثرى ، فإذا طعمها حلو ومستساغ ، رطب محمّل بأزهار وورود الجنة ، فنأخذ منه إلى أن ندوخ ونستسلم . هنا سيكون الجنس مقبولاً ، لا بل إننا لا نشعر به ، يمرّ بنا كأنثى تبتسم ، أو كامرأة عبرت آلاف الكيلومترات لترى فارسها الممشوق القامة ، إنه صوت الرعد حين نكون بداخله أو صوت أجنحة الفراشة حين نستمع له ، يكون قريباً من القلب ، ينفض لـه بسرعة ، ثم يغطيه بضرباته ، لقد وقع حبّ مفاجئ هنا ، في هذه الصفحة ، على هذه السطور ، لذلك اكتمل الحب بالجنس فكان نهراً عظيماً يصب في الخليج ، وتسمع لثرثرة المياه صوتاً عذباً وحنيناً جارفاً ، أشبه بأغنية الملائكة . في النوع الرابع ، ستجد صوتاً حنوناً وأهازيج مرحة وصوتاً في عمق الليل يجرحه ويناغيه ويعاتبه وحين تمسك به يتحول إلى شيء قابل للكسر ، فمرة يقدم لك الجنس بأكواب مترعة ومرة يمنعه عنك ، كأنما يقتص منك ، أو كأنما بينكما ثأر وأغنية ، فلا هو يريك إن قدمه لك ولا هو يغضبك إن منعه عنك . إذاً الأفضل هو النوع الثالث الذي يقدمه لك دون أن تشعر به أو تحسّ به ، لأنه غذاء للروح كما يقولون .