ابن معتوق - كَشَفْتُ حِجَابَ الْسَّجْفِ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ

كَشَفْتُ حِجَابَ الْسَّجْفِ عَنْ بَيْضَة ِ الْخِدْرِ = فَزَحْزَحْتُ جِنْحَ اللَّيلِ عَنْ طَلْعَة ِ الْبَدْرِ
وهتكتُ عن سينِ الثَّنايا لثامَها = فأبصرتُ عينَ الخضرِ في ظلمة ِ الشَّعرِ
وجاذبتُها سودَ الذوائبِ فانثنى = عَلِيَّ قَضِيبُ الْبَانِ فِي الْحُلَلِ الْخُضْرِ
وَقَبَّلْتُ مِنْهَا وَجْنَة ً دُونَ وَرْدِهَا = وتقبيلِها شوكُ المثقَّفة ِ السمرِ
تَأَتَّيْتُهَا فِي اللَّيْلِ كَالْصَّقْرِ كَاسِراً = وَقَدْ خَفَقَتْ فِي الْجِنْحِ أَجْنِحَة ُ الْنُّسْرِ
وَخُضْتُ إِلَيْهَا الْحَتْفَ حَتَّى كَأَنَّنِي = أفتشُ أحشاءَ المنيَّة ِ عن سرّي
وَشَافَهْتُ أَحْرَاساً إِلَى ضَوءِ وَجْهِهَا = يَرَوْنَ سَوَادَ الطَّيْفِ إِذْ نَحْوَهَا يَسْرِي
فَنَبَّهْتُ مِنْهَا نَرْجِساً زَرَّهُ الْكَرَى = كَأَنِّي أَفُضُّ الْخَتْمَ عَنْ قَدَحَيْ خَمْرِ
وبتنا وقلبُ الَّليل يكتُمنا معاً = وغرّّتها عندَ الوشاة ِ بنا تغري
وَإِذَا الصُّبْحُ فِي الظَّلْمَاءِ غَارَ غَدِيرٌ = فَمَنْ ضَوْئِهَا لُجُّ السَّرَابِ بِنَا يَسْرِي
فلوْ لمْ تردُّ الَّليلَ صبغة ُ فرعها = عليها لكانَ الحيُّ في سرِّنا يدري
وباتتْ تحلِّي السَّمع منا بلؤلؤٍ = عَلَى عِقْدِهَا الْمَنْظُومِ مَنْثُورُهُ يُزْرِي
كِلاَنَا لَهُ مِنَّا نَصِيبٌ فَجَامِدٌ = على نحرهَايزهُو وجارٍ على نحري
تباركَ منْ قدْ علمَ الظَّبي منطلقاً = وَسُبْحَانَ مُجْرِي الرُّوحِ في دُمْيَة ِ الْقَصْرِ
بِرُوحِيَ مِنْهَا طَلْعَة ٌ كُلَّمَا انْجَلَتْ = تشمَّت في موتِ الدُّجى هاتفُ القُمْري
ونقطة ُ خالٍ من عبيرٍ بخدِّها = كحبَّة ِ قلبٍ أحَّجبته يدُ الذكرِ
خلتْ منْ سواها مهجتي فتوطَّنت = بها والمهى لمْ ترضَ داراً سوى القصر
كأنَّ فمي منْ ذكرها فيها وطيبهِ = قارة ُ بيتِ النَّحل أو دارة ُ العطرِ
إِذَا زَيَّنَ الأَمْلاَكَ حِلْيَة ُ مَفْخَرٍ = إذا خدُّها في القلب صوَّرهُ فكري
أَرَدْتُ بِهَا التَّشْبِيبَ فِي وَزْرِ شَعْرِهَا = فغزَّلت في البحر الطَّويلِ من الشعرِ
وَصُغْتُ الرُّقَى إِذْ عَلَّمَتْنِي جُفُونُهَا = بِنَاءَ الْقَوَافِي السَّاحِرَاتِ عَلَى الْكَسْرِ
أُجَانِسُ بِاللَّفْظِ الرَّقِيقِ خُدُودَهَا = وَأَلْحَظُ بِالْمَعْنَى الدَّقِيقِ إِلَى الْخَصْرِ
أَمَا وَالْهَوَى الْعُذْرِيِّ لَوْلاَ جَبِينُهَا = لَمَا رُحْتُ فِي حُبِّي لَهَا وَاضِحَ الْعُذْرِ
ولولا الَّلآلي البيضِ بين شفاهها = لَمَا جَادَ دَمْعِي مِنْ يَوَاقِيتِهِ الْحُمْرِ
شُغِفْتُ بِهَا حُبّاً فَرَقَّتْ رَقَائِقِي = وَمَلَّكْتُ رِقِّي حَيْدَرَاً فَسَمَا قَدْرِي
خُلاَصَة ُ أَبْنَاءِ الْكِرَامِ مُطَّهَراً= سلالة ُ آباءٍ مطهَّرة ٍ غوِّ
حليفُ النَّدى واليأسِ والحلمِ والنُّهى = أخو العدلِ والإحسانِ والعفوِ والبِّرِ
جَمَالُ جَبِينِ الْبَدْرِ وَالنَّيِرُ الَّذِي = بِطَلْعَتِهِ قَدْ أَشْرَقَتْ غُرَّة ُ الدَّهْرِ
فتى جاءَ والأيَّامُ سودٌ وجوهها = فَأَصْبَحَ كالتَّوْرِيدِ فِي وَجْنَة ِ الْعَصْرِ
وأضحتْ وجوهُ المكرماتِ قريرة ً= بمولدهِ والصَّدر منشرحُ الصَّدرِ
وأينعَ منْ بعدِ الذُّبول بهِ النَّدى = فغرَّدَ في أفنائهِ طائرُ الشُّكرِ
ووافى المعاليَ بعدَ تشتيت شملها = فأحسنَ منها النَّظمَ بالنَّائلِ النثري
أَرَقُّ مِنَ الرَّاحِ الشَّمُولِ شَمَائِلاً = وألطف خلقاً من نسيمِ الهوى العذري
إذا زيَّنَ الأملاكَ حلبة ُ مفخرٍ = فَفِيهِ وَفِي آبَائِهِ زِيْنَة ُ الْفَخْرِ
تكلِّمه في الصدقِ آياتُ سورة ٍ = ولكنَّه في السَّمعِ في صورة ِ السِّحرِ
تسمِّيهِ باسمِ الجد عندي كناية ٌ= كَمَا يَتَسَّمَى صَاحِبُ الْجُودِ بِالْبَحْرِ
إِذَا بِأَبِيهِ قِسْتَ مِصْبَاحُ نُورِهِ = تيقَّنتهُ من ذلكَ الكوكبِ الدُّري
يَرِّقُ وَيَصْبُو رَحْمَة ً وَصَلاَبَة ً = فيجري كما تجري العيونُ من الصَّخرِ
سما للعلاقِ والشُّهبُ تطلبُ شأوه = فعبَّرَعند السَّبق عن جهة ِ الغفرِ
فلو كانَ حوضُ المزنِ مثلَ يمينه = لما هطلتْ إلاَّ بمستحسنِ الدُّرِ
ولو منبتُ الزَّقُّومِ يسقى بجودهِ = لما كانَ إلاَّ منبتَ الوردِ والزَّهرِ
يهزُّ سيوفَ الهندِ وهي جداولٌ = فتقذفُ في أمواجها شعلَ الجمرِ
وَيَحْمِلُ أَغْصَانَ الْقَنَا وَهْيَ ذُبَّلٌ = فَتَحْمِلُ فِي رَاحَاتِهِ ثَمَرَ النَّصْرِ
ويسفرُ عنْ ديباجتيهِ لثامهُ = فيلبس عظفَ الَّليلِ ديباجة َ الفخرِ
ويسلبُ نحرَ الأفقِ حلية َ شهبهِ = فيغنيهِ عنها في خلائقهِ الزُّهرِ
سحابٌ إذا ما جاءَ يوماً تنوَّرت = رياضُ الأماني البيض بالورق الصُّفرِ
بوارقهُ بيضُ الحديدِ لدى الوغى = ووابلهُ في سلمهِ خالصُ التِّبرِ
لَهُ فِطْنَة ٌ يَوْمَ الْقَضَا عِنْدَ لَبْسِهِ = تفرِّقُ ما بينَ السُّلافة والسُّكرِ
وعزمٌ يذيبُ الرَّاسياتِ إذا سطا = فَتَجْرِي كَمَا يَجْرِي السَّحَابُ مِنَ الذُّعْرِ
وَعَدْلٌ بِلاَ نَارٍ وَضَرْبٍ يَكَادُ أَنْ يُقَوَّمَ فِيْهِ الإِعْوِجَاجَ مِنَ الْبُتْرِ
وَسُخْطٌ لَوَ أَنَّ النَّحْلَ تَرْعَى قَتَادَهُ = لمجَّتهُ من أفواهها سائلَ الصَّبرِ
وَلُطْفٌ لَوَ انَّ الرُّقْشَ فِيْهِ تَرَشَّفَتْ = لبُدِّلَ منها السُّمُ بالسُّكَّرِ المصري
يعيدُ رفاتَ المعتفينَ كأنَّما = تفجَّرَ في راحاته موردُ الخضرِ
إذا مرَّ ذكرُ الفاخرينَ فذكرهُ = كَفَاتِحَة ِ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ الذِّكْرِ
فيا ابنَ عليٍّ وهي دعوة ُ مخلصٍ = لدولتكمْ بالسرِّ منهُ وبالجهرِ
لقد زادت الأيَّام فيكَ مسرَّرة = وفاقَ على وجهِ العلا رونقُ البشرِ
وَعَزَّتْ بِكَ الأَيَّامُ حَتَّى كَأَنَّمَا = لَيَالِيكَ فِيْهَا كُلُّهَا لَيْلَة ُ الْقَدْرِ
فَفِي يَدِكَ الْيُمْنَى الْمَنِيَّة ُ وَالْمُنَى = ويمنٌ لمن يبغي الأمانَ من الفقرِ
فَلاَ بَرِحَتْ فِيْكَ الْعُلاَ ذَاتَ بَهْجَة ٍ= ولازالَ فيكَ المجدُ مبتسمَ الثَّغرِ

.




.

Daniel Ridgway Knight
صورة مفقودة
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...