الجَسد بموسيقاه وخليقته ..!


الجَسد بموسيقاه وخليقته ..!

نعيم عبد مهلهل

يشكل الجسد الجانب الكتلوي والمتحرك من الحياة ، ومكونات خليقته صُنعت في هندسة اعجازية وبشكليه المتحرك والجامد ، فالحجر الجامد جسد ، والذبابة المتحركة جسد ، والغريب أن الجامد والمتحرك لهما وظيفتين في الحياة ، ففي بعض الاحيان يكون الجسد الجامد انفع للحياة من الجسد المتحرك كما في الحجر والذبابة. حيث لولا الحجر لما كانت الارض والكوكب والمدن وكما في قصة الحضارة : الحضارة ابتدأت بحجر ومازال فبدونه لن تكون هناك ناطحات سحاب ودار أوربا وجامع أو كنيسة للصلاة . فيما الذبابة المتحركة لاتفعل شيئا سوى الطنين ونقل جرثومة التراخوما للعيون.
صورة الجسد في جانبه الجمالي والمغري والصانع للتحفيز والدافع والفعل بشكل المسالم والعنيف تجسد في الخلق الانساني ومع الارادة الالهية بخلق آدم وحواء ( ع ) واسكانهما الجنة ، والصور واللوحات المرسومة لأبوي البشر المأخوذة من الحكايات الاسطورية او المورثات السماوية في الكتب وأكثرها جمالا ودقة هو مانراه في لوحات رسامي القرون الوسطى ايام دافنشي ومايكل انجلو وبعض من نحاتي اليونان والاغريق وترينا هذه اللوحات والتماثيل الجانب الجمالي في دقة صنع الجسد البشري والذي جاء ملائما لمنطوق الآية الكريمة ( لقد خلقنا الأنسان في احسن تقويم ).
هذا الجسد الاحسن اريد له بفضل وجود العقل في قمة هذا الجسد أن يجسد الغريزة الدافعة لجعل النشوة الكامن الاكثر غريزة في تحقيق ما في داخل هذا الجسد من هاجس ربما هو ( الروح ) التي اظهرت لنا ادبيات الخيال البشري في جانب الحب والمتعة والوصال والانتشاء والمجامعة أن الدافع الداخلي الغامض هو من يوعز الى ادمغة البشر وغيرها من الكائنات الحية والمتحركة أن توعز لأعضائها بالبحث عن وسائل اتمام نشوة تلك الغرائز ومن تلك الايعازات صنع الجسد له طقوسا جمالية في الممارسة بين السر والعلن فكان منها الغرام وكتابة الشعر والتقبيل وموسيقى الوسادة والغناء والرسم وغير ذلك.
جمع هذه الفعاليات بشكلها الفيزيائي والكيمياوي والروحي والمادي تمثل للجسد الوقود وحافز النمو والبقاء وربما جميع الافعال الحضارية ترتهن في تفكير الجسد وممارساته في هذا الجانب لهذا لا تخيل شكلا لفعل حضاري ومجتمعي من دون فعل جسدي حتى في الخطاب السياسي واقامة شعائر الصلاة أو الرغبة في إهداء باقة زهور.
للجسد مدلولات لا تحصى ولكنها جميعا في جانبها ( العاقل ) نمت وتطورت نتاج الحاجة والاكتشاف فكان هذا الامر مساهما في تطوير الرؤيا والوعي داخل الكتلة وساهم ايضا حتى في تطوير بناءها الكمالي والجسماني وربما التطور في شكل وبناء وملامح الجسد من شكل انسان النايتردال الى الشكل البشري اليومي بملامحه المتوزعة على القارات بين الوجه الاوربي والشرقي والزنجي والاصفر ( الشرق اسيوي ) يُرينا الازمنة والعهود الطويلة التي مر بها الجسد ليصل الى مستوى متقدم من التفكير والتطور والحداثة وهذا لم يكن ليتحقق لولا أن يكون هناك الحافز ( العاقل ) بأسئلته وبحثه وجدليته وأيمانه.
الجسد في موسيقاه وخليقته أرض لوجود المعنى وصيرورة وحافز للمضي بعيدا في جعل الحياة ذات معنى وطعم وجمال ، وما يوده الجسد ويريده ويشتهيه ومهما كانت الدوافع والنتائج هو في المحصلة استجابة للعزف الخفي الذي يسكن دواخلنا ويوجه فينا البوصلة لنفعل شيئا نحقق معه راحة وارتخاء ونشوة لما يسكننا من نقص اتجاه ما نحسه اننا محتاجيه دوما بعد فصل نهار متعب من العمل او التظاهر او غمار ساحة حرب وبالتالي ترانا ننشد الراحة للجسد المتعب في تخيل الوسادة موسيقى تدعونا لسماع موسيقى هادئة اسمها ( المرأة ) .
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...