أحمد صبحى منصور - التصوف والزنا: طقوس الزنا فى حفلات الجنس الجماعى الصوفى

حفلات صوفية سرية للجنس الجماعى
1ــ جاء فى تلبيس إبليس مايلى : ( وبإسناد عن أبى القاسم بن على بن المحسن التنوخى ، عن أبيه قال : أخبرنى جماعة من أهل العلم: أن بشيراز رجل يعرف بابن خفيف البغدادى شيخ الصوفية هناك ، يجتمعون إليه ويتكلم عن الخطرات والوساوس ، ويحضر حلقته ألوف من الناس ، وأنه فاره فهم حاذق ، فاستغوى الضعفاء من الناس إلى هذا المذهب ، قال فمات رجل منهم من أصحابه وخلف زوجة صوفية ، فاجتمع النساء الصوفيات وهن خلق كثير ، ولم يختلط بمأتمهن غيرهن ، فلما فرغوا من دفنه دخل ابن خفيف وخواص أصحابه، وهم عدد كثير إلى الدار، وأخذ يعزى المرأة بكلام الصوفية ، إلى أن قالت : قد تعزيت . فقال لها : هاهنا غير ؟ فقالت : لاغير ، قال : فما معنى إلزام النفوس آفات الغموم وتعذيبها بعذاب الهموم ؟ ولأى معنى نترك الإمتزاج لتلتقى الأنوار وتصفوا الأرواح ويقع الإخلافات وتنزل البركات ؟ قال، فقلن النساء : إذا شئت. فاختلط جماعة الرجال بجماعة النساء طول ليلتهم ، فلما كان سحر خرجوا ، قال الحسن( الراوى): هاهنا غير : أى هنا غير موافق المذهب ، فقالت لاغير : أى ليس مخالف ، وقوله نترك الإمتزاج كناية عن الممازجة فى الوطء ، وقوله لتلتقى الأنوار، عندهم أن فى كل جسم نورا إلاهيا ، وقوله الإخلافات أى يكون لكن خلف ممن مات أو غاب من أزواجكن . قال المحسن وهذا عندى عظيم ولولا أن جماعة يخبرونى يبعدون عن الكذب ماحكيته ، لعظمه عندى واستبعاد مثله أن يجرى فى دار الإسلام ، قال وبلغنى أن هذا ومثله شاع حتى بلغ عضد الدولة فقبض على جماعة منهم وضربهم بالسياط وشرد جموعهم، فكفوا.)." .
2 ــ فذلك الصوفى الفيلسوف الذى يتكلم عن الخطرات والوساوس فى ندوات تضم الآلاف مالبث أن خلط التصوف النظرى الفلسفى بالتصوف العملى، خصوصا وقد انضم إليه الكثيرون من العامة من الرجال والنساء ، وأصبحت لهم لغة خاصة يتفاهمون بها، رأينا نموذجا منها حين مارسوا ـــ جماعة ـــ طقوس الزنا وفق دينهم الذى يدعون إليه ، وقد شاع خبرهم وانضم إليهم الكثيرون، ولولا أن حاكما حازما هو عضد الدولة البويهى اعتقلهم وشرد جموعهم لانتشرت هذه الطقوس إلى بقية البلاد .
المؤاخاة فى حفلات الجنس الجماعى
1 ــ وفيما بعد لم يكن هناك حاكم على مستوى عضد الدولة ، بل كانوا من مؤيدى التصوف ، خصوصا وأن الصوفية يجيدون قيادة العامة ويباركون ظلم الحكام ونفاقهم ، فانتشرت مؤاخاة الصوفية للنساء فى مجتمع يميل فيه أغلبية العامة والمحكومين إلى ممارسة الرذيلة ، ويتطلع إلى إضفاء الشرعية عليها ، يقول ابن الجوزى عن المؤاخاة الصوفية للنساء : ( وبلغنا أن جماعة منهم أنهم يؤاخون النساء ، ويخلون بهن ، ثم يدَعون السلامة )( ويقول ومن الصوفية قوم أباحوا الفروج بادعاء الأخوة، فيقول أحدهم للمرأة تؤاخينى على ترك الاعتراض فيما بيننا ) .أى تكون عشيقته مع إحترام كل منهما لحرية الآخر فى العشق وعدم الاعتراض.
2ــ إذن بدأت طقوس الزنا فى دين التصوف تأخذ طريقها للإنتشار، فارتبطت الخلوة بالنساء بمؤاخاتهم ودعاوى البعض السلامة من الوقوع فى الفحش ، ثم صراحة البعض الآخر فى اختراع عقد للمؤاخاة فى صورة عهد ومبايعة بينه وبين المرأة أساسه أن يتمتع بها دون أى التزام نحوها أو منغصات نسائية مثل الغيرة ، فلا يعترض عليها إذا رآها مع غيره ولا تعترض عليه إذا رأته مع غيرها ..
3ــ حتى إذا تسيد التصوف عصرنا المملوكى بدأ الصوفية يمارسون طقوس الزنا من خلوة ومؤاخاة دون اهتمام باعتراض بعض المنكرين من فقهاء التصوف كابن الحاج والشعرانى ، وأولئك يشغلهم الحفاظ على سمعة التصوف من أى إنكار عليه خصوصا بعد حملة ابن تيمية ومدرسته . ولكن كان الزنا ضرورة لبعضهم كى يحقق عقيدة الاتحاد التى رأينا طرفا منها فى كلام ابن خفيف البغدادى مع النساء فى ممارسة الجنس الجماعى والتى حكاها ابن الجوزى.
وعظ النساء وآداب الجماع فى حفلات الجنس الجماعى :
1ــ وقد عم الإعتقاد فى التصوف رجال العصر المملوكى ونساءه ، وصار الأشياخ مقصد الألوف المؤلفة ، يحج إليهم المريدون رجالا ونساء من شتى الطبقات الإجتماعية ، مما أتاح لطقوس الزنا أن ترفع لافتة التعليم والوعظ للنساء ضمن لافتات أخرى .
وفى بداية القرن التاسع اشتهر الشيخ أحمد الزاهد بتخصصه فى وعظ النساء ، وقد بدأ فى صبغ وعظه لهن بالصبغة الملائمة فكان يعلمهن ( حقوق الزوج وآداب الجماع ) على حد قول الشعرانى ، وامتلأت حلقاته بجموع النساء . وحدثت مشاكل بينه وبين الفقهاء فى عصره بسبب ذلك ، ولأسباب أخرى تتمثل فى اهتمامه بإقامة زوايا أخرى ليوسع نشاطه. وبسبب هذه الشهرة فقد أوسعت له الحوليات التاريخية مكانا ضمن المشاهير .
2 ــــ إذن بدأ الشيخ أحمد الزاهد حملة لتعليم النساء فى زاويته آداب الجماع ، وقد أسلفنا مايعنيه مدلول الجماع فى عقيدة الصوفية ، ولقد كان أحمد الزاهد صوفيا متمسكا بالأصول العقيدية التراثية للتصوف ـ كما يبدو فى ترجمته فى طبقات الشعرانى ــ فكان كارها للفقه والفقهاء ملتزما بالتقية والمداراة حتى فى مجتمع العصر المملوكى الذى يدين للصوفية ويخضع لهم ، وبسبب شهرته فى التقية سُمى بجنيد القوم، ولم يكن فى عصره مايستوجب التقية والمداراة إلا مايخص طقوس الزنا وآداب الجماع فى المفهوم الصوفى ..
3 ــ والشعرانى نفسه كان ضمن الذين تأثروا بأحمد الزاهد وطريقته فى تعليم النساء ، فهو يفتخر بأنه ( كُسر قفص طبعه) أى لم يعد يخجل( حتى صار لايستحى من تعليم النساء الأجانب آداب الجماع ) . ثم ازداد اتصال الأشياخ الصوفية بالنساء فى الموالد فى حفلات للجنس الجماعى تحت شعار تعليمهن البخارى والقرآن ، يقول الشعرانى : ( كانوا يقرئونهن البخارى والقرآن فى الموالد ) ، وهذا ضمن الحفلات التى يختلط فيها الرجال والنساء، بتعبير الفقهاء وقتها .
أخذ العهد الصوفى فى حفلات الجنس الجماعى
1 ـ وبتسيد التصوف ودخول الناس فيه أفواجا عمّ زنا شيوخ الطرق الصوفية بالنساء المريدات بحجة أخذ العهد الصوفى عليهن وإدخالهن الطريقة الصوفية . وتعاظم هذا فى عصر الشعرانى الى درجة أنه رفع صوته محذرا ، يقول الشعرانى: ( إياك أن تمكن جاريتك أن يأخذ أحد من فقراء الأحمدية أو البرهامية عليها العهد .. فإن كثيرا من الفقراء يعتقدون أنه صار والدها يجوز له النظر إليها) ثم يقول ( وقد حصل ذلك لبعض إخواننا ورأى صاحبه يفعل الفاحشة فى زوجته) . والذى يهمنا الآن من هذا النص أن شيوخ الطرق الصوفية المشهورة التى تغلغلت فى المجتمع المصرى المملوكى اشتهروا بنشر المؤاخاة وإعطاء العهود للنساء بالمفهوم الصوفى الذى يعنى ممارسة الزنا .
2 ــ والشعرانى الذى ينكر على معاصريه ومنافسيه من شيوخ الطريقة الصوفية الأحمدية ( أتباع البدوى ) والبرهامية ( أتباع الدسوقى ) هو نفسه الذى يتحدث بفخر عن جهود شيخه محمد الشناوى فى إعطاء العهود للنساء . ومحمد الشناوى نفسه هو أحد الأشياخ المشهورين فى الطرق الأحمدية البدوية . ولا يرى الشعرانى بأسا فيما يفعله شيخه محمد الشناوى ، ضمن منهج الشعرانى فى الكيل بمكيالين ، الانكار على معاصريه ومنافسيه مع مدح شيوخه ، وهم جميعا يرتكبون نفس الجريمة ويقولون نفس الإفك .
يقول الشعرانى فى فى ترجمة شيخه محمد الشناوى أنه : ( لقّن النساء الذكر .. ورتّب لهن المجالس فى البلاد ، وكان يقول يافلانة اذكرى أهل حارتك ويافلانة اذكرى بأخواتك ) . ولم تقتصر مجهوداته على الريف والأحياء الشعبية بل وصلت للطبقة العليا ، فكان يلقن ابنة الخليفة العباسى بالقاهرة وجواريها الذكر . فالشعرانى يعترض ويحذر من الشيوخ المعاصرين له ويتهمهم بالزنا ، بينما يتحدث مُشيدا ومفتخرا عن شيوخه ، مع أن الجميع يمارسون نفس طقوس الزنا تحت نفس الشعارات .
شيخات من العاهرات فى حفلات الجنس الجماعى :
1ـ ولاشك أن تلميذات محمد الشناوى فى الأقاليم كان منهن من أصبحت (شيخة) فيما بعد. فقد انتشر التمشيخ بين النساء بالمفهوم الصوفى ، إذ تصبح العاهرة شيخة صوفية ، تنشر الزنا بين مريديها من الرجال والنساء ، وتمارسه معهم ومعهن فى جلسات الذكر وتلقين العهد .
2 ــ وقد أثارت هذه الظاهرة إنكار الفقيه الصوفى ابن الحاج ، وقد أتى من المغرب للقاهرة ليجد فيها فنونا من الإنحلال الخلقى بتأثير الصوفية أدهشته لأنه لم يعهدها فى المغرب ، فأوسع لها فى كتابه ( المدخل )، وذكر بعضها بصراحة دون تمسح بالمسميات والشعارات التى برع فيها الصوفية المصريون حتى من فقهاء التصوف كالشعرانى.
ابن الحاج ينكر: ( ما أحدثوه من اعتقاد بعض النسوة وزيارتهن. )، أى اعتقاد الرجال فى ولاية بعض النسوة وتوافدهم عليهن بحجة التبرك ، ثم يقول: ( وبعض الشيخات تلبس الصوف لمن تابت على يدها ودخلت طريقها. ). وهو يستخدم مصطلح التوبة الصوفى ويذكرنا بمقالة ابن الجوزى عن استخدام نفس المصطلح فيمن تهجر بيتها وتلحق بالصوفية ( فيقال تابت فلانة وألبسها الشيخ الخرقة ).
3 ــ ثم يضع ابن الحاج يده على ظاهرة خطيرة فى أولئك الشيخات الصوفيات فى القرن الثامن ، حين قال متعجبا :( إن العجيب أنهن لايمضين إلى موضع لعمل الذكر فيه إلا بعد دفع الرسم المقرر لضامنة المغانى) . و (ضامنة المغانى ) هى التى تفتح بيتا للبغاء والزنا بأجر وتوظّف المومسات ، وتدفع ضرائب عن هذه المهنة للدولة المملوكية ، حيث كان البغاء معترفا به ضمن الشريعة ( الدينية ) للعصر المملوكى ، تلك الشريعة التى يتغنى السلفيون بضرورة تطبيقها اليوم وهم لا يدرون عنها شيئا .
كانت الدولة المملوكية تعتبر أولئك الشيخات من ضامنات المغانى، وتعتبر من يأتى الى حلقاتها من المريدات مومسات ، وتحاسب ضامنة المغانى عليهن ، وتُلزمهن بدفع ضرائب مهنة البغاء . إذن فأولئك الشيخات الصوفيات مسجلات ضمن المومسات فى العصر المملوكى يدفعن الرسوم( لضامنات المغانى) ، والدولة المملوكية تعلم حقيقة الذكر المزعوم . وأنه مجرد حفلات للجنس الجماعى . ولاريب أن بائعات الهوى المحترفات الأخريات وجدن فى التصوف مشروعيته الدينية والإمكانية الكبرى للإنتشار والإزدهار فدخلن فيه أفواجا ليكتسبن الاحترام . والدولة المملوكية كانت تسمح بالبغاء وتخول " ضامنة المغانى" جمع الضرائب من العاهرات ، وتعجب ابن الحاج من وجود العاهرات الشيخات .
2ـ ونعود إلى الشيخ محمد الشناوى وقد زرع محافظة الغربية وغيرها بالشيخات يرتب لهن المجالس حسبما يذكر الشعرانى ــ ولابد أن تأخذ إحداهن التصريح بإقامة الحفلات من ضامنة المغانى ، ثم يكثر التوافد عليهن أو زيارتهن أو بتعبير ابن الحاج ( ما أحدثوه من اعتقاد بعض النسوة وزيارتهن ) .
ثم يكثر انخراط المحترفات من النساء فى العمل مومسات لدى الشيخة أو بتعبير ابن الحاج ( وبعض الشيخات تلبس الصوف لمن تابت على يدها ودخلت طريقها ) أى كانت العاهرة ــ الشيخة ــ تستقطب النساء للعمل تحت مصطلحات التصوف ، من" لبس الصوف" " والتوبة" " ودخول الطريق" ثم تقيم حفلات الذكر الجماعى ( أو الجنس الجماعى) ، وتكون بمأمن طالما دفعت حق الدولة من الضرائب إلى " ضامنة المغانى" وبذلك لايحدث لهم ماحدث لابن خفيف البغدادى وجماعته ، حين طاردهم السلطان عضد الدولة ، فيما حكاه ابن الجوزى آنفا .
3 ــ وهذه الحفلات الماجنة كانت تدور فى حلقات مغلقة ولكن منتشرة ، وتحت حماية الدولة ومصطلحات التصوف ، وتحت ستار أشد ، وهو النقاب الذى كان الزى الرسمى للمرأة المملوكية ، وهو الذى يحجب شخصية المرأة ويعينها على التخفى والاستمرار فى الانحلال ، أى تستمتع بالجنس وتكتسب المال ، وتحظى بشفاعة الأولياء ، وهى تمارس طقوسا دينية صوفية . ـــ ثم وهذا هو الأهم ــ كانت الشريعة السنية المُطبقة بسُلطة الدولة المملوكية لا ترى فيه عوجا ولا أمتا .!!
الوعظ الصوفى فى الأرياف وللأميرات فى حفلات الجنس الجماعى:
1 ــ وإذا كان الشيخ محمد الشناوى يأتى من الأقاليم ــ الغربية وطنطا بالذات ــ للقاهرة ليعلم جوارى الخليفة العباسى وابنته طريقة الذكر الصوفى، فإن بعض الأشياخ الصوفية فى القاهرة كان يرسل مندوبين من لدنه إلى الأقاليم والغربية أيضا بالذات ليرد نفس الجميل مع النساء ، فقد ورد فى مناقب الحنفى أن أحد مريديه وهو الشيخ ( أبوطاقية ) كان مختلفا عن الآخرين ؛ كان لا ينظر إلى امرأة أجنبية ولايأخذ العهد إلا على الرجال والشبان ، وقد دخل ذات مرة على شيخه شمس الدين الحنفى فى بيته فأمر الشيخ الحنفى ( إمراة أجنبية أن تلف رجليه فى الملاءة وتجعل إحداهما على ركبتها وتكبسها ) ثم أذن لأبى طاقية فى الدخول، فأنكر أبوطاقية الوضع الذى رأى عليه شيخه شمس الدين الحنفى فى بيته مع هذه المرأة ، فقال له الشيخ ( يا يوسف ما فى هذا الباب من هذا الباب إلا أنا وأنت ، وقد أذنت لك أن تدعو النساء الأجانب إلى الله تعالى ، أتدعو الرجال ولاتدعو النساء ؟ وهن أجهل من الرجال وأسوأ حالا منهم ؟ فكأنك مافعلت شيئا ؟ أخرج يا يوسف وادع الرجال والنساء إلى الله تعالى فيكثر ثوابك ) فخرج يوسف فلما وصل إلى بلدة " قطور" بالغربية :( وصار يدعو الرجال والنساء إلى الله تعالى، فكان أكثر مايدعو النساء الأجانب ويحثهم على طاعة الله .. ( حتى انتفع به نساء كثيرة ، وصاروا يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه ) وكان إذا سافر إلى القاهرة ليزور سيده الحنفى( يشترى لهن المساويك والسبح ، فإذا رجع إلى البلاد فرَق ذلك عليهن) .
فالشيخ أبوطاقية ذهب مبعوثا من شيخه الحنفى ليبشر بطريقته ــ أو بتعبيرهم ليدعو النساء إلى الله تعالى، وقد تعلم على يد شيخه أسس تلك الدعوة حين رأى امرأة أجنبية تدلّك ساق شيخه وتضعها فوق ركبتها . ونجح أبوطاقية فى بعثته فتوثقت صلته بنساء الأقاليم ، وكان يأتى فى مهمات رسمية لهن يشترى لهن المسابح والمساويك .
2 ــ وحتى لانظلم الحنفى وأبا طاقية فإن مناقب الحنفى وهى المصدر الأساسى للتأريخ له يظهر نوعية العلاقة التى تربط الحنفى بالنساء ، والتى تحدد طريقة دعوته لله مع النساء ، ففى مناقب الحنفى أن نساء الأمراء كن يجتمعن بالحنفى ( على هيئات حسنة وجمال عظيم ) " وقد دخلت امرأة عليه فى أحد هذه الإجتماعات فأنكرت ما رأت من علامات الانحلال الخلقى . وتقول الأسطورة أن الحنفى أمر المرأة أن تعيد النظر إلى أولئك النسوة فرأت وجوههن عظاما بلا جلد ولا لحم ورؤيتهن شنيعة فأغمى عليها واستغفرت الله تعالى . فقال لها الحنفى : ( والله ياستيت ما أنظر النساء الأجانب إلا كما نظرت إليهن فى هذه الساعة فلا تظنى بى إلا خيرا .. ياستيت إن لك فى بدنك علامات ، علامة تحت أبطك الأيمن ، وعلامة تحت فخذك الأيسر ، وعلامة فى صدرك ، وهن كذا وكذا ، وجعل يصف لها العلامات التى فى بدنها تحت ثيابها ، فقالت ياسيدى صدقت، والله إن زوجى لم يعلم بهن إلى الآن وأنا أستغفر الله وأتوب إليه مما وقع منى ).
3 ــ وعهدنا فى هذه الكرامات أنها تصاغ لكى تستر عيبا شائنا فى مسلك صوفية العصر المملوكى ، وبالنسبة للحنفى بالذات فقد صيغت هذه الكرامة بحذافيرها أكثر من مرة . ، لكى تستر ما اشتهر به الحنفى من علاقات نسائية متعددة . وبعض الكرامات تشى بالعلاقات الخاصة جدا بين الحنفى والنساء المريدات ومنها أن زوجة أحد مريديه تضررت من غيابه الطويل واشتكت للحنفى ، فقال لها ( تعالى وقومى خلف ظهرى) فنادى زوجها بإسمه فسمعت المرأة صوت زوجها يجيب الشيخ فاطمأنت. وأنه كانت امرأة من نساء الأمراء تأتى إلى بيت الحنفى فى يوم الميعاد ــ على ملأ الناس ــ ( وكان يظهر لها المودة والمحبة ) 4 ــ وشمس الدين الحنفى مجرد شيخ صوفى تميز عن آلاف الأشياخ المعاصرين له بأن مريده كتب مناقبه فى كتاب ( السر الصفى) وحاول أن يدافع عن شيخه بتأليف الكرامات .وهناك آلاف الأشياخ الذين كانوا يفوقون الحنفى فى الشهرة والمريدين والصلة بالنساء ، ولكن لم يتيسر لأحدهم أن يكتب عنه المريدون بمثل ماكتب مريد الحنفى عن الحنفى . إذن ماخفى كان أعظم ، والأغلب أن الإنحراف يجرى فى الخلفاء . وعليه ، كانت صلة الصوفية بالنساء وثيقة على مستوى طبقة العامة وطبقة الأميرات، وفى الخلوة كان بإمكان الشيخ أن يتمتع بخلوته بهن وأن يتمتعن بخلوتهن معه ، إلى الحد الذى احتاج فيه الصوفية إلى صياغة كرامات تبرر هذا الوضع مستغلة تصديق الناس للكرامات والإيمان بها .



صورة مفقودة

William Clark Wontner, British artist
January 17, 1857 - September 23, 1930.
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...