بشار بن برد - وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها

وذَات دَلٍّ كانَّ البدر صورتُها = باتت تغنِّي عميدَ القلب سكرانا
إِنَّ العيونَ التي في طَرْفِها حَوَرٌ = قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
فقُلْتُ أحسنْتِ يا سؤْلي ويا أَمَلِي = فأسمعيني جزاكِ الله إحسانا
يا حبذا جبلُ الرَّيَّان من جبل = وحبذا ساكن الريان مَنْ كانا
قالت فَهَلاَّ فدَتْكَ النفس أَحْسنَ مِن = هذا لمن كان صبّ القلبِ حيرانا
ياقومِ أذْنِي لِبْعضِ الحيِّ عاشقة ٌ = والأُذْنُ تَعْشَقُ قبل العَين أَحْيانا
فقلتُ أحسنتِ أنتِ الشمسُ طالعة ٌ= أَضرمتِ في القلب والأَحشاءِ نِيرانا
فأسمعيني صوتاً مطرباً هزجاً = يزيد صبًّا محبّاً فيك أشجانا
يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُفَّاحاً مُفَلَّجَة ً = أوْ كُنْتُ من قُضُبِ الرَّيحان رَيْحَانا
حتّى إِذا وَجَدَتْ ريحي فأعْجَبَها = ونحنُ في خَلْوة ٍ مُثِّلْتُ إِنسانا
فحرَّكتْ عُودَها ثم انثنَتْ طَرَباً = تشدو به ثم لا تخفيه كتمانا
أصْبحْتُ أَطْوَعَ خلق اللَّه كلِّهِمِ = لأَكْثَرِ الخلق لي في الحُبّ عِصيانا
فَقُلت: أَطربْتِنا يا زيْنَ مجلسنا = فهاتِ إنك بالإحسان أولانا
لوْ كنتُ أعلَمُ أَن الحُبَّ يقتلني = أعددتُ لي قبلَ أن ألقاكِ أكفانا
فَغنَّت الشَّرْبَ صَوْتاً مُؤْنِقاً رَمَلاً = يُذْكِي السرور ويُبكي العَيْنَ أَلْوَانا
لا يقْتُلُ اللَّهُ من دامَتْ مَودَّتُه = واللَّهُ يقتل أهلَ الغدر أَحيانا
لا تعذلوني فإنّي من تذكرها = نشوانُ هل يعذل الصاحونَ نشوانا
لم أدر ما وصفها يقظان قد علمت = وقد لهوتُ بها في النومِ أحيانا
باتت تناولني فاهاً فألثمهُ = جنيّة زُوجت في النوم إنسانا
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...