حسين علوان حسين - نَجْلاء

راحَتْ تَحُثُّ الخُطى للصدِّ ، تُكذِبُهُ = و الوَجْدُ في قَلبِها تَحْكيهِ عَيْناها
و الشوقُ تَحْمِلُهُ ألحاظُها قُبُلاً = و الطَرْفُ في سِحرِهِ يَخْتالُ نَجْماها
و الصُبْح تُسْدِلَهُ جَهْراً جَدائِلُها = و الليلُ لا يَزْدَهي لَو لا مُحَيّاها
الشَمْسُ في ثَغْرِها إشراقةٌ و سَناً = و البَدْرُ في وجْهِها بالحُسْن زَكّاها
و الرّوضُ في قدِّها أورادُه عَشِقَتْ = في الصَّدْرِ ساقيةً كالشَّهْدِ سُقْياها
و السِّحْرُ في عَيْنِها تُسْبيكَ مِنْ حَوَرٍ؛ = و القَوْسُ مِنْ فوقِها بالنَّبْلِ يَرْعاها
لا يُخطىءُ النَّبْلُ إذْ عَيناها تُنْشِبُهُ ؛ = هَيْفاءُ مِنْ طَبْعِها في اللّب مَرْماها
و الصَّدْرُ مِنْ عاجٍ ، أضْحَتْ تُزيْنُهُ = أوشامَ في نَظْمِها الرَّحْمنُ جَلّاها
فَكَمْ قَسيمٍ بِسِحْرِ الوَشمِ قد صُرِعا = و كَمْ شَهيدٍ لَها أَصْماهُ هَواها
شَقْراءُ ضَمْراءُ في أعْطافِها أَلَقٌ = سُبْحانَ مَنْ خَصَّها بالسَّبْك وَفّاها
لَوْ داعَبَتْ زاهِداً ألطافُها عَرَضاً = لانْفَضَّ مِنْ زُهْدِه و اختارَ نُعْماها
نَجْلاءُ يَهْفو لَها مَنْ قَلْبُهُ حَجَرٌ = يَشتَفُّ مِنْ لَوعةٍ لَو رَقَّ مَتْناها
نَجْلاءُ هيَ بَهجةُ الدُّنْيا وضِحْكَتُها = و ظَبيةٌ في فَلاةِ القَلْبِ مَرْعاها
لَو أنَّ كُلَّ الدُّنا زانَتْ مَفاتِنَها = فَناهِدُ الصَّدْرِ في نَجْلاءَ أحْلاها
وَ لَو بُدورُ الدُّنا في حُسْنِها نَطَقَتْ = لَباتَ في حِشْمَةٍ مَنْ كانَ أسْناها
الزَّنابقُ أحْنَت لَها بالحُسْنِ هامَتَها = عِشتارُ ، من غِيرةٍ ، فكرٌ لَها تاها
ما ذا أقولُ بِها ؟ لا شِعْرَ يَنْجِدُني ؛ = فالشِّعرُ يُخْجِلُهُ في الوَصْفِ مَعْناها
و العاشِقُ المُبتلى أنفاسُه كَلَفاً = نيرانُ عَجَّت بِهِ أشواقُ لُقْياها
زاغَتْ لهُ مقلٌ للدَّربِ تَرْمُقُهُ = فالكأسُ قد أرْهَفَت في المُعَنّى نَجْواها
ضجّتْ جَوارِحُهُ من فَرطِ لَهْفَتِها = فالصَّبرُ أَنْهَكَهُ و الشَّوقُ أَضْواها
ما كانَ يُؤنِسهُ في ذِكرها صُورٌ = أَضْحَتْ تُسَربِلُه بالهَمِّ رُؤياها
حَتّى قَصائِدَه قد كادَ يُحرِقُها = لو لا أَن إستَنطَقَتْ بالغيث أشْقاها
تبّاً لمنْ صَدّهُ عَنْ حُبِّهِ سَفَهٌ ؛ = باحَتْ قَصائِدُهُ و الهمُّ أَعْياها
حَتّى إذا ما ارْعوى صَكَّت مَسامِعَهُ = في البابِ قارعةٌ عَجْلى بِمَسْعاها
قَدْ لاحَ وصْلٌ لَها ، فالدّار أشعَلَهُ = ما كانَ قدْ هلّه بالنّورِ خَدّاها
و الرَّوضُ أرْخى لَها أغصانَهُ فَرَحاً = و الطَّيرُ في عُشّهِ بالهَدْلِ حَيّاها
و القلب جَذلُ قَبيلَ الثغرِ أنطقهُ = أهلاً مُنايَ التي ما عِشتُ لولاها
قالَتْ لهُ ، بعد ما راحَتْ تُعانِقُهُ = و بَعْدَما لاصَقَتْ رِجْلًيهِ رِجلاها :
سَكْرانُ ؟ أم نَشْوةٍ من وصلِ عاشِقةٍ = فيكَ التي فَعلتْ كالخَمْرِ فِعلاها ؟
أجابَها ، و الهَوى قد راحَ يَفتِنَهُ = و كانَ في قولهِ أَعْراسُ دُنياها :
ما خمرةُ من كؤوسٍ رُحتُ أرشُفُها = بل خمرةٌ ثغركِ أسْقاني إيّاها .
و راحَ في شفاههِ يَرعى مَفاتِنِها = ساقاً ، و نهداً ، و كانَ الثغرُ أبْهاها
الصَّدْرُ في صَدْرِها قد راحَ يَطبِقَهُ ، = و رَعشةُ اللَّسْعِ ضَجَّت في حَناياها
ما عُدتَ تعرفهُ من فَرطِ ما التَحما = أَكفَّه هذهِ أمْ تِلكَ هيَ كَفَّاها
مكامنُ الوَجدِ في الشقراءِ قد جَمحَت = سَمْحاءُ، في جَذوةٍ تلتاعُ ساقاها
على محرابِ الهَوَى أَسْلى جَوارحَها = و في جِمارِ القُبَل أصْلى لَها فاها
ثُمَّ راحَ في ضَمّةٍ ، بِرَيثٍ ، يُسْعِفَها = رَمْضاءُ ، قد غاثَها جُودٌ فَأَرْواها
في كلِّ لمسٍ لَها آيةٌ و إعجازٌ = و للهَمْسِ أنْغامُ في النَّفْسِ سُكناها

العمارة
حسين علوان حسين


.


صورة مفقودة

Gone But Not Forgotten _-_ John William Waterhouse
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...