نقوس المهدي
كاتب
انه الصباح المليء بالعاصفة
في قلب الصيف.
مناديل بيض للوداع، الغيوم تجنح
والريح يدفعها بيديه المسافرتين.
قلب الريح لا يحصى، ويخبط
حبنا الصامت.
اوركسترالي وإلهي، يهمهم في الشجر
كلغة مفعمة بالحروب والاناشيد.
الريح لص سريع يخطف الشجر
ويحرف سهمه الهادر للطيور
يقلبها في موجة بلا زبد
مادة أصبحت بلا وزن، نيران تنحني.
إناء قبل غارق ومكسور
تهزمه للتو ريح الصيف عند الباب
(من عشرين قصيدة حب)
البحر هنا؟
البحر هنا، حسناً فليدخل.
احضروا لي الجرس، من النوع الاخضر.
هذا، لا، الآخر، الذي فمه من
النحاس المغلول،
وهذا كل شيء الآن، دعوني وحدي
مع البحر الأساسي، مع الجرس.
أريد الامتناع عن الكلام مدة طويلة،
أريد، أيها الصمت، ان أتكلم أكثر،
أريد ان أعرف، نعم، اذا كنت موجوداً
(IV)
هل ادركت كم يشبه
الخريف بقرة صفراء؟
وكيف ان الحيوان الخريفي
يصبح بعدها هيكلاًً عظمياً قاتماً؟
وكيف أن الشتاء يكدس
اكثر فأكثر زرقات أفقية؟
من سأل الربيع
شفافيته الملكية؟
(V)
من أسأل ما
جئت افعل في هذا العالم؟
لماذا أتحرك بالرغم مني
لماذا لا استطيع أن أكون جامداً!
لماذا أجري هكذا بلا طرق
وأطير بلا أجنحة ولا ريش؟
ومن دفعني الى المكان الآخر
اذا كانت عظامي تعيش في تشيلي؟
عندما تنام على سريرها الملتهب؟
الأرض هل تغني كجدجد
في الجوقة السموية
الحزن أهو بهذا الاتساع،
بهذا التماسك، الكآبة؟
(VI)
ولماذا تكون الشمس صديقا بهذا السدى
لمسافر الصحراء؟
ولماذا الشمس لطيفة
في حديقة المستشفى؟
أعصافير أم أسماكاً يحفظ
القمر في شباكه؟
لا هنا ضيعوني لكي
أكف عن ايجاد نفسي؟
(XV)
داريو وهو يؤلف كتابه
ألم يكن أخضر؟
رمبو ألم يكن قرمزياً؟
وغونغورا، بلون البنفسج؟
وفكتور صغير متعدد اللون؟
وأنا من الأصفر المقلم؟
أترى تجتمع ذكريات كل
فقراء القرية؟
وفي صندوق معدني
هل رتّب الغني أحلامه؟
(من البحر والأجراس)
(III)
فلينثره كل الحب في فمه،
فلا أعاني بعد الآن لحظة ربيع
لم أبع للألم سوى يديّ
الآن، يا حبيبتي، وقد تبقت لي قبلاتك.
غطي بعطرك ضوء الشهد المفتوح
الابواب، غطيها بشعرك،
أما بالنسبة الي فلا تنسي: اذا افقت وبكيت
فيعني وانا نائم لست سوى طفل تائه
يبحث عن يديك في أوراق الليل
واحتكاك القمح الذي تصلينني به،
نشوة لامعة وعتمة وقوة
آه يا حبيبتي، لا شيء سوى العتمة،
عتمة ترافقينني بها في احلامك
وهناك تقولين لي وقت الضوء.
(V)
ببساطة يدك ها انت عارية:
ملساء أرضية دقيقة ومستديرة وشفافة،
تلك خطوط القمر، دروب التفاح،
عارية تماماً انت رفيعة كالقمح العاري،
عارية انت زرقاء، من زرقة الليل في كوبا،
النجمة في شعرك تمتزج باللبلاب
عارية تماماً أنت صفراء وضخمة
كأنما صيف في كنيسة من ذهب.
عارية فها انت صغيرة كأحد أظافرك
منحنية، وردية، دقيقة حتى بزوغ الفجر
الذي سيراك تعودين الى باطن العالم
كما في نفق طويل من الاشغال ومن الازياء:
وينطفئ ضوؤك ويرتدي ملبسه ويتناثر
ويصبح من جديد يداً عارية تماماً.
(VIII)
يا حبي، يا شعاعاً مجنوناً، آه تهديد الارجوان
تأتين لرؤيتي، متسلقة سلّمك النضر
الى القصر الذي توّجه الزمن بالغيوم،
يا قلبي المسجون في جدرانه الصقر.
لا أحد سيعرف ان العذوبة الوحيدة
صنعت شيئاً فشيئاً كريستالاً قاسياً كمدن،
ان الدم فتح انفاقاً عاثرة
من دون ان تتجاوز ارث الشقاء.
لهذا، يا حبيبتي، فمك، جلدك
ضوؤك واحزانك هي الإرث
الحي، عطايا الشتاء المقدسة والطبيعة
الذي يرفع استقباله وعود الاحبة،
عاصفة النبيذ السرية في الاقبية
الالتهاب الباطني للزرع.
(XIV)
ماتيلدا أين ثراك؟ ألم ألاحظ
بين الكرافات والقلب، في الأسفل، ونحو الأعلى
موجة كئيبة متخللة الأضلاع:
ذلك لأني فهمت فجأة غيابك.
ضوء حيويتك افتقده
نظرت مفترساً الأمل،
المنزل وفراغه من دونك،
لم يبق سوى نوافذ تراجيدية،
صامت هو السقف، من كثرة ما يصغي
إلى أمطار قديمة تمطر، كما تسقط الأوراق،
الريش، وما يحفظه الليل أسيراً:
وهكذا أنتظرك كمنزل وحيد
إذا ما رجعت لتقابليني وتسكنيني
وإذا لم تفعلي، فنوافذي تؤلمني.
[ مرثاة
(I)
ماذا فقدنا، أنا وأنتم
عندما سقط ناظم حكمت كبرج
كما ينهار برج أزرق؟
يبدو لي أحياناً
ان الشمس ذهبت معه الذي كان النهار،
نعم، كان ناظم حكمت نهاراً ذهبياً
يؤدي واجبه ان يولد من جديد كل فجر
برغم القيود والعقوبات
وداعاً، ايها الرفيق المضيء،
سافيتش الحلوة بين سانت باسيل
وبيوت المطار الجديدة،
أو في حي أربات سري ايضاً
متذوقاً نبيذي التشيلي، بسكبه
في جلد الصنبورة للفته
سافيتش، معك ضاعت
النحلة الذهبية
التي خلقت هنا عسل خليتي
يا صديقي العذب، يا رفيقي الشفاف.
(II)
آه! كثير من الدماء هنا! كثير من الحروب!
وكثير من الرعب! وكثير من العذوبة
ما الذي توآخيه، الأنهر؟ ثلجاً ودماً
المدن، ماذا كانت؟
رماداً ودخاناً. لا شيء آخر.
مع هذا، ثمن حطامها
يقذف الرشاش
يري الأبطال بروقهم.
(من مرثاة)
[ حجارة السماء
لكن الدرس لم يدرك الانسان:
درس الحجر:
مادته تنهار وتتفكك،
كلمته وصوته تتقطع.
النار، الماء، الشجرة
تزداد قسوة
تبحث وهي تموت عن جسم معدني،
فوجدت درب الاتساع:
جامداً، الحجر يشتعل
وردة جميلة ذات بتلات قاسية.
نفس الانسان تتدحرج في عمق، المنفعة
بغلافها الهش وفي عروقها
الراقدة تدور
القبل العذبة المفترسة
التي تستنفد وتسكن
البرج الحزين للجسد المدمر.
عبرت عتبة المغارة ذات الحجارة الكريمة:
تركت دمي في الأشواك البنفسجية:
تحركت، غيرت ضميري، ومراجعي:
ومنذ ذلك يؤلمني الليلك.
(من حجارة السماء)
[ ما من نسيان
إن سألتموني أين كنت
فعلي أن أقول «يحدث أن»
على أن أتكلم عن الأرض التي تسودها الحجارة،
عن الفن الذي يتدمر وهو يطول:
لا أعرف ما إذا كانت الأشياء هي التي تفقدها العصافير،
البحر متروكاً في الخلف، أو أختي التي تبكي
لمَ مد هذه المناطق؟ لم ينضم يوم
إلى يوم؟ لمَ ليل أسود
يتكدس في الفم؟ لمَ الموتى؟
ان سألتموني من أين أجيء، فعلي أن أتكلم
مع الأشياء المكسورة
مع الأواني الشديدة المرارة،
مع الوحوش المنتنة غالباً
ومع قلبي المعذب.
ليست الذكريات هي التي تلاقت
ولا الحماقة المصفرة التي تنام في النسيان
وإنما وجوه بدموع
أصابع في الحنجرة،
وما يتساقط من الأوراق:
عتمة يوم مضى،
يوم تغذى بدمنا الحزين.
ها البنفسجات، الحمامات،
كل ما نحب ويظن
على بطاقات على ذنب طويل
حيث يتنزه الزمن والألم.
لكن لا تدخلن أبعد من الأسنان،
لا مغضن الجذوع التي قد يكدسها الصمت،
لأني لا أملك جواباً:
هناك كثير من الموتى،
كثير من المرميين الذين تخترقهم الشمس،
كثير من الرؤوس التي تضربها المراكب،
كثير من الأيدي التي حبست قبلات
كثير من الأشياء التي أريد نسيانها.
(من الاقامة في الارض)
[ قصيدة آلامي
ربما أراد
شخص ما
أو أشخاص
معرفة
شيء عني.
حرّمت على نفسي
التكلم عن آلامي
فتياً ما زلت، وعجوزاً تقريباً
ومتابعاً دربي
لا أستطيع
من دون
أشواك
أن أكلّل
قلبي
الذي عمل
كثيراً
وعينيّ
اللتين استغلتا الحزن
وعادتا بلا دموع
من الأسفار
والجُزر.
أريد أن أروي لكم
كيف ولدتُ
الناس، أصدقائي
كانوا يحبون العزلة، الهواء
الأبعد،
الأمواج ذات الصفارات.
عدتُ
من
رودو، مخلفاً وراءه ما يسمى ماضياً،
كف عن ان يكون شريكاً في الجريمة، جريمة،
شريكاً في ما ارتكب أم لم يرتكب، شريك
الآخرين، كل الآخرين،
وعندما رأى نفسه مضرجاً بالدم.
الدم البعيد أو القديم أو الحاضر أو الآتي،
كاسراً الزمن، وصل الى قدره،
صار من جديد الإنسان الأول من دون نفس ملوثة بالدم،
لم يهرب: كان الأمر ابسط من ذلك:
صار الإنسان الأول من جديد وحيداً :
ما عاد أحد يريده هذه المرة:
الشوارع المظلمة تنبذه،
القصور الفارغة،
لم يعد في وسعه الدخول الى المدن لأن الجميع هجرها
لم يعد احد في حاجة اليه، كلا، لا أحد، لا أحد!
لم يعد يعرف كثيراً إن كان ما يتبقى
في الأفران طحيناً أم رماداً
إن كان ما يتبقى سمكاً أم أفاعي
في السوق بعد ذلك الحريق،
وإذا ما كانت الهياكل العظمية المنسية في الحفرة
مجرد فحم أو جنود مفحمة.
(من كتاب القصائد الثالث)
[ الناس
نرى أننا ولدنا لنصغي إلى أنفسنا ولننظر
إلى أنفسنا،
لنقيس أنفسنا (كم نقفز؟ كم نجني؟ نجني كذا وكذا وكذا)،
لنجهل أنفسنا (مبتسمين)، لنكذب على أنفسنا،
اننا وُلدن للاتفاق، اللامبالاة أو لنأكل
والرفقة.
ولكن من دون لأحد أن يُرينا الأرض،
اكتسبنا
النسيان، نسيان أحلام الريح،
لم يتبق لنا سوى قليل من
مذاق الدم والتراب
[ الناس
أنا، رجل الغابات والقطارات والشتائية،
أنا حافظ الفصل القاسي
الوحل،
في شارع مستنفد، بائس،
أنا الشاعر الغامض، تلقيت قبلة الحجر
على جبيني
فشعرت بهواجسي تتطهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(من الوردة المنفصلة)
في قلب الصيف.
مناديل بيض للوداع، الغيوم تجنح
والريح يدفعها بيديه المسافرتين.
قلب الريح لا يحصى، ويخبط
حبنا الصامت.
اوركسترالي وإلهي، يهمهم في الشجر
كلغة مفعمة بالحروب والاناشيد.
الريح لص سريع يخطف الشجر
ويحرف سهمه الهادر للطيور
يقلبها في موجة بلا زبد
مادة أصبحت بلا وزن، نيران تنحني.
إناء قبل غارق ومكسور
تهزمه للتو ريح الصيف عند الباب
(من عشرين قصيدة حب)
البحر هنا؟
البحر هنا، حسناً فليدخل.
احضروا لي الجرس، من النوع الاخضر.
هذا، لا، الآخر، الذي فمه من
النحاس المغلول،
وهذا كل شيء الآن، دعوني وحدي
مع البحر الأساسي، مع الجرس.
أريد الامتناع عن الكلام مدة طويلة،
أريد، أيها الصمت، ان أتكلم أكثر،
أريد ان أعرف، نعم، اذا كنت موجوداً
(IV)
هل ادركت كم يشبه
الخريف بقرة صفراء؟
وكيف ان الحيوان الخريفي
يصبح بعدها هيكلاًً عظمياً قاتماً؟
وكيف أن الشتاء يكدس
اكثر فأكثر زرقات أفقية؟
من سأل الربيع
شفافيته الملكية؟
(V)
من أسأل ما
جئت افعل في هذا العالم؟
لماذا أتحرك بالرغم مني
لماذا لا استطيع أن أكون جامداً!
لماذا أجري هكذا بلا طرق
وأطير بلا أجنحة ولا ريش؟
ومن دفعني الى المكان الآخر
اذا كانت عظامي تعيش في تشيلي؟
عندما تنام على سريرها الملتهب؟
الأرض هل تغني كجدجد
في الجوقة السموية
الحزن أهو بهذا الاتساع،
بهذا التماسك، الكآبة؟
(VI)
ولماذا تكون الشمس صديقا بهذا السدى
لمسافر الصحراء؟
ولماذا الشمس لطيفة
في حديقة المستشفى؟
أعصافير أم أسماكاً يحفظ
القمر في شباكه؟
لا هنا ضيعوني لكي
أكف عن ايجاد نفسي؟
(XV)
داريو وهو يؤلف كتابه
ألم يكن أخضر؟
رمبو ألم يكن قرمزياً؟
وغونغورا، بلون البنفسج؟
وفكتور صغير متعدد اللون؟
وأنا من الأصفر المقلم؟
أترى تجتمع ذكريات كل
فقراء القرية؟
وفي صندوق معدني
هل رتّب الغني أحلامه؟
(من البحر والأجراس)
(III)
فلينثره كل الحب في فمه،
فلا أعاني بعد الآن لحظة ربيع
لم أبع للألم سوى يديّ
الآن، يا حبيبتي، وقد تبقت لي قبلاتك.
غطي بعطرك ضوء الشهد المفتوح
الابواب، غطيها بشعرك،
أما بالنسبة الي فلا تنسي: اذا افقت وبكيت
فيعني وانا نائم لست سوى طفل تائه
يبحث عن يديك في أوراق الليل
واحتكاك القمح الذي تصلينني به،
نشوة لامعة وعتمة وقوة
آه يا حبيبتي، لا شيء سوى العتمة،
عتمة ترافقينني بها في احلامك
وهناك تقولين لي وقت الضوء.
(V)
ببساطة يدك ها انت عارية:
ملساء أرضية دقيقة ومستديرة وشفافة،
تلك خطوط القمر، دروب التفاح،
عارية تماماً انت رفيعة كالقمح العاري،
عارية انت زرقاء، من زرقة الليل في كوبا،
النجمة في شعرك تمتزج باللبلاب
عارية تماماً أنت صفراء وضخمة
كأنما صيف في كنيسة من ذهب.
عارية فها انت صغيرة كأحد أظافرك
منحنية، وردية، دقيقة حتى بزوغ الفجر
الذي سيراك تعودين الى باطن العالم
كما في نفق طويل من الاشغال ومن الازياء:
وينطفئ ضوؤك ويرتدي ملبسه ويتناثر
ويصبح من جديد يداً عارية تماماً.
(VIII)
يا حبي، يا شعاعاً مجنوناً، آه تهديد الارجوان
تأتين لرؤيتي، متسلقة سلّمك النضر
الى القصر الذي توّجه الزمن بالغيوم،
يا قلبي المسجون في جدرانه الصقر.
لا أحد سيعرف ان العذوبة الوحيدة
صنعت شيئاً فشيئاً كريستالاً قاسياً كمدن،
ان الدم فتح انفاقاً عاثرة
من دون ان تتجاوز ارث الشقاء.
لهذا، يا حبيبتي، فمك، جلدك
ضوؤك واحزانك هي الإرث
الحي، عطايا الشتاء المقدسة والطبيعة
الذي يرفع استقباله وعود الاحبة،
عاصفة النبيذ السرية في الاقبية
الالتهاب الباطني للزرع.
(XIV)
ماتيلدا أين ثراك؟ ألم ألاحظ
بين الكرافات والقلب، في الأسفل، ونحو الأعلى
موجة كئيبة متخللة الأضلاع:
ذلك لأني فهمت فجأة غيابك.
ضوء حيويتك افتقده
نظرت مفترساً الأمل،
المنزل وفراغه من دونك،
لم يبق سوى نوافذ تراجيدية،
صامت هو السقف، من كثرة ما يصغي
إلى أمطار قديمة تمطر، كما تسقط الأوراق،
الريش، وما يحفظه الليل أسيراً:
وهكذا أنتظرك كمنزل وحيد
إذا ما رجعت لتقابليني وتسكنيني
وإذا لم تفعلي، فنوافذي تؤلمني.
[ مرثاة
(I)
ماذا فقدنا، أنا وأنتم
عندما سقط ناظم حكمت كبرج
كما ينهار برج أزرق؟
يبدو لي أحياناً
ان الشمس ذهبت معه الذي كان النهار،
نعم، كان ناظم حكمت نهاراً ذهبياً
يؤدي واجبه ان يولد من جديد كل فجر
برغم القيود والعقوبات
وداعاً، ايها الرفيق المضيء،
سافيتش الحلوة بين سانت باسيل
وبيوت المطار الجديدة،
أو في حي أربات سري ايضاً
متذوقاً نبيذي التشيلي، بسكبه
في جلد الصنبورة للفته
سافيتش، معك ضاعت
النحلة الذهبية
التي خلقت هنا عسل خليتي
يا صديقي العذب، يا رفيقي الشفاف.
(II)
آه! كثير من الدماء هنا! كثير من الحروب!
وكثير من الرعب! وكثير من العذوبة
ما الذي توآخيه، الأنهر؟ ثلجاً ودماً
المدن، ماذا كانت؟
رماداً ودخاناً. لا شيء آخر.
مع هذا، ثمن حطامها
يقذف الرشاش
يري الأبطال بروقهم.
(من مرثاة)
[ حجارة السماء
لكن الدرس لم يدرك الانسان:
درس الحجر:
مادته تنهار وتتفكك،
كلمته وصوته تتقطع.
النار، الماء، الشجرة
تزداد قسوة
تبحث وهي تموت عن جسم معدني،
فوجدت درب الاتساع:
جامداً، الحجر يشتعل
وردة جميلة ذات بتلات قاسية.
نفس الانسان تتدحرج في عمق، المنفعة
بغلافها الهش وفي عروقها
الراقدة تدور
القبل العذبة المفترسة
التي تستنفد وتسكن
البرج الحزين للجسد المدمر.
عبرت عتبة المغارة ذات الحجارة الكريمة:
تركت دمي في الأشواك البنفسجية:
تحركت، غيرت ضميري، ومراجعي:
ومنذ ذلك يؤلمني الليلك.
(من حجارة السماء)
[ ما من نسيان
إن سألتموني أين كنت
فعلي أن أقول «يحدث أن»
على أن أتكلم عن الأرض التي تسودها الحجارة،
عن الفن الذي يتدمر وهو يطول:
لا أعرف ما إذا كانت الأشياء هي التي تفقدها العصافير،
البحر متروكاً في الخلف، أو أختي التي تبكي
لمَ مد هذه المناطق؟ لم ينضم يوم
إلى يوم؟ لمَ ليل أسود
يتكدس في الفم؟ لمَ الموتى؟
ان سألتموني من أين أجيء، فعلي أن أتكلم
مع الأشياء المكسورة
مع الأواني الشديدة المرارة،
مع الوحوش المنتنة غالباً
ومع قلبي المعذب.
ليست الذكريات هي التي تلاقت
ولا الحماقة المصفرة التي تنام في النسيان
وإنما وجوه بدموع
أصابع في الحنجرة،
وما يتساقط من الأوراق:
عتمة يوم مضى،
يوم تغذى بدمنا الحزين.
ها البنفسجات، الحمامات،
كل ما نحب ويظن
على بطاقات على ذنب طويل
حيث يتنزه الزمن والألم.
لكن لا تدخلن أبعد من الأسنان،
لا مغضن الجذوع التي قد يكدسها الصمت،
لأني لا أملك جواباً:
هناك كثير من الموتى،
كثير من المرميين الذين تخترقهم الشمس،
كثير من الرؤوس التي تضربها المراكب،
كثير من الأيدي التي حبست قبلات
كثير من الأشياء التي أريد نسيانها.
(من الاقامة في الارض)
[ قصيدة آلامي
ربما أراد
شخص ما
أو أشخاص
معرفة
شيء عني.
حرّمت على نفسي
التكلم عن آلامي
فتياً ما زلت، وعجوزاً تقريباً
ومتابعاً دربي
لا أستطيع
من دون
أشواك
أن أكلّل
قلبي
الذي عمل
كثيراً
وعينيّ
اللتين استغلتا الحزن
وعادتا بلا دموع
من الأسفار
والجُزر.
أريد أن أروي لكم
كيف ولدتُ
الناس، أصدقائي
كانوا يحبون العزلة، الهواء
الأبعد،
الأمواج ذات الصفارات.
عدتُ
من
رودو، مخلفاً وراءه ما يسمى ماضياً،
كف عن ان يكون شريكاً في الجريمة، جريمة،
شريكاً في ما ارتكب أم لم يرتكب، شريك
الآخرين، كل الآخرين،
وعندما رأى نفسه مضرجاً بالدم.
الدم البعيد أو القديم أو الحاضر أو الآتي،
كاسراً الزمن، وصل الى قدره،
صار من جديد الإنسان الأول من دون نفس ملوثة بالدم،
لم يهرب: كان الأمر ابسط من ذلك:
صار الإنسان الأول من جديد وحيداً :
ما عاد أحد يريده هذه المرة:
الشوارع المظلمة تنبذه،
القصور الفارغة،
لم يعد في وسعه الدخول الى المدن لأن الجميع هجرها
لم يعد احد في حاجة اليه، كلا، لا أحد، لا أحد!
لم يعد يعرف كثيراً إن كان ما يتبقى
في الأفران طحيناً أم رماداً
إن كان ما يتبقى سمكاً أم أفاعي
في السوق بعد ذلك الحريق،
وإذا ما كانت الهياكل العظمية المنسية في الحفرة
مجرد فحم أو جنود مفحمة.
(من كتاب القصائد الثالث)
[ الناس
نرى أننا ولدنا لنصغي إلى أنفسنا ولننظر
إلى أنفسنا،
لنقيس أنفسنا (كم نقفز؟ كم نجني؟ نجني كذا وكذا وكذا)،
لنجهل أنفسنا (مبتسمين)، لنكذب على أنفسنا،
اننا وُلدن للاتفاق، اللامبالاة أو لنأكل
والرفقة.
ولكن من دون لأحد أن يُرينا الأرض،
اكتسبنا
النسيان، نسيان أحلام الريح،
لم يتبق لنا سوى قليل من
مذاق الدم والتراب
[ الناس
أنا، رجل الغابات والقطارات والشتائية،
أنا حافظ الفصل القاسي
الوحل،
في شارع مستنفد، بائس،
أنا الشاعر الغامض، تلقيت قبلة الحجر
على جبيني
فشعرت بهواجسي تتطهر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(من الوردة المنفصلة)