ناصيف اليازجي - تقول لقلبي ربة الأعين النجل

تقولُ لقلبي رَبّةُ الأعينِ النُجْلِ = أفِقْ لا تَقِفْ بينَ الصَوارِمِ والنَبْلِ
قدِ استَعْبَدَتْهُ عينُها وَهْيَ عبدةٌ = فيا ويلَ عبدِ العبدِ ذُلٌّ على ذُلِّ
فَتاةٌ يَغارُ العِقدُ من حُسنِ جيدها = وتَضحَكُ عُجباً مُقلتاها على الكُحلِ
بَكَيتُ وقد أرْختْ سُدولَ قِناعِها = فقالَتْ جَرَتْ هذي السَحابةُ بالوَبلِ
مُهفهَفةُ الأعطاف تَخطِرُ كالقَنا = بمُعتدلٍ لا شَيءَ فيهِ من العَدْلِ
تَكادُ لهَضْمِ الكَشْحِ تجعلُ عِقدَها = نِطاقاً كما يُستبدَلُ المِثْلُ بالمِثلِ
أسالَتْ على وَردِ الخُدودِ ذُؤابةً = لخَوْفِ ذُبولٍ قد تلَّقتْهُ بالظِلِّ
وخَطَّتْ لخَوفِ العَينِ بالوَشم رُقْيةً = على مِعصَمَيها كالفِرِندِ على النَصْلِ
تَبدَّتْ وما أعمامُها من قَضاعةٍ = تُعَدُّ ولا أخوَالُها من بني ذُهلِ
وما رَفَضتْ منهم سِوَى الجود والوَفا = ولا حَفِظتْ منهم سِوَى النَّهبِ والقتلِ
يلومونَني أن أحملَ الذُلَّ في الهَوَى = كأنهُمُ لم ينظُروا عاشِقاً قَبْلي
إذا لُمتَ من لا تَكسِرُ القَيدَ رِجلُهُ = فإنك أولى بالمَلامةِ والعَذلِ
إلى الله أشكو جَوْرَ فاتنتي التي = لئِنْ رَضِيَتْ قلبي فقد زِدْتُها عقلي
واشكرُ مَولانا الكريمَ الذي بهِ = غَدَت مُهجتي عن كلِّ ذلكَ في شُغلِ
إمامٌ من الأفرادِ قُطبُ زَمانِهِ = ومالكُ رِقِّ العلمِ في العَقلِ والنَقلِ
عليهِ من الهادي الذي هُوَ عبدُهُ = سَلامٌ عِدادَ القَطرِ أو عَدَدَ الرَّملِ
هو العالمُ العلاّمةُ العاملُ الذي = لدى رَبِّهِ قد قامَ بالفَرْضِ والنَفْلِ
إذا ما رَقِي مَتْنَ المَنابرِ خاطباً = تقولُ رَسولٌ جاءَ في فَتْرةِ الرُسْلِ
أتاني كِتابٌ منهُ أحيا بوَفدِهِ = فُؤادي كفيضِ النِّيل في البَلدِ المَحْلِ
أحَبُّ إلى الأسماعِ من لحْن مَعبدٍ = وأعذَبُ في الأفواهِ من عَسَلِ النَحلِ
تَفضَّلَ بالمدحِ الذي هُوَ أهلُهُ = فلم أستَطعْ شُكراً على ذلك الفَضلِ
لئنْ لَم يصِبْ ذاك الثَّناءُ فحبَّذا= تكلُّفُ مثلِ الشَّيخِ ذلكَ من أجلي
لكَ اللهُ يا مَن جَلَّ ذِكراً ومِنّةً = فحُقَّ لهُ التَفضيلُ في الاسمِ والفعلِ
ويا من تُلبِّيهِ القوافي مغيرةً = بأخفَى على الأبصارِ من مَدرَج النَمْلِ
إليكَ عَرُوساً تَستحي منكَ هَيْبةً = لِذَاكَ قد التَفَّتْ وسارتْ على مَهْلِ
قد استُودِعَتْ قلبي الكليمَ وما دَرَتْ = فكان كذاك الصَّاع في ذلك الرَحلِ
أتُوقُ إلى تلكَ الديارِ وأهلِها = جميعاً كما تاقَ الغَرِيبُ إلى الأهلِ
وإني لأرضَى بالكِتابِ على النَّوَى = إذا لم يكُنْ لي من سبيلٍ إلى الوَصلِ




Paul Gauguin.jpg
 
أعلى