آمنت أن هواها في الحشا قدحا = فكيف لا أبتغي من ريقها قدحا
وكيف أعرض عنها وهي ما حضرت = إلا نفت ترحاً واستحضرت فرحا
مصريةٌ ساد غيد الشام رونقها = كما يسود بياض اللؤلؤ الوضحا
كأنها في سواد الفرع بدر دجىً = وفي غلالتها البيضاء شمس ضحى
كأن فوهة فيها خرت لؤلؤةٍ = أو زر ورد بكافور الندى اصطبحا
لا يفتح السحر من أبوابه غلقاً = إلا إذا غض منها الطرف وانفتحا
لها فنون مجونٍ تبهَتُ الفُصَحا = وساحرات جفون تفتن الصُلَحا
لو شامها العامري ليلاً لهام بها = وملَّ ليلى وخال الصبح قد وضحا
يلومني عاذلي فيها ولو بدلت = عيونه بعيوني جن وافتضحا
لم أنس زورتها والشمس ما سبحت = في لجة الصبح والعصفور ما سرحا
كأنها جنة قد فاح من فمها ال = نوار والديك من خلخالها صدحا
عانقت شمس الضحى منها وما أفلت = شهب الدجى وإناء الصبح ما رشحا
ورحت للمهد باليعفور مؤتزراً = والبدر مختمراً والغصن متشحا
وكان ما كان حتى لم يعد سرقٌ = يحول ما بيننا إلا وقد برحا
وعندما سبح الداعي وقد نهضت = تقل في جيدها من مدمعي سبحا
ودعت غصن الندى منها ولذت بمن = أحيى الندى وأمات الشح والترحا
جم الرماد ذكي الدنيا محمد مو = لانا الذي يكرم المدّاح والمِدَحا
قطب الكمال رحى الأشغال ناظرها ال = مفضال خير رجال الدولة الصُلَحا
سامي العماد الذي لو يستجير به ال = نوّار من حر نار الصيف ما مصحا
فهو الوزير الذي تعنو الرقاب له = إذا قضى ومضى أو غض أو سمعا
وهو الذي طاول السبع الطباق علاً = وما ترنح تيهاً أو مشى مرحا
قد قصر اللَه أعمار الهموم به = وراش كل جناحٍ نحوه جنحا
براه برّاً متى فاضت مكارمه = أراك بحراً طمى أو عارضاً سبحا
يُعلي ويرفع من والاه من نصبٍ = عانٍ ويخفض من نحو الفساد نحا
أصبحت في ظله الميمون مصطبحاً = بالفوز مغتبطاً بالأمن منشرحا
أتيه تيه غزالٍ بات في كنف ال = بيت العتيق الذي من زاره نجحا
مولاي لا زلت في ظل المعظم تو = فيق العزيز عزيزاً فاضلاً سمحا
شهر الصيام الذي نلت الثواب به = ولى وهذا هلال العيد قد سنحا
فقابل العيد بالوجه السعيد فإن = لم يدن نورك من نواره برحا
وافطر وفطر قلوب الحاسدين بمر = آك الوسيم وزد أشباحهم كلحا
واسلم لنا عيد مجدٍ لا زوال له = يا عيد أكرم عيدٍ بالصفا طفحا