نقوس المهدي
كاتب
يفترض، حينما نتحدث عن الجنس، أن نستحضر الدين والقانون والأخلاق.
هنا في هذه السلسلة نتحدث عن جنس آخر. جنس كتب عنه فقهاء وأئمة ورواة حديث، لذلك كان مختلفا، ولذلك تعددت أسماء هذا الجنس لتصبح نكاحا، وجماعا، ووطأ، ونيكا أيضا، كما كتب جلال الدين السيوطي.
آداب النكـاح عنـد الإمـام أبـو حامـد الغزالـي
يقول أبو حامد الغزالي، الذي يتهمه البعض بالتزمت الشديد، في كتابه «إحياء علوم الدين»:»إذا قضى الرجل وطره فليتمهل على أهله، حتى تقضى هي أيضاً نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان»، وهكذا تحدث الغزالي عن القذف السريع ووصفه بالتفصيل، ويقول الغزالي أيضاً وهو يحث على استمتاع أفضل«وللزوج أن يستمني بيدي زوجته»، ويقول أيضاً «وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب»، فقال هو قيام الذكر وقد أسنده بعض الرواة إلى الرسول (ص)، إلا أنه قال في تفسيره الذكر إذا دخل، وقد قيل إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله».
ويقدم الإمام الغزالي وصفا تفصيليا لكيفية قيام الإسلام بدمج الغريزة الجنسية في النظام الاجتماعي ليتكاملا معا بما يرضي الله. يقول الغزالي: «إن الشهوة إذا غلبت ولم تقاومها قوة التقوى جرّت إلى اقتحام الفواحش. أما إذا استخدمت تبعا لإرادة الله، فإن رغبة الجسد تلبي أمره وتحقق مصلحة الفرد في الدنيا والآخرة؛ فهي تعزز الحياة على الأرض وتزينها في السماء. إذ إن من مقاصد الله في الأرض ضمان استمرارية جنس الإنسان، والرغبات الجنسية تخدم هذا القصد: وإنما الشهوة خلقت باعثة مستحثة كالموكل بالفحل في إخراج البذر، وبالأنثى في التمكين من الحرث، تلطفا بهما في السياقة إلى اقتناص الولد بسبب الوقاع، كالتلطف بالطير في بث الحب الذي يشتهيه ليساق إلى الشبكة. لقد خلق الله الجنسين، وزود كلا منهما بهيئة تكوينية تشريحية محددة تسمح له بتكميل الآخر لتحقيق مقصد الخالق. والله تعالى خلق الزوجين، وخلق الذكر والأنثيين، وخلق النطفة في الفقار، وهيأ لها في الأنثيين عروقا ومجاري، وخلق الرحم قرار او مستودعا للنطفة، وسلط متقاضي الشهوة على كل واحد من الذكر والأنثى. فهذه الأفعال والآلات تشهد بلسان ذلق في الإعراب عن مراد خالقها، وتنادي أرباب الألباب بتصرف ما أعدت له. هذا إن لم يصرح به الخالق تعالى على لسان رسوله، عليه الصلاة والسلام، بالمراد حيث قال «تناكحوا تناسلوا»، فكيف وقد صرح بالأمر وباح بالسر؟ فكل ممتنع عن النكاح يعرض عن الحراثة مضيع للبذر معطل لما خلقا لله من الآلات المعدة. والرغبة الجنسية التي تحقق قصد الله على الأرض، تحقق مقصده في السماء أيضا: .. في الشهوة حكمة أخرى سوى الإرهاق إلى الإيلاد، وهو ما في قضائها من اللذة التي لا توازيها لذة لو دامت، فهي منبهة على اللذات الموعودة في الجنان، إذ الترغيب في لذة لم يجد لها ذواقا لا ينفع.. فإن هذه اللذة الناقصة بسرعة الانصرام تحرك الرغبة في اللذة الكاملة بلذة الدوام، فيستحث على العبادة الموصلة إليها، فيستفيد العبد بشدة الرغبة فيها تيسر المواظبة على ما يوصله إلى نعيم الجنان.
قيمة الجماع لابن قيم الجوزية
يقول ابن قيم الجوزية في مؤلفه "في العشق والباه" إن الجماع كان هدية تحفظ به الصحة، وتتم به اللذة وسرور النفس، ويحصل به مقاصده التي وضع من أجلها.
لقد وضع الجماع في الأصل لثلاثة أمور هي حفظ النسل، لقول الرسول عليه السلام" تناكحوا تناسلوا إني مفاخر بكم الأمم"، ودوام النوع الإنساني إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها في هذا العالم.
أما الثاني، فهو إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن.
والثالث قضاء الوطر، ونيل اللذة والتمتع بالنعمة. وهذه وحدها هي الفائدة في الجنة، إذ لا تناسل هناك ولا احتقان يستفرغه الإنزال.
وفضلاء الأطباء يرون أن الجماع من أحمد أسباب حفظ الصحة. لقد قال "جالينوس" الحكيم إن الغالب على جوهر المني هو النار والهواء،ومزاجه حار رطب لأنه من الدم الصافي الذي تتغذى به الأعضاء الأصلية. لذلك وجب إخراج المحتقن منه لكي لا يتسبب في عدة أمراض قد تصل إلى الصرع والجنون.
وقال محمد بن زكريا: "من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قوى أعصابه واستدت مجاريها، وتقلص ذكره". قال ورأيت جماعة تركوه لنوع من التقشف فبردت أبدانهم، وعسرت حركاتهم، ووقعت عليهم كآبة بلا سبب، وقلت شهواتهم، وهضمهم انتهى.
وقال بعض السلف إنه ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثا. ينبغي ألا يدع المشي فإن احتاج إليه يوما قدر عليه. وينبغي ألا يدع الأكل فإن أمعاءه تضيق، وينبغي ألا يدع الجماع فإن البئر إذا لم ترنح، ذهب ماؤها.
والترمذي قال: "أربع من سنن المرسلين، النكاح، والسواك، والتعطر والختان". ولذلك كان النبي يتعاهده ويحبه ويقول "حبب إلي من دنياكم النساء والطيب". وفي كتاب الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادة تقول" أصبر على الطعام والشراب ولا أصبر عنهن".
أوقات عقد النكاح لابن قتيبة
عن ضمرة بن حبيب أنه قال: كان أشياخنا يستحبون النكاح يوم الجمعة. وقال بعض العلماء "سمعت من يخبر عن اختيار الناس آخر النهار على أوله في النكاح". قال "ذهبوا إلى تأويل القرآن واتباع السنة في الفأل. فالله سمى الليل في كتابه سكنا وجعل النهار نشورا. وقال رسول الله عليه السلام في الطيرة: أصدقها الفأل. فآثر الناس استقبال الليل لعقدة النكاح تيمنا بما فيه من الهدوء، والاجتماع على صدر النهار، لما فيه من التفرق والانتشار.
أما كراهية الناس للنكاح في شوال، فإن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون منه ويقولون إنه يشول المرأة، فعلقه الجهال منهم فأبطله الله بالنبي لأنه نكح عائشة رضي الله عنها في شوال.
هنا في هذه السلسلة نتحدث عن جنس آخر. جنس كتب عنه فقهاء وأئمة ورواة حديث، لذلك كان مختلفا، ولذلك تعددت أسماء هذا الجنس لتصبح نكاحا، وجماعا، ووطأ، ونيكا أيضا، كما كتب جلال الدين السيوطي.
آداب النكـاح عنـد الإمـام أبـو حامـد الغزالـي
يقول أبو حامد الغزالي، الذي يتهمه البعض بالتزمت الشديد، في كتابه «إحياء علوم الدين»:»إذا قضى الرجل وطره فليتمهل على أهله، حتى تقضى هي أيضاً نهمتها، فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج شهوتها، ثم القعود عنها إيذاء لها، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان»، وهكذا تحدث الغزالي عن القذف السريع ووصفه بالتفصيل، ويقول الغزالي أيضاً وهو يحث على استمتاع أفضل«وللزوج أن يستمني بيدي زوجته»، ويقول أيضاً «وعن ابن عباس في تفسير قوله تعالى ومن شر غاسق إذا وقب»، فقال هو قيام الذكر وقد أسنده بعض الرواة إلى الرسول (ص)، إلا أنه قال في تفسيره الذكر إذا دخل، وقد قيل إذا قام ذكر الرجل ذهب ثلثا عقله».
ويقدم الإمام الغزالي وصفا تفصيليا لكيفية قيام الإسلام بدمج الغريزة الجنسية في النظام الاجتماعي ليتكاملا معا بما يرضي الله. يقول الغزالي: «إن الشهوة إذا غلبت ولم تقاومها قوة التقوى جرّت إلى اقتحام الفواحش. أما إذا استخدمت تبعا لإرادة الله، فإن رغبة الجسد تلبي أمره وتحقق مصلحة الفرد في الدنيا والآخرة؛ فهي تعزز الحياة على الأرض وتزينها في السماء. إذ إن من مقاصد الله في الأرض ضمان استمرارية جنس الإنسان، والرغبات الجنسية تخدم هذا القصد: وإنما الشهوة خلقت باعثة مستحثة كالموكل بالفحل في إخراج البذر، وبالأنثى في التمكين من الحرث، تلطفا بهما في السياقة إلى اقتناص الولد بسبب الوقاع، كالتلطف بالطير في بث الحب الذي يشتهيه ليساق إلى الشبكة. لقد خلق الله الجنسين، وزود كلا منهما بهيئة تكوينية تشريحية محددة تسمح له بتكميل الآخر لتحقيق مقصد الخالق. والله تعالى خلق الزوجين، وخلق الذكر والأنثيين، وخلق النطفة في الفقار، وهيأ لها في الأنثيين عروقا ومجاري، وخلق الرحم قرار او مستودعا للنطفة، وسلط متقاضي الشهوة على كل واحد من الذكر والأنثى. فهذه الأفعال والآلات تشهد بلسان ذلق في الإعراب عن مراد خالقها، وتنادي أرباب الألباب بتصرف ما أعدت له. هذا إن لم يصرح به الخالق تعالى على لسان رسوله، عليه الصلاة والسلام، بالمراد حيث قال «تناكحوا تناسلوا»، فكيف وقد صرح بالأمر وباح بالسر؟ فكل ممتنع عن النكاح يعرض عن الحراثة مضيع للبذر معطل لما خلقا لله من الآلات المعدة. والرغبة الجنسية التي تحقق قصد الله على الأرض، تحقق مقصده في السماء أيضا: .. في الشهوة حكمة أخرى سوى الإرهاق إلى الإيلاد، وهو ما في قضائها من اللذة التي لا توازيها لذة لو دامت، فهي منبهة على اللذات الموعودة في الجنان، إذ الترغيب في لذة لم يجد لها ذواقا لا ينفع.. فإن هذه اللذة الناقصة بسرعة الانصرام تحرك الرغبة في اللذة الكاملة بلذة الدوام، فيستحث على العبادة الموصلة إليها، فيستفيد العبد بشدة الرغبة فيها تيسر المواظبة على ما يوصله إلى نعيم الجنان.
قيمة الجماع لابن قيم الجوزية
يقول ابن قيم الجوزية في مؤلفه "في العشق والباه" إن الجماع كان هدية تحفظ به الصحة، وتتم به اللذة وسرور النفس، ويحصل به مقاصده التي وضع من أجلها.
لقد وضع الجماع في الأصل لثلاثة أمور هي حفظ النسل، لقول الرسول عليه السلام" تناكحوا تناسلوا إني مفاخر بكم الأمم"، ودوام النوع الإنساني إلى أن تتكامل العدة التي قدر الله بروزها في هذا العالم.
أما الثاني، فهو إخراج الماء الذي يضر احتباسه واحتقانه بجملة البدن.
والثالث قضاء الوطر، ونيل اللذة والتمتع بالنعمة. وهذه وحدها هي الفائدة في الجنة، إذ لا تناسل هناك ولا احتقان يستفرغه الإنزال.
وفضلاء الأطباء يرون أن الجماع من أحمد أسباب حفظ الصحة. لقد قال "جالينوس" الحكيم إن الغالب على جوهر المني هو النار والهواء،ومزاجه حار رطب لأنه من الدم الصافي الذي تتغذى به الأعضاء الأصلية. لذلك وجب إخراج المحتقن منه لكي لا يتسبب في عدة أمراض قد تصل إلى الصرع والجنون.
وقال محمد بن زكريا: "من ترك الجماع مدة طويلة ضعفت قوى أعصابه واستدت مجاريها، وتقلص ذكره". قال ورأيت جماعة تركوه لنوع من التقشف فبردت أبدانهم، وعسرت حركاتهم، ووقعت عليهم كآبة بلا سبب، وقلت شهواتهم، وهضمهم انتهى.
وقال بعض السلف إنه ينبغي للرجل أن يتعاهد من نفسه ثلاثا. ينبغي ألا يدع المشي فإن احتاج إليه يوما قدر عليه. وينبغي ألا يدع الأكل فإن أمعاءه تضيق، وينبغي ألا يدع الجماع فإن البئر إذا لم ترنح، ذهب ماؤها.
والترمذي قال: "أربع من سنن المرسلين، النكاح، والسواك، والتعطر والختان". ولذلك كان النبي يتعاهده ويحبه ويقول "حبب إلي من دنياكم النساء والطيب". وفي كتاب الزهد للإمام أحمد في هذا الحديث زيادة تقول" أصبر على الطعام والشراب ولا أصبر عنهن".
أوقات عقد النكاح لابن قتيبة
عن ضمرة بن حبيب أنه قال: كان أشياخنا يستحبون النكاح يوم الجمعة. وقال بعض العلماء "سمعت من يخبر عن اختيار الناس آخر النهار على أوله في النكاح". قال "ذهبوا إلى تأويل القرآن واتباع السنة في الفأل. فالله سمى الليل في كتابه سكنا وجعل النهار نشورا. وقال رسول الله عليه السلام في الطيرة: أصدقها الفأل. فآثر الناس استقبال الليل لعقدة النكاح تيمنا بما فيه من الهدوء، والاجتماع على صدر النهار، لما فيه من التفرق والانتشار.
أما كراهية الناس للنكاح في شوال، فإن أهل الجاهلية كانوا يتطيرون منه ويقولون إنه يشول المرأة، فعلقه الجهال منهم فأبطله الله بالنبي لأنه نكح عائشة رضي الله عنها في شوال.