سلبُوا الغصونَ معاطِفاً وقُدودا = وتقاسموا وردَ الرياضِ خُدودا
طعنُوا القلوبَ بما تلاشى دونه = طُعْنُ الرماحِ وسدَّدُوا تسديدا
فتنُوا الورى بلواحِظٍ وتجاوزوا = بالفتكِ من نهبِ العقولِ حدودا
وتقاسموا أن لا يُراعوا ذِمةً = لمتيَّمٍ أو يحفظون عهودا
تركوا الحُلِيَّ شهامةً واسْتبدلوا = حُللَ المحاسنِ والبهاءِ ورودَا
فغدَوا بها مستعبدين أُلِي النُّهى = مما يشيقَك طارِفاً وتليدَا
نظمُوا الثَّنايا في المباسِمِ لؤلؤاً = تحت الزُّمرُّدِ والعقيقِ عقودَا
تَخِذوا البنفسج في الشَّقيق عوارضاً = والياسَمين معاصِماً وزُنودَا
بدَلوا الخُصورَ من الخناصِر رِقَّةً = واسْتبدلوا حُقَقَ اللُّجين نُهودَا
فهُم الملُوك الصائلون على الورَى = وهُم الظِّباءُ القائدون أسودَا
نظروا إلى الجوْزاءِ دون محَلِّهمْ = فعدَوا على هامِ السِّماكِ قُعودَا
من كلِّ من جعل الدجى فرعاً له = والبدرَ وجهاً والصباحَ الجِيدَا
رَيَّان من ماء النعيمِ إذا بدَا = خرَّتْ له زُهرُ النجومِ سجودَا
كالماء جسما غيرَ أن فؤادَه = أضحى على أهلِ الهوَى جُلمودَا
تزدادُ من فرطِ الحياءِ خدودُه = عند اسْتماع تأوُّهي توْريدَا
لو أبصرَ النُّصاحُ فائقَ وجهِه = عذَلُوا العَذولَ وحاربوا النَّفنِيدَا
أو لو رآه راهبٌ من بيعةٍ = ألقى الصليبَ ولازم التَّوحيدَا
كم ذا تُذكِّرني العقيقَ خدودُه = والطَّرف حاجِرَ والعِذارُ زَرُودَا
وإذا بدَا مُتلفِّتاً من عُجبِه = بالجِيد أذكرني طُلاه الغِيدَا
ما الظَّبيُ أحسنَ لفتَةً من جِيدِه = عند النِّفارِ وإن أقامَ شهودَا
يحْمِي اللَّمى والخدُّ عقربُ صُدغِه = عن واردٍ أو من يروم وُرودَا
قد رقَّ منه الخصْر حتى خِلتُه = عند اهْتِزاز قوامِه مفْقودَا
ما خُلْقُه إلا النَّسيمُ إذا سرَى = بين الرياضِ وإن طالَ صُدودَا