محمد الهلالي - أما والسنا الوضاح من جيدها الغجري

أما والسنا الوضاح من جيدها الغجري = وسود ليال من ذوائبها العشر
ومن كأسها بالنجم وهي تديره = ومن شهب الأزرار بالشفع والوتر
وشمس محياها وفرقد فرقها = وصبح جبين ضاء كوكبه الدري
لليلة لقياها المنيرة ليلة = علمت يقيناً أنها ليلة القدر
ولم أنس إن زارت من الليل مضجعي = وحيت فأحيت ميت الصد والهجر
وقد كان منها القرب عنقاء مغرب = ومن دونه صيد الكواكب والزهر
دنت وتدلت فاندهشت مهابة = وغبت بها عن حالة الصحو والسكر
وعند تدليها اتراني هزة = كما انتفض العصفور من بلل القطر
ولما أباحتني الوفا فهت بالجوى = وبحت بما قد كنت أكتم في سري
ورقت وقالت قر عيناً فهذه = أويقات وصلي فاغتنم غفلة الدهر
وهذا جنى جنات قربي ففز به = وإياك ما يفضي إلى السوء والوزر
فقلت معاذ اللَه ما أنا بالذي = أحب وما راعى عفاف الهوى العذري
على أنني الحر الأبي لكل ما = يشين وليس العذر من شيم الحر
هناك أوت من بعد عز وآنست = إل وأهوت من قطوب إلى بشر
فعانقت منها أسمراً تحت أبيض = الإزار بدا يختال بالحل الخضر
وغصنا من البلور أصبح يانعاً = برمانتي نهدين في فضة الصدر
ومن زندها للضم مدت أريكة = إلي فأغنتني عن المد في القصر
وسرحت طرفي في رياض جمالها = وأوردته الورد المضمخ بالعطر
فبت حليف الأنس منها منعماً = بروح وريحان على كوثر الثغر
إلى أن نوى ركب الظلام على النوى = وطي صبا الأسحار آذن بالنشر
وهمت بسلخ الليل أيدي الصباح مذ = أتاه بسكين الضياء من الفجر
ومن شفق الصبح البنفسج كاد أن = يعصفره فيروزج الجو بالتبر
وقامت لتوديع التي ساعة الصفا = بها والوفا منها أبيع بها عمري
تفوه بآه وهي قائلة دنا = رحيلي وإني من رقيبي على ذعر
وسارت ولولا الوعد منها بأوبة = لكانت حياتي اليوم من أعجب الأمر





* محمد الهلالي
محمد بن نجم الدين بن محمد الصالحي الهلالي. شاعر من دمشق.
ولد سنة 1549 وتوفي سنة 1603
 
أعلى