نقوس المهدي
كاتب
الجنس هو أحد الغرائز التي ورثها الإنسان من أسلافه في الغابة. وبما أنه غريزة فإن الإثارة والرغبة في ممارسة الجنس تحدث تلقائياً ومن الصعب التحكم فيها. وإذا لم يشبع الرجل رغبته الجنسية ويفرغ الأكياس التي تخزّن السائل المنوي، فإنه في الغالب يحتلم ويفرغها ليجدد السائل المنوي الذي يمنح الحياة، في تلك الأكياس حتى تكون الحيوانات المنوية في أحسن حالاتها لإخصاب البويضة عندما تحين الفرصة المناسبة، لأن التخزين يُفقد الحيوانات المنوية فعاليتها وقوة حركتها. وبالإضافة إلى المحافظة على النوع من الانقراص فإن للجنس فوائدَ جسدية عديدة وكذلك نفسية، منها أن ممارسة الجنس تزيد من إفراز هورمون الاستروجين الذي يساعد على المحافظة على بشرة المرأة ونضارتها. والجنس علاج للاكتئاب لأنه يزيد من إفراز مادة الاندورفين في الدماغ وهذا الهورمون يزيد من الشعور بالبهجة وهو كذلك من أكثر المهدئات سلامة ومن أفضل المنومات للرجال. فلماذا يا تُرى يشدد شيوخ الدين الإسلامي علىفصل النساء من الرجال ومنع كل ما يمكن أن يؤدي إلى علاقة حب تتوجها العلاقة الجنسية؟ فالحب أجمل شعور عرفه الإنسان، وعبر عنه الشاعر نزار قباني أحسن تعبير حينما قال:
الحبُ في الإرض بعضٌ من تصورنا = إن لم نجده عليها لاخترعناه
وقال إيليا أبو ماضي عن حب الإنسان وحب الحياة وحب الطبيعة:
والذي نفسه بغير جمالٍ لا = يرى في الوجود شيئاً جميلا
يرى الشوكَ في الورود ويعمى = أن يرى فوقها الندى إكليلا
فتمتع بالصبح ما دمت فيه = لا تخف أن يزولَ حتى يزولا
ويبدو أن رجالات الدين أغلبهم بغير جمال، فلا يرون في الوجود شيئاً جميلا خلاف بنات الحور اللاتي ينتظرنهم في الجنة. ولذلك هم لا يرون الورود بل يرون الشوك الذي سوف يفتك بفضيلة المرأة المسلمة. ولذلك حرموها من الحب. فكم من فتاة مسلمة عرفت الحب وسمت بروحها إلى طبقات الأثير. ولا بد أن خوف رجالات الدين من تحرر المرأة المسلمة هو الذي يدفعهم لمثل هذا السلوك ليثبتوا لأنفسهم وللنساء أن الرجال قوامون على النساء لأنهم أقوى وأذكى منهن. بينما تثبت الدراسات الحديثة أن المرأة لا تقل ذكاءً عن الرجل إن لم تبزه. بل هي أخصب منه خيالاً وأكثر لباقةً وأصبر على الشدائد منه. ولكنه خوف رجال الدين من تحرر المرأة لأنه سوف يُثبت خطأ كل أحكامهم عن المرأة. وقد صدق سلمان رشدي حينما قال "كابوس رجال الدين الإسلامي هو تحرر المرأة جنسياً". فالمرأة المتحررة جنسياً لن تقبل أن يتزوجها شيخ ناهز السبعين وهي بعد طفلة لم تتعد عامها السادس عشر. والمرأة المتحررة جنسياً لن تقبل أن تظل في علاقة زوجية أو غير زوجية مع رجل يكاد يكون عنيناً. وحتى تظل المرأة سجينة جدران الفقه الإسلامي برع الفقهاء في مناقشة كل ما جادت به قرائحهم عن الجنس، حتى وإن كان مستحيلاً. وإليكم بعض أنواع الفقه الجنسي الذي شغل كبار الفقهاء عقوداً من الزمن.
في موجبات الغسل، يقولون: (التقاء الْخِتانين مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ بِالاتفاق, لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: { إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأرْبَعِ, ثم جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ } وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: { وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ }, وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: { إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعبها الأربع, وَمَسَّ الختان الختانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ }, وَالْتِقَاءُ الْختانين يحصل بتغييب الْحَشَفَةِ فِي الْفَرَجِ, ذَلِكَ أَنَّ ختان الرجل هو الجلد الَّذِي يَبْقَى بَعْدَالختان, وختان المرأةِ جِلدةٌ كَعُرْفِ الدِّيكِ فَوْقَ الْفَرَجِ، فَيقطع مِنْهَا فِي الْخِتَانِ, فَإِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرَجِحاذى ختانه ختانها, وإذا تحاذيا فقد التقيا, وَلَيْسَ الْمُرَادُ بالتقاء الختانين الْتِصَاقَهُمَا وَضَمَّ أَحَدِهِمَا إلَى الأخَرِ, فَإِنَّهُ لَوْ وَضَعَ مَوْضِعَ خِتانه عَلَى مَوْضِعِ خِتَانِهَا وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي مَدْخَلِ الذَّكَرِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ, وَقَالَ الدَّرْدِيرُ: الْحَشَفَةُ رَأْسُ الذَّكَرِ.وَلا بُدَّ لإِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ بِكَمَالِهَا فِي الْفَرْجِ, فَإِنْ غَيَّبَ بَعْضَهَا فَلا غُسْلَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ فَيعتبر قَدْرُهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: إذَا قُطِعَ بَعْضُ الذَّكَرِ, فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الأحْكَامِ, وَإِنْ كَانَ قَدْرَهَا فَقَطْ تَعَلقت الأحكام بِتَغييبه كله دُونَ بَعْضِهِ, وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِبَعْضِهِ, وَلا يَتَعَلَّقُ إلا بِتَغْيِيبِ جَمِيعِ الْبَاقِي (الموسوعة الفقهية الكويتية، باب الغسل).
ورغم وصف الفقهاء لأخص خصوصيات المرأة فقد كانوا يجهلون ما يحكون عنه. فالجلدة التي يقولون عنها أنها مثل عرف الديك، هي البظر الذي في أعلى فتحة المهبل. وإذا كانت المرأة مستلقية على ظهرها فإن البظر يكون شبه عموديٍ ويتجه إلى الأسفل، وذكر الرجل بالفرج يكون أفقياً بموازة الفراش. فلا التقاء بين الختانين ولا موازاة كما يقولون. وفي الوضع الطبيعي للجنس فإن الذكر لا يمس البظر إطلاقاً. ولا بد أن خيالهم كان واسعاً فيما يتعلق بالجنس فتخيلوا أن الرجل مقطوع الحشفة يمارس الجنس. وطبعاً الرجل مقطوع الحشفة لا حاجة له بالجماع إذ أنه لن يشعر بشيء من اللذة. ثم حتى لو حاول الجماع فكيف يقيس مقدار الحشفة حتى يعرف إذا كان قد وجب عليه الغسل. هل يُركّز على الجماع أم يُركّز انتباهه على كم من القضيب مقطوع الرأس قد دخل الفرج؟ ويقول النووي إذا قُطع الذكر وما تبقى منه أقل من حجم الحشفة فلا تتعلق أحكام الغسل بهذا الرجل. وهل يستطيع رجل بقي له من ذكره أقل من حجم الحشفة أن يباشر الجماع؟
أما الإمام الشافعي فيقول: ( وإذا غيب الرجل ذكره في فرج امرأة متلذذا أو غير متلذذ، ومتحركا بها أو مستكرها لذكره، أو أدخلت هي فرجه في فرجها وهو يعلم أو هو نائم لا يعلم أوجب عليه وعليها الغسل. وكذلك كل فرج أو دبر أو غيره من امرأة أو بهيمة وجب عليه الغسل إذا غيب الحشفة فيه مع معصية الله تعالى في إتيان ذلك من غير امرأته وهو محرم عليه إتيان امرأته في دبرها عندنا وكذلك لو غيبه في امرأته وهي ميتة ) (كتاب الأم، باب ما يوجب الغسل).
فالرجل الذي يعصي الله مع سابق العلم ويأتي امرأته في دبرها أو يأتي البهيمة في دبرها، هل يكترث إن اغتسل أو توضأ؟ ومن هذا الرجل المسلم الذي يأتي من خير أمة أُخرجت للناس ثم تكون له الرغبة في اشتهاء امرأةٍ ميته وينتصب ويدخل ذكره في فرجها. هل مثل هذا يجب عليه الغسل أم يجب أن يُعالج في مصحة عقلية؟ فمثل هذا الرجل مريضٌ والقاعدة تقول: ليس على المريض حرج. ولولا تشدد الفقهاء في منع المعاشرة بين الرجال والنساء لما فكر رجل في إتيان امرأة ميتة، إن لم يكن مريضاً نفسياً. وكيف يأتي الرجل المسلم الذي يهتم بالغسل، امرأةً غير امرأته؟ هل يضحك على نفسه أم على الله؟ يأتي امرأة غير امرأته في معصية واضحة لله ثم يغتسل ويصلي له؟ والفقهاء من واجبهم صياغة القوانين الفقهية لكل شيء محتمل أن يحدث، ونحن نتفهم ذلك، ولكن يبدو أنهم أطلقوا لخيالهم العنان فشطح وتعدى حدود المعقول. فمن الصعب أن نتخيل أن رجلاً نائماً، وفي الغالب يكون ذكره نائماً كذلك، إلا في الصباح الباكر عندما تمتلئ المثانة بولاً وتضغط على الأعصاب التي تغذي الذكر فينتصب، تعتدي عليه امرأة بجانبه وتُدخل ذكره في فرجها، إن استطاعت، وهو ما زال يغط في نوم عميق ولا يعلم ما يحدث، ثم يجب عليه الغسل إذا أدخلت كل الحشفة بفرجها. فكيف يعرف أنها أدخلت الحشفة كلها وهو نائم لا يدري؟ وممارسة الجنس تتطلب إفراز هرمونات الأدرينالين والنورا أدرينالين وكلاهما منشط يزيد من ضربات القلب وضغط الدم وتهييج الإنسان للحرب أو الهرب، وعليه يسبعد أن يظل نائماً وهي تمارس معه الجنس. ومرة أخرى نقول لولا تشددهم لما احتاجت هذه المرأة المحرومة من متعة الجنس إلى إدخال ذكر رجلٍ نائمٍ في فرجها.
ويستمر الإمام الشافعي فيقول ( ولا نوجب الغسل إلا أن يغيبه في الفرج نفسه أو الدبر فأما الفم أو غير ذلك من جسدها فلا يوجب غسلا إذا لم يُنزل، ويتوضأ من إفضائه ببعضه إليها. ولو أنزلت هي في هذه الحال اغتسلت وكذلك في كل حال أنزل فيها. فأيهما أنزل بحال اغتسل. ولو شك رجل أنزل أو لم ينزل، لم يجب عليه الغسل حتى يستيقن بالإنزال، والاحتياط أن يغتسل).
ومع احترامنا للإمام الشافعي نقول إنه كان يتحدث عن شيء يجهله. المرأة إذا اهتاجت قبل مباشرة الجنس تفرز غدد بارثولين الموجودة في شفايف المهبل موادا لزجة لتسهيل عملية الإيلاج، ويحدث هذا سواء أولج الرجل بها أو لم يولج. والمرأة عندما تصل ذروة متعتها لا تقذف كالرجل ولا ماء لها. والمرأة في العادة يفرز مهبلها كميات صغيرة من الإفرازات على مدي الأربع وعشرين ساعة، سواء باشرت الجنس أم لم تباشره. وقد تكرم الإمام الشافعي وأعفاها من الغسل في حال إدخال الذكر في فمها. ولكننا لا نفهم كيف يشك الرجل في أنه أنزل أم لا؟ لا اعتقد أن هناك رجلاً يشك في أنه أنزل أم لا.
ولم ينس المالكية والحنابلة أن يشددوا على الإيلاج في الميت وهل يجوز غسله مرة أخرى، فقالوا: ( يميلون إلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُولِجِ فِي فَرْجِ الْمَيِّتِ لِعُمُومِ الأدِلَّةِ, وَلا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُغَيَّبِ فِيهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ, وَفِي الأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ, وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتَةِ الْمَوْطُوءَةِ.وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ فِي وَطْءِ الْمَيِّتَةِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا مَا لَمْ تُنْزِلْ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا) (الموسوعة الفقهية الكويتية، نفس الباب).
وهل هناك مرض وحرمان جنسي أكثر من أن يضاجع الرجل امرآة ميتة، أو امرأةٌ رجلاً ميتاً؟ وبدل أن يختلف الفقهاء في وجوب غسل الميتة مرة أخرى، أما كان الأحرى بهم أن يسألوا كيف تم لهذا الرجل المحروم من الجنس الاختلاء بالمرأة الميتة بعد أن غسلوها، وفي العادة تغسلها النساء وتكفنها النساء، ليدخل ذكره في فرجها؟ وهل مثل هذا الرجل يكون عاقلاً؟ فالغسل لا يجب إلا على العاقل. وهل يتطوع مثل هذا الرجل ويخبر الناس أنه قد أدخل ذكره في الميتة، حتى يعيدوا غسلها، لأن المنطق يتطلب أن يكون مثل هذا الرجل في خلوة تامة مع الجنازة حتى يستطيع أن يفعل ما فعل. ونرى أن المالكية والحنفية كانوا أكرم من الشافعية والحنابلة على المرأة المحرومة من الجنس التي تُدخل ذكر الميت في فرجها فأعفوها من الغسل، وكان حرياً بهم أن يعوضوها عن هذا الحرمان الذي اضطرها لتفعل ما فعلت. وكان يجب أن يمنحوها جائزة نوبل لمقدرتها على إدخال ذكر ميت كصاحبه، في فرجها. ولماذا يعيدون غسل الميتة في مثل هذه الحالة وقد تنجست بعد موتها بأن أدخل الرجل ذكره في فرجها، فهل سوف يعاقبها الله إن لم يغسلوها، على عمل قام به شخص آخر وهي ميتة؟ وإلا فما الحكمة في إعادة غسلها؟
مرة أخرى يرجع الفقهاء إلى الأطفال فيقولون (َاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ - الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ - فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ, فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَلَّفًا فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ فَقَطْ دُونَ الْآخَرِ. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: الْمُغَيِّبُ إنْ كَانَ بَالِغًا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِ, وَكَذَا عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا, وَإلا وَجَبَ عَلَى الْمُغَيِّبِ دُونَ الْمُغَيَّبِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ الْمُغَيِّبُ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ غَيَّبَ فِيهِ, سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَمْ لا، مَا لَمْ يُنْزِلْ بِذَلِكَ الْمُغَيَّبُ فِيهِ, وَإلا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ للإنْزَالِ)
ومرة أخرى نسأل: هل الرجل المسلم الذي يغيب ذكره في صبي لم يبلغ بعد، يحق له أن يغتسل ثم يصلي لله، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ ونلاحظ هنا أن الفقهاء كانوا يعرفون، أو تخيلوا، أن الرجال المسلمين يمارسون الجنس مع الأطفال غير البالغين، لكننا لا نرى أحكاماً بحق هؤلاء الرجال. بل ذهب بعضهم إلى القول أن الرجل إذا قبّل صبياً أو امرأةً غريبة فلا حد ولا إثم عليه.
ولكي ننصف الفقهاء المسلمين لا بد أن نعترف أنهم قد اكتشفوا الكوندوم قبل الغربيين، فقالوا ( فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الإيلاجِ بِحَائِلٍ، {قماش يحول بين الذكر والفرج} فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسل عَلَى مَنْ أَوْلَجَ حَشَفَته أَوْ قَدْرَهَا مَلْفُوفَةً بِخِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ, فَإِنْ كَانَتْ الْخِرْقَةُ رَقِيقَةً بِحَيْثُ يَجِدُ مَعَهَا اللَّذَّةَ وَحَرَارَةَ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ ; لأنَّهُ يُسَمَّى مُولِجًا, وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إذَا الْتَقَىالختانان, أَوْ مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ) أما الحنابلة فكانوا أكثر كرماُ فذهبوا ( إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَوْلَجَ بِحَائِلٍ مُطْلَقًا, مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنُصُّوا عَلَى كَوْنِ الْحَائِلِ رَقِيقًا أَوْ كَثِيفًا). ولا بد أن نسأل هنا: لماذا يمارس الرجل الجنس إذا كان سوف يلف ذكره بخرقة قماش كثيفة تمنعه من أن يحس حرارة المهبل وتمنع عنه الإحساس باللذة؟ اللهم إلا إذا أراد أن يغتسل وأراد عذراً لذلك.
ولم يكن تعريف الفرج سهلاً بالنسبة للفقهاء فاختلفوا، كالعادة، في نوعية الفرج الذي يوجب الغسل ( فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي مُطْلَقِ الْفَرْجِ, سَوَاءٌ كَانَ لإِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ, قُبلٍ أَوْ دُبُرٍ, ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى, حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ. لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ شَرَطُوا إطَاقَةَ ذِي الْفَرجِ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ, فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فلا غُسْلَ عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ الْمُغَيِّبِ مَا لَمْ يُنْزِلْ. وَوَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ الْجُمْهُورَ فِي ذَلِكَ, إلا أَنَّهُمْ استثنَوْا فَرْجَ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ, وَالصَّغِيرَةِ غَيْرَ الْمُشْتَهَاةِ, وَالْعَذْرَاءِ إنْ لَمْ يُزِلْ عُذْرَتَهَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ, وَذَلِكَ لِقُصُورِ الشَّهْوَةِ فِي الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةُ وَالصَّغِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ مَقَامَ الإنْزَالِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عِنْدَ الإيلاج)
ويظهر هنا أن الحنفية يقولون إذا لم تحتمل البنت الصغيرة أو الحيوان ذكر الرجل المولج، أو دخول حشفة البالغ في الفرج، فلا غسل على الرجل إلا إذا أنزل. منتهى التسامح مع رجل يدخل حشفته في الأطفال الذين لا يتحملون، والبهائم والجنائز.
وحتى لا ينسى الفقهاء إي شيء يمكن أن تفعله المرأة المحرومة من الجنس ، قالوا (اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ إيلاجِ ذَكَرِ غَيْرِالآدمي. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ إيلاج ذَكَرِ غَيْرِ الآدميِ كَالْبَهِيمَةِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ مِنْ إيلاج ذَكَرِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ)
فالمرأة التي تأتي بخروف أو قردٍ إلى غرفة نومها وتداعبه حتى ينتصب وتدخل ذكره في فرجها يجب عليها الغسل إلا إن كانت حنفية المذهب. واختلاف العلماء لا ينتهي أبداً، فهم يختلفون في وجوب الغسل إذا جامع الجني امرأة أو جامع الرجل جنية، فقالوا (اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ وَطْءِ الْجِنِّ.فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ إتيانِ الْجِنِّ لِلْمَرْأَةِ, وإتيان الرَّجُلِ لِلْجِنِّيَّةِ, إذَا لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ. قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نقلاً عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَتْ: مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي مِرَارًا وَأَجِدُ مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لاغُسْلَ عَلَيْهَا لانعدام سَبَبِهِ, وَهُوَ الإيلاج أَوْالاحتلام. وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَا إذَا ظَهَرَ لَهَا فِي صُورَةِ الآدمي فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ).
فإذا جامعت المرأة جني ولم تره لا تغتسل أما لو بدا لها في صورة رجل يجب أن تغتسل.
مسكينة المرأة المسلمة التي شرّعوا لها في كل احتمالات معاطاة الجنس وهي مسجونة ببيتها لا تبرحه إلا مع محرم ومغطاة بعباءة سوداء، ولا مجال لها في لقاء حبيب أو حتى حيوان. فالفقهاء قد اختزلوا عملية الجنس في حركات ميكانيكية تعتمد على قياس طول الجزء الذي يدخل فرج المرأة، وهل أنزل الرجل أو المرأة، حتى يجب عليهم الغسل أو عدمه. وأجزم قاطعاً أنه ليس هناك على وجه المعمورة دينٌ آخر أو قوانين مدنية تسهب في الحنس وأوصافة بقدر اسهاب الفقه الإسلامي الذي اغتال الحب وحرم الرجال والنساء من مباشرة أجمل متعة أتاحتها لهم الطبيعة.
.
الحبُ في الإرض بعضٌ من تصورنا = إن لم نجده عليها لاخترعناه
وقال إيليا أبو ماضي عن حب الإنسان وحب الحياة وحب الطبيعة:
والذي نفسه بغير جمالٍ لا = يرى في الوجود شيئاً جميلا
يرى الشوكَ في الورود ويعمى = أن يرى فوقها الندى إكليلا
فتمتع بالصبح ما دمت فيه = لا تخف أن يزولَ حتى يزولا
ويبدو أن رجالات الدين أغلبهم بغير جمال، فلا يرون في الوجود شيئاً جميلا خلاف بنات الحور اللاتي ينتظرنهم في الجنة. ولذلك هم لا يرون الورود بل يرون الشوك الذي سوف يفتك بفضيلة المرأة المسلمة. ولذلك حرموها من الحب. فكم من فتاة مسلمة عرفت الحب وسمت بروحها إلى طبقات الأثير. ولا بد أن خوف رجالات الدين من تحرر المرأة المسلمة هو الذي يدفعهم لمثل هذا السلوك ليثبتوا لأنفسهم وللنساء أن الرجال قوامون على النساء لأنهم أقوى وأذكى منهن. بينما تثبت الدراسات الحديثة أن المرأة لا تقل ذكاءً عن الرجل إن لم تبزه. بل هي أخصب منه خيالاً وأكثر لباقةً وأصبر على الشدائد منه. ولكنه خوف رجال الدين من تحرر المرأة لأنه سوف يُثبت خطأ كل أحكامهم عن المرأة. وقد صدق سلمان رشدي حينما قال "كابوس رجال الدين الإسلامي هو تحرر المرأة جنسياً". فالمرأة المتحررة جنسياً لن تقبل أن يتزوجها شيخ ناهز السبعين وهي بعد طفلة لم تتعد عامها السادس عشر. والمرأة المتحررة جنسياً لن تقبل أن تظل في علاقة زوجية أو غير زوجية مع رجل يكاد يكون عنيناً. وحتى تظل المرأة سجينة جدران الفقه الإسلامي برع الفقهاء في مناقشة كل ما جادت به قرائحهم عن الجنس، حتى وإن كان مستحيلاً. وإليكم بعض أنواع الفقه الجنسي الذي شغل كبار الفقهاء عقوداً من الزمن.
في موجبات الغسل، يقولون: (التقاء الْخِتانين مِنْ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ بِالاتفاق, لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: { إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأرْبَعِ, ثم جَهَدَهَا فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ } وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ: { وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ }, وَلِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: { إذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعبها الأربع, وَمَسَّ الختان الختانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ }, وَالْتِقَاءُ الْختانين يحصل بتغييب الْحَشَفَةِ فِي الْفَرَجِ, ذَلِكَ أَنَّ ختان الرجل هو الجلد الَّذِي يَبْقَى بَعْدَالختان, وختان المرأةِ جِلدةٌ كَعُرْفِ الدِّيكِ فَوْقَ الْفَرَجِ، فَيقطع مِنْهَا فِي الْخِتَانِ, فَإِذَا غَابَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرَجِحاذى ختانه ختانها, وإذا تحاذيا فقد التقيا, وَلَيْسَ الْمُرَادُ بالتقاء الختانين الْتِصَاقَهُمَا وَضَمَّ أَحَدِهِمَا إلَى الأخَرِ, فَإِنَّهُ لَوْ وَضَعَ مَوْضِعَ خِتانه عَلَى مَوْضِعِ خِتَانِهَا وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِي مَدْخَلِ الذَّكَرِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ, وَقَالَ الدَّرْدِيرُ: الْحَشَفَةُ رَأْسُ الذَّكَرِ.وَلا بُدَّ لإِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ بِكَمَالِهَا فِي الْفَرْجِ, فَإِنْ غَيَّبَ بَعْضَهَا فَلا غُسْلَ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْحَشَفَةِ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ تُخْلَقْ لَهُ حَشَفَةٌ فَيعتبر قَدْرُهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: إذَا قُطِعَ بَعْضُ الذَّكَرِ, فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ قَدْرِ الْحَشَفَةِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الأحْكَامِ, وَإِنْ كَانَ قَدْرَهَا فَقَطْ تَعَلقت الأحكام بِتَغييبه كله دُونَ بَعْضِهِ, وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فَوَجْهَانِ مَشْهُورَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِبَعْضِهِ, وَلا يَتَعَلَّقُ إلا بِتَغْيِيبِ جَمِيعِ الْبَاقِي (الموسوعة الفقهية الكويتية، باب الغسل).
ورغم وصف الفقهاء لأخص خصوصيات المرأة فقد كانوا يجهلون ما يحكون عنه. فالجلدة التي يقولون عنها أنها مثل عرف الديك، هي البظر الذي في أعلى فتحة المهبل. وإذا كانت المرأة مستلقية على ظهرها فإن البظر يكون شبه عموديٍ ويتجه إلى الأسفل، وذكر الرجل بالفرج يكون أفقياً بموازة الفراش. فلا التقاء بين الختانين ولا موازاة كما يقولون. وفي الوضع الطبيعي للجنس فإن الذكر لا يمس البظر إطلاقاً. ولا بد أن خيالهم كان واسعاً فيما يتعلق بالجنس فتخيلوا أن الرجل مقطوع الحشفة يمارس الجنس. وطبعاً الرجل مقطوع الحشفة لا حاجة له بالجماع إذ أنه لن يشعر بشيء من اللذة. ثم حتى لو حاول الجماع فكيف يقيس مقدار الحشفة حتى يعرف إذا كان قد وجب عليه الغسل. هل يُركّز على الجماع أم يُركّز انتباهه على كم من القضيب مقطوع الرأس قد دخل الفرج؟ ويقول النووي إذا قُطع الذكر وما تبقى منه أقل من حجم الحشفة فلا تتعلق أحكام الغسل بهذا الرجل. وهل يستطيع رجل بقي له من ذكره أقل من حجم الحشفة أن يباشر الجماع؟
أما الإمام الشافعي فيقول: ( وإذا غيب الرجل ذكره في فرج امرأة متلذذا أو غير متلذذ، ومتحركا بها أو مستكرها لذكره، أو أدخلت هي فرجه في فرجها وهو يعلم أو هو نائم لا يعلم أوجب عليه وعليها الغسل. وكذلك كل فرج أو دبر أو غيره من امرأة أو بهيمة وجب عليه الغسل إذا غيب الحشفة فيه مع معصية الله تعالى في إتيان ذلك من غير امرأته وهو محرم عليه إتيان امرأته في دبرها عندنا وكذلك لو غيبه في امرأته وهي ميتة ) (كتاب الأم، باب ما يوجب الغسل).
فالرجل الذي يعصي الله مع سابق العلم ويأتي امرأته في دبرها أو يأتي البهيمة في دبرها، هل يكترث إن اغتسل أو توضأ؟ ومن هذا الرجل المسلم الذي يأتي من خير أمة أُخرجت للناس ثم تكون له الرغبة في اشتهاء امرأةٍ ميته وينتصب ويدخل ذكره في فرجها. هل مثل هذا يجب عليه الغسل أم يجب أن يُعالج في مصحة عقلية؟ فمثل هذا الرجل مريضٌ والقاعدة تقول: ليس على المريض حرج. ولولا تشدد الفقهاء في منع المعاشرة بين الرجال والنساء لما فكر رجل في إتيان امرأة ميتة، إن لم يكن مريضاً نفسياً. وكيف يأتي الرجل المسلم الذي يهتم بالغسل، امرأةً غير امرأته؟ هل يضحك على نفسه أم على الله؟ يأتي امرأة غير امرأته في معصية واضحة لله ثم يغتسل ويصلي له؟ والفقهاء من واجبهم صياغة القوانين الفقهية لكل شيء محتمل أن يحدث، ونحن نتفهم ذلك، ولكن يبدو أنهم أطلقوا لخيالهم العنان فشطح وتعدى حدود المعقول. فمن الصعب أن نتخيل أن رجلاً نائماً، وفي الغالب يكون ذكره نائماً كذلك، إلا في الصباح الباكر عندما تمتلئ المثانة بولاً وتضغط على الأعصاب التي تغذي الذكر فينتصب، تعتدي عليه امرأة بجانبه وتُدخل ذكره في فرجها، إن استطاعت، وهو ما زال يغط في نوم عميق ولا يعلم ما يحدث، ثم يجب عليه الغسل إذا أدخلت كل الحشفة بفرجها. فكيف يعرف أنها أدخلت الحشفة كلها وهو نائم لا يدري؟ وممارسة الجنس تتطلب إفراز هرمونات الأدرينالين والنورا أدرينالين وكلاهما منشط يزيد من ضربات القلب وضغط الدم وتهييج الإنسان للحرب أو الهرب، وعليه يسبعد أن يظل نائماً وهي تمارس معه الجنس. ومرة أخرى نقول لولا تشددهم لما احتاجت هذه المرأة المحرومة من متعة الجنس إلى إدخال ذكر رجلٍ نائمٍ في فرجها.
ويستمر الإمام الشافعي فيقول ( ولا نوجب الغسل إلا أن يغيبه في الفرج نفسه أو الدبر فأما الفم أو غير ذلك من جسدها فلا يوجب غسلا إذا لم يُنزل، ويتوضأ من إفضائه ببعضه إليها. ولو أنزلت هي في هذه الحال اغتسلت وكذلك في كل حال أنزل فيها. فأيهما أنزل بحال اغتسل. ولو شك رجل أنزل أو لم ينزل، لم يجب عليه الغسل حتى يستيقن بالإنزال، والاحتياط أن يغتسل).
ومع احترامنا للإمام الشافعي نقول إنه كان يتحدث عن شيء يجهله. المرأة إذا اهتاجت قبل مباشرة الجنس تفرز غدد بارثولين الموجودة في شفايف المهبل موادا لزجة لتسهيل عملية الإيلاج، ويحدث هذا سواء أولج الرجل بها أو لم يولج. والمرأة عندما تصل ذروة متعتها لا تقذف كالرجل ولا ماء لها. والمرأة في العادة يفرز مهبلها كميات صغيرة من الإفرازات على مدي الأربع وعشرين ساعة، سواء باشرت الجنس أم لم تباشره. وقد تكرم الإمام الشافعي وأعفاها من الغسل في حال إدخال الذكر في فمها. ولكننا لا نفهم كيف يشك الرجل في أنه أنزل أم لا؟ لا اعتقد أن هناك رجلاً يشك في أنه أنزل أم لا.
ولم ينس المالكية والحنابلة أن يشددوا على الإيلاج في الميت وهل يجوز غسله مرة أخرى، فقالوا: ( يميلون إلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمُولِجِ فِي فَرْجِ الْمَيِّتِ لِعُمُومِ الأدِلَّةِ, وَلا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُغَيَّبِ فِيهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ, وَفِي الأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لِعَدَمِ التَّكْلِيفِ, وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتَةِ الْمَوْطُوءَةِ.وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ فِي وَطْءِ الْمَيِّتَةِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَى الْمَرْأَةِ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا: فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْمَرْأَةِ لَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ مَيِّتٍ فِي فَرْجِهَا مَا لَمْ تُنْزِلْ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا) (الموسوعة الفقهية الكويتية، نفس الباب).
وهل هناك مرض وحرمان جنسي أكثر من أن يضاجع الرجل امرآة ميتة، أو امرأةٌ رجلاً ميتاً؟ وبدل أن يختلف الفقهاء في وجوب غسل الميتة مرة أخرى، أما كان الأحرى بهم أن يسألوا كيف تم لهذا الرجل المحروم من الجنس الاختلاء بالمرأة الميتة بعد أن غسلوها، وفي العادة تغسلها النساء وتكفنها النساء، ليدخل ذكره في فرجها؟ وهل مثل هذا الرجل يكون عاقلاً؟ فالغسل لا يجب إلا على العاقل. وهل يتطوع مثل هذا الرجل ويخبر الناس أنه قد أدخل ذكره في الميتة، حتى يعيدوا غسلها، لأن المنطق يتطلب أن يكون مثل هذا الرجل في خلوة تامة مع الجنازة حتى يستطيع أن يفعل ما فعل. ونرى أن المالكية والحنفية كانوا أكرم من الشافعية والحنابلة على المرأة المحرومة من الجنس التي تُدخل ذكر الميت في فرجها فأعفوها من الغسل، وكان حرياً بهم أن يعوضوها عن هذا الحرمان الذي اضطرها لتفعل ما فعلت. وكان يجب أن يمنحوها جائزة نوبل لمقدرتها على إدخال ذكر ميت كصاحبه، في فرجها. ولماذا يعيدون غسل الميتة في مثل هذه الحالة وقد تنجست بعد موتها بأن أدخل الرجل ذكره في فرجها، فهل سوف يعاقبها الله إن لم يغسلوها، على عمل قام به شخص آخر وهي ميتة؟ وإلا فما الحكمة في إعادة غسلها؟
مرة أخرى يرجع الفقهاء إلى الأطفال فيقولون (َاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ. فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ - الْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ - فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ, فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُكَلَّفًا فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ فَقَطْ دُونَ الْآخَرِ. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: الْمُغَيِّبُ إنْ كَانَ بَالِغًا وَجَبَ الْغُسْلُ عَلَيْهِ, وَكَذَا عَلَى الْمُغَيَّبِ فِيهِ إنْ كَانَ بَالِغًا, وَإلا وَجَبَ عَلَى الْمُغَيِّبِ دُونَ الْمُغَيَّبِ فِيهِ. فَإِنْ كَانَ الْمُغَيِّبُ غَيْرَ بَالِغٍ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَلا عَلَى مَنْ غَيَّبَ فِيهِ, سَوَاءٌ كَانَ بَالِغًا أَمْ لا، مَا لَمْ يُنْزِلْ بِذَلِكَ الْمُغَيَّبُ فِيهِ, وَإلا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ للإنْزَالِ)
ومرة أخرى نسأل: هل الرجل المسلم الذي يغيب ذكره في صبي لم يبلغ بعد، يحق له أن يغتسل ثم يصلي لله، والصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ ونلاحظ هنا أن الفقهاء كانوا يعرفون، أو تخيلوا، أن الرجال المسلمين يمارسون الجنس مع الأطفال غير البالغين، لكننا لا نرى أحكاماً بحق هؤلاء الرجال. بل ذهب بعضهم إلى القول أن الرجل إذا قبّل صبياً أو امرأةً غريبة فلا حد ولا إثم عليه.
ولكي ننصف الفقهاء المسلمين لا بد أن نعترف أنهم قد اكتشفوا الكوندوم قبل الغربيين، فقالوا ( فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ الإيلاجِ بِحَائِلٍ، {قماش يحول بين الذكر والفرج} فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسل عَلَى مَنْ أَوْلَجَ حَشَفَته أَوْ قَدْرَهَا مَلْفُوفَةً بِخِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ تَمْنَعُ اللَّذَّةَ, فَإِنْ كَانَتْ الْخِرْقَةُ رَقِيقَةً بِحَيْثُ يَجِدُ مَعَهَا اللَّذَّةَ وَحَرَارَةَ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الصَّحِيحِ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي الْخِرْقَةِ الْكَثِيفَةِ ; لأنَّهُ يُسَمَّى مُولِجًا, وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: إذَا الْتَقَىالختانان, أَوْ مَسَّ الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ ) أما الحنابلة فكانوا أكثر كرماُ فذهبوا ( إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَوْلَجَ بِحَائِلٍ مُطْلَقًا, مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنُصُّوا عَلَى كَوْنِ الْحَائِلِ رَقِيقًا أَوْ كَثِيفًا). ولا بد أن نسأل هنا: لماذا يمارس الرجل الجنس إذا كان سوف يلف ذكره بخرقة قماش كثيفة تمنعه من أن يحس حرارة المهبل وتمنع عنه الإحساس باللذة؟ اللهم إلا إذا أراد أن يغتسل وأراد عذراً لذلك.
ولم يكن تعريف الفرج سهلاً بالنسبة للفقهاء فاختلفوا، كالعادة، في نوعية الفرج الذي يوجب الغسل ( فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ فِي مُطْلَقِ الْفَرْجِ, سَوَاءٌ كَانَ لإِنْسَانٍ أَوْ حَيَوَانٍ, قُبلٍ أَوْ دُبُرٍ, ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى, حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ. لَكِنَّ الْمَالِكِيَّةَ شَرَطُوا إطَاقَةَ ذِي الْفَرجِ سَوَاءٌ كَانَ آدَمِيًّا أَوْ غَيْرَهُ, فَإِنْ لَمْ يُطِقْ فلا غُسْلَ عَلَى ذِي الْحَشَفَةِ الْمُغَيِّبِ مَا لَمْ يُنْزِلْ. وَوَافَقَ الْحَنَفِيَّةُ الْجُمْهُورَ فِي ذَلِكَ, إلا أَنَّهُمْ استثنَوْا فَرْجَ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ, وَالصَّغِيرَةِ غَيْرَ الْمُشْتَهَاةِ, وَالْعَذْرَاءِ إنْ لَمْ يُزِلْ عُذْرَتَهَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إنْزَالٌ, وَذَلِكَ لِقُصُورِ الشَّهْوَةِ فِي الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةُ وَالصَّغِيرَةُ غَيْرُ الْمُشْتَهَاةِ الَّتِي أُقِيمَتْ مَقَامَ الإنْزَالِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ عِنْدَ الإيلاج)
ويظهر هنا أن الحنفية يقولون إذا لم تحتمل البنت الصغيرة أو الحيوان ذكر الرجل المولج، أو دخول حشفة البالغ في الفرج، فلا غسل على الرجل إلا إذا أنزل. منتهى التسامح مع رجل يدخل حشفته في الأطفال الذين لا يتحملون، والبهائم والجنائز.
وحتى لا ينسى الفقهاء إي شيء يمكن أن تفعله المرأة المحرومة من الجنس ، قالوا (اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ إيلاجِ ذَكَرِ غَيْرِالآدمي. فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ إيلاج ذَكَرِ غَيْرِ الآدميِ كَالْبَهِيمَةِ. وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا غُسْلَ مِنْ إيلاج ذَكَرِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ)
فالمرأة التي تأتي بخروف أو قردٍ إلى غرفة نومها وتداعبه حتى ينتصب وتدخل ذكره في فرجها يجب عليها الغسل إلا إن كانت حنفية المذهب. واختلاف العلماء لا ينتهي أبداً، فهم يختلفون في وجوب الغسل إذا جامع الجني امرأة أو جامع الرجل جنية، فقالوا (اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنْ وَطْءِ الْجِنِّ.فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّهُ لا يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ إتيانِ الْجِنِّ لِلْمَرْأَةِ, وإتيان الرَّجُلِ لِلْجِنِّيَّةِ, إذَا لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ. قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نقلاً عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ قَالَتْ: مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي مِرَارًا وَأَجِدُ مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لاغُسْلَ عَلَيْهَا لانعدام سَبَبِهِ, وَهُوَ الإيلاج أَوْالاحتلام. وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَا إذَا ظَهَرَ لَهَا فِي صُورَةِ الآدمي فَإِنَّهُ يَجِبُ الْغُسْلُ).
فإذا جامعت المرأة جني ولم تره لا تغتسل أما لو بدا لها في صورة رجل يجب أن تغتسل.
مسكينة المرأة المسلمة التي شرّعوا لها في كل احتمالات معاطاة الجنس وهي مسجونة ببيتها لا تبرحه إلا مع محرم ومغطاة بعباءة سوداء، ولا مجال لها في لقاء حبيب أو حتى حيوان. فالفقهاء قد اختزلوا عملية الجنس في حركات ميكانيكية تعتمد على قياس طول الجزء الذي يدخل فرج المرأة، وهل أنزل الرجل أو المرأة، حتى يجب عليهم الغسل أو عدمه. وأجزم قاطعاً أنه ليس هناك على وجه المعمورة دينٌ آخر أو قوانين مدنية تسهب في الحنس وأوصافة بقدر اسهاب الفقه الإسلامي الذي اغتال الحب وحرم الرجال والنساء من مباشرة أجمل متعة أتاحتها لهم الطبيعة.
.