نقوس المهدي
كاتب
يتشكل تخيل اللقاء الذي تم بين يوسف ع وأمراه العزيز واقعة أكاد أرى بوضوح اللقطة السينمائية مشهديتها في مستويات لا تنتهي من تفسير ما جرى على مستوى التعشق والشهوة والأيمان وانطلاق الغريزة الأنثوية خارج حدود العقل لتبدأ لدى الأنثى فضيحة أن يكون هذا الوسيم لها ، وهي بذلك تهدم السور الذي يفصلها عن الذي تريده في لحظة التشوق والتوق وانفجار الغريزة باتجاه من تظنه مطفئ للهفتها .
على مستوى القصد فالأمر يخضع لإتمام لحظة ممناة . لحظة لها تقديراتها في قوارير الاختبار . بمستوى النفس والفسلجة والفيزياء والكيمياء ويتعداه ليكون هذا الشعور وليد هاجس إلكتروني .
أن مثل تلك النوازع يقول أستاذ في كيمبرج : تقودنا لحدوث كل ما قد نتصوره اتجاه تلك الرغبات المنفلتة من أحدنا ولكننا لا نسيطر إلا بعد حدوثها .
أذن قد يصبح هذا فلتان الشعور وعدم قدرة السيطرة على المشاعر . والعلم يرى هذا نتاج تفاعلات ما في خلايا الدماغ تدفعنا إلى تصور المحرم والممنوع ممكنا .
مشاعر امرأة العزيز تقع في هذه الخانة . وكذلك رد فعل النبي الوسيم .وبينهما تقع نقطة الحديث عن شجن الكائن والتكوين في رغبات المرأة التي قد لا تقارن في هذه الخانة برغبات الرجل ولكن طعمها يفوق طعم الرغبة الذكورية ، فالفرق عميق بين رجل يتمنى امرأة ، وبين امرأة تتمنى رجل .
وودت أن أضع انمذجة الحديث هذا مشاهد من أدب الإنسانية وكان عليَّ أن أمر أو أعرج على الكثير من الذين تخيلوا فكرة أن تنمو مثل تلك المشاعر باتجاهات تحددها العلاقات والتعايش وشحنة الحب وتناقضات المجتمع .
في الأدب العربي هناك نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ولإسكندر رياشي كأمثلة من بين عشرات الكتاب وفي الأدب العالمي فأنا أميل لأربع البرتو مورافيا وفرانسوا ساغان ومارغريت دورا وغابريل ماركيز .
هؤلاء تحدثوا أو حكوا لنا ما كان سيحدث في شجن العلاقة العاصفة بين الذكر والأنثى كلٌ بطريقته الخاصة وبحدود مستويات وعي متفاوتة حضاريا وإبداعيا .
مورافيا كان يصنع حسا أباحيا في جعل مثل تلك المشاعر مفضوحة بالرغبة الحديثة لدى الأوربي .
ماركيز يعالجها بطريقة أسطرة الواقع وفنتزته ف، يما يعكس نجيب محفوظ الشعور الشرقي والبيئة ومحليتها على شحنة العلاقة داخل الفراش بين العشيق والمرأة المتزوجة ويظهر لنا ذات الانعكاس الذي ولد في خلايا امرأة العزيز الدماغية .
من يقرأ رواية العاشقة لمارغريت دورا يجد المشاعر الجديدة في رداء الحضاري المشتغل على هاجس الاستعمار وترى نقائض الثقافة المهزومة أمام سطوة الرغبة والإرادة . أن الأمر يخضع برمته لطبيعة المكان وحسيته .
يقول فرويد : الغرائز تتبع الأفعال والأفعال تتبع الغرائز . هذا يعني أننا في دوامة ونحن الذين نُشقَ من دبرٍ لندركَ ما علينا فعله حين نلتقي بحالة مثل تلك . غريزتنا منفجرة أو غريزة الآخر وبالتالي فأن الباطن الذي فينا يقول : ينبغي أن نستسلم لخدر هذه اللذة ففي القادمات من الزمن ربما تصبح واحدة من أجمل الذكريات .
يظهر على المرأة وهي تنفجر بأتجاه ما تريد تحقيقه الشعور بسطوةٍ مستلبة أتت الآن لتحقق نصرها .
كان يوسف في قدرته على بث شحنة المودة لأي أنثى تقع عليه أجفانها ، يمثل نمطاً من فتوة الجمال الحسي والجسدي ، غير أن لحظة البرق التي يمتلكها وسط عينيه تصنع لديه دماثة خلق وخجل عجيب . كانت روحه مشعة بالرؤيا لكل زمن آتٍ ومنها تحدث في نبؤته لمن سكن السجن معه . لهذا فأن حالة الفقدان لدى محضيات زوجة العزيز أتت من تلك القدرة الهائلة في بث إشعاع السحر في ملامح ونظرات الخجل والفتنة العميقة في عيون النبي لهذا كانت السكاكين تمضي في الجسد وهن لا يعلمن .
الجمال ينومنا مغناطيسيا أذن هو يسيطر علينا في العمق . تلك كلمات كروتشه تنطبق تماما لحظة وقوف النبي يوسف أمام امرأة العزيز وهي تضرب بكل مناصب العز والجاه اتجاه رغبة المودة والفراش مع سجين .
يأخذنا هكذا هاجس إلى قوة الضد أو ما يطلق عليه أرادة الصد ضد هوس الإرغام على فعل عمل لا نوده .
ولنتخيل فتنة امرأة العزيز بسحرية الجمال الفرعوني والطاقة الهائلة التي يكتنزها رع اتجاه ما تحسه الذات الكبيرة للآلهة الفرعون سنحصل على ملامح بمستوى ملامح الجمال الحديث إذ يمتاز الجسد الفرعوني الذي نشاهده في رسومات الجدران على المعابد أو والمنحوتات بالنحافة وانسياب الجسد ، لتبدو إناث مصر وهن يرتدين الثوب ذو الأكتاف العارية مثل عارضات أزياء لوران يتقابل معهن الطول المناسب .
كانت امرأة العزيز واحدة من ماسكات هذا البريق ولأن الجمال العبراني التقى بفتنة الجمال الفرعوني حدث ما حدث ، فكان أن راودته على نفسها وارتمت عليه مثلما ترتمي الثمرة على الأرض لحظة سقوطها أول مرة من أعلى الشجرة .
رد الفعل مجدتهُ الحكاية القرآنية لأن يوسف كان حكيما وعاقلا ومتجنبا للسقوط في آنية الغريزة حيث يشعل الوصف القرآني روح المشهد بطقسية بليغة فيها من رؤى تخيل المشهد بأكثر من مشهد وعدسه وهو الوصف الكامل لما آلت وبدت عليه الأمور من لحظة نمو الشهوة الغريزة عند المرأة العزيز ومحظياتها وحتى سقوطهن في جزع الاعتراف بقدرة يوسف على عدم الرضوخ لجموح الأنوثة الكافرة في إرغام النبي على السقوط في إناء العسل الفائر لمرأة تريد وقديس يمتنع لتأت صورة التوبة التي ظلت تلازم المرأة منذ الأزل حين تشعر إنها مذنبة ونادمة اتجاه ما أرادت لها فورة الأنوثة أن تكون :
هذا النص يوسع دائرة تخيل المشهد ويرينا ما قد يصيب الكائن الرقيق من تفاعلات الندم إزاء المحظور في حضرة المذكور بأنه صاحب قيامة الشهيق حين يولد في رئة من تريد وصل وقبل وشيئا من أمل بالتكامل .
غير أن العودة إلى الوقيعة الآدمية وفعلها منذ لحظة الندم الذي لم ينفع لأن الهبوط كان قضاءً مقضيا ومن ثم الزحف على بساط الزمن إلى الأمام حيث توسع النشوء البشري يعطينا في شمول التصور أن الغرائز تكاد تخلق بالتساوي بين الأنثى الذكر في الكم والمساحة داخل خلايا المشاعر الدماغية ويكاد استخدامها من قبل الرجل يكون أكثر عنفا في التطبيق غير أن الهاجس الأنثوي يظل قائما على تخيل الفتنة الجنسية من وقيعة رغبة الانفعال الأنيق فيما الرجل في مثل هذا الانفعال يميل إلى الصورة الوحشية خاصة لحظة الصد والممانعة .
مرات حين أقرا أدبا نسويا أقع في دائرة الخيال والتصور من أن المرأة تكتب لتنتصر على الذات المقابلة وليس في مقابل الضفة الأخرى للمرأة سوى الرجل . فحين كنا نقرا لغادة السمان في مراهقة سبعينات القرن الماضي كنا نستحضر جسدا ونسبح فيه . كانت غادة السمان ترسل في نثرها وقصصها مشفرات المودة الممنوعة .
بيروت الحرب والشقق والبحر والكوابيس والجنس . كانت بيروت بكل فوران المتاريس تمثل امرأة علينا أن نتخيلها في قصص السمان عارية وتستحم في بحر وعلى هذا المنوال صاغت الذاكرة انفعالات الكتابة الأولى للكثير في عصر كانت السياسة فيه قائمة على لعبة القط والفأر بين السوفيت والأمريكان . وكان حظ الروح الأنثوية أن تخرج ضمن نطاق الحرية المعلنة للمتغيرات الهائلة داخل المجتمع الشرقي نتاج الثورات التي اقتربت من العلمانية كثيرا ونتاج الفلسفات الحديثة كالوجودية مثلا والماركسية وبعض المشفرات الجمالية في الفن كالسريالية والترجمات الحديثة للأدب العالمي المنقول إلى اللغة العربية .
ومع غادة وربما قبلها أطلت الكاتبة نوال السعداوي بتصور منفرد عن الأنوثة وأحدثت أفكارها صدى لمرجعية لم يكن تقبلها الاجتماعي سهلا من كلا الطرفين الذكور والإناث ربما لأن السعداوي لا تخشى من الاقتراب إلى المقدس ولو طلب أليها في تقديري أن تفسر سر جموح امرأة العزيز لقالت : ( هذه المرأة وهذا تصورها لحظة شعورها بإتمام الرغبة لأن الحاصل هو نتاج تراكمات سلب وطغيان ومصادرة حتى في الحقوق الواجب منحها إلى المرأة في مساحة السرير ).
أدب وثقافة السعداوي ينظر إلى روح الشرق وما يمارسه من تعسف اتجاه كائن رقيق وانفعالي كالمرأة . لقد كانت السعداوي في فلسفتها وأطروحاتها تتحدث عن المصادرة والرغبة ليكون عنفوان الرجل موازيا لعنفوان المرأة في بنود الدستور الذي ينظم وضعهما في المجتمع الشرقي ، لكن التفاوت ظل قائما ورغبة الرجل في أشعار المرأة بجبروته وقوته على سلب حقها قائما رغم حاجته الدائمة لها وتقديسه لدورها في أدبياته كقول حافظ إبراهيم :
الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت جيلا طيب الأعراق ..
صورة غادة السمان ونوال السعداوي للمرأة تقود تخيلي للأمر من وجهة نظر مسالمة وهي صنيعة قراءاتي الأولى لتلك الأديبتين . لقد صنع هكذا أدب متخيل من قبل النساء روح لغريزة البحث عن مشاعر التصور الأول الذي أوقع مأساة ابتعادنا عن الجنة وكانت السيدة المقدسة حواء أحد أهم أسبابه . لكن المرأة في دفاعها عن هاجس أم خليقة البشر : أن الأمر مسير بالهاجس الإلهي والإرادة الربانية .وهو ما نعتقدُ من وجهة النظر الدينية حقيقيا وصائبا .
كانت حواء في متخيل القراءة للمرويات السماوية كتلة هائلة من التجربة . فالذي حدث وكان من صنعها ليس أمراً عاديا فقد كلفنا أن نعيش بقارات متعددة وأجناس مختلفة ، سود وبيض وهندو ـ أوربيين وجنس منغولي أصفر ، ولكنها بالرغم من كل هذا اعتدت بملكوت جنسها وتصرفت كامرأة تخلق من جديد ، وان ولادتها الحقيقية كانت على الأرض التي نزلت إليها اختبارا ومازلنا حد هذه اللحظة نعيش في دورق الاختبار هذا أجيالا وحضارات وليس هناك فكرة مقارنة بين مشاعر الأم حواء والأخرى التي قالت في أخر مجادلة الشهوة مع النبي العبراني يوسف (( فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فإسالة ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن أن ربي بكيدهن عليم . قال ما خطبكن إذا راودتن يوسف عن نفسه فلن حاشى ما علمنا عليه من سوء ـ 51 من سورة يوسف )) .
نرى في حواء غير ما نرى في غيرها ، وعلينا أن نعدَ الأمر في صورة التشبيه بقطبي الأيمان الأول وما جرى بعدها خضع للمتغير الحسي الذي أنعكس على الخلق البشري وتصرفه وهذا نتاج التباين الغريزي الذي أوجده الله فينا لحظة خلقه الكائن البشري .
كانت حواء في تصور مما تلته مرويات الكتب تمثل روح الحكمة المأخوذة من قسوة الدرس لهذا كان المحظور في تصرف الفعل الفائر بعيدا عنها وكانت تنظر إلى الأمور بعقلها ورغم هذا لم تكن في واجهة حدث الخليقة فالحديث في هذا الأمر كان دائما لآدم وعن آدم وكانت حواء تركن في الظل عدا ما نتحسسه من حرارة دموع عينها يوم رأت الأخ يشج رأس أخيه ويقضي عليه . ولكنه يرى أن حواء ع كانت مؤسسة لهاجس الغواية حين خضعت لأطروحة إبليس وألاعيبه في دفعها لتناول ثمرة الشجرة التي حرما عليهما تناول ثمرها يوم خلقهما الله في الجنان الفسيحة وقال لهم كلوا من كل شئ إلا من هذه الشجرة . فكان أن حصلا على العقاب الإلهي جراء الخضوع لمثل هذه الغواية :
( وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقرب هذه الشجرة فتكونا من الظالمين .فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتع إلى حين .......سورة البقرة )..
تشكل نقطة الهبوط في عالم حواء المتغير الأول حتى في شكل الأحاسيس . ولأننا لا تملك سوى المتخيل والمفسر مما تلته التوراة وانزل بوحي القرآن فأننا نقترب من المتخيل فقط فنتصور الضد بين تصرف حواء وحواء . فحواء الأولى وأن ندرت المادة التاريخية والكتابية عن سيرتها إلا أن ما نحصل عليه يرينا شكل المرأة التي عليها أن تكافح لتصنع البيت البشري الأول والدليل أن ما وصلنا أليه كان بفضل حواء الأولى .
وعلى مر الأزمنة والتواريخ بقيت حواء تمثل روح المتغير وأحد أهم أسبابه لكن التطور والمتبدلات أخضعت الحياة لتلك الغريزة وشفافية مزاجها ليأت التأويل لكل أفعال هذا الكائن وفق تنشيط ذاكرة الذكر وإشباع جنوحه الغريزي لامتلاك كل ما تملكه الأنثى على مستوى الجسد والروح اللذان يشكلان مكمن العاطفة التي تشبع في ذكورة تفكيرها بالحصول على المراد ومن ثم اكتساب الراحة والاستقرار.
ظل أناء العسل هذا سيدٌ في مائدة رغبات الرجل ، وظلت رغبة الممانعة والطاعة يشكلان انفعال ردِ فعل الذكورة اتجاه هكذا أفعال ومع كل حضارة وعصر يبقى شكل المودة والرغبة خاضع لمؤثر النفس وانعكاسات البيئة والثقافة والمجتمع .
وعليه فأن ما تقدم باتجاهه امرأة العزيز يمثل جزء من طبيعة توارثتها فسلجة المرأة في زمن أباح لهذا التصور أن يولد ويتفاعل ويبقى أناء العسل ينضح برغبة أن يكون طريقا للسان التذوق واللعق ولكن بصفات وأمثلة وتصرفات متفاوتة.
.
على مستوى القصد فالأمر يخضع لإتمام لحظة ممناة . لحظة لها تقديراتها في قوارير الاختبار . بمستوى النفس والفسلجة والفيزياء والكيمياء ويتعداه ليكون هذا الشعور وليد هاجس إلكتروني .
أن مثل تلك النوازع يقول أستاذ في كيمبرج : تقودنا لحدوث كل ما قد نتصوره اتجاه تلك الرغبات المنفلتة من أحدنا ولكننا لا نسيطر إلا بعد حدوثها .
أذن قد يصبح هذا فلتان الشعور وعدم قدرة السيطرة على المشاعر . والعلم يرى هذا نتاج تفاعلات ما في خلايا الدماغ تدفعنا إلى تصور المحرم والممنوع ممكنا .
مشاعر امرأة العزيز تقع في هذه الخانة . وكذلك رد فعل النبي الوسيم .وبينهما تقع نقطة الحديث عن شجن الكائن والتكوين في رغبات المرأة التي قد لا تقارن في هذه الخانة برغبات الرجل ولكن طعمها يفوق طعم الرغبة الذكورية ، فالفرق عميق بين رجل يتمنى امرأة ، وبين امرأة تتمنى رجل .
وودت أن أضع انمذجة الحديث هذا مشاهد من أدب الإنسانية وكان عليَّ أن أمر أو أعرج على الكثير من الذين تخيلوا فكرة أن تنمو مثل تلك المشاعر باتجاهات تحددها العلاقات والتعايش وشحنة الحب وتناقضات المجتمع .
في الأدب العربي هناك نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ولإسكندر رياشي كأمثلة من بين عشرات الكتاب وفي الأدب العالمي فأنا أميل لأربع البرتو مورافيا وفرانسوا ساغان ومارغريت دورا وغابريل ماركيز .
هؤلاء تحدثوا أو حكوا لنا ما كان سيحدث في شجن العلاقة العاصفة بين الذكر والأنثى كلٌ بطريقته الخاصة وبحدود مستويات وعي متفاوتة حضاريا وإبداعيا .
مورافيا كان يصنع حسا أباحيا في جعل مثل تلك المشاعر مفضوحة بالرغبة الحديثة لدى الأوربي .
ماركيز يعالجها بطريقة أسطرة الواقع وفنتزته ف، يما يعكس نجيب محفوظ الشعور الشرقي والبيئة ومحليتها على شحنة العلاقة داخل الفراش بين العشيق والمرأة المتزوجة ويظهر لنا ذات الانعكاس الذي ولد في خلايا امرأة العزيز الدماغية .
من يقرأ رواية العاشقة لمارغريت دورا يجد المشاعر الجديدة في رداء الحضاري المشتغل على هاجس الاستعمار وترى نقائض الثقافة المهزومة أمام سطوة الرغبة والإرادة . أن الأمر يخضع برمته لطبيعة المكان وحسيته .
يقول فرويد : الغرائز تتبع الأفعال والأفعال تتبع الغرائز . هذا يعني أننا في دوامة ونحن الذين نُشقَ من دبرٍ لندركَ ما علينا فعله حين نلتقي بحالة مثل تلك . غريزتنا منفجرة أو غريزة الآخر وبالتالي فأن الباطن الذي فينا يقول : ينبغي أن نستسلم لخدر هذه اللذة ففي القادمات من الزمن ربما تصبح واحدة من أجمل الذكريات .
يظهر على المرأة وهي تنفجر بأتجاه ما تريد تحقيقه الشعور بسطوةٍ مستلبة أتت الآن لتحقق نصرها .
كان يوسف في قدرته على بث شحنة المودة لأي أنثى تقع عليه أجفانها ، يمثل نمطاً من فتوة الجمال الحسي والجسدي ، غير أن لحظة البرق التي يمتلكها وسط عينيه تصنع لديه دماثة خلق وخجل عجيب . كانت روحه مشعة بالرؤيا لكل زمن آتٍ ومنها تحدث في نبؤته لمن سكن السجن معه . لهذا فأن حالة الفقدان لدى محضيات زوجة العزيز أتت من تلك القدرة الهائلة في بث إشعاع السحر في ملامح ونظرات الخجل والفتنة العميقة في عيون النبي لهذا كانت السكاكين تمضي في الجسد وهن لا يعلمن .
الجمال ينومنا مغناطيسيا أذن هو يسيطر علينا في العمق . تلك كلمات كروتشه تنطبق تماما لحظة وقوف النبي يوسف أمام امرأة العزيز وهي تضرب بكل مناصب العز والجاه اتجاه رغبة المودة والفراش مع سجين .
يأخذنا هكذا هاجس إلى قوة الضد أو ما يطلق عليه أرادة الصد ضد هوس الإرغام على فعل عمل لا نوده .
ولنتخيل فتنة امرأة العزيز بسحرية الجمال الفرعوني والطاقة الهائلة التي يكتنزها رع اتجاه ما تحسه الذات الكبيرة للآلهة الفرعون سنحصل على ملامح بمستوى ملامح الجمال الحديث إذ يمتاز الجسد الفرعوني الذي نشاهده في رسومات الجدران على المعابد أو والمنحوتات بالنحافة وانسياب الجسد ، لتبدو إناث مصر وهن يرتدين الثوب ذو الأكتاف العارية مثل عارضات أزياء لوران يتقابل معهن الطول المناسب .
كانت امرأة العزيز واحدة من ماسكات هذا البريق ولأن الجمال العبراني التقى بفتنة الجمال الفرعوني حدث ما حدث ، فكان أن راودته على نفسها وارتمت عليه مثلما ترتمي الثمرة على الأرض لحظة سقوطها أول مرة من أعلى الشجرة .
رد الفعل مجدتهُ الحكاية القرآنية لأن يوسف كان حكيما وعاقلا ومتجنبا للسقوط في آنية الغريزة حيث يشعل الوصف القرآني روح المشهد بطقسية بليغة فيها من رؤى تخيل المشهد بأكثر من مشهد وعدسه وهو الوصف الكامل لما آلت وبدت عليه الأمور من لحظة نمو الشهوة الغريزة عند المرأة العزيز ومحظياتها وحتى سقوطهن في جزع الاعتراف بقدرة يوسف على عدم الرضوخ لجموح الأنوثة الكافرة في إرغام النبي على السقوط في إناء العسل الفائر لمرأة تريد وقديس يمتنع لتأت صورة التوبة التي ظلت تلازم المرأة منذ الأزل حين تشعر إنها مذنبة ونادمة اتجاه ما أرادت لها فورة الأنوثة أن تكون :
هذا النص يوسع دائرة تخيل المشهد ويرينا ما قد يصيب الكائن الرقيق من تفاعلات الندم إزاء المحظور في حضرة المذكور بأنه صاحب قيامة الشهيق حين يولد في رئة من تريد وصل وقبل وشيئا من أمل بالتكامل .
غير أن العودة إلى الوقيعة الآدمية وفعلها منذ لحظة الندم الذي لم ينفع لأن الهبوط كان قضاءً مقضيا ومن ثم الزحف على بساط الزمن إلى الأمام حيث توسع النشوء البشري يعطينا في شمول التصور أن الغرائز تكاد تخلق بالتساوي بين الأنثى الذكر في الكم والمساحة داخل خلايا المشاعر الدماغية ويكاد استخدامها من قبل الرجل يكون أكثر عنفا في التطبيق غير أن الهاجس الأنثوي يظل قائما على تخيل الفتنة الجنسية من وقيعة رغبة الانفعال الأنيق فيما الرجل في مثل هذا الانفعال يميل إلى الصورة الوحشية خاصة لحظة الصد والممانعة .
مرات حين أقرا أدبا نسويا أقع في دائرة الخيال والتصور من أن المرأة تكتب لتنتصر على الذات المقابلة وليس في مقابل الضفة الأخرى للمرأة سوى الرجل . فحين كنا نقرا لغادة السمان في مراهقة سبعينات القرن الماضي كنا نستحضر جسدا ونسبح فيه . كانت غادة السمان ترسل في نثرها وقصصها مشفرات المودة الممنوعة .
بيروت الحرب والشقق والبحر والكوابيس والجنس . كانت بيروت بكل فوران المتاريس تمثل امرأة علينا أن نتخيلها في قصص السمان عارية وتستحم في بحر وعلى هذا المنوال صاغت الذاكرة انفعالات الكتابة الأولى للكثير في عصر كانت السياسة فيه قائمة على لعبة القط والفأر بين السوفيت والأمريكان . وكان حظ الروح الأنثوية أن تخرج ضمن نطاق الحرية المعلنة للمتغيرات الهائلة داخل المجتمع الشرقي نتاج الثورات التي اقتربت من العلمانية كثيرا ونتاج الفلسفات الحديثة كالوجودية مثلا والماركسية وبعض المشفرات الجمالية في الفن كالسريالية والترجمات الحديثة للأدب العالمي المنقول إلى اللغة العربية .
ومع غادة وربما قبلها أطلت الكاتبة نوال السعداوي بتصور منفرد عن الأنوثة وأحدثت أفكارها صدى لمرجعية لم يكن تقبلها الاجتماعي سهلا من كلا الطرفين الذكور والإناث ربما لأن السعداوي لا تخشى من الاقتراب إلى المقدس ولو طلب أليها في تقديري أن تفسر سر جموح امرأة العزيز لقالت : ( هذه المرأة وهذا تصورها لحظة شعورها بإتمام الرغبة لأن الحاصل هو نتاج تراكمات سلب وطغيان ومصادرة حتى في الحقوق الواجب منحها إلى المرأة في مساحة السرير ).
أدب وثقافة السعداوي ينظر إلى روح الشرق وما يمارسه من تعسف اتجاه كائن رقيق وانفعالي كالمرأة . لقد كانت السعداوي في فلسفتها وأطروحاتها تتحدث عن المصادرة والرغبة ليكون عنفوان الرجل موازيا لعنفوان المرأة في بنود الدستور الذي ينظم وضعهما في المجتمع الشرقي ، لكن التفاوت ظل قائما ورغبة الرجل في أشعار المرأة بجبروته وقوته على سلب حقها قائما رغم حاجته الدائمة لها وتقديسه لدورها في أدبياته كقول حافظ إبراهيم :
الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت جيلا طيب الأعراق ..
صورة غادة السمان ونوال السعداوي للمرأة تقود تخيلي للأمر من وجهة نظر مسالمة وهي صنيعة قراءاتي الأولى لتلك الأديبتين . لقد صنع هكذا أدب متخيل من قبل النساء روح لغريزة البحث عن مشاعر التصور الأول الذي أوقع مأساة ابتعادنا عن الجنة وكانت السيدة المقدسة حواء أحد أهم أسبابه . لكن المرأة في دفاعها عن هاجس أم خليقة البشر : أن الأمر مسير بالهاجس الإلهي والإرادة الربانية .وهو ما نعتقدُ من وجهة النظر الدينية حقيقيا وصائبا .
كانت حواء في متخيل القراءة للمرويات السماوية كتلة هائلة من التجربة . فالذي حدث وكان من صنعها ليس أمراً عاديا فقد كلفنا أن نعيش بقارات متعددة وأجناس مختلفة ، سود وبيض وهندو ـ أوربيين وجنس منغولي أصفر ، ولكنها بالرغم من كل هذا اعتدت بملكوت جنسها وتصرفت كامرأة تخلق من جديد ، وان ولادتها الحقيقية كانت على الأرض التي نزلت إليها اختبارا ومازلنا حد هذه اللحظة نعيش في دورق الاختبار هذا أجيالا وحضارات وليس هناك فكرة مقارنة بين مشاعر الأم حواء والأخرى التي قالت في أخر مجادلة الشهوة مع النبي العبراني يوسف (( فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فإسالة ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن أن ربي بكيدهن عليم . قال ما خطبكن إذا راودتن يوسف عن نفسه فلن حاشى ما علمنا عليه من سوء ـ 51 من سورة يوسف )) .
نرى في حواء غير ما نرى في غيرها ، وعلينا أن نعدَ الأمر في صورة التشبيه بقطبي الأيمان الأول وما جرى بعدها خضع للمتغير الحسي الذي أنعكس على الخلق البشري وتصرفه وهذا نتاج التباين الغريزي الذي أوجده الله فينا لحظة خلقه الكائن البشري .
كانت حواء في تصور مما تلته مرويات الكتب تمثل روح الحكمة المأخوذة من قسوة الدرس لهذا كان المحظور في تصرف الفعل الفائر بعيدا عنها وكانت تنظر إلى الأمور بعقلها ورغم هذا لم تكن في واجهة حدث الخليقة فالحديث في هذا الأمر كان دائما لآدم وعن آدم وكانت حواء تركن في الظل عدا ما نتحسسه من حرارة دموع عينها يوم رأت الأخ يشج رأس أخيه ويقضي عليه . ولكنه يرى أن حواء ع كانت مؤسسة لهاجس الغواية حين خضعت لأطروحة إبليس وألاعيبه في دفعها لتناول ثمرة الشجرة التي حرما عليهما تناول ثمرها يوم خلقهما الله في الجنان الفسيحة وقال لهم كلوا من كل شئ إلا من هذه الشجرة . فكان أن حصلا على العقاب الإلهي جراء الخضوع لمثل هذه الغواية :
( وقلنا يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقرب هذه الشجرة فتكونا من الظالمين .فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتع إلى حين .......سورة البقرة )..
تشكل نقطة الهبوط في عالم حواء المتغير الأول حتى في شكل الأحاسيس . ولأننا لا تملك سوى المتخيل والمفسر مما تلته التوراة وانزل بوحي القرآن فأننا نقترب من المتخيل فقط فنتصور الضد بين تصرف حواء وحواء . فحواء الأولى وأن ندرت المادة التاريخية والكتابية عن سيرتها إلا أن ما نحصل عليه يرينا شكل المرأة التي عليها أن تكافح لتصنع البيت البشري الأول والدليل أن ما وصلنا أليه كان بفضل حواء الأولى .
وعلى مر الأزمنة والتواريخ بقيت حواء تمثل روح المتغير وأحد أهم أسبابه لكن التطور والمتبدلات أخضعت الحياة لتلك الغريزة وشفافية مزاجها ليأت التأويل لكل أفعال هذا الكائن وفق تنشيط ذاكرة الذكر وإشباع جنوحه الغريزي لامتلاك كل ما تملكه الأنثى على مستوى الجسد والروح اللذان يشكلان مكمن العاطفة التي تشبع في ذكورة تفكيرها بالحصول على المراد ومن ثم اكتساب الراحة والاستقرار.
ظل أناء العسل هذا سيدٌ في مائدة رغبات الرجل ، وظلت رغبة الممانعة والطاعة يشكلان انفعال ردِ فعل الذكورة اتجاه هكذا أفعال ومع كل حضارة وعصر يبقى شكل المودة والرغبة خاضع لمؤثر النفس وانعكاسات البيئة والثقافة والمجتمع .
وعليه فأن ما تقدم باتجاهه امرأة العزيز يمثل جزء من طبيعة توارثتها فسلجة المرأة في زمن أباح لهذا التصور أن يولد ويتفاعل ويبقى أناء العسل ينضح برغبة أن يكون طريقا للسان التذوق واللعق ولكن بصفات وأمثلة وتصرفات متفاوتة.
.
صورة مفقودة