نقوس المهدي
كاتب
(1)
مقدمة
لا نعلم فقيها مسلما كتب في الثقافة الجنسية، وسبر اغوارها، بقدر علمنا بما كتب (السيوطي)، اذ الف خمسة كتب بذلك، لم يترك شاردة ولا واردة من الامور الجنسية ، لا وذكرها وشرحها وحل لغزها ، واعطى نماذج صارحة حية فيها ، وهي:
ـ نواضر الأيك فى معرفة النيك .
ـ رشف الزلال من السحر الحلال.
ـ الوشاح فى فوائد النكاح.
ـ شقائق الأترج فى رقائق الغنج.
- الارج في الفرج .
ويحق لنا أن نتساءل: لماذا وتلع هذا الفقيه بهذه المواضيع التي قد يعتبرها ارض خصبة بالنسبة اليه، وربما الى عصره، وثقافة عصره؟ .
وثمة مقولة قانونية تقول: (أن المجرم يدور حول الضحية) . وربما نعذر السيوطي، كون عصره الذي عاشه، هو مختلف جدا عن عصرنا اليوم، فقد شدد اليوم المسلمون والمتأسلمون على مثل كذا مواضيع، وحظروا الخوض فيها، واعتبروا أن الذي يخوض فيها: اما ملحدا، يلحد في آيات الله، واما انه يريد أن يشكك في الاسلام، او أنه يريد شق عصا المسلمين، وغيرها من الامور التي نسمعها، هنا وهناك، من الخطباء وغيرهم.
كتب اخرى للسيوطي بهذا الشأن:
وهذه قائمة بكتب اخرى للسيوطي لها صلحة مباشرة، بما نحن بصدده، منها: مفقودة واخرى مخطوطة، لم تطبع بعد، لكننا لا نشك في عدم صحتها له.
1- اليواقيت الثمينة، في صفات السمينة، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص42.
2- نزهة العمر، في التفضيل بين البيض والسود والسمر، مخطوط، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
3- نزهة الجلساء، في أشعار النساء، مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
4- المستظرف في أخبار الجواري، مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
5- الدراري، في اتخاذ السراري، مخطوط، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
6- الوشاح، في فوائد النكاح، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص42.
7- الإفصاح، في أسماء النكاح، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
8- ضوء المصباح، في لغات النكاح، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
9- المستظرفة، في أحكام دخول الحشفة، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص36.
10- الزهر الباسم، فيما يزوج فيه الحاكم، منظومة له، وشرحها مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص37.
11- فتح المغالق، في "أنت تالق"، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها، مطبوع ضمن الحاوي للفتاوي.
12- جزء فيمن وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة رضي الله عنهم، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص35.
13- النقول المشرقة، في مسألة النفقة، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص38.
14- جزء في رؤية النساء للباري تعالى يسمى: إسبال الكسا على النسا، مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
15- مختصره يسمَّى: رفع الأسى عن النسا، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
16- تحفة الجلساء، برؤية الله للنساء، مطبوع ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
17- اللقط الجوهري، في رد خباط الجوجري، في مسألة رؤية الله للنساء أيضًا، مخطوط، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
18- الروض الأريض، في طهر المحيض، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص36.
وقبل الخوض في البحث نود أن نعطي تعريفا بسيطا بالسوطي، وعصره، حتى نستطيع أن نلم باطراف البحث، ولا نترك جانبا من ذلك. اذ أن دراسة عصر اي عالم او فقيه او غيره، تعتبر جزء مهم من البحث، يهدف الى الوصول الى الحقيقة.
هو: الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي المناقب أبي بكر بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر الدين عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي[1].
مولده:
وُلِد السيوطي في القاهرة[2] بعد المغرب ليلة يوم الأحد غرة شهر رجب سنة 849هـ/ أكتوبر 1445م[3]، وعاش بها القاهرة[4].
طفولته وتربيته:
كان جلال الدين السيوطي سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه. وقد تُوفِّي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وهو دون الثامنة[5]. ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل: العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك؛ فاتسعت مداركه، وزادت معارفه. وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم (الكمال ابن الهمام الحنفي) أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا، خاصةً في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة[6].
ولو نظرنا في الطفولة المبكرة للسيوطي فإننا نرى مدى الحرص الشديد على تلقي العلم منذ الأيام الأولى، فقد كان هناك وعي كبير بأهمية العلم وقيمته في عملية التربية؛ يوجَّه الولد نحو حفظ القرآن الكريم، وحفظ المتون الدينية، كما نرى مدى حرص الآباء على أن يدفعوا أولادهم نحو العلوم.
وقد عاش الإمام السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها، وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء، فابتدأ في طلب العلم سنة (864هـ/ 1459م) ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمضِ عامان حتى أجيز بتدريس العربية، وألَّف في تلك السنة أول كتبه وهو في سن السابعة عشرة، فألف (شرح الاستعاذة والبسملة)، فأثنى عليه شيخه علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظًا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولدَه[7].
ملامح شخصيته:
كان جلال الدين السيوطي واسع العلم غزير المعرفة؛ قال عن نفسه: " قد رُزقتُ -ولله الحمد- التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع"[8]. ضف إلى أصول الفقه والجدل والتصريف، والإِنشاء والترسُّل والفرائض والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق[9].
وعاصر الإمام السيوطي 13 سلطانًا مملوكيًّا[10]، وكانت علاقته بهم متحفظة، وطابعها العام المقاطعة، وإن كان ثمة لقاء بينه وبينهم؛ فقد وضع نفسه في مكانته التي يستحقها، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا قاطعهم وتجاهلهم. وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الأموال النَّفيسة فيردها، وأهدى إليه الغوري خَصِيًّا وألف دينار، فردَّ الألف وأخذ الخصيَّ، فأعتقه وجعله خادمًا في الحجرة النبوية، وقال لقاصد السلطان: لا تعُدْ تأتينا بهدية قطُّ؛ فإن الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك. وطلبه السلطان مرارًا فلم يحضر إليه[11]، وألَّف في ذلك كتابًا أسماه (ما وراء الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين)[12].
شيوخه الذين تتلمذ على ايديهم:
كان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفِّي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه (محيي الدين الكافيجي) الذي لازمه السيوطي أربعة عشر عامًا كاملة، وأخذ منه أغلب علمه في التفسير والأصول والعربية والمعاني، وأطلق عليه لقب (أستاذ الوجود). ومن شيوخه (شرف الدين المُنَاويّ) وأخذ عنه القرآن والفقه، و(تقي الدين الشبلي) وأخذ عنه الحديث أربع سنين، وأخذ العلم أيضًا عن شيخ الحنفية (الأقصرائي) و(العز الحنبلي)، و(المرزباني) و(جلال الدين المحلي) و(تقي الدين الشمني) و(علم الدين البلقيني)، وغيرهم[13].
ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، منهن (آسية بنت جار الله بن صالح الطبري)، و(كمالية بنت عبد الله بن محمد الأصفهاني)، و(أم هانئ بنت الحافظ تقي الدين محمد بن محمد بن فهد المكي)، و(خديجة بنت فرج الزيلعي)، وغيرهن كثير[14].
وفاته:
و توفي ليلة الجمعة 19 جمادى الأولى سنة 911هـ ـ 18 أكتوبر 1505م، بالقاهرة عن عمر يناهز الثانية والستون.
الهوامش:
[1] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص5.
[2] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص16. العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29.
[3] العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29. إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص29.
[4] السيوطي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[5] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص63. العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29. إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص32، 33.
[6] العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29.
[7] السيوطي: طبقات المفسرين 1/1.
[8] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص203.
[9] السابق نفسه ص203، 204.
[10] إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص15.
[11] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في خبر من ذهب 10/ 76.
[12] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[13] السيوطي: طبقات المفسرين 1/ 1.
[14] إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص65- 68.
وبعد أن سلطنا الضوء على سيرة هذا الفقيه، وتعرفنا عليه عن كثب، وعرفنا شيوخه، وعصره، وعرفنا غزارة علمه؛ نود أن نغور في نفسيته واعماق ذاته، سيما وأنه ايضا قد تتلمذ على يد نساء(فقيهات)، ربما قد اقتبس منهن امور اخرى، فألانسان، من ناحية سايكولوجية، يتأثر بالانسان- الاستاذ الذي يعلمه، ولا يفوته منه كل شاردة وواردة.
فيا ترى، هل أن تلك الدروس التي تلقاها من تلك النسوة، كانت تخص الفقه والحديث، وعلوم اخرى، ام ايضا كانت تتعلق بامور الجنس، والتي تولع بها السيوطي، حتى الف هذا الكتب؟ّ! .
السيوطي، في كتبه، لا يتحرج عن ذكر الاعضاء الجنسية، ويسمي الامور بمسمياتها، حتى وهو يتكلم عن الاوضاع الجنسية، التي تحدث بين الزوج وزوجتهن على ما سنشير الى ذلك في هذا البحث.
مقدمة
لا نعلم فقيها مسلما كتب في الثقافة الجنسية، وسبر اغوارها، بقدر علمنا بما كتب (السيوطي)، اذ الف خمسة كتب بذلك، لم يترك شاردة ولا واردة من الامور الجنسية ، لا وذكرها وشرحها وحل لغزها ، واعطى نماذج صارحة حية فيها ، وهي:
ـ نواضر الأيك فى معرفة النيك .
ـ رشف الزلال من السحر الحلال.
ـ الوشاح فى فوائد النكاح.
ـ شقائق الأترج فى رقائق الغنج.
- الارج في الفرج .
ويحق لنا أن نتساءل: لماذا وتلع هذا الفقيه بهذه المواضيع التي قد يعتبرها ارض خصبة بالنسبة اليه، وربما الى عصره، وثقافة عصره؟ .
وثمة مقولة قانونية تقول: (أن المجرم يدور حول الضحية) . وربما نعذر السيوطي، كون عصره الذي عاشه، هو مختلف جدا عن عصرنا اليوم، فقد شدد اليوم المسلمون والمتأسلمون على مثل كذا مواضيع، وحظروا الخوض فيها، واعتبروا أن الذي يخوض فيها: اما ملحدا، يلحد في آيات الله، واما انه يريد أن يشكك في الاسلام، او أنه يريد شق عصا المسلمين، وغيرها من الامور التي نسمعها، هنا وهناك، من الخطباء وغيرهم.
كتب اخرى للسيوطي بهذا الشأن:
وهذه قائمة بكتب اخرى للسيوطي لها صلحة مباشرة، بما نحن بصدده، منها: مفقودة واخرى مخطوطة، لم تطبع بعد، لكننا لا نشك في عدم صحتها له.
1- اليواقيت الثمينة، في صفات السمينة، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص42.
2- نزهة العمر، في التفضيل بين البيض والسود والسمر، مخطوط، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
3- نزهة الجلساء، في أشعار النساء، مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
4- المستظرف في أخبار الجواري، مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
5- الدراري، في اتخاذ السراري، مخطوط، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص44.
6- الوشاح، في فوائد النكاح، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص42.
7- الإفصاح، في أسماء النكاح، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
8- ضوء المصباح، في لغات النكاح، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
9- المستظرفة، في أحكام دخول الحشفة، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص36.
10- الزهر الباسم، فيما يزوج فيه الحاكم، منظومة له، وشرحها مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص37.
11- فتح المغالق، في "أنت تالق"، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها، مطبوع ضمن الحاوي للفتاوي.
12- جزء فيمن وافقت كنيته كنية زوجه من الصحابة رضي الله عنهم، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص35.
13- النقول المشرقة، في مسألة النفقة، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص38.
14- جزء في رؤية النساء للباري تعالى يسمى: إسبال الكسا على النسا، مطبوع، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
15- مختصره يسمَّى: رفع الأسى عن النسا، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
16- تحفة الجلساء، برؤية الله للنساء، مطبوع ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
17- اللقط الجوهري، في رد خباط الجوجري، في مسألة رؤية الله للنساء أيضًا، مخطوط، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص39.
18- الروض الأريض، في طهر المحيض، ذكره في فهرس مؤلفاته التي ارتضاها واعتمدها ص36.
وقبل الخوض في البحث نود أن نعطي تعريفا بسيطا بالسوطي، وعصره، حتى نستطيع أن نلم باطراف البحث، ولا نترك جانبا من ذلك. اذ أن دراسة عصر اي عالم او فقيه او غيره، تعتبر جزء مهم من البحث، يهدف الى الوصول الى الحقيقة.
هو: الحافظ أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال الدين أبي المناقب أبي بكر بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر الدين عثمان بن ناصر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ همام الدين الهمام الخضيري الأسيوطي[1].
مولده:
وُلِد السيوطي في القاهرة[2] بعد المغرب ليلة يوم الأحد غرة شهر رجب سنة 849هـ/ أكتوبر 1445م[3]، وعاش بها القاهرة[4].
طفولته وتربيته:
كان جلال الدين السيوطي سليل أسرة اشتهرت بالعلم والتدين، وكان أبوه من العلماء الصالحين ذوي المكانة العلمية الرفيعة التي جعلت بعض أبناء العلماء والوجهاء يتلقون العلم على يديه. وقد تُوفِّي والد السيوطي ولابنه من العمر ست سنوات، فنشأ الطفل يتيمًا، واتجه إلى حفظ القرآن الكريم، فأتم حفظه وهو دون الثامنة[5]. ثم حفظ بعض الكتب في تلك السن المبكرة مثل: العمدة، ومنهاج الفقه والأصول، وألفية ابن مالك؛ فاتسعت مداركه، وزادت معارفه. وكان السيوطي محل العناية والرعاية من عدد من العلماء من رفاق أبيه، وتولى بعضهم أمر الوصاية عليه، ومنهم (الكمال ابن الهمام الحنفي) أحد كبار فقهاء عصره، وتأثر به الفتى تأثرًا كبيرًا، خاصةً في ابتعاده عن السلاطين وأرباب الدولة[6].
ولو نظرنا في الطفولة المبكرة للسيوطي فإننا نرى مدى الحرص الشديد على تلقي العلم منذ الأيام الأولى، فقد كان هناك وعي كبير بأهمية العلم وقيمته في عملية التربية؛ يوجَّه الولد نحو حفظ القرآن الكريم، وحفظ المتون الدينية، كما نرى مدى حرص الآباء على أن يدفعوا أولادهم نحو العلوم.
وقد عاش الإمام السيوطي في عصر كثر فيه العلماء الأعلام الذين نبغوا في علوم الدين على تعدد ميادينها، وتوفروا على علوم اللغة بمختلف فروعها، وأسهموا في ميدان الإبداع الأدبي، فتأثر السيوطي بهذه النخبة الممتازة من كبار العلماء، فابتدأ في طلب العلم سنة (864هـ/ 1459م) ودرس الفقه والنحو والفرائض، ولم يمضِ عامان حتى أجيز بتدريس العربية، وألَّف في تلك السنة أول كتبه وهو في سن السابعة عشرة، فألف (شرح الاستعاذة والبسملة)، فأثنى عليه شيخه علم الدين البلقيني، فكتب عليه تقريظًا، ولازمته في الفقه إلى أن مات، فلازمت ولدَه[7].
ملامح شخصيته:
كان جلال الدين السيوطي واسع العلم غزير المعرفة؛ قال عن نفسه: " قد رُزقتُ -ولله الحمد- التبحر في سبعة علوم: التفسير والحديث والفقه والنحو والمعاني والبيان والبديع"[8]. ضف إلى أصول الفقه والجدل والتصريف، والإِنشاء والترسُّل والفرائض والقراءات التي تعلمها بنفسه، والطب، غير أنه لم يقترب من علمي الحساب والمنطق[9].
وعاصر الإمام السيوطي 13 سلطانًا مملوكيًّا[10]، وكانت علاقته بهم متحفظة، وطابعها العام المقاطعة، وإن كان ثمة لقاء بينه وبينهم؛ فقد وضع نفسه في مكانته التي يستحقها، وسلك معهم سلوك العلماء الأتقياء، فإذا لم يقع سلوكه منهم موقع الرضا قاطعهم وتجاهلهم. وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته ويعرضون عليه الأموال النَّفيسة فيردها، وأهدى إليه الغوري خَصِيًّا وألف دينار، فردَّ الألف وأخذ الخصيَّ، فأعتقه وجعله خادمًا في الحجرة النبوية، وقال لقاصد السلطان: لا تعُدْ تأتينا بهدية قطُّ؛ فإن الله تعالى أغنانا عن مثل ذلك. وطلبه السلطان مرارًا فلم يحضر إليه[11]، وألَّف في ذلك كتابًا أسماه (ما وراء الأساطين في عدم المجيء إلى السلاطين)[12].
شيوخه الذين تتلمذ على ايديهم:
كان منهج السيوطي في الجلوس إلى المشايخ هو أنه يختار شيخًا واحدًا يجلس إليه، فإذا ما توفِّي انتقل إلى غيره، وكان عمدة شيوخه (محيي الدين الكافيجي) الذي لازمه السيوطي أربعة عشر عامًا كاملة، وأخذ منه أغلب علمه في التفسير والأصول والعربية والمعاني، وأطلق عليه لقب (أستاذ الوجود). ومن شيوخه (شرف الدين المُنَاويّ) وأخذ عنه القرآن والفقه، و(تقي الدين الشبلي) وأخذ عنه الحديث أربع سنين، وأخذ العلم أيضًا عن شيخ الحنفية (الأقصرائي) و(العز الحنبلي)، و(المرزباني) و(جلال الدين المحلي) و(تقي الدين الشمني) و(علم الدين البلقيني)، وغيرهم[13].
ولم يقتصر تلقي السيوطي على الشيوخ من العلماء الرجال، بل كان له شيوخ من النساء اللاتي بلغن الغاية في العلم، منهن (آسية بنت جار الله بن صالح الطبري)، و(كمالية بنت عبد الله بن محمد الأصفهاني)، و(أم هانئ بنت الحافظ تقي الدين محمد بن محمد بن فهد المكي)، و(خديجة بنت فرج الزيلعي)، وغيرهن كثير[14].
وفاته:
و توفي ليلة الجمعة 19 جمادى الأولى سنة 911هـ ـ 18 أكتوبر 1505م، بالقاهرة عن عمر يناهز الثانية والستون.
الهوامش:
[1] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص5.
[2] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص16. العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29.
[3] العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29. إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص29.
[4] السيوطي: السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[5] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص63. العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29. إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص32، 33.
[6] العيدروس: النور السافر عن أخبار القرن العاشر ص29.
[7] السيوطي: طبقات المفسرين 1/1.
[8] السيوطي: التحدث بنعمة الله ص203.
[9] السابق نفسه ص203، 204.
[10] إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص15.
[11] ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب في خبر من ذهب 10/ 76.
[12] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[13] السيوطي: طبقات المفسرين 1/ 1.
[14] إياد خالد الطباع: الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي ص65- 68.
وبعد أن سلطنا الضوء على سيرة هذا الفقيه، وتعرفنا عليه عن كثب، وعرفنا شيوخه، وعصره، وعرفنا غزارة علمه؛ نود أن نغور في نفسيته واعماق ذاته، سيما وأنه ايضا قد تتلمذ على يد نساء(فقيهات)، ربما قد اقتبس منهن امور اخرى، فألانسان، من ناحية سايكولوجية، يتأثر بالانسان- الاستاذ الذي يعلمه، ولا يفوته منه كل شاردة وواردة.
فيا ترى، هل أن تلك الدروس التي تلقاها من تلك النسوة، كانت تخص الفقه والحديث، وعلوم اخرى، ام ايضا كانت تتعلق بامور الجنس، والتي تولع بها السيوطي، حتى الف هذا الكتب؟ّ! .
السيوطي، في كتبه، لا يتحرج عن ذكر الاعضاء الجنسية، ويسمي الامور بمسمياتها، حتى وهو يتكلم عن الاوضاع الجنسية، التي تحدث بين الزوج وزوجتهن على ما سنشير الى ذلك في هذا البحث.
صورة مفقودة