نقوس المهدي
كاتب
شعبٌ عرق .. وطنٌ عرق ..أفقٌ عرق
وطنٌ يضيقُ وينغلقُ
أفقٌ يفيضُ وينطبقُ
هات العرق .. صبّ العرق
دعني أرى ديكَ الزمان
كما رآه أبو نواس
دعني إذا يممتُ شطر اللاذقية
أستفقْ في بانياس
دعني أحسُ الموت يسري في وجوديّ كالنعاس!
*****
عرقٌ عرقٌ
من قال إني مثلَ سكّير
أمارسُ طقسَ أيامي
وغايةُ أمنياتي الكأسُ والغيبوبة النشوى
لو أني هكذا...
لا كنتُ ولا كانت أيامي
*****
هذا أنا وصّافُ أزمنة الوضاعة
أتركُ الكأسَ الأخيرة تغتلي
ويضج في صحراءه روحي
فمك السر الذي أحياهُ صحوي
*****
عرقٌ عرقٌ
هات العرق ... صبّ العرق
دعني أموج كأنّي بحرٌ هائج وأريكَ كيف يكونُ موجُ الروح
موجُ الحب ... موج الصبوةِ الأولى وموج المهزلة!
*****
الريح مكنستي
ومن خلفي الغبار ... وفي مداي الطالعُ
الشجر الذي يمشي معي
والغيم كأس أبيضٌ أركبه بالهَمّ العظيم
فتسقط الأمطار في رأسي وفي أفقي
وتسري في الطريق وفي التراب وفي الشعابْ
فيسكر الكون العظيمُ وينغدقُّ!
*******
جاء الإله إليَّ كالأب
قال يا ولدي استرح
أمهل. تعقل. خفف الهيجان. لا تسرف!
وحاذر من مغبات العرق
أوصيك يا ولدي....
ويدفعني إليكَ الحرصُ
اسمع ... لستَ أرفق بالبلاد من الذي خلقَ البلاد
ولستَ أولى بالعباد من الذي خلق العباد......
إنا كتبنا أن تكونوا هكذا
متخلفين معقدين مشتتين مبعثرين
لأنكم عرب، وإن الله أدرى بالعرب!
*******
الأرض دار الهالكين ومنزل المتأبلسين
الساكرين المبدعين الضائعين الزارعين التكنولوجيين
أما المؤمنون وكلهم عربٌ عربْ
فلهم جنان الخلد فردوس النعيم
وسرمد في العطالة والبطالة والكسل
والكوثر الرقراق والأولاد وحور العين
أنهارُ العرق!
فأبعدْ عن الدار الفناء
إلعن أبالسة التحقق والرؤى
أقلع عن الخمر اللعينة واجتنب
أو تلق ناراً في القيامة خالداً فيها
ولا ينفعك عذرٌ أو سبب!
*****
مرت فتاة الحب ... رافعةً فساتين الإثارة
كنتُ والصحاب نسكر في طريق البحر
فارتعشت وأزعجها الصخب
قالت أحبكَ صاحياً
تأتي وتفعل ما تشاء لكي نكون معاً
أراكَ .. أريكَ ما يحييكَ ..ما يسليكَ.. ما ينسيكَ
قلتُ إذن ... سلاماً ... يا سلافه
وابتردت بكأسها .. وتركتها
تمضي إلى تخت السرور وحيدة
فأنا أتحدث بشقوتي ورؤياي
أصحابي...
قطيع المفردات...
وكل قطعان النوب!
****
ومضت حياتي هكذا .. أفرغت عمري الضائع الولهان
تحت دالية العنب
ونسيتُ أن أصحو
ولم أسمع نصائح من يغار ومن يحب
وجهلت أسبابي....
ولم أسلك إلى سببٍ سببْ
أعوي وحيداً تائهاً
وأغيْر ... أهتفُ..أنتضي سيف الخشبْ
متهتكاً .. متهكماً ..متهالكاً ..متوافقاً .. متعاركاً
وأسبّ حيناً من أحبّ
وأحبّ حيناً من أسبّ
هذا طريقي في الحياة
فكيف كان وما السبب!
*****
اسأل إذاً وطني الذي
شعبي الذي
أمي التي ... وأبي الذي
فلعلهم .. هم كلهم ..كانوا السبب!
****
عرقٌ ..عرق
عرقٌ ..عرق
****
بع بنطلونك واشتر لتر العرق
بع كبريائك واشتر لتر العرق
بع أي شيء رائع صحباً ... رفاقاً ..أو كتابا
لا تصاحب غير دن من العرق
لتكون مثلي تائهاً
عرف الحقيقة وحده .. عرف السبب
لتكون منبوذاً ويرفضك النسب
لتكون صعلوكاً وينبذك العرب
لتكون عملاقاً وتسكنك النوب
لتكون إفراد البعير معبداً.. لتكون حمال الحطب
لتكون من لهب ويرضى عنك
صاحبك العتيق أبو لهب!
***
لا .. لا تبع او تشتري
اسكر ونم في المشتري
حطم جدار البيع والإتجار واجنح وامترِ
كن أي كلب في الوجود
ولا تكن كالبحتري
***
عرقٌ ..عرق
المجد للعرق الذي أوحى..
وللكأس الذي أضحى رفيق نهايتي
يا أنت ..أغرب ..سفّ رملاً ..لقح النخل العقيم
وبلغ الأعراب أنا قد منعناهم وحرمنا العرق
فاذهب إلى قاع من الأوهام والأسرار
وامضي في هلام الهلام أو بحر اللجب
***
وأتي إلينا جائعاًُ ... متكسراً .. متوسلاً
ويريد كأساً
قلنا: أما يكفيك وهمك..!؟ جوقة الكرسي والأبقار
والكهف العجب!
فتجيء تطلب وحيَ كأس ساقنا نحو العطب
أُغرب إلى فردوسك المرفوع
إنّا نحنُ نقبل هامش \\\"الكورنيش\\\"
وحيّ الفاتنات.. الحاسرات ..اللامعات
الراقصات الكاشفات عن الزغب!
***
أو نقبل الوحي المبين .. يجيء من كأس مبين
وبه عليه نستعين
فهو الصراط لنا ..صراط التيه والنبذُ الجميلُ
***
عرقٌ ..عرق
قولوا معي .. عوذوا معي
من سكرة تدمي
نهايتها الفلق!
****
عرقٌ ..عرق
قدحٌ .. قدح
إني سأفتح ما أغلقتم
إني سأغلق ما انفتح
إني الخسارة وهي تزهو
في أعالي السكرة العمياء
تلعن من تصافح أو ريحٌ
إني سأبدع من جحيمي بدء أزمنة الفرح!
****
يا كأس ..! كن دوماً دليلي في المتاهة!
كن ربيع دلالتي
كن قوس محكمة التقاليد العتيقة
أبيضا حيناً.. وحيناً من قزح
فتعال يا هذا النديم... نهيمٌ .. نفعل ما يعيبْ
وما ينيبْ
وفي ضلالات الرؤى نمضي نغيب!
***
فالليل يا صحبي بهيم.. والأفق يا صحبي بهيم
والوقت في وطني بهيم
وطن عقيم ..شعبٌ عقيم... ماضي عقيم .. آتٍ عقيم
كأسٌ عقيم
دعني أشذُّ... أنعبُ ... أشمئط.. وأسطّرُ
أكرُّ في كأسي أكرُّ
وإنه كأس عقيمْ..!
عرقٌ ..عرق!
ـــــــــــــ
.
ـــــــــــــــــــــــــــ
كتب عماد هذا النص أواسط التسعينيات من القرن الماضي في مجلة الناقد لرياض الريس، ومنعت المجلة من التوزيع في العالم العربي وقتها، وكان أن صُوّرت القصيدة لوحدها ووزعت وانتشرت.
****
.
وطنٌ يضيقُ وينغلقُ
أفقٌ يفيضُ وينطبقُ
هات العرق .. صبّ العرق
دعني أرى ديكَ الزمان
كما رآه أبو نواس
دعني إذا يممتُ شطر اللاذقية
أستفقْ في بانياس
دعني أحسُ الموت يسري في وجوديّ كالنعاس!
*****
عرقٌ عرقٌ
من قال إني مثلَ سكّير
أمارسُ طقسَ أيامي
وغايةُ أمنياتي الكأسُ والغيبوبة النشوى
لو أني هكذا...
لا كنتُ ولا كانت أيامي
*****
هذا أنا وصّافُ أزمنة الوضاعة
أتركُ الكأسَ الأخيرة تغتلي
ويضج في صحراءه روحي
فمك السر الذي أحياهُ صحوي
*****
عرقٌ عرقٌ
هات العرق ... صبّ العرق
دعني أموج كأنّي بحرٌ هائج وأريكَ كيف يكونُ موجُ الروح
موجُ الحب ... موج الصبوةِ الأولى وموج المهزلة!
*****
الريح مكنستي
ومن خلفي الغبار ... وفي مداي الطالعُ
الشجر الذي يمشي معي
والغيم كأس أبيضٌ أركبه بالهَمّ العظيم
فتسقط الأمطار في رأسي وفي أفقي
وتسري في الطريق وفي التراب وفي الشعابْ
فيسكر الكون العظيمُ وينغدقُّ!
*******
جاء الإله إليَّ كالأب
قال يا ولدي استرح
أمهل. تعقل. خفف الهيجان. لا تسرف!
وحاذر من مغبات العرق
أوصيك يا ولدي....
ويدفعني إليكَ الحرصُ
اسمع ... لستَ أرفق بالبلاد من الذي خلقَ البلاد
ولستَ أولى بالعباد من الذي خلق العباد......
إنا كتبنا أن تكونوا هكذا
متخلفين معقدين مشتتين مبعثرين
لأنكم عرب، وإن الله أدرى بالعرب!
*******
الأرض دار الهالكين ومنزل المتأبلسين
الساكرين المبدعين الضائعين الزارعين التكنولوجيين
أما المؤمنون وكلهم عربٌ عربْ
فلهم جنان الخلد فردوس النعيم
وسرمد في العطالة والبطالة والكسل
والكوثر الرقراق والأولاد وحور العين
أنهارُ العرق!
فأبعدْ عن الدار الفناء
إلعن أبالسة التحقق والرؤى
أقلع عن الخمر اللعينة واجتنب
أو تلق ناراً في القيامة خالداً فيها
ولا ينفعك عذرٌ أو سبب!
*****
مرت فتاة الحب ... رافعةً فساتين الإثارة
كنتُ والصحاب نسكر في طريق البحر
فارتعشت وأزعجها الصخب
قالت أحبكَ صاحياً
تأتي وتفعل ما تشاء لكي نكون معاً
أراكَ .. أريكَ ما يحييكَ ..ما يسليكَ.. ما ينسيكَ
قلتُ إذن ... سلاماً ... يا سلافه
وابتردت بكأسها .. وتركتها
تمضي إلى تخت السرور وحيدة
فأنا أتحدث بشقوتي ورؤياي
أصحابي...
قطيع المفردات...
وكل قطعان النوب!
****
ومضت حياتي هكذا .. أفرغت عمري الضائع الولهان
تحت دالية العنب
ونسيتُ أن أصحو
ولم أسمع نصائح من يغار ومن يحب
وجهلت أسبابي....
ولم أسلك إلى سببٍ سببْ
أعوي وحيداً تائهاً
وأغيْر ... أهتفُ..أنتضي سيف الخشبْ
متهتكاً .. متهكماً ..متهالكاً ..متوافقاً .. متعاركاً
وأسبّ حيناً من أحبّ
وأحبّ حيناً من أسبّ
هذا طريقي في الحياة
فكيف كان وما السبب!
*****
اسأل إذاً وطني الذي
شعبي الذي
أمي التي ... وأبي الذي
فلعلهم .. هم كلهم ..كانوا السبب!
****
عرقٌ ..عرق
عرقٌ ..عرق
****
بع بنطلونك واشتر لتر العرق
بع كبريائك واشتر لتر العرق
بع أي شيء رائع صحباً ... رفاقاً ..أو كتابا
لا تصاحب غير دن من العرق
لتكون مثلي تائهاً
عرف الحقيقة وحده .. عرف السبب
لتكون منبوذاً ويرفضك النسب
لتكون صعلوكاً وينبذك العرب
لتكون عملاقاً وتسكنك النوب
لتكون إفراد البعير معبداً.. لتكون حمال الحطب
لتكون من لهب ويرضى عنك
صاحبك العتيق أبو لهب!
***
لا .. لا تبع او تشتري
اسكر ونم في المشتري
حطم جدار البيع والإتجار واجنح وامترِ
كن أي كلب في الوجود
ولا تكن كالبحتري
***
عرقٌ ..عرق
المجد للعرق الذي أوحى..
وللكأس الذي أضحى رفيق نهايتي
يا أنت ..أغرب ..سفّ رملاً ..لقح النخل العقيم
وبلغ الأعراب أنا قد منعناهم وحرمنا العرق
فاذهب إلى قاع من الأوهام والأسرار
وامضي في هلام الهلام أو بحر اللجب
***
وأتي إلينا جائعاًُ ... متكسراً .. متوسلاً
ويريد كأساً
قلنا: أما يكفيك وهمك..!؟ جوقة الكرسي والأبقار
والكهف العجب!
فتجيء تطلب وحيَ كأس ساقنا نحو العطب
أُغرب إلى فردوسك المرفوع
إنّا نحنُ نقبل هامش \\\"الكورنيش\\\"
وحيّ الفاتنات.. الحاسرات ..اللامعات
الراقصات الكاشفات عن الزغب!
***
أو نقبل الوحي المبين .. يجيء من كأس مبين
وبه عليه نستعين
فهو الصراط لنا ..صراط التيه والنبذُ الجميلُ
***
عرقٌ ..عرق
قولوا معي .. عوذوا معي
من سكرة تدمي
نهايتها الفلق!
****
عرقٌ ..عرق
قدحٌ .. قدح
إني سأفتح ما أغلقتم
إني سأغلق ما انفتح
إني الخسارة وهي تزهو
في أعالي السكرة العمياء
تلعن من تصافح أو ريحٌ
إني سأبدع من جحيمي بدء أزمنة الفرح!
****
يا كأس ..! كن دوماً دليلي في المتاهة!
كن ربيع دلالتي
كن قوس محكمة التقاليد العتيقة
أبيضا حيناً.. وحيناً من قزح
فتعال يا هذا النديم... نهيمٌ .. نفعل ما يعيبْ
وما ينيبْ
وفي ضلالات الرؤى نمضي نغيب!
***
فالليل يا صحبي بهيم.. والأفق يا صحبي بهيم
والوقت في وطني بهيم
وطن عقيم ..شعبٌ عقيم... ماضي عقيم .. آتٍ عقيم
كأسٌ عقيم
دعني أشذُّ... أنعبُ ... أشمئط.. وأسطّرُ
أكرُّ في كأسي أكرُّ
وإنه كأس عقيمْ..!
عرقٌ ..عرق!
ـــــــــــــ
.
ـــــــــــــــــــــــــــ
كتب عماد هذا النص أواسط التسعينيات من القرن الماضي في مجلة الناقد لرياض الريس، ومنعت المجلة من التوزيع في العالم العربي وقتها، وكان أن صُوّرت القصيدة لوحدها ووزعت وانتشرت.
****
.