محمد جاهين بدوي - إلى قاتلةٍ مقتولةٍ

" إلى نَخْلَتِي المراكشيّة وقد أفَلَتْ ذَاتَ ضُحًى حَامِلَةً معها تَمْرَهَا وخَمْرَهَا..تارِكَةً لقلبي جَمْرَ التشظّي وغَيَابَاتِ الغياب "

* * *
أَمْسَيْـتُ في سَاحِ الغَـرَامِ قَتِيـلاَ = وَغَـدَا دَمِي عِنْـدَ الْمِلاَحِ حَلِيـلاَ
مَا عُـدْتُ أَدْرِي أيُّ سَهْمٍ غَالَـني = أسْـرَى بقَلْبِي واصْطَفَـاهُ خَلِيـلاَ
فَأَرَاهُ من آيَـاتِ عِشْـقٍ مَا أَرَى = وَرَوَاهُ بِالْكَأْسِ الدِّهَـاقِ شَمُـولاَ
وَرَمَـاهُ في وَادِي المواجِـدِ مُدْنَفًا = لاَ سَائِـلاً يُــرْجَى ولاَ مَسْــؤُولاَ
يَا سِحْرَهَا سَجَّرْتَ في قَلْبي الضِّـرَا= مَ وَسُقْتَـني لِسَعِيـرِهَا مَكْــبُـولاَ
مَا حِيلَتي وَالْجَمْـرُ يَلْذَعُ مُهْجَـتي = وَيَخُـطُّ فيها لِلْهَـلاَكِ سَبِيــلاَ؟
مَا حِيلَتي وَالعِشْـقُ أَصْبَحَ آسِرِي = وَلَهُ الحَـنَـايَا ذُلّلَـتْ تَذْلِيـلاَ؟
يَا طَرْفَهَا المكْحُـولَ ياوِرْدَ الرَّدَى = الْـمَعْسُـولِ يا إِصْلِيتَـهُ الْمَسْـلُولاَ
مَنَّيْتَني فَسَطَـرْتَ في لَوْحِ الغَـرَا = مِ مَنِيَّـتي.. يَا طَرْفَهَا الْمَكْحُولاَ
وتَرَكْـتَ قَلْبِي لِلَّوَاعِـجِ قِبْــلَـةً = وجَعَلْـتَ دَمْـعِي وِرْدَهَا الْمَعْلُولاَ
ماذا لَوَ انَّكَ قَدْ جَعَـلْتَ لعَاشِقِيــ = ـكَ بِظِلِّ هُدْبِكَ جَنَّةً ومَقِيلاَ؟
وَأَبَحْتَـهُـمْ أوْرَادَ كُحْــلِكَ جَهْـرَةً = فَيُرَتِّـلُـونَ حَدِيثَـهَا تَرْتِيـلاَ ؟
ورَمقْتَ حِبَّكَ ذا الصَّـرِيعَ بِنَظْـرَةٍ = تُحْـيِي مُنَـاهُ وتَبْعَـثُ الْمَأْمُولاَ؟
أَوّاهُ يا طَيْـرًا يُنَقِّـرُ من فُـؤَادِ = ي حَبَّــهُ وشِغَـافَـهُ الْمَتْـبُـولاَ
ويَـرَى بِجَمْرِ القلب أَطْيَبَ تَمْـرِهِ = ويَرَى احْتِرَاقي في الضُّحَى قِنْدِيـلاَ
ويصُوغُ من شِرْيَانِ قَلْبي في هَـوَا = هُ قَيَاثِـرًا ومن الوَجِيـبِ هَدِيـلاَ
ويَقَـرُّ بين جَوَانِـحِي وخَوَاطِـرِي = سُهْـدًا يُسَـافِرُ في رُؤَايَ طَوِيـلاَ
يا ثَغْرَهَا المنظـُومَ من سِفْرِ اللَّـظَى = أنْشُــودَةً وعَلَى العَـذَابِ دَلِيـلاَ
هَلاَّ تَبُـوحُ بِبَعْـضِ ما كتَـمَ الفُؤَا = دُ مِـنَ الجَـــوَى وتَخُــطُّـهُ تَقْبِيـلاَ
شَهِدَتْ عَلَيْـكَ جَــوَارِحٌ أضْنَيْتَـهُـ = ـنَّ تَكَتُّـمًا وتَأوُّهًــا ونُحُـولاَ
بَـوْحُ الجَوَارِحِ في الْمَحَبَّةِ حُجَّـةٌ = وَحَدِيثُهُنَّ الصِّدْقُ أَقْــوَمُ قِيـلاَ
الْحُبُّ أظْهَـرُ من خِـدَاعِ تَأَوُّلٍ = فِقْـهُ الهَـوَى لا يَعْرِفُ التَّأْوِيلاَ
فَاصْدَعْ بِأَمْرِ الحُبِّ في حَـرَمِ الهوى = وَدَعِ التَّصَـوُّنَ في الغَـرَامِ قَلِيـلاَ
مَا كَانَ أعْذَبَ أن تَبُـوحَ بِكِلْمَـةٍ = هِـيَ للحَيَـاةِ حَيَاتُـهَا تَمْثِيـلاَ
ما كانَ أَشْهَى أن يَكُونَ مِزَاجُـهَا = مِسْــكًا بِرِيقِـكَ كَوْثـرًا مَعْسُـولاَ
قُلْهَا "أُحِبُّكَ" وَاظْفَرَنَّ بأجْـرِهَـا = عِشْـقًا طَهُــورًا دائِـمًا مَوْصُولاَ
قُلْـهَا وأَعْتِقْهَا جَـوًى فلأنتَ مَعْـ = ـتُــوقٌ بِهَا ومُتَـوَّجٌ إكْلِيـــلاَ
الإثْمُ كُـلُّ الإثْــمِ وَأْدُ مشَاعِـرٍ = في جُـــبِّ صَمْتِكَ مَا رَوَيْنَ غَلِيـلاَ
صَدْيَانَـــةً تَصْــلَى لظَاكَ وتَرْتَجِي = أبَـدًا لِمُــزْنِ البَـوْحِ مِنْكَ هُمُـولاَ
يا قَلْبَـهَا الْمَحْجُـوبَ بين أضالـعٍ = وَلْـهَى الوَجِيـبِ يُمَارِسُ التَّبْتِيـلاَ
لَهْــفِي عَلَيْكَ من الحَنِينِ مُضَـرَّمًـا = وَالشَّـوْقِ مُحْتَفِـرًا بِجَوْفِكَ نِيـلاَ
تُبْــدِي صُدُودًا والفُـؤَادُ مُهَيَّـمٌ = وتَــرُومُ صَبْـرًا عَنْ هَـوَاكَ جَمِيـلاَ
أَنَّى لِصَــبٍّ أن يُغَالِبَ عِشْـــقَـهُ = ويَـرَى لِرَأْيِ العَـاذِلِيـــهِ قَبُـولاَ؟
أَنَّى لِقَلْـب أَنْ يُذَبِّــحَ نَبْضَــهُ = ويُـرَى لأَنْفُــسِ عاشِقِـيـهِ قَـتُـولاَ؟
قَلْبِي فِدَاؤُكَ يَا حَبِيــبُ ومُهْجَـتي = والْعُمْـرُ لَوْ تَرْضَى يَكُونُ عَدِيـلاَ
إنَّا فُــؤَادٌ واحِــدٌ ذُو خَافِقَيْـ = ـنِ يُحَــرَّقَانِ صَبَابَــةً وَذُهُـولاَ
مُتَعَانِقَـانِ على البِعَـادِ تَنَاجِـيًـا = مُتَباعِـــدَانِ مَحِــلَّـةً وقَبِـيـلاَ
نَتَقَاسَـمُ الأَشْـوَاقَ حُرْقَةَ عَاشِـقٍ = تَرْوِي كِلَيْـنَـا لَوْعَـةً وَعَـوِيلاَ
تَهْمِي دُمُـوعٌ في سُوَيْـدَانَا أسًـى = وَتَـؤُجُّ وَجْــدًا بُكْرَةً وَأَصِيـلاَ
نَحْـيَا جِـرَاحًا مفْعَمَـاتٍ بالضَّــنَى = وَنَـؤُمُّ أفْـقًا غَائـمًا مَجْـهُـولاَ
واللهَ نَرْجُـو مِنْ غَـوَايَتِـنَا هُـدًى = وَيَخُـطُّ فِيـنَا أَمـرَهُ الْمَفْعُـولاَ





- د. محمد جاهين بدوي - إلى قاتلةٍ مقتولةٍ
 
أعلى