نقوس المهدي
كاتب
فصل من رواية "التركي الشاب"
محبوبتنا..
لقد منحتينا نكهة السماء السابعة. ولأن هذه النكهة نادرة كندرة طير الأنكا، فإن العقل يقول إنها يجب أن تدوم العمر كله. لكن ليس للعقل سطوة تحت السرّة. والنكهة لا تكفي على الإطلاق عندما يشتد الجوع، ويتعذر إشباعه.
إلهة الحبّ لثلاثة عشر صبياً...
لم تبح لأحد باسمها. وعندما اختفت، رحنا نستفسر عنها. سراً في البدء، كلّ فتى لوحده. وبعد أن اكتشفنا أننا كنا جميعنا عشاقاً لها، أخذنا نبحث عنها جميعنا. اكتشفنا أن اسمها سونا أزاد.
سونا...
لم يكن قد مضى على استئجار شقتها في بيبيك وقت طويل. ولم تكن تأتي للإقامة فيها إلا في عطل نهاية الأسبوع. وكانت أرقام لوحة سيارتها تشير إلى أنها كانت تقيم في أدرنه، في أدريانوبل القديمة مما أثار قلقنا. ماذا كانت هذه الإلهة تفعل في هذه المدينة المتخلفة؟ (بما أننا كنا من مواطني اسطنبول النخبويين، كنا ننظر إلى أدرنه باستصغار، مع أنها كانت عاصمة الدولة العثمانية قبل فتح اسطنبول وهي مدينة غنية بتراثها). وقرّر تاكيس، اليوناني، الذي يدّعي بأنه يعرف دول البلقان جيداً، أن سونا جاسوسة مهمتها أن تبقي تركيا في مأمن من الشيوعية، وتتمثل مهمتها في أن تتسلل إلى البلدان المجاورة - تخاطر بحياتها في غالب الأحيان وهي تجتاز الحدود الخطيرة - وتغوي السياسيين والجنرالات الكبار.
سيدتنا الجميلة...
كنت قد أطلقت عليها أنا اسم: "مربّى الورد". فما أن عرفت أن مربّى الورد هو المربّى المفضّل لديّ، حتى أطعمتني إياه بعد أن دهنته على فرجها الحليق. فقد كان مذاقه الرحيقي الممتزج بعصير حبّها الرائع، ولا يزال، وسيبقى واحداً من أعظم نعم الحياة التي منحني الله إياها. هل استمتع أيّ من الصبية الآخرين بالمتعة ذاتها؟ لا أعرف. لكني أظن أنه لا يوجد أحد في المهجع يحب مربّى الورد كما كنت أحبّه أنا.
حبيبة مهجعنا...
في السنوات الأخيرة، عندما أصبحت مداعبتها وتوددها لنا جزءاً من ميثولوجيا المعهد الذي كنا ندرس فيه، أطلقنا عليها اسم إلهة الحبّ والجمال.
فهذا الاسم حري بها وينطبق عليها تماماً: خلاص في ثدي، وجحيم في الثدي الآخر.
لكننا يجب أن نعرف، كما يقول الحكواتي محمود سيمورغ، أنه عندما تقوم الآلهة بزيارة عالمنا، فإن هالتها تحرق الأرض. ومع أن محبوبتنا سونا، سيدتنا الجميلة، ست الحسن، منحتنا الخلاص، نستطيع أن نقول أيضاً إنها حطّمت أعظم إنجاز حققناه، مجتمعنا المثالي، مهجعنا.
مهجعنا...
مثال التركيّة كما قال معلّمنا،. أجيك أحمد...
* * *
أضحى مهجعنا يعرف باسم غيليبولو. ويشير هذا الاسم ضمناً إلى أننا، نحن الذين نقيم فيه، ننتمي إلى نفس معدن قوات أتاتورك في غاليبولي. ولم نكن نحن من أطلق هذا الاسم، بل أطلقه علينا نزلاء المهاجع المنافسة.
كنا نستحق هذا اللقب عن جدارة. فمع أننا كنا نشكل فرقة صغيرة، سواء من حيث العدد أو من حيث العمر، فإننا لم نهزم ولا مرة واحدة في المعارك التي كانت تدور بين نزلاء المهاجع خلال السنتين التي اجتمعنا فيهما معاً. ولا يزال هذا الأمر إنجازاً هاماً في معهدنا. فقد كانت المهاجع في تلك الأيام، تضم عادة صبية من مختلف الأعمار - حتى أن بعضهم كان يتجاوز العشرين من العمر القادمين من المناطق الداخلية في الأناضول، فيما كان مهجعنا، كما جرت العادة، يضم صبية لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة والخامسة عشرة.
عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء، يمكنني أن أقول دون تردد إن تركيبتنا المتعدّدة الأعراق والأجناس هي التي جعلتنا نشعر بأهميتنا. فقد كنا نحن الصبية الأربع والعشرين، نكاد نشكل طيف التنوع السكاني الكامل في تركيا: أبخاز، ألبان، أرمن، آذريون، بوسنيون، قوقاز، دونمة، جورجيون، روم كاثوليك، روم أرثوذوكس، يهود، أكراد، لازاريون، مشرقيون، عرب نصيريون، بوماك، بونتوس، وروس (روس بيض، كما كان يحلو لهم أن ي
.
.
محبوبتنا..
لقد منحتينا نكهة السماء السابعة. ولأن هذه النكهة نادرة كندرة طير الأنكا، فإن العقل يقول إنها يجب أن تدوم العمر كله. لكن ليس للعقل سطوة تحت السرّة. والنكهة لا تكفي على الإطلاق عندما يشتد الجوع، ويتعذر إشباعه.
إلهة الحبّ لثلاثة عشر صبياً...
لم تبح لأحد باسمها. وعندما اختفت، رحنا نستفسر عنها. سراً في البدء، كلّ فتى لوحده. وبعد أن اكتشفنا أننا كنا جميعنا عشاقاً لها، أخذنا نبحث عنها جميعنا. اكتشفنا أن اسمها سونا أزاد.
سونا...
لم يكن قد مضى على استئجار شقتها في بيبيك وقت طويل. ولم تكن تأتي للإقامة فيها إلا في عطل نهاية الأسبوع. وكانت أرقام لوحة سيارتها تشير إلى أنها كانت تقيم في أدرنه، في أدريانوبل القديمة مما أثار قلقنا. ماذا كانت هذه الإلهة تفعل في هذه المدينة المتخلفة؟ (بما أننا كنا من مواطني اسطنبول النخبويين، كنا ننظر إلى أدرنه باستصغار، مع أنها كانت عاصمة الدولة العثمانية قبل فتح اسطنبول وهي مدينة غنية بتراثها). وقرّر تاكيس، اليوناني، الذي يدّعي بأنه يعرف دول البلقان جيداً، أن سونا جاسوسة مهمتها أن تبقي تركيا في مأمن من الشيوعية، وتتمثل مهمتها في أن تتسلل إلى البلدان المجاورة - تخاطر بحياتها في غالب الأحيان وهي تجتاز الحدود الخطيرة - وتغوي السياسيين والجنرالات الكبار.
سيدتنا الجميلة...
كنت قد أطلقت عليها أنا اسم: "مربّى الورد". فما أن عرفت أن مربّى الورد هو المربّى المفضّل لديّ، حتى أطعمتني إياه بعد أن دهنته على فرجها الحليق. فقد كان مذاقه الرحيقي الممتزج بعصير حبّها الرائع، ولا يزال، وسيبقى واحداً من أعظم نعم الحياة التي منحني الله إياها. هل استمتع أيّ من الصبية الآخرين بالمتعة ذاتها؟ لا أعرف. لكني أظن أنه لا يوجد أحد في المهجع يحب مربّى الورد كما كنت أحبّه أنا.
حبيبة مهجعنا...
في السنوات الأخيرة، عندما أصبحت مداعبتها وتوددها لنا جزءاً من ميثولوجيا المعهد الذي كنا ندرس فيه، أطلقنا عليها اسم إلهة الحبّ والجمال.
فهذا الاسم حري بها وينطبق عليها تماماً: خلاص في ثدي، وجحيم في الثدي الآخر.
لكننا يجب أن نعرف، كما يقول الحكواتي محمود سيمورغ، أنه عندما تقوم الآلهة بزيارة عالمنا، فإن هالتها تحرق الأرض. ومع أن محبوبتنا سونا، سيدتنا الجميلة، ست الحسن، منحتنا الخلاص، نستطيع أن نقول أيضاً إنها حطّمت أعظم إنجاز حققناه، مجتمعنا المثالي، مهجعنا.
مهجعنا...
مثال التركيّة كما قال معلّمنا،. أجيك أحمد...
* * *
أضحى مهجعنا يعرف باسم غيليبولو. ويشير هذا الاسم ضمناً إلى أننا، نحن الذين نقيم فيه، ننتمي إلى نفس معدن قوات أتاتورك في غاليبولي. ولم نكن نحن من أطلق هذا الاسم، بل أطلقه علينا نزلاء المهاجع المنافسة.
كنا نستحق هذا اللقب عن جدارة. فمع أننا كنا نشكل فرقة صغيرة، سواء من حيث العدد أو من حيث العمر، فإننا لم نهزم ولا مرة واحدة في المعارك التي كانت تدور بين نزلاء المهاجع خلال السنتين التي اجتمعنا فيهما معاً. ولا يزال هذا الأمر إنجازاً هاماً في معهدنا. فقد كانت المهاجع في تلك الأيام، تضم عادة صبية من مختلف الأعمار - حتى أن بعضهم كان يتجاوز العشرين من العمر القادمين من المناطق الداخلية في الأناضول، فيما كان مهجعنا، كما جرت العادة، يضم صبية لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة والخامسة عشرة.
عندما أعود بذاكرتي إلى الوراء، يمكنني أن أقول دون تردد إن تركيبتنا المتعدّدة الأعراق والأجناس هي التي جعلتنا نشعر بأهميتنا. فقد كنا نحن الصبية الأربع والعشرين، نكاد نشكل طيف التنوع السكاني الكامل في تركيا: أبخاز، ألبان، أرمن، آذريون، بوسنيون، قوقاز، دونمة، جورجيون، روم كاثوليك، روم أرثوذوكس، يهود، أكراد، لازاريون، مشرقيون، عرب نصيريون، بوماك، بونتوس، وروس (روس بيض، كما كان يحلو لهم أن ي
.
صورة مفقودة
.