نقوس المهدي
كاتب
1
رويِّ الذي لا يمكنُ أن نتصورهُ أبداً, وللأسفِ فإنَّ الكثيرَ من المسلمينَ ظنَّ أنَّ هذا الخمرَ هو ليسَ كخمرِ الدنيا, وأنَّ لبنها ليس كلبنِ الآخرةِ, ولكنَّهم نسوا أنَّ الله تعالى قال: (مَثَلُ الجنةِ), وليس هناك مما يتصورهُ الكثيرُ منَ المسلمينَ من مُتَعٍ حسيةٍ وجنسيةٍ في الجنةِ, فاللهُ تعالى أعدَّ للمتقينَ نعيماً لنْ يستطيعَ أحدٌ منَ البشرِ أنْ يعرفَ كُنْهَهُ, لذا ضربَ لنا أمثلةً للتقريبِ فقط, فنحنُ نستطيعُ أنْ نقتربَ من فهمِ معنى الجنةِ من خلالِ فهمِ الأمثالِ التقريبيَّةِ التي ضربَها اللهُ لنَا, لتبسيطِ الأمرِ نأخذُ مثالاً: فلو أردنا أنْ نَصِفَ العلاقةَ الحميميَّة َبين الرجلِ والمرأةِ لطفلٍ ماذا سنقولُ لهُ؟ سنقولُ لهُ أن طعمَ تلكَ العلاقةِ كالشوكولاته, فالطفلُ سيفهمُ أنَّ العلاقةَ الحميميَّةَ بينَ الرجلِ والمرأةِ علاقةٌ طيِّبةٌ, ولكنْ فَهْمَهُ لنْ يوصلهُ إلى ماهيَّةِ تلكَ العلاقةِ, فنحنُ هكذا مع نعيمِ الجنةِ وعذابِ الآخرةِ, فنحنُ لا نفهمهما أبداً لأنَّها نَشَأتْ بعيدةً كلَّ البعدِ عن فهمِ عقولنا القاصرةِ, لذلك ضربَ اللهُ لنا أمثلةً للتقريبِ, أمَّا إنْ فهمناها حرفياً فسنكونُ مخطئينَ.
يقولُ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ واصفاً حالَ المتقينَ في الجنةِ في سورةِ النبأِ ما نصُّهُ : }إنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً{31} حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً{32} وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً{33}{ والغريبُ أنَّ معظمَ المسلمينَ يرونَ أنَّ الكواعبَ الأترابَ هي النساءُ الممتلئاتِ الصدرِ, ولذلكَ فإنَّ هذا المعنى شكَّلَ حجةً لمن يرى أنَّ في الجنةِ متّعاً جنسيَّةً وحسِّيةً, ولكنَّهُ نسيَ أمراً مُهِماً وهو أنَّ الله تعالى قال للمتقينَ, فهل المتقينَ هم الرجال فقط؟ فما بالُ النساءِ وماذا يفعلنَ بالكواعبِ الأترابِ إنْ كانتْ تلكَ الكواعبُ الأترابُ بهذا المعنى الذي يفسِّرُهُ السطحيُّونَ؟ ولكنْ علينا أنْ نفهمَ جيداً أنَّ البيئةَ التي نشأ فيها التفسيرُ هي بيئةٌ صحراويةٌ ذكوريَّةٌ كان العربيُّ يُمَنِّي النفس فيها أنْ يسكنَ في حدائقَ وجناتٍ بدلاً من الصحراءِ التي يقطنُها, والتي تحيطهُ منْ كلِّ جانبٍ, وأنَّ العربيَّ يميلُ إلى المُتَعِ الحسِّيةِ, وهذا التأثيرُ كانَ واضحاً لدى المفسِّرِينَ ما أوقعهم بهذا المأزقِ, وهي صرفُ المتَّقِينَ للرجالِ في حينِ تجاهلَ القرآنُ الكريمُ بحسبِ نظرهم النساءَ, ولكن لو أمعنَّا النظرَ في التفسيرِ اللَّغويِّ لتلكَ الكلمتينِ سنصلُ إلى المغزى الحقيقيَّ لتلكَ الكلمةِ, فتُشيرُ معاجمُ اللغةِ العربيةِ أنَّ الكواعبَ ومفردها كاعبٌ لها عدةُ معانٍ هيَ:
1 كلُّ مفصلٍ للعظامِ.
2 العظمُ البارزُ فوقَ القدمِ.
3 العظمتين البارزتين جنبَ القدمِ.
4 المكعب الذي يُلعبُ بهِ.
5 ما بين الأنبوبين منَ القصبِ.
6 الكتلةُ منَ السمنِ.
7 قَدْرُ صبة منَ اللبنِ.
8 اصطلاحٌ للحسابِ.
9 المجدُ والشرفُ
10 بالضمِّ وتعني الثدي.
وبالتالي من الصعبِ التعرُّفِ على المعنى الذي قصدَهُ القرآنُ الكريمُ بكلمةِ كواعبَ, ولكنَّ الكواعبَ هنا أتت مضافةً إلى كلمةِ أتراباً فلنرى كلمةَ أترابَ علامَ تدلُّ في معاجمِ اللغةِ:
يقولُ معجمُ لسانُ العربِ: (ويقالُ تربُ الرجلُ هو من وُلِدَ معهُ وأكثرُ ما يكونُ ذلك في المؤنَّثِ ويقالُ هي تربها وهما تربانِ والجمعُ أترابٌ), وبذلك لو زاوَجْنَا بينَ معنى الكواعبِ والأترابِ لرأينا أنَّ المعنى الوحيدُ المستقيمُ بينَ الكواعبِ وصفةُ الأترابِ التي لا تكونُ إلّا للعاقلِ هي ذوو الشرفِ المقاربينَ بالعمرِ, لأنَّ كلمةَ أترابٍ كما قلنا لا يُوصفُ بها غيرُ العاقلِ أبداً فلا يصحُّ أنْ نصفَ الكواعبَ بأنَّها ثديينِ, لأنَّ الأترابَ هما المتماثلانِ, وذلك لأن الأترابَ صفةٌ للعاقلِ فقط, وهو ما ألِفَتْهُ العربُ واتفقتْ عليه, وكذلك لا يمكنُ أنْ نصفَ المفصلين أو نتوئي العظمين أو غيرهما بأنهما أترابٌ لأنَّ "أترابٌ" كما قلنا لا تأتي إلا لوصفِ العاقلِ, فالكواعبُ الأترابُ هما ذوو الشرفِ في الجنةِ المتقاربينَ بالعمرِ.
.../...
رويِّ الذي لا يمكنُ أن نتصورهُ أبداً, وللأسفِ فإنَّ الكثيرَ من المسلمينَ ظنَّ أنَّ هذا الخمرَ هو ليسَ كخمرِ الدنيا, وأنَّ لبنها ليس كلبنِ الآخرةِ, ولكنَّهم نسوا أنَّ الله تعالى قال: (مَثَلُ الجنةِ), وليس هناك مما يتصورهُ الكثيرُ منَ المسلمينَ من مُتَعٍ حسيةٍ وجنسيةٍ في الجنةِ, فاللهُ تعالى أعدَّ للمتقينَ نعيماً لنْ يستطيعَ أحدٌ منَ البشرِ أنْ يعرفَ كُنْهَهُ, لذا ضربَ لنا أمثلةً للتقريبِ فقط, فنحنُ نستطيعُ أنْ نقتربَ من فهمِ معنى الجنةِ من خلالِ فهمِ الأمثالِ التقريبيَّةِ التي ضربَها اللهُ لنَا, لتبسيطِ الأمرِ نأخذُ مثالاً: فلو أردنا أنْ نَصِفَ العلاقةَ الحميميَّة َبين الرجلِ والمرأةِ لطفلٍ ماذا سنقولُ لهُ؟ سنقولُ لهُ أن طعمَ تلكَ العلاقةِ كالشوكولاته, فالطفلُ سيفهمُ أنَّ العلاقةَ الحميميَّةَ بينَ الرجلِ والمرأةِ علاقةٌ طيِّبةٌ, ولكنْ فَهْمَهُ لنْ يوصلهُ إلى ماهيَّةِ تلكَ العلاقةِ, فنحنُ هكذا مع نعيمِ الجنةِ وعذابِ الآخرةِ, فنحنُ لا نفهمهما أبداً لأنَّها نَشَأتْ بعيدةً كلَّ البعدِ عن فهمِ عقولنا القاصرةِ, لذلك ضربَ اللهُ لنا أمثلةً للتقريبِ, أمَّا إنْ فهمناها حرفياً فسنكونُ مخطئينَ.
يقولُ اللهُ تعالى في كتابهِ الكريمِ واصفاً حالَ المتقينَ في الجنةِ في سورةِ النبأِ ما نصُّهُ : }إنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً{31} حَدَائِقَ وَأَعْنَاباً{32} وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً{33}{ والغريبُ أنَّ معظمَ المسلمينَ يرونَ أنَّ الكواعبَ الأترابَ هي النساءُ الممتلئاتِ الصدرِ, ولذلكَ فإنَّ هذا المعنى شكَّلَ حجةً لمن يرى أنَّ في الجنةِ متّعاً جنسيَّةً وحسِّيةً, ولكنَّهُ نسيَ أمراً مُهِماً وهو أنَّ الله تعالى قال للمتقينَ, فهل المتقينَ هم الرجال فقط؟ فما بالُ النساءِ وماذا يفعلنَ بالكواعبِ الأترابِ إنْ كانتْ تلكَ الكواعبُ الأترابُ بهذا المعنى الذي يفسِّرُهُ السطحيُّونَ؟ ولكنْ علينا أنْ نفهمَ جيداً أنَّ البيئةَ التي نشأ فيها التفسيرُ هي بيئةٌ صحراويةٌ ذكوريَّةٌ كان العربيُّ يُمَنِّي النفس فيها أنْ يسكنَ في حدائقَ وجناتٍ بدلاً من الصحراءِ التي يقطنُها, والتي تحيطهُ منْ كلِّ جانبٍ, وأنَّ العربيَّ يميلُ إلى المُتَعِ الحسِّيةِ, وهذا التأثيرُ كانَ واضحاً لدى المفسِّرِينَ ما أوقعهم بهذا المأزقِ, وهي صرفُ المتَّقِينَ للرجالِ في حينِ تجاهلَ القرآنُ الكريمُ بحسبِ نظرهم النساءَ, ولكن لو أمعنَّا النظرَ في التفسيرِ اللَّغويِّ لتلكَ الكلمتينِ سنصلُ إلى المغزى الحقيقيَّ لتلكَ الكلمةِ, فتُشيرُ معاجمُ اللغةِ العربيةِ أنَّ الكواعبَ ومفردها كاعبٌ لها عدةُ معانٍ هيَ:
1 كلُّ مفصلٍ للعظامِ.
2 العظمُ البارزُ فوقَ القدمِ.
3 العظمتين البارزتين جنبَ القدمِ.
4 المكعب الذي يُلعبُ بهِ.
5 ما بين الأنبوبين منَ القصبِ.
6 الكتلةُ منَ السمنِ.
7 قَدْرُ صبة منَ اللبنِ.
8 اصطلاحٌ للحسابِ.
9 المجدُ والشرفُ
10 بالضمِّ وتعني الثدي.
وبالتالي من الصعبِ التعرُّفِ على المعنى الذي قصدَهُ القرآنُ الكريمُ بكلمةِ كواعبَ, ولكنَّ الكواعبَ هنا أتت مضافةً إلى كلمةِ أتراباً فلنرى كلمةَ أترابَ علامَ تدلُّ في معاجمِ اللغةِ:
يقولُ معجمُ لسانُ العربِ: (ويقالُ تربُ الرجلُ هو من وُلِدَ معهُ وأكثرُ ما يكونُ ذلك في المؤنَّثِ ويقالُ هي تربها وهما تربانِ والجمعُ أترابٌ), وبذلك لو زاوَجْنَا بينَ معنى الكواعبِ والأترابِ لرأينا أنَّ المعنى الوحيدُ المستقيمُ بينَ الكواعبِ وصفةُ الأترابِ التي لا تكونُ إلّا للعاقلِ هي ذوو الشرفِ المقاربينَ بالعمرِ, لأنَّ كلمةَ أترابٍ كما قلنا لا يُوصفُ بها غيرُ العاقلِ أبداً فلا يصحُّ أنْ نصفَ الكواعبَ بأنَّها ثديينِ, لأنَّ الأترابَ هما المتماثلانِ, وذلك لأن الأترابَ صفةٌ للعاقلِ فقط, وهو ما ألِفَتْهُ العربُ واتفقتْ عليه, وكذلك لا يمكنُ أنْ نصفَ المفصلين أو نتوئي العظمين أو غيرهما بأنهما أترابٌ لأنَّ "أترابٌ" كما قلنا لا تأتي إلا لوصفِ العاقلِ, فالكواعبُ الأترابُ هما ذوو الشرفِ في الجنةِ المتقاربينَ بالعمرِ.
.../...