نقوس المهدي
كاتب
كان شعراء الغزل في التاريخ العربي يحرصون على كرامة الحب ويقدسون العفاف على رأي زكي مبارك ومن مظاهر هذا التقديس تقديم القصائد بدءاً بالنسيب وكان الشعراء الصوفيون عشاقاً هجروا الحب الوجداني الى الحب الروحاني. ويرى زكي مبارك وهو يدرس شعراء الغزل جميل بثينة او كثير عزة وحب العباس بن الاحنف لفوز انما هي وحدانية تختلف عن الشرك في الحب كما لدى شعراء الغرب الذين لا يرون من المرأة سوى شكلها الخارجي ولدينا شعراء عذريون ينأون بمشاعرهم او شعرهم عن الجانب الحسي او ان تكون معشوقته مجرد جسد لأن الشاعر روح هائم في الآفاق لا تحط على السهول..وليس لهذه الروح من قرار وربما كان الشاعر مجنوناً بليلاه لا يرى منها سوى أطياف تمر على رؤاه والحب في نظر جميل بثينة نوعاً من الجهاد وكل قتيل بينهن شهيد.
وكان الشاعر عمر بن ابي ربيعة وهو في نظر البعض شاعر المجون يقسم انه ما اطلع على جسدٍ حرام ويرى عباس محمود العقاد ان عمر بن ابي ربيعة ينتمي الى مدرسة الشعراء الذين يتغزلون بأكثر من امرأة او يشتهرون بحب النساء جميعاً. وهو في رأيه نرجسي عاشق لذاته وان شعره كان ارضاء لغرور المرأة او لغروره وكان على كثرة معاشرته للنساء يحمد الحياء والخفر في المرأة بعيداً عن مشاعر الاقتحام او الهجوم على جسدها واستلاب عريها كما يقتضي العرف البدوي او الفطري.
وإذا أراد ان يصف جمالها فهي هيفاء بارزة النهود او عجزاء او جيداء بعيدة مهوى القرط تنام الى الضحى مكسالاً وكان الشاعر عمر يستهويه التقبيل ومص لثاتها مشغوفاً بحديث المرأة.
وفي بداية القرن العشرين كان ابو القاسم الشابي قد كتب قصيدة ((أيتها الحالمة بين العواصف)) كان ينظر الى حبيبته كزهرة جميلة في الغاب ان تعيش بعيداً من الطهر كالملاك البريء أو كثلوج الجبال لأنها من ريشة الإله خلقت لتعبد من بعيد وليس ليقربها الناس ويرى الناقد احسان عباس ان الشاعر يحتفظ لحبيبته بصفتين هما البعد والطهارة وهما ما يريدهما لنفسه وقد تكون الحبيبة الطاهرة هي ذات الشاعر نفسه.
فإذا وصلنا الى نزار قباني رأينا المرأة لديه حبلى زرع العار في صلبها وليس لديه لها سوى ليراته الخمسين وهي وعاء للعديد في قصيدة أخرى واجيرة يحطم عزتها بدراهم ثم يستعبدها فليس هناك ذلك الغزل الروحي او العذري او الصوفي الذي كان يمثله الشاعر العربي القديم ويصل الامر ان يتهمها بأنها مشبوهة الشفتين ويطلب اليها ان تصب نهدها في دنيا فمه لأن نهديها نبعا لذة حمراء وان تفك غلائلها وهو ما لم يجر عليه شعراء الغزل العرب ويطلب اليها ان تتحرر مما عليها وتحطم وتتحطم،ان الدعوة لتحرير جسد المرأة في شعر نزار قباني لا حدود لها والرغبة في تعريتها ظاهرة شائعة في كل شعره وتجاربه الحسية وهذه المرأة هي مجرد جسد للعبث وان حاول لاحقاً ان يعيد لها بعض انسانيتها.
ونشر الشاعر العراقي حسين مردان ديوانه قصائد عارية وهو لا يقصد عري القصيدة،بل نساءه العاريات والشاعر مثل نزار قباني يقول انه لا يحب شيئاً مثل نفسه وانه يحيا عارياً والحيوان في اعماقه فالمرأة في قصيدته عاهرة تجيد الهوى بالظفر والناب والحب جراح غائرة ويد خبيرة وصراع يعلك العصب في داخله وحش يقابل نهداً متمرداً وابليس يلعن طهرها يراها عارية لأنه رضع الفجور من ثدي أمه ويطلب اليها ان تتجرد لأن جسمها يضج بلظى الفجور وهو لا يعترف بالطهر او العفاف ولا يبصر في غرفتها سوى المرأة السافلة وان معشوقته تتغنى على جثة الطهر وهو يرى في المرأة جمالاً خفياً هو جمال الشهوة ويصرخ بها:
وتمددي عريانة كالنهر جمّده الشتاء
وفي قصيدة اخرى يقول:
فمتى أراك بجانبي عريانة
نشكو ونلص حبنا متعانقين
فالشاعر والعشيقة جيف مطهرة على حد تعبيره من مهاوي الزنا ومن ظل الحرام فهذا هو حسين مردان رمز للذة الابيقورية وللشهوة لعنة الجحيم ذو نزوع إيروسي كما يقال في علم النفس يعبد إيروس إله الشهوة والحب ويعري جسم المرأة، ولا يفهم لغة الجسد.
في مجلة الرسالة المصرية كان احمد حسن الزيات يخجل من نشر مقال لأنور المصراوي عن ديوان طفولة نهد نزار قباني وحتى لا يقع في الحرج سماه طفولة نهر ليستر عورته على رأي الناقد صلاح فضل،والآن يطلع علينا الشاعر سعدي يوسف بمجموعة شعرية مصورة تشكيلياً باسم إيروتيكا أي مشاهد جنسية أوحى بها ايروس إله الحب فعل مثلما فعل الشعراء الحسيون لكن بلغة مشفرة وبرموز عارية تشف ولا تشف عن مدلولاتها التي وصلت الى اعضاء كامنة من جسد المرأة فهناك حليب الغصن يستدر بالأصابع وهناك تفوح الاعشاب في الدلتا بين النهرين او في بين الاصداف ورفيقته في هذه القصائد عارية دائماً وهي فارسة تلهث بفخذيها على جوادٍ منهك هو الشاعر طبعاً وهو لا يشتاق الى حديثها او ثيابها او اسمارها صديقاتها كما كان يفعل عمر بن ابي ربيعة ،بل يشتاق اليها فقط وهي عارية ترقص من الاعماق وحتى في الحرب عندما تهز قذيفة البناية تسقط صورتها العارية.
وهكذا يكتمل المشهد الشعري منذ امرئ القيس حتى اكتمال اللوحة عارية وسقوطها في الحرب من شعر سعدي يوسف.. ولعل هذا عندما تفتح جسدها كانت اكثر خفراً وحياءً وهي تواجه أمها كما يقول الشاعر بشارة الخوري فتفصح لها برموز اكثر شفافية من الشعراء الحسيين انفسهم كما يلي:ـ
ويا دهشتي حين فتحت عيني = وشاهدت في الصدر رمانتين
فرحتُ الى البحر للابتراد = وحملني ويحه موجتين
فما سرت الا وقد ثارتا = برد فَّي البحر رجراجتين
ولكن كل ما قلناه في بدء هذا المقال لا يمنع من الحديث عن وجود أدب عربي في التراث الشعري العربي له مصطلح متداول وكتب متداولة ولعل قصيدة دعد المتجردة تعبر أجمل تعبير قبل ان تصل الى إيروتريكا سعدي يوسف.
.
وكان الشاعر عمر بن ابي ربيعة وهو في نظر البعض شاعر المجون يقسم انه ما اطلع على جسدٍ حرام ويرى عباس محمود العقاد ان عمر بن ابي ربيعة ينتمي الى مدرسة الشعراء الذين يتغزلون بأكثر من امرأة او يشتهرون بحب النساء جميعاً. وهو في رأيه نرجسي عاشق لذاته وان شعره كان ارضاء لغرور المرأة او لغروره وكان على كثرة معاشرته للنساء يحمد الحياء والخفر في المرأة بعيداً عن مشاعر الاقتحام او الهجوم على جسدها واستلاب عريها كما يقتضي العرف البدوي او الفطري.
وإذا أراد ان يصف جمالها فهي هيفاء بارزة النهود او عجزاء او جيداء بعيدة مهوى القرط تنام الى الضحى مكسالاً وكان الشاعر عمر يستهويه التقبيل ومص لثاتها مشغوفاً بحديث المرأة.
وفي بداية القرن العشرين كان ابو القاسم الشابي قد كتب قصيدة ((أيتها الحالمة بين العواصف)) كان ينظر الى حبيبته كزهرة جميلة في الغاب ان تعيش بعيداً من الطهر كالملاك البريء أو كثلوج الجبال لأنها من ريشة الإله خلقت لتعبد من بعيد وليس ليقربها الناس ويرى الناقد احسان عباس ان الشاعر يحتفظ لحبيبته بصفتين هما البعد والطهارة وهما ما يريدهما لنفسه وقد تكون الحبيبة الطاهرة هي ذات الشاعر نفسه.
فإذا وصلنا الى نزار قباني رأينا المرأة لديه حبلى زرع العار في صلبها وليس لديه لها سوى ليراته الخمسين وهي وعاء للعديد في قصيدة أخرى واجيرة يحطم عزتها بدراهم ثم يستعبدها فليس هناك ذلك الغزل الروحي او العذري او الصوفي الذي كان يمثله الشاعر العربي القديم ويصل الامر ان يتهمها بأنها مشبوهة الشفتين ويطلب اليها ان تصب نهدها في دنيا فمه لأن نهديها نبعا لذة حمراء وان تفك غلائلها وهو ما لم يجر عليه شعراء الغزل العرب ويطلب اليها ان تتحرر مما عليها وتحطم وتتحطم،ان الدعوة لتحرير جسد المرأة في شعر نزار قباني لا حدود لها والرغبة في تعريتها ظاهرة شائعة في كل شعره وتجاربه الحسية وهذه المرأة هي مجرد جسد للعبث وان حاول لاحقاً ان يعيد لها بعض انسانيتها.
ونشر الشاعر العراقي حسين مردان ديوانه قصائد عارية وهو لا يقصد عري القصيدة،بل نساءه العاريات والشاعر مثل نزار قباني يقول انه لا يحب شيئاً مثل نفسه وانه يحيا عارياً والحيوان في اعماقه فالمرأة في قصيدته عاهرة تجيد الهوى بالظفر والناب والحب جراح غائرة ويد خبيرة وصراع يعلك العصب في داخله وحش يقابل نهداً متمرداً وابليس يلعن طهرها يراها عارية لأنه رضع الفجور من ثدي أمه ويطلب اليها ان تتجرد لأن جسمها يضج بلظى الفجور وهو لا يعترف بالطهر او العفاف ولا يبصر في غرفتها سوى المرأة السافلة وان معشوقته تتغنى على جثة الطهر وهو يرى في المرأة جمالاً خفياً هو جمال الشهوة ويصرخ بها:
وتمددي عريانة كالنهر جمّده الشتاء
وفي قصيدة اخرى يقول:
فمتى أراك بجانبي عريانة
نشكو ونلص حبنا متعانقين
فالشاعر والعشيقة جيف مطهرة على حد تعبيره من مهاوي الزنا ومن ظل الحرام فهذا هو حسين مردان رمز للذة الابيقورية وللشهوة لعنة الجحيم ذو نزوع إيروسي كما يقال في علم النفس يعبد إيروس إله الشهوة والحب ويعري جسم المرأة، ولا يفهم لغة الجسد.
في مجلة الرسالة المصرية كان احمد حسن الزيات يخجل من نشر مقال لأنور المصراوي عن ديوان طفولة نهد نزار قباني وحتى لا يقع في الحرج سماه طفولة نهر ليستر عورته على رأي الناقد صلاح فضل،والآن يطلع علينا الشاعر سعدي يوسف بمجموعة شعرية مصورة تشكيلياً باسم إيروتيكا أي مشاهد جنسية أوحى بها ايروس إله الحب فعل مثلما فعل الشعراء الحسيون لكن بلغة مشفرة وبرموز عارية تشف ولا تشف عن مدلولاتها التي وصلت الى اعضاء كامنة من جسد المرأة فهناك حليب الغصن يستدر بالأصابع وهناك تفوح الاعشاب في الدلتا بين النهرين او في بين الاصداف ورفيقته في هذه القصائد عارية دائماً وهي فارسة تلهث بفخذيها على جوادٍ منهك هو الشاعر طبعاً وهو لا يشتاق الى حديثها او ثيابها او اسمارها صديقاتها كما كان يفعل عمر بن ابي ربيعة ،بل يشتاق اليها فقط وهي عارية ترقص من الاعماق وحتى في الحرب عندما تهز قذيفة البناية تسقط صورتها العارية.
وهكذا يكتمل المشهد الشعري منذ امرئ القيس حتى اكتمال اللوحة عارية وسقوطها في الحرب من شعر سعدي يوسف.. ولعل هذا عندما تفتح جسدها كانت اكثر خفراً وحياءً وهي تواجه أمها كما يقول الشاعر بشارة الخوري فتفصح لها برموز اكثر شفافية من الشعراء الحسيين انفسهم كما يلي:ـ
ويا دهشتي حين فتحت عيني = وشاهدت في الصدر رمانتين
فرحتُ الى البحر للابتراد = وحملني ويحه موجتين
فما سرت الا وقد ثارتا = برد فَّي البحر رجراجتين
ولكن كل ما قلناه في بدء هذا المقال لا يمنع من الحديث عن وجود أدب عربي في التراث الشعري العربي له مصطلح متداول وكتب متداولة ولعل قصيدة دعد المتجردة تعبر أجمل تعبير قبل ان تصل الى إيروتريكا سعدي يوسف.
.