نقوس المهدي
كاتب
هناك فرق كبير بين أن تفرغ شهوتك أثناء علاقتك بزوجتك، وبين تفريغها أثناء مشاهدتك للإباحية، بعض الناس قد يعتقدون، أنهما على حد سواء، فكلاهما قيام بالشيء نفسه، وأنهما مجرد نوعين من الشيء نفسه، أليس كذلك؟ ولكن هل هما كذلك ؟ إنه من السهل أن نتصور أنهما على حد سواء وينطويان على حياتنا الجنسية أو أنهما نوعان من الشيء نفسه. ولكن هذا ليس هو الحقيقة. ولا حتى نهايته. دعونا ننظر إلى الحقائق. هناك فرق في إفراز الموصلات العصبية التي تفرز في الجسم بعد العلاقة الزوجية عنها بعد تفريغ الشهوة أثناء مشاهدة الإباحية يصل إلى أربعة أضعاف، فتلك المواد الكيميائية الطبيعية التي تحقق الاكتفاء تكون أقل عند مشاهدة الإباحية بمقدار أربعة أمثال عنها في العلاقة الحميمية الطبيعية . أثناء مشاهدة الإباحية ليس هناك إمكانية لربطك فعلا بإنسان آخر الذي هو شريك حياتك، وبدلا من ذلك، يتم تكييف النظام الفسيولوجي للمشاهد كي يستجيب لصورة على الشاشة لشخص غير حقيقي وغير متواجد بالفعل . هذا هو السبب في أن العلاقة الحقيقة الشرعية والإباحية ليست شكلين من الشيء نفسه، إنها بعيدة كل البعد عنها، تخيل استخدام الباراسيتامول وهو مسكن ليس قويا للتخفيف من الألم من كسر في الساق.إنه علاج للآلام! أليس كذلك؟! صعب أن يقوم بذلك . أو ماذا عن شرب الكولا بعد خوض ماراثون، إنها سوف تروي عطشك! أليس كذلك؟! صعب أن تفعل ذلك. هذا بالضبط مثلما يحدث في الدماغ عندما يراقب الاباحية. ولأنه لا يوجد شخص فعلي يتشارك معك في أثناء تفريغ شهوتك، المشاهد للإباحية يحصل على بعض المواد الكيميائية الاصطناعية، ولكنه يفتقد إلى كل الفوائد التي تأتي من ممارسة العلاقة الشرعية الفعلية، نحن بحاجة الى بعضنا البعض، نحن بحاجة إلى الحب الحقيقي، والإباحية هي بالتأكيد ليست حقيقية. المستخدمون ربما يفكرون ويقولون : "ولكن انتظر لحظة،نحن كلنا نُثار لممارسة الجنس فمشاهدة الإباحية أمر طبيعي، هذه الرغبات الجنسية جيدة ويجب عدم قمعها ". ووفقا لهذا المنطق القائل بأن الإباحية أمر طبيعي لمجرد أن أجسامنا لديها طبيعة جبلية من الشهية لممارسة الجنس، فهو مثل قولنا أن التوينكيز هو طبيعي لأن الجسم يحتاج الغذاء. تفكر في ذلك - فلقد أبرزت شركات الأغذية أنه من خلال الجمع بين بعض المكونات (وخاصة السكر المكرر، والدهون، والملح) والتي يمكن أن تؤدي إلى إفراز مواد كيميائية ضخمة في الجسم، وإنتاج كميات كبيرة من الدوبامين مما يؤدي إلى الرغبة في تناول المزيد. ربما تعتقد أنني أمزح، لكن الحقيقة بالفعل أن أحد الباحثين قضى عاما كاملا في تعقب كل مكونات التوينكيز فوجدها 39 مكون. وهي تشمل حمض الاسكوربيك كمادة حافظة (مشتقة من الغاز لطبيعي)، والألوان الاصطناعية والمنكهات (صنعت من البترول)، وثلاث من المواد الكيميائية وهي السليلوز، وبوليسوربات60، وكبريتات الكالسيوم وهي المكونات التي تستخدم أيضا في الألواح الصخرية، والشامبو، والوقود الصخري. إنها تقريبا مثل أن تمسك بمجرفة وتحمل بها بعض التربة من مستنقعات لويزيانا عندما تضع وصفة لهذه الطبخة . نحن لسنا هنا للتحدث في الأساس عن التوينكيز، نحن فقط نريد أن نبين أنه في حين أن التوينكيز هو منتج صُنع بدقة ليكون جذابا في مذاقه، ولكننا في المقابل بالكاد نعتبره من "الغذاء"، لأنه ليس له أي قيمة غذائية من أي نوع أساسا، فهناك أشياء وهمية يمكن استهلاكها، ولكنها ليست حتى جيدة مثل الشيء الحقيقي وأحيانا تكون ضارة. مثل الشهية للطعام فكذلك الشهوة الجنسية هي جزء طبيعي من كوننا بشرا. ما هو غير طبيعي هو ما تفعله صناعة المواد الإباحية للاستفادة من الرغبات الجنسية لدينا. مستخدمو الإباحية قد يتساءلون لماذا يشعرون بعدم الارتياح، والدونية، والاكتئاب، أو القلق بعد مشاهدة الاباحية. ذلك لأن أجسامهم تريد الحياة الجنسية الطبيعية بدلا من تغذيتها بشيء مصطنع، ومبالغ فيه، وتم تغيير شكلها الأصلي لغرض وحيد هو خلق أكبر اندفاع للمواد الكيميائية الممكنة في الجسم والتي تسبب بعض اللذة الزائفة الوقتية وتسبب الإدمان أيضا . وهذا هو السبب في أننا نتحدث عن الاباحية كونها مثل "المخدرات" التي "تستخدم". أعتقد أننا الآن بدأنا نرى كيف أن الشيء المدمر يمكن أن يأتي من الرغبة الطبيعية لدينا؟ المواد الإباحية جوفاء، وتجربة جنسية مزورة. فالجنس الاصطناعي هو مجرد تقليد يمكن أن يتسبب في بعض الأذى الجسيم لكل من الدماغ والعلاقات، ما يمكن أن يبدو للبعض على أنه مثل الترفيه غير المؤذي يمكن فعلا أن يضر بعلاقات المشاهد مع هؤلاء الذين يحبونه، وتشوه توقعاته عن وجود قصة حب واقعية وسليمة مع زوجة تحبه ويحبها ثم تكوين أسرة سعيدة ومستقرة . وأقول: كل هذا وغيره يجعلك أخي الغالي تتفكر وتعقل فتأخذ قرارك بعدم الاقتراب من تلك المواد الإباحية لأنها زيف وضرر وهلاك لمشاهدها، بل وتدمير بالكلية لبدنه ودماغه وعلاقاته بربه أولا ثم بكل من حوله. قال تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }.
د. محمد عبد الجواد
د. محمد عبد الجواد