عباس هاني الجراخ - نظرات نقدية في كتاب "منازل الأحباب ومنازه الألباب

شهاب الدين محمود بن عمر بن سلمان الحلبي (ت725هـ) شاعر ومصنِّف، ترك لنا عددًا من الآثار المهمة، في الأدب و التاريخ. وكنت قد اطلعت على كتابه (حُسن التوسّل إلى صناعة الترسّل) مطبوعًا ببغداد، 1980م.
و(منازل الأحباب ومنازه الألباب) كتاب نفيس أخرجه إلى النور محققًا الدكتور محمد الديباجي، وصدر عن دار صادر ببيروت، ط1، 2000م، بعد أن قدّم له بمقدمة علمية. وبلغ عدد صفحاته -مع المقدمة، التي فصل أرقامها عن أرقام الكتاب- 476 صحيفة.
وهذا الكتاب حافل بالأشعار والقصص عن العشق والعشّاق، صنّفه شهاب الدين الحلبي بعد رجوعه إلى كثير من المظان الأدبية والتاريخية التي تبحث في الموضوع عينه، من العصر الجاهلي حتى عصر المؤلف، بل إنه لم ينس أن يُضمّنه قِطعًا من شعره.
بذل المحقق الفاضل جهده في تقديم الكتاب في صورة أقرب إلى ما أراده مؤلفه، مع خدمته بالمقارنة بين المخطوطات الأربع التي اعتمد عليها في التحقيق، وإيراد الاختلافات بينها وبين المصادر الأخرى، فضلاً عن تفسير المفردات، وترجمة الأعلام، وضبطه بالشكل، وتخريج النصوص الشعرية، وإثبات الأوزان إزاء كل قطعة، ثم أغناه بالفهارس النافعة.
قرأت الكتاب فتجمّعت لديّ تعاليق ونظرات نقدية، رأيت أذيعها هنا، خدمة للكتاب والقارئ، وكي يأخذ به المحقق في طبعة قابلة.
وها هي ذي مبسوطة وموثّقة على النحو الآتي:

أولاً: المقدمة:
كتب الدكتور الديباجي مقدمة لتحقيقه، وقعت ص6-30، وسبقها تمهيد، وقد قسّمها على ثلاثة فصول.
أ- في الفصل الأول تحدّث عن المصنِّف وآثاره. ويلاحظ:
1- جاء اسم الأثر الرابع له -ص15- (مقامة العشاق)، وهو مفقود، برجوعه إلى (الأعلام).
أقول اسمه (مقامات العشّاق)(1)، وهو في فضائل دمشق وحماة، كتبه في أقاصيص عشق الشعراء مع كثير من الشعر، وينتهي بمدح الملك المنصور، أمير حماة (ت683هـ). وتوجد قطعة منه في مخطوط هامبورغ 101.
2- لم يذكر من مصنفاته (لباب الألباب)، وهو كتاب يتناول موضوعات حِكَمية وأخلاقية، تتخللها مقتطفات شعرية، ويقع في 79 بابًا، آخره: في كفّ الجوارح وصدّها عن القبائح. منه نسخة خطية في مكتبة طوب قابي سرايي بإستانبول، رقم 2474، في 190 ورقة(2).
ب- في الفصل تناول مضمون الكتاب وهدفه ومنهجه وقيمته.
أقول: لم يبحث في نسبة الكتاب إلى مؤلفه، على الرغم من أن الأمر مهمّ جدًّا، وجزء من المنهج العلمي في التحقيق؛ ذلك أن اسم الكتاب يُعزى إلى الحسن بن شادر الكناني، المعروف بابن النقيب (ت687هـ). والغريب أن المحقق لم يشر إلى هذا، هنا في المقدمة، والأغرب من ذلك أنه أشار إليه في هامش ص263 عند ورود قطعة لإبراهيم بن النقيب عرضًا، بقوله: "أغلب الظن أن المقصود هنا هو الحسن بن شاور بن طرخان، ناصر الدين، وهو شاعر من أفاضل مصر. توفي سنة 687هـ. وقد نسب له خير الدين الزركلي كتاب (منازل الأحباب ومنازه الألباب). وقال إنه في مجلدين. ولا شك أن هذا خطأ". (الأعلام) 2/192.
يقول عباس الجراخ:
أ- مكان مناقشة هذه القضية هو في المقدمة بأدلة وإيضاح، وليس في هامش في نهاية الكتاب ورد عرضًا!!
ب- إن الزركلي -رحمه الله- لم يكن واهمًا؛ لأنه يرجع إلى مصادر موثوقة في تراجمه.
ج- رأيت الصفدي في (الوافي بالوفيات) 12/44، في ترجمة ابن النقيب يقول: "له كتاب سمّاه (منازل الأحباب ومنازه الألباب)، ذكر فيه المجاراة التي دارت بينه وبين أهل عصره من البداءات والمراجعات، وهو في مجلدين، انتخبتُ منه أشياء...".
وورد ذِكر هذا الكتاب بهذا الاسم في (فوات الوفيات) لابن شاكر الكتبي 1/232.
د- في ترجمة ابن النقيب يقول بروكلمان: "يُعزى إليه في نور عثمانية 4280 كتاب (منازل الأحباب ومنازه الألباب)، غير أنه ربما كان هذا الكتاب هو كتاب ابن فهد في الحب"(3).
وهذا الشك في نسبة الكتاب إلى النقيب يتحول إلى شيء قطعي، فنجده في ترجمة شهاب الدين الحلبي يقول: "توجد مختارات قد تكون من هذا الكتاب في مخطوطة غوتا 29، وغالبًا ما تُنسب لابن النقيب، وهذه النسبة غير صحيحة"(4).
قلتُ: يتضح من كل هذا ما يأتي:
1- إن لابن النقيب كتابًا بالاسم نفسه يقع في مجلدين رآه الصفدي ونقل منه أشياء، أي أنه كتاب كبير الحجم، في حين أن كتاب الحلبي صغير إذا ما قيس عليه.
2- إن مضمون كتاب ابن النقيب هو المجاراة التي دارت بينه وبين أهل عصره. أما كتاب الحلبي فهو خاص بالعشق والمحبين، ولا يختص بعصر من العصور.
3- من المؤكد أن لابن النقيب أشعارًا(5) له، أوردها في كتاب، يردّ بها على أشعار معاصريه، لكننا لم نجد له شعرًا في كتاب الحلبي.
4- إن الصفدي هو تلميذ الحلبي، وهو حين نسب الكتاب إلى ابن النقيب لم يشكّ فيه على الإطلاق، وكيف يشكّ فيه، وهو ينقل منه؟ لذا فهو لم يخطئ في نسبته إليه ولا في وصفه له.
5- إن بروكلمان شكّ في نسبة مخطوطة نور عثمانية إلى ابن النقيب، ثم عاد في مكان آخر -ومخطوطة أخرى- بتأكيد الشكّ إلى النفي عنه.
فهو شكّ في المخطوطة -أو المخطوطتين- أمامه. وتحيّر في اتفاق الاسمين.
أخلص من هذا إلى أن لكل من ابن النقيب الحسن بن شاور وشهاب الدين محمود الحلبي كتابًا اسمه (منازل الأحباب ومنازه الألباب)، وإن اختلفا منهجًا ومادة.
وكان على د. محمد الديباجي أن يرجع إلى ديباجتيهما عند بروكلمان، ويحاول الحصول على نسخة نور عثمانية، ليوازن ويبحث ويستقصي، لكنه لم يفعل!!
ج- في الفصل الثالث، بحث في النسخ الأربع التي رجع إليها، وهي موجودة في ليدن (نسختان) 698 و1069، وواحدة في برلين 8369(6)، والأخيرة في جامعة القرويين بفاس 592، وأحسن إذ أثبت نماذج منها.
أقول: فاتت المحقق نسخ أُخَر، هي:
1- المتحف البريطاني 771.
2- أيا صوفيا 437.
3- ليدن ثاني/847/8.
4- القاهرة ثاني 3/382(7).
5- مخطوطة طوب قابي سرايي برقم 2471. ولعلها أهمها، لأنها بخط حسن بن يوسف بن إبراهيم الأنصاري، نسخها سنة 736هـ(8)، أي هو معاصر للمؤلف.
إن رجوع المحقق إلى هذه النسخ الخطّية أمر ضروريّ ومهمّ، وخاصة المخطوطة الأخيرة، كي يكون عمله أقرب إلى الكمال في المنهج العلمي.

ثانيًا: النص المحقَّق

تخريج النصوص:
أ- رجع المحقق الكريم في تخريج الأبيات الشعرية إلى عدد من الدواوين لشعراء مختلفين، وهذا أمر يحمد له، ولكنه في الوقت نفسه أهمل الرجوع إلى دواوين كثيرة مطبوعة ومحققة لشعراء آخرين، وهم: خالد الكاتب، العتابي، سعيد بن حميد، هدبة بن الخشرم، عبيدالله بن عبدالله بن مسعود، النابغة الشيباني، الأحوص، عبدالصمد بن المعذل، محمد بن داود الأصبهاني، يزيد بن الطثرية، جران العَود، طهمان بن عمرو الكلابي، الحسين بن مطير الأسديّ، قيس بن الحدادية، أبو الشيص، السمهريّ العكليّ، ابن حمديس، أحمد بن أبي فنن، مسلم بن الوليد، الطغرائي، الأرّجاني، الناشئ، المؤمل بن أميل، عبدالله بن المعتز، شهاب الدين التلّعفريّ، القطاميّ، ابن الوردي، الحسين بن الضحاك، الحاجري، مهيار الديلمي، عليّة بنت المهدي، توبة بن الحميّر، مروان بن أبي حفصة.
أقول: لو رجع المحقق إلى دواوين أولئك الشعراء لزاد عمله علمية وتوثيقًا، بل هو جزء من منهج تحقيق المخطوطات.
ب- تخريجات جديدة
في الكتاب قِطع لم ينسبها المؤلف إلى أصحابها، فسكت المحقق أيضًا عن نسبتها، فضلاً عن قِطعٍ أخر عُزِيَتْ إلى شعراء آخرين:
أ- ورد ص130: "التضمين... كقول الشاعر:
وَهُمْ وردوا الجفار على تميم
وجدت لهم مواقف صادقاتٍ وهم أصحاب يوم عكاظ إنِّي
شهدتُ لهم بصدق الودّ منّي"
ولم يعرّف بالشاعر أو البيتين.
أقول: البيتان للنابغة الذبياني، في ديوانه 127-128، القاهرة، 1974م.
2- ورد في ص233: وقال آخر:
حاولتُ أمرًا فلم يجر القضاءُ به ولن أرى واحدًا يُعْدَى على القدر
وبعده بيتان. فلم يعرّف الشاعرَ، أيضًا:
أقول: الأبيات لمحمد بن داود الأصبهاني في كتابه (الزهرة) 1/456، وهو أحد مصادر المحقق الفاضل. وأخلّ بها شعره الذي جمعه د. نوري القيسي ببغداد 1974م. واستدركناها عليه(9).
3- ص20، قال أبو العميثل:
وقد رابني من جعفر أنّ جعفرًا
فلو كنتَ عذريّ العلاقة لم تكنْ يلحّ على قرصي ويبكي على جُمل
بطِنًا وأنساك الهوى كثرة الأكل!
أقول:
أ- البيتان رواهما الأنطاكي في (تزيين الأسواق) ص52، لأبي العميثل، بالاعتماد على (منازل الأحباب)، وهذا أمر مهم لم يُشر إليه المحقق.
ب- البيتان لجميل بثينة في ديوانه 182، تحقيق د. حسين نصار، ولم يرجع إليه المحقق الكريم؛ على الرغم من أنه أحد مصادره!
4- ص275: "الذي يقول:
إن كان أهلك يمنعونك رغبة عنّي، = فأهلي بي أَضَنُّ وأرغبُ
أقول: سكت المحقق عن تخريجه، وهو لعبدالله بن مسلم الهذلي في (أمالي المرتضى) 1/412؛ وتُنظر بقية الأبيات في (جمع الجواهر) 48؛ (معجم البلدان) (مرقب)؛ (حماسة ابن الشجري) 2/616-617؛ وفيه أنه "مسلم بن جندب"؛ (الأشباه والنظائر) 2/182-183؛ (المغانم المطابة في معالم طابة) 12. مع العلم أن الشاعر نفسه ورد له خبر في (منازل الأحباب) نفسه ص68.
5- ص308: وردت قطعة لجميل لم يخرّجها المحقق على ديوانه ص127، وهو أحد مصادره، ولا رجع إلى (مصارع العشّاق) 2/262، وهو من مصادره أيضًا!!
ج- الخطأ في إثبات النصوص:
أخطأ المحقق في إثبات عدد من النصوص، منها:
- ص128: ورد بيت ابن حمديس المغربيّ:
لا يملّ الحديثُ منها معادًا = كانتشـاق العبير ليس يملّ
وجاء في الهامش أنه ورد في ثلاث نسخ خطية: "كانتشاق الهواء".
أقول: كان على المحقق إثبات رواية"كانتشاق الهواء" لأنها وردت في ثلاث نسخ، ويعزّز هذا أنها رواية الديوان نفسه، تحقيق المرحوم د. إحسان عباس، ص353.
- ص228:
أيا جبلي نُعمان بالله خلّيا سبيل = الصَّبا يخلص إليّ نسيمها
الصواب: (نَعمان)، بفتح النون الأولى. يُنظر: (الأماكن) للحازمي 2/895.
- ص243:
تلفتّ نحو الحيّ حتى وجدتُني = وَجَعْتُ من الإصغاء لِيتًا وأخدعا
الصواب: وجِعت.
د- تفسير المفردات:
فسّر د. الديباجي بعضًا من الكلمات التي تحتاج إلى تفسير وتوضيح، ولكن يلاحظ ما يأتي:
1- تفسير كلمات لا مسوّغ لها: منها طائر البوم ص131!!
2- التكرار، منه: ص188: الرسيس (بقية الشيء وأثره)، وأعاده في ص307.
وفسّر كلمة "الرند" ص173 (شجر طيبة الرائحة) وأعاد التفسير ص235.
فضلاّ عن: (الغلة: العطش الشديد) ص130 ثم 247...

3- الأعـلام:
ترجم المحقق للأعلام الذين وردوا في الكتاب بصورة موجزة، وأحال في ذلك على كتاب (الأعلام) للزركلي، وفي أحيان قليلة إلى (الأغاني) و(وفيات الأعيان).
وقد لاحظت فيه:
أ- ترجم لطهمان بن عمرو في ص94 وأعادها في ص238، وترجمة لابن المستوفي في ص180 وأعاد ذلك في ص262، كما ترجم لقدامة بن جعفر في ص71 وأعادها في ص246.
وهذا التكرار لا مسوّغ له على الإطلاق.
ب- عدم ذِكر مصادر الترجمة. في الكتاب عدد من التراجم التي وردت من دون ذِكر المصدر الذي يوثّقها. وهذا واضح عند علي بن عيسى بن الجراح 76، عوف بن محلم الخزاعي 100، ثعلب 71، جعفر بن محمد 56.
ج- أعلام لم يترجم لهم:
أورد المؤلف عددًا من الأعلام، لكن المحقق اعتذر عن ترجمة بعضهم عدم معرفته بهم، وفي أحيان أخرى كان يترك ذلك من دون أيّ تعليق. فمن ذلك:
1- ورد في ص206 (ابن زبلاق) ومعه سبعة أبيات، فعلّق المحقق: "لم نهتدِ للتعريف به".
قال عباس الجراخ: هو يوسف بن يوسف بن يوسف بن سلامة، محيي الدين بن زبلاق الموصلي، ولد سنة 603هـ في الموصل، وقتله التتار سنة 660هـ، حين دخلوا مدينته (ذيل مرآة الزمان) 1/514، (عيون التواريخ) 20/279، (البداية والنهاية) 13/231، له ديوان جمعه وحققه د. محمود عبدالرزاق أحمد العاني ود. أدهم حمادي ذياب النعيمي، ببغداد، 1411هـ/1990م. والأبيات وردت فيه ص143-144، وهي نشرة سيئة جدًّا وناقصة نقصًا مخلاًّ؛ لذا أعدنا تحقيق ديوانه وينشر في مجلة (الذخائر) البيروتية.
2- وفي ص281: أنشدني مجد الدين يوسف الذهبي لنفسه من أبيات:
أحمامة الوادي بشرقي الغضا = إن كنت مُسعدة الكئيب فَرَجِّعي
ولقد تقاسمنـا الغضا فغصونُهُ = في راحتيك وَجَمرُهُ في أضلعي"
ولم يترجم له أو يذكر مصدر الأبيات.
أقول: هو أبو المحاسن يوسف بن لؤلؤ بن عبدالله الذهبي، ولد سنة 607 بدمشق، وتوفي فيها سنة 680هـ (الوافي بالوفيات) 29/287، (تأريخ الإسلام) 378، (فوات الوفيات) 4/268، (عيون التواريخ) 21/287. وله ديوان شعر بتحقيقنا ودراستنا، سينشر في مجلة (المورد) البغدادية.
والبيتان في (الكشف والتنبيه) 419، (تذكرة النبيه) 1/71، (معاهد التنصيص) 2/270، ديوانه -القطعة 68.
2- جاء في ص56 "جعفر بن محمد"
فقال: "قاضٍ، من العلماء بالحديث، تركي الأصلي، لما دخل بغداد استُقبل فيها بالطبول. توفي سنة 301هـ".
أقول:
1- لم يذكر مصدر ترجمته هذه.
2- الصواب أنه الإمام جعفر بن محمد الصادق .
ترجمته في (تهذيب الأسماء) 1/149-150، (شذرات الذهب) 1/220.
4- ص263: (إبراهيم بن النقيب)
علّق المحقق: "كذا في الأصول"، وظنه الحسن بن شاور.
أقول: الصواب: أنه إبراهيم بن غازي بن عبيد الله المعروف بابن النقيب، توفي سنة 622هـ. ترجمته في (قلائد الجمان) لابن الشعار 1/12ب-16ب.
5- ص153: ورد اسم سليمان بن وهب، ولم يترجم له.
أقول: هو سلمان بن وهب بن سعيد الكاتب، وزير المهتدي والمعتمد. توفي سنة 272هـ. ترجمته في (ثمار القلوب) 209، (الفهرست) 183، (شذرات الذهب)، 2/187.
6- ص ص209: بدران بن مزيد بن صدقة.
فعلّق المحقق: "لم نهتدِ للتعريف به".
أقول: هو الأمير بدران بن صدقة بن منصور المزيدي. توفي في مصر سنة 530هـ. ترجمته في (خريدة القصر وجريدة العصر) قسم شعراء العراق، ج4، مج1، 177-182.
7- ص9: أبوالعباس الساحقي. وبعده ثلاثة أبيات، أولها:
بلوتُ إخاء الناس يا عمرو كلهم وجربتُ حتى أحكمتني تجاربي
فعلّق المحقق: "لم أعثر له على ترجمة"، وكذا ورد اسمه في فهرس الأعلام، ص385.
أقول: هذا وهم في إيراد اللقب، والصواب: (المساحقي) فهو سعيد بن سليمان بن نوفل بن مساحق، القاضي. ترجمته في (أخبار القضاة) لوكيع 1/233، (ترتيب المدارك) 1/297، (تاريخ بغداد) 9/66-67. والأبيات في (الأنس والعرس) للآبي 108، (أخبار القضاة) 1/233، (الورقة) لابن الجراح 45.
8- ورد في ص309 و310 اسم (عقيل بن علقمة) وتكرر في ص390.
أقول: لم يعرّف به المحقق، لأن الاسم ورد مُحرَّفًا، ولم ينتبه إلى هذا التحريف البيّن. فهو: عقيل بن علّفة بن الحارث بن معاوية المرّي، من شعراء الدولة الأموية. ترجمته في (طبقات فحول الشعراء) 2/711-718، (الاشتقاق) 29، (الأغاني) 12/254-270، (المؤتلف والمختلف) 240، (معجم الشعراء) 164-165، (سمط اللآلئ) 1/185-186، (خزانة الأدب) 2/278-279. وله شعر مجموع صنعه د. عبدالحسين المبارك، (مجلة كلية الآداب)، جامعة البصرة، العدد 10، 1976م.
9- ص145: "الشيخ شرف الدين عبدالعزيز".
أقول: لم يعرّف به المحقق الفاضل، على الرغم من شهرته؛ فهو عبدالعزيز بن محمد بن عبدالمحسن، المعروف بشرف الدين الأنصاري. توفي سنة 662هـ. ترجمته في (تاريخ الإسلام) حوادث 622هـ، ص100؛ (الوافي بالوفيات) 16/251؛ (تكملة إكمال الإكمال) 43؛ (عقد الجمان) 1/392. وله ديوان حققه المرحوم عمر موسى باشا.
4- إهمال الرجوع إلى مصادر المؤلف:
اعتمد المصنّف على عدد من الكتب التي سبقته، يستقي منها مواد كتابه، وذكر بعضها صراحة. أما المحقق فقد اكتفى بالرجوع إلى ثلاثة كتب فقط، وهي (الأغاني) لأبي الفرج الأصبهاني (ت360هـ)، و(تزيين الأسواق في أخبار العشاق) لداود الأنطاكي (ت1008هـ)، و(ديوان الصبابة) لابن أبي حجلة التلمساني (ت776هـ).
ويلاحظ أن المصنّف رجع إلى كتاب (الزهرة) لأبي بكر محمد بن داود الأصبهاني (ت297هـ) عدة مرات، صرّح في بعضها، ولم يصرّح في بعضها الآخر. لكن المحقق لم يرجع إلى هذا الكتاب على الإطلاق؛ لتخريج النصوص وتوثيقها؛ وإن كان قد أثبته في قائمة مصادره، ص441، على أنه رجع إليه!!!
ومما يؤكد قولنا ما جاء في ص76 في قول المؤلف: "وهذا أبو بكر محمد بن داود الأصبهاني من أكابر العلماء، وله قول في الفقه، وهو مصنّف كتاب (الزهرة) في المجاميع الشعرية، ومن كلامه: "من يئس ممن يهواه ولم يمت من وقته سلاه، وذلك أن أول روعات اليأس تلقى القلب وهو غير مستعد لها. فأما الثانية فتأتي القلب وقد وطّأته لها الروعة الأولى".
أقول: النص في (الزهرة) 1/452 (الباب الثامن والأربعون) والنص فيه طويل، منه: "من يئس ممن يهواه فلم يلتفت من وقته سلاه... فأول روعات اليأس تلقى القلب وهو غير مستعد لمقاومتها، ولا مصاب بمشاهدتها فتجرحه دفعة واحدة عادة إلى غير عادة. والروعة الثانية ترد على القلب وقد ذلّلته لها الروعة الأوَّلَةُ...".
إن الرجوع إلى النص الأصلي المنقول منه وإثبات الاختلاف أمر علمي منهجي، لم نجده هنا.
2- في ص39، ذكر أبوبكر محمد بن داود الأنطاكي الأصبهاني...
أقول: النص في (الزهرة) 1/57 باختلاف، خاصة في نهايته.
ويضاف إلى ذلك عدم رجوعه إلى مصادر معروفة في تخريج نصوص أخرى من كتاب الحلبي. من ذلك:
1- ص76، خبر محمد بن داود وابن سريج، ورد في (وفيات الأعيان) 4/260، (المحمدون) دمشق، 436.
2- ص137، الخبر الذي رواه الأصمعي عن أبي السائب المخزومي، ورد في (الموشّى) 106، (الزهرة) 1/207، و(ديوان الصبابة) 50.
3- جاء في ص264: ذكر أبوبكر محمد بن جعفر الخرائطي في كتاب (اعتلال القلوب) وكرره في ص266. فعلّق المحقق أن اسمه (اعتلال القلوب في أخبار المحب والمحبوب).
أقول: اسم الكتاب (اعتلال القلوب في أخبار العشاق والمحبين)، وقد حققه غريد الشيخ، في بيروت، دار الكتب العلمية، 1422هـ/2001م. وأذكر هذا للفائدة، لعلمي أنه طُبع بعد كتاب الحلبيّ.
4- الخبر في 276 في (الزهرة) 1/418، (زهر الآداب) 1/167.
5- في ص326 وردت قصة ومعها قطعتين. ولم يرجع في تخريجها إلى (عيون الأخبار) 4/31.
6- في ص58 خبر داود بن المعتمر مع المرأة في (عيون الأخبار) 2/51.
7- في ص190 ورد: "ما أنا بسال حتى يؤوب القارظان" ورجع المحقق في تخريجه إلى (المعجم الوسيط).
أقول: هذا لا يجوز، فهو مثل، يخرّج على (جمهرة الأمثال) 1/123.
وجاء في ص340: "وعن دعبل بن علي الخزاعي، قال: كان بالكوفة رجل من بني أسد، عشق جارية لبعض أهل الكوفة فتعاظم أمره وأمرها..."
أقول: المؤلف يشير إلى كتاب لدعبل الخزاعي هو (طبقات الشعراء)، وهو مفقود، والنص وارد في نصوص باقية من كتاب (طبقات الشعراء) لدعبل الخزاعي، جمع وتحقيق د. محمد جبار المعيبد، مجلة (المورد)، مج6، العدد الثاني، 1397هـ/1977م، ص121.
ثالثًا: الفهارس:
خدم المحقق الكريم الكتاب بثمانية(10) فهارس: الآيات القرآنية، الأحاديث النبوية، الأشعار، الأعلام، القبائل والأرهاط، الأماكن والبلدان، اللغة، المصادر والمراجع.
ويلاحظ على "فهرس الأعلام":
- سقطت أرقام عدد من الصفحات من الأعلام، وهم: أبوبكر بن دريد 287، المبارك بن أحمد 180، أبو السائب الكلبي 275 مع ملاحظة أن المحقق أسقط (أبو) من الاسم، طهمان بن عمرو 94، بشّار 219، 222، أبو بكر الخرائطي 266.
- عبدالله بن الله بن عتيبة بن مسعود. الصواب: عُبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود.
- أخطأ المحقق إذ فصل بين (الخفاجي، أبومحمد بن عبدالله بن محمد بن سنان ص383) و(عبدالله بن محمد بن سنان الخفاجي، ص388) و(أبومحمد الخفاجي، ص394).
وأعطى لكل منهم أرقام صفحاته الخاصة به.
والصحيح أنهم اسم واحد هو: عبدالله بن محمد بن سنان الخفاجي، صاحب سر الفصاحة؛ لذا كان الصواب أن تُذكر أرقام الصفحات كلها أمام الاسم الأشهر.
ولم نجد توضيحًا لعدد من الأعلام؛ منهم: ابن كناسة، أبوالعتاهية، إذ لم تُذكر أسماؤهم الأصلية.
- ورد: ابن كناسة 16. الصواب: 25. وفيها بعض الأخطاء المطبعية، صددنا عن ذِكرها.
وبخصوص (فهرس المصادر والمراجع)، نلاحظ ما يأتي:
- ثمة كتب لم ترد معها البيانات الببليوغرافية الخاصة بالمحقق وسنة الطبع ومكانه، وهذا واضح في (تزيين الأسواق)، (خزانة الأدب)، (ديوان جرير)، (ديوان ابن المعتز)، (شرح الحماسة) للمعرّي.
- رجع إلى نشرتين لديوان واحد، والصحيح الاكتفاء بطبعة علمية واحدة. يُنظر: (ديوان بشّار بن بُرْد)، (ديوان حاتم الطائي)، (ديوان جرير)، (ديوان الأخطل) لإيليا الحاوي، و(شعر الأخطل)، تحقيق فخر الدين قباوة.
- أثبت ديواني عبدالله بن الدمينة وعمر بن أبي ربيعة، والصحيح أن يحذفهما؛ لأني رأيت أنه لم يعتمد عليهما على الإطلاق في تخريج قطع للشاعرين!
هذا ما وددنا ذِكره من ملاحظ وتعاليق. وتحية للدكتور الديباجي. والحمد لله رب العالمين.




الهوامش:
* الحلّة، العـراق.
(1) تاريخ الأدب العربي، القسم السادس، 10-11/163.
(2) المخطوطات العربية في مكتبة طوب قابي سرايي بإستانبول، مجلة (المورد)، مج9، العدد 2، 1980م، ص408.
(3) تاريخ الأدب العربي 5/81. (4) تاريخ الأدب العربي، القسم السادس، 10-11/163.
(5) جمعنا شعر ناصر الدين بن النقيب وحققناه.
(6) لابد أن أشير إلى المحقق، ص27، وضع كلمة (كذا) بعد عبارة "كان الفراع من مشقهِ"، لأنه لم يعرف معناها. أقول: المشق: مدّ حروف الكتابة.
(7) تاريخ الأدب العربي (القسم السادس)، 10-11/163.
(8) مجلة (المورد)، مج9، العدد 2، 1980م، ص407.
(9) في نقد التحقيق، بعداد، 2002م، ص402. ثم أعدنا جمع وتحقيق شعر محمد بن داود الأصبهاني، وسينشر في مجلة (الذخائر) البيروتية.
(10) قال المحقق في مقدمته ص29-30: إنه صنع ثمانية فهارس، لكنه أورد تسعة، أولها (فهرس الموضوعات)، ثم لم يثبته في مكانه، كما وعد!

مجلة العرب
الجماديان
1426هـ
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...