نقوس المهدي
كاتب
رست «بورصة التكفير» في مصر، على المفكر الدكتور سيد القمني، ليضاف إلى قائمة طويلة من مفكرين تمّت محاكمتهم قبلاً، في محاكمات تشبه محاكمات القرون الوسطى. قائمة تبدأ بالشيخ محمد عبده، مروراً بطه حسين وعلي عبد الرازق ومحمد أحمد خلف الله وخليل عبد الكريم ونجيب محفوظ ونصر حامد أبوزيد.. ولا تنتهي بإسلام البحيري الذي يقضي الآن فترة عقوبة لمدة عام بتهمة «ازدراء الأديان»، وتطول القائمة لتشمل شخصيات تاريخية مثل محيي الدين ابن عربي الذي طالبت جماعات الإسلام السياسي بمنع كتبه!
وكان النائب العام المصري قد أحال الأسبوع الماضي بلاغاً قدمه أحد المحامين ضد الدكتور سيد القمني، لنيابة أمن الدولة العليا، لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي وسبّ الصحابة، خلال محاضرة له بعنوان «جذور وأسباب العنف الإسلامي» نظمتها منظمة «آدهوك» البلجيكية في أيار الماضي وأرفق صاحب البلاغ تسجيلا للمحاضرة التى « تزدري الأديان»، حسبما قال مقدم البلاغ.
لا للمغادرة
وقد تلقى القمني (مواليد العام 1947) خلال الساعات الأخيرة عددا من الدعوات لاستضافته خارج مصر.. لكنه رفضها كله، مؤكداً على حسابه الشخصي في «الفايس بوك»: أشكر كلّ الدعوات المحترمة التي وصلتني سواء من مؤسسات وهيئات وأفراد كي أعيش عيشاً كريماً في بلاد حرة، لكنني لا أعتقد بأنني سأعيش كريماً ووطني منتهك العقل والضمير، بقائي سجيناً أو مذبوحاً هو قربان متواضع كي تعيشوا أنتم كراماً في أوطانكم وهي حرة، في مصر حتى خروج النفس الأخير. لم يعد لي في دنياكم مغنماً غير أن يعيش فيها أولادي وأولادكم كراماً في أوطان عزيزة، دعمكم يكفيني زاداً وسلاماً وبرداً على قلبي، القضية الآن وطن يحتل وهوية تسحق، وبلادنا تستحق ما هو أفضل وأعظم، انحناءة عميقة لكم».
وأكد استعداده للمحاكمة معتبرا أنها حرب: «وإذا بدأت الحرب فستكون حامية الوطيس، وسيخسرون الكثير، بشرط علنية المحاكمات، وغير ذلك ستكون مكيدة لن أقبلها». وأضاف: «كل شيء في العلن، مُغطَّى بشكل إعلامي متوازن، ولو حدث هذا فلا شيء جديد عندهم ليقولوه، وأنا من لديه الجديد بالحجج والبراهين، وليس عندي أي بطحة على رأسي أستتر منها، ولدي أيضًا أنتم أينما كنتم، فهي معركتكم جميعًا، ومعركة وطن يضيع من بين أيدينا، استعنا على الشقاء بالعقل والمعرفة وحقوق لن نفرط فيها».
وبرغم تضامن عدد من المؤسسات والأحزاب مع القمنى، فضلا عن عدد من المثقفين الذي وقّعوا عريضة يرفضون مبدأ المحاكمة على الأفكار، يبدو أن القمني سيخوض المعركة منفرداً، إذ أن تضامن «الفايسبوك» مجرد «طقّ حنك» كما قال أحد أصدقاء القمني تعليقاً على المحاكمة وناصحاً إيّاه بالخروج، كما أن المثقفين يعتبرون أفكاره إثارية، كما حدث مع اسلام البحيري من قبل.
تاريخ مثير للجدل
يمتلك القمنى تاريخاً فكرياً مثيراً للجدل، إذ ليست هذه المرة الأولى التى يقف فيها أمام المحاكم، فقد تمّت مصادرة كتابه «ربّ الزمان» بقرار من نيابة أمن الدولة العليا في العام 1997، كما تلقى رسائل تهديد بسبب مقالاته التى كان ينشرها فى مجلة «روز اليوسف»، ما جعله يصدر بيانا يعلن فيه: «أننى أعلن براءة صريحة من كلّ ما سبق وكتبته، ولم أكن أظنه كفراً فإذا به يفهم كذلك، لذلك أعلن توبتي وبراءتي من كلّ الكفريات التي كتبتها فى مجلة «روز اليوسف» وغيرها براءة تامة صادقة يؤكدها عزمي على اعتزال الكتابة نهائياً من تاريخ نشر هذا البيان». وقد برّر موقفه هذا بخوفه على حياة «بناته» كما قال: «جاءنى بيان هددني في حياتي وبناتي، وأعتقد أنه لا يعيبني أن أفكر في حماية بناتي، أو أن أشعر بالخوف عليهن. البيان أصرّ على أن يكون الاعتذار في المكان نفسه الذى كنت أنشر فيه وهو مجلة روز اليوسف، وإلا سألقى حتفي خلال أسبوع»!
وبعد توقفه عن الكتابة واختفائه لفترة، عاد الى الجدل مرة أخرى بعد حصوله على «جائزة الدولة التقديرية»، ثم سحبت الجائزة منه بحكم قضائي، إذ اعتبرت المحكمة أفكاره مخالفة للقرآن والسنة. كما ظهر منذ شهور عدة من على شاشة التلفزيون المصري مهاجماً «الأزهر» معتبراً إيّاه مؤسسة «سلفية، ليست فوق النقد». مضيفا: «انتقد كل ما يتمّ تدريسه للطلاب في «الأزهر» لذلك يتم تشويهي، وأؤكد أني لم أهاجم الدين وإنما أعترض على ما يتمّ تدريسه في مناهج الأزهر.. فلا نجد الآن أي عالم أزهري يحاول الدعوة إلى الدين على أنه توعية للمواطنين كما لا يردّ على أحد من المفكرين بالحجة، وإنما يقدم حديث البشر باعتباره حديث الله». وقد تم وقف المذيعة التي استضافته عن العمل. وأعلن الأزهر عن مقاضاته، قبل أن يتراجع ليقوم أحد محامي «الجماعة الإسلامية» نيابة عن الأزهر بجرجرة القمني فى المحاكم، في قضية سوف ينشغل بها المثقفون في مصر طويلا!
(القاهرة)
السفير
وكان النائب العام المصري قد أحال الأسبوع الماضي بلاغاً قدمه أحد المحامين ضد الدكتور سيد القمني، لنيابة أمن الدولة العليا، لاتهامه بازدراء الدين الإسلامي وسبّ الصحابة، خلال محاضرة له بعنوان «جذور وأسباب العنف الإسلامي» نظمتها منظمة «آدهوك» البلجيكية في أيار الماضي وأرفق صاحب البلاغ تسجيلا للمحاضرة التى « تزدري الأديان»، حسبما قال مقدم البلاغ.
لا للمغادرة
وقد تلقى القمني (مواليد العام 1947) خلال الساعات الأخيرة عددا من الدعوات لاستضافته خارج مصر.. لكنه رفضها كله، مؤكداً على حسابه الشخصي في «الفايس بوك»: أشكر كلّ الدعوات المحترمة التي وصلتني سواء من مؤسسات وهيئات وأفراد كي أعيش عيشاً كريماً في بلاد حرة، لكنني لا أعتقد بأنني سأعيش كريماً ووطني منتهك العقل والضمير، بقائي سجيناً أو مذبوحاً هو قربان متواضع كي تعيشوا أنتم كراماً في أوطانكم وهي حرة، في مصر حتى خروج النفس الأخير. لم يعد لي في دنياكم مغنماً غير أن يعيش فيها أولادي وأولادكم كراماً في أوطان عزيزة، دعمكم يكفيني زاداً وسلاماً وبرداً على قلبي، القضية الآن وطن يحتل وهوية تسحق، وبلادنا تستحق ما هو أفضل وأعظم، انحناءة عميقة لكم».
وأكد استعداده للمحاكمة معتبرا أنها حرب: «وإذا بدأت الحرب فستكون حامية الوطيس، وسيخسرون الكثير، بشرط علنية المحاكمات، وغير ذلك ستكون مكيدة لن أقبلها». وأضاف: «كل شيء في العلن، مُغطَّى بشكل إعلامي متوازن، ولو حدث هذا فلا شيء جديد عندهم ليقولوه، وأنا من لديه الجديد بالحجج والبراهين، وليس عندي أي بطحة على رأسي أستتر منها، ولدي أيضًا أنتم أينما كنتم، فهي معركتكم جميعًا، ومعركة وطن يضيع من بين أيدينا، استعنا على الشقاء بالعقل والمعرفة وحقوق لن نفرط فيها».
وبرغم تضامن عدد من المؤسسات والأحزاب مع القمنى، فضلا عن عدد من المثقفين الذي وقّعوا عريضة يرفضون مبدأ المحاكمة على الأفكار، يبدو أن القمني سيخوض المعركة منفرداً، إذ أن تضامن «الفايسبوك» مجرد «طقّ حنك» كما قال أحد أصدقاء القمني تعليقاً على المحاكمة وناصحاً إيّاه بالخروج، كما أن المثقفين يعتبرون أفكاره إثارية، كما حدث مع اسلام البحيري من قبل.
تاريخ مثير للجدل
يمتلك القمنى تاريخاً فكرياً مثيراً للجدل، إذ ليست هذه المرة الأولى التى يقف فيها أمام المحاكم، فقد تمّت مصادرة كتابه «ربّ الزمان» بقرار من نيابة أمن الدولة العليا في العام 1997، كما تلقى رسائل تهديد بسبب مقالاته التى كان ينشرها فى مجلة «روز اليوسف»، ما جعله يصدر بيانا يعلن فيه: «أننى أعلن براءة صريحة من كلّ ما سبق وكتبته، ولم أكن أظنه كفراً فإذا به يفهم كذلك، لذلك أعلن توبتي وبراءتي من كلّ الكفريات التي كتبتها فى مجلة «روز اليوسف» وغيرها براءة تامة صادقة يؤكدها عزمي على اعتزال الكتابة نهائياً من تاريخ نشر هذا البيان». وقد برّر موقفه هذا بخوفه على حياة «بناته» كما قال: «جاءنى بيان هددني في حياتي وبناتي، وأعتقد أنه لا يعيبني أن أفكر في حماية بناتي، أو أن أشعر بالخوف عليهن. البيان أصرّ على أن يكون الاعتذار في المكان نفسه الذى كنت أنشر فيه وهو مجلة روز اليوسف، وإلا سألقى حتفي خلال أسبوع»!
وبعد توقفه عن الكتابة واختفائه لفترة، عاد الى الجدل مرة أخرى بعد حصوله على «جائزة الدولة التقديرية»، ثم سحبت الجائزة منه بحكم قضائي، إذ اعتبرت المحكمة أفكاره مخالفة للقرآن والسنة. كما ظهر منذ شهور عدة من على شاشة التلفزيون المصري مهاجماً «الأزهر» معتبراً إيّاه مؤسسة «سلفية، ليست فوق النقد». مضيفا: «انتقد كل ما يتمّ تدريسه للطلاب في «الأزهر» لذلك يتم تشويهي، وأؤكد أني لم أهاجم الدين وإنما أعترض على ما يتمّ تدريسه في مناهج الأزهر.. فلا نجد الآن أي عالم أزهري يحاول الدعوة إلى الدين على أنه توعية للمواطنين كما لا يردّ على أحد من المفكرين بالحجة، وإنما يقدم حديث البشر باعتباره حديث الله». وقد تم وقف المذيعة التي استضافته عن العمل. وأعلن الأزهر عن مقاضاته، قبل أن يتراجع ليقوم أحد محامي «الجماعة الإسلامية» نيابة عن الأزهر بجرجرة القمني فى المحاكم، في قضية سوف ينشغل بها المثقفون في مصر طويلا!
(القاهرة)
السفير