عبد الله الشارف - الاستغراب في مجال المرأة من خلال كتابات د. فاطمة المرنيسي

[SIZE=4]1 ـ تمهيد:
الاستغراب في الميدان الاجتماعي أضخم من أن يحاط به، والمستغربون في هذا الباب يصعب عدهم ، وإنما وقع الاختيار على الدكتورة فاطمـة المرنيسي لاعتبارين : أولهما لأنها كاتبة امرأة، ومنذ البداية كنت أود أن يضم بحثي هذا عنصرا نسويا. ثانيهما لأن هذه الكاتبة جعلت من المرأة محور كتاباتها. وقد شكلت المرأة الموضوع الرئيس في المواضيع الاجتماعية التي درست بمنطق الاستغراب. ومنذ بزوغ الحركة الوطنية في المغرب وتيار الاستغراب يسعى جادا لاخـراج المرأة من البيت، وحثها على مشاركة الرجل في كل ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ويغريها على السفور والاختلاط.
[/SIZE]

[SIZE=4]غير أن هذه المشاركة النسوية بالرغم من الدفع إلى الأمام لم تحقـق الأمل المنشود، وصدق عليها المثل العربي القائل: ” أسمع جعجعة ولا أرى طحينا”. وهكذا، كما بينت الدكتورة فاطمة المرنيسي وغيرها ممن يهتم بالمرأة المغربية الحديثة، بقيت المرأة ترسف في قيود الظلم والاستغلال.
ومن خلال ثلاثة محـاور: محور المرأة في إطار العمل ومحور العلاقة الزوجية ومحور الحجاب، سيتم الاطلاع على آراء فاطمة المرنيسي الاجتماعية ذات التوجه الاستغرابي.

2 ـ المرأة والعمل
في كتابين: “السلوك الجنسي في مجتمع اسلامي تبعي” و”نساء الغرب: دراسة ميدانية“، عالجت الكاتبة فاطمة المرنيسي مشكلة المرأة، وخصوصا المرأة المغربية،وما تعانيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية…«ذلك أن التمايز الطبقي في المجتمع المغربي يفرز معاناة خاصة ومتميزة لدى المرأة الفقيرة، والحديث عنها يعني أولا محاولة القاء الضوء على وضعية 95 %من جماهير النساء المغربيات اللائي يعانين من ظروف حياة صعبة في إطار اقتصاد رأسمالي تبعي»(…) «فالتحديث الذي عرفته بنيات العديد من المؤسسات وفي مقدمتها العائلة لم يكد يمس التصورات السائدة والعلاقات الاجتماعية التي ظلت وثيقة الارتباط بالفكر الابوي المضطهد للمرأة…»[1][1].
« ولا يعني التحديث النسبي الذي طبع المؤسسات المدينية أن حياة الفئات الفقيرة في المدن عرفت تغييرا بعيد المدى، ذلك أن وضعية المرأة العاملة في المدينة ليست أفضل من وضعية المرأة البدوية، فهي الأخرى تعاني من استغلال السادة أرباب العمل وتناضل نضالا يوميا مريرا من أجل العيش. ويتمثل أبرز مظهر لمأساة المرأة المغربية الفقيرة في المدن، في أن خروجها إلى العمل لم يؤد إلى تخلصها ولو نسبيا من اضطهاد المجتمع لها». [2][2]
« تهدف هذه الدراسة إلى توضيح محاور التغيير التي مست حركية الحياة البدوية وأثرها على المرأة وعلى المجالات التي تساهم فيها خصوصا، ومردود هذه المساهمة سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الايديولوجي. كما تهدف إلى إطلاع المخططين على الامكانيات والتوجيهات والوسائل التي يمكن أن ترتبط بها سياسة للتحديث القروي (…) «ماهي آثار ارتباط الاقتصاد بالسوق الدولية وإدخال التكنولوجية الحديثة على وضعية المرأة البدوية وعلى مساهمتها في الاقتصاد والأنشطة الاجتماعية الأخرى؟ ما هو تأثير كل ذلك على أدوار الجنسين وعلى التقسيم الجنسي للعمل، وبالتالي على المردود المادي (أموال عينية أو نقدية) أو معنوي (مكانة، احترام، جاه…الخ) الذي يخلقه ويتلقاه و يتحكم فيه كـل فرد تبعا للجنس الذي ينتمي إليه؟ ما هي آثار التقدم الرأسمالي، وما يترتب عنه من تقدم تكنولوجي متطور على وضعيةالمرأة البدوية؟ وكيف كان تأثير ذلك على علاقتها بالمجموعة التي تعيش فيها عموما وبالأسرة والزوج خصوصا؟»[3][3].
هذه النصوص المأخوذة من الكتابين المشار إليهما، تبين بوضوح كيف أن المرأة المغربية بالرغم من قيامها بكثير من الأعمال (الفلاحة… الخدمات…) ومشاركتها في نمو الاقتصاد الوطني، فإنها تعيش على هامش الحياة وتستغل أفظع استغلال. ولا أظن أحدا يختلف مع الدكتورة فاطمة المرنيسي فيما توصلت إليه من نتائج، لا سيما وأنها قامت باجراء دراسة ميدانية في خريف سنة 1979 حيث قامت باستجواب عدد لا بأس به من الأسر، وذلك في قرية بكارة التابعة لجماعة المساعدة باقليم القنيطرة. وهناك عاينت عن كثب بؤس المرأة البدوية، ومكابدتها من جمع الحطب وسقي الماء وتنظيف أمكنة الحيوانات، وتقديم الطعام والشراب وتربية الاطفال.
« ولمعرفة الواقع البدوي يبدو الاستجواب المنهج الوحيد الكفيل بتوضيح الروابط المعقدة، بين تطور البنية القاعدية الاقتصادية وتحولاتها ومرتباتها على حياة النساء وتصوراتهن ، ولذا توجب استجواب عدد أقصى من أفراد المجموعة نفسها سواء كانوا بالغين أو أطفالا من الجنسين، لكي يمكن تكوين فكرة عن العالم الجماعي والرغبات والمصالح… وقد كانت الاستجوابات جماعية ومشتركة في غالب الاحيان، ودارت في المواقع التي تشهد تجمع الجنسين عادة في إطار الأسرة وفي أمكنة العمل. وبما أنه سبـق لي القيام بدراسة في هـذه المجموعة لحساب “اليونسكو” حول نظرة الأسرة إلى الطفل، وقمت خلالها باستجواب عشرين أسرة في خريف 1979 ، فلقد اكتفيت بعشرين استجوابا مطولا مع النساء، بالإضافة إلى اللقاء والحوار الجماعي والاستجوابات مع المسؤولين عن النمو القروي: أطباء وممرضين ومعلمين وتقنيين وموظفي الادارة العمومية والشيوخ والقواد الخ…»[4][4].
لقد برهنت فاطمة المرنيسي بما قامت به من استجوابات وبحوث اجتماعية، على كفاءتها في ميدان البحث الاجتماعي بالمعنى “الدوركايمي”، وهي بذلك تستحق التنويه خاصة وأن البحوث الاجتماعية الميدانية في المغرب ما زالت في طور المخاض. لكن الموضوعية التي تسلحت بها في البحث الاجتماعي، لم تمنعها من إصدار بعض الأفكار الذاتية، وذلك عندما حملت الشريعة الإسلامية مسؤولية الوضعية المزرية التي تعيشها المرأة المغربية، وهي بذلك تعبر عن منطقها الاستغرابي كما يتضح مما يلي:
« إن موقف الإسلام من المرأة ومكانتها في المجتمع الإسلامي من المواضيع التي تناولتها الكثير من الدراسات. وهناك حشد من الدراسات القانونية الدينية أو ذات الصبغة العلمية، لم تفتأ تطمئن المؤمن حول قضية بارزة تطرح على كل رجل يتوفر على قدر من الذكاء وهي: كيف نلائم بين رسالة المساواة الأساسية في العقيدة الإسلامية، وبين عدم المساواة النوعية التي تركزت عليها العلاقة بين الزوج المؤمن وبين زوجته المؤمنة؟ والأساس الذي يجب أن ندركه في معالجتنا للتصورات السائدة حول دور الجنسين بمنطقة الغرب، هو أن القرآن يحدد بوضوح ودون أدنى التباس أدوار الجنسين في العديد من السور، ومن أبلغها ما يلي:
« وللرجال عليهن درجة، والله عزيز حكيم».( سورة البقرة آية 227 ).
إن أفضلية الرجل على المرأة تعود إلى العامل الاقتصادي، ذلك لأنه يوفر للمرأة حاجاتها. في القانون الإلهي لا تمتلك الثروات بطريقة مباشرة. وفي هذا التقسيم المقدس للعمل بين الجنسين، تعرف المرأة بكونها عاجزة عن توفير حاجاتها وهو ما توضحه الآية التالية:
« الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم. فالصالحات قانتات، حافظات للغيب بما حفظ الله». (سـورة النساء آية 34) .
ونجد ذلك في الفصل 115 من مدونة الأحوال الشخصية الصادرة سنة 1957 (نشر بالجريدة الرسمية عدد 2354 ظهير شريف رقم 1.47.343. – 6 دجنبر 1957).
والفصل 118 يحدد مفهوم النفقة بأنها إرضاء الحد الأدنى من الحاجات الضرورية الحيوية: « تشمل نفقة الزوجة السكنى والطعام والكسوة والتمريض بالقدر المعروف، وما يعتبر من الضروريات في العرف والعادة».
إن المرأة المسلمة تعرف بوضوح كعنصر جنسي قبل كل شيء، فهي تقدم خدمات جنسية وتعيد إنتاج الجنس البشري في حدود الشرعية الأبوية، التي تفرض عليها عفة لا يمكن أن تضمن إلا عن طريق محاصرة المكان، فتحظر على المرأة الالتقاء بالذكور الغير المحرمين عليها، وتقيدها في مجال ضيق غير اقتصادي هو المجال المنزلي منذ أزيد من أربعة عشر قرنا»[5][5].
«وذلك ما حصل بالضبط في المغرب خلال فجر الاستقلال أي سنة 1956 و 1957، حيث اجتمعت لجنة مشكلة من عشرة رجال اختيروا من بين السلطات الدينية العليا وكبار موظفي وزارة العدل، وأنشأت مدونة للأحوال الشخصية التي تمت المصادقة عليها بعد مناقشتها كقانون رسمي. ويحدد الفصل 115 من هذه المدونة أن: ” نفقة كل إنسان في ماله إلا الزوجة فنفقتها على زوجها”. وبالتالي فإن حق المرأة في العمل بشكل واضح ولا لبس فيه، لا يتأكد من خلال هذا القانون الذي اختار الارتكاز على الوهم الذي تغذيه الصورة التقليدية للعائلة، حيث تلتبس الرجولـة بالقوة الاقتصادية والأنوثة بالوضع السلبي للمرأة كمستهلكة. ويساهم القانون في إحياء الوهم الذي يستمد كل قوته من لا واقعيته التامة»[6][6].
يشتمل النص الأول على اتهامين خطيرين الأول: «عدم المساواة النوعية التي ترتكز عليها العلاقة بين الزوج المؤمن وزوجته المؤمنة». والثاني« أن المرأة المسلمة تعرف بوضوح كعنصر جنسي قبل كل شيء».
إذا كانت الدكتورة فاطمة المرنيسي تفسر الوضعية الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة والمنحطة التي تعيشها المرأة بنوعية النظام السياسي وفشل الديمقراطية، فإنها كثيرا ما تلقي باللائمة على الدين وتحمله مسؤولية تهميش الأنثى.
ألم تقرأ قوله تعالى:« خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها» (النساء1) ، وقوله: « للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن» (النساء 32) ، وقوله أيضا: « ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف» (البقرة:228)، وقوله تعالى:« ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن، فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا…» (النساء 124). إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عكس ما رددته فاطمة المرنيسي من الأحكام. ثم هل عرفت حضارة من الحضارات المساواة فيما يخص العلاقة بين الزوج والزوجة كما عرفتها الحضارة الإسلامية؟ ولا بأس بالمناسبة، من إعطاء صورة موجزة عن وضعية المرأة وعلاقتها بزوجها عند بعض الأمم السابقة.
كان الأثينيون من اليونان مثلا ينظرون إلى المرأة كمتاع من الأمتعة. وللزوج الحق في بيعه إن شاء. كما اعتبر اليونانيون النساء رجسا من عمل الشيطان ومصدرا للمصائب والكوارث، حيث كان البنات يقدمن قربانا إلى الآلهة عند حلول مصيبة بالمجتمع. وهناك أسطورة يونانية اتخذت امرأة خيالية تسمى باندورا وجعلتها ينبوع الشرور والآلام. ويذهب المؤرخون إلى أن مثل هذه الأساطـير كان لها تأثير كبير في سلوك الأمة اليهودية والمسيحية تجاه المرأة، وبالتالي في مجال القانون والأخلاق والاجتماع عندهم. إن المرأة لم تكن عند اليونان إلا كائنا من الدرك الأسفل غاية في المهانة والذلة. وأباح الأثينيون للرجل الزواج بما شاء من النساء بدون تحديد العدد. واشتهرت عند اليونان أسطورة أفروديت وهي زوجة إلاه يوناني، خانت ثلاثة آلهة فانجبت كيوبيد إلاه الحب. ومع انتشارعبادة أفروديت غدت أماكن الدعارة والفجور مركزا للعبادة وعظم شأن الزنى.
ولم تكن المرأة عند الرومان في وضعية أحسن مما كانت عليها عند اليونان، خصوصا في العهد الأخير من تاريخ الامبراطورية. فبعد ما كانت تتمتع بكثير من الحقوق في إطار العلاقة الزوجية وخارجها خلال العهد الأول من حضارة الرومان، إذا بمكانتها تنتكس ويحل بها ما حل بأختها اليونانية. وهكذا بعد أن كـان الزواج عندهم شيئا محترما، أصبح عبارة عن عقد مدني يتوقف بقاؤه على رضـا المتعاقدين، فكثر الطلاق وأصبحت المرأة تتزوج رجلا بعد آخر. وبلغ بهم التطرف في آخر الأمر أن جعل كبار علماء الأخـلاق منهم يعـدون الـزنى شيئا عاديا. وهكذا ذهب( شيشرون) إلى عدم تقييد الشباب بأغلال الأخلاق المثقلة… ومال (ابيكتيتس) الفيلسوف الرواقي إلى نفس الرأي… فأصبحت المسارح مظاهر للخلاعة والتبرج الممقوت والعري المشين. وزينت البيوت بصور ورسوم كلها دعوة سافرة إلى الفجور والدعارة، كما ازدهر الأدب الماجن إلى أن زالت دولة الرومان وتمزق جمعها كل ممزق.
إن الأستاذة فاطمة المرنيسي عندما أثارت موضوع العمل بالنسبة للمرأة، وحملت على مدونة الأحوال الشخصية التي تنص على أن نفقة الزوجة على زوجها، تكون بهذا الموقف الاستغرابي، قد عبرت من جهة عن عدم معرفتها بحقيقة الشريعة الإسلامية وتصورها، أي تصور هذه الشريعة الغراء لمفهوم الأسرة، وعن عدم إدراكها، أي الأستاذة المرنيسي، لكنه طبيعة المرأة وخصائصها الفطرية. ومن جهة أخرى تعبر عن وقوعها في أسر فلسفة الغرب ومخالب الثقافة الغربية الهدامة.
ومما لا شك أن الباحثة أخذت ببريق مبدأ المساواة على الطريقة المألوفة في بلـدان الغرب، فبادرت بانتقاد حكم الإسلام فيما يخص موضوع عمل المرأة. ولو أمعنت النظر لوجدت أن هذه المساواة التي يتبجح بها الغربيون فكرة خاطئة جعلت المرأة هناك تنحرف عن القيام بوظيفتها الطبيعية، تلك الوظيفة التي يتوقف عليها بقاء الإنسانية واستقرارها. ودفعت بها في أتون الحياة الاقتصادية الرأسمالية فلفحتها نيران المعامل والشركات والمكاتب، كما استهوتها المشاركة في اللعبة اليهودية لتعرية الجسد عن طريق السينما والإشهار، وعرض الأزياء وحفلات الرقص والغناء، إلى غير ذلك من أمور اللهو والمجون. وشيئا فشيئا بدأت قواعد البيت تتقوض وفقدت الحياة الزوجية معناها وتلاشى سرها.
ولعله ليس من المساواة في شيء أن تشتغل المرأة في المعمل أو الإدارة، ثم تضيف إلى ذلك أتعاب العمل في البيت ؛ «إن الرجل والمرأة، وإن فرض أنهما متكافئان في القوة الجسدية والاستعداد الذهني، فلم تحمل الفطرة عليهما مع ذلك، واجبات متساوية. وذلك أن الرجل لم يجعل عليه من خدمة بقاء النوع غير أن يلقى بذرة في الحرث، ثم يروح لسبيله حتى يعمل فيما يشاء من شعب الحياة. والمرأة بخلاف ذلك قد حملت معظم أعباء تلك الخدمة. وللنهوض بهذه الأعباء فهي تعد منذ تكون مضغة لحم في بطن أمها، ولهذا الغرض يقوم هيكلها الجسدي، ولهذا ـ لا غيرـ تنتابها مدة شبابها وكهولتها نوبات الحيض، التي لا تدعها أهلا للقيام بتبعة جسيمة أو بجهد عقلي أو بدني لثلاثة أيام أو سبعة عشر من كل شهر. ولهذا الغرض نفسه تعاني المسكينة متاعب الحمل وما بعد الحمل طول سنة كاملة تضل خلالها معلقة بين الصحة والمرض، ثم لهذا كله تمر عليها سنتان من الرضاعة، تسقي فيها الزرع الإنساني بدمها وترويه من ينابيع ثدييها. وبعد ذلك أعواما ذوات عدد، في التربية الابتدائية لولدها، تحرم نفسها أثناءها نوم الليل وراحـة النهار وتؤثر الجيل الآتي على راحتها ومتعتها وبهجتها ورغباتها وعلى كل ما يعز عليها. فإذا كان الواقع ما وصفنا، فانظر ماذا يقتضيه الإنصاف في أمر المرأة؟ هل من الإنصاف إليها أن تطالب بالقيام بتلك الواجبات الفطرية التي لا يشاركها فيها الرجل بطبعه، ثم يحمل عليها فوق ذلك مثل ما يحمل على الرجل من واجبات التمدن، التي قد أعفي هذا لأجل القيام بها من جميع واجبات الفطرة؟ فيفرض عليها أن تتحمل كل ذلك المصائب التي تتجشمها الفطرة، ثم تخرج من البيت كالرجال لتعاني الكسب، وتكون معهم على قدم المساواة في القيام بأعمال السياسة والقضاء والصناعات، والمهن والتجارة والزراعة وإقامة الأمن والدفاع عن حوزة الوطن. وليس هذا فحسب ، بل يكون عليها بعد ذلك ان تغشى المحافل والنوادي، فيتمتع الرجال ببراعة جمالها وأنوثتها، وتهيء لهم أسباب الخلاعة والمجون واللذات والمتعة ، أما والله إنه ليس من الإنصاف، بل هو عين الظلم والعدوان وليس بمساواة بين الصنفين، بل هو عبث صريـح بالمساواة. وإنما الذي يقتضيه الإنصاف، هو أن الصنف الذي قد كلفته الفطرة أعباء جساما لا يكلف من أعمال التمدن إلا ما هو خفيف المحمل، وأن الذي لم تكلفه الفطرة بشيء عظيم، يحمل عليه من واجبات التمدن ما هو أهم وأثقل وأدعى للجهد والتعب، ويكون أيضا قواما على الأسرة يرعاها ويربيها»[7][7].
ومن ناحية أخرى أكدت كثير من البحوث الاجتماعية استحالة وجود جهاز يحل محل الأسرة ويقوم بوظيفتها، وأن نظام المحاضن برهن على أنه لا يخلو في أضرار مفسده لتكوين الطفل وتربيته. فليس من الإنسانية أن يحرم أولئك الاطفال من حنان أمهاتهم ورعايتهم، في ظل الأسرة ويزج بهم في تلك السجون. ولا غرابة في أن يصاب عدد كبير منهم باضطرابات نفسية، وذلك من جراء اصطدام نظام المحاضن بفطرة الطفل وتكوينه النفسي. وقد ذهب غير واحد من علماء الاجتماع إلى القول بأن الأسرة عبارة عن مؤسسة دائمة غير قابلة للتغيير، منعزلة عن الشروط الاجتماعية المتغيرة. وبينوا حب الأم على أنه غريزة ينحدر من الأعمال الفزيولوجية المشتركة بين كل الحيوانات، وكذلك حمايـة الأب فإنه واجب محتوم عليه بسبب ضعف الزوجة والأولاد.
إن نظام عمل المرأة الذي يضحى بالصحة ‎النفسية للطفل، أغلى خبرة على وجه الأرض، لجدير بالمقت والمعارضة. أليس في وسع الحكومات والأنظمة الجاهلية في العالم أن تعفى المرأة من جحيم العمل خارج عشها بتقديم معونات مادية لكل امرأة محتاجة؟ بلى في وسعها ذلك. ولكن إفساد الأسرة أمر قد خطط له من قبل، وسهر على ذلك مجموعة من أولي الفكر والسياسة، ممن عرفوا بالثورات ضد الكنيسة وكل ما يتعلق بمخلفات القرون الوسطى الغربية من نظم اجتماعية وعادات وتقاليد؛« لم يكن الرواد الأوائل لحركة تحرير وإفساد المرأة سوى “ماركس” و”إنجلز” مؤسسا الشيوعية اللذان أفتيا في ” الوثيقة الرسمية للبيان الشيوعي (1848) بأن الزواج والبيت والأسرة لم يكن في الماضي سوى لعنة أدت إلى وضع النساء في رق دائم. لذلك أصرا على وجوب تحرير المرأة من العبودية المنزلية، كي تشارك عن طريق استقلالها الاقتصادي التام في عملية التطور من خلال وظيفتها مع الرجال واشتغالها في المصانع في عمل يوم كامل»[8][8].
لقد أضحى من البديهي أن يؤثر منطق النظام الرأسمالي الناشئ في البنية الاجتماعية للمجتمعات الغربية، حيث أغرى بأجوره رغم مستواها الزهيد ـ مئات الآلاف من النساء اللواتي هرعن إلى مصانع النسيج وغيرها يلتمسن العمل.
«إن استقلال النساء بمعاشهن واضطلاعهن بشؤونهن الاقتصادية قد جعلهن في غنى عن الرجال. والمبدأ القديم ـ أن يكتسب الرجل وتدبر المرأة شؤون البيت ـ قد تبدل وأخذ مكانه رأي جديد، هو أن يكسب الرجل والمرأة كلاهما، والبيت تفوض شؤونه إلى الفنادق والشركات. فلم يبق بعد هـذا الانقلاب بينهما من صلة ترغبهما في العشرة البيتية وتجبرهما على الحياة الزوجية المشتركة غير صلة الشهوات وغرائز النفس الحيوانية. ومن الظاهر أن مجرد إطفاء أوار الشهوة البهيمية ليس بأمر يضطر الرجل والمرأة أن يتعاشرا في بيت واحد، مقرونين في نير الرابطة الزوجية الأبدية. فالمرأة التي تكسب عيشها بيمينها، وتقوم بجميع وظائفها بنفسها، ولا تحتاج في حياتها اليومية إلى راع يرعاها أو نصير يعينها، مالها تلازم رجلا بعينه لإخماد شهوتها فقط؟ ومالها ترهق نفسها بأعباء خلقية وأثقال قانونية في غير طائل؟ ولماذا تتحمل تبعات الأسرة والمنزل؟»[9][9].
يتبين مما سبق ذكره أن إخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة، إخراج لها عما تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلت عليها. ومن ثم يتضح لنا أن الأستاذة فاطمة المرنيسي قد تنكبت المنهج المنطقي السليم عندما حملت على مدونة الأحوال الشخصية التي أشارت إلى أن نفقة الزوجة واجبـة على الزوج . غير أن هذا هو عين الصواب وحق شرعي وإنساني من حقوق الزوجة على زوجها. إن الزوج يقوم وجوبا بإنفاق النفقة للزوجة فتعيش مطمئنة في مستوى مثلها. في حين لا يجب عليها أي إنفاق ولو بلغت ثروتها ما بلغت. ولا يخفى ما في كسب النفقة من كفاح الزوج ومعاناته وتضحيته، كما أن نفقة الأولاد تجب عليه أيضا مع ما تحمله من تكاليف التعليم والتربية، والزوجة ليست ملزمة بذلك ولو كانت غنية إلا عن تطوع. وأكثر من هذا «أن الإسلام جعل هذا حق الزوجة أن تمتنع عن خدمة زوجها وخدمة بيت الزوجية بما فيها خدمة الأولاد، وبتعبير آخر: إن الإسلام لا يستوجب على ذمة الزوجة هذه الأنواع من الخدمة، كما في النصوص الفقهية للمذاهب الثلاثة أي (المذهب الحنفي والشافعي والحنبلي) ولو كان الزوج معسرا، بحيث لا يجوز للزوج أن يكره زوجته على الخدمة، ولها أن تقوم بها عن تطوع ورضاء نفس، وخصوصا إذا كان الزوج معسرا لا يقدر على أجرة الخادمة، كما هو المعروف عند نساء المسلمين. أما إذا كان الزوج موسرا (غنيا قادرا) فيجب عليه إحضار خادمة واحدة أو أكثر على حسب الضرورة العائلية ومستواها. هـذا، غير أن المذهب الرابع ( المالكي) يقول بوجوب خدمة الزوجة في بيت «الزوجية في حالة إعسار الزوج، إلى أن يصبح موسرا قادرا على أجرة الخادمة»[10][10].
غير أن الإسلام أباح للمرأة مزاولة العمل خارج بيتها في بعض الأحوال؛ كأن لا يكون لها قيم من الرجال، أو تضطر إلى العمل خارج البيت لخصاصة قيم الأسرة، أو لضآلة معاشة أو مرضه أو عجزه، أو سبب آخر من هذا القبيل. فكل هذه الأوضاع والأحوال قد جعل لها في القانون مندوحة ومتسع. وجاء في الحديث:« قد أذن الله لكن أن تخرجن لحواْئجكن»[11][11].
ولكن مثل هذا الإذن قد منحته المرأة مراعاة للأحوال والضرورات فحسب، ولا يغير شيئا من القاعدة الرئيسة في نظام الاجتماع الإسلامي، وهي أن دائرة عمل المرأة هي البيت.
وليس الإذن بخروجهن منه إلا رخصة وتيسيرا، فيجب ألا يحمل على غير معانيه ومقاصده. والمرأة في هذه الحالة الاضطرارية لا ينبغي لها أن تمارس إلا الأعمال التي لا تكون فيها عرضة للاختلاط بالرجل، أو للوقوع في منكر أو حرام أو محذور، وذلك مثل تعليم الفتيات وصغار الأطفال أو إدارة مدارسهم، وكذا تطبيب وتمريض النساء إلى غير ذلك من الأعمال المختصة بالنساء.



3 ـ العلاقة الزوجية .«إن النساء اللائي ينتمين انتماء كاملا إلى العالم المنزلي، واللائي يعتبر وجودهن خارجه شيئا غير معتاد واقتحاما لعالم غير عالمهن، تابعات للرجال الذين يتوفرون على جنسية ثانية بفعل انتمائهم إلى المجال العام، أي المجال الديني والسياسي ومجال السلطة وتسيير شؤون الأمة. أما النساء اللائي تتحدد هويتهن أساسا بانتمائهن إلى المجال المنزلي، فإنهن يجدن أنفسهن مجردات من السلطة التي تسير العالم الذي وضعهن فيه نظرا لأن الرجال هم أصحاب السلطة في العائلة. إن واجب النساء المسلمات هو الطاعة ( انظر “المدونة ” وكذلك “موطأ” الامام مالك الذي تستلهمه )، كما أن الانقسام والتراتبية وخضوع فئة إلى أخرى، كل ذلك يجد تعبيره في مؤسسات تعارض وتمنع كل اتصال بين الجنسين. وبالتالي فباستثناء الإنجاب، لا يفترض بأن الرجال والنساء يتعاونون على تأدية مهام تضمن بقاء المجتمع »[12][12].
لعل مبدأ القوامة ـ قوامة الرجل على المرأة ـ الذي أقره وشرعه الإسلام، يكون من بين الأسباب الرئيسة التي تجعل الدراسين الغربيين للإسلام ومن احتذاهم من المستغربين في العالم الإسلامي، يحملون على موضوع العلاقة الزوجية في الإسلام، وعلى تصور الإسلام للمرأة والزوجة. غير أن هؤلاء لو استعملوا عقولهم وتدبروا الأمر بكل نزاهة وإنصاف، لوجدوا أن قوامية الزوج على الزوجة من مقتضيات الطبيعة البشرية، وأنها لا تختص فقط بالأمة الإسلامية، وإنما أثبتت الدراسات التاريخية المتعلقة بالأسرة أن قوامية الزوج على الزوجة كانت ولا تزال سائدة في جميع الأدوار لعالم البشرية. بل إن هذه القوامية تسود عالم الحيوانات كالإبل والخيل والبقر وحتى الحشرات مثل النمل، وإنه لمن المنطقي أن يقوم الرجل بتوفير الحاجات الضرورية وتوفير الحماية للمرأة لكي يتسنى لهذه الأخيرة أن تقوم بوظيفتها الخطيرة التي تتلخص فـي الحمل والوضـع والرضاعة وكفالة ثمرة الاتصال بينها وبين زوجها. أما إن طلب منها أن تعمل وتكد وتسهرمن أجل حماية نفسها ورعاية أولادها، فسيتعذرعليها القيام بتلك الوظيفة. وتبعا لذلك اقتضت العدالة الالهية أن يكون التكوين العضوي والعصبي والعقلي والنفسي للرجل ملائما مع نوعية الوظائف التي أهل لها. والأمر كذلك فيما يتعلق بالمرأة؛ فإذا كانت الانثى قد جبلت على الرقة والعطف وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة، فإن الرجل يعرف عادة بالخشونة والصلابة وبطء الانفعال والاستجابة، والإكثار من استخدام التفكير باعتباره المسؤول عن تدبير المعاش، والقيام بحماية كل أفراد الأسرة. ومن هنا جعلته تلك الخصائص أقدر على القوامة وأفضل في مجالها.
إن الإسلام جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة، على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك بناء المجتمع داخل البيت و خارجه. فالرجل يقوم بالنفقة والاكتساب، والمرأة تقوم بتربية الأولاد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة، والأعمال التي تناسبها كتعليم الصغار وادارة مدارسهم والتمريض لهم، ونحو ذلك من الأعمال المخصصة بالنسـاء. فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر أمرا خطيرا . ويترتب عليه تفكك الأسرة حسيا ومعنويا وعند ذاك يصبح المجتمع شكلا وصورة لا حقيقة ومعنى.
ولكي تقوم المؤسسة الأسرية بالدور المنوط بها أحسن قيام، لزم أن يمنح أحد أعضائها مهمة الإدارة والإشراف. فكما أن المجتمع الكبير لا يستقيم ولا يستمر في وجوده إلا تحت قيادة حكيمة، فكذلك الأمر بالنسبة للمجتمع الصغير:
« إن بعضا من كتاب الغرب (أوربا وأمريكا) وعلمائـه يعترضون على قوامية الرجل على المرأة في حكم الإسلام، ويقولون إنها تمس كرامة المرأة، وإني أقول: أن قوامية الرجل على المرأة أمر طبيعي لا تمس كرامة المرأة» (…)
« لهذا فإن الإسلام قد اختار الرجل لرئاسة هذا المجتمع العائلي وإدارة شؤونه وذلك لوجوه:
أولا: إن الرجل له امتياز واقتدار أكثر (غالبا) في العقل وحسن السياسة والتدبير، وزجر أفراد العائلة وردعهم عن الفساد الأخلاقي والانحراف عن طريق الحق والصواب، وقيادتهم نحو الصلاح وطريق السعادة، وفصل النزاع العائلي الذي يحدث عادة بين أعضاء العائلة (المجتمع الصغير).
نعم: إن الإسلام قد اختار الرجل لهذه السياسة مع العلم بأن الحكم في التعاليم السماوية حتى القوانين الوضعية إنما هو مبني على ماهو الغالب. ولهذا فإن الرجل يكلف بحكم الإسلام أن يأخذ نظام حياة العائلة وقانونها تحت نظره، ويبذل جهوده في تطبيقه، ويستعمل سلطته في تنفيذه، وله الحق في اتخاذ سياسة العنف عند الضرورة، كما أن له الحق عند الاضطراب أن يأخذ أفراد العائلة تحت الضرب والتأديب، ومنهم الزوجة بشروط وحدود، ذلك لأن سياسة القيادة في المجتمع الصغير تستوجب ذلك كسياسة القيادة في حياة المجتمع الكبير.
ثانيا: إن المهر (الصداق) والنفقة والكسوة للزوجة مع النفقات للأولاد وتكاليف تربيتهم وتعليمهم، ونفقات غيرهم من أعضاء العائلة، وغيرها مما تتطلبه الحياة العائلية، إنما هي كلها على ذمة الرجل (الزوج) في حكم الإسلام ولهذا فإنه له الحق المعترف به طبعا في أن تكون رئاسة العائلة بيده »[13][13].
يستنتج مما سبق أن قوامية الرجل على المرأة أمر تمليه الطبيعة البشرية ولا يتعارض مع فطرتي الذكر والانثى، ومن هنا عملت الشرائع على الاخذ به والحث عليه. وأما قول الدكتورة فاطمة المرنيسي “أن النساء يجدن أنفسهن مجردات من السلطة التي تسير العالم الذي وضعن فيه لان الرجال هم أصحاب السلطة في العائلة”، فهو تصور خاطئ لمفهوم القوامة في الإسلام، كما أنه تصور مستوحى من واقع الظلم والاستعباد الذي تعيشه أغلبية نساء العالم الثالث، بالاضافة إلى أنه مشبع بآراء المغرضين والحاقدين الغربيين.
والمرأة عند الفرس كانت هي الأخرى من ضحايـا الاستبداد والظلم ونظر إليها نظرة التشاؤم. وكان أصحاب الديانة الزرادشتية يحقترون شأنها ويعتقدون أنها سبب هيجان الشرور، كما أن للزوج حق التصرف فيها كما يتصرف في ماله ومتاعه بل له أن يحكم بقتلها.
ولا داعي للحديث عن العلاقة بين الزوج والزوجة عند اليهود والمسيحيين في القرون الغابرة وعصر الظلمات، فإنه لا يختلف إثنان في مدى الذلة التي كانت تعانيها المرأة عندهم، إلى أن بزغ فجر النهضة الأوربية الحديثة فبدأت مكانة المرأة في أوربا تتحسن ثم “علا” شأنها.
« ولما نهض فلاسفة أوربا وأولوا الرأي والعلم منهم في القرن الثامن عشرالميلادي، ورفعوا عقيرتهم لحماية حقوق الفرد في المجتمع؛ ونفخوا في أبواق الحرية الفردية، خففوا شيئا مما كان في قوانين الطلاق من شدة وتضييق. وردوا إلى النساء جملة صالحة من حقوقهن الاقتصادية المسلوبة. وتناولوا بالاصلاح والتهذيب النظريات القائلة بذلة المرأة ومهانتها .كما فتحوا لهن أبواب التعليم والتربية. والنظريات التي أسس عليها بنيان الاجتماع الغربي الحديث، يمكن حصرها في ثلاثة عناوين:
1ـ المساواة بين الرجل والمرأة.
2ـ استقلال النساء بشؤون معاشهن.
3ـ الاختلاط المطلق بين الرجل والنساء.
وقد ظهر من نتائج تأسيس اجتماعهم على هذه النظريات الثلاثة، ما كان يجب أن يظهر، وذلك أنهم فهموا من معاني المساواة ألا يكون الرجل والمرأة متساويين في الحقوق البشرية والمنزلة الخلقية فحسب، بل أن تـؤدي المرأة في الحياة مـا يؤديه الرجل من أعمال، وأن يرخى لها مـن عنان القيود الخلقية مثل ما أرخي للرجل من ذي قبل. فهذه الفكرة الخاطئة للمساواة جعلت المرأة غافلة، بل منحرفة عن أداء واجباتها الفطرية ووظائفها الطبيعية التي يتوقف على أدائها بقاء المدنية، بل بقاء الجنس البشري بأسره. واستهوتها الأعمال والحركات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وجذبتها إلى نفسها بكل ما في طبعها وشخصيتها من خصائص، فمعارك الانتخابـات النيابية ووظائف المكاتب والمعامل ومنافسة الرجل في المهن التجارية والصناعية الحرة، والمشاركة في الألعاب والمسابقات الرياضية وحضور مجالس اللهو والقصف والظهور على المسارح والاشتراك في حفلات الرقص والسهرات العامة، هذه وأمثالها من مشاغل الحياة ومتعها وأسباب اللهو والمجون التي يمنع عن ذكرها الحياء عن خفايا هذه المدنية البراقة، هذه كلها قد استولت على مشاعرها، وشغلت أفكارها وعواطفها شغلا أذهلها عن وظائفها الطبيعية، وطرد من برنامج حياتها القيام بتبعات الحياة الزوجية وتربية الاطفال وخدمة العائلة وتنظيم الأسرة، بل كره إلى نفسها كـل هذه الأعمال التي هي وظائفها الفطرية الحقيقية. ومن عاقبة ذلك أن النظام العائلي ـ الذي هو أس المدنية ودعامتها الأولية ـ قد تبدد شمله في الغرب. والحياة البيتية ـ التي يتوقف على هدوئها وطمأنينتها قـوة الإنسان العملية ونشاطها ـ تكاد تنعدم وتدخل في خبر كان. وكذلك رابطة العقد والزواج ـ التي هي الصورة الصحيحة الوحيدة لتعاون الرجل والمرأة على خدمة المدنية ـ أصبحت عندهم أوهن من بيت العنكبوت. وبجانب آخر، قد بدأ العمل على منع تكاثر النسل وازدياد العمران بقتل الأولاد وضبط التوليد وإسقاط الحمل. وجاء التصور الخاطئ للمساواة الخلقية يساوي بين الرجال والنساء في التبذل وفساد الأخلاق، حتى تلك المخزيات التي كان يتحرج من مقارفتها الرجال فيما قبل، لا تستحيي من ركوبها بنات حواء في المجتمع الغربي الحديث»[14][14].
وهكذا يتبين لنا أن المرأة لم تكن تحظى بالمكانة اللائقة بها كزوجة في الحضارات السابقة، وأن رواد النهضة الأوربية من الذين أرادوا رد الاعتبار إليها، مالوا عن قصدهم فيما بعد، فكانت النتيجة أن أعيد استغلال المرأة من جديد بعد الإيحاء إليها بأنها مساوية للرجل. فخرجت عن بيتها وتبرجت وأضحى شغلها الشاغل هو التزين للرجال، ففقدت شخصيتها وقيمتها وأصبحت وجبة في أيدي الذئاب. فأين إذن هذه المساواة النوعية في العلاقة بين الزوج والزوجة تلك المساواة التي ادعت الأستاذة فاطمة المرنيسي عدم وجودها في الشريعة الإسلامية؟
لقد بنى الإسلام نظرته للمرأة على أساس حقائق الفطرة البشرية، وأن المرأة مساوية للرجل بالفطرة. ومن ثم فإن الزوجين متساويان إنسانيا، ومتساويان من حيث علاقتهما بالله سبحانه، وبجزائه لهما، بـل إن الإسلام يقرر وحدة الجنسين ووحدة الزوجين، بذلك تختفي تلك النظرة الدونية التي كانت تجعل المرأة في منزلة أدنى من منزلة الرجل قال تعالى: «ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف»(البقرة 228).
« أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجل عليهن. ولهذا قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها علي، لان الله تعالى قال : ]ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف [ أي زينة من غير مأثم، وعنه أيضا: أي لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن لأزواجهن. وقيل: إن لهن على أزواجهن ترك مضارتهن كما كان ذلك عليهن لأزواجهن. قاله الطبري: وقال ابن زيد: تتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله عزوجل، والمعنى متقارب. والآية تعم جميع ذلك من حقوق الزوجية».[15][15]
وإذا كانت العصمة في يد الرجل فإن المرأة خولت حقوقا واسعة في طلب الخلع والفسح والتفريق بإزاء زوجها، إن كان بغيضا أو ظالما أو عنينا. كما أوصى الشارع الزوج بالتزام السماحة والمعاملة الحسنة في استعماله السلطة التي قد جعلها الإسلام له على المرأة، فيقول عزمن قائل: ]وعاشروهـن بالمعروف [(النساء19) ]ولا تنسـوا الفضل بينكم [ (البقرة 37). وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» [16][16].وهذه ليست وصايا اخلاقية فحسب بل إن صدر منه حيف في استعمال تلك السلطة كان للمرأة أن تستعين عليه بالقانون.
ومن ناحية أخرى جاءت تعاليم الدين الإسلامي الحنيف بالحث على إكرام الانثى سواء كانت أما أو بنتا أو زوجة؛ أي في جميع أطوار حياتها.
والخلاصة أن الإسلام جعل الزوجة مساوية مع زوجها في الحقوق ورعايتها، بحيث يعترف الزوج بحقوق الزوجة ويرعاها كما تعترف الزوجة بحقوق الزوج وترعاه. ذلك لأن دوام الزوجية والحياة الهادئة بين الطرفين، إنما يتم برعاية الحقوق من الجانبين سواء بسواء. ولا يخفى ما في هذا الحكم الإسلامي الحكيم من رفع مقام المرأة في المجتمع الإسلامي عما كانت عليه قبل الإسلام.
أما الاتهام الثاني؛ وهو قول الأستاذة فاطمة المرنيسي: « إن المرأة المسلمة تعرف بوضوح كعنصر جنسي قبل كل شئ»، فإن مثل هذا الحكم يطالعنا في أدبيات بعض المستشرقين الذين يعممون أحكامهم على الإسلام انطلاقا من واقع المغاربة والمسلمين عامة. صحيح أن الرجل في المغرب أو في أي بلد إسلامي، إذا كان جاهلا بشريعة الله غير مقيم لحدودها ـ وهذه حالة أغلبية المسلمين ـ فإن المرأة بالنسبة إليه لا تعدو أن تكون أكثر من عنصر جنسي، وبالتالي فهو يعتبر الزواج وسيلة لإشباع الغريزة الجنسية.
لكن ما ينبغي أن تنتبه إليه الكاتبة الغافلة، هو أن أي مجتمع لا يطبق حدود الله؛ تكون المرأة فيه موضوع سخرية وإهانة ومجرد دمية جنسية في يد الرجل، واستقراء التاريخ، في هذا المجال، يطول لكـن بحسبنا إلقاء النظر على المجتمع الغربي. أو ليست المرأة هناك عنصرا جنسيا محضا؟ ينبغي ألا تنطلي عليك لعبة المساواة بين الجنسين هناك، ولا تغتري بمشاركة المرأة المغربية الرجل في مختلف الأعمال والهيئات والمنظمات . هذه المظاهر البراقة تخفي حيفا وعبودية إزاء تلك المرأة لا يجهلها أولوا الألباب، وإلا لماذا تزداد صيحات ويشتد عويل المنظمات النسائية هناك يوما بعد يوم؟
وما معنى على سبيل المثال أن ترفق صورة امرأة شبه عارية بكل منتوج استهلاكي يراد له الإشهار؟ أو كيف نعلل تنافس وتفنن شركات الملابس النسوية في صنع البسة للمرأة الغربية لا تكاد تواري عورتها؟
أما نظرة الإسلام إلى المرأة فإنها تختلف وتسمو بكثير عن تلك النظرية التي جعلت العلاقة بين الرجل والمرأة مجرد متعة جنسية، أو مجرد علاقة حيوانية. فالإسلام ينظر للإنسان ذكرا أو أنثى على أنه مخلوق فريد من نوعه، ذو طبيعة فطرية متعددة الجوانب، وأنه صاحب غايات وأغراض وأهداف أرقى وأشمل من مجرد الاشباع الجنسي. إنها غايات تتناسب مع وظيفته السامية وهي الاستخلاف في الارض.
لقد جاء الإسلام فوجد المجتمع العربي كغيره من المجتمعات في ذلك الحين، ينظر إلى المرأة على أنها أداة للمتاع واشباع الغريزة، ومن ثم ينظر إليها من الناحية الإنسانية نظرة هابطة، وأدى ذلك إلى هبـوط النظرة إلى الجنس، وانحطاط الذوق الجمالي، والاحتفال بالجسديات العارمة، وعدم الالتفات إلى الجمال الرفيع الهادئ النظيف.فلما جاء هذا الدين الأخير، أخذ يرفع من نظرة المجتمع إلى المرأة، ويؤكد على الجانب الإنساني في علاقات الجنسين، فليست هي مجرد إشباع لجوعة الجسد، وإطفاء لفورة اللحم والدم، وإنما هي اتصال بين كائنين إنسانيين من نفس واحدة، بينهما مودة ورحمة، وفي اتصالهما سكن ورحمة، ولهذا الاتصال هدف مرتبط بإرادة الله في خلق الإنسان، وعمارة الأرض، وخلافة هذا الإنسان فيها بسنة الله.


4 ـ الحجـاب
كان قاسم أمين (1865م-1908م) أول “مسلم” حمل لواء الدعوة إلى السفور، وتحرير المرأة المسلمة على الطريقة الغربية. ولعله لم يكن يجرؤ على ذلك لولا التربية الفرنسية التنصيرية التي تلقاها على أيدي أساتذته في مصر القرن التاسع عشرالميلادي. لقد أوهمته فلسفة التنصير بأن الحجاب وتعدد الزوجات عاملان أساسيان من عوامل تقهقر المسلمين واندحارهم، فاندفع ـ وهو يعاني عقدة النقص إزاء أساتذته الغربيين ـ يهاجم تعاليم الإسلام فيما يتعلق بالمرأة وعلاقتها بزوجها. يقول متحدثا عن حقوق المرأة في الإسلام : »كذلك إن نظرنا إلى حالتهم [17][17] العائلية نجد أنها مجردة من كل نظام، حيث يكتفي الرجل في عقد زواجه بأن يكون أمام شاهدين … ومسألة تحديد حقوق المرأة هذه وتربيتها قد اجتهدت كثيرا في أن أقف على رأي علماء المسلمين فيها من المتقدمين أو المتأخرين، فما وجدت شيئا « [18][18]
ويقول عن الحجاب : »والمرأة التي تلزم بستر أطرافها والأعضاء الظاهرة من بدنها بحيث لا تتمكن من المشي ولا من الركوب، بل لا تتنفس ولا تنظر ولا تتكلم إلا بمشقة، تعد رقيقة لأن تكليفها بالاندراج في قطعة من القماش إنما يقصد منه أن تمسخ هيئتها وتفقد الشكل الإنساني الطبيعي في نظر “كل رجل” ماعدا “سيدها” و”مولاها” « [19][19].
«وهاهم إخواننا أبناء وطننا المسيحيون واليهود اللذين تركوا عادة الحجاب منذ عهد قريب، وربوا نساءهم على كشف وجوههن ومعاملة الرجال، فأين هم من الاختلال والهلاك؟» [20][20].
قد يتعذر علينا ـ معشر الباحثين ـ إدراك أسباب هذه الظاهرة، إذا لم نضعها في سياقها التاريخي والاجتماعي، ولم نتحسس جذورها الأولى والعميقة. ذلك أن العالم الإسلامي كان بعيدا عما يسمى بالسفور الذي اكتسح آنذاك كل البلدان الغربية حتى النصف الأول مـن القرن التاسع عشرالميلادي. لكـن في منتصف النصف الثاني من نفس القرن، أي مع بداية الاحتلال الأجنبي للوطن الإسلامي، شرع بعض ضعاف النفوس و العقول من المسلمين يدعون الناس إلى تقليد الأجانب. وبما أن قوى الفكر والعقل كانت معطلة منذ زمن بعيد، لم يكن من سبيل لليقظة والنهضة في نظر كثير ممن تقلدوا مهمة “الإصلاح” إلا سبيل التقليد والمحاكاة .
وإذا أضيف إلى ذلك عامل الدهشة التي أخذت بمجامع نفوس المنهزمين إثر اطلاعهم على قوة الغزاة وتقدمهم، اتضح لماذا اختار بعض “المصلحين” نهج التقليد في علاج المشاكل الاجتماعية.
إن هؤلاء المستغربين الأوائل عملوا ـ انطلاقا من مواقفهم الانهزامية ـ على بلورة مناخ فكري ونفسي يتميز بالدعوة إلى تبني كل مايرد من الغرب من أفكار وعادات ومعاملات. وشيئا فشيئا بـدأ المسلمون يتقمصون شخصية الرجل الغربي، بل يستحيون من نظـرات الاستهانة التي يصوبها هذا الأخير إلى بعض مبادئ ومسائل الإسلام، كالجهاد والرق وتعدد الزوجات الخ. ولإرضاء العدو المتغطرس، بادر بعض المستغربين بنعت الجهاد بالهمجية والقول بأن الرق حرام عندنا، كما أطالوا اللسان في موضوع تعدد الزوجات وطعنوا في قوانين الزواج والطلاق.
ومع حلول القرن العشرين الميلادي، والمسلمون في منتهى الذلة والصغار يرزحون تحت نير الاستعمار، نشأت مسألة الحجاب ونفخ في أبواقها ثلة من المستغربين على رأسهم قاسم أمين. » والواقع أن هذه المسألة نشأت في المسلمين لكون الغرب قد نظر إلى الحجاب والنقاب والحرم بعين المقت والازدراء، وصوره أقبح تصوير وأشنعه فيما كتب ونشر، وعد (حبس) المرأة من أبرز عيوب الإسلام.وأنى كان للمسلمين أن يغضوا عن هذه النقيصة التي أخذها الغرب عليهم فيما أخذ. ففعلوا في هذه المسألة ـ الحجاب ـ مثل مافعلوا أيضا في مسائل الجهاد والرق، وتعدد الزوجات وما شاكلها من المسائل، فعمدوا إلى الكتاب والسنة يتصفحون أوراقهما، وإلى كتب الفقه والأحكام ينقبون عـن اجتهادات الأئمة فيها، لعلهم يجدون في ثناياها ومطاويها ما يعينهم على غسل هذا العار الذميم عن أنفسهم. فإذا بهم يقعون على أقوال لبعض الأئمة تجيز للمرأة أن تبدي وجهها ويديها وتخرج كذلك من بيتها لحوائجها، ويعلم منها أيضا أن المرأة يجوز أن تشهد الحروب لسقي المجاهدين ومداواة المرضى. ثم وجدوا في تلك الأقوال إذنا بخروج المرأة إلى المسجد للصلاة وجلوسها للتعلم والتعليم. فكفاهم هذا القدر من المعلومات لأن يدعوا أن الإسلام قد أعطى المرأة حرية مطلقة، وأن الحجاب من تقاليد الجهلاء، اتخذه المتأخرون من المسلمين الجامدين المحافظين، ويخلو من أحكامه القرآن والحديث. وإنما القرآن والسنة يعلمان الحياء والخفر على سبيل التعليم الخلـقي، وليس فيهما قانون أو ضابط يقيد حركة المرأة وتنقلها بقيد ما»[21][21].
وهنا مكان التوجه للنظر في أقوال الأستاذة فاطمة المرنيسي بهذا الصدد. قالت :
«اعتبر أن اللجوء إلى الحجاب كان وسيلة للسيطرة الجنسية ولحماية طبقة من النساء (الحرائر) على حساب طبقة أخرى (الإماء)»[22][22]. «إن تشريع الحجاب في المدينة قضى على الحرية التي برهن عليها الإسلام في بداية حياته. وللأسف الشديد كان ينبغي أن تمر خمسـة عشر قرنا قبل أن يأتي المستعمر فيضغط على الحكومات الإسلامية لكي تفتح ملف حقوق الفرد والمرأة »؟ ! ! ![23][23].
في النص الأول ادعت الدكتورة فاطمة المرنيسي بأن الحجاب شرع لحماية طبقة من النساء على حساب طبقة أخرى، وتستدل على ذلك في ص 236 من نفس الكتاب بقوله تعالى : ]ياأيها النبيء قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبيهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [. وهو استدلال من باب تلبيس الحق بالباطل. و المؤكد في تاريخ السيرة أن النساء في أول الإسلام، كما في الجاهلية ، كن يكشفن وجوههن سواء كن حرائر أم إماء. وكان بعض السفهاء يتعرضوا لهن عندما يخرجن بالليل لقضاء حاجاتهن. وإذا وقع الاعتداء بالتعرض على حرة قالوا حسبناها أمة، فأمرن أن يخالفن بزيهن زي الإماء بأن يدنين عليهن من جلابيبهن وذلك بعد أن شكون إلى النبي rفعل السفهاء بهن. وترى المرنيسي أن النبي rعندما عزم على ايجاد علاج لظاهرة "التعرض" لم يكن ينوي قط استئصالها من الجذور، وإنما همه الوحيد هو صرف هؤلاء السفهاء عن إذاية نسائه ونساء المسلمين، أما الإماء وغيرهن من النسوة فلا شأن له بهن .
«وينبغي إيجاد وسيلة لفصل الإماء اللواتي أبيح لهن الزنا ـ عن الحرائر زوجات الاستقراطيين والرجال الأقوياء ـ اللواتي يحرم عليهن اقتراف تلك الفاحشة» [24][24].
يتضح من خلال هذا الكلام أن الإسلام أقام نظاما اجتماعيا طبقيا أو على أصح تعبيرـ أقام ميزا عنصريا واجتماعيا بين النساء الحرائر والإماء، وشرع الحجاب وسيلة ـ من جهة ـ لجعل أولئك الحرائر في مأمن من التعرض والإذاية. ومن جهة أخرى لدفع الإماء وتشجيعهن على الزنا والرذيلة. كما أن تشريع الحجاب يعبر عن انتصار منطق السفهاء والمنافقين.
إن هذه الاستنتاجات السخيفة تتناقض مع النقل والعقل. أما تعارضها مع النقل فلكونها تفتقر إلى دلائل من الكتاب والسنة بالاضافـة إلى أنه لم يقل بها أحد من الفقهاء والمفسرين سواء من القدامى أو المحدثين.
وأما تعارضها مع العقل، فلأنها تتناقض منطقيا مع أهداف الرسالة الإسلامية التي تنص على العدالة والمساواة، وبذلك شهد العقلاء من أئمة الإسلام. وواضح أن الأستاذة فاطمة المرنيسي وقعت في التناقض من حيث كانت تروم الإبداع، إنها لم تحكم استعمال آليات المنهج الاجتماعي الدوركايمي، حيث فسرت ظهور الحجاب بالضغوط الاجتماعية في مجتمع المدينة، والتي تمثلت في موقف المنافقين والسفهاء. كما أنه قد غاب عن ذهن الباحثة الاجتماعية أن القداسة الإلهية فوق مبادئ وقوانين منطق علم الاجتماع الوضعي، وأن كثيرا من تنبؤات علماء الاجتماع لم تتحقق، نظرا لتدخل المشيئة الإلهية في حياة الإنسان.
ويعتبر كتاب “طبقات ابن سعد“، من أهم الكتب التي رجعت إليها الأستاذة فاطمة المرنيسي في ذكر الروايات المتعلقة بأسباب نزول الحجاب، وكيف أن السفهاء كانوا يؤذون النساء ويتعرضون لهن… إلا أنه على فرض صحة تلك الروايات، كيف لم يهتد ابن سعد ذلك العالم المؤرخ إلى الاستنتاجات الفذة التي تفتقت عليها عبقرية باحثتنا الاجتماعية؟
لقد أخطأ بعض المفسرين كما سيرد بعد قليل في كلام الألباني عندما قيـدوا قوله تعالى ]ونساء المؤمنين[، بالحرائر دون الإماء، غير أنـه لايفـهم من كلامهم البتة كـون الشارع ميز بين الحرائر والإماء، أو أباح للأخيرات اقتراف الزنىأ.
يقول الشيخ ناصر الدين الألباني: «هذا وقد أبان الله تعالى عن حكمة الأمر بإدناء الجلباب بقوله :]ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين[ يعني أن المرأة إذا التحفت بالجلباب عرفت بأنها من العفائف المحصنات الطيبات، فلا يؤذيهن الفساق بما لايليق من الكلام، بخلاف ما لو خرجت مبتذلة غير متسترة، فإن هذا مما يطمع الفساق فيها والتحرش بها كما هو مشاهد في كل عصر ومصر. فأمر الله تعالى نساء المؤمنين جميعا بالحجاب سدا للذريعة.
وأما ما أخرجه ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر عن ابن أبي سبرة عن أبي صخر عن ابن كعب القرظي قال :
"كـان رجل من المنافقين يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن. فإذا قيل له ؟ قال : كنت أحسبها أمة. فأمرهن الله أن يخالفن زي الإماء، ويدنين عليهن من جلابيبهن".
فلا يصح بل هو ضعيف جدا لأمور :
الأول : أن ابن كعب القرضي واسمه محمد، تابعي لم يدرك عصر النبوة، فهو مرسل.
الثاني : أن ابن أبي سبرة وهو أبو بكر بن محمد بن أبي سبرة ضعيف جدا، قال الحافظ في "التقريب" :» رموه بالوضع «.
والثالث : ضعف محمد بن عمر وهو الواقدي وهو مشهور بذلك عند المحدثين، بل هو متهم.
وفي معنى هذه الرواية روايات أخرى أوردها السيوطي في "الدر المنثور"، وبعضها عند ابن جرير وغيره وكلها مرسلة لاتصح، لأن منتهاها إلى أبي مالك وأبي صالح والكلبي ومعاوية بن قرة والحسن البصري، ولم يأت شيء منها مسندا فلا يحتج بها، لاسيما وظاهرها مما لاتقبله الشريعة المطهرة ولا العقول النيرة، لأنها توهم أن الله تعالى أقر إماء المسلمين ـ وفيهن مسلمات قطعا ـ على حالهن من ترك التستر، ولم يأمرهن بالجلباب ليدفعن به إيذاء المنافقين لهن. ومن العجائب أن يغتر بعض المفسرين بهذه الروايات الضعيفة فيذهبوا بسببها إلى تقييد قوله تعالى : ]ونساء المؤمينن[ بالحرائر دون الإماء، وبنوا على ذلك أنه لا يجب على الأمة ما يجب على الحرة من ستر الرأس والشعر،بل بالغ بعض المذاهب فذكر أن عورتها مثل عورة الرجل : من السرة إلى الركبة. وقالوا : "فيجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثديها ».
وهذا ـ مع أنه لا دليل عليه من كتاب أو سنة ـ مخالف لعموم قوله تعلى : ]ونساء المؤمينن[ فإنه من حيث العموم كقوله تعالى : ]يأيها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا، وإن كنتم مرضى أو على سفر أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا [، ولهذا قال أبو حيان الأندلسي في تفسيره: "البحر المحيط":
» والظاهر أن قوله ]ونساء المؤمينن[ يشمل الحرائر والإماء، والفتنة بالإماء أكثر لكثرة تصرفهن، بخلاف الحرائر فيحتاج إخراجهن من عموم النساء إلى دليل واضح «.
وما أحسن ما قال ابن حزم رحمه الله في "المحلى":
» وأما الفرق بين الحرة والأمة فدين الله واحد، والخلقة والطبيعة واحدة، كل ذلك في الحرائر والإماء، سواء، حتى يأتي نص في الفرق بينهما في شئ فيوقف عنده «. قال : » وقد ذهب بعض من وهل في قوله تعالى : ]يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين [ إلى أنه إنما أمر الله تعالى بذلك، لأن الفساق كانوا يتعرضون للنساء للفسق فأمر الحرائر بأن يلبسن الجلابيب ليعرف الفساق أنهن حرائر فلا يتعرضوا لهن. ونحن نبرأ من هذا التفسير الفاسد الذي هو إما زلة عالم، أو وهلة فاضل عاقل، أو افتراء كاذب فاسق، لأن فيه أن الله تعالى أطلق الفساق على أعراض إماء المسلمين، وهذه مصيبة الأبد، وما اختلف اثنان من أهل الإسلام في أن تحريم الزنا بالحرة كتحريمه بالأمة، وأن الحـد على الزاني بالحرة كالحد على الزاني بالأمة ولا فرق، وأن تعرض الحرة في التحريم كتعرض الأمة ولا فرق، ولهذا وشبهه وجب أن لا يقبل قول أحد بعد رسول الله rإلا بأن يسنده إليه عليه السلام»[25][25].
والنص الذي ورد فيه قولها: « إن عمرt عندما اقترح على النبيr أن يحجب نساءه عن الرجال عمل على طمس البعد الحضاري والتحرري الذي نادى به الإسلام»[26][26]، يتضمن كما سيتضح، أفكارا لا أساس لها من الصحة، بالاضافة إلى أن بعضها يبين بكل وضوح اعجاب الكاتبة بالاستعمار “كمحرر للمرأة المسلمة”، بعدما ظلت مايزيد على أربعة عشر قرنا مقيدة بقيود الاستغلال و التبعية للرجل.
إن ما يؤكده المفسرون وكتاب السيرة ان عمر بن الخطاب الخليفة الثانيt طلب بإلحاح من النبي rأن يحجب نساءه عن عامةالناس.
قال ابن كثير: » هذه آية الحجاب وفيها أحكام وآداب شرعية، وهي مما وافق تنزيلها قول بن الخطاب t كما ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال : وافقت ربي عز وجل في ثلاث، قلت : يارسول الله لو اتخذت مقام ابراهيم مصلى، فأنزل الله تعالى ]واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [. وقلت : يارسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر و الفاجر، فلو حجبتهن، فأنزل آية الحجاب، وقلت لأزواج النبي r لما تمالأن عليه في الغيرة ]عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن [، فنزلت كذلك»[27][27].
عندما تدعي فاطمة المرنيسي أن حجب النبي r نساءه عن المسلمين كان بإيعازمن عمر بن الخطاب t، تجعل من هـذا الخليفة الجليل مشرعا، أي أن ذلك الحجاب لم يكن ليشرع لولا تدخل عمر والحاحـه في طلب ذلك من النبي .rوهذا يفيد عدم معرفتها بمعنى الوحي وحقيقته. وممالاشك فيه ـ كما يتبين من المراجع العربية التي اعتمدت عليها ـ أنها اطلعت على قول عمر: “وافقت ربي في ثلاث…” وفهمت مغزاه، غير أنها أبت إلا أن تفسر الحدث تفسيرا اجتماعيا ماديا على طريقة المدرسة الاجتماعية الوضعية.
وهكذا تعتبر الكاتبة عمر بن الخطاب أول من جنى على الإسلام وحضارته “وقضى على تطلعاته التحررية في مهدها”.
إن النبي r ـ حسب رأيها ـ [28][28] كان يود دائما أن يكون بيته مفتوحا لكل الناس، وأن الحجاب يمثل النقيض التام لكل ما كان يروم تحقيقه. غير أن عمر لم يستطع استيعاب هـذا الأمر لأنه كان جاهلا بحقيقة الإنسان كما يتصورها الدين الجديد أي الإسلام. ومن هنا رأى أن الحل الوحيد لإعـادة النظام إلى نصابه في المدينة هو “وضع الحواجز واخفاء النساء موضوع ومحل الشهوات “.
«ولم يكن غريبا ان يصبح عمر لسان حال المقاومة الرجالية في وجه المشروع التعادلي الذي أتى به النبي r.كما كان عمر مناصرا لاستمرارية الوضع الراهن للمجال العائلي لكونه كان يعتقد ان التغييرات التي أدخلها الإسلام على الحياة الجاهلية تخص الحياة العامـة والروحية. أما الحياة الخاصة فينبغي ان تظل محكومة بأعراف ماقبل الإسلام»[29][29].
وهذا التجريح لشخص عمر إنما جعلته وسيلة للطعن في الإسلام، ويعبر عن أن د.فاطمة المرنيسي قد أصبحت ممن يجيدون استعمال لغة المستشرقين في دراسة الشخصيات الإسلامية، كما أن كلامها في شأن هذا الخليفة يذكرنا بالقصص التي تزخر بها الكتب المدرسية في الغرب المسيحي عن الإسلام والمسلمين؛ حيث تصور خلفاء الإسلام تصويرا تشمئز منه النفوس فتنعتهم بالغلظة والجور وسفك الدماء. وهكذا بعد أن حملت عمر بــــن الخطاب مسؤولية ” الظلم” الذي لحق المرأة المسلمة خلال قرون طويلة بسبب الحجاب، ختمت النص المشار إليه بالتنبيه إلى أن المستعمر هو الذي خلص المرأة المسلمة وأعتقها من العبودية حينما “فرض على الحكومات الإسلامية إعادة فتح ملف حقوق الإنسان والمرأة على الخصوص”.
متى كان الغازي والمخرب مصلحا ومخلصا أيتها الباحثة الاجتماعية؟ من هي هذه المرأة المغربية التي عاشت في زمن الاستعمار وصرحت بأن المستعمر خلصها من العبودية التي أقامها فيها الإسلام؟ ولو كنت أنت نفسك امرأة مغربية في الثلاثينيات والأربعينيات، هل كنت تدعين أن المستعمر خلص المرأة… وأنت تشاهدين آثار خرابه ودماره للقرى والمدن وتشريده للأسر بقتل وسجن الآباء والأبناء؟ ما أظنك تفعلين.! ولكن بعد ذهاب الاستعمار العسكري ومجيء الاستعمار الفكري وهيمنته على العقل والفكر يصبح لمثل هذا القول ما يعلله.
لو افترضنا أن المستعمر طلب في زمن الاستعمار أن تكشف المرأة المغربية عن رأسها وأطرافها، وتشارك الرجل في كل مجالات الحياة، لاستنكرنا منه ذلك ولمنعناه من التدخل في شؤون نسائنا ولحملتنا الغيرة على الدفاع عن شرف نسوتنا وبناتنا. لكن وقع أقدامه وهو يغادر أرضنا لم تكد تخمد، فإذا بنسوة وفتيات من أبناء جلدتنا يجاهرن بالعداء للحجاب ويعلنن الحرب عليه !.
وفي غياب الفهم الصحيح لنصوص الشرع والوعي بالهوية الثقافية، وتحت تأثير وطأة الفكر الغربي، سارعت بعض المنظمات بالدعوة إلى السفور ونبذ الحجاب. ففي الخمسينيات نشرت صحيفة “العلم” مقالا تحت عنوان: ” ارفعي الحجاب عن وجهك يا سيدتي”، جاء فيه: “في فاس عقدت الرابطة النسوية لحزب الاستقلال في منزل السيد أحمد مكوار، وتحت رئاسة حرمه… اجتماعا لدراسة مشاكل المرأة المغربية. وقد حضرالاجتماع عدد من سيدات المجتمع الفاسي وأوانسه؛ من طالبات المعهد الثانوي التابع لجامعة القرويين، ومن مدرسة أم البنين الثانوية، وسواهما من المدارس التي يتابع فتيات فاس دراستهن فيها.كان موضوع الاجتماع هو الحجاب ..والحقيقة ان الرابطة توفقت أيما توفيق في معالجة هذا الموضوع الذي أصبح مثار مناقشات، ولعل القراء ـ والقارئات بالذات ـ تتبعوا ما تنشره هذه الجريدة من مقالات كلها تتصل بموضـوع الحجاب. فمنذ أيام كتبت الآنسة سعاد بلا فريح… وأول أمس عقبت الآنسة فاطمة القباج على الموضوع…والحجاب أصبح عقبة كآداء في طريق تقدم المرأة المغربية في بناء مجتمع سليم… يقوم على أساس تكافؤ الفرص للرجل والمرأة…هؤلاء الفتيات مؤمنات بأن الحجاب ليس وسيلة لستر عورة حرم الله النظر إليها… ولكنه حجاب يستر عنهن الحياة… يحجب عنها الانطلاق… والتحرر والشعور بالشخصية المسؤولة التي تواجه مصيرها بنفسها. إن الفتاة تشعر كأن الحجاب سلطة مشرعة عليها… فتظل أسيرة هذا الوهم…انها تريد ان تستنشق الهواء بمسامها كلها… أن تنظر إلى الحياة، فتشعر بأقدامها راسخة على الأرض. إنها لاتريد أن تبق “نوالة” متنقلة بالجلباب والجورب والحجاب… وإذا كانت المرأة فاضلة… مؤمنة بمسؤوليتها. واتقة من شخصيتها… فلماذا نربي فيها الإحساس بالنقص؟ لماذا نتصورها مخلوقة ضعيفة سهلة الاغراء؟
انظروا إلى هذه الصورة… وجوه ضاحكة…مشرقة لا ترى واحدة منهن تضع على وجهها حجابا…
لقد قررت الرابطة النسوية لحزب الاستقلال بفاس محاربة الحجاب… والدعوة إلىالسفور. انها خطوة جريئة نباركها وندعو كل هيئة نسوية الاقتداء بها…”[30][30].
إنه الاستغراب الذي كان كامنا كمون النار تحت الرماد. لقد استغل أولئك النسوة ـ وأغلبهن ينتمين إلى الطبقات البورجوازية ـ الحالة النفسية للمرأة المغربية عشية الاستقلال؛ حيث داعبتها رياح الحرية وحملتها بعيدة في أفق لامحدود، إنها كانت تعيش لحظات كلها عاطفة وانفعالات نفسية سعيدة. وهكذا سرعان ما استجابت لنداء السفور، بعدما أوهمت بأن لبس الحجاب والقعود في البيت سجن وذلة وخمول، وأن السفور تحرر. ومع غياب الوعي بالشريعة، تم الربط بين التحرر من المستعمر والتحرر من التقاليد التي تجسد تعاليم الإسلام ومبادئه، فكانت الثورة عليها وعلى بعض القيم التي هي من صميم الدين.
والخلاصة أن الفتيات والنسوة اللواتي استجبن لنداء السفور، وقعن فريسة الاستغراب عند التلبية، وإن كنت لا أنفي ميلهن المسبق إلى نبذ الحجاب، في حين أن اللائي تولين كبره أي حملن لواء السفور، كن قد استغربن قبل الاستقلال بسنوات أو عقود، إذ لايخفى على أحد أن كثيرا من الأسر البورجوازية في المغرب أثناء الاستعمار، كانت معجبة بحياة الأوربيين وأسلوب عيشهم، فكانت تقلده ما استطاعت على خوف من الجمهور وعامة الناس، لكن بعد الاستقلال غدا التقليد قاعدة، وأصبح الاستغراب جليا بعدما كان كامنا.


الدكتور عبد الله الشارف؛
“الاستغراب في الفكر المغربي المعاصر”؛
طوب بريس 2003،الرباط ،
من ص 144 إلى ص 180.
[/SIZE]

[SIZE=4] [31][1] ـ فاطمة المرنيسي: “السلوك الجنسي في مجتمع اسلامي رأسمالي تبعي” (ترجمة أزرويل فاطمة الزهراء) ،دار الحداثة ، لبنان ، 1982 ص 10.
[32][2] ـ فاطمة المرنيسي: “ السلوك الجنسي في مجتمع اسلامي رأسمالي تبعي
ص 11.
[33][3] ـ فاطمة المرنيسي: ” نساء الغرب دراسة ميدانية “، مطبعة النجاح الدار البيضاء،1985 ، ص 7.
[34][4] -فاطمة المرنيسي : ” نساء الغرب دراسة ميدانية ،ص15.
[35][5] - فاطمة المرنيسي: ” نساء الغرب دراسة ميدانية ص 32-33 .
[36][6] - فاطمة المرنيسي: “الجنس كهندسة اجتماعية” (ترجمة فاطمة الزهراء أزرويل) نشر الفنك، مطبعة فضالة المحمدية 1987 ص. 133-134.
[37][7]ـ أبو الأعلى المودودي: ”الحجاب” ، دار المعرفة ، د.ت. ص 192-193.
[38][8] ـ مريم جميلة : “تحذير المرأة المسلمة” (ترجمة طارق السيد خاطر)، القاهرة د.ت. ص 87
[39][9] ـ أبو الاعلى المودودي: “الحجاب” ، ص 28 ـ 29.
[40][10] ـ مبشر الطرازي الحسيني “المرأة وحقوقها في الإسلام “، دار الكتب العلمية بيروت د.ت ص 28.
[41][11] ـ حديث أخرجه البخاري في كتاب الوضوء / ج 1 ص 249 ط دار الفكر .
[42][12] ـ فاطمة المرنيسي: “الجنس كهندسة اجتماعية” ، نشر الفنك، مطبعة فضالة المحمدية ، 1987 ، ص 123.
[43][13] ـ مبشر الطرازي الحسيني “المرأة وحقوقها في الإسلام“، دار الكتب العلمية بيروت د.ت. ص 28.
[44][14] ـ ابو الأعلى المودودي: “الحجاب” ، ص 25 ـ 27.
[45][15] ـ الإمام محمد القرطبي: “الجامع لأحكام القران“، دار الكتب العلمية، بيروت، ج.2 1988 ص 82.
[46][16] ـ أخرجه الترمذي وابن ماجة .
[47][17]- يتكلم عن المسلمين بصيغة الغائب، وكأنه ليس منهم. ولعله ارتد ولم يعلن عن ردته.
[48][18]- قاسم أمين: “المرأة الجديدة” ، مطبعة الشعب ، القاهرة ، 1900. ص 33.
[49][19]- قاسم أمين: “المرأة الجديدة، ص 34 – 35 .
[50][20]- نفس المرجع ، ص 69.
[51][21]- ابو الأعلى المودودي :” الحجاب” ، دار الفكر للطباعة . ص 41-42.
[52][22]ـFATIMA MERNISSI ”Le Harem politique,Le Prophète et lesfemmesEd. Albin Michel, Paris 1987,p23.

[53][23]-Le Harem politique,Le Prophète et lesfemmes, P 236
[54][24] - نفس المرجع .
[55][25]- محمد ناصر الدين الألباني ،”حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة” ، المكتب الإسلامي في بيروت ،1389 ، ص 42-43- 44 –45.
[56][26]- فاطمة المرنيسي : “ الحريم السياسي” ، ص.234 .
[57][27]- تفسير ابن كثير, ج 5 ,ص 489.
[58][28]ـ فاطمة المرنيسي : “الحريم السياسي” ص.236 .
[59][29]- فاطمة المرنيسي : “ الحريم السياسي” ص.180 .


[60][30]ـ جريدة العلم , 24 غشت 1956 .
[/SIZE]
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...