منقول - الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية

يعيش العالم اليوم ثورة جنسية طاغية ، تجاوزت كل الحدود والقيود ، مما جعل القضية تطرح على أنها أبرز إحدي القضايا وأشدها أثراً وخطراً على الكيان البشري برمته .
يقول جورج بالوشي هورفت فى كتابه : ( الثورة الجنسية ) :
" والآن ، وبعد أن كادت أذهاننا تكف عن الخوف من الخطر الذري ، ووجود ( عنصر السترونسيوم ـ 90 المشع ) فى عظامنا وعظام أطفالنا ، لايفتقر العالم إلى عناصر بشرية تقلق للأهمية المتزايدة التى يكتسبها الجنس فى حياتنا اليومية ، وتشعر بالخطر إذ تري موجة العري وغارات الجنس لاتنقطع ، ينشغل هؤلاء الناس انشغالاً جاداً بالقوة الهائلة التى يمكن أن تصل إليها الحاجة الجنسية إذا لم يحدها الخوف من الجحيم، أو الأمراض السارية، والحمل... وفى رأيهم أن أطناناً من القنابل الجنسية تتفجر كل يوم، ويترتب عليها آثار تدعو إلى القلق، قد لايجعل أطفالنا وحوشاً أخلاقية فحسب ، بل قد تشوه مجتمعات بأسرها .
وكتب جيمس رستون James Restone فى مجلة New York Times: " إن خطر الطاقة الجنسية قد يكون فى نهاية الأمر أكبر من خطر الطاقة الذرية."
ويلفت المؤرخ Arnold Toynbee النظر إلى أن سيطرة الجنس يمكن أن تؤدي إلى تدهور الحضارات.
وهذا ما أكده الإسلام من قبل ، حيث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " وما تشيع الفاحشة فى قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء " .
تشهد أمريكا وأوربا وغيرهما من بلاد العالم منذ سنوات قريبة جنوناً جنسياً محموماً ، سواء في عالم الأزياء والتجميل ، أو في عالم الكتب والأفلام ، أو في عالم الواقع على كل صعيد .... حتي غداً الجنس الشغل الشاغل لمعظم أفراد المجموعة البشرية ، بل أضحت ممارسته والإغراق فيه الحياة وقمة الأمنيات لدي كثير من الناس .....
الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية
فلم يعد الجنس تلك العلاقة الحسية القائمة بين زوجين أثنين ، أو حتي بين شخصين لا يربطهما عقد شرعي أو قانوني ، بل أضحي عالماً واسعاً بكل ما فيه من فنون ووسائل ومثيرات ؟؟؟
غداً الجنس كالطعام مختلفة ألوانه متعددة توابله ومقبلاته ، لايخضع لذوق أو مزاج أو قاعدة ، فضلا عن تحرر من كل عرف أو قيد .
يستحيل اليوم السير فى أي مدينة كبيرة دون التعرض ( للقصف الجنسي ) الحقيقي ؛ إعلانات من كل حجم ، وأغلفة مصورة ، أفلام سينمائية ، صور معروضة فى مداخل علب الليل ، والآف من الفتيات والنساء يرتدين ثياباً كان يمكن ان توصف بقلة الحشمة منذ أمد قريب ؟
إن اللواط والسحاق والممارسات الجماعية للجنس والزواج التجريبي أو الحب السابق للزواج ، وإن نوادي الشذوذ ونوادي العراة وعلب الليل ، وإن المجلات الماجنة والأفلام الجنسية والصور الخليعة ... إلخ ، كل هذه وغيرها باتت السمة المميزة للمجتمعات البشرية فى شتي أنحاء الأرض
لاشك أن هذه الثورة الجنسية المحمومة التى بدأت طلائعها منذ سنوات كانت حصاد أوضاع وقيم عقائدية وفكرية وأخلاقية معينة ... ولم تكن هذه الظاهرة وليدة الصدفة أبداً ، وإنما إشباعاته العضوية الغريزية دون أن يتمكن من تحقيق هذه الإشبعات .
فى نيسان April 1964 أثيرت ضجة كبري عندما وجه ( 140 ) من الأطباء المرموقين السويديين مذكرة إلى الملك والبرلمان السويدي يطلبون فيها اتخاذ اجراءات عاجلة للحد من الفوضي الجنسية التى تهدد حقاً حيوية الأمة وصحتها ، وطالب الأطباء أن تسن قوانين صارمة ضد الإنحلال الجنسي .
وفي أيار Mai من العام نفسه قامت أكثر من ( 2000 ) إمرأة إنجليزية بحملة لتنظيف موجات الإذاعة وشاشات التلفزيون من الوحل الذي يلطخها من خلال ما تشيعة من الجنس الرخيص .
وفي سنه 1962 صرح الرئيس جون كينيدي بأن مستقبل أمريكا فى خطر ، لأن شبابها مائع منحل غارق فى الشهوات لايقدر المسؤولية الملقاه على عاتقة . وإن من بين كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجه سته غير صالحين .... لأن الشهوات التى غرقوا فيها أفسدت لياقتهم الطبية والنفسية .
الجنس والعلاقات الجنسية في ضوء الشريعة الإسلامية :
إن تصحيح الواقع الاجتماعي والأخلاقي لايتحقق بمجرد استهجان القبيح واستنكاره وإنما بتقويم المجتمع وبنائه فى كافة مرافقة وشؤونه وفق نظام أخلاقي متناسق ......
الأخلاق والجنس :
للأخلاق فى نظر الماديين مفاهيم غريبة لاتتفق مع ما تعارف عليه الناس ومع ما جاءت به الأديان، بل حتي مع الحس والذوق الفطريين .
تعتبر المذاهب المادية جمعاء الجنس عملية ( بيولوجية ) بحته لا علاقة لها بالأخلاق ، كما تعتبر أن السياسة هي سياسة بحته كذلك ولا علاقة لها بالأخلاق .
يقول دوركهايم :
" إن الأخلاقيين يتخذون واجبات المرء نحو نفسه أساساً للأخلاق . وكذا الأمر فيما يتعلق بالدين ، فإن الناس يرون أنه وليد الخواطر التى تثيرها القوي الطبيعية الكبري أو بعض الشخصيات الفذة ( يعني الرسل ) لدي الإنسان ، ولكن ليس من الممكن تطبيق هذه الطريقة على هذه الظواهر الاجتماعية اللهم إلا إذا أردنا تشوية الطبيعة " [ قواعد المنهج في علم الاجتماع ] .
ويقول فرويد :
" إن الإنسان لايحقق ذاته بغير الاشباع الجنسي ... وكل قيد من دين أو أخلاق أو مجتمع أو تقاليد هو قيد باطل أو مدمر لطاقة الإنسان وهو كبت غير مشروع " .
وجاء فى بروتوكولات حكماء صهيون : protocoles des sages de sion
" يجب أن نعمل لتنهار الأخلاق فى كل مكان فتسهل سيطرتنا .... إن فرويد منا وسيظل يعرض العلاقات الجنسية فى ضوء الشمس لكي لا يبقي في نظر الشباب شيء مقدس ، ويصبح همة الأكبر هو إرواء غرائزة الجنسية وعندئذ تنهار أخلاقه " .
وجاء فيها أيضاً :
" لقد رتبنا نجاح دارون وماركس ونيتشة بالترويج لآرائهم ، وإن الأثر الهدام للأخلاق الذى تنشئة علومهم فى الفكر اليهودي واضح لنا بكل تأكيد " .
تقوم الفلسفة الأخلاقية فى الإسلام على أساس توفيق تصريف الغرائز ، كل الغرائز وتنظيم العلائق والتصرفات ، كل العلائق والتصرفات البشرية وفق تصور الإسلام العقيدي ووفق النظام المنبثق عن هذا التصور .
إنه الإطار الذى يعمل على تقنين جميع شؤون الحياة الإجتماعية منها والإقتصادية والسياسية ، الفردية منها والجماعية وفق أسس أخلاقية ليكون التعامل بها ، وليكون الأثر الناتج عنها أخلاقياً .
الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية :
والإسلام حين يضع للغريزة ضوابط أخلاقية معينة فإنما يفعل ذلك فى ضوء تقديره لطبيعة الكائن البشري ولطبيعة احتياجاته العضوية والنفسية ، ولطبيعة متطلباته الروحية والبدنية ، تماماً كما يفعل بالنسبة لغرائزه الأخري .
النظرية الجنسية فى الإسلام :
ينظر الإسلام إلى الإنسان نظرة شاملة ، ينظر إليه جسماً وعقلاً وروحاً ، وذلك من خلال تكوينه الفطري، ثم هو ينظم حياته ويعالجه على أساس هذه النظرة .
فالإسلام لم ينظر إلى الإنسان نظرة مادية لاتتعدي هيكله الجسدي ومتطلباته الغريزية شأن المذاهب المادية ، في حين لم يحرمه حقوقه البدنية وحاجاته العضوية .
لم يكن الإسلام إيبيقورياً Epicurien فى إطلاق الغرائز والشهوات من غير تنظيم ولا تكييف ، ولم يكن كذلك رواقياً Stoicien فى فرض المثاليات وإعدام المتطلبات الحسية في الإنسان (*) .
والإسلام بناء على تصوره لطبيعة الإنسان ولاحتياجاته الفطرية ولضرورة تحقق التوازن فى إشباعاته النفسية والحسية ، يعتبر الغريزة الجنسية إحدي الطاقات الفطرية فى تركيب الإنسان التى يجب أن يتم تصريفها والانتفاع بها فى إطار الدور المحدد لها ، شأنها فى ذلك شأن سائر الغرائز الأخري .
ولاشك أن استخراج هذه الطاقة من جسم الإنسان أمر ضروري جداً ، وبالعكس فإن اختزانها فيه مضر جداً وغير طبيعي ، ولكن بشرط الانتفاع بها وتحقيق مقاصدها الإنسانية .
وحين يعترف الإسلام بوجود الطاقة الجنسية فى الكائن البشري ، فإنه يحدد لهذا الكائن الطريق السليم لتصريف هذه الطاقة ، وهو طريق الزواج الذى يعتبر الطريق الأوحد المؤدي إلى الإشباع الجنسي للفرد من غير إضرار بالمجتمع .
ويتصور الإسلام وجود علاقة بين الرجل والمرأة على أنها الشيء الطبيعي الذى ينبغي أن يكون . فهو يقر بأن الله قد جعل فى قلب كل منهما هوي للآخر وميلاً إليه . ولكنه يذكرهما بأنهما يلتقيان لهدف هو حفظ النوع . وتلك حقيقة لانحسبها موضع جدال . فمن المسلم به لدي العلم أن للوظيفة الجنسية هدفاً معلوماً ، وليست هي هدفاً بذاتها . فيقول القرآن الكريم : " نساؤكم حرث لكم " [ سورة البقرة الآية 223 ] فيحدد بذلك هدف العلاقة بين الجنسين بتلك الصور الموحية...
وربما خطر فى فكر سائل أن يقول : " إن هدف الحياة من هذه الشهوة يتحقق سواء تيقظ إليه الفرد او كان غارقاً فى الشهوة العمياء ، فما الفرق إذن بين هذا وذاك .
ولكن الحقيقة أن هناك فارقاً هائلاً بين النظرتين فى واقع الشعور . فحين يؤمن الإنسان بأن للعمل الغريزي هدفاً أسمي منه ، وليس هو هدفاً فى ذاته ، يخفف سلطان الشهوة الطاغية فى شعوره ، فلا يتخذ تلك الصورة الجامحة التى تعذب الحس أكثر مما تتيح له المتعة والارتياح . وليس معني ذلك أنه يقلل من لذتها الجسدية ، ولكنه على التحقيق يمنع الإسراف الذى لايقف عند الحد المأمون .
ففي حدود الأسرة وفى نطاق الزوجية يتيح الإسلام للطاقة الجنسية مجالها الطبيعي المعقول ، ولكنه لايتيح لها المجال فى الشارع ، خلسة أو علانية ، وهو يري ببصيرته كيف تنحل الأمم وتسقط حين تترك أفرادها يتهاون فى الرذيلة دون أن تأخذ بحجزهم وتمنعهم من الإنحدار .....
ويقول الدكتور فريدريك كاهن Frederic kahn إن الزواج هو الطريق الصحيح لتصريف الطاقة الجنسية ، وهو الحل الأوحد الجذري للمشكلة الجنسية . ويقول فى كتابه ( حياتنا الجنسية ) : " كان البشر فىالماضي يتزوجون فى سن مبكرة ، وكان ذلك حلا صحيحاً للمشكلة الجنسية . أما اليوم فقد أخذ سن الزواج يتأخر ، كما أن هناك أشخاصاً لا يتوانون عن تبديل خواتم الخطبة مراراً عديدة . فالحكومات الجديرة ، لأنها تكتشف بذلك أعظم حل لمشكلة الجنس فى عصرنا هذا .
والإسلام حينما يعتبر الزواج الطريق الفطري الذى يحقق للطاقة الجنسية هدفها الإنساني ، فضلاً عن تحقيقه اللذة الآتية منها ، فإنه يتوجه بقوة للحض على الزواج وتسهيلة وتيسير أسبابه .
وإلى أن تتهيأ للشباب فرص الزواج وأسبابه ، فإن الإسلام يدعو إلى الاستعفاف ، وهو علاج مقبول وطبيعي فى مجتمع لايترك الإنسان فريسة للقصف الغريزي المدمر ، كما هو مشاهد اليوم فى المجتمعات البشرية كافة .
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء " [ رواه البخاري ] .
ويقول عليه الصلاة والسلام : " إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف دينه ، فليتق الله فى النصف الباقي " [ رواه البيهقي ] .
الجنس والعلاقات الجنسية في ضوء الشريعة الإسلامية :
ويقول صلى الله عليه وسلم : " ثلاث حق على الله عونهم : المجاهد فى سبيل الله ، والمكاتب الذى يريد الآداء ، والناكح الذى يريد العفاف " [ رواه الترمذي ] .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : " من كان موسراً لأن ينكح ثم لم ينكح فليس مني " [ رواه الطبراني ] .
الموقف الإسلامي
من العلاقات الجنسية
يعطي الإسلام توجيهات عملية مفيدة فى جميع شؤن الحياة بما في ذلك العلاقات الجنسية البشرية (*)
فالزواج هو القناة الوحيدة التى يسمح فيها بالعلاقة الجنسية بين الجنسين .
والعلاقات الجنسية محرمة تماما خارج إطار عقد الزوجية وتستوجب عقوبة دنيوية وعقوبة أخروية .
ويشدد الإسلام على الوقاية من الجرائم الإجتماعية وكذلك الأمر بالنسبة للظروف والعوامل التى تساعد على انتشار هذه الجرائم ، وتنص الشريعة الإسلامية على عقوبات شديدة ضد جرائم الجنس كالزنا واللواط والاغتصاب ، التي ينظر إليها مخالفة للشرائع المتعلقة بالمجتمع والعائلة .
يقول الله تعالي : " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائه جلدة ولا تاخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين . " [ سورة النور : 2 ] .
ويقول تعالي : " ولاتقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً " [ سورة الإسراء : 32 ]
ويشدد قانون العقوبات الإسلامي على استقرار وأمن العائلة والحياة الاجتماعية على حساب الحرية الفردية غير المحدودة . ويعتمد فى ذلك على التوجيهات والحكمة الإلهية التى تعتبر أحسن طريق لإيجاد المجتمع والآمن والسليم .
ومن أهم معالم الإسلام التى أسسها النبي صلي الله عليه وسلم أنه جعل الطهارة نصف الإيمان ولا غرابة أن يستوجب القرآن الكريم الغسل بعد الحيض والنفاس والاحتلام والجماع بين الزوجين .
ينظر الاسلام الى العلاقة الجنسية بين الزوجين على أنها لاتهدف الى التناسل فقط ،بل هي استمتاع فيزيائي وإشباع غريزي . والاسلام وصف الزوجين وشبه كلاً منهما بأنه لباس للآخر .
يقول الله تعالي : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ، هن لباس لكم وانتم لباس لهن " [ سورة البقرة : 187 ] .
ترتيبات الزواج في الإسلام :
يقول الله تعالي :
" يا أيها الناس أتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيراً ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً [ سورة النساء : 1 ]
ويقول الله تعالي :
" حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللائي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن ، فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفوراً رحيماً " [ سورة النساء : 23 ] .
الزواج فى الإسلام هو الحجر الأساس فى بناء العائلة وهو بالتالي أساس استقرار المجتمع والزواج نفسه هو عقد شرعي قانوني بين المرأة والرجل يتعاهدان فيه على الحياة المشتركة وفقاً للشريعة التى يؤمنون بها . وعليهم أن يتذكروا دائما واجبهم نحو الله تعالي وواجبات وحقوق كل منهما تجاه الآخر .
ينظر غير المسلمين إلى الطريقة التى يختار فيها المسلم زوجته على أنها طريقة عتيقة وبما أن الإسلام يؤكد على العفة والحياء ، فمن الطبيعي أن لاتكون هناك أية ضرورة للاختلاط الاجتماعي بين الجنسين ، وخاصة كما فى الصورة التى يراها غير المسلمين على أنها طبيعية وليس هناك أية صورة من ضرب المواعيد واللقاءات الخاصة المعتادة عند غير المسلمين قبل عقد الزواج . وإن السلوك الجنسي وجميع الأفعال الجنسية ومقدماتها ليست مشروعة إلا تحت مظلة الزواج الشرعي . وعلي هذا لايجوز أن تجري أية اختبارات جنسية قبل الزواج . والاخلاص والعفه من الجواهر الأساسية فى الحياة الزوجية .
لكل من الرجل والمرأة الحق الكامل فى التعبير الحر عن الرغبة والرضا بالزواج من الطرف الآخر، وكل زواج بالقهر والضغط على أحد الطرفين دون أقتناع أو الرضا هو أمر مخالف لجميع تعاليم الإسلام.
الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية .
يتطلب الشرع من الأبوين أن يعطوا الحرية الكاملة دون أدني ضغط أو إكراه ليختار القرين قرينة مع كامل الرضي لأن هذا أدعي لدوام السعادة والوفاق بينهما ، وخاصة حينما يتعلق الأمر بأخذ موافقة الزوجة على الزواج من الرجل المتقدم لخطبتها .
تدل الدراسات الإحصائية على أن الزواج المرتب الذى يتم من خلال استعدادات يساهم فيها كل من الخطيبين هو الزواج الأكثر دواما والأكثر استقراراً والأكثر سعادة من الزواج الذى يتم بناء على نزوة عاطفية عارضة .
ولقد لفت النبي صلي الله عليه وسلم إلى أهم الصفات التى تدعو إلى نكاح المرأة ، فقد أورد البخاري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال :
" تنكح المرأة لأربع : لمالها ونسبها وجمالها ودينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك " .[ رواه البخاري ومسلم وغيرهما ] .
وقال عليه الصلاة والسلام " لاتزوجوا النساء لحسنهن ، فعسي حسنهن أن يرديهن . ولا تزوجهن لأموالهن ، فعسي أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين ، ولأمة خر ماء سوداء ذات دين ، أفضل " [ صحيح ابن ماجه : الحديث رقم 1864 ] .
ومن شروط الموافقة على الزواج الإسلامي دفع المهر Dot ، وهو المال الذى يدفعه الرجل للمرأة ، وليس العكس كما هي الحال فى عادات بعض الأمم ، وهذا المهر هو من حق المرأة ولها الحق أ، تتصرف به كما تشاء . وهذا المال يمكن أن يكون نقداً أو من الحلي أو أن يكون تعليماً لجزء من القرآن والمهر يرتبط تقديره بحسب الوضع الاجتماعي للمرأة ، ومن حقها أن تتنازل عن جزء من هذا المهر دون أن يكون هناك أي إلزام أو قهر . ويعتمد مبدأ المهر على حق التملك الفردي للمرأة وحق التصرف بمالها .
واجبات الزوجه والزوجة:
ينطلق الإسلام من مبادىء تستند علىالإختلافات الطبيعية بين المرأة والرجل . علماً بأنهما قرناء لبعضهما البعض ولهما دور واضح فى إطار الأسرة المشتركة .
فالزوج مسؤل عن الجانب الإقتصادي للأسرة ، بينما المسؤولية العائلية مسؤولية مشتركة بينهما . ويعترف الإسلام بقوامه الرجل فى العائلة . والمرأة ليست مسؤولة عن الجانب الإقتصادي للأسرة حتي ولو كانت أكثر مالاً من زوجها ولكنها إذا رغبت من نفسها بالمشاركة فلها أن تفعل . وعلي المرأة أن تساند زوجها فى كل أموره وتطيعه إلا فى معصية وعلى الرجل أن يرعي زوجته وأن يفيها حقها فى كل شيء بما في ذلك كل ما يتعلق والشؤون الجنسية .
المرأة المسلمة ، زوجة كانت أم عازبة ، تحتفظ بشخصيتها الحقوقية كاملة ، فليست هي مجرد ملحقة بالزوج أو الأب أو الأخ . فالإسلام سبق القوانين الغربية بأكثر من ( 13 ) قرناً حينما أقر بالحقوق الشخصية للمرأة بما في ذلك كسبها المشروع ، ومتاجرتها بمالها ، حتي بعد الزواج ، ولو اشتركت ببعض مالها مع الزوج فلها كامل الحق فى اتخاذ القرار الذي تراه حول هذا الموضوع .
والصورة النمطية stereotype التى تعتبر المراة المسلمة خادمة للأبد فى المطبخ أو التنظيف ، وهي مخلوق فاقد للقيم الروحية والذاتية الشخصية وعديمة الفائدة ، وليس لها الحق فى الحياة الشخصية أو الذاتية ، كل هذا ليس له أصل فى الشريعة الإسلامية . فالمرأة والرجل كل منهما يكمل الأخر وهما متساويان فى المسؤولية أمام الله تعالي ، ومع ذلك فهذه المسؤولية لاتعني أبدا التساوي من الناحية الفيزيولوجية والجزاء فى الدنيا والآخرة .


.
 
ومن الشائع أن يتهم الإسلام بأنه لايعامل الرجل والمرأة بالتساوي وخاصة فيما يتعلق بالميراث ، لأن تعاليم الإسلام تفرض للرجل نصيباً مضاعفاً عن نصيب المرأة . ولكن إذا أخذنا بعين الأعتبار ما ذكرناه أنفاً عن مسئوولية الرجل عن المرأة والبيت من ناحية النفقة تتضح لنا الحكمة من هذا التوزيع العادل .
وما أكثر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة والإحسان إليها ومعاملتها بالرفق والاحترام والمحبة والإخلاص ، ومنها قوله عليه الصلاة والسلام : " استوصوا بالنساء خيراً " [ حديث متفق عليه ]
وللمرأة والرجل الحق بالمشاركة فى المجتمع بما يحفظ لهما كيان الأسرة وفي الحدود التى اباحتها الشريعة ، كالمشاركة فى التعليم والطب والأعمال الاجتماعية ، حتي أن المرأة في عهد النبي صلي الله عليه وسلم شاركت الرجل فى الدفاع عن الإسلام والمسلمين فى معارك شتي . وكانت المرأة تستشار من الرجال فى كثير من الشؤون التى تخص الأمة ، فلقد كانت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها حجة ومرجعاً فى كثير من القضايا والأحكام الشرعية .
وأجمل الصور عن الزواج الإسلامي يعرضها القرآن الكريم بقوله تعالي :
" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن فى ذلك الآيات لقوم يتفكرون . " [ سورة الروم :21 ] .
الذى يبين الإحترام المتبادل والرفق والحب والعاطفة والمعاشرة بالحسني بين الزوج والزوجة .
إن ما تقوم به الزوجة من تدبير الشئون المنزلية ، ليس فرضاً عليها ولا إلزاماً لها وإنما هو من باب الاحترام والتعاون المشترك والتواصي بالمعروف بين الزوجين ، وتقديراً من الزوجة لعمل الزوج وسعية وشقاوته خارج البيت . وإذا كان أحد الزوجين خارج البيت ، فالآخر هو الذى يقوم برعاية الأطفال . وإذا ما كان الزوج فى البيت فعليه أن يعين زوجته فى أعمالها البيتية المختلفة اتباعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي إذا ما كان في البيت كان في مهنة أهله ، أي يقوم بأعمالها ومساعدتها على التدبير المنزلي بمختلف أشكاله .
وفى الحياة الزوجية ؛ على كل من الزوجين أن يستجيب للحاجات الجنسية للآخر ، ذلك أن الإسلام يحرم أي نشاط جنسي خارج عقد الزوجية ، ولايسمح الإسلام بأي نشاط من هذا النوع لغير المتزوجين . ويعتبر الزنا والمقارفات الجنسية جريمة بشعة فى حق المرأة والرجل ، وفى حق المجتمع الإسلامي الطاهر النظيف ، ولذلك يعاقب النجاة بأشد العقوبات ، حماية للأفراد والأسرة وحماية للمجتمع .
يقول الله تعالي " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائه جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ." [ سورة النور :2 ] .
إن كل عمل يؤدي إلى زعزعة الكيان العائلي يؤدي بالتالي إلى هز كيان المجتمع ، ولذا كانت العقوبة التى يفرضها الإسلام لمثل هذه الجنايات عقوبة شديدة صارمة . والعقوبة المذكورة في الأية الكريمة هي فى حق الرجل والمرأة غير المحصنين أما الزناه المحصنون ( أي المتزوجون ) فتطبق بحقهما عقوبة الرجم حتي الموت . فقد ورد فى صحيح مسلم عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خذوا عني خذوا عني ؛ قد جعل الله لهن سبيلاً . البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ، والثيب جلد مائه والرجم " [ صحيح مسلم : الحديث رقم 1690 ] .
وفى الحديث إشارة إلى قوله تعالي : " فأمسكوهن في البيوت حتي يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً " [ سورة النساء الآية 15 ] ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو السبيل .
والبكر بالبكر والثيب بالثيب ليس هو علي سبيل الاشتراط بل حد البكر الجلد والتغريب ، سواء زني يبكر أم بثيب ، وحد الثيب الرجم سواء زني بثيب أم يبكر .
وإذا اتهم أحد شخصاً آخر بالزنا باطلاً ولم تكن لديه بينه على قوله عوقب بالجلد ثمانين جلدة ، حماية لأعراض الناس حتي لاترمي بالباطل .
يقول الله تعالي : " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون * إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم * والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلإ أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين * ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم * [ سورة النور الآيات 4 ـ 10 ] .
الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية :
والرسول صلى الله عليه وسلم يحذر من كل سبب يمكن ان يوقع فى الزنا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : " كتب على ابن آدم نصيبه من الزني ، مدرك ذلك لا محالة : العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، والقلب يهوي ويتمني ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه " [ حديث متفق عليه ، وهذا لفظ مسلم ] .
ويجدر بنا أن نذكر فى هذا المقام أن هذا التشريع ورد فى الشرائع السابقة للإسلام ، ونسوق على سبيل المثال بعض النصوص التى ذكرها العهد القديم والعهد الجديد المرتبطة بهذا الموضوع .
[ لاتزن * لاتسرق * لاتشهد على قريبك شهادة زور * لاتشته امرأة قريبك ولا عبده ولا أمته ولا ثوره ولاحماره ولاشيئاً مما لقريبك * ] ( سفر الخروج : 20 /14/16 ) .
[ إذا وجد رجل مضطجعاً مع امرأة زوجه بعل يقتل الأثنان الرجل المضطجع مع المرأة والمرأة . فتنزع الشر من اسرائيل *
إذا كانت فتاة عذارء مخطوبة لرجل فوجدها رجل فى المدينة واضطح معها فأخرجوهما كليهما إلى باب المدينة وارجموهما بالحجارة حتي يموتا الفتاة من أجل أنها لم تصرخ فى المدينة والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبة فتنزع الشر من وسطك * ] ( سفر التثنية : 22 /22 ـ 24 ) .
[ فقال يسوع : لاتقتل ، لاتزن لاتسرق ، لاتشهد بالزور ] ( انجيل متي : 19/18 )
[ أنت تعرف الوصايا : لاتزن لاتقتل ، لاتسرق ، لاتشهد بالزور ] .( انجيل مرقس : 10/19 ) ، ( انجيل لوقا : 18/20 ) .
الطلاق :
خلافا لما هو شائع فى الغرب ، فإن الإسلام ينظر إلى الزواج على أنه استمرا للعلاقة الطيبة بين الزوجين من حيث الحب والاحترام والتعامل بالمعروف ، وأن على الزوجين أن ينميا هذه العلاقة دائما نحو الأحسن .
ولايمكن أن يتصور الإسلام أن تبقي هذه العلاقة على أحسن مايرام دائماً ، فلابد أن ينالها من وقت لآخر بعض الاضطراب من توتر وغضب وانزعاج وخصام .... إلى ما هنالك من الأمور الطبيعية فى الحياة اليومية . ولكن الإسلام يؤكد على التغلب على هذه العقبات الطارئة بإصلاح ذات البين فيما بينهما أو باللجوء إلى حكم من أهلها وأهله للإصلاح .
وإذا تعذر الإصلاح واستمر الخلاف ، واصبحت الحياة الزوجية غير ممكنة لأن تستمر بين الطرفين، فقد شرع الإسلام الطلاق بالمعروف ، على الرغم من أنه من الأمور التى يبغضها الرب سبحانه وتعالي ، فالرسول صلي الله عليه وسلم يقول : " أبغض الحلال إلى الله الطلاق " [ رواه أبو داود وابن ماجه فى سننهما ] .
ولنذكر أنه يتم فى فرانسا حوالي 330 حالة طلاق معلنه يومياً ( إحصاء 1995 ) وهذا الرقم أكبر بثلاث مرات من الرقم المعلن عام( 1972 ) .
آداب المعاشرة الجنسية فى الإسلام :
لانقصد فى هذه الدراسة أن نعطي تفصيلات عن طبيعة العلاقة بين الزوجين ، ولكننا نحب أن نشير إلى بعض المباديء الرئيسية فى السلوك الجنسي بين القرينين .
1 ـ لاتوجد علاقة جنسية خارج عقد الزوجية فى الإسلام الذى يعتبر عقداً مقدساً مقدساً وإرادياً بين المرأة والرجل يتم باسم الله وعلى بركة الله . ولايسمح الإسلام بحال بعلاقات جنسية خارج هذا الاطار .
2 ـ الزوج والزوجة هما خليفتان لله فى الأرض وعليهما أن يطيعا أوامر ربهما كما وردت فى القرآن الكريم والسنه المطهرة .
3 ـ تهدف العلاقة الجنسية بين الزوجين إلى :
ـ التكاثر
ـ إشباع الرغبة الغريزية للطرفين
ـ تبادل الحب والعواطف
ـ الشعور بالدفء وحرارة العلاقة بين الزوجين .
ـ بناء حياة زوجية سعيدة ومستقرة ومتجانسة لصالح الأسرة والمجتمع .
4 ـ العلاقة الجنسية بين الزوجين يؤجر عليها الزوجان فى الآخرة ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن أناساً من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم : يارسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور . يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ، يتصدقون بفضول أموالهم . قال : " أوليس قد جعل لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة . وكل تكبيرة صدقة . وكل تحميدة صدقة . وفى بضع أحدكم صدقة ." قالوا : يارسول الله أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟
قال : " أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها فىالحلال كان له أجر " [ رواه مسلم فى صحيحه : كتاب الزكاة الحديث رقم 1006 ].
والمقصود بكلمة البضع كناية عن الجماع ، ويطلق على الفرج نفسه ، وكلاهما تصح إرادته هنا ، وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ، فالجماع يكون عبادة إذا نوي به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذى أمر الله تعالي به ، أو طلب ولد صالح ، أو إعفاف نفسه ، أو إعفاف الزوجة ، ومنعهما جميعاً من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أوالهم أو غير ذلك من المقاصد الصالحة .
5 ـ يجب ان يبتدي الجماع بين الزوجين بالدعاء الوارد عن النبي صلي عليه وسلم : " باسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإن قضي الله بينهما ولداً ، لم يضره الشيطان أبداً ." [ رواه البخاري ] .
6 ـ يجب أن تتم العلاقة الجنسية فى صورة كاملة من الحياء والملاطفة والملاعبة وأن يتصرف كل منهما مع الآخر تصرف اللياقة والكياسة ، ولايتعجلا الاتصال الجنسي قبل مقدمات من الحب والعطف والحنان .
وفى هذا المجال نحب أن نلفت النظر إلى أن الإسلام لم يغفل أو يهمل حتي دقائق الأمور وتفصيلات السلوك البشري الخاص والعام لتكون متوافقة ومنسجمة مع القواعد الاعتقادية والأخلاقية التى جاء لتحقيقها لذلك نجد أن الإسلام وضع للعملية الجنسية ( الجماع ) ما تحتاجه من توجيه وتنظيم .
فهو يدرك أن الجماع كيما يكون مثاليا محققا الغاية الفطرية منه ، يجب أن يكون منسجماً فى العمل والاستجابة ، مؤدياً إلى الاستمتاع والاتحاد والحسيين والنفسين بين الزوجين .
والاستعداد النفسي والتحضير العاطفي خير سبيل للبلوغ بين الزو جين معاً الإشباع المطلوب ... وإلي ذلك يشير الرسول صلي الله عليه وسلم بقوله : " لا يقعن أحدكم على امرأته كما تقع البهيمة ، وليكن بينهما رسول ، قيل وما الرسول يا رسول الله ؟ قال : القبلة والكلام ! " [ رواه الديلمي فى مسند الفردوس ] .
ويقول عليه الصلاة والسلام : " ثلاث من العجز فى الرجل : الأول أن يلقي من يحب معرفته فيفارقه قبل أن يعلم إسمه ونسبه . والثاني : أن يكرمه أحد فيرد عليه كرامته . والثالث : أن يقارب الرجل جاريته أو زوجته فيصيبها قبل أن يحدثها ويؤانسها . " [ رواه الديلمي فى مسند الفردوس ]
وقد ورد حول هذا المعني كلام للإمام أبي حامد الغزالي فى كتابه [ إحياء علوم الدين ] ، جاء فيه :
" ثم إذا قضي وطره فليتمهل على أهله حتي تقضي هي نهمتها ، فإن إنزالها ربما يتأخر فيهيج شهوتها . ثم القعود عنها إيذاء لها . والاختلاف فى طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقاً إلى الإنزال . والتوافق فى الإنزال ألذ عندها " [ إحياء علوم الدين : أدب المعاشرة ص : 50 ] .
إن الاتحاد الجنسي الذى يحرص الإسلام على تحقيقه بين الزوجين أثناء الجماع له فوائده الكثيرة التى لاتخفي على من لهم المام فى العلوم النفسية والجنسية ويكفي أنه يضمن الإشباع لكامل للطرفين مما يتحقق معه إحصانهما وتوثيق عري الحب والمودة .
إن كثيرا من الدراسات الجنسية الحديثة تشير إلى أن الانحرافات والخيانات والمشاكل التي تصيب الحياة الزوجية إنما تعود فى معظم الحالات إلى عدم التجانس الجنسي والنفسي بين الزوجين ، وعدم بلوغهما درجة الاتحاد .
7 ـ يجب أن تتم العلاقة الجنسية بين الطرفين فى سرية تامة وبعيدة عن أعين الناس وسمعهم ومراقبتهم ، ولايجوز لأحدهما أن يفشي أي شيء من أسرار علاقته الجنسية مع الأخر . فعن أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلي الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود ، فقال : " لعل رجلاً يقول ما يفعل بأهله ! ولعل أمرأة تخبر بما فعلت مع زوجها "! . فأرم القوم ( أي سكتوا ولم يجيبوا ) ، فقلت اي والله يارسول الله . إنهن ليفعلن ، قال : " فلا تفعلوا ! إنما ذلك الشيطان لقي شيطانه فى طريق فغشيها ، والناس ينظرون . [ رواه أحمد في مسنده ] .
8 ـ يمكن للرجل أن يأتي زوجته بالهيأة والكيفية التى تلائمهما وبالوضعية التى تؤدي إلى إتمام العمل الجنسي الكامل . ويجب أن ينتبه إلى أن الإسلام يحرم أن ياتي الرجل زوجته فى دبرها لقوله عليه الصلاة والسلام : " لاينظر الله إلى رجل يأيت امرأته فى دبرها [ رواه النسائي ] .
ولقوله صلي الله عليه وسلم : " من أتي حائضاً أو امرأة فى دبرها ، أو كاهناً فصدقة بما يقول ، فقد كفر بما أنزل على محمد " [ رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ] حديث صحيح .
9 ـ لايجوز أن يأتي الرجل زوجته وهي حائض أو في النفاس بعد الولادة ، ويسمح الإسلام بما وراء ذلك من التقبيل واللمس وما شابه ... إلخ . لقوله عليه الصلاة والسلام السابق ، ولما رواه ابو داود والبيهقي : " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أراد من الحائض شيئاً ألقي على فرجها ثوبا ثم صنع ما أراد " حديث صحيح .
وكان من عادة اليهود ومن قلدهم م العرب فى الجاهلية انهم لاينواكلون الحائق ولايساكنوها ، فنهي الإسلام عن ذلك ، ولكنه حرم إتيان الحائص ، وسمح بالتمتع دون الفرج ، وبذلك كان الإسلام وسطاً بين إفراط اليهود وتفريط الذين يبيحون جماعها فى الحيض .
والحيض بالنسبة للمرأة ظاهرة فيزيولوجية طبيعية ، ولاينظر الإسلام إلى المرأة الحائط على أنها نجس قذر لايجوز الاقتراب منه ، بل هي إنسان طبيعي يقوم بجميع واجباته الحياتية ما عدا بعض املاور العبادية التي تنص علهيا الشرع وكذلك شأن الجناية بالنسبة للمرأة والرجل ، فالجناية لاتجعل المؤمن نجساً ، فعن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم لقيه فى بعض طريق المدينه وهو جنب فأخذ بيدي ، فمشيت معه حتي قعد فانخنست منه ، فذهب فاغتسل ثم جاء ( وفي رواية : ثم جئت وهو قاعد ) ، فقال : أين كنت يا أبا هريرة ؟ قال : كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة ! فقال سبحان الله [ يا أبا هريرة ! ] إن المؤمن لاينجس .[ رواه البخاري ] .
10 ـ على الرجل أن يعامل زوجته بكل عطف وحنان ، وخاصة حينما تأخذها آلام الحيض أو يعتيرها مرض آخر ، ويمتنع عن إيذائها ويكبت جماح شهوته حتي تبرأ من كل أوجاعها وقد قال عليه الصلاة والسلام : " خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي " [ رواه الترمذي ] .
11 ـ يؤدي الجماع الى جنابة الزوجين ، وعليهما أن يتطهرا ويغتسلا بعد كل جماع . وكذلك على المرأة أن تغتسل بعد الانتهاء من دورة الحيض أوتنتهي من النفاس ، لان ذلك يمنعها من أداء بعض العيادات كالصلاة وحمل المصحف .
يقول الله تعالي : " وإن كنتم جنبا فاطهروا " [ سورة المائدة : الآية 6 ]
ويقول الله عز وجل : " يا ايها الذين آمنوا لاتقربوا الصلاة وأنتم سكاري حتي تلعموا ما تقولون ولاجنبا إلا عابري سبيل حتي تغتسلوا " ] [ سورة النساء : الآية 43 ] .
وعن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال : إذا جلس بين شعبها الأأربع ثم جهده فقد وجب الغسل . [ رواه البخاري ] .
ولقوله صلي الله عليه وسلم : " إذا التقي الختانان فقد وجب الغسل وإن لم ينزل " [ رواه مسلم ] .
12 ـ ويستحب للمرء إذا اراد معاودة جماع زوجته أن يتوضأ وضوءه للصلاة بين الجماعين ، وكذلك إذا أراد النوم غسل ذكره وتوضأ ثم نام .
فقد جاء فى صحيح مسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أتي أحدكم أهله ثم أراد أن يعود ، فليتوضأ وضوءه للصلاة " .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أراد أن يأكل أو ينام وهو جنب ، غسل فرجه وتوضأ وضوءه للصلاة ." [ رواه البخاري ومسلم ] .
وقد ورد أيضا أن النبي صلي الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب من غير أن يغتسل ، قالت عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماء حتي يقوم بعد ذلك فيغتسل " [ رواه أبو داود والترمذي ] .
ويستفاد من هذه الأحاديث أن الغسل غير مطلوب مباشرة بعد الجماع ، وإنما يجب قبل الصلاة المقبلة .
13 ـ لايجوز للمرأة أن تمتنع عن طلب زوجها للجماع بدون عذر مقبول فقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم أن صلي الله عليه وسلم قال : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه ، فلم تأته ، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتي تصبح " وبالمقابل فإن على الرجل ان لاينسي أن لزوجته عليه حقاً فى تلبية حاجتها الجنسية .
14 ـ لايجيز أكثر علماء المسلمين الاستمناء باليد استناداً لقوله تعالي : " والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت إيمانهم فإنهم غير ملومين * فمن ابتغي وراء ذلك فأولئك هم العادون * [ سورة المؤمنون : الآية 5 ـ 7 ] .
بينما يري الإمام أحمد ابن حنبل والإمام ابن حزم جواز الاستمناء باليد فى حالتين : أولاهما أن يفعل ذلك خشية أن يقع فى الزنا ، والثانية ضيق ذات اليد التى تمنعه من الزواج . ومع ذلك فقد ورد ان النبي صلي الله عليه وسلم فى حضه على الزواج أنه قال : " يامعشر الشباب من استطاع منكم الباءه فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يتسطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء " [ رواه البخاري ومسلم ] .
والمقصود بالباءه : الجماع ، فهو محمول على المعني الأعم بقدرته على مؤرن النكاح ومعني الوجاء أنه قاطع لشهوته ، وأصله رض الأنثيين ) اي الخصيتين ) لتذهب شهوة الجماع .
15 ـ الاسترقاق servage والجلد fouettement والسادية sadomasochisme وكل ما يؤدي إلى التلذذ الجنسي بصورة منحرفة وعنيفة ، كل ذلك يتنافي مع ما تهدف إليه العلاقة الجنسية النبيلة بين المرء وزوجه .
16 ـ عندما تخالط المرأة غير المحارم ، عليها أن ترتدي ثياباً ساترة لاتكون رقيقة بحث تشف ما تحتها ولاتكون ضيقة تظهر معالم وتقاطيع جسم المرأة فذلك أدعي لتجنب الفتنة والإغراء ، استجابة لقول الله تعالي : " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكي لهم ، إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولايبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ، وليضربن بخمرهن على جيوبهن ، ولا يبدين زينتهن الا لبعولتهن أو ابائهن او آباء بعولتهن أو ابنائهن او ابناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت ايمانهن أو التابعين غير أولي الإربه من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا علىعورة النساء ولايضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهم وتوبوا إلىالله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون * [ سورة النور : الآية 30 ـ 31 ] .
17 ـ يقصد بالعورة (1) الاقسام من المرأة والرجل التى يطلب الإسلام سترهما عفة وحياء وعورة الرجل من السرة إلى الركبة ، أما عورة المرأة فهو جميع بدنها ما عدا الوجه واليدين .
ولا يجوز للرجل أن يبدي عورته لأحد إلا لزوجته والعكس بالعكس . وبالاضافة الى ذلك لايجوز للمرأة أن تكشف اي جزء من بدنها من الصدر إلى الركبة لأحد حتي لمحارمها كأبيها وإخوتها وأبنائها وعمومها وأخوالها وأبناء إخوتها أو أخواتها .... إلخ . ولكنها تستطيع كشف رأسها أو ذراعيها أمام جميع من ذكرنا من المحارم إذا رغبت بذلك . وعلاوة على ذلك لايجوز للمرأة أن تكشف أي جزء من بدنها ما بين السرة والركبة أمام المرأة المسلمة ، ولايجوز لها أن تكشف أي قسم من عورتها أمام المرأة غير المسلمة .
18 ـ الخلاعية والإباحية pornographie محرمة فى الإسلام ، وكذلك عرض كل ما يخدش الحياء من صور عارية وصور العمليات الجنسية وكل ما يمت إلى ذلك بصلة
 
ـ العائلة ركن أساسي فى المجتمع الإسلامي ، والعلاقات بين الجنسين التى تضبطها قواعد الشريعة الإسلامية تهدف الى حماية المجتمع من إشاعة الفاحشة بين الأفراد كالزنا واللواط وما شابه . وكما ذكرنا فإن على الرجل والمرأة أن يتصفا بالحشمة والحياء . ولايشجع الإسلام على الاختلاط الحر بين الجنسين وذلك للوقاية من الوقوع فى المخالفات الشرعية .
20 ـ العلاقات الجنوسية Homosexualite :
يحرم الإسلام العلاقات الجنوسية بين الرجلين أو بين الإمرأتين ويعتبر ذلك من الكبائر . وفى المجتمع الإسلامي يعاقب مرتكبو هذه الفاحشة عقاباً شديداً .
يقول الله تعالي : " ولوطا إذا قال لقومه أتاتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين * إنكم لتاتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون * " [ سورة الأعراف : الآية 80 ـ 81 ] .
ويقول تعالي : " أتاتون الذكر أن من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون * " [ سورة الشعراء : الآية 161 ـ 162 ] .
( 1 ) العورة -- Les parties cachees de lafemme et de lhomme
- L intimite de la femme et de lhomme
الجنس والعلاقات الجنسية فى ضوء الشريعة الإسلامية :
ويقول تعالي : " ولو طا إذ قال لقومه أتاتون الفاحشة وانتم تبصرون * أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون * " [ سورة النمل : الآية 54 ـ 55 ] .
وقد أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه إذا رؤي أحد يفعل فعل قوم لوط أن يقتل الفاعل والمفعول به [ رواه أبو داود والنسائي وبان ماجه والترمذي ]
تذكر الآيات السابقة قصة قوم لوط الذين حذرهم لوط عليه السلام من فعل المنكر وإتيان هذه الفاحشة ، فتنكروا لنصحة وأصروا على جريمتهم ، فأمره الله تعالي أن يخرج من هذه المدينة وأن يصطحب أهله معه ، ثم أمر الله الملائكة بتدمير المدينة وأن يقلبوها عاليها سافلها جزءاً ما ارتكبوا من المعصية والفحشاء .
وللوقاية من العلاقات الجنوسية ، لايهدف الإسلام إلي منع الاختلاط بين الرجال أو منع الأختلاط بين النساء ، ولكنه يضع القواعد لهذا الأختلاط والمعاشرة كما أوضح ذلك القرآن الكريم والسنه المطهرة . وإن الذين يشعرون فى أنفسهم ميلا ورغبة في العلاقات الجنوسية يدمرون البنية الأساسية للمجتمع، والإسلام يدين كل هذا النوع من الممارسات المنحرفة .
ومن الجدير أن نتحدث عن تعبيرين شائعين : هما :
ـ التخوف من العلاقة الجنوسية Homophobie
ـ والانجذاب الجنسي الغيري : Heterosexisme
فالنظرة الاسلامية فى تحريم العلاقات الجنوسية لاتنبني على فكرة التخوف من هذه العلاقة ، فمن المعلوم أن عدم الإقرار بالشيء مختلف عن الرهاب منه .
أما الإنجذاب الجنسي الغيري فيعرف بأنه الإعتقاد بأن جنسه متفوق على الآخر ، وهو ما يحقق الرغبة بالسيطرة على هذا الجنس الآخر . وفي الإسلام لا مجال للبحث فى قضية التفوق والاستعلاء superiorite أو الدونية inferiorite ، ولكن الأمر فى الإسلام هو حكمه الأخلاقي على هذه الأشياء ، مثله فى ذلك حكمة على السرقة بأنها خطأ ، وبأن القتل هو جريمة تستحق العقاب .
ولما كان الإسلام يحرم العلاقات الجنوسية ، ويتعامل مع هذه الجريمة بقسوة فائقة فىالمجتمع الإسلامي ، إلا أنه لاينشد استئصال هؤلاء الذين تظهر عندهم هذه الرغبة ، بل يعزلهم ويضبط رغباتهم بحيث تمنعهم من ممارسة هذا الإنحراف . وبنفس الأسلوب يتصرف الإسلام مع الذين تبدو عندهم الرغبة فى ممارسة الجنس مع القاصرين أو مع الذين تربطهم بهم قرابة قوية كالأخوات وبنات الأخ أو الأخت وما شابه . فالاسلام يهدف أول ما يهدف إلى سد الطرق التى تؤدي إلى الإنحراف الجنسي ويمنع كل أسلوب فى الحياة يهدم المجتمع الإسلامي ويسير به نحو الفساد الأخلاقي .وينص القانون البريطاني المحلي لعام 1986 م( المادة 28 ) على أن تقوم الحكومات المحلية بمنع كل ما يؤدي إلى تشجيع وانتشار العلاقات الجنوسية ، كما يمنع من نشر جميع الوسائل التى تثير أو تشجع على هذه العلاقة ، وتمنع المدارس من ممارسة العلاقة الجنوسية على أنها من العلاقة العائلية .
21 ـ ويحرم الاسلام إتيان البهيمة ( مجامعة الحيوانات ) ، والسحاق ( مجامعة النساء للنساء ) ، والكلف بالاشياء ( إتيان الجنس عن طريق اشياء محددة قد تكون أحيانا ملابس نسائية داخلية ) ، والسادية ( الحصول على اللذة من خلال التعرض للعذاب والآلام ) وكل ما يمت إلى ظواهر الإنحرافات الجنسية التى تعتبر وليدة نفوس مريضة وتصورات وعادات مريضة مشوهة سقيمة . وفى المجتمع السليم لايمكن بحال وجود مثل هذه الآفات ، ولئن وجدت ففي نطاق ضيق محدود ثم لاتلبث أن تستأصل .
الزنا والعدوي بالآفات التناسلية :
يؤدي الزنا واللواط إلى أمراض جنسية خطيرة وعديدة جداً وفى المجتمع الإسلامي الذى يجب أن يتصف بالعفة والأمانة ، نادرا ما تحدث مثل هذه الاصابات . ومن أهم الأمراض التناسلية الشائعة نذكر : الزهري syphilis ونقص المناعة البشرية ( الايدز أو السيدا sida ) وداء السيلان القيحي Gonorrhee = Blenorragie . وتدل الدراسات أن هذه الأمراض شائعة جداً فىالمجتمعات التى تكثر فيها الاتصالات الجنسية خارج عقدالزواج كما هي الحال فىالمجتمعات الغربية وبعض المجتمعات الأفريقية . ويبدو أن الشباب الذين تنحصر أعمارهم بين ( 16 ـ 24 ) سنه هم أقل الناس حذراً ، وأكثر الناس تعرضاً لمثل هذه الإصابات بسبب نشاطهم الجنسي غير المشروع .
مضادات الحمل :
تشتمل التربية الجنسية على إعطاء معلومات حول الوسائل المستعملة فى منع الحمل . ويري كثير من علماء التربية المعاصرين أن موانع الحمل هي أفضل وسيلة يستند إليها شباب اليوم فى علاقاتهم الجنسية والتى تجنبهم الوقوع فى الحمل غير المتوقع .ويدخل استعمال موانع الحمل فى ما يسمي بتنظيم العائلة او تنظيم النسل planification de lafamille, والذي يقصد منه الحد من التناسل . وممن يشجع على استعمال هذه الموانع : مؤسسة النقد الدولية ، والبنك الدولي ومنظمة اليونيسكو UNESCO التي تحث بعض المجتمعات إلى تنظيم نسلها لغايات اقتصادية أو سياسية .
فىالمجتمعات التى تحرم العلاقات الجنسية خارج عقد الزوجية والتى تنظم الإختلاط الحر بين الجنسين ، يبدو أن استعمال موانع الحمل أقل ضرورة منه فىالمجتمعات الأخري . والإسلام يسمح باستعمال موانع الحمل لأسباب جلية ، كوجود خطر على حياة الأم .
والذين يخشون إن حملت زوجاتهم ان لايستطيعوا إعالة أولادهم ، عليهم أن يعتمدوا على وعد الله عز وجل فىالقرآن الكريم حين يقول : " لاتكلف نفس إلا وسعها ، لاتضار والدة بوالدها ، ولا مولود بولده ..." [ سورة البقرة : الآية 233 ] .
وقد يصبح من الضار لصحة الولد إرضاعة إذا أصبحت مرضعته حاملاً . وإذا أراد الزوجان الاستمرار فى العلاقة الجنسية ، ويريدان تجنب الحمل ، فيمكنهما اللجوء إلى إرضاع الطفل بالوسائل العصرية المعروفة .
يجب أن لايلجأ إلى استعمال موانع الحمل لتشجيع العلاقات الجنسية غير المشروعة أو التخلص من المسؤولية . ويجب أن لايغيب عن البال أن موانع الحمل ليست سليمة العواقب دائماً من حيث منع الحمل أو الوقاية من العدوي بالأمراض السارية ؛ وكذلك الرفال condom أيضا ليس مأمونا دائما بنسبة 100% .
ويري بعض العلماء جواز منع الحمل استناداً إلى بعض اقوال النبي صلي الله عليه وسلم باللجوء إلى العزل coituslnterruptus ومن الضروري أن نعرف ان استعمال حبوب منع الحمل pilulesanticonceptionnelles لايخلو من بعض الأضرار لما ثبت من علاقة ازدياد نسبة سرطان الثدي باستعمال هذه الحبوب كتأثير جانبي .
الإجهاض :
يمنع الإسلام استخدام أي وسيلة لإيقاف الحمل ؛ لاعتباره أن الحياة الإنسانية حية مقدسة لايجوز الاعتداء عليها .
يقول الله تعالي : " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق " [ سورة الإسراء : 33 ] .
ويقول تعالي : " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"[سورة المائدة : الآية 32]
والإسلام يحرم تدخل الإنسان لإيقاف الحمل ؛ وليس الإجهاض إلا العمل المقصود لإيقاف الحمل ، ويعتبر الإجهاض إعتداء إجرامياً على الحياة الإنسانية . ولقد دلت الدراسات الحديثة أن الجنين يأخذ جميع المواصفات الخلقية للإنسان فى غضون الأسابيع الثمانية الأولي من الحمل ولا يعتبر توقف الحمل لأسباب حيوية أو مرضية إجهاضاً ، لأن ذلك يحدث بدون تدخل الإنسان .
وإذا تبين أن استمرار الحمل يكون خطراً على حياة الأم ، فحياة الأم مقدمة على حياة الجنين ، وحينئذ يسمح الإسلام بالاجهاض ، ولاشك ان هذا الفعل لا يؤثر عمليا على كيان الأسرة ، فالاعتداء على حياة جنين لم يلد بعد لايمكن مقارنته بالتضحية بالأم التى تعتبر الركن الأساسي فى كيان الأسرة ويلفت الإمام الغزالي ( 1058 ـ 1111 م ) النظر إلى الفرق بين منع الحمل والإجهاض ؛ فيقول : ليس هذا كالاجهاض والواد ؛ لأن ذلك جناية على موجود حاصل ، وله أيضا مراتب ، وأول مراتب الوجود بأن تقع النطفة فىالرحم ، وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة ، وإفساد ذلك جناية ، فإن صارت مضغة وعلقة ، كانت الجناية أفحش ، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ، ازدادت الجناية تفاحشاً ، ومنتهي التفاحش فى الجناية بعد الإنفصال حياً
[ إحياء علوم الدين : كتاب آداب النكاح ] .
وفى الجاهلية قبل الاسلام ، كان من عادات العرب أن يئدوا البنات ( أي يدفنوهن أحياء ) ولقد حرم الإسلام هذه العادة المشينة بصورة قطعية ، فقال تعالي : " ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم ، إن قتلهم كان خطئا كبيراً " [ سورة الإسراء : الآية 31 ] .
ويقول تعالي : " وإذا الموءدة سئلت * بأي ذنب قتلت * " [ سورة التكوير : الآية 8 ـ 9 ] .
ويرد بعض العلماء على الذين يبيحون الإجهاض بحجة أن المرأة لها الحرية بأن تفعل فى جسدها ما تشاء ، فيقول بأن هناك فرقا بين ان تفعل فى جسدها ما تشاء وأن تقضي على جسد جنينها الذى يتمتع بحياة مستقلة تماما عن حياتها ، ولا يحق لها أبداً الاعتداء على حياة الغير بدون سبب مشروع ولا يقر الإسلام إباحة الإجهاض الذى تسمح به بعض الدول لأي سبب من الأسباب ، ويدين هذا الفعل إدانة كاملة ويكفي ان نذكر أنه يجري في الولايات المتحدة سنوياً أكثر من ميلوني عملية إجهاض ، وأنه يجري فى بريطانيا أكثر من (500 ) عملية إجهاض يوميا . [ independent 23 /7/1996 ] بينما يقدر عدد عمليات الإجهاض الإرادية فى فرانسا بـ ( 600 ) يومياً مقابل ( 2000 ) علمية إجهاض غير معلنة قبل صدور قانون s.VelL ( نقلا عن مجلة ( Le point - special 26/9/1997 ) ، ويجب أن يذهب (13 ) إمرأة على الأقل إلى اسبانيا او هولنده او الدانمارك أوالنروج للإجهاض يومياً .
التربية الجنسية فى المدارس :
لاشك أن الإنسان قد أودع فى غريزته أن يتعرف نوعا ما علي حياته الجنسية بما يتفق مع نموه وتطوره والانسان حينما يمر بمرحلة المراهقة يحتاج أن يعرف بعض المعلومات الخاصة عن التكاثر والحيض والولادة والزواج .... والخ ولقد أشار القرآن الكريم حين حديثه عن آداب الجنس عن خلق الإنسان يقول الله تعالي : " يا أيها الناس إن كنتم فى ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر فى الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمي ثم نخرجكم طفلاً ثم لتبلغوا اشدكم ومنكم من يتوفي ومنكم من يرد إلى ارذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئاً ...." [ سورة الحج : الاية 5 ] .
ويقول تعالي : " إقرأ باسم ربك الذى خلق * خلق الإنسان من علق " [ سورة العلق : الآية 1 ـ 2 ]
ومن الجدير بالذكر ان العلوم الحديثة اكدت هذه الصورة التى ذكرها القرآن الكريم عن خلاق الإنسان قبل خمسة عشر قرناً .
بالرغم من أن كثيرا من الآباء يحدون حرجاً فى التحدث مع أبنائهم فى المواضيع الجنسية حياء منهم ، إلا أن الواعين منهم يدركون أهمية الحديث فى مثل هذه المواضيع الحساسة والضرورية جداً .
من المعلوم أن القانون البريطاني يضع التربية الجنسية فى منهاج التعليم للمدارس الرسمية الثانوية ، تحت القسم الثاني من المناهج المطور لعام (1988 ) والذى تم تعديلة فىالقسم ( 241/1 ) من القانون الصادر فى عام 1993 م . كما نص القانون مع شيء من التحفظ على معالم التربية الجنسية فى المدارس الرسمية الإبتدائية فى القسم ( 18 /2 ) من القانون الصادر فى عام 1986 . ومن الأسباب الموجبة لهذه القوانين أنها تريد تعويض النقص الذى يعانية الأبناء من المعلومات المناسبة عن التربية الجنسية .
وعن كتب الجنس المقررة تقول صحيفة " تريبيون Tribune " إن الاطفال فى سن الثامنة اصبحوا يتلقون التربية الجنسية فى بعض مدارس مختارة من المدارس الانجليزية .
وهناك خمسة من الكتب الجنسية يختلف بعضها عن بعض فى المستوي ويتعلم منها التلاميذ والتلميذات منذ هذا السن : الحمل عند الإنسان والحيوان .
والكتابان الثاني والثالث منها مخصصان لتلاميذوتلميذات السنة العاشرة إلى الرابعة عشرة ، ويعلمان الفروق بين الذكورة والأنوثة .
أما الكتابان الرابع والخامس فيعلمان الأمراض السارية ، والمسؤولية الاجتماعية الجنسية والانحراف الجنسي ، ثم لمن هم فوق السادسة عشرة يعلمان " طرق الوقاية من الحمل " .
ولا ريب أن المسلم الذي يريد أن يبحث فى قواعد التربية الجنسية عليه أن يضع في مقدمة البحث أن كل ما يتعلق بالعلاقات الجنسية إنما يجري ضمن العائلة فى إطار الزوجية الشرعية ، وأن يؤكد على اهمية العائلة ودورها فى بناء المجتمع ، وأهمية الأخلاق والحشمة decence وأن يركز بصورة خاصة على الاخطار الناجمة عن العلاقات الجنسية خارج الإطار الزوجي والمسلمون الذين يعيشون فى مجتمع غير إسلامي هم أكثر الناس حاجة لمثل هذا النوع من التربية والتوجيه فى هذا المجتمع الذي يعيش حياة حرة إباحية تسمح بالسلوك الجنسي المتحرر من كل الضوابط المتنافية مع التعاليم الإسلامية .
ولننظر إلى بريطانيا التى طبقت مناهج التعليم الجنسي ، فلقد صدر فيها مؤخرا دراسة نسائية تهاجم تعليم الجنس وترفضه بشدة لمردودة الخطير على الناشئة . والكتاب من تأليف سيدتين هما الدكتورة ( مارجريت وايت ) والدكتورة ( جانيت كيد ) . ومما جاء فيه : " إن الرجل مهما كان تفكيره يفضل أن يتزوج من فتاة لم تجعل نفسها فى متناول الآخرين ، وإن القول بأن ( الموضة ) هو تعلم الجنس وإباحة الحديث عنه وإطلاق اسم الواقعية عليه ، هذا الأسلوب هو مجرد هراء ولغو فارغ .
وقد طلبت المؤلفتان من كل فتاة رفض دعوة اي رجل تشم منه رائحة ممارسة حياة الفوضي ... وطالبتا الآباء بأن يربوا أولادهم منذ الصغر على الحياء فى مناقشة الأمور الجنسية ، والابتعاد عن الموجة المدمرة التى تطالب باسم ( الموضة ) بنشر التعليم الجنسي فى المدارس ، والذي بدأ فعلا فىالعديد من المدارس الأوربية .
محتوي التربية الجنسية :
يعتبر الزواج في الاسلام اساس الحياة العائلية والعلاقات الجنسية على خلاف المجتمع الغربي الذي نعيش فيه ، والذى ينظر إلىالعلاقات الجنسية خارج الإطار الزوجي ليس فقط أنها مباحة ، ولكنها أصبحت المعيار الطبيعي للحياة الجنسية . ولهذا فإن على المسلمين أن يطالبوا بإلحاح أن تكون التربية الجنسية فىالمدارس مبنية على القيم الأخلاقية التى تنص عليها القوانين من حيث الأصل . ومن الضروري جدا أن تهيىء المدارس نسخا عن المعلومات الجنسية المقدمة للأبناء ليطلع عليها الآباء بصورة مفصلة وأن يبدوا اراهم وملاحظاتهم عن محتواها وأسلوب تعليمها وأنه لايجوز بحال أن يجري تعليم التربية الجنسية بعيداً عن آراء الآباء المسلمين وغير المسلمين على حد سواء . ويجب أن يزرع فى عقل الطفل أهمية وقيمة الحياة العائلية المستقرة ، وأن الزواج هو الطريق الوحيد لمثل هذه العائلة . ومن الضروري أن يلفت النظر إلى الغرائز الطبيعية والعواطف التى تتكون عند الأبناء ، والأخطار الناجمة عن بعض صور السلوك الجنسي ، وأن علي الجنسين أن يدركوا مسؤليتهم حيال المواضيع الجنسية .
وبناء على ذلك يجب أن تؤخذ احتياطات خاصة عند التعليم الجنسي فىالمدارس الابتدائية وأن تكون المعلومات المقدمة متناسبة مع درجة النضوج الجنسي للطفل وتطوره الفيزيائي والفيزيولوجي والعاطفي حسب تقدم العمر .
وبعد ؛
فإن الإسلام حين يعالج ويواجه المشكلة الجنسية ، فإنما يواجهها فى نطاق مواجهته الشاملة لقضايا ومشكلات الفرد والمجتمع جميعاً ، لاينظر إليها منفصلة أو يتناول كلا منها على حدة . وحينما يعالجها ، فإنما يعالجها ضمن هذا المركب الإسلامي الشامل .
إن جسم المجتمع كجسم الإنسان متداخل التركيب ، تتأثر أعضاؤه ببعضها البعض ، وعافية المجتمع كعافية الإنسان لاتتحق إلا أن تكون أعضاؤه كلها سليمة. فالمجتمع الذى تحكمه أنظمة وقوانين فاسدة ، ويربي أفراده وفق مناهج فاسدة ، وتقوم وسائل الإعلام فيه على قواعد فاسدة ، لايمكن أن تنفع معه جرعة من جرعات المجتمع الإسلامي ، بل لابد له من أخذ العلاج كاملاً .
إنه بحاجة إلى عملية تطبيب تتناول أفكاره ومعتقداته ونظمة وتشريعاته واخلاقه وعاداته . وكم نتمني ان تنعكسف الحضارة الغربية على نفسها وتراجع قوانينها الوضعية وفلسفاتها المادية لتري أن الحل السليم الفطري كامن فى نظام الإسلام للحياة ، لإنه نظام رباني يقود المجتمعات إلى بر السلامة والنجاة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

.
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...