نقوس المهدي
كاتب
(بين عينيك دفء عطره أريج الشهوة الفاغم، فمن لي باسترواحه!
أيامي مطيرة، والثلج الناصع يجلل الصنوبر ويزحف من القمم إلى مشارف الوادى، وليس ينمو غير الوحشة من حولي فأين مني الآن تلك الحرارة المشبوبة بين نهديك؟! وحنايا عطفيك وردفيك، بين اختلاج اللمسة الحائرة وانكسار عينيك اللعوب، نفسي الفداء لمن يهبني رنوا إليها واستمتاعا بها!
أتلمس في الوردة المجلة بأنداء الفجر، خديك الناعمين يوم الوداع المشئوم ترف عليهما الدموع من نوافذ القطار، وفي الحسون المستضحي على أفنان الصفصاف الجاف، يدني المنهوك وقد ارتمي متناعسا على صدرك العامر متدثرا بشعورك الزاهية المسترسلة، أيّها الشقراء!
وفي الصرختين الذهبيتين النافرتين النانئتين في صدر اليم، نهديك المنطلقين بنداء الأنوثة الخالدة في صمت صارخ. ولقد قيل عن هاتين الصرختين إنهما تغريان العشق الخائب بالانفلات من طريق الحياة، وكم أتمنى أنا لو انتحرت بين نهديك!
طعم الحلال تعافه نفسي، وعلى شاطئ الحرام ألقيت مرساتي!
نعتوني بالحماقة، وفي الحماقة وجدت عقلي! وصفوني بالضلال، وفي الضلال تلمست هداى!
تناول الناس من قرباني، وأنا عند نفسي دنس الأدناس، فقدس الأقداس عند الناس هو عندي دنس الأدناس!
أنا موحد، وفي توحيدي حيوية الوثنية!
بل أنا وثنى، وفي وثنيتي صفاء التوحيد!
توحيدي حرية الخالق بازاء المخلوق، أما غيري فتوحيده عبودية المخلوق للخالق، والخالق والمخلوق سواء!
وثنيتي تقدس اللمس، وتفزع من طغيان البصر! وثنيتي تمجد الجسد، وتهزأ بدعوى الروح!
أجل، في كياني عصارة حياة لن أبتاع بها كوثر الأوهام!
هذه الكلمات (النظيفة) يوجهها أستاذ جامعي (فاضل) إلى حبيبته، أو إلى عشيقته. وأنقلها إليك من آخر كتاب أصدره الأستاذ (فاضل) الذي يشعل كرسي الأستاذية (الموقر) في جامعة إبراهيم، ويشرف بمثل هذه الأخلاق (العالية) على تربية جيل من الشبان والفتيات. . الفتيات آلائي دفع بهن الآباء إلى الجامعة، وتركوهن وديعة بين يدي الأستاذ (الجليل)!
إن القلم ليتعثر في يدي وأنا أنقل إليك مثل تلك الكلمات المخزية المخجلة، الداعرة الفاجرة، الهابطة الساقطة، التي تتمرغ في الوحل وتستقر في الحضيض. . وما كنت أحب والله أن ألطخ بمثل تلك الكلمات صفحات الرسالة ولكنه الحرص على سمعة الجامعة؛ ولهذا نقلت كلمات الأستاذ (فاضل) لأقدمها مع الأسى والأسف إلى معالي وزير المعارف، وإلى مدير جامعة إبراهيم، وإلى عميد كلية الآداب بتلك الجامعة، وإلى الآباء الذين تركوا فتياتهم كما قلت وديعة بين يدي هذا الأستاذ الذي يصور للناس طبيعة تكوينه الخلقي والنفسي في صفحات كتاب! إنني أقرأ مثل تلك الكلمات وما هو أكثر منها هبوطا ومع ذلك لا أعترض؛ على أصحابها لأنهم ليسوا أساتذة في الجامعة. . إن الأستاذ الجامعي بحكم منصبه وطبيعة مكانه مسئول عن تقويم الأخلاق وتهذيب المشاعر، قبل أن يكون مسئولا عن تثقيف العقول وتوجيه الأذهان. وهو بعد ذلك يجب أن يكون مثلا طيبا وقدوة حسنة لجيل يترسم الخطى ويقتفي الأثر وهو على أهبة الخروج إلى الحياة، خطى المشرفين عليه وأثر الموجهين له من الناحية الخلقية قبل الناحية العقلية!
ماذا يكون شعور جيل من الطلبة والطالبات نحو هذا الأستاذ الجامعي؟ وماذا تكون نظرته إليه وتأثيره به، إذا كان هذا الأستاذ ينسى واجبه ومسئوليته، ويتخلى عن حياته ووقاره، ويهبط في تصوير خواطره ومشاعره إلى مستوى السوقة أو مستوى الصبية المراهقين؟! وماذا يقول مدير جامعة إبراهيم وعميد كلية الآداب بتلك الجامعة، ماذا يقول كل منهما الآباء والقراء عن هذا الأستاذ (المراهق) الذي يريد أن يستمتع بالأعطاف والأرداف، ويحب أن يستروح أريج الشهوة الفاغم، ويود أن ينتحر بين النهود، وتعاف نفسه طعم الحلال وتشتهي طعم الحرام، ويرمي الناس بأن قيمهم المقدسة هي عنده قيم مدنسة، لأنه يستشعر الدنس في أعماق ذاته ويعترف به غير حياء، ثم ينتهي إلى أن الخالق والمخلوق في نظره سواء؟! إنني أود أن يتفضل أحدهم فيقنعني بأنه لا ضمير على الجامعة من أن يكون فيها أساتذة من هذا الطراز؛ يخرجون كتبا من هذا الطراز، ويشرفون على توجيه جيل يواجه الحياة بسلاح الخلق قبل أن يواجهها بسلاح العلم ليطمئن إلى المصير. .
أود أن يقنعني مدير جامعة إبراهيم أو عميد كلية الآداب بأن السمعة الخلقية للجامعة لا يمكن أن ينال منها أستاذ كالدكتور عبد الرحمن بدوي، وأن السمعة العلمية لا خوف عليها من كتاب ككتابه (الحور والنور)!. هذا إذا لم تكن هذه السمعة قد اهتزت بعد فضيحة (الإشارات الإلهية)!!
شعراء في الميزان:
لقد ظهر في عالم الأدب كتابك الأول يحمل بين دفتيه ألوانا من الفن، وأقباسا من العلم، وأفانين من الأدب اللباب. ولقد قرأت فاستمعت، وفكرت فاقتنعت، وأحسست فعشت بين النجوم لحظات. أعيدها كلما دفعني القلب، وأحسست يداي إلى عناق الكتاب، وطالما سرت معك في كتابك جنبا إلى جنب، ويدا في يد، وروح مع روح، غير أنك في نهاية الطريق تركتني لأسير وحدي في طريق آخر، وإن كنت ما أزال أراك!
هناك حيث تحدثت عن (وميض الأدب بين غيوم السيلسة) لإبراهيم دسوقي أباظة باشا، وهناك حيث امتد الحديث إلى الشاعر محمود غنيم. . لقد أنكرت شاعرية هذا الشاعر وأسرفت في الإنكار مما دفع بي لأن أقول لك: شيئا من الرفيق ليجمل النقد، وكثيرا من العدل ليستقيم الميزان! ترى هل يكون ذلك بعض الشرر من ثورتك المنادمة على (وميض الأدب)؟ أم هو عدم ارتياحك لشاعر يخالف مذهبك في (الأدباء النفسي)؟ إنني آمل أن تضع الشاعر في مكانه من شعراء، العصر، وإن تضع شعره في مكانه من موازين النقد
مصطفى محمود أحمد
مليج منوفية
أشكر للأديب الفاضل جميل رأيه في الكتاب وحسن ظنه بمؤلفه، وأشكره مرة أخرى أو أشكر القراء في شخصه لإقبالهم على كتابي الأول هذا الإقبال الذي قلت عنه مرة أنه أخجل القلم في يدي، القلم الذي ظلمهم يوما حين نعتهم بأنهم لا يقرئون. . بعد هذا أبادر فأقول له: إن رأيي في الشاعر محمود غنيم ليس بعض الشرر من ثورتي المندلعة على (وميض الأدب)، لأنه رأي قديم يسبق ظهور هذا الكتاب الذي هيأ له الفرصة لأطلع به على جمهرة القراء! وإذا كان هذا هو رأيي في شعر الأستاذ غنيم، فأود أن أؤكد للأديب الفاضل أنني لن أتحول عنه في يوم من الأيام إذا تحول هذا الشاعر عن فهمه لحقيقة الشعر: واستطاع على هدى هذا الفهم أن يسير في ركب الشعراء المحلقين. . ولقد كفاني الأديب صاحب الرسالة مشقة التفسير والتبرير، حين أصاب الهدف في الشق الأخير من سؤاله وأشار إلى مذهب الأداء النفسي تلك الإشارة التي تحمل بين طياتها الجواب!
وما دمنا ندور حول هذا الأداء في الشعر وننكر كل ما عداه، فمن الطبيعي أن نعترف بشعراء من طراز على محمود طه وإيليا أبي ماضي ومحمود حسن إسماعيل؛ وألا نقيم وزنا لغيرهم. . لأن ممن يرى أن الشعر كل (كلام) مقفى وموزون! هذا رأي أقدمه خالصا لوجه الله والفن، وإن القراء ليعرفون أنني لا أتحامل على الخصم ولا أجامل الصديق، بل ما أكثر الأصدقاء الذين أغضبهم رأيي في أدبهم فضنوا على بودهم وانتقلوا إلى معسكر الخصوم. . ومع ذلك فإنا كما قلت غير مرة لا أحب أن أتحكم في أذواق الناس، لأنه لا يدهشني أن يوجد مثلا من يفضل محمود غنيم على أمير الشعراء؛ بعد أن فضل عليه الرصافي فريق من الناس يجيد النكتة كما يجيدها بعض الظرفاء!
أنور المعداوي
→ مجلة الرسالة - العدد 960
بتاريخ: 26 - 11 - 1951
.
أيامي مطيرة، والثلج الناصع يجلل الصنوبر ويزحف من القمم إلى مشارف الوادى، وليس ينمو غير الوحشة من حولي فأين مني الآن تلك الحرارة المشبوبة بين نهديك؟! وحنايا عطفيك وردفيك، بين اختلاج اللمسة الحائرة وانكسار عينيك اللعوب، نفسي الفداء لمن يهبني رنوا إليها واستمتاعا بها!
أتلمس في الوردة المجلة بأنداء الفجر، خديك الناعمين يوم الوداع المشئوم ترف عليهما الدموع من نوافذ القطار، وفي الحسون المستضحي على أفنان الصفصاف الجاف، يدني المنهوك وقد ارتمي متناعسا على صدرك العامر متدثرا بشعورك الزاهية المسترسلة، أيّها الشقراء!
وفي الصرختين الذهبيتين النافرتين النانئتين في صدر اليم، نهديك المنطلقين بنداء الأنوثة الخالدة في صمت صارخ. ولقد قيل عن هاتين الصرختين إنهما تغريان العشق الخائب بالانفلات من طريق الحياة، وكم أتمنى أنا لو انتحرت بين نهديك!
طعم الحلال تعافه نفسي، وعلى شاطئ الحرام ألقيت مرساتي!
نعتوني بالحماقة، وفي الحماقة وجدت عقلي! وصفوني بالضلال، وفي الضلال تلمست هداى!
تناول الناس من قرباني، وأنا عند نفسي دنس الأدناس، فقدس الأقداس عند الناس هو عندي دنس الأدناس!
أنا موحد، وفي توحيدي حيوية الوثنية!
بل أنا وثنى، وفي وثنيتي صفاء التوحيد!
توحيدي حرية الخالق بازاء المخلوق، أما غيري فتوحيده عبودية المخلوق للخالق، والخالق والمخلوق سواء!
وثنيتي تقدس اللمس، وتفزع من طغيان البصر! وثنيتي تمجد الجسد، وتهزأ بدعوى الروح!
أجل، في كياني عصارة حياة لن أبتاع بها كوثر الأوهام!
هذه الكلمات (النظيفة) يوجهها أستاذ جامعي (فاضل) إلى حبيبته، أو إلى عشيقته. وأنقلها إليك من آخر كتاب أصدره الأستاذ (فاضل) الذي يشعل كرسي الأستاذية (الموقر) في جامعة إبراهيم، ويشرف بمثل هذه الأخلاق (العالية) على تربية جيل من الشبان والفتيات. . الفتيات آلائي دفع بهن الآباء إلى الجامعة، وتركوهن وديعة بين يدي الأستاذ (الجليل)!
إن القلم ليتعثر في يدي وأنا أنقل إليك مثل تلك الكلمات المخزية المخجلة، الداعرة الفاجرة، الهابطة الساقطة، التي تتمرغ في الوحل وتستقر في الحضيض. . وما كنت أحب والله أن ألطخ بمثل تلك الكلمات صفحات الرسالة ولكنه الحرص على سمعة الجامعة؛ ولهذا نقلت كلمات الأستاذ (فاضل) لأقدمها مع الأسى والأسف إلى معالي وزير المعارف، وإلى مدير جامعة إبراهيم، وإلى عميد كلية الآداب بتلك الجامعة، وإلى الآباء الذين تركوا فتياتهم كما قلت وديعة بين يدي هذا الأستاذ الذي يصور للناس طبيعة تكوينه الخلقي والنفسي في صفحات كتاب! إنني أقرأ مثل تلك الكلمات وما هو أكثر منها هبوطا ومع ذلك لا أعترض؛ على أصحابها لأنهم ليسوا أساتذة في الجامعة. . إن الأستاذ الجامعي بحكم منصبه وطبيعة مكانه مسئول عن تقويم الأخلاق وتهذيب المشاعر، قبل أن يكون مسئولا عن تثقيف العقول وتوجيه الأذهان. وهو بعد ذلك يجب أن يكون مثلا طيبا وقدوة حسنة لجيل يترسم الخطى ويقتفي الأثر وهو على أهبة الخروج إلى الحياة، خطى المشرفين عليه وأثر الموجهين له من الناحية الخلقية قبل الناحية العقلية!
ماذا يكون شعور جيل من الطلبة والطالبات نحو هذا الأستاذ الجامعي؟ وماذا تكون نظرته إليه وتأثيره به، إذا كان هذا الأستاذ ينسى واجبه ومسئوليته، ويتخلى عن حياته ووقاره، ويهبط في تصوير خواطره ومشاعره إلى مستوى السوقة أو مستوى الصبية المراهقين؟! وماذا يقول مدير جامعة إبراهيم وعميد كلية الآداب بتلك الجامعة، ماذا يقول كل منهما الآباء والقراء عن هذا الأستاذ (المراهق) الذي يريد أن يستمتع بالأعطاف والأرداف، ويحب أن يستروح أريج الشهوة الفاغم، ويود أن ينتحر بين النهود، وتعاف نفسه طعم الحلال وتشتهي طعم الحرام، ويرمي الناس بأن قيمهم المقدسة هي عنده قيم مدنسة، لأنه يستشعر الدنس في أعماق ذاته ويعترف به غير حياء، ثم ينتهي إلى أن الخالق والمخلوق في نظره سواء؟! إنني أود أن يتفضل أحدهم فيقنعني بأنه لا ضمير على الجامعة من أن يكون فيها أساتذة من هذا الطراز؛ يخرجون كتبا من هذا الطراز، ويشرفون على توجيه جيل يواجه الحياة بسلاح الخلق قبل أن يواجهها بسلاح العلم ليطمئن إلى المصير. .
أود أن يقنعني مدير جامعة إبراهيم أو عميد كلية الآداب بأن السمعة الخلقية للجامعة لا يمكن أن ينال منها أستاذ كالدكتور عبد الرحمن بدوي، وأن السمعة العلمية لا خوف عليها من كتاب ككتابه (الحور والنور)!. هذا إذا لم تكن هذه السمعة قد اهتزت بعد فضيحة (الإشارات الإلهية)!!
شعراء في الميزان:
لقد ظهر في عالم الأدب كتابك الأول يحمل بين دفتيه ألوانا من الفن، وأقباسا من العلم، وأفانين من الأدب اللباب. ولقد قرأت فاستمعت، وفكرت فاقتنعت، وأحسست فعشت بين النجوم لحظات. أعيدها كلما دفعني القلب، وأحسست يداي إلى عناق الكتاب، وطالما سرت معك في كتابك جنبا إلى جنب، ويدا في يد، وروح مع روح، غير أنك في نهاية الطريق تركتني لأسير وحدي في طريق آخر، وإن كنت ما أزال أراك!
هناك حيث تحدثت عن (وميض الأدب بين غيوم السيلسة) لإبراهيم دسوقي أباظة باشا، وهناك حيث امتد الحديث إلى الشاعر محمود غنيم. . لقد أنكرت شاعرية هذا الشاعر وأسرفت في الإنكار مما دفع بي لأن أقول لك: شيئا من الرفيق ليجمل النقد، وكثيرا من العدل ليستقيم الميزان! ترى هل يكون ذلك بعض الشرر من ثورتك المنادمة على (وميض الأدب)؟ أم هو عدم ارتياحك لشاعر يخالف مذهبك في (الأدباء النفسي)؟ إنني آمل أن تضع الشاعر في مكانه من شعراء، العصر، وإن تضع شعره في مكانه من موازين النقد
مصطفى محمود أحمد
مليج منوفية
أشكر للأديب الفاضل جميل رأيه في الكتاب وحسن ظنه بمؤلفه، وأشكره مرة أخرى أو أشكر القراء في شخصه لإقبالهم على كتابي الأول هذا الإقبال الذي قلت عنه مرة أنه أخجل القلم في يدي، القلم الذي ظلمهم يوما حين نعتهم بأنهم لا يقرئون. . بعد هذا أبادر فأقول له: إن رأيي في الشاعر محمود غنيم ليس بعض الشرر من ثورتي المندلعة على (وميض الأدب)، لأنه رأي قديم يسبق ظهور هذا الكتاب الذي هيأ له الفرصة لأطلع به على جمهرة القراء! وإذا كان هذا هو رأيي في شعر الأستاذ غنيم، فأود أن أؤكد للأديب الفاضل أنني لن أتحول عنه في يوم من الأيام إذا تحول هذا الشاعر عن فهمه لحقيقة الشعر: واستطاع على هدى هذا الفهم أن يسير في ركب الشعراء المحلقين. . ولقد كفاني الأديب صاحب الرسالة مشقة التفسير والتبرير، حين أصاب الهدف في الشق الأخير من سؤاله وأشار إلى مذهب الأداء النفسي تلك الإشارة التي تحمل بين طياتها الجواب!
وما دمنا ندور حول هذا الأداء في الشعر وننكر كل ما عداه، فمن الطبيعي أن نعترف بشعراء من طراز على محمود طه وإيليا أبي ماضي ومحمود حسن إسماعيل؛ وألا نقيم وزنا لغيرهم. . لأن ممن يرى أن الشعر كل (كلام) مقفى وموزون! هذا رأي أقدمه خالصا لوجه الله والفن، وإن القراء ليعرفون أنني لا أتحامل على الخصم ولا أجامل الصديق، بل ما أكثر الأصدقاء الذين أغضبهم رأيي في أدبهم فضنوا على بودهم وانتقلوا إلى معسكر الخصوم. . ومع ذلك فإنا كما قلت غير مرة لا أحب أن أتحكم في أذواق الناس، لأنه لا يدهشني أن يوجد مثلا من يفضل محمود غنيم على أمير الشعراء؛ بعد أن فضل عليه الرصافي فريق من الناس يجيد النكتة كما يجيدها بعض الظرفاء!
أنور المعداوي
→ مجلة الرسالة - العدد 960
بتاريخ: 26 - 11 - 1951
.