طوى السنين وشق الغيبَ والظلما = برقٌ تألق في عينيك وابتسما
يا ساري البرق من نجمين يومضُ لي = ماذا تخبئُ لي الأقدارُ خلفهما
أجئتَ بي عتبات الخلدِ أم شركا = نصبتَ لي من خداع الوهم أم حلما؟
كأنني ناظرٌ بحراً وعاصفةً = وزورقاً بالغد المجهولِ مرتطما
حملتني لسماءٍ قد سريت لها = بالروحِ والفكرِ لم أنقل لها قدما
شفّت سديماً ورَقَّت في غلائلَها = فكدت أبصر فيها اللوحَ والقلما
رأيت قلبين خط الغيبُ حبهما = وكاتبا ببيان النورِ قد رسما
وسحر عينيكِ إني مقسم بهما = لا تسألي القلبَ عن إخلاصه قسما
واهاً لعينيكِ كالنبعِ الجميل صفا = وسال مؤتلقُ الأمواجِ منسجما
ما أنتما؟ أنتما كأسٌ وان عذُبت = فيها الحمامُ ولا عذر لمن سلما
لمَّا رمى الحبُّ قلبينا إلى القدرِ = له المشيئةُ لم نسألْ لمن ولما
في لحظةٍ تجمعُ الآباد حاضرها = وما يجيء وما قد مر منصرما
قد أودعتْ في فؤاد اثنين كل هوىً = في الأرضِ سارتْ به أخبارُها قدما
كلاهما ناظرٌ في عين صاحبهِ = موجا من الحب والأشواقِ ملتطما
وساحة بتعلاّت الهوى احتربت = فيها صراعٌ وفيها للعناق ظما
يا للغديرين في عينيك إذ لمعا = بالشوق يومضُ خلفَ الماءِ مضطرما
وللنقيضين في كأسين قد جمعا = فالراويان هما والظامئان هما
بأي قوسٍ وسهم صائب ويدٍ = هواك يا أيها الطاغي الجميل رمى
يرمي البريء في آن وأعجبه = ان الذي في يديه البرءُ ما علما
وكيف يبرئني من لست أسأله = برءاً وأوثر فيه السهدَ والسقما
لو أن للموت أسبابا تقربني = إلى رضاك لهان الموتُ مقتحما
إن الليالي التي في العمر منك خلتْ = مرت يبابا وكانت كلها عقما
تلفتَ القلبُ مكروبا لها حسرا = وعض من أسف ابهامَه ندما
.