أسيلة خدٍّ دونهُ الأسلُ السمرُ = ودون ارتشاف الرّيق من ثغرها ثغرُ
أناة ٌ براها الله اكمل صورة = فأردفت الأرداف واختصر الخصر
ويقصر ليلي ماألمت لأنها = صباح وهل يبقى الدجى وهي الفجر
مرى البين جفنيها على الخدِّ فالتقى = بأدمعها والمبسم الدرُّ والدَّرُ
وقالوا تسلوا عن لذيذ رضابها = فقلتُ وهل حلت لشاربها الخمرُ
ألم تعلمي أنّ العناء هو الغنى = وأن ابتذال التِّبر في حقها بتر
إذا كان ترحالي بنية ِ آيبٍ = فباطنهُ وصلٌ وظاهره هجر
ذريني أهب للمجد شرخ شبيبتي = فإن لم أبادرها استبدَّ بها العمر
فلم أرَ هذا العمر إلا مسافة ً = إذا مرّ يومٌ مرّ من ذرعها فترُ
فسلنيَ بالدنيا فقلبي صحيفة ٌ = على ظهرها من كلِّ نائبة ٍ سطرُ
أوسّع صدري كلَّ يوم بزفرة ٍ = على أنه وسعٌيضيق لهُ الصدر
أكلف أقلامي تبلّغني المنى = وقد عجزت عنها الردينية ُ السُّمر
وإن لم تنل بالبيض تخضبُها الدما = فأهون بأقلامٍ يخضِّبها الحبرُ
إذا فات من أربى على العشر رمحه = لقاها فقد فاتت فتى ً رمحهُ شبر
سأنفي الأذى عني وشيكاً بفتية ٍ = طعانهمُ نظمٌ وضربهم نثر
وبيداء لولا أنها هي مجهل = لشبهتها في الوسع صدرك يا بشرُ
قطعتُ بملء الغرضتين وصارمٍ = كعزمك من ماء الفرند به أثر
لقد جمع الرحمنُ فيك محاسناً = بأيسرها يُستعبدُ العبد والحرُّ
يكفِّرُني قومٌ بشكري صنيعة = إليّ وكفر المنعمين هو الفقرُ
ينوطُ نجادي رأيه وحسامهِ = بصدر كمثل البرّ أو دونهُ البر
ويحلمُ عن ذي الجهل حتى كأنه = وحاشاه من فرط الوقارِ به وقرُ
ومن يعتصم منه بعصمة ٍ خدمة ٍ = يحد عنه شيئان المذلَّة ُ والفقرُ
وما تنجحُ الأقلامُ إلا بكفِّه = ومخلبُ غير الليث في كفّه ظفر
سهامٌ إذا ما راشها ببنانهِ = أصيب بها قلبُ البلاغة والنحرُ
وإن سحبَ القرطاس من وقعها به = تجلت وجوه الخطب والخطب الغر
تخبر عما في القلوبِ كأنما = سوادُ سويداوائهن لها حبر
ويا عجباً للدّست كيف جفافهُ = وفي كلِّ عقدٍ من أنامله نهر
ولا عجبٌ أن يلفظ الدرَّ قائلاً = وهل عجب أن يلفظ الدُّرر البحر
ويغشى ولا يُغشى بنور جبينهِ = عجيبٌ وهل يُغشى بأنواره البدر
رعاك الذي استرعاك أمرَ عباده = وحيّاك من أحياك يا أيها الحَبر
فداؤك مقبوض اليدين عن الندى = إذا جادَ كان الديكَ بيضتهُ وترُ
إذا كان أولادُ الزّمان بوجههم = عبوس فبشر في أسرَّتهِ بشرُ
.