نقوس المهدي
كاتب
معنى بورنوجرافيا – Pornography
تشتق البورنوجرافيا من Pornographos اليونانية ، بمعنى الكتابة أو الرسم الذي مداره حياة و أخلاقيات الغواني و البغايا . و يروج تعبير الأدب الفاضح أو الفن الفاضح، و يكثر الجدل حول ماهيته ، أو ما ينبغي ان يتناوله الأدب و الفن من موضوعات قد تتطرق الى العلاقات الجنسية .
و لقد كانت هناك دائماً في كل الآداب و الفنون العالمية أعمال شعبية ، و أخرى بأقلام فُحول الشعراء و كبار الكتّاب و الرسامين ، تتناول الجنس صراحة تناولاً يصدم الحياء و الحشمة . و تقوم شهرة بعض الروايات و الأفلام على مشاهد جنسية ، قيل إنها تخلوا مما يمكن أن يجعلها مشاهد جمالية ، و أن السبب في ايرادها إما أنه تجاري محـــض ليروج العمل الفني أو الأدبي رواجاً مادياً ، و إما لأن الكاتب أو الفنّـان يترضٌى الجمهور من أكثر الغرائز إعمالا فيــه و هي غريزة الجــنس ، و إما لأن الأدب و الفن في الحقبة التي تروج فيها أمثال هذه الروايات أو الأشعار أو الرسومات الجنسية هو أدب و فن يصوّران انحـــطاط هذه الحقبة ، و لا شـك ان الكاتب الذي له اتجاهات جنسية معينة لا بد ان تنعكس اتجاهاته تلك فيما يكتب ، و أن يبيّن شذوذه واهتماماته المفرطة بالنواحي الجنسية إذا كانت له هذه الاهتمامات الشاذة . و ليس الجنس إلا نشاطاً إنسانياً ، و تصويره بصورة خاصة أو التركيز عليه يكشف لدرجة كبيرة الكثير من العادات و الأخلاقيات لهذه الحقبة . و إننا لنستطيع بسهولة أن نتعرف على السلوكيات و المفاهيم الجنسية للناس في روايات كـألف ليلةوليلة .
و بالمثل يمكننا أن نقارن بين سلوكياتهم و مفاهيمهم و سلوكيات و مفاهيم الشعب الإيطالي في الديكــاميرون ، و هي عمل روائي شبيه بألف ليلة وليلة. و لم يكن انصراف كاتب مثل لــورنس إلى تصوير العلاقات الجنسية في أشعاره ورواياته إلا لانشغال بالجنس ، و لدوافع جنسية بعضها شعوري و بعضها لا شعوري، ولكنها على اي الأحوال دوافع امتزجت بالقدرة على التعبير عنها تعبيراً فنياً . و ربما يكون الشاذ او المنحرف جنسياً لديه القدرة العملية على ترجمة دوافعه إلى سلوك ، بينما الكاتب أو الشاعر الموهوب قد يترجم هذا الانحراف أو الشذوذ ، سواء في الإتجاه او اختيار الموضوع ، أو اختيار طريقة الإشباع ، بأن يتحدث فيه و حوله أو يرسمه أو يتمثله على الحجر ، و كأنه يأتيه سـلوكاً على الطبيعة .
و يرتبط الأدب الفاضح بــالإستعرائية ، فالكاتب الذي يكشف العلاقات الجنسية بين الرجل و المرأة ، و يستبيحها و يُعرّيـها ، إنما يمارس ميولا استعرائية ، و يجد لذة في الشعور بالصدمة التي يتوهمها في قرّائـه. و القارئ الذي يسعد و يجد لذة في قراءة أبيات من الشعر المحظور ، أو مطالعة رسم مجرّد من الإحتــشام، أو مشاهدة فيلم يتناول الجنس سـافراً ، فإنه إنما يمارس التطلع Voyeurism ، و كأنه من خلال ما يشاهد يتلصص على عـــورات النــــاس و يتعرف خفية على ما لا يجــوز أن يعرف إلا أصحابه. و لذلك فإن هذا القارئ أو المشاهد ربما يتهيّج ، و قد يستمني خلال المطالعة استمناءً تلقائياً ، و ربما يأتيه بيده. و ليس الأدب أو الفن من هذا النوع الا وسيلة تَستحدث ضرباً من التوافق بين الواقع الجنسي و الخيال الجنسي . و بعض الناس يحتاجون لكي يتهيجوا أن يُستـثار خيالهم ، و هو لا يستثار الا بمشاهد من أمثال الإغتصاب، و فضّ البكارة،و إتيان المحارم، والنَهَم الجنسي ، و تعذيب الضحية، و السفاد بين الحيوانات، و جماع الأولاد ، و اللواط، و جماع البغايا، و كلها مشاهد قد يصورها الكاتب، بالغةً في الفعل الجنسي، و يُكثِر فيها من استخدام الألفاظ المادية، و يشحنها شحناً انفاعلياً عاليا، بحيث تكون تجربة الضحية، أو تجربة الفاعل، هي نفسها التجربة التي يتمناها القارئ و يعيشها بكل جوارحه في الصورة و الحركة و الكلمات و الأصوات. و كانت هذه الأفكــار أو المشاهد دائماً في كل الثقافات، و عبر كل الأزمان، من الموضوعات المحظورة، و يغري المحظور بعض الناس ان يتجاوزوه أو يرتادوه، و لذلك لـذة يعرفها المجرّبون، فـالمـمنوع مرغـوب . و مع ذلك فقد لا يجد الكثيرون في المحظورات الجنسية أية لـذة، وقد يستشبعونها ، و تكرارها يصيب الشخص بالملل، و بعض الناس يجد أنه وهو يفعلها ليس نفسه ، و قد تبين الأدب الجنسي الممنوع أو المحظور لا يروج إلا لأنه مــحظور ، و لـــو أُبيــح لـما راج، و لوجده الكثيرون ممجوجا ، ومع ذلك فإن البعض أيضاُ يلّذهم هذا الأدب، و ليس شرطاً أن يكون هذا البعض من المراهقين، فقد يُقبِـل الأطفال سـراً على قراءة هذا الأدب ، و قد تحبه العوانس، و يحبه المتزوجون و المتزوجات، و الغالب ان هؤلاء الأخيرين لا يجدون توافقاً في زواجهم و يستشعرون النقص من ناحية أو أخرى.
و تحظر بعض الدول الحديث الصريح في الجنس، سواء في الشعر أو في الرواية ، و قد تأذن بأن يتناول الشعر أو المثّال جسم المرأة بالوصف او بالتعرية دون ان يتطرق الى الفعل الجنسي نفسه ، وذلك بدعوى أن السفور الجنسي بمثابة الدعوة إلى الفسق، و أن بعض الفنانين و الكتّاب ربما يكونون من دعـــاة الفسق على الحقيقة. ولا شك ان الكلمة أو الصورة سلوك يمكن تقليده ، بل إنهما في نظر البعض دعوة للتقليد ، ومن ثم كان ينبغي أن يكونا في إطار غير المسموح، إلا أنه من ناحية أخرى كانت هناك محاولات لرصد تأثير هذا الأدب الفاضح على المراهقين و المنحرفين و الجانحين ، ويبدو أن أغلب البحوث في هذا المجال أمريكية ، و ربما لا يتسنى للجانح أن يتلقى التأثير الذي يميل به الى الجنٌّاح من الكتب و المجلات الفاضحة أو الأفلام الجنسية الماجنة و حدها. و قيل إن الدنمارك ألغت كل القوانين التي تحظر الأدب و الفن الجنسيين، و انه عقب الإلغــاء شهدت بــلادهم رواجـاً في تجارة الأدب و الفن الفاضحين، و لكن الأمور عادت الى الإسقرار من جديد ، و قلّت الجرائم الجنسية المتعلقة بـــالبصبصة و التطلّع و الإستعراء.. ربما قد يضر الشباب في مرحلة التلّقي أن يقرأوا أو يشاهدوا أدباً أو فناً ، يدور حول الانحرافات والشذوذ، أو يمارس من خلاله الجنس بـعنف. و لم تكن هناك بحوث حول حياة الكتّاب أو الرسامين و المخرجيـن و الممثلين الذين يقومون بـتمثيل و إخراج الأفلام الجنسية الفاضحة، إلا انه تبيّن بشكل عـام أن أغلب الممثلات اللاتــى تـضـطلعن بهذه الأعمال .. كــنّ من الممارسات للبغاء أصــلاً، و أن الممثلات الصغيرات في السن كنّ من المتحررات الهاربات من بيوت آبائهن ، فيقـعن فريــسة للقوّاديـن، و تٌستغل قلة خبرتـهن بالحياة لعمل مثل هذه الأفلام . و أما الرجال فكلهم من القوّادين، و الكثير منهم من أبطال الرياضة أو الممارسين للرياضة فيما سبق ، و اشتغلوا من بعد حُرّاســاً للبــغايـا ، أو " بلطــجية " يعيــشون على ابتزازهن.
و مشاهدة الفيلم المحظور قد تستحدث لدى الصغير الغر ، و الكبير المجرّب، هياجـاً لبعض الوقت قد يدفع الى الممارسة الجنسية أو تجرية ما يريانه، و لكن سـرعـان ما يزول هذا الأثر و لا يتخلف عنه ما يمكن أن يستمر مع الشخص كأسلوب في إتيان الجنس . و قد تكون القراءة أو المشاهدة متنفســاً عن كثير من الكبت . و الذكــور أكثر إقبالا على المحرّم أو المحظور من الآداب و الفنون ، و نلاحظ أن الذكور هم الذين يكتبون أو يصنعون هذا النوع من الأدب او الفن، و يستغل الذكور جِـسم المرأة للترغيب في الشهوة ، و يثيرهم أن يساء استغلال النساء. ولا تكتــب النــساء في مجال الشذوذ الجنسي ، و يبدو أن الشذوذ الجنسي خاصية ذكورية ، و هو ألصق بعالم الرجال منه بعــالم النساء، وإذا كانت هناك أعمال أدبية أو فنية بــقلم نساء فالغــالب أن ذلك انتحال عليهن، ومن السهل اكتشاف أن الكاتب رجــل وليس امرأة من الأوصاف التي يغدقهــا على أعضاء الرجل الجنسية وعلى استعذاب المرأة للـجنس وللعملية الجنسية ، وهو ما يسمى بـأسطورة الرجل الجنسية ، أو أفكــاره العامية عن المــرأة، و ذلك خلاف ما نجده من أفكــار عن الجنس فيما يسمى بـالأدب النسـائي، حيث المشاهد الجنسية بــقلم النساء تعتبر مشــاهد عادية جدا لو كانت الكاتبة رجلاً. و إذا كان الأدب و الفن الجنسيان الحقيقيان من المنتجات الذكورية الخالصة ، فإن النساء يشتهرن بـالأدب العاطفي ، و المواقف التي تصورها النساء غالبـاً مواقف عاطفية على عكـس مواقف الرجال التي غالباً ما تكون مواقف جنسية . و تبين ان الإقبال على الأدب و الفن الفاضحين يرتبط بالثقــافة، و كلما زادت ثقافة الشخص كان الإحتمال ان يٌشغَف بهذا الأدب أو ذاك الفن ، و أكثر الناس إقبالاً عليهما طلبة الجامعات، و هناك ارتباط بين الشغف بكرة القدم أو الرياضة، و طلب هذا الأدب والفن. و ربما منشأ هذا الإرتباط هو الــــذوق العام لجمهور الرياضة و لجمهور الأدب و الفن الفاضحين، و تدهور الثقافة و تحولها الى معرفة للتكسّب وليس للترقّــي الذهني و السمو الروحي.
و يبدو ان لــلأدب و الفن الفاضحين تأثيراً على الإتجاهات الإجرامية لدى بعض النــاس، وعلى اتجاهاتهم العدوانية للمجتــمع ، و تبين أنه في أغلب حالات الإغتصــاب و التعذيب الجنسي كان المجرم أو المجرمون يذكّون خيالهم الجنسي بالأفلام الجنسية الخالصة . و يُقبِل الشباب بخاصة على أفلام الفيديو الجنسية ، و هناك نواد متخصصة في عرض هذه الأفلام المحظورة ، و غالباً ما تكون في نفس الوقت مواخير للزنــا و بــؤراً لـتعاطي المخدرات . و أغلب تجّار الأفلام الجنسية يعملون أيضاً و سطـاء في الجنس و موزعين للمخدرات ، و عموماً فإن تجارة الأدب و الفن الجنسيين لا يــمارسها إلا أفراد من الرجال، غـالـبـاً قد أسقطوا من حساباتهم اية إعتبارات للقيّم الأخلاقية أو الدينية ، و يعيشون حياة خُلــطة ، فيها الإبــاحية الجنسية ، و شخصياتهم من النمــط المعتلّ نفســياً أو اجتماعيا ، و لــهم اتجاهاتهم الهدّامــة للمجتمع .
* من كتاب: الموسوعة النفسية الجنسية - للدكتور: عبد المنعــم الحفنى - تقديم: عصـام شدادي
تشتق البورنوجرافيا من Pornographos اليونانية ، بمعنى الكتابة أو الرسم الذي مداره حياة و أخلاقيات الغواني و البغايا . و يروج تعبير الأدب الفاضح أو الفن الفاضح، و يكثر الجدل حول ماهيته ، أو ما ينبغي ان يتناوله الأدب و الفن من موضوعات قد تتطرق الى العلاقات الجنسية .
و لقد كانت هناك دائماً في كل الآداب و الفنون العالمية أعمال شعبية ، و أخرى بأقلام فُحول الشعراء و كبار الكتّاب و الرسامين ، تتناول الجنس صراحة تناولاً يصدم الحياء و الحشمة . و تقوم شهرة بعض الروايات و الأفلام على مشاهد جنسية ، قيل إنها تخلوا مما يمكن أن يجعلها مشاهد جمالية ، و أن السبب في ايرادها إما أنه تجاري محـــض ليروج العمل الفني أو الأدبي رواجاً مادياً ، و إما لأن الكاتب أو الفنّـان يترضٌى الجمهور من أكثر الغرائز إعمالا فيــه و هي غريزة الجــنس ، و إما لأن الأدب و الفن في الحقبة التي تروج فيها أمثال هذه الروايات أو الأشعار أو الرسومات الجنسية هو أدب و فن يصوّران انحـــطاط هذه الحقبة ، و لا شـك ان الكاتب الذي له اتجاهات جنسية معينة لا بد ان تنعكس اتجاهاته تلك فيما يكتب ، و أن يبيّن شذوذه واهتماماته المفرطة بالنواحي الجنسية إذا كانت له هذه الاهتمامات الشاذة . و ليس الجنس إلا نشاطاً إنسانياً ، و تصويره بصورة خاصة أو التركيز عليه يكشف لدرجة كبيرة الكثير من العادات و الأخلاقيات لهذه الحقبة . و إننا لنستطيع بسهولة أن نتعرف على السلوكيات و المفاهيم الجنسية للناس في روايات كـألف ليلةوليلة .
و بالمثل يمكننا أن نقارن بين سلوكياتهم و مفاهيمهم و سلوكيات و مفاهيم الشعب الإيطالي في الديكــاميرون ، و هي عمل روائي شبيه بألف ليلة وليلة. و لم يكن انصراف كاتب مثل لــورنس إلى تصوير العلاقات الجنسية في أشعاره ورواياته إلا لانشغال بالجنس ، و لدوافع جنسية بعضها شعوري و بعضها لا شعوري، ولكنها على اي الأحوال دوافع امتزجت بالقدرة على التعبير عنها تعبيراً فنياً . و ربما يكون الشاذ او المنحرف جنسياً لديه القدرة العملية على ترجمة دوافعه إلى سلوك ، بينما الكاتب أو الشاعر الموهوب قد يترجم هذا الانحراف أو الشذوذ ، سواء في الإتجاه او اختيار الموضوع ، أو اختيار طريقة الإشباع ، بأن يتحدث فيه و حوله أو يرسمه أو يتمثله على الحجر ، و كأنه يأتيه سـلوكاً على الطبيعة .
و يرتبط الأدب الفاضح بــالإستعرائية ، فالكاتب الذي يكشف العلاقات الجنسية بين الرجل و المرأة ، و يستبيحها و يُعرّيـها ، إنما يمارس ميولا استعرائية ، و يجد لذة في الشعور بالصدمة التي يتوهمها في قرّائـه. و القارئ الذي يسعد و يجد لذة في قراءة أبيات من الشعر المحظور ، أو مطالعة رسم مجرّد من الإحتــشام، أو مشاهدة فيلم يتناول الجنس سـافراً ، فإنه إنما يمارس التطلع Voyeurism ، و كأنه من خلال ما يشاهد يتلصص على عـــورات النــــاس و يتعرف خفية على ما لا يجــوز أن يعرف إلا أصحابه. و لذلك فإن هذا القارئ أو المشاهد ربما يتهيّج ، و قد يستمني خلال المطالعة استمناءً تلقائياً ، و ربما يأتيه بيده. و ليس الأدب أو الفن من هذا النوع الا وسيلة تَستحدث ضرباً من التوافق بين الواقع الجنسي و الخيال الجنسي . و بعض الناس يحتاجون لكي يتهيجوا أن يُستـثار خيالهم ، و هو لا يستثار الا بمشاهد من أمثال الإغتصاب، و فضّ البكارة،و إتيان المحارم، والنَهَم الجنسي ، و تعذيب الضحية، و السفاد بين الحيوانات، و جماع الأولاد ، و اللواط، و جماع البغايا، و كلها مشاهد قد يصورها الكاتب، بالغةً في الفعل الجنسي، و يُكثِر فيها من استخدام الألفاظ المادية، و يشحنها شحناً انفاعلياً عاليا، بحيث تكون تجربة الضحية، أو تجربة الفاعل، هي نفسها التجربة التي يتمناها القارئ و يعيشها بكل جوارحه في الصورة و الحركة و الكلمات و الأصوات. و كانت هذه الأفكــار أو المشاهد دائماً في كل الثقافات، و عبر كل الأزمان، من الموضوعات المحظورة، و يغري المحظور بعض الناس ان يتجاوزوه أو يرتادوه، و لذلك لـذة يعرفها المجرّبون، فـالمـمنوع مرغـوب . و مع ذلك فقد لا يجد الكثيرون في المحظورات الجنسية أية لـذة، وقد يستشبعونها ، و تكرارها يصيب الشخص بالملل، و بعض الناس يجد أنه وهو يفعلها ليس نفسه ، و قد تبين الأدب الجنسي الممنوع أو المحظور لا يروج إلا لأنه مــحظور ، و لـــو أُبيــح لـما راج، و لوجده الكثيرون ممجوجا ، ومع ذلك فإن البعض أيضاُ يلّذهم هذا الأدب، و ليس شرطاً أن يكون هذا البعض من المراهقين، فقد يُقبِـل الأطفال سـراً على قراءة هذا الأدب ، و قد تحبه العوانس، و يحبه المتزوجون و المتزوجات، و الغالب ان هؤلاء الأخيرين لا يجدون توافقاً في زواجهم و يستشعرون النقص من ناحية أو أخرى.
و تحظر بعض الدول الحديث الصريح في الجنس، سواء في الشعر أو في الرواية ، و قد تأذن بأن يتناول الشعر أو المثّال جسم المرأة بالوصف او بالتعرية دون ان يتطرق الى الفعل الجنسي نفسه ، وذلك بدعوى أن السفور الجنسي بمثابة الدعوة إلى الفسق، و أن بعض الفنانين و الكتّاب ربما يكونون من دعـــاة الفسق على الحقيقة. ولا شك ان الكلمة أو الصورة سلوك يمكن تقليده ، بل إنهما في نظر البعض دعوة للتقليد ، ومن ثم كان ينبغي أن يكونا في إطار غير المسموح، إلا أنه من ناحية أخرى كانت هناك محاولات لرصد تأثير هذا الأدب الفاضح على المراهقين و المنحرفين و الجانحين ، ويبدو أن أغلب البحوث في هذا المجال أمريكية ، و ربما لا يتسنى للجانح أن يتلقى التأثير الذي يميل به الى الجنٌّاح من الكتب و المجلات الفاضحة أو الأفلام الجنسية الماجنة و حدها. و قيل إن الدنمارك ألغت كل القوانين التي تحظر الأدب و الفن الجنسيين، و انه عقب الإلغــاء شهدت بــلادهم رواجـاً في تجارة الأدب و الفن الفاضحين، و لكن الأمور عادت الى الإسقرار من جديد ، و قلّت الجرائم الجنسية المتعلقة بـــالبصبصة و التطلّع و الإستعراء.. ربما قد يضر الشباب في مرحلة التلّقي أن يقرأوا أو يشاهدوا أدباً أو فناً ، يدور حول الانحرافات والشذوذ، أو يمارس من خلاله الجنس بـعنف. و لم تكن هناك بحوث حول حياة الكتّاب أو الرسامين و المخرجيـن و الممثلين الذين يقومون بـتمثيل و إخراج الأفلام الجنسية الفاضحة، إلا انه تبيّن بشكل عـام أن أغلب الممثلات اللاتــى تـضـطلعن بهذه الأعمال .. كــنّ من الممارسات للبغاء أصــلاً، و أن الممثلات الصغيرات في السن كنّ من المتحررات الهاربات من بيوت آبائهن ، فيقـعن فريــسة للقوّاديـن، و تٌستغل قلة خبرتـهن بالحياة لعمل مثل هذه الأفلام . و أما الرجال فكلهم من القوّادين، و الكثير منهم من أبطال الرياضة أو الممارسين للرياضة فيما سبق ، و اشتغلوا من بعد حُرّاســاً للبــغايـا ، أو " بلطــجية " يعيــشون على ابتزازهن.
و مشاهدة الفيلم المحظور قد تستحدث لدى الصغير الغر ، و الكبير المجرّب، هياجـاً لبعض الوقت قد يدفع الى الممارسة الجنسية أو تجرية ما يريانه، و لكن سـرعـان ما يزول هذا الأثر و لا يتخلف عنه ما يمكن أن يستمر مع الشخص كأسلوب في إتيان الجنس . و قد تكون القراءة أو المشاهدة متنفســاً عن كثير من الكبت . و الذكــور أكثر إقبالا على المحرّم أو المحظور من الآداب و الفنون ، و نلاحظ أن الذكور هم الذين يكتبون أو يصنعون هذا النوع من الأدب او الفن، و يستغل الذكور جِـسم المرأة للترغيب في الشهوة ، و يثيرهم أن يساء استغلال النساء. ولا تكتــب النــساء في مجال الشذوذ الجنسي ، و يبدو أن الشذوذ الجنسي خاصية ذكورية ، و هو ألصق بعالم الرجال منه بعــالم النساء، وإذا كانت هناك أعمال أدبية أو فنية بــقلم نساء فالغــالب أن ذلك انتحال عليهن، ومن السهل اكتشاف أن الكاتب رجــل وليس امرأة من الأوصاف التي يغدقهــا على أعضاء الرجل الجنسية وعلى استعذاب المرأة للـجنس وللعملية الجنسية ، وهو ما يسمى بـأسطورة الرجل الجنسية ، أو أفكــاره العامية عن المــرأة، و ذلك خلاف ما نجده من أفكــار عن الجنس فيما يسمى بـالأدب النسـائي، حيث المشاهد الجنسية بــقلم النساء تعتبر مشــاهد عادية جدا لو كانت الكاتبة رجلاً. و إذا كان الأدب و الفن الجنسيان الحقيقيان من المنتجات الذكورية الخالصة ، فإن النساء يشتهرن بـالأدب العاطفي ، و المواقف التي تصورها النساء غالبـاً مواقف عاطفية على عكـس مواقف الرجال التي غالباً ما تكون مواقف جنسية . و تبين ان الإقبال على الأدب و الفن الفاضحين يرتبط بالثقــافة، و كلما زادت ثقافة الشخص كان الإحتمال ان يٌشغَف بهذا الأدب أو ذاك الفن ، و أكثر الناس إقبالاً عليهما طلبة الجامعات، و هناك ارتباط بين الشغف بكرة القدم أو الرياضة، و طلب هذا الأدب والفن. و ربما منشأ هذا الإرتباط هو الــــذوق العام لجمهور الرياضة و لجمهور الأدب و الفن الفاضحين، و تدهور الثقافة و تحولها الى معرفة للتكسّب وليس للترقّــي الذهني و السمو الروحي.
و يبدو ان لــلأدب و الفن الفاضحين تأثيراً على الإتجاهات الإجرامية لدى بعض النــاس، وعلى اتجاهاتهم العدوانية للمجتــمع ، و تبين أنه في أغلب حالات الإغتصــاب و التعذيب الجنسي كان المجرم أو المجرمون يذكّون خيالهم الجنسي بالأفلام الجنسية الخالصة . و يُقبِل الشباب بخاصة على أفلام الفيديو الجنسية ، و هناك نواد متخصصة في عرض هذه الأفلام المحظورة ، و غالباً ما تكون في نفس الوقت مواخير للزنــا و بــؤراً لـتعاطي المخدرات . و أغلب تجّار الأفلام الجنسية يعملون أيضاً و سطـاء في الجنس و موزعين للمخدرات ، و عموماً فإن تجارة الأدب و الفن الجنسيين لا يــمارسها إلا أفراد من الرجال، غـالـبـاً قد أسقطوا من حساباتهم اية إعتبارات للقيّم الأخلاقية أو الدينية ، و يعيشون حياة خُلــطة ، فيها الإبــاحية الجنسية ، و شخصياتهم من النمــط المعتلّ نفســياً أو اجتماعيا ، و لــهم اتجاهاتهم الهدّامــة للمجتمع .
* من كتاب: الموسوعة النفسية الجنسية - للدكتور: عبد المنعــم الحفنى - تقديم: عصـام شدادي