دع مزعج اللوم وخلِّ العتاب = واسمع إلى الأمر العجيب العُجاب
من قِصّة واقصة غصّة = تُضحك بل تدعو إلى الانتحاب
في الكرخ من بغداد مرّت بنا = يوماً فتاة من ذوات الحجاب
لَبَّتها مُوقَرةٌ بالحِلى = وكفّها مُشَبعة بالخِضاب
ووجهها يطمس سحناءه = عنّا ظلام من سواد النقاب
تمشي العِرَضْنَى في جلابيبها = مِشيةَ إحدى المومسات القحاب
تختلب اللبّ بأوضاعها = وكل ما يظهر منها خِلاب
قد وضعت تاجاً على رأسها = يلمع في الظاهر لمعَ الشهاب
يُحسَب من درّ بتَمْوِيهه = وهو إذا حققته من سِخاب
كاسيةَ الجسم أرقّ الكُسا = مَوْشِيّة الثوب بوَشيٍ كذاب
قد غُولط الناس بأثوابها = في أنّها من معمل الانتخاب
وهي لعمري دون ما رِيبةٍ = منسوجة في مَنسَج الاغتصاب
فالغِشّ في لحمتها والسَدى = وكلُّ ما يدعو إلا الارتياب
قال جليسي يوم مرّت بنا = من هذه الغادة ذات الحجاب
قلت له تلك لأوطاننا = حكومة جاد بها الانتداب
نحسبها حسناء من زيَها = وما سوى جنبول تحت الثياب
ظاهرها فيه لنا رحمةٌ = والويل في باطنها والعذاب
مُصابنا أمسى فظيعاً بها = يا ربّ ما أفظع هذا المُصاب
تالله قد حُقَّ لنا أننا = نحثو على الأرؤس كل التراب