نقوس المهدي
كاتب
إن الحب فعل لإحساس لاشعوري ينتاب الفرد لحظة التقاءه بالطرف الأخر الذي يساهم بهذا الفعل بحالة لاشعورية أيضاً ناتجة عن تواتر روحي تؤسس لعلاقة الحب. وللفعل الشعوري مساهمته من خلال حاسة النظر المتحسسة لسمة الجمال وتفاصيله، وحاسة السمع وما ترصده من صدى للكلمات، وحاسة النطق وما تعبر عنه من أحاسيس، وحاسة اللمس وما تنقله من تواتر للإحساس، وحاسة الشم وما تتحسس من عطر النفس. تلك الأحاسيس الخمسة، لاتفعل فعلها إلا من خلال إيعاز تتلقاه من الروح.
يتساءل ((أفلاطون)) عن مدلول الهوى قائلاً:" ما أدري ما الهوى، غير أني أعلم أنه جنون إلهي لاممدوح ولامذموم".
يعتقد معظم الفلاسفة أن العشق هو فعل لاحق لحالة الحب، فالحب هو ميكانزم العشق الذي يشعل أحاسيس العاشق ويجعلها تنطلق بصورة لا إرادية متجاوزة الضوابط الاجتماعية المسموح بها للتعبير عن حالة فياض مدلولات الحب.
وهناك من الفلاسفة من لايقر بتلازم حالة الحب مع حالة العشق، ويجد أن حالة الحب لاتولد بالضرورة حالة العشق. فالحب حالة قائمة بذاتها، تنمو ضمن إطار وحدود معينة يتحكم بها طرفي العلاقة. ولكن حينما تتجاوز علاقة الحب حدودها المفترضة، تنتقل إلى حالة أخرى أكثر تطوراً من حالة الحب ذاتها لتؤسس لحالة العشق بين الطرفين نتيجة فياض الأحاسيس والعواطف عن حدودها المفترضة.
في هذا الإطار من تنامي حالة الحب، تتحقق حالة العشق متجاوزةً مدلولات وتفاصيل الحب ذاته. وهكذا ترتقي حالة العشق لتصل إلى حالة الهيام والتعلق والاحتواء الروحي المزدوج لمنظومة الأخر.
يرى ((الجاحظ))" أن العشق هو اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب، وليس كل حب يسمى عشقاً. وإنما العشق اسم للفاضل عن ذلك المقدار، كمثل السرف اسم لما زاد على المقدار الذي يسمى جوداً".
وهناك رؤية أخرى لفلاسفة آخرون عن العشق، حيث يجدوا أن حالة العشق لاعلاقة لها بحالة الحب وحدوده، وإنما هي حالة ناتجة عن حالة الفراق بين حبيبين تضرم نار الاشتياق في مساكن النفس المتلهفة لرؤية الحبيب.
وتستعر حالة العشق كلما طال الفراق، لتفعل فعلها المدمر في الروح وما تصدر عنها من ايعازات غير منضبطة لمساكن الجسد. وتلك تفعل فعلها في تدمير الكينونة لتعبر عن حالة المعاناة والقهر الداخلي وتؤسس لحالة جلد الذات، ولايمكن معالجتها أو التقليل من آثارها إلا بانتهاء حالة الفراق والتقاء المعشوقين.
يعتقد ((جالينوس))" أن العشق من فعل النفس، وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد. وفي الدماغ هناك ثلاثة مساكن: التخيل في مقدمة الرأس، والفكر في وسطه، والذكر في مؤخره. ولايطلق اسم عاشق إلا على من فارق محبوبه، ولم يفارق تخيله وفكره، وذكره وقبله وكبده. فيمتنع عن الطعام والشراب نتيجة اشتغال الكبد، ومن النوم نتيجة اشتغال الدماغ وتخيل المحب وذكره والتفكير به، فتكون جميع مساكن النفس قد اشتغلت به، وعند عدم اشتغال النفس بالمحب عند الفراق، لايعد ذلك عشقاً. والعاشق متى التقى معشوقه، خلت مساكنه من الاشتغال".
عليه فإن العشق حالة لرد فعل الحب ذاته، يساهم بها عاملين: تنامي مكونات الحب وخروجها عن حدودها المفترضة، وعامل الفراق الذي يمتد لهيبه ليطال مساكن الجسد. وعموماً أن حالة الحب والعشق وعوامله، هي أفعال لاشعورية تختص بها الروح أكثر من الجسد لكن الأخير يتداعى، بتداعي الروح ذاتها ويتعافى بعافيتها. ولاعلاج لتداعي الجسد من حالة العشق، دون معالجة الروح ذاتها التي لاتستقر ولاتتعافى إلا بلقاء المعشوق!.
لـ ((أبن سينا)) رؤية في العشق يخلصها بقوله:" واجب الوجود عشق وعاشق ومعشوق، ذلك لأن كل جمال ملائم وخبر مدرك فهو محبوب ومعشوق وكلما كان الإدراك أتم والمدرك أشد خبرية كان العشق أتم وأكمل. وإذا كان واجب الوجود مبدأ كل جمال وبهاء واعتدال، كان عاشقاً لذاته ومعشوقاً لذاته، وكونه عشقاً وعاشقاً ومعشوقاً لايحدث في ذاته كثرة، لأنه بإدراكه لذاته من حيث هو خبر محض يكون عاشقاً. ومن حيث هو مدرك لذاته يكون معشوقاً ومن حيث هو خبرية جديدة بأن تعشق يسمى عشقاً فهو إذاً لذاته وبذاته أعظم عاشق ومعشوق".
إن رؤية الفلاسفة لحالة العشق وما ينتاب العاشق، تستند إلى علاقة الحب ومدها ورسوخها في الذات ومدى تأثيرها في منظومة الروح التي تتعاطى مع ترددها لتحل رموزها وصياغاتها بطريقة مخالفة تماماً عن منظومة الحواس الخمس، ومن ثم تصدر ترددها الخاص لتفعل فعلها في مساكن الجسد وتصيبها بداء الروح أسيرة العشق.
.
يتساءل ((أفلاطون)) عن مدلول الهوى قائلاً:" ما أدري ما الهوى، غير أني أعلم أنه جنون إلهي لاممدوح ولامذموم".
يعتقد معظم الفلاسفة أن العشق هو فعل لاحق لحالة الحب، فالحب هو ميكانزم العشق الذي يشعل أحاسيس العاشق ويجعلها تنطلق بصورة لا إرادية متجاوزة الضوابط الاجتماعية المسموح بها للتعبير عن حالة فياض مدلولات الحب.
وهناك من الفلاسفة من لايقر بتلازم حالة الحب مع حالة العشق، ويجد أن حالة الحب لاتولد بالضرورة حالة العشق. فالحب حالة قائمة بذاتها، تنمو ضمن إطار وحدود معينة يتحكم بها طرفي العلاقة. ولكن حينما تتجاوز علاقة الحب حدودها المفترضة، تنتقل إلى حالة أخرى أكثر تطوراً من حالة الحب ذاتها لتؤسس لحالة العشق بين الطرفين نتيجة فياض الأحاسيس والعواطف عن حدودها المفترضة.
في هذا الإطار من تنامي حالة الحب، تتحقق حالة العشق متجاوزةً مدلولات وتفاصيل الحب ذاته. وهكذا ترتقي حالة العشق لتصل إلى حالة الهيام والتعلق والاحتواء الروحي المزدوج لمنظومة الأخر.
يرى ((الجاحظ))" أن العشق هو اسم لما فضل عن المقدار الذي اسمه الحب، وليس كل حب يسمى عشقاً. وإنما العشق اسم للفاضل عن ذلك المقدار، كمثل السرف اسم لما زاد على المقدار الذي يسمى جوداً".
وهناك رؤية أخرى لفلاسفة آخرون عن العشق، حيث يجدوا أن حالة العشق لاعلاقة لها بحالة الحب وحدوده، وإنما هي حالة ناتجة عن حالة الفراق بين حبيبين تضرم نار الاشتياق في مساكن النفس المتلهفة لرؤية الحبيب.
وتستعر حالة العشق كلما طال الفراق، لتفعل فعلها المدمر في الروح وما تصدر عنها من ايعازات غير منضبطة لمساكن الجسد. وتلك تفعل فعلها في تدمير الكينونة لتعبر عن حالة المعاناة والقهر الداخلي وتؤسس لحالة جلد الذات، ولايمكن معالجتها أو التقليل من آثارها إلا بانتهاء حالة الفراق والتقاء المعشوقين.
يعتقد ((جالينوس))" أن العشق من فعل النفس، وهي كامنة في الدماغ والقلب والكبد. وفي الدماغ هناك ثلاثة مساكن: التخيل في مقدمة الرأس، والفكر في وسطه، والذكر في مؤخره. ولايطلق اسم عاشق إلا على من فارق محبوبه، ولم يفارق تخيله وفكره، وذكره وقبله وكبده. فيمتنع عن الطعام والشراب نتيجة اشتغال الكبد، ومن النوم نتيجة اشتغال الدماغ وتخيل المحب وذكره والتفكير به، فتكون جميع مساكن النفس قد اشتغلت به، وعند عدم اشتغال النفس بالمحب عند الفراق، لايعد ذلك عشقاً. والعاشق متى التقى معشوقه، خلت مساكنه من الاشتغال".
عليه فإن العشق حالة لرد فعل الحب ذاته، يساهم بها عاملين: تنامي مكونات الحب وخروجها عن حدودها المفترضة، وعامل الفراق الذي يمتد لهيبه ليطال مساكن الجسد. وعموماً أن حالة الحب والعشق وعوامله، هي أفعال لاشعورية تختص بها الروح أكثر من الجسد لكن الأخير يتداعى، بتداعي الروح ذاتها ويتعافى بعافيتها. ولاعلاج لتداعي الجسد من حالة العشق، دون معالجة الروح ذاتها التي لاتستقر ولاتتعافى إلا بلقاء المعشوق!.
لـ ((أبن سينا)) رؤية في العشق يخلصها بقوله:" واجب الوجود عشق وعاشق ومعشوق، ذلك لأن كل جمال ملائم وخبر مدرك فهو محبوب ومعشوق وكلما كان الإدراك أتم والمدرك أشد خبرية كان العشق أتم وأكمل. وإذا كان واجب الوجود مبدأ كل جمال وبهاء واعتدال، كان عاشقاً لذاته ومعشوقاً لذاته، وكونه عشقاً وعاشقاً ومعشوقاً لايحدث في ذاته كثرة، لأنه بإدراكه لذاته من حيث هو خبر محض يكون عاشقاً. ومن حيث هو مدرك لذاته يكون معشوقاً ومن حيث هو خبرية جديدة بأن تعشق يسمى عشقاً فهو إذاً لذاته وبذاته أعظم عاشق ومعشوق".
إن رؤية الفلاسفة لحالة العشق وما ينتاب العاشق، تستند إلى علاقة الحب ومدها ورسوخها في الذات ومدى تأثيرها في منظومة الروح التي تتعاطى مع ترددها لتحل رموزها وصياغاتها بطريقة مخالفة تماماً عن منظومة الحواس الخمس، ومن ثم تصدر ترددها الخاص لتفعل فعلها في مساكن الجسد وتصيبها بداء الروح أسيرة العشق.
.
صورة مفقودة