وليد مقلد - تشريع البغاء في الاسلام: فقه الامر الواقع

من بين الايات , التى طالما تسببت لي في عسر هضم فكري حاد , اثناء دراسة القرآن , تبرز الاية رقم 33 في سورة النور والتى تقول "وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ " . وكان الجزء المتعلق بالبغاء ,- والذى يبدو أنه قد أقحم أقحاما على النص , وبصورة لا تتناسب مع سياق الاية - يشكل لغزا عصيا بالنسبة لي ..الاية موجهة للمسلمين ,فما علاقتهم بالبغاء؟
الجواب الجاهز لدى مدرس الدين انذاك ,هو ان البغاء- الدعارة - كان من الظواهر اللااخلاقية التي كانت منتشرة في الجزيرة العربية في عصر ماقبل الدعوة, والتي جاء الاسلام لمحاربتها والقضاء عليها قضاء مبرما ..الظاهرة - كما شرح الاستاذ - كانت موجودة في مكة عندما تلقى محمد " الرسالة " , كما انها كانت موجودة ايضا في يثرب عندما هاجر اليها الرسول محمد , حيث كان لدى بعض من تظاهروا بالاسلام ( المنافقين ) مواخير تعمل فيها فتياتهن أى امائهن - وهن الرقيق من النساء . وان الاية نزلت لتأمرهم بالكف عن تلك الافعال الشنيعة التى تتناقض مع اركان الدين , و تشوه صورة الاسلام والمسلمين .

ولكن هذا الجواب , أثار بدوره العديد من الاسئلة . وخاصة فيما يتعلق بالقضاء المبرم على تلك الظاهرة .لان الاية تركت الباب مفتوحا - من الناحية التشريعية - لمالكى الفتيات في ان يستمروا في مزاولة تجارتهم طالما ان الفتيات موافقات على ممارسة البغاء , اى برضاهن .فان اردن- أى الفتيات - تحصنا , ورفضن الاستمرار في ممارسة الدعارة , فان على المالك ان لايكرههن على فعل ذلك , والا ..والا ماذا ..لاشىء.. لان الله غفور رحيم !!

وبعبارة اخرى ان الاسلام يتدخل في حالة اكراه الفتاة غير الراغبة بممارسة الدعارة , وتدخله يقتصر على تقديم النصيحة لمالكها فقط , وما عدا ذلك فان الله غفور رحيم، للفتيات التي لايقبل اصحابهم بالنصيحة ويصرون على فرض الدعارة على فتياتهم، هذا اقصى مايقدمه الاسلام من دعم للمغصوبين على الدعارة .!!

هل يعقل هذا ..دعارة وبغاء وزنا في الاسلام ..عينى عينك هكذا ..وفي عهد من ..عهد الرسول محمد الذى اشترط على المؤمنات لدخول الاسلام عدم ممارسة الزنا ؟؟

هذه الاسئلة كانت على طرف لساني , ولكنني لم اجرؤ على طرحها بالطبع .. وانما احتفظت باسئلتي لنفسى , واخذت اطور لنفسي نظرية خاصة للخروج من هذا التناقض . كان الحل الوحيد في وجهة نظرى انذاك , ان الاسلام قد وضع الارضية المناسبة لحل هذه المعضلة, مثلما فعل مع اصل المشكلة أى العبودية . حيث راهن الاسلام , على سمو اخلاق المسلمين , ووضع لهم الحوافز الاخلاقية والدينية , ورغبهم في عتق العبيد والاماء , فاذا ما تم تحرير جميع العبيد والاماء , فلن يعود هناك من سيد يجبر امته على البغاء , ولن تكون هناك امة تمارس الدعارة بعد اخذ موافقة مالكها .. اليس كذلك .؟؟؟

حل معقول , ولكنه حل زمني , اي يحتاج الي وقت لتحققه , والي ان يتم ذلك , كان على الرسول محمد ان يتحمل وجود دور الدعارة في المدينة , ويغض النظر عنها , وعن ما يحدث فيها من ممارسات يندى لها الجبين، إضافة الى انها استراتيجية ليست بالضرورة ناجحة، تماما كما لم تنجح في معالجة العبودية، فهل عجز الله عن التنبوء بذلك؟

وهكذا عدت الي نقطة البداية , ولم استطع تجاوزها , الا بعد ان اخذت انظر الي الاسلام , ومحمد , نظرة اكثر واقعية , نظرة انسانية , تضع الامور في سياقها التاريخي الصحيح .ولنعد مرة اخرى الي الاية السابقة ونبحث في الظرف التاريخي الذى نزلت فيه ;

يذهب معظم مفسري القرآن , الي ان ذلك الجزء من الاية الوارد في سورة النور المتعلق بالبغاء , انما قد نزل في عبدالله بن ابي بن سلول , الذي كان سيد الخزرج , وكاد ان يصبح ملكا على يثرب , لولا قدوم محمد اليها , مما قضى على طموحاته السياسية . ويجمع المسلمون - الذين قلما اجمعوا على شىء - على ان ابن سلول , هو راس المنافقين , الذين دخلوا الاسلام في الظاهر , وناصبوه العداء في الباطن .وكان لابن سلول مواقف مشهوده , تجرأ فيها على محمد واهانه وتآمر عليه . و في المقابل كان محمد , يكظم غيظه ويحاول ان يتفادى الدخول في صراع مكشوف مع ابن سلول باى طريقة كانت, لانه كان يدرك ان مواجهة من هذا النوع , تستثار فيها النعرات والعصبيات , ستطيح باحلامه باقامة الدولة الاسلامية المنشوده . وفي هذا السياق , حدثت القصة التالية ;

كان لابن سلول اماء يساعين - اي يمارسن البغاء - وكان ياخذ منهن ما يحصلن عليه من اجر , واذا حبلت اي منهن نتيجة ممارسة الزنا , كان ياخذ المولود , يربيه ويبيعه . وكان هذا امرا شائعا لدى العرب انذاك , ولا ينقص من قدر الرجل الذى يقوم به - بدليل ان اهل يثرب كادوا ان ينصبوا ابن ابي سلول ملكا عليهم . ويبدو ان الكيل قد طفح باحدى الاماء , فقررت التمرد والثورة على ذلك الوضع المزري الذى كانت تعيشه , محاولة استغلال الدين الجديد لرفض الانصياع وايجاد ثغرة في المنظومة الاجتماعية السائدة.

يروي الطبري في تفسيره لسبب نزول هذه الاية أن " أمة لعبدالله بن أبي , امرها فزنت , فجاءت ببرد , فقال لها ارجعي فازني , فقالت والله لا افعل , ان يك هذا خيرا ( أى الزنا ) فقد استكثرت منه , ان يكن شرا فقد آن لي أن ادعه " .

واما ابن كثير فيورد قصة اكثر دلالة اذ يشيرالي انه بعد غزوة بدر وقع في نصيب ابن ابي سلول , اسير من قريش , ويقول " وكانت لعبدالله ابن ابي بن سلول , جارية يقال لها معاذه , وكان القرشي الاسير يريدها على نفسها , وكانت مسلمة , وكانت تمتنع منه لاسلامها , وكان عبدالله بن ابي يكرهها على ذلك , ويضربها رجاء ان تحمل من القرشى فيطلب فداء ولده " .

وايا كانت القصة , فان ما حدث بعد ذلك , هو ان الامور تصاعدت باتجاه حدوث المواجهة التى طالما سعى اليها ابن سلول , وكان يتحاشاها محمد بأى ثمن ..اذ لجأت الفتاة الي ابي بكر وشكت له حالها , وبدوره قام ابو بكر باخبار الواقعه للرسول ..وهنا اسقط في يد محمد اذ كان امامه خيارين لا ثالث لهما ..اما ان ينتصر للفتاة المسكينة,ويواجه ابن سلول , ويجازف بخسارة كل ما سعى لتحقيقه ..واما ان يخذلها ويفقد مصداقيته امام المؤمنين بدعوته .

يقول ابن كثير " فأقبلت الجارية الي ابي بكر رضى الله عنه فشكت اليه ذلك , فذكره ابو بكر للنبي صلي الله عليه وسلم , فامره بقبضها , فصاح عبدالله بن أبي من يعذرنا من محمد يغلبنا على مملوكتنا , فانزل الله فيهم هذا " .!! وكما يتضح من قول ابن سلول " من يعذرنا من محمد " -أى من يلومنا فيه - انه راى في الواقعه فرصه سانحة للتخلص من غريمه , ولعله اعتقد انه قد حشر محمد في الزاوية ..ولكن فات ابن سلول ان محمدا كان يمتلك سلاحا لا قبل له به ,,وهو جبريل - اى الوحي ! اذ كلما ما ان وصلت الامور الي نقطة الصدام او الورطة يسارع جبريل مسعفا محمد بمخرج من هذه الورطة، او كما قالت عائشة" لا ارى إلا ربك يسارع في هواك"،..فجاءت تلك الاية بصياغتها التوفيقية العجيبة , لتطفىء النار التى كان يحاول ابن سلول اشعالها !!

وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ "

ومن يتمعن في تلك الاية يجد انها حاولت رفع الحرج عن محمد في عدم التدخل لنصرة تلك الجارية , من خلال حصر المسألة بين السيد وأمته - حيث اقرت تقاليد ماقبل الاسلام التي تعتبر ان الجواري مما ملكت اليمين، ولذلك لصاحبها ان يفعل فيها ما يشاء، تماما كأي متاع اخر. . دور محمد أقتصر على نصح السيد بعدم اكراه فتاته على البغاء , فان ضرب " المالك" عرض الحائط بهذه النصيحة , فان المسالة هنا قد خرجت من يد محمد , واصبحت بين مالك الجارية وبين الله , والذى هو بالمناسبة غفور رحيم .!!

واما بالنسبة للفتاه المسكينة التى ترفض ممارسة الزنا لانها تشعر بإنسانيتها وترغب في السيادة على جسدها وروحها , فان الاسلام لايقوم بأكثر من رفع الحرج عنها طالما انها مكرهه على فعل ذلك، ولكنه لايقدم لها الاعتراف بإنسانيتها حتى ولو كانت في سبيل تحقيق القيم التي يضعها الاسلام على المرأة المسلمة، إذ انه يفرق بين الحرة والعبدة. واما بالنسبة لابن سلول, فعلينا ان نلاحظ ان الصياغة السياسية للاية, تتحاشى القاء لوم مباشر او غير مباشر على مالك الفتاة - ابن سلول - وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌِ ".. ماذا سيحدث لمن وَمَن يُكْرِههُّنَّ ٌِ " وما هو جزاءه ؟؟.. هذا التعمد الواضح في ترك الامر مبهما على هذا النحو ,انما يهدف لافساح المجال امام محمد لاتخاذ الموقف الذى يشاء من ابن سلول . و لا يعطي اى ذريعة لابن سلول لإتهام محمد بالسعي الي تحريض جواريه عليه او كما قال " يغلبنا على مملوكتنا " .

وهكذا طويت المسألة , الفتاة عادت الي الماخور , وابن سلول عاد لنصب المكائد لمحمد . واما محمد الذى نجا من هذه الورطة بواسطة الوحي , فقد سن من حيث لايدري , قانونا للبغاء بحكم الامر الواقع , يستمد مشروعيته من تلك الاية - الفضيحة .

واما ذكر لقصة ابن عبدالله ابن ابي سلول الذى طلب من الرسول ان يأذن له بقتل ابيه فرفض الرسول ذلك , فان هذه حجة تشير بوضوح الى ان البغاء في ذاته ليس محرماً فالرسول لن يساوم على الشريعة وانما كان موقف سياسي من النبي كقائد تظهر بعد نظره السياسي .. فكتب التراث تشير الى انه تمكن من وقف مكائد ابي سلول السياسية " وكان من امر عبدالله بن أبي بن سلول بعد ذلك ( اى بعد غزوة بني المصطلق ) انه اذا أحدث الحدث ,تصدى له قومه , فكانوا هم الذين يعاتبونه , ويأخذونه ويعنفونه ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم , كيف ترى يا عمر ؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي اقتله , لارعدت انف , لو امرتها اليوم بقتله لقتلته " ..من كتاب منافقون في عصر الرسول وحياتهم ص 521

يكتب ابراهيم القبطي: ملك اليمين في الأسلام أصله الملكية …
والملكية تباع وتشترى تستهلك وتنكح بلا عقد أو شهود أو حتى رغبة منها …
وتعار إلى الأخرين ايضا
لم تأت شريعة قبل الإسلام تبيح امتهان كرامة المرأة مثلما فعل نظام ملكات اليمين
بل أن الشريعة الموسوية حكمت على من يعجب بامرأة في سبي أن يمهلها وقتا ثم يتزوجها ، فتصير زوجة كاملة الاهلية له (1)
أما في الإسلام فالنص قد نسخ الأخلاق
لا يهم المسلم إلا النص ، فلو جاء نص بتحريم فهو حرام وما دون ذلك فهو مباح
لقد سمح الإسلام بوطء سبايا النساء بلا رادع ولا شهود ولا عقد ….
قد ننظر إليها أنها من مقومات عصر عربي بدوي جاهلي ولكننا لا يمكن أن ننظر إليها كتشريع رباني يحمل روح الأخلاق بل روح الدعارة والفجور

——————————-
لقد استحل مسلمو السلف من الصحابة والتابعيين وتابع التابعين إعارة وتبادل فروج الاماء فيما بينهم بتشريع مستنبط من كون الأماء مجرد ملكات يمين … أي ملكية
والأعجب أن مسلمي الخلف من الشيعة والسنة يتبادلان الاتهامات الاخلاقية بتحليل استعارة الفروج
فاصبح التشريع والفقه وصمة عار أخلاقية ودليل على الفجور بين السنة والشيعة

ولم يسألوا أنفسهم عن مصدر هذه الأزمة الأخلاقية

+ من اهل السنة يكتب ابن حزم في شرح أحكام من أحل لآخر فرج أمته
فيناقش أمور النسب متجاهلا البشاعة الأخلاقية

“مسألة – [من أحل لآخر فرج أمته] – قال أبو محمد رحمه الله : سواء كانت امرأة أحلت أمتها لزوجها ، أو ذي رحم محرم أحل أمته لذي رحمه ، أو أجنبي فعل ذلك ، فقد ذكرنا قول سفيان في ذلك وهو ظاهر الخطأ جدا ؛ لأنه جعل الولد مملوكا لمالك أمه ، وأصاب في هذا ، ثم جعله لاحق النسب بواطئ أمه ، وهذا خطأ فاحش لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر.”
ثم يكمل
“فهذه التي [أحل مالكها فرجها لغيره] ، ليست زوجة له ولا ملك يمين للذي أحلت له “

+ وفي مسألة أخرى يناقش “مسألة – من أحل فرج أمته لغيره“

فيشير إلى ممارسات لا أخلاقية كواقع من حياة السلف

“قال ابن جريج : واخبرني عطاء بن ابي رباح قال : كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه وتحلها المرأة لزوجها ، قال عطاء : وما أحب أن يفعل وما بلغني عن ثبت قال : وقد بلغني أن الرجل كان يرسل بوليدته إلى ضيفه .”

أإلى هذا الحد بلغت كرامة المرأة في الفقه الإسلامي ؟
حتى أن ابن حزم ينقل عن مالك :
“وقال مالك وأصحابه لاحد في ذلك أصلا“
ثم يكمل عن تطاحن الصحابة والتابعين في جواز إعارة الفروج أو عدم جوازه
ومشكلة النسب

+ وفي الفقه الحنبلي يخبرنا المرداوي (3) في حكم من أولد أمته (أي من رجل آخر)

“فيمن أولد أمته المزوجة : أنه لا يلحقه الولد .
فائدة : في إثم واطئ أمته المزوجة جهلا : وجهان ، وأطلقهما في الفروع . قلت الصواب عدم الإثم . وتأثيمه ضعيف .”

+ ويخبرنا المقدسي في كتابه الفروع (4)
أحكام (من وطئ أمة بينه وبين آخر)
وما حكم الأولاد … وقيمة الولد
وهل مازال عبدأ أم حرا أم نصف حر ؟

“ومن وطئ أمة بينه وبين آخر أدب قال شيخنا : ويقدح في عدالته ويلزمه نصف مهرها لشريكه ، ونقل حرب وغيره : إن كانت بكرا فقد نقص منها فعليه العقد والثيب لم تنقص وفيه اختلاف وإن أحبلها فهي أم ولده وولده حر ويلزمه نصف قيمتها وعنه : ونصف مهرها وعنه : [ و ] قيمة الولد ثم إن وطئ شريكه فأحبلها لزمه مهرها وإن جهل إيلاد الأول أو أنها مستولدة له فولده حر ويفديهم يوم الولادة وإلا فهم رقيق وقيل : إن كان الأول معسرا لم يسر استيلاده وهل ولده حر أو نصفه ؟ فيه وجهان وتصير أم ولد لهما من مات منهما عتق نصيبه وإن أعتقه وهو موسر عتق نصيب شريكه في الأصح مضمونا وقيل : مجانا .”

+ وفي المقدسي أيضا (5)
يشرح بالتفصيل حكم من وطئت أمته الحامل من غيره (بالاعارة او السماح)

“وإن وطئ أمته الحامل من غيره حرم بيع الولد ويعتقه نقله صالح وغيره ونقل الأثرم ومحمد بن حبيب : يعتق عليه وجزم به في الروضة قال شيخنا : يستحب وفي وجوبه خلاف في مذهب أحمد وغيره . وقال أيضا : يعتق وأنه يحكم بإسلامه , وهو يسري كالعتق , ولا يثبت نسبه ..”

+ وفي المغنى لابن قدامة (6)

يحدد احكام العبدة (الامة) إذا وطئها شريكين
وكأنه لا مشكل في أن يتشارك رجلان في نكاح امرأة … لأنها أمة

“فصل : وإذا كانت الأمة بين شريكين فوطئاها لزمها استبراءان . وقال أصحاب الشافعي في أحد الوجهين : يلزمها استبراء واحد لأن القصد معرفة براءة الرحم ولذلك لا يجب الاستبراء بأكثر من حيضة واحدة وبراءة الرحم تعلم باستبراء واحد . ولنا أنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالعدتين ولأنهما استبراءان من رجلين فأشبها العدتين وما ذكروه يبطل بالعدتين من رجلين .”

+ ثم نختم بقصة عمر الفاروق الذي كان ينكح جارية فيعزل (اي يقذف المني خارج عضو المرأة) خوفا من الانجاب
فلما حملت تضرع إلى إله محمد ألا يلحق بآل عمر من ليس منهم
ولما ولدت طفلا أسود البشرة وأكدت له انه من راعي الابل حمد إله محمد (7)
لقد كان عمر يتشارك في جاريته مع راعي ابل
لا يهمه الاخلاق بل النسب

————————–

أما عند الشيعة فالأمور أكثر وضوحا
فهم يستحلون تبادل الأماء بلا حرج

فقد قال شيخهم الطوسي : عنه عن محمد بن عبد الله عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن محمد بن مضارب قال : قال لي أبو عبد الله عليه :
“يا محمد خذ هذه الجارية تخدمك وتصيب منها فإذا خرجت فارددها إلينا” (8)

وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام
قال: قلت له: الرجل يحل لأخيه فرج جاريته؟
قال: نعم لا بأس به له ما أحل له منها (8)

ثم يعلق الطوسي أن اعارة الفرج وإن كان مكروه فهو ليس حرام فيقول
“فليس فيه ما يقتضي تحريم ماذكرناه لأنه ورد مورد الكراهية، وقد صرح عليه السلام بذلك في قوله: لا أحب ذلك، فالوجه في كراهية ذلك أن هذا مما ليس يوافقنا عليه أحد من العامة و مما يشنعون به علينا، فالتنزه عن هذا سبيله أفضل و إن لم يكن حراما، و يجوز أن يكون إنما كره ذلك إذا لم يشترط حرية الولد فإذا اشترط ذلك فقد زالت هذه الكراهية”. (9)

+ وفي كتاب بحار الأنوار الشيعي (10) تطالعنا المزيد من شواهد اعارة الجواري بين الرجال

- عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله (ع) امرأتي أحلت لي جاريتها فقال انكحها إن أردت قلت أبيعها قال إنما حل منها ما أحلت

- وعن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون له المملوكة فيحلها لغيره قال لا بأس

- وعن أبي عبد الله (ع) في الرجل يحل فرج جاريته لأخيه قال لا بأس بذلك قلت فإنه أولدها قال يضم إليه ولده و يرد الجارية على مولاها

- وعن أبي العباس قال كنت عند أبي عبد الله (ع) فقال له رجل أصلحك الله ما تقول في عارية الفرج قال حرام ثم مكث قليلا ثم قال لا بأس بأن يحل الرجل جاريته لأخيه

- وعن زرارة قلت لأبي جعفر (ع) الرجل يحل جاريته لأخيه فقال لا بأس قلت فإنها جاءت بولد قال يضم إليه ولده و يرد الجارية على صاحبها قلت إنه لم يأذن له في ذلك فقال إنه قد أذن له و هو لا يدري أن يكون ذلك

- وعن المفضل قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يقول لامرأته أحلي لي جاريتك قال يشهد عليها قلت فإن لم يشهد عليها عليه شي‏ء فيما بينه و بين الله قال هي له حلال

ثم تمتد المأساة إلى الجارية البكر (10)


عن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع) إن بعض أصحابنا قد روى عنك أنك قلت إذا أحل الرجل لأخيه المؤمن جاريته فهي له حلال
قال نعم يا فضيل قلت
فما تقول في رجل عنده جارية له نفيسة و هي بكر أحل ما دون الفرج أ له أن يفتضها؟
قال ليس له إلا ما أحل له منها و لو أحل له قبلة منها لم يحل له ما سوى ذلك قلت أ رأيت إن أحل له دون الفرج فغلبت الشهوة فأفضاها ؟
قال لا ينبغي له ذلك
قلت فإن فعل يكون زانيا
قال لا و لكن خائنا و يغرم لصاحبها عشر قيمتها

فالمسألة إذن ليست أخلاقية على اطلاقها
المسألة مسألة عقد اعارة ملكية (أي جارية) بشروط
فلو أحل صاحبها افتضاض بكارتها ربما بثمن ….. كان بها
أما لو لم يحل بذلك فهو خائنا يعاقب

—————————–

لم تكن المشكلة الإسلامية في تبادل النساء واستحلال نكاحهم مشكلة أخلاق أو ضمير أو احترام لإنسانة لا ذنب لها إلا أن الظروف قد قهرتها لتباع في سوق النخاسة
فيتبادلها ويلعب بها ذكور عقولهم دفنوها في اعضاء شهوتهم

بل كانت المشكلة تقنية / نصية / فقهية
+ حول حكم الأولاد المولودين هل يولودا عبيدا أم أحرار أم أنصاف أحرارمنها ؟
+ حول مدى اباحة الوطء في الفرج أم ما دون الفرج للبكر
+ حول مشكلة نسب الأولاد وهل ينسبوا للمالك أم للمستعير ؟

لقد أعلن محمد قائلا “ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئا وتلا : وما كان ربك نسيا” (11)

والقرآن اباح نكاح ملكات اليمين بلا زواج (النساء 3) ولم يحرم إعارتهم كونهم من الملكية
فصار من المباح والمعفو عنه … وقبل المسلمون عافية إله القرآن فاستنكحوا وأفاضوا واستعاروا وأعاروا الجواري حتى أن الرجل كان يرسل بوليدته إلى ضيفه.. تحت بنود العافية الإلهية
ولأن إله محمد لم ينس شيئا … فالاباحة ربانية إسلامية محمدية اصيلة لا ينكرها إلا من كفر بذاكرة الرحمن

حقا يصفّون عن البعوضة ليبلعوا الجمل (12)
هذه أعراض انهيار الأخلاق
هذه أعراض مجتمع يحكمه النص لا الضمير
هذه أعراض مجتمع تنازل فيه المسلم عن عقله وأخلاقه ليبحث عن نصوص التحريم
فإذا لم يجد …. يستحل كل ما هو مهين لكرامة الإنسان
ثم يصرخون بتكريم الإسلام للمرأة
بينما يقفون عاجزين عن تبرير ملكات اليمين (13)
واعجبي



——————————
تبسيط مصطلحات بلغة معاصرة
فرج : العضو الجنسي للمرأة (~ فتحة المهبل) واستحلال الفرج يعني إقامة علاقة جنسية كاملة
جمعها (فروج)
وطء : بمعنى نكاح في الأغلب أي ممارسة الجنس مع امرأة
ملكات اليمين = الجواري والسبايا من النساء إما من تجارة رقيق أو سبايا حرب



الشواهد والمراجع

(1) اذا خرجت لمحاربة اعدائك ودفعهم الرب الهك الى يدك وسبيت منهم سبيا . ورأيت في السبي امرأة جميلة الصورة والتصقت بها واتخذتها لك زوجة . فحين تدخلها الى بيتك تحلق راسها وتقلم اظفارها . وتنزع ثياب سبيها عنها وتقعد في بيتك وتبكي اباها وامها شهرا من الزمان ثم بعد ذلك تدخل عليها وتتزوج بها فتكون لك زوجة. (تثنية 21: 10 – 13)
(2) ابن حزم في المحلى (مجلد 11 صفحة 257)
(3) كتاب « الإنصاف » للمرداوي ج7 ، كتاب العتق ، باب أحكام أمهات الأولاد
(4) كتاب ( الفروع ) للمقدسي ج5 ، باب أحكام أمهات الأولاد، مسألة وطىء أمة بينه وبين آخر
(5) الكتاب السابق ، باب أحكام أمهات الأولاد، مسألة وطىء أمته الحامل من غيره
(6) كتاب ( المغني ) لابن قدامه ، ج8 ، كتاب العدد ، مسألة أعتق أم ولده ، فصل كانت الأمة بين شريكين فوطئاها ..
(7) فروى سعيد حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن فتى من أهل المدينة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يعزل عن جارية له فجاءت بحمل فشق عليه وقال اللهم لا تلحق بآل عمر من ليس منهم فإن آل عمر ليس بهم خفاء فولدت ولدا أسود فقال ممن هو فقالت من راعي الإبل فحمد الله وأثنى عليه..
(المغني 12 / 489 الطبعة الأولى دار الفكر بيروت)
وايضا في كنز العمال 45898
وأيضا مصنف عبد الرزاق:ج7/ص136 ح12536
(8) الاستبصار – الشيخ الطوسي ج 3 /ص 136
الكافي (ج2/ص200) للكليني.
وبحار الانوار ج 100 ص326 (باب 12- التحليل و أحكامه)
(9) الاستبصار ج3 ص137.
(10) بحار الانوار ج 100 ص326 -327 (باب 12- التحليل و أحكامه)
(11) أخرجه الألباني صحيحا عن أبي الدرداء (التعليقات الرضية 3 / 24)
(12) الانجيل بحسب البشير متى 23: 24
(13) شاهد فيلم الفيديو حول ملكات اليمين وعجز شيوخ الأزهر في الرد


.
صورة مفقودة
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...