كـيف السُّلـوُّ وقد براك تَجنُّبُ = غـيـداءَ تملح فـي القـلوب وتعذُبُ
غيداءَ تغترف العيونَ فترتقي = حـيـن الرنـوّ لـحسنهـا وتُصـوِّب
تحمي القتير لقاءهـا ووصالها = ونِيـارُ أشـواقـي بـها تتلهّب
مـن حـبّهـا قـاسـيـتُ هـمّاً غالبًا = وبـمـا أقـاسـيـه الفؤادُ معذَّب
يأبَى لنـا السلـوانُ ذكرَ بخيلةٍ = يرضى خلائقَهـا العفيف الأشـيب
صدَق اللواتي قلنَ ذا كَلِفٌ بها = قـلـبـي عـلـيكِ أرقُّ ممــا يُحسب
أنـتِ الـمـنى ومـرام كل مهذَّبٍ = عـالـي النِّجَار، فأيـن عـنك المذهب
تسـرُو الكآبةُ والضنـا بـلقـائها = عـنـي ومن نأي البخيلة يشجب
وبنـا الـبخـيلة برَّحتْ بـلقـائها = ودنـوِّهـا ممـا نحـبّ ونطلـب
أشقَى الـورى عيشًا مُحبٌّ راغبٌ = في نَيْله حسناءَ لـيستْ تُوهب
فوق الكمـال كمـالُهـا وحديثها = تُطْبي به حِلمَ الحليم فـيذهب
بشـراكَ يـا مـن أسعفَتْهُ بصادقٍ = مـن ودِّها والوصلُ لا يُتقضَّب
بـاللـوم يلهج مـن يلومك ضِلَّةً = في حب تلك فـيسخرون، وأعجـب
تلك الـتـي خلـب الفؤادَ دلالهـا = وحـمـى الـوصـال تقاة رازٍ يأشب
سبحـان مـن جعـل الـمـلـيحة فتنةً = خلبت من الأحْجـاء ما لا يُخلب
إن تستلـب قـلـبي الغداةَ فقَبْلَهُ = سلـبت مـن الأحـلام مـا لا يُحسب
فكـمـا قضـيـتَ عـلـيَّ ربِّ بحـبّها = قـيِّضْ لهـا مـن حـبنـا مـا يغلب
حتى تعـانـي بعضَ مـا قـاسـيته = مـن برح شـوقٍ بـالـمتـيّم يلعب
- أحمد سالك بن محمذن بن عباس الآبيري.
موريتانيا - ( 1787 - 1868 م)