" ... الإنسان في العالم العربي مرغم على أن يلبس لباسين، ويأكل أكلتين، ويتكلّم لغتين، ويغنّي أغنيتين، ويرقص رقصتين، ويدرس دراستين، ويؤرّخ تاريخين، ويسكن مسكنين، ويؤثّث أثاثين، ويقرأ أدبين، ويطالع صحيفتين، ويشاهد قناتين... إنّه دائما "مخيّر" بين الشرقي والغربي، العربي والأوروبي، التقليدي والمحدث (...) وربّما كانت هذه الإزدواجية المتعدّدة مظهرا لازدواجية أعمق، هي تلك التي نعيشها على مستوى الزمان. فالإنسان العربي يحتفل ببدايتين للسنة، ويخلّد الأعياد الميلادية والهجرية. والحياة العربية ينتظمها زمنان : زمان الصلاة وزمان الساعة ( أوكما نقول : التوقيت العربي والتوقيت الإداري). (...) لكن، هل تُعاش هذه الإزدواجية فعلا كتوتر حقيقي عند الإنسان العربي أم أنّ ذلك الإنسان يمرّ فيها من قطب إلى آخر في هدنة وسلام ؟(...) لا شك أنّ هناك جدلا بين قطبي تلك الأزواج (...) غير أنّ هذا الجدل لا يكاد يصبح تمزّقا فعليا على مستوى الوعي ، وتوتّرا حقيقيا، إلاّ عند من استطاع أن يتبيّن، بتفتّحه على الحداثة، أنّ التقليد تقليد، ذلك أنّ التقليد لا يبدو كذلك إلاّ من منظور الحداثة..."
عبد السلام بنعبد العالي، ثقافة الأذن وثقافة العين، دار توبقال 1994، ص 55 ـ 56...
صورة مفقودة