نقوس المهدي
كاتب
وقد كانت لي وجهة نظر مخالفة لرأي السيِّدة الكاتبة، وهي أنها نالت من الشهرة والمجد والاهتمام النقدي والترجمة، ما يفوق موهبتها وإمكانياتها الأدبيّة المتواضعة، لأسباب عديدة: أوّلها، كونها امرأة. وثانيها، كونها فلسطينيّة!
ويمكننا، بعد ذلك، أن نُسهب في تعداد الشروط التي يجب توافرها في الكتابة النسويّة، وهي شروط باتت من لزوميات ما يلزم لتصنيع الكاتبة، مهما بدت في الظاهر هامشيّة وسطحيّة. فأن تكون الكاتبة جميلة، هو شرط آخر يقف في طليعة تلك الشروط. ولا يغرنّك فعل الزمان في وجوه وأجساد بعض الحسان، فنحن نعيش في زمنٍ أصبح فيه العطّار قادراً على إصلاح ما أفسده الدّهر. وقد بات عطّار عصرنا يُسهم بدوره في زيادة الاهتمام بنتاج الرواية النسويّة، وإلقاء ثقله في مسار العمليّة النقديّة التي تتناولها!
أمّا الشّرط الآخر الذي أصبح لازماً لنجاح الرواية النسويّة، فهو الجرأة على تفجير طاقة اللبيدو، بلغة مفتوحة تُحطِّم كلّ تابوهات اللغة. فلم نعد نتصوّر صدور رواية نسويّة عربيّة تخلو من سرد العلاقة الجنسيّة بروح انفتاحيّة عالية، يغبطنا الغربيون عليها. والحقيقة أن تناول المرأة للجنس هي مسألة مشروعة من حيث المبدأ، حيثما كان ثمّة ضرورة فنيّة لمثل هذا التناول. أمّا الحديث عن الجرأة في كتابة الجنس، فهي مسألة تقف خارج الفنّ إذا ما كانت لا تخدم سوى نفسها، أو تتوقف عند هدف تحقيق الإثارة الحسيّة البورنوغرافيّة للقاريء. أو كما عبّرت إحدى كاتبات هذا النوع من الرواية، من أنها لن تجعل قارئاً ذكراً قادراً على الإفلات من قدرتها على استثارة رغباته المكبوتة!؟
فهل هدف الرواية هو استثارة المكبوتات وتعذيب الذّكر بتوترات استيهاميّة يتيحها السّرد النسوي، أم لعب دور الفياغرا السرديّة لمعالجة ما يعانيه من عجزٍ وإحباط؟
وللأغراض الترويجيّة ذاتها، التي تضمن عمليّة التسويق والإقبال على القراءة، حتّى لدى من لم تصبهم مثل تلك الرذيلة، فإن على الكاتبة الأنثى أن تستجمع طاقاتها الإبداعيّة ومقدراتها الأدبيّة للخوض في استقصاء مفردات الغواية، بهدف صياغة العنوان المناسب للرواية. وربما تكون أحلام مستغانمي رائدة في هذا المضمار، بدءاً من عنوان روايتها ذاكرة الجسد مروراً ب فوضى الحواس وحتّى عابر سرير، تفلح الكاتبة في اختيار عناوينها، مع التنويه إلى ما ينطوي عليه كلّ واحد من هذه العناوين من إيحاءات جنسيّة لا تخفى على لبيبٍ بإمكانه أن يفهم من إشارات أقلّ مباشرة.
وتستعيد عفاف البطاينة مفردة الجسد لتستخدمها في عنوان روايتها خارج الجسد، التي توافر فيها كسر تابو الجنس بإبداعٍ فنيّ لافت أحياناً، وفائض عن الحاجة في أحيان أخرى. ولا بأس من كسر تابوهات أخرى لإصابة غير عصفور بحجر واحد. فرغم أن الخطاب السياسي ليس همّاً أساسياً للكاتبة، إلاّ أنها تجرأت ولامست الموضوع، ومثله الدين، الضلع الثالث في الثالوث المًحرّم.
وما دمنا في حديث جاذبيّة العنوان الأنثوي، فلا بدّ من أن نمرّ على عنوان رواية فضيلة الفاروق إكتشاف الشهوة، الذي لا يحتاج إلى لبيبٍ ليحقق مثل هذا الاكتشاف. أمّا حزامة حبايب فقد اختارت لروايتها عنوان أصل الهوى، على غرار كتاب أوفيد فن الهوى، الموصوف بكتاب المُجون.
وتتجاوز صاحبة اكتشاف الشهوة زميلتها التي تطمح لروايتها أن تستثير الرجال، لتطرح في مقابلة لها رؤاها ل فن الرواية، قائلة أنها تحب التحدي.. ولذلك.. سأريهم كيف يكتب عن الجنس وكيف يمارس! فأنا كائن يشعر أن الجنس فن قبل أن يكون متعة وحاجة وغريزة وجدت في داخلنا.
أن تخوض الكاتبة تحديها الإبداعي وترينا كيف يُكتب عن الجنس، أو كيف يُكتب الجنس، فتلك مهمّة الكتابة الإبداعيّة الحقيقيّة، والتي يقابلها دورنا النقديّ بتقويم النّص. أمّا أن تتطوّع روائيّة بتعليمنا كيف يُمارس الجنس، وفنون ممارسته (على اعتبار أننا جهلة حتّى في علوم الباه، وأخفقنا في أن نكون خير خلف لخير سلف!)، فالمسألة ليست مهمّة الكاتبات الفاتنات، وقد تكون مهمّة نساء أخريات، يزاولن أقدم مهنة في التاريخ!
أخيراً، لا بدّ من إعادة التأكيد على أننا لا نقف من رواية الجنس العربيّة التي تكتبها المرأة موقفاً أخلاقياً، وأننا ضدّ أيّ نقد أخلاقي لتلك الأعمال. فالنقد له أدواته التي ليس من بينها الأخلاق. كما أننا ضدّ المنع مهما كانت أسبابه ومبرراته، وضدّ كلّ ممارسات الرقيب. إلاّ أننا في الوقت نفسه، ضدّ أن يكون الجسد، مسألة قابلة للاستثمار والترويج والتسليع (على يد الكاتبة الأنثى نفسها) وتحقيق المكاسب الأدبيّة، دون إبداع، أو مبررات فنيّة مُقنعة. وتلك مهمّة نقديّة أخرى.
قبل سنوات، نشرت كاتبة سعوديّة اسمها رجاء الصّانع، كانت حتّى ذلك الوقت مغمورة، رواية هزيلة حملت عنوان بنات الرياض، نجحت في الوصول إلى عدد من لغات العالم، وأصبحت واحدة من أمثلة الرواية العربيّة لدى الآخر الغربي. وقد حرِصَت الكاتبة على أن تبدأ فصول روايتها بتعبير سيرة وانفضحت. فكأنما كتابة الفضيحة، هي مهمّة السّرد!؟
وهل السّرد ضرورة للكتابة، إذا كانت صاحبة برهان العسل، سلوى النعيمي، تنشيء روايتها دون الحاجة إليه، لتُسهب في حديث الجنس ومرجعياته في تراثنا العربي العريض، الذي يخوض هذا المضمار، دون أن يتردّد في أن يسمّي الأشياء بأسمائها؟!؟
فهل يجوز للجميلات الفاتنات ما لا يجوز لغيرهنّ؟!
مؤخراً صدرت رواية حليب التين لسامية عيسى. ومن المهم أن نشير إلى أن كاتبتها هي إمرأة أولاً، كما يؤكِّد اسمها دون التباس؛ وفلسطينيّة ثانياً؛ وتشير صورتها المنشورة إلى أنها جميلة، ثالثاً؛ كما أن مجرّد تقليب صفحات الرواية يشي، رابعاً، وربما ليس أخيراً، بأن موضوعة الجنس ليست بعيدة عن هموم الكاتبة.
تشرع في القراءة.. ويدك على قلبك!
ويمكننا، بعد ذلك، أن نُسهب في تعداد الشروط التي يجب توافرها في الكتابة النسويّة، وهي شروط باتت من لزوميات ما يلزم لتصنيع الكاتبة، مهما بدت في الظاهر هامشيّة وسطحيّة. فأن تكون الكاتبة جميلة، هو شرط آخر يقف في طليعة تلك الشروط. ولا يغرنّك فعل الزمان في وجوه وأجساد بعض الحسان، فنحن نعيش في زمنٍ أصبح فيه العطّار قادراً على إصلاح ما أفسده الدّهر. وقد بات عطّار عصرنا يُسهم بدوره في زيادة الاهتمام بنتاج الرواية النسويّة، وإلقاء ثقله في مسار العمليّة النقديّة التي تتناولها!
أمّا الشّرط الآخر الذي أصبح لازماً لنجاح الرواية النسويّة، فهو الجرأة على تفجير طاقة اللبيدو، بلغة مفتوحة تُحطِّم كلّ تابوهات اللغة. فلم نعد نتصوّر صدور رواية نسويّة عربيّة تخلو من سرد العلاقة الجنسيّة بروح انفتاحيّة عالية، يغبطنا الغربيون عليها. والحقيقة أن تناول المرأة للجنس هي مسألة مشروعة من حيث المبدأ، حيثما كان ثمّة ضرورة فنيّة لمثل هذا التناول. أمّا الحديث عن الجرأة في كتابة الجنس، فهي مسألة تقف خارج الفنّ إذا ما كانت لا تخدم سوى نفسها، أو تتوقف عند هدف تحقيق الإثارة الحسيّة البورنوغرافيّة للقاريء. أو كما عبّرت إحدى كاتبات هذا النوع من الرواية، من أنها لن تجعل قارئاً ذكراً قادراً على الإفلات من قدرتها على استثارة رغباته المكبوتة!؟
فهل هدف الرواية هو استثارة المكبوتات وتعذيب الذّكر بتوترات استيهاميّة يتيحها السّرد النسوي، أم لعب دور الفياغرا السرديّة لمعالجة ما يعانيه من عجزٍ وإحباط؟
وللأغراض الترويجيّة ذاتها، التي تضمن عمليّة التسويق والإقبال على القراءة، حتّى لدى من لم تصبهم مثل تلك الرذيلة، فإن على الكاتبة الأنثى أن تستجمع طاقاتها الإبداعيّة ومقدراتها الأدبيّة للخوض في استقصاء مفردات الغواية، بهدف صياغة العنوان المناسب للرواية. وربما تكون أحلام مستغانمي رائدة في هذا المضمار، بدءاً من عنوان روايتها ذاكرة الجسد مروراً ب فوضى الحواس وحتّى عابر سرير، تفلح الكاتبة في اختيار عناوينها، مع التنويه إلى ما ينطوي عليه كلّ واحد من هذه العناوين من إيحاءات جنسيّة لا تخفى على لبيبٍ بإمكانه أن يفهم من إشارات أقلّ مباشرة.
وتستعيد عفاف البطاينة مفردة الجسد لتستخدمها في عنوان روايتها خارج الجسد، التي توافر فيها كسر تابو الجنس بإبداعٍ فنيّ لافت أحياناً، وفائض عن الحاجة في أحيان أخرى. ولا بأس من كسر تابوهات أخرى لإصابة غير عصفور بحجر واحد. فرغم أن الخطاب السياسي ليس همّاً أساسياً للكاتبة، إلاّ أنها تجرأت ولامست الموضوع، ومثله الدين، الضلع الثالث في الثالوث المًحرّم.
وما دمنا في حديث جاذبيّة العنوان الأنثوي، فلا بدّ من أن نمرّ على عنوان رواية فضيلة الفاروق إكتشاف الشهوة، الذي لا يحتاج إلى لبيبٍ ليحقق مثل هذا الاكتشاف. أمّا حزامة حبايب فقد اختارت لروايتها عنوان أصل الهوى، على غرار كتاب أوفيد فن الهوى، الموصوف بكتاب المُجون.
وتتجاوز صاحبة اكتشاف الشهوة زميلتها التي تطمح لروايتها أن تستثير الرجال، لتطرح في مقابلة لها رؤاها ل فن الرواية، قائلة أنها تحب التحدي.. ولذلك.. سأريهم كيف يكتب عن الجنس وكيف يمارس! فأنا كائن يشعر أن الجنس فن قبل أن يكون متعة وحاجة وغريزة وجدت في داخلنا.
أن تخوض الكاتبة تحديها الإبداعي وترينا كيف يُكتب عن الجنس، أو كيف يُكتب الجنس، فتلك مهمّة الكتابة الإبداعيّة الحقيقيّة، والتي يقابلها دورنا النقديّ بتقويم النّص. أمّا أن تتطوّع روائيّة بتعليمنا كيف يُمارس الجنس، وفنون ممارسته (على اعتبار أننا جهلة حتّى في علوم الباه، وأخفقنا في أن نكون خير خلف لخير سلف!)، فالمسألة ليست مهمّة الكاتبات الفاتنات، وقد تكون مهمّة نساء أخريات، يزاولن أقدم مهنة في التاريخ!
أخيراً، لا بدّ من إعادة التأكيد على أننا لا نقف من رواية الجنس العربيّة التي تكتبها المرأة موقفاً أخلاقياً، وأننا ضدّ أيّ نقد أخلاقي لتلك الأعمال. فالنقد له أدواته التي ليس من بينها الأخلاق. كما أننا ضدّ المنع مهما كانت أسبابه ومبرراته، وضدّ كلّ ممارسات الرقيب. إلاّ أننا في الوقت نفسه، ضدّ أن يكون الجسد، مسألة قابلة للاستثمار والترويج والتسليع (على يد الكاتبة الأنثى نفسها) وتحقيق المكاسب الأدبيّة، دون إبداع، أو مبررات فنيّة مُقنعة. وتلك مهمّة نقديّة أخرى.
قبل سنوات، نشرت كاتبة سعوديّة اسمها رجاء الصّانع، كانت حتّى ذلك الوقت مغمورة، رواية هزيلة حملت عنوان بنات الرياض، نجحت في الوصول إلى عدد من لغات العالم، وأصبحت واحدة من أمثلة الرواية العربيّة لدى الآخر الغربي. وقد حرِصَت الكاتبة على أن تبدأ فصول روايتها بتعبير سيرة وانفضحت. فكأنما كتابة الفضيحة، هي مهمّة السّرد!؟
وهل السّرد ضرورة للكتابة، إذا كانت صاحبة برهان العسل، سلوى النعيمي، تنشيء روايتها دون الحاجة إليه، لتُسهب في حديث الجنس ومرجعياته في تراثنا العربي العريض، الذي يخوض هذا المضمار، دون أن يتردّد في أن يسمّي الأشياء بأسمائها؟!؟
فهل يجوز للجميلات الفاتنات ما لا يجوز لغيرهنّ؟!
مؤخراً صدرت رواية حليب التين لسامية عيسى. ومن المهم أن نشير إلى أن كاتبتها هي إمرأة أولاً، كما يؤكِّد اسمها دون التباس؛ وفلسطينيّة ثانياً؛ وتشير صورتها المنشورة إلى أنها جميلة، ثالثاً؛ كما أن مجرّد تقليب صفحات الرواية يشي، رابعاً، وربما ليس أخيراً، بأن موضوعة الجنس ليست بعيدة عن هموم الكاتبة.
تشرع في القراءة.. ويدك على قلبك!