عبد الهادي شلا - " العنوسة " هل هي ظاهرة إجتماعية ؟

منذ أيام وفي خبر متلفز جاء أن أعلى نسبة "العنوسة" في العالم العربي هي في دولة لبنان، وأن تسعة ملايين فتاة في مصر العربية "عانس" .

أمر يعود كما نتصور إلى أسباب كثيرة في أغلبها إجتماعية من أهمها:

-المبالغة في طلب المهر
- الوضع الإقتصادي المتردي
- الشعور بعدم الإستقرار العام وتنامي الإحساس بالإحباط
- البذخ في حفل الزواج
- تدخل الأسرة في أمور صغيرة تكون عائقا في إتمام الزواج .

وأساب أخرى ترهق الشاب المقبل على الحياة كأن يطلب منه بيتا مؤثثا بنوع يحدده أهل الفتاة أسوة بأختها أو قريبة لها أو جارة كنوع من التباهي والمظاهر الإجتماعية،وكلها أسباب تجعل الشاب يؤجل هذا الإرتباط إلى حين يستطيع توفير ما تتطلبه هذه الظواهر المرهقة ويمر الوقت عليه وعلى الفتاة دون ارتباط.

الكارثة حين تبدأ نتائج خطيرة في الظهور بجانب العنوسة المتفاقمة وهي العزوف التام عن الزواج لمرور"قطار العمر" كما يوصف إجتماعيا ،وتحجم الفتاة والشاب عن الإنتظار وتأخذ مجريات حياة كل منهما مجرى أخر.

يكرس كل منهما حياته لعمله كادا مجاهدا في الوصول إلى أعلى القمة أو أن ينحرف ويجرفه تيار الضياع الغير محمودة نتائجة وتصبح هذه ظاهرة أخرى تصيب المجتمع في مقتل ويعصب إصلاحها لأنها خاصة بكل فرد "ذكر أو أنثى" في مجتمعات حديثة في مقوماتها بات كل شيء يسيرا ومتاحا في وجود تجاوزات عن المحرمات لما جد على الحياة من تفاسير تيسر وتبسط وتخرج عن الأصل تحت مسميات وأقوال ضعيفة في سندها رغم تنامي الشعور العقائدي على الجانب الأخر والذي ضعف تأثيره على كل ما كان قائما في حالات الزواج على مر العصور.

فهل الذين يعيشون في المهجر بعيدين عن تداعيات هذه الظاهرة؟

لا أظن ،فتلك الصورة تتسع مساحتها في وجود مساحة الحرية الكبيرة عند الشاب والشابه مما يساهم في إتساع هوة العزوف عن الزواج حين يواجه الشاب بمثل ما تقدم من الشروط القاسية التي حملها الأهل معهم وتمسكوا بها،وفي وجود انفتاح يتيح له تعويض ما يحرمه منه عدم الزواج إن كانت لدية عقيدة ضعيفة وغير محصن من الفتن الكثيرة،إلا أننا لم نصل إلى تصنيف هذه الأخيرة كظاهرة ولأن الأكثرية من شبابنا وشاباتنا يسيرون على الخط المستقيم الذي تمناه لهم الآباء ولكن العوائق والشروط المجحفة قد تصيب كل من الشاب والفتاة بإحباط يجعلهما يقفان في نفس الصف الذي فيه أقرانهما في الوطن الأم.

لابد أن هناك مخرج من مأزق ظاهرة"العنوسة" .

الرجوع عن كل ما يحول بين تطلعات الشباب من الذكور والإناث وبين الإرتباط اليسير الذي يكون أساسه الود والرحمة ووجود أسرة جديدة تقوم على مفاهيم تكون نموذجا للأجيال القادمة،لعل ذلك يكون الخطوة الأولى على طريق الخلاص والتخفيف من هذه الظاهرة التي لن تحمد نتائجها إن طال بها الأمد دون علاج.

نسمع أحيانا عن "الزواج الجماعي"، الذي يتنباه أهل الخير من الأشخاص أو المؤسسات والجمعيات الخيرية التي تفتح باب التيسير على غير القادرين على تحمل أعباء الزواج المرهق أو للشباب من أصحاب القدرات الخاصة وهي ظاهرة حميدة تلقى قبولا في المجتمعات.

يقول الرسول الكريم:"إظفر بذات الدين تربت يداك"،ويقول:"من ترضون خلقه ودينه فزوجوه"، هذه قواعد وأسس البيت السليم الذي تحفه الرحمة والسكينة التي نحتاجها للخروج من هذا المأزق والقضاء على هذه الظاهرة التي تؤرق المجتمع.
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...