خليل صويلح - سيغموند فرويد... قاهر قلوب النساء

سيغموند فرويد... قاهر قلوب النساء
هل الفلسفة وعلم النفس طريق سالكة إلى الجنون حقاً؟ هذا ما يحاول بول روزن إثباته في كتابه «الحريم الفرويدي» (دار السوسن ـــــ دمشق) الذي عرّبه ثائر ديب. إذ يكشف سيرة النساء اللواتي دخلن حياة سيغموند فرويد وانتهين غالباً إلى مصائر غريبة تراوح بين الانتحار والإدمان والقتل وهجر الأزواج. في المقابل، نتعرف إلى نساء أثبتن حضوراً قوياً إزاء عقل عبقري وشخصية ذات سطوة، في حركة مثّلت ما يشبه الثورة الفكرية العميقة التي لم يعد العالم بعدها مثلما كان قبلاً. لا تكتفي السيرة بإلقاء الضوء على حياة فرويد وأعماله، بل تثير جملة من القضايا في التحليل النفسي أبرزها المرأة والأنوثة. يشير ثائر ديب في مقدمة الطبعة العربية إلى أنّ هناك عدداً كبيراً من النساء اللواتي لعبن دوراً مهماً في حياة فرويد، بدءاً بأمه مروراً بابنته آنا. أما أوّل حب عاصف لفرويد، فكان خلال الجامعة، إذ تعلّق بفتاة تدعى جيزيلا فلوس، لكنها هجرته، فراح ينسج أحلاماً وهمية تعيد ترتيب مستقبله معها. وكان عليه أن يكتب 900 رسالة عاطفية إلى مارتا لتقتنع بالزواج منه. في هذه الرسائل، يفصح فرويد عن شخصية متعجرفة تشبه شخصية ثورفالد في مسرحية ابسن «بيت الدمية» من دون أن يتخلى عن عاطفة مشبوبة، فضلاً عن الغيرة وهاجس الموت والمرض. في إحدى رسائله إلى مارتا، يقول: «ويلك مني عندما آتي إليك يا أميرتي. سأقبّلك حتى أُدميك وأغذّيك حتى تسمني. وإذا ما تحسنتِ، فسوف ترين من هو الأقوى: فتاة صغيرة رقيقة، أم رجل متوحش يسري الكوكايين في جسمه». لكن الزواج وضع حدّاً لذلك الحب المضطرم، وانتهى زواجاً تقليدياً. هكذا، كرّست مارتا حياتها لفرويد الذي وجد نفسه بعدة فترة من الزواج يلتفت إلى شقيقتها مينا التي صارت سنداً حقيقياً له في عمله. إن مراجعة وفحص رسائل فرويد في شأن علاقته بتلميذاته، تنم بوضوح عن أن ثمة نموذجاً واحداً للموضوع الجنسي كان ماثلاً في ذهنه، هو «نموذج المرأة الطيّعة». يتتبع بول روزن سيرة أربع نساء في حياة فرويد، هنّ آنا فرويد ابنته التي كانت ترافقه دوماً وتغار عليه من النساء الأخريات، وهيلين دويتش، ولو أندرياس سالومي، وفيكتوريا توسك. كان عمل آنا فرويد مع والدها متعارضاً مع ما يمكن أن ندعوه حياتها الخاصة، وانتهت إلى فتاة عانس ترتدي ثياباً سوداء إلى الكاحلين، وكانت تقص شعرها قصيراً. هذا الاحتشام كان جزءاً من تضحياتها من أجل والدها. أما هيلين دويتش، فكانت إحدى التابعات الأُول لفرويد من اللواتي قام بتحليلهن شخصياً، من دون أن تخلو هذه العلاقة من خلافات وقطيعة وهجران، مثلها مثل الأخريات اللواتي عشن في فلك رائد التحليل النفسي، الذي طالما نظر إلى النساء بوصفهن «دمى» لا تصلح إلا للحب والشهوات.
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...