نقوس المهدي
كاتب
تعد الأمثال الشعبية من أبرز عناصر الثقافة الشعبية ومن أهم الموروثات السردية الشفهية فى الثقافة الشعبية, وتنبع أهمية الأمثال فى الثقافة الشعبية لسهولة تداولها وتناقلها عبر الأجيال
وذلك لبساطة تكوينها, وهى عصارة حكمة الشعوب وأفكارهاومرآة لطبيعة الناس ومعتقداتهم لتغلغلها فى معظم جوانب حياتهم اليومية، وتعكس الأمثال المواقف المختلفة بل تتجاوز ذلك أحياناً لتقدم لهم نموذجا يُقتدى به فى مواقف عديده، والأمثال تساهم فى تشكيل أنمـاط اتجاهات وقيم المجتمع.
الأمر الذى جعلها محوراً أساسياً لاهتمام الكثير من العلماء والباحثين.ورغم أن هناك تغيرا فى مدى ايماننا بالأمثال والاتجاه نحو تنقيحها وتفنيدها ونقدها أحيانا الا انها مازالت مصدرا مهما للتعبير عن آرائنا وقيمنا واتجاهاتنا, كما تعكس مشاعر الشعوب على اختلاف طبقاتها انتماءاتها بجانب تجسيدها لعادتها وتقاليدها ومعتقداتها.
والمثل الشعبى عبارة عن قول مأثور يتضمن نصيحة شعبية، أو حقيقة عامة، أو ملاحظة تجريبية أو حتى موقفا ساخرًا من عادة اجتماعية أو أسلوب سياسى معين. والذى يصوغ المثل الشعبى شخص على درجة عالية من الحكمة، ولديه قدرة على التركيز، وموهبة خاصة فى استخدام اللهجة الشعبية، وجودة اختيار ألفاظها. ولو كان علماء البلاغة قد وجهوا اهتمامهم قليلاً إلى كثير من الأمثال الشعبية لوجدوا فيها جمالاً أدبيًا لا يقل بحال من الأحوال عن الجمال الموجود فى أدب الفصحى. ففى الأمثال الشعبية : يوجد السجع ، ويوجد الجناس، ويوجد الطباق ، ويوجد الخيال ، وتوجد الصورة المعبرة بدقة عن الموضوع المجرد المراد الإمساك به فى شبكة الألفاظ ، كما أن الأمثال الشعبية تتميز بالإيجاز الشديد وهو اختصار المعانى الطويلة أو المتعددة فى ألفاظ قليلة معدودة ، بجانب أن صياغة المثل تهدف إلى جريانه على ألسنة العامة ، وسهولة حفظه لمن يسمعه ولو مرة واحدة ، لذلك نذهب إلى أن (مؤلفى الأمثال الشعبية) بالإضافة إلى كونهم حكماء ، كانوا أدباء بامتياز ، ومع ذلك فقد فضلوا عدم ذكر أسمائهم ، والوقوف بصمت وتواضع خلف إنتاجهم الذى كتب له الشيوع والاستمرار ، ربما أكثر مما كتب فى أدب الفصحى !
وقد قال إبراهيم النظام: «يجتمع فى المثل أربعة لا تجتمع فى غيره من الكلام, إيجاز اللفظ, وإصابة المعنى, وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة»
1 ـ إيجاز اللفظ:
فالمثل عبارة قصيرة لا تتجاوز بضع كلمات وهذا هو السبب فى سهولة حفظه وانتشاره والإيجاز ركن أساسى من أركان البلاغة عند العرب. ومثاله:
«الحب أعمى»
2 ـ إصابة المعنى:
بمعنى أن المثل هو عبارة صغيرة ينبغى أن تنطوى على هذه العبارة فكرة صائبة وعميقة. ونعنى بالفكرة الصائبة تلك التى تتفق مع الواقع وتخضع للمنطق. ومثاله:
«القفة أم ودنين يشيلوها اتنين»
3 ـ التشبيه :
المثل مبنى على المماثلة والتشبيه .
مثاله : «زى المش كل ساعة بوش»
4 ـ الكناية :
ذلك أن المثل الشعبى يلجأ إلى الكناية للتعبير عن قيمة أو فضيلة معينة.
مثاله :«قد النملة ويعمل عملة».
ان المعرفة بالأمثال ضرورة، ليس لأهل اللغة الناطقين بها فحسب، بل هى أمر محتم على كل دارس للغة من غير أهلها، ان لم يكن لاستعمالها فمن أجل فهم اللغة وثقافتها فى إطارها الطبيعي.
وفى المجتمع المصرى نجد تداول الأمثال الشعبية بشكلٍ كبير, ففى أحاديثهم وتجمعاتهم نجدهم غالبا ما يسترشدون بها ويجدون متعة ولذة فى تضمينها أقوالهم وتناقلها لما فيها من حكمة وتجربة ومصداقية ولعله من الجميل أن تبقى هويتنا الحضارية حية ومتفاعلة وأيضاً فعّالة، ويمكن بالتالى أن ننقلها إلى أجيالنا اللاحقة.
والأمثال تعكس الصورة النمطية التى يرى المجتمع أنها الصحيحة للرجل والمرأة على السواء برغم أن معظم هذه الأمثال لا تعبر عن حقائق ومسلمات، ولكن الأجيال تتوارثها كما هى ولا يمكن تغييرها. ويُصدم الدارس أو المٌلاحظ للأمثال التى تناولت المرأة بالتناقض السافر الموجود فى نظرة المجتمع للمرأة حيث ينظر اليها نظرة دونية وهى ابنه وزوجة واخت, ونجد الأمثال السلبية تلاحقها فى حين ينظر اليها نظرة تعظيم, وإجلال وهى أم وتمتلئ الأمثال فى هذا الجانب بالإيجابية!!
ورغم أهمية الأمثال الشعبية كجزء أساسى ومهم فى الفلكلور الشعبى الا انها نقلت الكثير من الأفكار الخاطئة؛فهى تقصر دور المرأة فى المجتمع على تنظيم البيت وقضاء احتياجات الزوج، وهناك الكثير من الأمثال التى ظلمت المرأة مثل «البنت يا تسترها يا تقبرها» و«البنت إذا كبرت يلجبر يلقبر» وعقربتين فى الحيط ولابنتين فى بيت» و«البنت باللدح والولد بالمدح» واللدح بمعنى الضرب، و«اللى تموت بنيته من صفا نيته»، وكلها أمثال تحقر من المرأة وتقلل من قدرها وتجعلها عئا يجب التخلص منه، ويؤكد الموروث الاجتماعى الذى ينشأ عليه الرجل سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً تبنى فكرة ان الرجل لا يعيبه شيء وأن المرأة مجرد تابع له وشيء يمتلكه وهى كائن لا يستطيع الحياة بدونه، والدليل على ذلك أمثال مثل
البايرة لبيت أبوها
حرمة من غير راجل زى الطربوش من غير زر
يا ويل من أعطى سرّه لمراته يا طول عذابه وشتاته
الراجل ابن الراجل اللى عمره ما يشاور مراته
يا مشاور النسوان يا خسران
اقعدى فى عشك لما ييجىاللى ينشك
كما نجد التوجيه الدائم للأهل لضرورة القسوة فى التربية على البنت وان وجودها هم بعكس الولد الذى يوصى بتدليله والفرح بوجوده ونرى ذلك الفكر جليا فى أمثال مثل:
اعدل العوجة ولو فى يوم فرحها
الولد فرحة ولو قد حبة القمحة
دلع بنتك بتعرك ودلع ابنك بيعزك
بيت البنات خراب
ان ماتت اختك انستر عرضك
البنت يا تسترها يا تقبرها
صوت حية ولا صوت بنيو
الولد لو قد المفتاح بيعمر الدار
بطن جاب الولدانى اطعموه لحم الضانى
بطن جاب البنية اضربوه بالعصية
لما قالوا لى ولد اشتد ظهرى واتسند
ولما قالوا لى بنت انهدت الحيطة علي
ما احلى فرحتهم لو ماتوا بساعتهم
ام البنت مسنودة بخيط ... وام الولدمسنودة بحيط
هم البنات للممات لو عرايس او مجوزات
البنية بلية
النسوان اما جواهر او عواهر او قواهر
الفاجرة داويها والحرة عاديها
المرة لو طلعت عالمريخ آخرتهاللطبيخ
ان مات اخوك انكسر ظهرك وان ماتتاختك انستر عرضك
جوزت بنتى لارتاح من بلاها اجتني واربعة وراها
موت البنات من المكرمات
حتى عندما حاولت الأمثال إنصاف المرأة ووصف جمالها وصفتها وكأنها دمية بلا روح، ورغم ذلك حثت الرجال على طلبها «إن عشقت اعشق قمر، وإن سرقت اسرق جمل» وأيضا «اعشق غزال وإلا فضها»، ولأن الجمال يسبق الغنى فـ «تغور العورة بفدانها»، كما حثت هذه الأمثال على الزواج من المرأة الجميلة حتى ولو كان الزوج لا يملك قوت يومه، فالجمال يغنى عن الأكل والشرب «خد الحلو واقعد قباله.. وإن جعت شاهد جماله»، وفى مقارنة بين الجميلة والدميمة يقول المثل: «الحلوة حلوة ولو قامت من النوم، والوحشة وحشة ولو استحمت كل يوم» ، وفى وصف المرأة الدميمة التى تتمنى أن تكون جميلة وبيضاء ليرضى عنها الرجال باعتبار أن البياض نموذج للجمال عند الرجال يقول لمثل: ياريتنى يا أمه كنت بيضه وبضب، أصل البياض «يا أمه عند الرجال يتحب»، واحيانا ارجعت الأمثال جمال المرأة الى الملابس والزينه «بره ورده، وجوّا قرده»! ولا شك أن الثياب، والزينة هي التي تضفى على المرأة الجمال والإبهار أحيانا:
لبسْ البوصة، تبقى عروسه!
وأخيرًا تشير بعض الأمثال إلى خفة عقل المرأة، وتصرفاتها الناتجة عن ذلك:
هبلة، ومسكوها طبلة!
ولذلك فإن أى حدث تافه قد يؤثر فيها، لكنه فى نفس الوقت يطلعنا على نوعين من النساء: العاقلات والخفيفات العقل!
زمر الزميرة تبان العاقلة م المجنونة!
ورغم تناول الامثال لخفة عقل المرأة الا أنها تعود وتوضح مدى مكرها وذكائها فنجد «حيِّل النسوان غلبت حيِّل الغيلان» والغيلان هى جنس من الشياطين تتراءى للناس وتتلون لهم، ذكر ذلك النووي
«كيد النسا غلب كيد الرجال»
ولذلك على الرجل أن يحذر دائمًا من المرأة.
«آمن للحية ولا تآمن للمرأة» و«النسوان مصايد والرجال تقع فيها» وأيضا «النسوان مصايد الشيطان» و«كيد النسا بالنسا ولا تكيدهن بالعصا»
وفى المقابل أنصفت الامثال الزوج ودوره فى حياة المرأة فى الكثير من الامثلة فتقول: «يا بخت من رضى عنها زوجها»، و«اللى جوزها يقولها: يا عورة يلعبوا بيها الكورةس، واللى يقولها: يا هانم يقفولها على السلالم»، وأظهرت الأمثال المرأة وكأنها تستمد قوتها وحجمها الاجتماعى من الزوج فى العديد من الأمثال : «ضل راجل ولا ضل حيط» و«حرمة من غير راجل زى الطربوش من غير زر» و«اسم الزوج ولا طعم الترمل»، و«اللى جوزها يحبها الشمس تطلع لها» و «إن كان الرجل بحر تكون المرأة جسر»، و»المرة بلا رجال مثل البستان بلا سياج»، و«الجوز رحمة ولو كان فحمة» و«نصيحة المرة ما بتنفع الا المرة» واستمرت الأمثال فى إعطاء الزوج كل الحقوق لدرجة اباحة التلاعب بالمرأة ونرى ذلك فى أمثال مثل»تجوز الارملة واضحك عليها وخذ منمالها واصرف عليها»، و«شاورهن وخالفوا شورهن»، و«اسمع للمرة ولا تؤخذ برايها»، و«بارك الله بالدابة السريعة والمراةالمطيعة».
وامام كل هذه الأمثال السلبية عن البنت والزوجة نجد العكس تماما عن الأم، حيث نرى تأكيد قيمة المرأة «الأم» فى المجتمع مما يدل على النظرة المتناقضة للمرأة عموما فالأمثال أنصفت الأم ووصفتها بالحنان والإيثار ودورها المهم فى التربية والعطف على الأبناء فيقول المثل :«من طعم صغيرى بلحه نزلت حلاوتها فى بطني» و«أسيادى وأسياد أجدادى اللى يعولوا همى وهم أولادي»، وتفضل ابناءها وتراهم بعين مختلفة فيقول المثل : «الخنفسة عند أمها عروسة» و«خنفسة شافت بنتها على الحيط قالت دى لولية فى خيط».
وتتوالى الأمثال التى تمجد المرأة الأم وتقول:
اللى من غير أم حاله يغم
اللى يتعلمه الطفل من أمه يحفظه ويصمه
اللى عنده أمه ما ينحملش همه
يا مخلى الأم تعشعش والأب يطفش
اللى عند أمه بالبيت خبزته مدهونة بزيت.
بعد الأم أحفر وطم
البيت بلا أم زى الجاكت بلا كم
ريحة الام بتلم وريحة الاب بتخم
والأمثال الشعبية المصرية تؤكد ذكورية المجتمع المصرى بشكل كبير حيث رأينا مدى تقليل الامثال لشأن المرأة برغم رفعها لشأن الأم .
وأخيرا يبقى سؤال حائر يبحث عن إجابة منطقية اليست الأم هى الابنة والاخت والزوجة؟!!
* المرأة فى الأمثال الشعبية
د. عبير العشرى
وذلك لبساطة تكوينها, وهى عصارة حكمة الشعوب وأفكارهاومرآة لطبيعة الناس ومعتقداتهم لتغلغلها فى معظم جوانب حياتهم اليومية، وتعكس الأمثال المواقف المختلفة بل تتجاوز ذلك أحياناً لتقدم لهم نموذجا يُقتدى به فى مواقف عديده، والأمثال تساهم فى تشكيل أنمـاط اتجاهات وقيم المجتمع.
الأمر الذى جعلها محوراً أساسياً لاهتمام الكثير من العلماء والباحثين.ورغم أن هناك تغيرا فى مدى ايماننا بالأمثال والاتجاه نحو تنقيحها وتفنيدها ونقدها أحيانا الا انها مازالت مصدرا مهما للتعبير عن آرائنا وقيمنا واتجاهاتنا, كما تعكس مشاعر الشعوب على اختلاف طبقاتها انتماءاتها بجانب تجسيدها لعادتها وتقاليدها ومعتقداتها.
والمثل الشعبى عبارة عن قول مأثور يتضمن نصيحة شعبية، أو حقيقة عامة، أو ملاحظة تجريبية أو حتى موقفا ساخرًا من عادة اجتماعية أو أسلوب سياسى معين. والذى يصوغ المثل الشعبى شخص على درجة عالية من الحكمة، ولديه قدرة على التركيز، وموهبة خاصة فى استخدام اللهجة الشعبية، وجودة اختيار ألفاظها. ولو كان علماء البلاغة قد وجهوا اهتمامهم قليلاً إلى كثير من الأمثال الشعبية لوجدوا فيها جمالاً أدبيًا لا يقل بحال من الأحوال عن الجمال الموجود فى أدب الفصحى. ففى الأمثال الشعبية : يوجد السجع ، ويوجد الجناس، ويوجد الطباق ، ويوجد الخيال ، وتوجد الصورة المعبرة بدقة عن الموضوع المجرد المراد الإمساك به فى شبكة الألفاظ ، كما أن الأمثال الشعبية تتميز بالإيجاز الشديد وهو اختصار المعانى الطويلة أو المتعددة فى ألفاظ قليلة معدودة ، بجانب أن صياغة المثل تهدف إلى جريانه على ألسنة العامة ، وسهولة حفظه لمن يسمعه ولو مرة واحدة ، لذلك نذهب إلى أن (مؤلفى الأمثال الشعبية) بالإضافة إلى كونهم حكماء ، كانوا أدباء بامتياز ، ومع ذلك فقد فضلوا عدم ذكر أسمائهم ، والوقوف بصمت وتواضع خلف إنتاجهم الذى كتب له الشيوع والاستمرار ، ربما أكثر مما كتب فى أدب الفصحى !
وقد قال إبراهيم النظام: «يجتمع فى المثل أربعة لا تجتمع فى غيره من الكلام, إيجاز اللفظ, وإصابة المعنى, وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة»
1 ـ إيجاز اللفظ:
فالمثل عبارة قصيرة لا تتجاوز بضع كلمات وهذا هو السبب فى سهولة حفظه وانتشاره والإيجاز ركن أساسى من أركان البلاغة عند العرب. ومثاله:
«الحب أعمى»
2 ـ إصابة المعنى:
بمعنى أن المثل هو عبارة صغيرة ينبغى أن تنطوى على هذه العبارة فكرة صائبة وعميقة. ونعنى بالفكرة الصائبة تلك التى تتفق مع الواقع وتخضع للمنطق. ومثاله:
«القفة أم ودنين يشيلوها اتنين»
3 ـ التشبيه :
المثل مبنى على المماثلة والتشبيه .
مثاله : «زى المش كل ساعة بوش»
4 ـ الكناية :
ذلك أن المثل الشعبى يلجأ إلى الكناية للتعبير عن قيمة أو فضيلة معينة.
مثاله :«قد النملة ويعمل عملة».
ان المعرفة بالأمثال ضرورة، ليس لأهل اللغة الناطقين بها فحسب، بل هى أمر محتم على كل دارس للغة من غير أهلها، ان لم يكن لاستعمالها فمن أجل فهم اللغة وثقافتها فى إطارها الطبيعي.
وفى المجتمع المصرى نجد تداول الأمثال الشعبية بشكلٍ كبير, ففى أحاديثهم وتجمعاتهم نجدهم غالبا ما يسترشدون بها ويجدون متعة ولذة فى تضمينها أقوالهم وتناقلها لما فيها من حكمة وتجربة ومصداقية ولعله من الجميل أن تبقى هويتنا الحضارية حية ومتفاعلة وأيضاً فعّالة، ويمكن بالتالى أن ننقلها إلى أجيالنا اللاحقة.
والأمثال تعكس الصورة النمطية التى يرى المجتمع أنها الصحيحة للرجل والمرأة على السواء برغم أن معظم هذه الأمثال لا تعبر عن حقائق ومسلمات، ولكن الأجيال تتوارثها كما هى ولا يمكن تغييرها. ويُصدم الدارس أو المٌلاحظ للأمثال التى تناولت المرأة بالتناقض السافر الموجود فى نظرة المجتمع للمرأة حيث ينظر اليها نظرة دونية وهى ابنه وزوجة واخت, ونجد الأمثال السلبية تلاحقها فى حين ينظر اليها نظرة تعظيم, وإجلال وهى أم وتمتلئ الأمثال فى هذا الجانب بالإيجابية!!
ورغم أهمية الأمثال الشعبية كجزء أساسى ومهم فى الفلكلور الشعبى الا انها نقلت الكثير من الأفكار الخاطئة؛فهى تقصر دور المرأة فى المجتمع على تنظيم البيت وقضاء احتياجات الزوج، وهناك الكثير من الأمثال التى ظلمت المرأة مثل «البنت يا تسترها يا تقبرها» و«البنت إذا كبرت يلجبر يلقبر» وعقربتين فى الحيط ولابنتين فى بيت» و«البنت باللدح والولد بالمدح» واللدح بمعنى الضرب، و«اللى تموت بنيته من صفا نيته»، وكلها أمثال تحقر من المرأة وتقلل من قدرها وتجعلها عئا يجب التخلص منه، ويؤكد الموروث الاجتماعى الذى ينشأ عليه الرجل سواء كان أخاً أو أباً أو زوجاً تبنى فكرة ان الرجل لا يعيبه شيء وأن المرأة مجرد تابع له وشيء يمتلكه وهى كائن لا يستطيع الحياة بدونه، والدليل على ذلك أمثال مثل
البايرة لبيت أبوها
حرمة من غير راجل زى الطربوش من غير زر
يا ويل من أعطى سرّه لمراته يا طول عذابه وشتاته
الراجل ابن الراجل اللى عمره ما يشاور مراته
يا مشاور النسوان يا خسران
اقعدى فى عشك لما ييجىاللى ينشك
كما نجد التوجيه الدائم للأهل لضرورة القسوة فى التربية على البنت وان وجودها هم بعكس الولد الذى يوصى بتدليله والفرح بوجوده ونرى ذلك الفكر جليا فى أمثال مثل:
اعدل العوجة ولو فى يوم فرحها
الولد فرحة ولو قد حبة القمحة
دلع بنتك بتعرك ودلع ابنك بيعزك
بيت البنات خراب
ان ماتت اختك انستر عرضك
البنت يا تسترها يا تقبرها
صوت حية ولا صوت بنيو
الولد لو قد المفتاح بيعمر الدار
بطن جاب الولدانى اطعموه لحم الضانى
بطن جاب البنية اضربوه بالعصية
لما قالوا لى ولد اشتد ظهرى واتسند
ولما قالوا لى بنت انهدت الحيطة علي
ما احلى فرحتهم لو ماتوا بساعتهم
ام البنت مسنودة بخيط ... وام الولدمسنودة بحيط
هم البنات للممات لو عرايس او مجوزات
البنية بلية
النسوان اما جواهر او عواهر او قواهر
الفاجرة داويها والحرة عاديها
المرة لو طلعت عالمريخ آخرتهاللطبيخ
ان مات اخوك انكسر ظهرك وان ماتتاختك انستر عرضك
جوزت بنتى لارتاح من بلاها اجتني واربعة وراها
موت البنات من المكرمات
حتى عندما حاولت الأمثال إنصاف المرأة ووصف جمالها وصفتها وكأنها دمية بلا روح، ورغم ذلك حثت الرجال على طلبها «إن عشقت اعشق قمر، وإن سرقت اسرق جمل» وأيضا «اعشق غزال وإلا فضها»، ولأن الجمال يسبق الغنى فـ «تغور العورة بفدانها»، كما حثت هذه الأمثال على الزواج من المرأة الجميلة حتى ولو كان الزوج لا يملك قوت يومه، فالجمال يغنى عن الأكل والشرب «خد الحلو واقعد قباله.. وإن جعت شاهد جماله»، وفى مقارنة بين الجميلة والدميمة يقول المثل: «الحلوة حلوة ولو قامت من النوم، والوحشة وحشة ولو استحمت كل يوم» ، وفى وصف المرأة الدميمة التى تتمنى أن تكون جميلة وبيضاء ليرضى عنها الرجال باعتبار أن البياض نموذج للجمال عند الرجال يقول لمثل: ياريتنى يا أمه كنت بيضه وبضب، أصل البياض «يا أمه عند الرجال يتحب»، واحيانا ارجعت الأمثال جمال المرأة الى الملابس والزينه «بره ورده، وجوّا قرده»! ولا شك أن الثياب، والزينة هي التي تضفى على المرأة الجمال والإبهار أحيانا:
لبسْ البوصة، تبقى عروسه!
وأخيرًا تشير بعض الأمثال إلى خفة عقل المرأة، وتصرفاتها الناتجة عن ذلك:
هبلة، ومسكوها طبلة!
ولذلك فإن أى حدث تافه قد يؤثر فيها، لكنه فى نفس الوقت يطلعنا على نوعين من النساء: العاقلات والخفيفات العقل!
زمر الزميرة تبان العاقلة م المجنونة!
ورغم تناول الامثال لخفة عقل المرأة الا أنها تعود وتوضح مدى مكرها وذكائها فنجد «حيِّل النسوان غلبت حيِّل الغيلان» والغيلان هى جنس من الشياطين تتراءى للناس وتتلون لهم، ذكر ذلك النووي
«كيد النسا غلب كيد الرجال»
ولذلك على الرجل أن يحذر دائمًا من المرأة.
«آمن للحية ولا تآمن للمرأة» و«النسوان مصايد والرجال تقع فيها» وأيضا «النسوان مصايد الشيطان» و«كيد النسا بالنسا ولا تكيدهن بالعصا»
وفى المقابل أنصفت الامثال الزوج ودوره فى حياة المرأة فى الكثير من الامثلة فتقول: «يا بخت من رضى عنها زوجها»، و«اللى جوزها يقولها: يا عورة يلعبوا بيها الكورةس، واللى يقولها: يا هانم يقفولها على السلالم»، وأظهرت الأمثال المرأة وكأنها تستمد قوتها وحجمها الاجتماعى من الزوج فى العديد من الأمثال : «ضل راجل ولا ضل حيط» و«حرمة من غير راجل زى الطربوش من غير زر» و«اسم الزوج ولا طعم الترمل»، و«اللى جوزها يحبها الشمس تطلع لها» و «إن كان الرجل بحر تكون المرأة جسر»، و»المرة بلا رجال مثل البستان بلا سياج»، و«الجوز رحمة ولو كان فحمة» و«نصيحة المرة ما بتنفع الا المرة» واستمرت الأمثال فى إعطاء الزوج كل الحقوق لدرجة اباحة التلاعب بالمرأة ونرى ذلك فى أمثال مثل»تجوز الارملة واضحك عليها وخذ منمالها واصرف عليها»، و«شاورهن وخالفوا شورهن»، و«اسمع للمرة ولا تؤخذ برايها»، و«بارك الله بالدابة السريعة والمراةالمطيعة».
وامام كل هذه الأمثال السلبية عن البنت والزوجة نجد العكس تماما عن الأم، حيث نرى تأكيد قيمة المرأة «الأم» فى المجتمع مما يدل على النظرة المتناقضة للمرأة عموما فالأمثال أنصفت الأم ووصفتها بالحنان والإيثار ودورها المهم فى التربية والعطف على الأبناء فيقول المثل :«من طعم صغيرى بلحه نزلت حلاوتها فى بطني» و«أسيادى وأسياد أجدادى اللى يعولوا همى وهم أولادي»، وتفضل ابناءها وتراهم بعين مختلفة فيقول المثل : «الخنفسة عند أمها عروسة» و«خنفسة شافت بنتها على الحيط قالت دى لولية فى خيط».
وتتوالى الأمثال التى تمجد المرأة الأم وتقول:
اللى من غير أم حاله يغم
اللى يتعلمه الطفل من أمه يحفظه ويصمه
اللى عنده أمه ما ينحملش همه
يا مخلى الأم تعشعش والأب يطفش
اللى عند أمه بالبيت خبزته مدهونة بزيت.
بعد الأم أحفر وطم
البيت بلا أم زى الجاكت بلا كم
ريحة الام بتلم وريحة الاب بتخم
والأمثال الشعبية المصرية تؤكد ذكورية المجتمع المصرى بشكل كبير حيث رأينا مدى تقليل الامثال لشأن المرأة برغم رفعها لشأن الأم .
وأخيرا يبقى سؤال حائر يبحث عن إجابة منطقية اليست الأم هى الابنة والاخت والزوجة؟!!
* المرأة فى الأمثال الشعبية
د. عبير العشرى