عبدالله العـسري - المرأة في الأمثال الشعبية الأمازيغية بسوس..

تحظى المراة في الثقافة الشعبية الأمازيغية بسوس بالاحترام والتقدير حتى أضحى من العيب نعت المرأة بمكروه درءا لما يمكن أن يحدثه ذلك في الأسرة والمجتمع بصفة عامة، فـلفظة " تمغارت" التي يقابلها في التذكير " أمغار" – وهو سيد القوم – ترمز إلى أن المرأة تضاهي هذا السيد في المرتبة الاجتماعية، هناك لفظة " تاوثمت" التي تعني الأنثى لكنها قليلة الاستعمال إلا في نظم الشعر، ومن تم فالباحث في الأمثال الشعبية التي تهم المرأة يصطدم بالشح في هذا الباب لكون المرأة لدى الأمازيغ قد تعتبر في الذاكرة الشعبية فوق الشبهات، وسنضع بين أيدي المتلقي بعض الأمثال الشعبية التي استقيناها من هذه الذاكرة المعبرة عن أصالة هذا المجتمع الذي أنتجها وسمو قيمه عبر الزمن .

النساء أصناف...

لانت تمغارين، لانت تمغيرين.

- هناك نساء وهناك مثيرات للأعصاب .

فهذا المثل يقال للشاب الباحث عن شريكة العمر تحذيرا له من أن يقع فؤاده على امرأة تعكس آماله وتدمر أعصابه كل يوم وحين، ومن تم يوصى بأن يتريث ويراقب من بعيد الفتاة التي تناسبه، ويتحلى بالصبر قبل أن يقع في فخ العمر فيندم .

ما السبيل للظفر بشريكة العمر ؟

أهان لاصل أيطفور يان غ تمغارين .
- العاقل ينتقي من النساء ذات أصل .

وقد لا يختلف هذا المثل كثيرا عن الأول في أبعاده ، فالعائلات الأمازيغية السوسية تربت في السهول والجبال على قيم دينية واجتماعية ترجع إليها كلما استشكل عليها أمر، ففي الزواج تكون أم العروسة مرجعا أساسيا لعائلة العروس، فهذه الأم هي مرآة ابنتها فإن كانت ذات أصل فالخطاب يتسابقون لخطبة البنت، أما إن كانت سمعة الأم في أوساط هذه العائلات سيئة فالأجدر لهذه الأم أن تهاجر بمعية أسرتها إلى مكان تبدأ فيه صفحة جديدة إنقاذا لمستقبل بناتها .
نظافة المرأة ...

زر ؤدمنس تسوت أغونس
- أنظر إلى وجهها واحتس لبنها.

أولى الأمازيغ النظافة التي يسمونها في أوساطهم " تغوسي " دورا هاما ولو بوسائل بسيطة، ويذمون - سواء من خلال أشعارهم أوفي الأمثال- كل إنسان قذر لا يهتم بنظافة جسمه وملبسه، ومن تم صاغت ذاكرتهم مثلا جامعا يقود المرء إلى امرأة نظيفة، فاللبن ناصع البياض ونظيف ولا تنتجه إلا الأيادي النظيفة ومن تم فقبل شرب اللبن أنظر أولا إلى السيدة التي أنتجته فهي مرآته، فإن كانت نظيفة فاللبن هو الآخر سيكون نظيفا .

الأبناء ضحايا بعض الوالدين ..

كار تمغارت ياوي كيس ؤركاز تاروا ، كار أركاز تاوي كيس تمغارت تاروا.
- شريرة النساء ينعم منها الرجل بالأولاد، وشرير الرجال تنعم منه المرأة بالأولاد.

يلقي هذا المثال بظلاله على نوع العلاقة التي تحكم الزوجين والتي قد تؤدي إلى التوتر داخل الأسرة، غير أن منطوق هذا المثل يحث على الصبر من أجل الأبناء حفاظا على تماسك الأسرة، وقد يلتقي هذا المثال مع معنى الحديث النبوي الشريف القائل بأبغض الحلال عند الله الطلاق ، فالمرأة الشريرة قد تلد أبناء صالحين والرجل الشرير قد يخرج من صلبه أبناء بررة ومن تم فالصبر على المعاشرة من قبل أحد الزوجين قد يفيد المجتمع الذي سيحتضن هؤلاء الأبناء الأبرياء.

وتبرز أهمية هذا المثل في محاولته إقناع الأزواج والزوجات بتجاوز التفكير في حصر المشكل بينهما في ذواتهما فحسب وإنما يتعدى الأمر ذلك إلى الأبناء الذين لا دخل لهم فيما يحدث بين الآباء من شجار قد يكون الأولاد ضحايا ذلك .
 
أعلى