نقوس المهدي
كاتب
مورغان ميرتويل وداميان سيمونين يعلقان هنا لتفكيك الخطاب الإلغائي للعمل الجنسي، من خلال التساؤل حول آثاره على حياة المعنيات: عاملات الجنس. يجب أن لا يُفهَم العمل الجنسي من منظور العنف ضد المرأة فحسب، إنما حان الوقت لسماع صوت اللواتي يتحركْن ويناضلْن من أجل الاعتراف بحقهنْ في حرية التصرف بأجسادهن. وتُطرَح هنا كيفية تحرير العمل الجنسي من الخطاب الإلغائي.
في حزيران الماضي [2012] أعلنت نجاة بلقاسم، وزيرة حقوق المرأة والمتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، عن هدفها: “المشابه للحزب الاشتراكي، هو أن ترى اختفاء العمل الجنسي” (1). هذا الإعلان ليس معزولا: لأنه يأتي عقب إعلان لفرنسوا هولاند خلال حملته الدعائية للانتخابات الرئاسية (2) وبعد التزام تبناه المؤتمر الوطني للحزب الاشتراكي (3). وهو يندرج كذلك في إطار الموقف الإلغائي للعمل الجنسي في فرنسا، الذي أقرته الجمعية الوطنية [البرلمان الفرنسي] في كانون الأول عام 2011 (4)، وعقب صدور تقرير برلماني يقترح تجريم زبائن عاملات الجنس في نيسان 2011 (5). والرغبة في إلغاء العمل الجنسي تتجاوز الانقسامات الحزبية وتستفيد من دعم متنوع: يبدو أن هذا الإلغاء يمثل الاتجاه السائد داخل عدة مجموعات (سياسية، ونقابية، ونسوية) التي تتحرك حاليا ضد العمل الجنسي في فرنسا.
ويعتبر هذا الموقف أن العمل الجنسي ليس مستحسنا للواتي يمارسنه. وبالتالي، تحررهن يتطلب التحرر من العمل الجنسي. هنا سنحاول معالجة مفهوم التحرر هذا. وانطلاقتنا لا تبدأ من تحديد مسبق للتحرر وتطبيقها على العمل الجنسي. كما لا يتعلق الأمر باختيار موقعنا حول العلاقة بين التحرر والعمل الجنسي. كما نهدف إلى طرح تحليل للخطاب الإلغائي، بالإضافة إلى نتائجه على الأشخاص المعنيين|ات، خاصة في إطار النزاع حول العمل الجنسي وباسم التحرر. العودة إلى تاريخ الحركات الإلغائية في فرنسا تُظهِر لنا التعريف التقدمي للعمل الجنسي الذي يعتبره كـ”عنف ضد المرأة” ومفهوم التحرر الذي تَبِعَهُ. في النهاية، سنقوم بإظهار أن التحرر يحاول نزع الشرعية عن عاملات الجنس ويعيد إنتاج الإقصاء والاستغلال والقمع الذي يتعرضْنَ له.
إلغاء العمل الجنسي وتحرر عاملات الجنس
ظهر إلغاء العمل الجنسي في نهاية القرن التاسع عشر، في سياق تنظيمه (6): فجرى تسجيل عاملات الجنس في ملفات، حيث أجبرن على العمل في “بيوت مخصصة للعمل الجنسي” وأخضعن لفحوصات طبية وأمنية (7). وتعرض هذا التنظيم لانتقادات، في انكلترا بداية ومن ثم في فرنسا، وذلك ردا على عدم فعاليته الصحية (فشل الوقاية لحماية عاملات الجنس من وباء السفلس) والظلم الاجتماعي (تشريع الاتجار بالنساء من خلال تنظيم العمل الجنسي). والتقاطع الذي حصل بين الحركات المسيحية (البروتستانتية الإنغليكانية ومن ثم الكاثوليكية الاجتماعية) والموجة الأولى من الحركات النسوية (حركة نساء ضد “تجارة الرقيق الأبيض”)، هذا التقاطع سمح للساعين إلى إلغاء العمل الجنسي للمطالبة بتحرير عاملات الجنس من خلال إلغاء التنظيم.
بعد الحرب العالمية الثانية، اتخذت فرنسا موقفا رسميا لإلغاء العمل الجنسي: إغلاق كل المنازل التي يمارس فيها العمل الجنسي والمنظَمة بموجب القوانين المسماة “مارت ريتشارد” عام 1946، كما صدقت عام 1960 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر والعمل الجنسي، وفي السنة نفسها، منعت كل ملف يتعلق بالعمل الجنسي، واعتبرته “شرا اجتماعيا” وأنشأت خدمات للوقاية ولإعادة التأهيل الاجتماعي. الحركة المؤيدة للإلغاء شجعت ودافعت عن إلغاء، وليس عن تنظيم، العمل الجنسي. ونشأت حركة لو ني (Le Mouvement du Nid) كحركة قريبة من الكاثوليكية الاجتماعية عام 1946 على يد كاهن من الحركة العمالية الكاثوليكية، من أجل “العمل على أسباب ونتائج العمل الجنسي بهدف إلغائه” (8).
عام 1975، تحرك|ت عاملو|ات الجنس، خاصة ضد العنف والقمع الذي تعرضوا|ن له. هذا الحراك انطلق بداية مع دعم من الجمعيات الكاثوليكية التي تدعم إلغاء العمل الجنسي (مثل حركة لو ني في ليون) (9). كما دفعت بعض تيارات حركة تحرر المرأة لأخذ موقف داعم، عادة، لعاملي|ات الجنس (النساء منهم) مع تقديمهن لنقد ضد العمل الجنسي (كمؤسسة بطريركية) (10)، وقد خشيت هذه الحركات من “الخلط المحتمل بين الدفاع عن عاملات الجنس والدفاع عن العمل الجنسي” (11). الدعم النسوي لحراك عاملي|ات الجنس جعل من العمل الجنسي قضية تعني كل النساء. وقلة منهن، جعلن من ذلك قضية تعني عاملي|ات الجنس (12). ويظهر التناقض ضمن الحركة الرامية إلى إلغاء العمل الجنسي: التوفيق بين نقد العمل الجنسي ودعم عاملات الجنس.
اليوم هذه الحركة تأخذ شكلاً غير متجانس. وتتكون من جمعيات الاندماج الاجتماعي (مثل حركة لو ني) أو من الجمعيات المساعِدة لضحايا العنف (جمعية Memoire traumatique et victomologie)، ومجموعات الضغط التي تناضل ضد شبكات الاتجار بالبشر (la Fondation Scelles) أو الدفاع عن الزبائن (شبكة Zero machos)، والمنظمات النسوية (le Collectif National pour le Droit des Femmes أو Osez le feminisme) أو اليسار المناهض للعولمة (أتاك) أو الراديكالي (البديل التحرري). وتدعمه الصحافيات (كلودين لوغاردينيه، وفلورانس مونترينو)، والباحثين (ريشارد بولين، وماري-فيكتوار لويس) أو سياسيين من أحزاب مختلفة (دانيال بوسكيه، روزالين باشلو-ناركين وماري-جورج بوفيه). وتقوم هذه الحركة وفق الآليات الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر (مثل اتفاقية باليرمو (13) )، والنظم التشريعية المحلية التي تعاقب زبائن عاملي|ات الجنس (“النموذج السويدي”) أو السياسات العامة المناهضة للعنف ضد المرأة (المجلس الأعلى للمساواة بين المرأة والرجل). وتنظم الحركة حملات إعلامية في خدمة المطالبات التشريعية (مثل حملة “إلغاء 2012″ التي تطالب بـ”قانون يلغي العمل الجنسي”). الحركة غير متجانسة، لكنها تتلاقى حول موضوع العمل الجنسي.
العمل الجنسي كعنف ضد النساء
الخطاب المؤيد لإلغاء العمل الجنسي يقوم على “نموذج من القمع” (14). ويميز بين ثلاثة أنواع من العمل الجنسي: عاملو|ات الجنس (معظمهن من النساء)، والقوادون والزبائن (وأغلبيتهم الساحقة من الرجال). ضمن هذه المقاربة، العمل الجنسي الذي يمارسه الرجال أو متحولي الجنسي أو إذا كانت النساء من الزبائن أو قوادات يصبح كل ذلك استثناءً إحصائياً ولا يبطل التحليل السياسي. دانيال بوسكيه وغي -;-غيوفروي-;-، واضعا مشروع القانون الذي يجرم الزبائن، يعتبران أن العمل الجنسي كـ”نظام يكون للرجال من خلاله (الذين يشكلون 99 بالمئة من الزبائن) الحق في الحصول وعندما يرغبون على أجساد النساء (اللواتي يشكلن 85 بالمئة من عاملي|ات الجنس)” (15). الأدوار، إذا، جندرية ومجمدة.
الأمر نفسه ينطبق على العلاقات الاجتماعية بين العناصر الثلاثة هذه: عاملات الجنس يُعتبَرن ضحايا قسرية القوادين. والنقاش يتركز حول مسألة خيار العمل الجنسي، المعتبَر [الخيار] غير موجود، وعلى الأقل قليل الحصول. وهذا ينطوي على شكل من القسر في معظم الحالات، سواء كانت جسدية، وإقتصادية، أو نفسية. وبحسب عالم الاجتماع ريشارد بولين على سبيل المثال، “بين 85 و90 بالمئة من عاملات الجنس هن تحت سيطرة قوادين أو شبكة قوادين” (16). وموضوع “الشبكات” يرتبط غالبا بعلاقات النوع الاجتماعي (النساء المعزولات وضحايا الرجال المنظمين)، الاستعباد الجنسي (الابتزاز للحصول على عائدات العمل الجنسي) والهجرة القسرية (رحلة مفروضة نحو البلد حيث ستعمل المرأة في العمل الجنسي) والتلاعب النفسي (التهويل بحق عاملة الجنس أو عائلتها). وضمن التقرير العالمي حول الاستغلال الجنسي الذي نشرته مؤسسة Scelles على سبيل المثال: “وضع عاملات الجنس غير متجانس. المثل الأشهر للعمل الجنس هو الوقوف على الطريق. وفي أغلب الحالات، نجد الشابات من أصل أجنبي (شرق أوروبا، وغرب أفريقيا جنوب الصحراء) واللواتي يجدن أنفسهن ضحايا شبكات منظمة، من تجار المخدرات والقوادين” (17).
وتعتبر عاملات الجنس أيضا ضحايا العنف الذي يمارسه عليهن القوادون والزبائن. ومسألة خيار العمل الجنسي يتم اعتباره متساويا مع موافقة عاملي|ات الجنس عند كل عمل جنسي: ولأن العمل الجنسي ينتج عن عمل قسري، فإن كل عمل جنسي يعتبر اعتداءً جنسيا. كما أن جمعية Memoire traumatique et victimologie تتدخل لمعالجة الآثار النفسية للعنف. وترافق خاصة “الأشخاص في حالة البغاء”، اللواتي تعرضن للعنف الذي أصابهن قبل ممارسة العمل الجنسي، كذلك معالجة الصدمات الناتجة من العنف الجنسي المتلازم مع كل عمل جنسي. وبحسب مورييل سالمونا (طبيبة نفسية، ومعالِجة للصدمات، ورئيسة الجمعية)، “عنف العمل الجنسي بعيد كل البعد عن اختزاله بالاتجار بالنساء أو الذي نسميه “العمل الجنسي القسري”” (18). والرعاية المعالِجة للصدمات النفسية التي تقترحها الجمعية تقوم إذا على مبدأ أن العمل الجنسي، بكونه يقوم على علاقات قسرية ومكررة، يشكل- أيا تكن أشكال ممارسته- عنفا جنسيا، ونتائجه صادمة بالضرورة.
كل هذا الكلام يشكل معنى مشتركا لكل وضع فردي لأي عمل جنسي. استخدام البيانات الإحصائية “العنف واستخدام الإكراه (…) وحقائق مثبتة” (19) و”استحضار أفضل للعاطفة” (20). وتكرار الشهادات التي تزعم حصول عنف شديد يسبب ربطا بين العمل الجنسي بحد ذاته وظروف ممارسته الذي يشكل انتهاكا لكرامة “عاملة الجنس”. هذا الاجتزاء في تنوع الخبرات الفردية إلى بعض الحالات المعتبَرة “ممثلة” هو أمر شبيه باستراتيجيات التحركات المناهضة للبورنو التي درسها غايل روبين: “لقد محونا من دون هاجس فروقات كبيرة- بين الجنس والعنف، وبين الصورة والفعل، وبين الخيال البسيط والاعتداءات التي تستوجب الإدانة، وبين تمثيل ذات صفة جنسية صريحة والعنف الصريح. كلمتا “عنف” و”بورنوغرافيا” أصبحتا غير منفصلتين” (21).
التيارات المتعددة للحركة الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي تتلاقى أيضا حول جوهرانية العمل الجنسي. فالعمل الجنسي، بحسب رأيهم، هو نوع من العنف الجنسي والمتحيز ضد النساء، لأنه عنف يمارسه الرجال على النساء مؤثرا على الحياة الجنسية للأخيرات. وهو يشكل أيضا، نظاما قمعيا: “وسطا إجراميا”، و”تسليعا للجسد”، أو “مؤسسة بطريركية”، أو “شبكة استغلال جنسي” أو حتى “نظاما عاهرا”. عدد من التيارات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي تتلاقى حول هذا الرأي وتلتزم في مشروع مشترك يقوم على مفهوم خاص للتحرر. هذا المشروع يقوم على إقامة نظام للدعم النفسي- الاجتماعي للخروج من “النظام الذي يتحكم بالعمل الجنسي” ووضع تشريع قمعي ضده- أي تطبيق التحرر بالمعنى القانوني للاستحواذ على كيان شخص من خلال منعه بواسطة السلطات أو تقديم القدرات لذلك. بكلمات أخرى، بالنسبة إلى الحركة الهادفة لإلغاء العمل الجنسي، تحرر عاملي|ت الجنس يعني التحرر من العمل الجنسي. ولكن في الوقت نفسه، هذا الخطاب ينتج ويعيد إنتاج عدم أهلية عاملات الجنس، وإقصائهن وقمعهن.
إبطال خطاب عاملي|ات الجنس
من نتائج جوهرانية العمل الجنسي واعتباره عنفا، مع اعتبار “عاملات الجنس” ضحايا، هو إبطال خطابهن. الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يقدم نماذج عديدة من شهادات “الناجيات” من العمل الجنسي، كتجسيد فردي “للنظام الذي يتحكم بالعمل الجنسي” وكضمانة لنجاح نهجه. ولكن عاملي|ات الجنس غالبا ما يعتبروا|ن غير قادرين|ات على القيام بتحليل حول وضعهم|ن الخاص: فتجربة ممارسة العمل الجنسي تمنعهم|ن من قول الحقيقة حول العمل الجنسي. ويمكن العثور على أشكال عديدة من هذا الإبطال لخطاب عاملي|ات الجنس.
المثال الأول، يندرج ضمن خطاب الأطباء النفسيين حول الآثار النفسية للعمل الجنسي، الذي يقوم على الصدمات النفسية التي يسببها. على سبيل المثال أطروحة الطب لجوديت ترينكار عام 2002 (22)، والتي نشرت على نطاق واسع واعتمدتها التيارات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي (23). العمل الجنسي الذي يعرف بأنه “تحطيم متكرر ومنتظم للجسد”، ويسبب “وهناً جسدياً”. هذه السيرورة المعتبَرة “استلابا للجسد” (24)، تُنتج “نظاما نفسيا معقدا للدفاع (…) الذي يؤدي إلى انتاج خطاب متناقض” (25). هذه الإحالات إلى “استلاب الجسد” تنتج رابطا نقديا لما يمكن أن يعبر عنه كل شخص مارس عملا جنسيا، بسبب ردات الفعل النفسية التي تتولد من العنف المرتبط بالعمل الجنسي.
القسرية، المعتبرة ضمن الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي متأصلة في العمل الجنسي، تشكل شكلا آخر لإبطال خطاب عاملي|ات الجنس. وهذا ما نراه من خلال الإحالة إلى “أولا” في النقاشات الحالية. “أولا” هي إحدى قادة الحركة عام 1975، والتي مارست بكل حرية العمل الجنسي. ومن ثم وصفت الدور الذي يقوم به القواد الذي كان زوجها ودعم حجة الحركة الساذجة: “كيف يمكن أن تصدقني؟” (26). من جديد، هذه الإحالات إلى “أولا” تقوم على شك: خطاب عاملو|ات الجنس ليس صحيحا ويجب عدم تصديقه دائما. ويمكن لعاملي|ات الجنس أن يجبروا|ن على الحديث عن العمل الجنسي وتزوير الحقيقة.
نقد تمثيلية خطاب عاملي|ات الجنس يمثل شكلا ثالثا لإبطال خطابهم|ن. وعلى وجه الخصوص، الأشخاص الذين يعلنون أنهم مارسوا العمل الجنسي دون أي إجبار يعتبرونهم أقلية. وبشكل عام، الأشخاص الذين يعبرون عن رأيهم وينظمون أنفسهم يُفقدونهم المصداقية لأن هذه المزاعم تمثل أقلية غير تمثيلية. كريستين لو دواري (الرئيسة السابقة لمركز م.م.م.م. في باريس) تلوم أعضاء نقابة العمل الجنسي (27) وتعتبرهم|ن يشغلون|ن مراكز مرموقة. “عن مصالح من عاملي|ات الجنس تدافع نقابة العمل الجنسي (STRASS)؟ من منهم|ن في البؤس الاقتصادي والاجتماعي، من أرغموا|ن على ذلك، ومن هم|ن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر والمافيا أو أنهم|ن يشكلون جزءا متناغما مع العمل الجنسي المستقل، أو أولاد|بنات عائلات غنية ويقومون|ن بثورة صغيرة؟” (28). تجارب الأشخاص تعتبر غير ممثلة لواقع العمل الجنسي، وبالتالي، يعتبر وضعهم|ن الأقلوي مرادفا لبطلان خطابهم|ن.
المسألة ضمن الحالات المختلفة لإبطال خطاب عاملي|ات الجنس هي بقدرة كل شخص على قول الحقيقة حول كل أنواع العمل الجنسي. ولكن، يبدو أن “تمثيلية عاملة الجنس” بحد ذاتها تمنعها من قول خطابها: العاملون|ات على إلغاء العمل الجنسي هم|ن وحدهم|ن من يحق لهم|ن التعبير بكل شرعية باسم “الأغلبية الصامتة”.
-;-إنتاج و(إعادة) إنتاج الإقصاء والاستغلال والقمع-;-
-;-الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يُظهر “عاملات الجنس” كنساء مرغمات على ممارسة نشاط ضمن مجتمعات بطريركية و|أو رأسمالية. العمل الجنسي يعتبر ذروة عليا لعلاقات الاستغلال والهيمنة المكوِنة لمجتمعاتنا، وخصوصية هذا العمل، بالنسبة إلى أشكال أخرى من العمل، أنه يشكل قمعا بطريركيا واستغلالا رأسماليا، وينبغي أن يندرج ضمن نضالات النساء ونضالات الحركة العمالية. ولكن الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يساهم باستبعاد عاملي|ات الجنس من فئة “النساء” ومن فئة “العمال|العاملات”.-;-
-;-على عكس التحليل الذي يقدمه|نه عاملو|ات الجنس حول عملهم|ن، الجهة المقابلة لا تعتبر العمل الجنسي “عملا”. هذا الرفض يستند مثلا إلى مفهوم معياري للجنسانية، وبحسب المقال المنشور في البديل التحرري عام 2012: “الجنسانية تصبح مجرد خدمة تقدمها عامل|ة جنس. ولكن، حتى عندما نقرأ نصا لماركس، “الأكل والشرب والإنجاب… هي أيضا وظائف مرتبطة بالإنسان”، لكن ذلك ليس عملا. جنسانية الإنسان تمتاز بأنها تنحصر في البحث عن اللذة- ومن ضمنهم النساء- وليس حكيما النضال من أجل الاعتراف به كعمل” (29). وينكر الناشطون|ات في البديل التحرري على عاملي|ات الجنس حقهم|ن في النضال من أجل تأسيس نقابة لهم|ن، ويحاولون|ن نزع الشرعية عن أي شكل من أشكال التنظيم الذاتي. ووُزِع نص على نطاق واسع على شبكات العاملين على إلغاء العمل الجنسي على الانترنت بحيث يعيد فكرة تقول: “النقابات العمالية التقليدية تعتبر أن ثمة عتبة من احترام الكرامة وسلامة الإنسان دونها [العتبة] تصبح العلاقات التعاقدية مستحيلة. حسنا، الكلام عن الدفاع النقابي عن “العمل الجنسي” ينطوي على اعتبار أنه، في العمل الجنسي، هذه العتبة موجودة. وحتى ذلك، وانطلاقا منه، من الممكن تماما إجراء تحسين تدريجي ظروف العمل لعاملات الجنس. الحقيقة تكذب كل مرة هذا الادعاء. المحاولة الوحيدة لتطبيق معايير نقابية للعمل الجنسي قادت إلى الوصول لحالة عبثية تقشعر لها الأبدان” (30). وهناك مثل آخر، حين اعتبرت هنرييت زغبي (الشيوعية ونائبة رئيس المجلس الإقليمي في إيل دو فرانس) في شباط 2010 منظمي|ات مؤتمر العمل الجنسي (31) “مجموعة قوادين، متنكرين بزي عاملات جنس أو حلفاء لعاملات الجنس”. وقد حظيت بدعم واسع من خلال عريضة نشرت في جريدة لومانيتي [شيوعية]، وقد وقع عليها العاملون|ات على إلغاء العمل الجنسي أو نسويات ومنتخبون (32). وقد رفعت نقابة العمل الجنسي دعوى تشهير على هنرييت وقد أدانتها محكمة الاستئناف (33).-;-
-;-لأن الوظيفة الأساسية للجنسانية هي في البحث عن اللذة من جهة، ومن جهة أخرى يشكل العمل الجنسي عنفا ضد المرأة بحد ذاته، وعاملات الجنس يُحرَمن من إمكانية اعتبارهم|ن عمال|عاملات يناضلون|ن من أجل تحسين ظروف عملهم|ن. إذا، الخطاب التقليدي لـ”اليسار” يرفض أن يشمل في نضاله مطالبات عاملي|ات الجنس لأن العمل الجنسي يتعلق بجنسانية النساء اللواتي يمارسنه. للأسباب نفسها، فإن بعض الخطاب النسوي أيضا ينتج إقصاءً لعاملات الجنس من فئة “النساء”. ولا تُعتَبَر عاملات الجنس مشارِكات ملتزِمات في استراتيجية بيع قوة عملهن في مقابل استقلال نسبي بمواجهة نظام بطريركي يقوم على تملك مجاني لهن، النساء اللواتي يمارسن عملا جنسيا يتم حصرهن في خانة العمل الجنسي، وموقعهن في المجتمع غير معتبَر إلا في سياق نشاطهن العملي- كما لو أن عاملة الجنس غير موجودة خارج إطار عملها. كما يمكن قراءة في مقال منشور في مجلة Osez le feminisme عام 2011: “ولكن ما هي الحرية الجنسية لعاملات الجنس؟ أي رغبة؟ أي متعة؟ عاملة الجنس لا تمتع زبونها، ولا تقوم بعلاقة جنسية من أجل المتعة. العلاقة الجنسية خلال هذا العمل لا تتضمن سوى حرية واحدة: حرية الزبون” (34). ومن خلال النظر إلى مطالبات عاملي|ات الجنس الذين واللواتي يُعتَبَرون|ن مناهضين|ات للنسوية، يصبح بإمكان، هذه الحركات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي، أن تستعبد هؤلاء جسديا: فمنظمو مظاهرة نظمتها منظمات نسوية احتجاجا على العنف الممارس ضد المرأة دفعوا المشاركين|ات من نقابة العمل الجنسي وAct Up-Paris وEtudions Gayment، في 5 تشرين الثاني 2011 في باريس. والتحليل حول العمل الجنسي الذي تقدمه الحركات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي أصبح في نهاية المطاف إقصاءً لعاملي|ات الجنس من فئتي “عمال|عاملات| و”نساء” وعزلهم|ن عن النضال الذي تخوضه هذه الفئات.-;-
-;-في السياق عينه، هذا الخطاب يبرر الاستغلال الذي هم وهن عرضة له. فجمعيات مثل Amicale du Nid تدافع عن الاندماج في عالم العمل “الشرعي” كوسيلة لإعادة إدماج اجتماعي لعاملي|ات الجنس. الهدف من المتابعة التي يقوم بها عاملو|ات اجتماعيين|ات هو التعريف بالمعايير المتحكِمة بسوق العمل، من خلال تنظيم ورش عمل “المساعدة لحياة نشطة” أو “إعادة التدريب على العمل”. وذلك من خلال تدريبهم|ن لتكوين خبرة مهنية تساعدهم|ن على الحصول على عمل. هذه التجربة، في معظم الحالات، من خلال مَهمَة بسيطة ومتكررة: داخل ورشة Dagobert de Colombes، حيث يتم تعليم أرشفة الملفات، وتنظيم الطباعة (35). وعبر تمرين طوعي، يمكن أن تقدم تعويضا ولكنه غير خاضع لقانون العمل فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور. ضمن هذه المقاربة، إعادة الإدماج تعني القبول بالقواعد المتحكِمة بسوق العمل “الشرعي”، المعروف بأنه يقوم على القدرة والإرادة لممارسة عمل مؤلم وملزِم، يتطلب مهارات متدنية وذات أجر منخفض.-;-
-;-أكثر من ذلك، الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يعزز قمع عاملي|ات الجنس. فجنحة التحريض السلبي أدرجت ضمن قانون الأمن الداخلي عام 2003. في هذا النص القانوني، جرى الدمج بين العمل الجنسي الذي يطال القاصرين أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مع القسم في القانون الجزائي الذي يتعلق بمحاربة القوادين. وقد اعتبرت جنحة التحريض السلبي كوسيلة لمحاربة القوادين: ونحن نعرف تأثيرها على حياة الناس الذين واللواتي يمارسون|ن العمل الجنسي في الطريق (36)، ولكن لم يظهر أي تقييم لانعكاسات هذا القانون على شبكات القوادين. اليوم، أغلب التيارات العاملة على إلغاء العمل الجنسي تحالفوا لإلغاء التشريع المتعلق بالتحريض السلبي. التعريف القانوني للقوادة، يتضمن “المساعدة والمساهمة أو حماية شخص يقوم بالعمل الجنسي” (المادة 225 الفقرة 5 من القانون الجزائي الفرنسي)، وتشمل أي شكل غير قانوني من التضامن العملي مع أو بين عاملي|ات الجنس. أما الحركات العاملة على إلغاء العمل الجنسي فلا تطالب بإصلاح المواد القانونية المتعلقة بالقوادة.-;-
-;-وعلاوة على ذلك، التيارات نفسها، تتحرك تحت شعار “الاتجار بالبشر”، وتميل إلى إعطاء شرعية لنمو السياسات المناهضة للهجرة التي تقمع عددا من عاملي|ات الجنس. ويمكن قراءة في ديباجية اتفاقية الأمم المتحدة الصادرة عام 1949: “العمل الجنسي والشرور الذي ترافقه، كالاتجار بالبشر بهدف ممارسة العمل الجنسي، تتنافى مع كرامة الإنسان وقيمة الإنسان وتضع حياته في خطر وحياة عائلته ومجتمعه” (37). هذا الإدماج بين العمل الجنسي والاتجار بالبشر يستعيده على سبيل المثال خطاب مؤسسة (Scelles (38، أو بواسطة دانيال بوسكيه وغي غيوفروي. النائبان كتبا في تقريرهما المتعلق بالمعلومات حول العمل الجنسي “أن أكثر من 90 بالمئة من عاملات الجنس في الطرقات بفرنسا هن من جنسيات أجنبية” (39)، ومن ثم كتبا ضمن اقتراح القانون الذي يعاقب الزبائن “أن عاملات الجنس هن أجنبيات، ما يقارب 90 بالمئة هن كذلك ضمن العمل الجنسي على الطريق، وقد أتين من دول يتم فيها اتجار بالبشر” (40). هذا الادماج يقدم شرعية لسياسة مراقبة موجات الهجرة: التي تعتبر كل امرأة مهاجرة وتعمل في العمل الجنسي ضحية لاتجار بالبشر وبالتالي مستغَلة، والوسيلة الأفضل لحماية عاملي|ات الجنس المهاجرين|ات هي بمنعهم|ن من الهجرة (41).-;-
-;-نحو مقاربة مادية وداعمة لمطالبات عاملي|ات الجنس-;-
-;-من الأكيد بالنسبة إلى عدد كبير من الأشخاص، أن ممارسة العمل الجنسي يندرج ضمن مجموعة من التمييزات والإقصاءات والقمع (انتهاكات لحقوق المهاجرين، والانتهاكات بما خص القدرة على الحصول على تدريب وعلى عمل “شرعي” للأقليات الجنسية أو الطبقات الشعبية، والعنف الجنسي والعنصري بشكل عام…) ولكن من المؤكد أن أي مقاربة مادية للنضال من أجل التحرر، إذا أرادت الأخذ بعين الاعتبار العلاقات الاجتماعية، وانطلاقا من استنتجات يمكن التحقق منها، أن تفرض على الأشخاص المعنيين مسار النضال الذي يتعين عليهم سلوكه لتحقيق تحررهم.-;-
-;-لهذا السبب، نضال عاملي|ات الجنس من أجل تحررهم|ن، وأبعد من ذلك، النساء والعمال والعاملات بشكل عام، يجب ألا ينطلق من نزع الشرعية عن خطاب الأشخاص المعنيين، ولكن من خلال الاعتراف بأنهم|ن قادرين|ات على التفكير بأنفسهم|ن بطرق تحررهم|ن، وليس عبر تبني ظواهر يعتبرونها أكثر تمثيلية، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار رأي عاملي|ات الجنس بمجملهم|ن، من خلال تعدديتهم|ن وتعقيدات مساراتهم الفردية، وليس من خلال التواطؤ مع القوانين التي تهمش وتعاقب، ولكن من خلال دعم الحركات النقابية والتنظيم الذاتي، وليس عبر اتباع مقاربة تقول أن وضع عاملي|ات الجنس يختلف نوعيا عن وضع بقية النساء والعمال والعاملات، إنما من خلال تبني مقاربة تتموضع ضمن تقاطع النضالات الاجتماعية من أجل التحرر.-;-
-;-ولأن عاملي|ات الجنس ليسوا مجرد “عاملي|ات جنس”، لكنهم|ن يتعرضون|ن أيضا، أبعد من نشاطهم المهني، لقمع مشترك تتعرض له مجمل الأقليات التي تناضل، وينبغي أن توضع خبراتهم|ن وتحليلاتهم|ن حول الأوضاع التي لا تسمح لهم|ن بالحصول على حقوقهم|ن، بالصحة، والأمن، والكرامة، والأخذ بعين الاعتبار الأشخاص المعرضين للخطر من الناحية الصحية (فيروس نقص المناعة والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي على وجه التحديد)، والتأكيد على ضرورة اعتبارهم|ن فاعلين|ات في الوقاية، والأخذ بعين الاعتبار وضعهم|ن الإداري وتقديم الدعم الثابت بوجه التلاعب بالخطاب حول الاتجار بالبشر الذي يشرِع كل يوم الاعتقالات والطرد.-;-
-;-وبالتالي، إن نضال عاملي|ات الجنس يمكن أن يشكل مدخلا إضافيا لنضالات أشمل ومن المحتمل أنه يفيد نضالات أقليات أخرى. إدراج عاملي|ات الجنس في النضالات الأخرى من أجل التحرر، من حيث الالتزام بدينامية النقد الداخلي لهذه الحركات، لا يمكن إلا أن يكون مفيدا لهم، من خلال المشاركة في التأسيس لفكر تحرري شامل لكل المجموعات المهمشة. -;-
هوامش:
1. Anne-Laure Barret, « Vallaud-Belkacem : “Je souhaite que la prostitution disparaisse” », Le Journal du Dimanche, samedi 23 juin 2012.
2. François Hollande, lettre à la Commission Nationale Droits des Femmes, 3 octobre 2011.
3. Parti socialiste, Convention égalité réelle, 11 décembre 2010.
4. Résolution réaffirmant la position abolitionniste de la France en matière de prostitution, adoptée à l Assemblée Nationale le 6 décembre 2011.
5. Rapport de la mission parlementaire d information sur la prostitution en France, déposé à l Assemblée Nationale le 13 avril 2011.
6. Voir par exemple Alexandre Parent-Duchâtelet, De la Prostitution dans la ville de Paris, considérée sous le rapport de l’hygiène publique, de la morale et de l’administration, 1836.
7. Alain Corbin, Les filles de noces. Misère sexuelle et prostitution au XIX° siècle. Paris, Flammarion, 1982.
8. Statuts du Mouvement du Nid, article 1 (version modifiée en Assemblée générale en juin 2008).
9. Lilian Mathieu, Mobilisations de prostituées, Paris, Belin, 2001.
10. Pour un exemple de ces hésitations et ambivalences, voir la conversation sur le mouvement de 1975 entre Kate Millett, Christine Delphy et Monique Wittig, dans Carole Roussopoulos, Kate Millett parle de la prostitution avec des féministes (Vidéa, 1975).
11. Centre Lyonnais d É-;-tudes Féministes (CLEF), Chronique d une passion, Le Mouvement de Libération des Femmes à Lyon, Paris, L Harmattan, 1989, pp. 65-66.
12. Convention des Nations unies contre la criminalité transnationale organisée, signée à Palerme en décembre 2000.
13. Convention des Nations unies contre la criminalité transnationale organisée, signée à Palerme en décembre 2000.
14. Ronald Weitzer, « The mythology of prostitution : advocacy research and public policy », Sexuality Research and Social Policy vol. 7 n° 1, mars 2010, pp 15-29.
15. Proposition de loi visant à responsabiliser les clients de la prostitution et à renforcer la protection des victimes de la traite des êtres humains et du proxénétisme, déposée à l Assemblée Nationale par Danielle Bousquet et Guy Geoffroy, le 7 décembre 2011 (exposé des motifs, p. 2).
16. Richard Poulin, Prostitution, la mondialisation incarnée : points de vue du Sud, Louvain-la-Neuve/Paris, Centre tricontinental/Syllepse, 2005, p. 18.
17. Yves Charpenel (-dir-.), Rapport mondial sur l exploitation sexuelle. La prostitution au cœur du crime organisé, Paris, Economica, 2012, p. 80.
18. Muriel Salmona, « Des violences traumatisantes et dissociantes, avant, pendant et après la situation prostitutionnelle », intervention au colloque Le système prostitueur : violence machiste archaïque organisé par l association Regards de femmes, 8 octobre 2012, Villeurbanne.
19. Milena Jakš-;-ić-;-, « É-;-tat de littérature. Déconstruire pour dénoncer : la traite des êtres humains en débat », Critique internationale vol. 4, n° 53, 2011, p. 173.
20. Lilian Mathieu, « De l’objectivation à l’émotion. La mobilisation des chiffres dans le mouvement abolitionniste contemporain », Mots. Les langages du politique n° 100, « Chiffres et nombres dans l argumentation politique », novembre 2012, p. 184.
21. Gayle Rubin, « La lutte contre la pornographie », Surveiller et Jouir, Anthropologie politique du sexe, Paris, EPEL, 2010, p. 278-279 et 284.
22. Judith Trinquart, La décorporalisation dans la pratique prostitutionnelle : un obstacle majeur a l’accès aux soins, thèse de doctorat en médecine générale, Université Paris XIII, 2002.
23. La notion de « décorporalisation » est notamment citée sur les sites internet de Mémoire traumatique et victimologie, de la Fondation Scelles, de Prostitution et société (la revue du Mouvement du Nid), de l Amicale du Nid ou encore d Attac.
24. La « décorporalisation » est définie comme le « processus de modification physique et psychique correspondant au développement de troubles sensitifs affectant le schéma corporel et engendrant simultanément un clivage de l’image corporelle, dont le résultat final est la perte de l’investissement plein et entier de son propre corps par une personne » (p. 28).
25. Ibidem, pp. 11-12.
26. Ulla, L Humiliation, Paris, Garnier, 1982.
27. Le Strass est un syndicat de travailleur.se.s du sexe créé en 2009. Il défend notamment le respect des droits fondamentaux et l application du droit commun aux travailleurSEs du sexe afin de garantir le respect de leurs droits fondamentaux.
28. Christine Le Doaré, « « Putophobe » ou STRASSphobe ? Brisons le tabou d’une mixité d’apparence ! », publié sur son blog Nos combats LGBT le 17 mars 2010.
29. Irène, « Prostitution : Le cheval de Troie du capitalisme », Alternative libertaire n° 214, février 2012.
30. Anonyme, « Syndicalisme et prostitution. Quelques questions ambarrassantes ». Pour une autre position sur la syndicalisation des travailleur.ses du sexe à partir d une autre conception du syndicalisme, voir par exemple Wilfried, « La syndicalisation des stripteaseuses et prostituées », Les temps maudits, 2002.
31. Les Assises de la prostitution sont des rencontres annuelles, organisées par le collectif Droits et prostitution et réunissant des travailleur.se.s du sexe et des militant.e.s allié.e.s (notamment du STRASS et d associations de santé communautaire et de lutte contre le sida).
32. « Défendons la liberté d’exprimer des positions abolitionnistes », L Humanité, 9 novembre 2011.
33. Voir le communiqué de presse publié par le STRASS en décembre 2011.
34. Naïma Charai et Iris Naud, « La prostitution, mythes et réalités », Osez le féminisme n° 13, avril 2011, p. 6.
35. Voir le site des ateliers de l ADN92.
36. Voir par exemple les rapports d activité des associations Cabiria et Grisélidis, ou le dossier de presse sur les violences faites aux travailleuses du sexe publié le 17 décembre 2012.
37. Convention pour la répression de la traite des êtres humains et de l exploitation de la prostitution d autrui, adoptée par l Assemblée générale en 1949, ratifiée par la France en 1960.
38. Voir par exemple le Rapport mondial sur l exploitation sexuelle (op. cit.).
39. Rapport de la mission d information sur la prostitution en France, présidée par Danielle Bousquet, présenté à l Assemblée Nationale par Guy Geoffroy le 13 avril 2011 (p. 34).
40. Proposition de loi visant à responsabiliser les clients de la prostitution et à renforcer la protection des victimes de la traite des êtres humains et du proxénétisme, déposée à l Assemblée Nationale par Danielle Bousquet et Guy Geoffroy, le 7 décembre 2011 (exposé des motifs, p. 2).
41. Françoise Guillemaut, « Entre trafic et migrations des femmes, une hypocrisie au service des pays riches », Hommes et Migrations n° 1248, mars-avril 2004, pp. 75-87 -;- Milena Jakš-;-ić-;-, « Figures de la victime de la traite des êtres humains : de la victime idéale à la victime coupable », Cahiers internationaux de sociologie vol. 1 n° 124, 2008, p. 127-146
.
في حزيران الماضي [2012] أعلنت نجاة بلقاسم، وزيرة حقوق المرأة والمتحدثة باسم الحكومة الفرنسية، عن هدفها: “المشابه للحزب الاشتراكي، هو أن ترى اختفاء العمل الجنسي” (1). هذا الإعلان ليس معزولا: لأنه يأتي عقب إعلان لفرنسوا هولاند خلال حملته الدعائية للانتخابات الرئاسية (2) وبعد التزام تبناه المؤتمر الوطني للحزب الاشتراكي (3). وهو يندرج كذلك في إطار الموقف الإلغائي للعمل الجنسي في فرنسا، الذي أقرته الجمعية الوطنية [البرلمان الفرنسي] في كانون الأول عام 2011 (4)، وعقب صدور تقرير برلماني يقترح تجريم زبائن عاملات الجنس في نيسان 2011 (5). والرغبة في إلغاء العمل الجنسي تتجاوز الانقسامات الحزبية وتستفيد من دعم متنوع: يبدو أن هذا الإلغاء يمثل الاتجاه السائد داخل عدة مجموعات (سياسية، ونقابية، ونسوية) التي تتحرك حاليا ضد العمل الجنسي في فرنسا.
ويعتبر هذا الموقف أن العمل الجنسي ليس مستحسنا للواتي يمارسنه. وبالتالي، تحررهن يتطلب التحرر من العمل الجنسي. هنا سنحاول معالجة مفهوم التحرر هذا. وانطلاقتنا لا تبدأ من تحديد مسبق للتحرر وتطبيقها على العمل الجنسي. كما لا يتعلق الأمر باختيار موقعنا حول العلاقة بين التحرر والعمل الجنسي. كما نهدف إلى طرح تحليل للخطاب الإلغائي، بالإضافة إلى نتائجه على الأشخاص المعنيين|ات، خاصة في إطار النزاع حول العمل الجنسي وباسم التحرر. العودة إلى تاريخ الحركات الإلغائية في فرنسا تُظهِر لنا التعريف التقدمي للعمل الجنسي الذي يعتبره كـ”عنف ضد المرأة” ومفهوم التحرر الذي تَبِعَهُ. في النهاية، سنقوم بإظهار أن التحرر يحاول نزع الشرعية عن عاملات الجنس ويعيد إنتاج الإقصاء والاستغلال والقمع الذي يتعرضْنَ له.
إلغاء العمل الجنسي وتحرر عاملات الجنس
ظهر إلغاء العمل الجنسي في نهاية القرن التاسع عشر، في سياق تنظيمه (6): فجرى تسجيل عاملات الجنس في ملفات، حيث أجبرن على العمل في “بيوت مخصصة للعمل الجنسي” وأخضعن لفحوصات طبية وأمنية (7). وتعرض هذا التنظيم لانتقادات، في انكلترا بداية ومن ثم في فرنسا، وذلك ردا على عدم فعاليته الصحية (فشل الوقاية لحماية عاملات الجنس من وباء السفلس) والظلم الاجتماعي (تشريع الاتجار بالنساء من خلال تنظيم العمل الجنسي). والتقاطع الذي حصل بين الحركات المسيحية (البروتستانتية الإنغليكانية ومن ثم الكاثوليكية الاجتماعية) والموجة الأولى من الحركات النسوية (حركة نساء ضد “تجارة الرقيق الأبيض”)، هذا التقاطع سمح للساعين إلى إلغاء العمل الجنسي للمطالبة بتحرير عاملات الجنس من خلال إلغاء التنظيم.
بعد الحرب العالمية الثانية، اتخذت فرنسا موقفا رسميا لإلغاء العمل الجنسي: إغلاق كل المنازل التي يمارس فيها العمل الجنسي والمنظَمة بموجب القوانين المسماة “مارت ريتشارد” عام 1946، كما صدقت عام 1960 على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر والعمل الجنسي، وفي السنة نفسها، منعت كل ملف يتعلق بالعمل الجنسي، واعتبرته “شرا اجتماعيا” وأنشأت خدمات للوقاية ولإعادة التأهيل الاجتماعي. الحركة المؤيدة للإلغاء شجعت ودافعت عن إلغاء، وليس عن تنظيم، العمل الجنسي. ونشأت حركة لو ني (Le Mouvement du Nid) كحركة قريبة من الكاثوليكية الاجتماعية عام 1946 على يد كاهن من الحركة العمالية الكاثوليكية، من أجل “العمل على أسباب ونتائج العمل الجنسي بهدف إلغائه” (8).
عام 1975، تحرك|ت عاملو|ات الجنس، خاصة ضد العنف والقمع الذي تعرضوا|ن له. هذا الحراك انطلق بداية مع دعم من الجمعيات الكاثوليكية التي تدعم إلغاء العمل الجنسي (مثل حركة لو ني في ليون) (9). كما دفعت بعض تيارات حركة تحرر المرأة لأخذ موقف داعم، عادة، لعاملي|ات الجنس (النساء منهم) مع تقديمهن لنقد ضد العمل الجنسي (كمؤسسة بطريركية) (10)، وقد خشيت هذه الحركات من “الخلط المحتمل بين الدفاع عن عاملات الجنس والدفاع عن العمل الجنسي” (11). الدعم النسوي لحراك عاملي|ات الجنس جعل من العمل الجنسي قضية تعني كل النساء. وقلة منهن، جعلن من ذلك قضية تعني عاملي|ات الجنس (12). ويظهر التناقض ضمن الحركة الرامية إلى إلغاء العمل الجنسي: التوفيق بين نقد العمل الجنسي ودعم عاملات الجنس.
اليوم هذه الحركة تأخذ شكلاً غير متجانس. وتتكون من جمعيات الاندماج الاجتماعي (مثل حركة لو ني) أو من الجمعيات المساعِدة لضحايا العنف (جمعية Memoire traumatique et victomologie)، ومجموعات الضغط التي تناضل ضد شبكات الاتجار بالبشر (la Fondation Scelles) أو الدفاع عن الزبائن (شبكة Zero machos)، والمنظمات النسوية (le Collectif National pour le Droit des Femmes أو Osez le feminisme) أو اليسار المناهض للعولمة (أتاك) أو الراديكالي (البديل التحرري). وتدعمه الصحافيات (كلودين لوغاردينيه، وفلورانس مونترينو)، والباحثين (ريشارد بولين، وماري-فيكتوار لويس) أو سياسيين من أحزاب مختلفة (دانيال بوسكيه، روزالين باشلو-ناركين وماري-جورج بوفيه). وتقوم هذه الحركة وفق الآليات الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر (مثل اتفاقية باليرمو (13) )، والنظم التشريعية المحلية التي تعاقب زبائن عاملي|ات الجنس (“النموذج السويدي”) أو السياسات العامة المناهضة للعنف ضد المرأة (المجلس الأعلى للمساواة بين المرأة والرجل). وتنظم الحركة حملات إعلامية في خدمة المطالبات التشريعية (مثل حملة “إلغاء 2012″ التي تطالب بـ”قانون يلغي العمل الجنسي”). الحركة غير متجانسة، لكنها تتلاقى حول موضوع العمل الجنسي.
العمل الجنسي كعنف ضد النساء
الخطاب المؤيد لإلغاء العمل الجنسي يقوم على “نموذج من القمع” (14). ويميز بين ثلاثة أنواع من العمل الجنسي: عاملو|ات الجنس (معظمهن من النساء)، والقوادون والزبائن (وأغلبيتهم الساحقة من الرجال). ضمن هذه المقاربة، العمل الجنسي الذي يمارسه الرجال أو متحولي الجنسي أو إذا كانت النساء من الزبائن أو قوادات يصبح كل ذلك استثناءً إحصائياً ولا يبطل التحليل السياسي. دانيال بوسكيه وغي -;-غيوفروي-;-، واضعا مشروع القانون الذي يجرم الزبائن، يعتبران أن العمل الجنسي كـ”نظام يكون للرجال من خلاله (الذين يشكلون 99 بالمئة من الزبائن) الحق في الحصول وعندما يرغبون على أجساد النساء (اللواتي يشكلن 85 بالمئة من عاملي|ات الجنس)” (15). الأدوار، إذا، جندرية ومجمدة.
الأمر نفسه ينطبق على العلاقات الاجتماعية بين العناصر الثلاثة هذه: عاملات الجنس يُعتبَرن ضحايا قسرية القوادين. والنقاش يتركز حول مسألة خيار العمل الجنسي، المعتبَر [الخيار] غير موجود، وعلى الأقل قليل الحصول. وهذا ينطوي على شكل من القسر في معظم الحالات، سواء كانت جسدية، وإقتصادية، أو نفسية. وبحسب عالم الاجتماع ريشارد بولين على سبيل المثال، “بين 85 و90 بالمئة من عاملات الجنس هن تحت سيطرة قوادين أو شبكة قوادين” (16). وموضوع “الشبكات” يرتبط غالبا بعلاقات النوع الاجتماعي (النساء المعزولات وضحايا الرجال المنظمين)، الاستعباد الجنسي (الابتزاز للحصول على عائدات العمل الجنسي) والهجرة القسرية (رحلة مفروضة نحو البلد حيث ستعمل المرأة في العمل الجنسي) والتلاعب النفسي (التهويل بحق عاملة الجنس أو عائلتها). وضمن التقرير العالمي حول الاستغلال الجنسي الذي نشرته مؤسسة Scelles على سبيل المثال: “وضع عاملات الجنس غير متجانس. المثل الأشهر للعمل الجنس هو الوقوف على الطريق. وفي أغلب الحالات، نجد الشابات من أصل أجنبي (شرق أوروبا، وغرب أفريقيا جنوب الصحراء) واللواتي يجدن أنفسهن ضحايا شبكات منظمة، من تجار المخدرات والقوادين” (17).
وتعتبر عاملات الجنس أيضا ضحايا العنف الذي يمارسه عليهن القوادون والزبائن. ومسألة خيار العمل الجنسي يتم اعتباره متساويا مع موافقة عاملي|ات الجنس عند كل عمل جنسي: ولأن العمل الجنسي ينتج عن عمل قسري، فإن كل عمل جنسي يعتبر اعتداءً جنسيا. كما أن جمعية Memoire traumatique et victimologie تتدخل لمعالجة الآثار النفسية للعنف. وترافق خاصة “الأشخاص في حالة البغاء”، اللواتي تعرضن للعنف الذي أصابهن قبل ممارسة العمل الجنسي، كذلك معالجة الصدمات الناتجة من العنف الجنسي المتلازم مع كل عمل جنسي. وبحسب مورييل سالمونا (طبيبة نفسية، ومعالِجة للصدمات، ورئيسة الجمعية)، “عنف العمل الجنسي بعيد كل البعد عن اختزاله بالاتجار بالنساء أو الذي نسميه “العمل الجنسي القسري”” (18). والرعاية المعالِجة للصدمات النفسية التي تقترحها الجمعية تقوم إذا على مبدأ أن العمل الجنسي، بكونه يقوم على علاقات قسرية ومكررة، يشكل- أيا تكن أشكال ممارسته- عنفا جنسيا، ونتائجه صادمة بالضرورة.
كل هذا الكلام يشكل معنى مشتركا لكل وضع فردي لأي عمل جنسي. استخدام البيانات الإحصائية “العنف واستخدام الإكراه (…) وحقائق مثبتة” (19) و”استحضار أفضل للعاطفة” (20). وتكرار الشهادات التي تزعم حصول عنف شديد يسبب ربطا بين العمل الجنسي بحد ذاته وظروف ممارسته الذي يشكل انتهاكا لكرامة “عاملة الجنس”. هذا الاجتزاء في تنوع الخبرات الفردية إلى بعض الحالات المعتبَرة “ممثلة” هو أمر شبيه باستراتيجيات التحركات المناهضة للبورنو التي درسها غايل روبين: “لقد محونا من دون هاجس فروقات كبيرة- بين الجنس والعنف، وبين الصورة والفعل، وبين الخيال البسيط والاعتداءات التي تستوجب الإدانة، وبين تمثيل ذات صفة جنسية صريحة والعنف الصريح. كلمتا “عنف” و”بورنوغرافيا” أصبحتا غير منفصلتين” (21).
التيارات المتعددة للحركة الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي تتلاقى أيضا حول جوهرانية العمل الجنسي. فالعمل الجنسي، بحسب رأيهم، هو نوع من العنف الجنسي والمتحيز ضد النساء، لأنه عنف يمارسه الرجال على النساء مؤثرا على الحياة الجنسية للأخيرات. وهو يشكل أيضا، نظاما قمعيا: “وسطا إجراميا”، و”تسليعا للجسد”، أو “مؤسسة بطريركية”، أو “شبكة استغلال جنسي” أو حتى “نظاما عاهرا”. عدد من التيارات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي تتلاقى حول هذا الرأي وتلتزم في مشروع مشترك يقوم على مفهوم خاص للتحرر. هذا المشروع يقوم على إقامة نظام للدعم النفسي- الاجتماعي للخروج من “النظام الذي يتحكم بالعمل الجنسي” ووضع تشريع قمعي ضده- أي تطبيق التحرر بالمعنى القانوني للاستحواذ على كيان شخص من خلال منعه بواسطة السلطات أو تقديم القدرات لذلك. بكلمات أخرى، بالنسبة إلى الحركة الهادفة لإلغاء العمل الجنسي، تحرر عاملي|ت الجنس يعني التحرر من العمل الجنسي. ولكن في الوقت نفسه، هذا الخطاب ينتج ويعيد إنتاج عدم أهلية عاملات الجنس، وإقصائهن وقمعهن.
إبطال خطاب عاملي|ات الجنس
من نتائج جوهرانية العمل الجنسي واعتباره عنفا، مع اعتبار “عاملات الجنس” ضحايا، هو إبطال خطابهن. الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يقدم نماذج عديدة من شهادات “الناجيات” من العمل الجنسي، كتجسيد فردي “للنظام الذي يتحكم بالعمل الجنسي” وكضمانة لنجاح نهجه. ولكن عاملي|ات الجنس غالبا ما يعتبروا|ن غير قادرين|ات على القيام بتحليل حول وضعهم|ن الخاص: فتجربة ممارسة العمل الجنسي تمنعهم|ن من قول الحقيقة حول العمل الجنسي. ويمكن العثور على أشكال عديدة من هذا الإبطال لخطاب عاملي|ات الجنس.
المثال الأول، يندرج ضمن خطاب الأطباء النفسيين حول الآثار النفسية للعمل الجنسي، الذي يقوم على الصدمات النفسية التي يسببها. على سبيل المثال أطروحة الطب لجوديت ترينكار عام 2002 (22)، والتي نشرت على نطاق واسع واعتمدتها التيارات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي (23). العمل الجنسي الذي يعرف بأنه “تحطيم متكرر ومنتظم للجسد”، ويسبب “وهناً جسدياً”. هذه السيرورة المعتبَرة “استلابا للجسد” (24)، تُنتج “نظاما نفسيا معقدا للدفاع (…) الذي يؤدي إلى انتاج خطاب متناقض” (25). هذه الإحالات إلى “استلاب الجسد” تنتج رابطا نقديا لما يمكن أن يعبر عنه كل شخص مارس عملا جنسيا، بسبب ردات الفعل النفسية التي تتولد من العنف المرتبط بالعمل الجنسي.
القسرية، المعتبرة ضمن الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي متأصلة في العمل الجنسي، تشكل شكلا آخر لإبطال خطاب عاملي|ات الجنس. وهذا ما نراه من خلال الإحالة إلى “أولا” في النقاشات الحالية. “أولا” هي إحدى قادة الحركة عام 1975، والتي مارست بكل حرية العمل الجنسي. ومن ثم وصفت الدور الذي يقوم به القواد الذي كان زوجها ودعم حجة الحركة الساذجة: “كيف يمكن أن تصدقني؟” (26). من جديد، هذه الإحالات إلى “أولا” تقوم على شك: خطاب عاملو|ات الجنس ليس صحيحا ويجب عدم تصديقه دائما. ويمكن لعاملي|ات الجنس أن يجبروا|ن على الحديث عن العمل الجنسي وتزوير الحقيقة.
نقد تمثيلية خطاب عاملي|ات الجنس يمثل شكلا ثالثا لإبطال خطابهم|ن. وعلى وجه الخصوص، الأشخاص الذين يعلنون أنهم مارسوا العمل الجنسي دون أي إجبار يعتبرونهم أقلية. وبشكل عام، الأشخاص الذين يعبرون عن رأيهم وينظمون أنفسهم يُفقدونهم المصداقية لأن هذه المزاعم تمثل أقلية غير تمثيلية. كريستين لو دواري (الرئيسة السابقة لمركز م.م.م.م. في باريس) تلوم أعضاء نقابة العمل الجنسي (27) وتعتبرهم|ن يشغلون|ن مراكز مرموقة. “عن مصالح من عاملي|ات الجنس تدافع نقابة العمل الجنسي (STRASS)؟ من منهم|ن في البؤس الاقتصادي والاجتماعي، من أرغموا|ن على ذلك، ومن هم|ن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر والمافيا أو أنهم|ن يشكلون جزءا متناغما مع العمل الجنسي المستقل، أو أولاد|بنات عائلات غنية ويقومون|ن بثورة صغيرة؟” (28). تجارب الأشخاص تعتبر غير ممثلة لواقع العمل الجنسي، وبالتالي، يعتبر وضعهم|ن الأقلوي مرادفا لبطلان خطابهم|ن.
المسألة ضمن الحالات المختلفة لإبطال خطاب عاملي|ات الجنس هي بقدرة كل شخص على قول الحقيقة حول كل أنواع العمل الجنسي. ولكن، يبدو أن “تمثيلية عاملة الجنس” بحد ذاتها تمنعها من قول خطابها: العاملون|ات على إلغاء العمل الجنسي هم|ن وحدهم|ن من يحق لهم|ن التعبير بكل شرعية باسم “الأغلبية الصامتة”.
-;-إنتاج و(إعادة) إنتاج الإقصاء والاستغلال والقمع-;-
-;-الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يُظهر “عاملات الجنس” كنساء مرغمات على ممارسة نشاط ضمن مجتمعات بطريركية و|أو رأسمالية. العمل الجنسي يعتبر ذروة عليا لعلاقات الاستغلال والهيمنة المكوِنة لمجتمعاتنا، وخصوصية هذا العمل، بالنسبة إلى أشكال أخرى من العمل، أنه يشكل قمعا بطريركيا واستغلالا رأسماليا، وينبغي أن يندرج ضمن نضالات النساء ونضالات الحركة العمالية. ولكن الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يساهم باستبعاد عاملي|ات الجنس من فئة “النساء” ومن فئة “العمال|العاملات”.-;-
-;-على عكس التحليل الذي يقدمه|نه عاملو|ات الجنس حول عملهم|ن، الجهة المقابلة لا تعتبر العمل الجنسي “عملا”. هذا الرفض يستند مثلا إلى مفهوم معياري للجنسانية، وبحسب المقال المنشور في البديل التحرري عام 2012: “الجنسانية تصبح مجرد خدمة تقدمها عامل|ة جنس. ولكن، حتى عندما نقرأ نصا لماركس، “الأكل والشرب والإنجاب… هي أيضا وظائف مرتبطة بالإنسان”، لكن ذلك ليس عملا. جنسانية الإنسان تمتاز بأنها تنحصر في البحث عن اللذة- ومن ضمنهم النساء- وليس حكيما النضال من أجل الاعتراف به كعمل” (29). وينكر الناشطون|ات في البديل التحرري على عاملي|ات الجنس حقهم|ن في النضال من أجل تأسيس نقابة لهم|ن، ويحاولون|ن نزع الشرعية عن أي شكل من أشكال التنظيم الذاتي. ووُزِع نص على نطاق واسع على شبكات العاملين على إلغاء العمل الجنسي على الانترنت بحيث يعيد فكرة تقول: “النقابات العمالية التقليدية تعتبر أن ثمة عتبة من احترام الكرامة وسلامة الإنسان دونها [العتبة] تصبح العلاقات التعاقدية مستحيلة. حسنا، الكلام عن الدفاع النقابي عن “العمل الجنسي” ينطوي على اعتبار أنه، في العمل الجنسي، هذه العتبة موجودة. وحتى ذلك، وانطلاقا منه، من الممكن تماما إجراء تحسين تدريجي ظروف العمل لعاملات الجنس. الحقيقة تكذب كل مرة هذا الادعاء. المحاولة الوحيدة لتطبيق معايير نقابية للعمل الجنسي قادت إلى الوصول لحالة عبثية تقشعر لها الأبدان” (30). وهناك مثل آخر، حين اعتبرت هنرييت زغبي (الشيوعية ونائبة رئيس المجلس الإقليمي في إيل دو فرانس) في شباط 2010 منظمي|ات مؤتمر العمل الجنسي (31) “مجموعة قوادين، متنكرين بزي عاملات جنس أو حلفاء لعاملات الجنس”. وقد حظيت بدعم واسع من خلال عريضة نشرت في جريدة لومانيتي [شيوعية]، وقد وقع عليها العاملون|ات على إلغاء العمل الجنسي أو نسويات ومنتخبون (32). وقد رفعت نقابة العمل الجنسي دعوى تشهير على هنرييت وقد أدانتها محكمة الاستئناف (33).-;-
-;-لأن الوظيفة الأساسية للجنسانية هي في البحث عن اللذة من جهة، ومن جهة أخرى يشكل العمل الجنسي عنفا ضد المرأة بحد ذاته، وعاملات الجنس يُحرَمن من إمكانية اعتبارهم|ن عمال|عاملات يناضلون|ن من أجل تحسين ظروف عملهم|ن. إذا، الخطاب التقليدي لـ”اليسار” يرفض أن يشمل في نضاله مطالبات عاملي|ات الجنس لأن العمل الجنسي يتعلق بجنسانية النساء اللواتي يمارسنه. للأسباب نفسها، فإن بعض الخطاب النسوي أيضا ينتج إقصاءً لعاملات الجنس من فئة “النساء”. ولا تُعتَبَر عاملات الجنس مشارِكات ملتزِمات في استراتيجية بيع قوة عملهن في مقابل استقلال نسبي بمواجهة نظام بطريركي يقوم على تملك مجاني لهن، النساء اللواتي يمارسن عملا جنسيا يتم حصرهن في خانة العمل الجنسي، وموقعهن في المجتمع غير معتبَر إلا في سياق نشاطهن العملي- كما لو أن عاملة الجنس غير موجودة خارج إطار عملها. كما يمكن قراءة في مقال منشور في مجلة Osez le feminisme عام 2011: “ولكن ما هي الحرية الجنسية لعاملات الجنس؟ أي رغبة؟ أي متعة؟ عاملة الجنس لا تمتع زبونها، ولا تقوم بعلاقة جنسية من أجل المتعة. العلاقة الجنسية خلال هذا العمل لا تتضمن سوى حرية واحدة: حرية الزبون” (34). ومن خلال النظر إلى مطالبات عاملي|ات الجنس الذين واللواتي يُعتَبَرون|ن مناهضين|ات للنسوية، يصبح بإمكان، هذه الحركات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي، أن تستعبد هؤلاء جسديا: فمنظمو مظاهرة نظمتها منظمات نسوية احتجاجا على العنف الممارس ضد المرأة دفعوا المشاركين|ات من نقابة العمل الجنسي وAct Up-Paris وEtudions Gayment، في 5 تشرين الثاني 2011 في باريس. والتحليل حول العمل الجنسي الذي تقدمه الحركات الهادفة إلى إلغاء العمل الجنسي أصبح في نهاية المطاف إقصاءً لعاملي|ات الجنس من فئتي “عمال|عاملات| و”نساء” وعزلهم|ن عن النضال الذي تخوضه هذه الفئات.-;-
-;-في السياق عينه، هذا الخطاب يبرر الاستغلال الذي هم وهن عرضة له. فجمعيات مثل Amicale du Nid تدافع عن الاندماج في عالم العمل “الشرعي” كوسيلة لإعادة إدماج اجتماعي لعاملي|ات الجنس. الهدف من المتابعة التي يقوم بها عاملو|ات اجتماعيين|ات هو التعريف بالمعايير المتحكِمة بسوق العمل، من خلال تنظيم ورش عمل “المساعدة لحياة نشطة” أو “إعادة التدريب على العمل”. وذلك من خلال تدريبهم|ن لتكوين خبرة مهنية تساعدهم|ن على الحصول على عمل. هذه التجربة، في معظم الحالات، من خلال مَهمَة بسيطة ومتكررة: داخل ورشة Dagobert de Colombes، حيث يتم تعليم أرشفة الملفات، وتنظيم الطباعة (35). وعبر تمرين طوعي، يمكن أن تقدم تعويضا ولكنه غير خاضع لقانون العمل فيما يتعلق بالحد الأدنى للأجور. ضمن هذه المقاربة، إعادة الإدماج تعني القبول بالقواعد المتحكِمة بسوق العمل “الشرعي”، المعروف بأنه يقوم على القدرة والإرادة لممارسة عمل مؤلم وملزِم، يتطلب مهارات متدنية وذات أجر منخفض.-;-
-;-أكثر من ذلك، الخطاب الهادف إلى إلغاء العمل الجنسي يعزز قمع عاملي|ات الجنس. فجنحة التحريض السلبي أدرجت ضمن قانون الأمن الداخلي عام 2003. في هذا النص القانوني، جرى الدمج بين العمل الجنسي الذي يطال القاصرين أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة مع القسم في القانون الجزائي الذي يتعلق بمحاربة القوادين. وقد اعتبرت جنحة التحريض السلبي كوسيلة لمحاربة القوادين: ونحن نعرف تأثيرها على حياة الناس الذين واللواتي يمارسون|ن العمل الجنسي في الطريق (36)، ولكن لم يظهر أي تقييم لانعكاسات هذا القانون على شبكات القوادين. اليوم، أغلب التيارات العاملة على إلغاء العمل الجنسي تحالفوا لإلغاء التشريع المتعلق بالتحريض السلبي. التعريف القانوني للقوادة، يتضمن “المساعدة والمساهمة أو حماية شخص يقوم بالعمل الجنسي” (المادة 225 الفقرة 5 من القانون الجزائي الفرنسي)، وتشمل أي شكل غير قانوني من التضامن العملي مع أو بين عاملي|ات الجنس. أما الحركات العاملة على إلغاء العمل الجنسي فلا تطالب بإصلاح المواد القانونية المتعلقة بالقوادة.-;-
-;-وعلاوة على ذلك، التيارات نفسها، تتحرك تحت شعار “الاتجار بالبشر”، وتميل إلى إعطاء شرعية لنمو السياسات المناهضة للهجرة التي تقمع عددا من عاملي|ات الجنس. ويمكن قراءة في ديباجية اتفاقية الأمم المتحدة الصادرة عام 1949: “العمل الجنسي والشرور الذي ترافقه، كالاتجار بالبشر بهدف ممارسة العمل الجنسي، تتنافى مع كرامة الإنسان وقيمة الإنسان وتضع حياته في خطر وحياة عائلته ومجتمعه” (37). هذا الإدماج بين العمل الجنسي والاتجار بالبشر يستعيده على سبيل المثال خطاب مؤسسة (Scelles (38، أو بواسطة دانيال بوسكيه وغي غيوفروي. النائبان كتبا في تقريرهما المتعلق بالمعلومات حول العمل الجنسي “أن أكثر من 90 بالمئة من عاملات الجنس في الطرقات بفرنسا هن من جنسيات أجنبية” (39)، ومن ثم كتبا ضمن اقتراح القانون الذي يعاقب الزبائن “أن عاملات الجنس هن أجنبيات، ما يقارب 90 بالمئة هن كذلك ضمن العمل الجنسي على الطريق، وقد أتين من دول يتم فيها اتجار بالبشر” (40). هذا الادماج يقدم شرعية لسياسة مراقبة موجات الهجرة: التي تعتبر كل امرأة مهاجرة وتعمل في العمل الجنسي ضحية لاتجار بالبشر وبالتالي مستغَلة، والوسيلة الأفضل لحماية عاملي|ات الجنس المهاجرين|ات هي بمنعهم|ن من الهجرة (41).-;-
-;-نحو مقاربة مادية وداعمة لمطالبات عاملي|ات الجنس-;-
-;-من الأكيد بالنسبة إلى عدد كبير من الأشخاص، أن ممارسة العمل الجنسي يندرج ضمن مجموعة من التمييزات والإقصاءات والقمع (انتهاكات لحقوق المهاجرين، والانتهاكات بما خص القدرة على الحصول على تدريب وعلى عمل “شرعي” للأقليات الجنسية أو الطبقات الشعبية، والعنف الجنسي والعنصري بشكل عام…) ولكن من المؤكد أن أي مقاربة مادية للنضال من أجل التحرر، إذا أرادت الأخذ بعين الاعتبار العلاقات الاجتماعية، وانطلاقا من استنتجات يمكن التحقق منها، أن تفرض على الأشخاص المعنيين مسار النضال الذي يتعين عليهم سلوكه لتحقيق تحررهم.-;-
-;-لهذا السبب، نضال عاملي|ات الجنس من أجل تحررهم|ن، وأبعد من ذلك، النساء والعمال والعاملات بشكل عام، يجب ألا ينطلق من نزع الشرعية عن خطاب الأشخاص المعنيين، ولكن من خلال الاعتراف بأنهم|ن قادرين|ات على التفكير بأنفسهم|ن بطرق تحررهم|ن، وليس عبر تبني ظواهر يعتبرونها أكثر تمثيلية، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار رأي عاملي|ات الجنس بمجملهم|ن، من خلال تعدديتهم|ن وتعقيدات مساراتهم الفردية، وليس من خلال التواطؤ مع القوانين التي تهمش وتعاقب، ولكن من خلال دعم الحركات النقابية والتنظيم الذاتي، وليس عبر اتباع مقاربة تقول أن وضع عاملي|ات الجنس يختلف نوعيا عن وضع بقية النساء والعمال والعاملات، إنما من خلال تبني مقاربة تتموضع ضمن تقاطع النضالات الاجتماعية من أجل التحرر.-;-
-;-ولأن عاملي|ات الجنس ليسوا مجرد “عاملي|ات جنس”، لكنهم|ن يتعرضون|ن أيضا، أبعد من نشاطهم المهني، لقمع مشترك تتعرض له مجمل الأقليات التي تناضل، وينبغي أن توضع خبراتهم|ن وتحليلاتهم|ن حول الأوضاع التي لا تسمح لهم|ن بالحصول على حقوقهم|ن، بالصحة، والأمن، والكرامة، والأخذ بعين الاعتبار الأشخاص المعرضين للخطر من الناحية الصحية (فيروس نقص المناعة والأمراض المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي على وجه التحديد)، والتأكيد على ضرورة اعتبارهم|ن فاعلين|ات في الوقاية، والأخذ بعين الاعتبار وضعهم|ن الإداري وتقديم الدعم الثابت بوجه التلاعب بالخطاب حول الاتجار بالبشر الذي يشرِع كل يوم الاعتقالات والطرد.-;-
-;-وبالتالي، إن نضال عاملي|ات الجنس يمكن أن يشكل مدخلا إضافيا لنضالات أشمل ومن المحتمل أنه يفيد نضالات أقليات أخرى. إدراج عاملي|ات الجنس في النضالات الأخرى من أجل التحرر، من حيث الالتزام بدينامية النقد الداخلي لهذه الحركات، لا يمكن إلا أن يكون مفيدا لهم، من خلال المشاركة في التأسيس لفكر تحرري شامل لكل المجموعات المهمشة. -;-
هوامش:
1. Anne-Laure Barret, « Vallaud-Belkacem : “Je souhaite que la prostitution disparaisse” », Le Journal du Dimanche, samedi 23 juin 2012.
2. François Hollande, lettre à la Commission Nationale Droits des Femmes, 3 octobre 2011.
3. Parti socialiste, Convention égalité réelle, 11 décembre 2010.
4. Résolution réaffirmant la position abolitionniste de la France en matière de prostitution, adoptée à l Assemblée Nationale le 6 décembre 2011.
5. Rapport de la mission parlementaire d information sur la prostitution en France, déposé à l Assemblée Nationale le 13 avril 2011.
6. Voir par exemple Alexandre Parent-Duchâtelet, De la Prostitution dans la ville de Paris, considérée sous le rapport de l’hygiène publique, de la morale et de l’administration, 1836.
7. Alain Corbin, Les filles de noces. Misère sexuelle et prostitution au XIX° siècle. Paris, Flammarion, 1982.
8. Statuts du Mouvement du Nid, article 1 (version modifiée en Assemblée générale en juin 2008).
9. Lilian Mathieu, Mobilisations de prostituées, Paris, Belin, 2001.
10. Pour un exemple de ces hésitations et ambivalences, voir la conversation sur le mouvement de 1975 entre Kate Millett, Christine Delphy et Monique Wittig, dans Carole Roussopoulos, Kate Millett parle de la prostitution avec des féministes (Vidéa, 1975).
11. Centre Lyonnais d É-;-tudes Féministes (CLEF), Chronique d une passion, Le Mouvement de Libération des Femmes à Lyon, Paris, L Harmattan, 1989, pp. 65-66.
12. Convention des Nations unies contre la criminalité transnationale organisée, signée à Palerme en décembre 2000.
13. Convention des Nations unies contre la criminalité transnationale organisée, signée à Palerme en décembre 2000.
14. Ronald Weitzer, « The mythology of prostitution : advocacy research and public policy », Sexuality Research and Social Policy vol. 7 n° 1, mars 2010, pp 15-29.
15. Proposition de loi visant à responsabiliser les clients de la prostitution et à renforcer la protection des victimes de la traite des êtres humains et du proxénétisme, déposée à l Assemblée Nationale par Danielle Bousquet et Guy Geoffroy, le 7 décembre 2011 (exposé des motifs, p. 2).
16. Richard Poulin, Prostitution, la mondialisation incarnée : points de vue du Sud, Louvain-la-Neuve/Paris, Centre tricontinental/Syllepse, 2005, p. 18.
17. Yves Charpenel (-dir-.), Rapport mondial sur l exploitation sexuelle. La prostitution au cœur du crime organisé, Paris, Economica, 2012, p. 80.
18. Muriel Salmona, « Des violences traumatisantes et dissociantes, avant, pendant et après la situation prostitutionnelle », intervention au colloque Le système prostitueur : violence machiste archaïque organisé par l association Regards de femmes, 8 octobre 2012, Villeurbanne.
19. Milena Jakš-;-ić-;-, « É-;-tat de littérature. Déconstruire pour dénoncer : la traite des êtres humains en débat », Critique internationale vol. 4, n° 53, 2011, p. 173.
20. Lilian Mathieu, « De l’objectivation à l’émotion. La mobilisation des chiffres dans le mouvement abolitionniste contemporain », Mots. Les langages du politique n° 100, « Chiffres et nombres dans l argumentation politique », novembre 2012, p. 184.
21. Gayle Rubin, « La lutte contre la pornographie », Surveiller et Jouir, Anthropologie politique du sexe, Paris, EPEL, 2010, p. 278-279 et 284.
22. Judith Trinquart, La décorporalisation dans la pratique prostitutionnelle : un obstacle majeur a l’accès aux soins, thèse de doctorat en médecine générale, Université Paris XIII, 2002.
23. La notion de « décorporalisation » est notamment citée sur les sites internet de Mémoire traumatique et victimologie, de la Fondation Scelles, de Prostitution et société (la revue du Mouvement du Nid), de l Amicale du Nid ou encore d Attac.
24. La « décorporalisation » est définie comme le « processus de modification physique et psychique correspondant au développement de troubles sensitifs affectant le schéma corporel et engendrant simultanément un clivage de l’image corporelle, dont le résultat final est la perte de l’investissement plein et entier de son propre corps par une personne » (p. 28).
25. Ibidem, pp. 11-12.
26. Ulla, L Humiliation, Paris, Garnier, 1982.
27. Le Strass est un syndicat de travailleur.se.s du sexe créé en 2009. Il défend notamment le respect des droits fondamentaux et l application du droit commun aux travailleurSEs du sexe afin de garantir le respect de leurs droits fondamentaux.
28. Christine Le Doaré, « « Putophobe » ou STRASSphobe ? Brisons le tabou d’une mixité d’apparence ! », publié sur son blog Nos combats LGBT le 17 mars 2010.
29. Irène, « Prostitution : Le cheval de Troie du capitalisme », Alternative libertaire n° 214, février 2012.
30. Anonyme, « Syndicalisme et prostitution. Quelques questions ambarrassantes ». Pour une autre position sur la syndicalisation des travailleur.ses du sexe à partir d une autre conception du syndicalisme, voir par exemple Wilfried, « La syndicalisation des stripteaseuses et prostituées », Les temps maudits, 2002.
31. Les Assises de la prostitution sont des rencontres annuelles, organisées par le collectif Droits et prostitution et réunissant des travailleur.se.s du sexe et des militant.e.s allié.e.s (notamment du STRASS et d associations de santé communautaire et de lutte contre le sida).
32. « Défendons la liberté d’exprimer des positions abolitionnistes », L Humanité, 9 novembre 2011.
33. Voir le communiqué de presse publié par le STRASS en décembre 2011.
34. Naïma Charai et Iris Naud, « La prostitution, mythes et réalités », Osez le féminisme n° 13, avril 2011, p. 6.
35. Voir le site des ateliers de l ADN92.
36. Voir par exemple les rapports d activité des associations Cabiria et Grisélidis, ou le dossier de presse sur les violences faites aux travailleuses du sexe publié le 17 décembre 2012.
37. Convention pour la répression de la traite des êtres humains et de l exploitation de la prostitution d autrui, adoptée par l Assemblée générale en 1949, ratifiée par la France en 1960.
38. Voir par exemple le Rapport mondial sur l exploitation sexuelle (op. cit.).
39. Rapport de la mission d information sur la prostitution en France, présidée par Danielle Bousquet, présenté à l Assemblée Nationale par Guy Geoffroy le 13 avril 2011 (p. 34).
40. Proposition de loi visant à responsabiliser les clients de la prostitution et à renforcer la protection des victimes de la traite des êtres humains et du proxénétisme, déposée à l Assemblée Nationale par Danielle Bousquet et Guy Geoffroy, le 7 décembre 2011 (exposé des motifs, p. 2).
41. Françoise Guillemaut, « Entre trafic et migrations des femmes, une hypocrisie au service des pays riches », Hommes et Migrations n° 1248, mars-avril 2004, pp. 75-87 -;- Milena Jakš-;-ić-;-, « Figures de la victime de la traite des êtres humains : de la victime idéale à la victime coupable », Cahiers internationaux de sociologie vol. 1 n° 124, 2008, p. 127-146
.