محمد امين الباهي - زواج الأجساد .

“مشكلة الزواج مارست البشرية زناها في المعابد أكثر من المبغى!!!. هذه هي الحقيقة ، تأخرنا عليها كثيرا. صحيح انها غريبة ولكنها قريبة …” عبد الرزاق الجبران . ان المرأة والرجل منذ ظهور انماط المجتمعات المشاعية وكذا الطبقية عبودية كانت منها او اقطاعية حتى بلوغ المجتمعات البرجوازية، قد جمعا تاريخيا بفوضى وجود دينية عرفية، خرجت بالزواج من صورته الطبيعية الدالة على الصنو الوجودي الواقعي، الى صورة متحكمة فيها دينيا تدل على شرعية الزوج -مشتري الجسد بقيمة نقدية- تحت ستار ديني مكشوف الذي يغيب اكبر رابط بين الطرفين هو الحب . هنا تحول الزواج كمفردة اخدت وجودها من الطبيعة وقوانينها في زوجية متوائمة ومندمجة الى مفردة دينية تأخد شرعيتها من عقد يكتبه رجل دين له السلطة الاولى لجمع بين جسدين حتى ان كان الطرف الضعيف -المرأة- مرغما بحكم ضعف موقعه من داخل مجتمع طبقي تسود فيه العقلية الذكورية وضغوط سلطة ألاب والمصلحة المادية … و من جهة اخرى ساد في مثل هكذا مجتمعات فكرة ان ﺃﻋﻈﻢ ﺇﻧﺠﺎﺯ ﻟﻠﻤﺮﺃﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﺰﻭﺍﺝ ﻭتحولها ﻷﻟﺔ ﺇﻧﺠﺎﺏ ترضي نصفها الاخر ممتنتا بفضله الذي قدم لها لحاف الستر واكمال دينها وتلبية غرائز بطنها وفرجها، ﻟﺬﻟﻚ ﻧﺮﻯ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﻓﻴﻪ ﻛﺒﻴﺮ ﻭﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ في الاماكن العامة وحتى الخاصة ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﺗﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩﺍﺕ ﺍﻟﺘﺎﻟﻴﺔ: “ﻣﺘﺰﻭﺟﺔ ؟” ﻭ “ﻛﻢ ﻭﻟﺪ ﻋﻨﺪﻙ ؟” ﻭﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺮﺩ ﺑﺎﻟﻨﻔﻲ ﻟﻠﺴﺆﺍﻟﻴﻦ، ﻫﻨﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻗﻞ ﺣﻈﺎً ﻭﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ ﻧﻈﺮﻫﻢ وتدنوا من نظرتهم والاقلال من شأنها لأنها على حسب فهمهم اما غير كاملة ب أنوثتها او لتاريخ أسلافها ، ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺗﻜﺎﺩ ﺗﺨﻠﻮ هاته ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﻣﻦ ﺃﻫﺪﺍﻑ ﻋﻈﻴﻤﺔ ﻓﻌﻼً “ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺠﺎﻝ ﺩﺭﺍﺳﺘﻚِ ؟” … “ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﻜﺎﻧﺘﻚِ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ؟” … “ﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﻘﺪﺭﺍﺗﻚِ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻭﻣﺴﺘﻮﺍﻙِ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮﻱ ؟” ،ﻷﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻄﺮﻭﺣﺔ ﻟﻠﻨﻘﺎﺵ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻓﺎﺷﻞ تسطوا عليه هيمتنة العقلية الذكورية حتى صارت المرأة من داخله تعيش مغللة بالثقافة السائدة الرجعية عاجزة ﻋﻦ ﺻﻨﻊ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﻣﺮموﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﻟﻤﺜﻴﻼﺗﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ كل هاته ﺍﻟﻌﺎﺩﺍﺕ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﺍﻟﺮﻛﻴﻜﺔ، فاﻟﺰﻭﺍﺝ ﻭﺍﻹﻧﺠﺎﺏ اصبح عندها الطريق ﺳﻬﻞ لتفادي نظرات المجتمع لها كعانس ان لم تلتحق بقطار الزواج وان التقدم نحو العمر يفتح لها باب الويلات والاتهامات ، لذلك نجد ان من النادر واﻟﺼﻌﺐ ان يسمح لهن ﻓﻲ ﺃﺧﺘﻴﺎﺭ ﺃﻗﺮﺍنهن لزواج عن حب لا شيء اخر، لذلك من الصعب ﻫﻮ ﺃﻥ يجسد الزواج بفهمه الصحيح زواج القلوب لا الاجساد البعيد عن المصلحة سواءا كانت مادية او طبقية … من الصعب ايضا ﻫﻮ ﺃﻥ ﻳﺮﺗﻘﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﻨﺴﺎﺋﻪ ﻭﻻ ﻳﻌﺎﻣﻠﻬﻦ ﻛﻤﺎﻛﻨﺔ ﺗﻔﺮﻳﺦ ﺃﻭ ﺧﺎﺩﻣﺔ ﻣﻨﺰﻟﻴﺔ مادام المعتقدات التي تتحكم في عقلية الجماهير وسيكولوجيتها تعطي الحق للأب والدين في تقرير مصير حياة الزوجة بكبح حقها في اختيار شريك زواجها … ﺍﻟﺼﻌﺐ ايضا ﻫﻮ ﺃﻥ تخلع مجتمعاتنا الشرقية ﻋﺒﺎﺋﺔ ﺃﺟﺪﺍﺩنا ﻭﻋﺎﺩﺍﺗﻬﻢ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍلقبلية ﺍﻟﺤﺠﺮﻳﺔ ﻭان تلبس ﺭﺩﺍﺀ ﺍﻟﺘﺤﻀﺮ ونصنع مصائرنا بأنفسنا … ﺻﺪﻕ ﻣﺎﺭﻛﺲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻝ : “ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻘﺪﺍﺭ ﺗﻘﺪﻡ ﺃﻭ ﺗﺨﻠﻒ ﺃﻱ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻻ ﻋﻠﻴﻚ ﺳﻮﻯ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﻓﻴﻪ”
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...