منقول - المرأة في المكتبة العربيّة

قد يتصوّر البعض وعلى رأسهم المستشرقون ومن نهج نهجهم في آرائه ونحا نحوهم في تفكيره ، أن المسلمين العرب من علماء واُدباء أهملوا شأن المرأة ولم يكتبوا عن أحوالها وابداعاتها في شتى المجالات ، بل استخفوا بالنساء فلم يعتنوا بهن ولم يخصوهن بالتأليف أو يفردوا لهنّ التصانيف .
وهذا التصور الخاطىء مردود لا بينة عليه ، بل البينة قائمة على عكسه . فالذي يطالع الموسوعات الأدبية والمعاجم وفهارس الكتب المؤلفة ، يتجلى له بوضوح زيف هذا الادعاء ويرى أمامه مجموعة كبيرة من تآليف حسان وتصانيف ملاح خصّوها بالمرأة وجنسها ، وأجلوا فيها أسرارها وأخبارها ، ولم يدعوا أمرا أدركوا صلته بهنّ إلا تكلّموا عليه وبحثوا فيه .
ونحن نسعى بحمد الله وتوفيقه لجمع هذا التراث النسوي العظيم تحت عنوان « معجم ما ألّف عن النساء » والذي رأينا من لطائفه وظرائفه كلّ معجب مطرب ، وسمعنا من أخبار النساء وأحاديثهنّ وأسرارهنّ كلّ رقيق جميل .

ونستطيع أن تقسّم ما ألّف عن النساء حسب عدّة مواضيع :

1 ـ فقد ألّفوا عن نساء الجاهلية كتبا كثيرة منها :

1 ـ « الموؤدات » : لهشام بن محمد الكلبي النسّابة الاخباري المعروف المتوفى سنة 206 هـ (1).
2 ـ « المعروفات من نساء قريش » : لابن الكلبي أيضا (2).
3 ـ « مناكح أزواج العرب » : له أيضا (3).
4 ـ « المردفات من قريش » : لعلي بن محمد المدائني المحدّث المتكلم المتوفى سنة 225 هـ (4).
5 ـ « الكلبيات » : له أيضا (5).

2 ـ وألّفوا عن نساء النبي واُمهاته بالرضاع وبناته عددا كبيرا من الكتب منها :

1 ـ « اُمّهات النبي صلى الله عليه وآله » : للمدائني (6).
2 ـ « اُمّهات النبي صلى الله عليه وآله » : لابن الكلبي (7).
3 ـ « أزواج النبي صلى الله عليه وآله » : لمحمد بن عمر الواقدي ، المتوفى سنة 207 هـ (8).
4 ـ « بنات النبي صلى الله عليه وآله وأزواجه » : لأحمد الرقي الرواية المعروف (9).
5 ـ « أزواج النبي صلى الله عليه وآله » : : لمحمد بن عمر المعروف بابن القوطيّة ، كان نحويّا لغويّا أديبا شاعرا ، توفي سنة 367 هـ (10).
6 ـ « أزواج النبي صلى الله عليه وآله » : لابن الكلبي (11).

3 ـ ومما كتبوه عن نساء المسلمين ممن اُوتين الشهرة والملك :

1 ـ « اُمهات السبعة من قريش » : لمحمد بن حبيبالمتوفى سنة 245 هـ (12).
2 ـ « اُمهات الخلفاء » : لابن الكلبي (13).
3 ـ « مَن تزوّج من نساء الخلفاء » : للمدائني (14).

4 ـ ثم ألفوا في أخبار النساء كتبا كثيرة بيّنوا فيها أحوالهنّ وطبائعهن وطرق معائشهنّ وأوصافهن ، وما يعجبن به أو يعرضن عنه ، وما قيل فيهنّ أو روي عنهنّ منها :

1 ـ « النساء » : للجاحظ المتوفى سنة 255 (15).
2 ـ « النساء » : للهيثم بن عدي المتوفى سنة 209 هـ (16).
3 ـ « النساء » : لحفص بن عمر العمري (17).
4 ـ « أخبار النساء » : لهارون بن علي المنجم (18).
5 ـ « أخبار النساء » : للمدائني (19).
6 ـ « أخبار النساء » : للرقي (20).
7 ـ « النساء » : لابراهيم بن القاسم القيرواني (21).
8 ـ « أخبار النساء » : لابن الحاجب النعمان (22).

5 ـ وألّفوا في الموضوعات الخاصة بالنساء ، وبيّنوا أحوالهنّ الدينيّة في كتب شتى ، مثل كتب « الحيض » و « العدة » ، و « الرضاع » ، و « الطلاق » ، و « الصداق » ، و « الشغار » ، وغيرها . وهذه الكتب وافرة كثيرة . مذكورة في فهارس الكتب .

6 ـ وأفردوا للتزيّن والتجمّل والتحلّي كتبا كثيرة ، وذلك لأنها اُمور ذات شأن عند النساء منها :

1 ـ « الثياب والحلي » لأحمد بن سعد أبو الحسين الكاتب الشاعر (23).
2 ـ « الحلي » : لأحمد بن فارس اللغوي المعروف المتوفى سنة 369 هـ (24).
3 ـ « الزينة 4 » : للرقي (25).
4 ـ « التزيّن » : له أيضا (26).
5 ـ « فخر المشط على المرآة » : لعلي بن محمد الظاهري الميكالي (27).

7 ـ وبما أن الظرف أحلى خصائص المرأة فألّفوا فيه كتبا كثيرة منها :

1 ـ « المتظرفات » : لأحمد بن أبي طاهر ، المتوفى سنة 280 هـ (28).
2 ـ « المتظرفين والمتظرفات » : لعبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر (29).
3 ـ « المتظرفات » : لمحمد بن أحمد الوشاء أبي الطيب النحوي المتوفى سنة 325 هـ (30).
4 ـ « عرائس المجالس » : لمحمد بن أحمد بن عبد الله الكاتب المعروف بالمفجع ، الشاعر الشيعي المتوفى سنة 327 هـ (31).
5 ـ « المحبوبات والمكروهات » : للرقي (32).

8 ـ وقد ألّفوا في حياة النساء الخاصّة في دُورهنّ وصلتهن بأزواجهن ، منها :

1 ـ « اختلاف الزوجين » : للشافعي (33).
2 ـ « مَن هجاها زوجها » : للمدائني (34).
3 ـ « مَن شَكَت زوجها » : للمدائني ايضا (35).
4 ـ « مَن مُيِّل عنها زوجها »: للمدائني ايضا (36).
5 ـ « مَن نُهيت عن تزويج رجل فتزوجته » : للمدائني أيضا (37).
6 ـ « من وافقت كنيته كنية زوجته » : لمحمد بن عبدالله بن حيويه (38).

وهناك كتب كثيرة اُلّفت من مواضيع اُخرى مثل : علاقة الرجل بزوجته ، الشذوذ الجنسي ، الحبائب والمتطرّفات ، أخبار السواقط من النساء ، أخبار الجواري ، والمغنيات والنوائح . وقد تركنا ذكر هذه الكتب هنا لعدم الجدوى من ذكرها .

المرأة والشعر :
إنّ الشعر مرآة تنعكس على صفحتها الحياة والحياة عِبر ودروس ، والسعيد من وُعظ بغيره . والشعر فن ، والفن سمو وارتقاع وصفاء . والشعر نزهة ومتعة ، وعظة وعِبرة لمن شاء أن يعتبر. وهو : يجمع الحبّ ولوعته ، والرثاء وحسرته ، والهجاء ولذعته ، والوصف وبهجته ، والفخر وعزّته ، والاعتذار وذلّته .
والمرأة بما لديها من عواطف جيّاشه وأحاسيس مرهفة أودعها الخالق فيها لحكمة ما ، نراها تخوض هذا البحر المتلاطمة أمواجه ، فتكتب الشعر العاطفي تارة ، والحماسي تارة أخرى . وتفاخر بنسبها وقومها أحيانا ، وتعبّر عمّا يجيش في خاطرها أحيانا أخرى .
ويختلف الباحثون والكتّاب في دور المرأة في هذا المجال إلى قسمين :

القسم الأول :
يذهب إلى أنّ للمرأة العربية المسلمة دورا فعالا في انشاد الشعر في مختلف مجالاته وبالأخص في الرثاء ، حتى أنهم يذهبون إلى أنّ عظمة الشاعرية عند المرأة مما خلّدته الأيام . ولم تستطع محوه الأعوام ، وانّ عددا من المؤلفين كتبوا في ذلك كتبا عديدة :

منهم : فخرالدين بن مظفر بن الطراح المتوفى سنة 694 هـ ألّف كتابا في الشواعر اللاتي يستشهد بشعرهنّ في العربية . ويقع هذا الكتاب في عدّة مجلّدات ، رأى السيوطي منها الجلد السادس (39).
ومن هذا يتضح أنّ للنساء شعرا جيدا وبليغا بحيث يستشهد به في اللغة العربية .

ومنهم : جلال الدين السيوطي المتوفى سنة 911 هـ ، ألّف كتابا باسم « نزهة الجلساء في أشعار النساء » جمع فيه أشعارا لأربعين امرأة ، حقّقه عبد اللطيف عاشور ، ونشرته مكتبة القرآن الكريم بالقاهرة .

ومنهم : محمد بن عمران المرزباني الرواية الاخباري المتوفى سنة 384 هـ له كتاب « أشعار النساء » (40).

ومنهم : أحمد بن أبي طيفور ، المتوفى سنة 280 هـ ، له كتاب « بلاغات النساء » ، ذكر فيه كلامهنّ وأخبارهنّ وأشعارهنّ في الجاهلية والاسلام . طبع في قم من منشورات بصيرتي .

ومنهم : محمد بن أحمد بن عبدالله الكاتب المعروف بالمفجع المتوفى سنة 327 هـ ، له كتاب « أشعار الجواري » (41).

القسم الثاني :

ويذهب إلى عدم حضور المرأة في مجال الشعر ، بل أنّ البعض منهم قال : إنّ شعر النساء الجيد لا يجتمع منه إلا صفحات .
وقال الاستاذ العقّاد : الاستعداد للشعر نادر ، وانه بين النساء اندر . فالمرأة قد تحسن كتابه القصص ، وقد تحسن التمثيل ، وقد تحسن الرقص الفني من ضروب الفنون الجميلة ولكنّها لا تحسن الشعر ، ولما يشتمل تأريخ الدنيا كلّه بعد على شاعرة عظيمة ؛ لأنّ الانوثة ـ من حيث هي انوثة ـ ليست معبّرة عن عواطفها ، ولا هي غلابة تستولي على الشخصية الاُخرى التي تقابلها ، بل هي أدنى إلى كتمان العاطفة واخفائها ، وأدنى إلى تسليم وجودها لمن يستولي عليها زوج أو حبيب . ومتى فقدت الشخصية صدق التعبير وصدقت الرغبة في التوسع والامتداد واشتمال الكائنات كلها ، فالذي يبقى لها من عظمة الشاعرية قليل .
وقال آخر : لم تكن الشواعر المعروفات من الجواري والعقائل في الدولتين العباسية والاندلسيّة إلا مقلّدات مرددات .
ولا شكّ ولا ريب أنّ أصحاب هذا الرأي متطرّفون كثيرا في قولهم ، كيف يؤمنون بعدم شاعرية المرأة ومنهنّ من كتب الشعر حتى اصبح يُستشهد بشعرها في اثبات قواعد اللغة العربية كما قاله ابن الطّرّاح ؟
ونحن لا نذهب إلى أن شاعرية المرأة بمستوى شاعرية الرجل ، سواء من حيث الكم أو النوع ؛ لأنّ المرأة شأنا ومستوى تختلف فيهما عن الرجل ، وهذا مما لا ينكره أحد .



1 ـ معجم الادباء 19 : 288 . ـ 292 ، الفهرست لابن النديم : 108.
2 ـ الفهرست 109.
3 ـ الفهرست : 109.
4 ـ معجم الادباء 14 : 133 .
5 ـ الفهرست : 114. معجم الادباء 14 : 136.
6 ـ معجم الادباء 142 : 133.
7 ـ الفهرست : 109.
8 ـ الفهرست : 111.
9 ـ معجم الادباء 14 : 133 ، الوافي بالوفيّات 3 : 219 ..
10 ـ معجم الادباء 18 : 275.
11 ـ الفهرست : 109.
12 ـ معجم الادباء 18 : 115 ـ 117 الفهرست : 119 .
13 ـ الفهرست : 109.
14 ـ الفهرست : 114.
15 ـ معجم الادباء 16 : 107.
16 ـ معجم الادباء 19 : 310 ، الفهرست : 112.
17 ـ الفهرست : 113.
18 ـ معجم الادباء 19 : 262.
19 و 20 ـ معجم الادباء 14 : 133.
21 ـ معجم الادباء 14 : 216.
22 ـ الفهرست : 149.
23 ـ معجم الادباء 3 : 39.
24 ـ معجم الادباء 4 : 84.
25 و 26 ـ معجم الادباء 4 : 133.
27 ـ معجم الادباء 14 : 156.
28 و29 ـ الفهرست : 164.
30 ـ الفهرست : 93 .
31 ـ معجم الادباء 17 : 194 الفهرست : 91 .
32 ـ معجم الادباء 4 : 134 .
33 ـ معجم الادباء 19 : 324 ـ 327 .
34 و 35 و 36 و 37 ـ معجم الادباء 14 : 133 .
38 ـ مخطوط .
39 ـ الاعلام لخير الدين الزركلي 3 : 224 و 7 : 256.
40 معجم الادباء 18 : 269.
41 ـ معجم الادباء : 17 : 194 .
 
أعلى