نقوس المهدي
كاتب
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وآله أجمعين زادك الله في الأدب رغبةً وللعوم محبة ووفقك للحجة ودلك على المحجة وأعانك على طلبك بالرشد وأظفرك بالغرض عند الفحص سألتني أعزك الله أن أثبت لك أبياتاً من تشبيهات الشعراء الواقعة وبدائعهم فيها الظريفة وقد تقدم الناس أعزك الله في اختيار الشعر وتمييزه غير أنهم لم يصنفوه أبواباً وذلك أن الشعر مقسوم على ثلاثة أنحاء منه المثل السائر كقول الأخطل
فأقسم المجدُ حقاً لا يحالفهم ... حتى يحالفَ بطنَ الراحةِ العشرُ
وكقول الفرزدق
أما العدوُّ فإنا لا نلينُ له ... حتى يلينَ لضرسِ الماضغِ الحجرُ
ومنه الاستعارة الغريبة كقول الطرماح
فقلتُ لها يا أمَّ بيضاء إنه ... هريق شبابي واستشنَّ أديمى
وكقول الحطيئة
قد ناضلوك فأبدوا من كنائنهم ... مجداً تليداً ونبلاً غيرَ أنكاسِ
ومنه التشبيه الواقع النادر كقول امرئ القيس في العقاب
كأنَّ قلوبَ الطيرِ رطباً ويابساً ... لدى وكرها العنابُ والحشفُ البالِ
وكقول عديّ بن الرقاع في وصف الثور البري
تزجى أغنَّ كأنَّ إبرةَ روقهِ ... قلم أصابَ من الدواةِ مدادَها
وما خرج من هذه الأقسام الثلاثة فكلام وسط أو دون لا طائل فيه ولا فائدة معه ورأيت أجلَّ هذه الأنحاء وأصعبها على صانعها التشبيه وذلك أنه لا يقع إلا لمن طال تأمله ولف حسه وميزَ بين الأشياء بلطيف فكره وأنا أثبت لك في هذا الكتاب أبياتاً من التشبيه مختارة وأتخلل المعاني المختلفة والتشبيهات المتداولة إلى الأبيات الطريفة النادرة وأقتصر على جملة يكون لك فيها حظ ومتعة وتأدب ورياضة وأتجنب الإطالة التي يتلقاها الملالةُ وأتبع ذلك بكتاب في الأمثال وكتاب في الاستعارة وبالله الحول والقوة.
ونبتدئ على اسم الله بتشبيهات خالق الأشياء جل وعز في كتابه إنه كان أكمل شاهدٍ وأوضح حجة فمما شبه به الأشخاص المماثلة قوله عز وجل " والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم " وقوله عز وجل " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " وقوله " كأنهن الياقوت والمرجان " " وكأنهن بيض مكنون " وقوله في تشبيه الأفعال " والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا " وقوله " مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف " ومثل هذا كثير في القرآن وبالله نستعين على كل مطلوب والعرب أيدك الله تشبه بكأنَّ كقول امرئ القيس
كأنَّ عيونَ الوحش حولَ خبائنا ... وأرحلنا الجزعُ الذي لم يثقبِ
وبكمنْ كقول أوس بن حجر
فإنكما يا ابنَيْ جنابٍ وجدتما ... كنْ دبَّ يستخفي وفي الحلقِ جلجل
وبالكافِ كقوله
ونارٍ كسحرِ العودِ يرفعُ ضوءها ... مع الليلِ هباتُ الرياحِ الصواردِ
وبمثلٍ كقولِ السلامي
مثل التي يحسبها أهلها ... عذراء بكراً وهي في التاسعِ
وبكما كقولِ كعبِ بن زهير
ولا تمسكُ بالعهدِ الذي عهدت ... إلا كما يمسك الماء الغرابيلُ
وبكمثلِ وكأمثال وتخال وتظن وتكاد وما أشبهها وبإضمار أحد هذه الحروف إذا لم يتسع للشاعر إقامة الوزن بإظهاره كقوله
سموتُ إليها بعدَ ما نامَ أهلُها ... سموَّ حبابِ الماءِ حالاً على حالِ
أراد مثلَ سموِ حبابِ الماء
.
وصلى الله تعالى على سيدنا محمد وآله أجمعين زادك الله في الأدب رغبةً وللعوم محبة ووفقك للحجة ودلك على المحجة وأعانك على طلبك بالرشد وأظفرك بالغرض عند الفحص سألتني أعزك الله أن أثبت لك أبياتاً من تشبيهات الشعراء الواقعة وبدائعهم فيها الظريفة وقد تقدم الناس أعزك الله في اختيار الشعر وتمييزه غير أنهم لم يصنفوه أبواباً وذلك أن الشعر مقسوم على ثلاثة أنحاء منه المثل السائر كقول الأخطل
فأقسم المجدُ حقاً لا يحالفهم ... حتى يحالفَ بطنَ الراحةِ العشرُ
وكقول الفرزدق
أما العدوُّ فإنا لا نلينُ له ... حتى يلينَ لضرسِ الماضغِ الحجرُ
ومنه الاستعارة الغريبة كقول الطرماح
فقلتُ لها يا أمَّ بيضاء إنه ... هريق شبابي واستشنَّ أديمى
وكقول الحطيئة
قد ناضلوك فأبدوا من كنائنهم ... مجداً تليداً ونبلاً غيرَ أنكاسِ
ومنه التشبيه الواقع النادر كقول امرئ القيس في العقاب
كأنَّ قلوبَ الطيرِ رطباً ويابساً ... لدى وكرها العنابُ والحشفُ البالِ
وكقول عديّ بن الرقاع في وصف الثور البري
تزجى أغنَّ كأنَّ إبرةَ روقهِ ... قلم أصابَ من الدواةِ مدادَها
وما خرج من هذه الأقسام الثلاثة فكلام وسط أو دون لا طائل فيه ولا فائدة معه ورأيت أجلَّ هذه الأنحاء وأصعبها على صانعها التشبيه وذلك أنه لا يقع إلا لمن طال تأمله ولف حسه وميزَ بين الأشياء بلطيف فكره وأنا أثبت لك في هذا الكتاب أبياتاً من التشبيه مختارة وأتخلل المعاني المختلفة والتشبيهات المتداولة إلى الأبيات الطريفة النادرة وأقتصر على جملة يكون لك فيها حظ ومتعة وتأدب ورياضة وأتجنب الإطالة التي يتلقاها الملالةُ وأتبع ذلك بكتاب في الأمثال وكتاب في الاستعارة وبالله الحول والقوة.
ونبتدئ على اسم الله بتشبيهات خالق الأشياء جل وعز في كتابه إنه كان أكمل شاهدٍ وأوضح حجة فمما شبه به الأشخاص المماثلة قوله عز وجل " والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم " وقوله عز وجل " طلعها كأنه رؤوس الشياطين " وقوله " كأنهن الياقوت والمرجان " " وكأنهن بيض مكنون " وقوله في تشبيه الأفعال " والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا " وقوله " مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف " ومثل هذا كثير في القرآن وبالله نستعين على كل مطلوب والعرب أيدك الله تشبه بكأنَّ كقول امرئ القيس
كأنَّ عيونَ الوحش حولَ خبائنا ... وأرحلنا الجزعُ الذي لم يثقبِ
وبكمنْ كقول أوس بن حجر
فإنكما يا ابنَيْ جنابٍ وجدتما ... كنْ دبَّ يستخفي وفي الحلقِ جلجل
وبالكافِ كقوله
ونارٍ كسحرِ العودِ يرفعُ ضوءها ... مع الليلِ هباتُ الرياحِ الصواردِ
وبمثلٍ كقولِ السلامي
مثل التي يحسبها أهلها ... عذراء بكراً وهي في التاسعِ
وبكما كقولِ كعبِ بن زهير
ولا تمسكُ بالعهدِ الذي عهدت ... إلا كما يمسك الماء الغرابيلُ
وبكمثلِ وكأمثال وتخال وتظن وتكاد وما أشبهها وبإضمار أحد هذه الحروف إذا لم يتسع للشاعر إقامة الوزن بإظهاره كقوله
سموتُ إليها بعدَ ما نامَ أهلُها ... سموَّ حبابِ الماءِ حالاً على حالِ
أراد مثلَ سموِ حبابِ الماء
.
صورة مفقودة