نقوس المهدي
كاتب
حسن الشابندر - النزعة الشبقية في روايات أنس بن مالك
أنس بن مالك هو (خادم رسول الله) صلى الله عليه وآله وسلم، ينتمي إلى بني النجار، أخوال النبي الكريم، يروي عن أبي بكر وعمر وعثمان ومعاذ وأسيد بن الحضير، وغيرهم من الصحابة ويروي عنه كثر منهم من وثّقه علماء الرجال ومنهم من ضعفوه وأهملوه،وكان أنس يقول: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين،وكنّ أمهاتي يحثَثْني على خدمة رسول الله صلى الله Ú عليه وسلم) /1 / أعلام الذهبي جزء3 ص 397 / وهذا يعني إنّه صاحب النبي الكريم عشرة سنوات، ولكن توجد رواية أخرى عنه تقول إن النبي الكريم قدم المدينة وكان عمره ثمان سنوات. له مسند معروف باسمه، ضمنه أحمد بن حنبل في مسنده، ويقول الذهبي: (مسنده ألفان وستون وثمانون، أتفق له البخاري ومسلم على مئة وثمانين حديثا،وانفرد البخاري بثمانين حديثا،ومسلم بتسعين) / 2 نفسه ص 406 /
الرجل عمّر طويلا، فهو حسب الخبر السابق يكون قد ولد لعشر قبل الهجرة، واختلف في وفاته، فمنهم من قال: إنه توفي سنة (أثنتين وتسعين) وعليه الواقدي، ومنهم من قال: إنه توفي سنة (ثلاثة وتسعين) وهو الأصح في رأي الذهبي، فيكون عمره على هذا مئة وثلاث سنين!
هناك نقاط مثيرة في حياة أنس بن مالك هذا، تستحق النظر والتدقيق، وهي مدعاة مطابقة وموازنة بينها وبين ما يروي عن النبي الكريم في بعض الأمور.
أنس بن مالك كان ذا مال كثير، وكثير جدا، هذا ما يقوله هو بالذات عن نفسه، فهو يقول: (... فإني لَمِن أكثر الأنصار مالا...) 3 / البخاري رقم 1982 / ويقول في رواية اخرى: (... والله اكثر مالي حتى إن كرْما لي لتحمل في السنة مرتين) 4 / صحيح مسلم رقم 2480
لم يكن أنس بن مالك كثير المال وحسب، بل كان كثير الذريّة، فهو يقول عن نفسه: (... أَنّه دُفِن لِصُلبي مَقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومئة) / 5 البخاري نفسه /. وفي رواية: (تسع وعشرون ومئة) / 6 الذهبي ص 399 /.
يروي الذهبي عن ابن عساكر: ( قال أبو اليقظان: مات لأنس في طاعون الجارف ثمانون ابنا، وقيل سبعون): المصدر ص 405 / ويبدو أ نهم أ بناء مباشرون، وليسوا أحفادا!!!
يروي الطيالسي عن ثراء أنس بن مالك عن أنس بن مالك أنه قال: (... وكان له بستان يحمل في السنة مرتين،وكان فيها ريحان يجيء منه ريح ومسك) 8الترمذي رقم 3833 /
يبدو أن الرجل كان صاحب أراض شاسعة، نفهم ذلك من رواية ابن عساكر ففيه: (ثابت ا لبناني قال: جاء قَيِّمُ أرض أنس، فقال: عطشت أَرَضوك، فتردّى أنس، ثم خرج إلى البرية، ثم صلّى،ودعا، فثارت سحابة، وغشيت أرضه ومطرت...) 9 عن الذهبي ص /402
يبدو أن الرجل له أخلاقه الخاصة بالاكل، فهو عندما كان يتناول طعامه (... يُلقم لُقماً كبيرا...)/ المصدر نفسه ص 405، وهي عادة غير محبوبة، وليست كريمة، وقد كان الرجل يلقم فمه لقما كبيرا مع حال يُرثى له، إذ كان) أبرص وبه وضح شديد)!!! والخبر من الرواية ا لسابقة، أي الرواية التي تتحدث عن لقمه الكبيرة.
هذا منظر لا يبعث على الإرتياح، وربما يثير التقزز عند ذوي المروءات والذوق السليم، خاصة ويبدو إن الراوي كان يروي عنه هذه الظاهرة وكان كبير السن!!
تروي الاخبار أن له خاتمه الخاص به، ولكن ما هي هيئة هذا الخاتم؟ تقول الرواية: (حمّاد بن سلمة: عن حُميد،عن أنس: نهى عمر أن نكتب في الخواتم عربيا، وكان في خاتم أنس ذئب أو ثعلب) / طبقات بن سعد جزء 7 ص 20، والرواية صحيحة!
يدعي أنس بن مالك إن كل هذا المال الوثير والأراضي الشاسعة، والذرية المنتشرة كان بدعاء الرسول له! فهل هي محاولة من الرجل لتبرير هذا الثراء الذي لا نعرف مصدره، وتبرير هذه الحياة الجنسية التي يبدو إنها كانت مضاعفة؟
يقول أنس: (... أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس، قال: استعملني أبو بكر على الصدقة، فقدمت، وقد مات، فقل عمر: يا أنس! أجئتنا بظهرٍ؟ قلت: نعم.قال: جئنا به، والمال لك.قلتُ: هو أكثر نم ذلك.قال: وإن كان، فهو لك، وكان أربعة آلاف)/ابن عساكر نقلا عن الذهبي ص 401، ولست أدري كيف يبيح أنس لنفسه ذلك، وهو الذي تربى في حضن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ألا كان الأجدر به أن يكون مثل أبي ذر الغفاري؟
يركز ويؤكد أنس بن مالك أن كل هذه الثروة والجاه وا لذرية كان بدعاء رسول الله، فقد دعا له: (اللّهم أكثر مالُه وولدُه...) / صحيح مسلم رقم 2481 /
هذا الدعاء تطور في رواية أخرى: (... اللّهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته...) / ا بن سعد ص 19 /
هكذا تمت الحبكة إذن، لقد دعا له النبي الكريم السعة بالمال، وكان له منه حظ وفير وكثير ومثير، ودعا له بكثرة العيال، فكان له من الأبناء المباشرين وغير المباشرين بالعشرات ودعا له بطول العمر فكان عمره مائة وثلاث سنين!!
تطابق مذهل بين الدعاء والحاصل، ومثل هذه التماهي يثير الشك والريبة، فهل سيق الدعاء لتبرير هذا السعة بالمال والكثرة في العيال والطول في العمر؟!
النقطة الحساسة هنا إن دعاء النبي لأنس لم يروه غير انس نفسه، ولكن حيفي عليه، إن النبي لم يدع له بالسلامة من البرص، فأصيب با لبرص!!
يبدو أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان مطلعا على حياة أنس جيدا، فلما ألقي القبض عليه بسبب إشتراكه مع ابن الاشعث قال له كما في رواية علي بن زيد: (... يا خبيث. جوال في الفتن، مرّة مع علي، ومرّة مع ابن الزبير، ومرّة مع ابن الاشعث، أما والذي نفسي بيده، لأستأصلنك كما تُستأصل الصَّمغة،ولأجردنّك كما يُجرّد الضّبُّ...) / الذهبي نقلا عن ابن عساكر ص 404، ولكن للأنصاف إن الرواية ضعيفة بـ ( علي بن زيد)، ولكن التاريخ يشهد أنه كان ذا تلون، ولم يرو عن علي!!
ولابد من مبرر غير هذا الدعاء اليتيم، وهو دعاء يتيم إذ لم يروه سوى أنس، أي نفسه، فلابد من مبرر آخر..
قراءة سريعة لمسند (أنس بن مالك) الذي تضمّنه مسند (أحمد بن حنيل) تكشف عن ولع الرجل المهوس بالجنس والطعام، كلا الأمرين
الحلقة الأولى
سيطرا على هاجسه الروحي والمعنوي، مما يجعلنا نشك إن رواياته عن النبي هي تعبير عن هذا النهم الرهيب في داخله، وما أن نطالع هاجسه هذا في رواياته التي ينسبها بشكل وآخر وحالة وأخرى بالنبي الكريم نتذكر حالا كيف كان يلقم اللقمة الكبيرة في أكله وهو أبرص قد شابه وضاح شديد مخيف وقد بلغ من العمر عتيا، كذلك نتذكر تلك الجمهرة من الأبناء الذي خلفهم مباشرة، بحيث نجزم إنه لم يحفظ أسماءهم لكثرتهم الكاثرة.
أن أشد ما يؤلم المسلم المتحفظ المخلص للنبي الكريم هو حديث هذا الرجل عن خصوصيات النبي العزيز بشكل فاضح ومثير، وفي تصوري إنه يكشف بذلك عن هاجسه ا لتجسسي والتلصصي على الجسد.
يروي أنس بن مالك: (... عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على جميع نسائه في ليلة واحدة بغسل واحد) مسند احمد ح 11952 /
هذا كلام متلصص وليس كلام عالم، محدّث، ولست أدري لم يخبرنا بذلك، وهل كان حقا نبي الله بهذه الجسدانية الغليظة المكثفة المقززة؟
هل كان يتجسس على النبي الكريم ويرصد حياته الخاصة به؟ أم نساء النبي أخبرناه بذلك وكن على غاية من الحياء والشرف والعفة والكرامة؟
يبدو أن الذهبي شعر بوخزة ضمير هنا، فحاول تبرير الخبر بطريقة تبريرية مزعجة، فهو يقول: (وكان النبي يخصّه ببعض العلم، فنقل أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه طاف على تسع نسوة في ضحوة بغسل وا حد)/الذهبي ص 402 /
هذا هو العلم في تصور الذهبي، وهذا هو ما أخبر به النبي الكريم خادمه أنس بن مالك، كي يعلن علينا أنس أن النبي فحل لا كالفحول، ولكنها الفحولة التي تكشف عن شبقية مزعجة ومدمرة، وتسيء لأشرف خلق الله، ولأكثر الناس تذوقا للجمال والعفاف والشفافية.
ترى هل تعبير عن هاجس أنس الجنسي الجاثم على صدره، و الحابس لأنفاسه الجنسانية الغليظة المكثفة؟ فليس من مسلم نظيف لا يشك بأن هذا سلوكا نبويا محمديا، أبدا، ولمذا يخبر أنس بن مالك بهذا الخاصية الخصوصية به؟ هل هو إلاّ حديث الناس الذين يرتادون أوقات الفراغ، العابثين بقيمة الزمن؟
يروي كذلك: (كان يطيف بنسائه في ليلة يغتسل غسلا واحدا) / المسند رقم 1204 /
لحن الرواية تفيد إنها عادة للنبي الكريم، وليست مرة واحدة ولا مرتين، فيا هولنا من نبوة هذا ديدنها وهذا سلوكها، ولكن هيهات، فنحن بين يدي نبي كريم كان يقوم الليل ويصوم النهار ويقود الجيوش وينظم الناس ويقضي الحوائج ويقضي بن المتخاصمين، ويعود المرضى، ويساعد الفقير ويتلقى الوحي ويفسر كتاب الله للناس ويصلي جماعة بالمسلمين...
ولكن هي هواجس أنس الجسدانية الغليظة أفرغها من دا خله ونسبها للنبي النظيف الشريف العفيف الخير، ولست أدري كيف كان يتحدث بذلك، هل كان يسعر جنسا وهو يدلي بمثل هذا الكلام الغليظ؟
يقول في رواية أخرى: (... كان النبي صلى الله عليه وسلم والمراة من نسائه، يغتسلان في إناء واحد،وكان يغتسل بخمس مكاكي، ويتوضا بمكوك) المسند رقم 12112 /
فهو يروي وكأنه مطلع مباشرة على صلب الحدث!
يروي بعضهم عن النبي الكريم إنه كان يقول ما معناه: إنّه ـ سلام الله عليه ـ حُبِّب إليه من دنياه النساء، وقد سيق بطريقة تشي عن نهمية جسدية، وليس بطريقة تكشف عن سلامة ذوق، إذ جاء بلغة المطلق غير المهذب باستثناء وتوضيح، مما يشير من البداية إلى الجانب الجسدي من الأنثى، وقد روى هذا الحديث المزعوم أنس بن مالك أكثر من مرّة، فإذا تفرد به يكون ذلك دليلا آخر على نهم أنس الجسدي الجنسي، وإنه كان يسقط نهمه هذا بطريقة ما على سلوك النبي الكريم.
لقد كان أنس يحشر نفسه في خصوصيات النبي الكريم بشكل وأخر، يريدنا أن نقتنع أنه أقرب إليه من علي بن طالب وأقرب إليه حتى من أبنته فاطمة، وحتى من زوجته عائشة. ويروي مايقزز النفس ويبعث على القرف،فهو يروي مثلا:(... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبرّز لحاجته اتيته بماء يغسل به) /المسند رقم 12107 / ولست أدري ما الداعي لمثل هذه الرواية الفجة سوى إن هذا المدعو أنس بن مالك يريد أن يقول لنا أ نه أخص الناس بالنبي الكريم؟ ولكنه بئس الإختصاص، ويقيني أن النبي الكريم ارقى من هذا المستوى الذي حط إليه نبينا الجميل المدعو أنس بن مالك.
يروي الحادثة التالية: (... إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، فصلينا عندها الغداة بغلس، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف نبي الله صلى الله عليه وسلم، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذي نبي الله، وأنحسر الإزار عن فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فإني لأرى بياض فخذي نبي الله...) / المصدر رقم 11998 / هذه رواية تعريف بـ(أنس)، فهو كان رديف النبي، وكان مختصا به دون غيره، ولست أدري ما السر في ذكر فخذي النبي وبياضهما وسر ملامسة ركبتي أنس فخذي النبي الكريم؟ كلام مدروس الهدف والغاية، وفيه فجاجة وغثاء، وهو ينم عن محاولة يريد أنس من ورائها أن يقول لنا أنه ا لعارف الوحيد بأخص خواص النبي الجسدية، وهي نزعة غير ممدوحة ولا بريئة، وكان الأولى بـ(أنس) أن يروي الحادثة بجوهرها من دون ذكر هذه الخصوصيات، وكان الأولى بـ(أنس) إن كانت روايته صحيحة عن رسول الله أن لا يتطرق إلى الخصوصيا الجسدية للنبي الكريم صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم.
يتحدث في ذات الرواية حيث يقول بعد أن يذكر بعض الحوادث: [ ... فجاء دحية فقال: يا نبي الله أعطني جارية من السبي، قال: (إذهب فخذ جارية)... فأخذ دحية صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله اعطيت دحية صفية بنت حيي، سيدة بني قريظة والنضير، والله ما تصلح إلاّ لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ادعوه بها).فجاء بها فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذ جارية من السبي غيرها).ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها...) / المصدر وذات الرقم /.
هذه الرواية تعرض لنا المجتمع الإسلامي في تلك اللحظة وكأنه مجتمع أباحي مقنن بعض الشيء، وإلا أي معنى عندما يذهب (دحية) إلى مجمع من النساء الأسيرات ليختار سبية جارية له؟ ويتم الاختيار فعلا !! إنها مهزلة بلا شك، ولا يمكن للنبي الكريم وهو بتلك الرحمة والشرف والعفاف أن يعطي لدحية أو غيره مثل هذه الحرية الإباحية المزعجة، وأتعس من ذلك أن يأمر النبي دحية بأن يتخلى عن اختياره لأن (صفية) بنت حيي (... فلما نظر إ ليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذ جارية من السبي غيرها) !!!
أنس بن مالك يخالطه هوس جنسي، وهو بهذا الخبر المزعوم يسقط هاجسه هذا النبى عليه السلام
كانت ركبته تلامس فخذي رسول الله، وكان يقول: (ما مسست شيئا قط خزا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم) / المسند رقم 12054 /
هذا سوف نلتقي مع القراء الكرام حول نقطة أخرى في خصوص مرويات أنس بن مالك، وهي اهتمامه المنقطع النظير بموضوعة الطعام والأكل حيث هي الأخرى تسيدت على مساحة كبيرة من رواياته المزعومة عن النبي الكريم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
-------
* عن موقع (إيلاف ) . .
أنس بن مالك هو (خادم رسول الله) صلى الله عليه وآله وسلم، ينتمي إلى بني النجار، أخوال النبي الكريم، يروي عن أبي بكر وعمر وعثمان ومعاذ وأسيد بن الحضير، وغيرهم من الصحابة ويروي عنه كثر منهم من وثّقه علماء الرجال ومنهم من ضعفوه وأهملوه،وكان أنس يقول: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين،وكنّ أمهاتي يحثَثْني على خدمة رسول الله صلى الله Ú عليه وسلم) /1 / أعلام الذهبي جزء3 ص 397 / وهذا يعني إنّه صاحب النبي الكريم عشرة سنوات، ولكن توجد رواية أخرى عنه تقول إن النبي الكريم قدم المدينة وكان عمره ثمان سنوات. له مسند معروف باسمه، ضمنه أحمد بن حنبل في مسنده، ويقول الذهبي: (مسنده ألفان وستون وثمانون، أتفق له البخاري ومسلم على مئة وثمانين حديثا،وانفرد البخاري بثمانين حديثا،ومسلم بتسعين) / 2 نفسه ص 406 /
الرجل عمّر طويلا، فهو حسب الخبر السابق يكون قد ولد لعشر قبل الهجرة، واختلف في وفاته، فمنهم من قال: إنه توفي سنة (أثنتين وتسعين) وعليه الواقدي، ومنهم من قال: إنه توفي سنة (ثلاثة وتسعين) وهو الأصح في رأي الذهبي، فيكون عمره على هذا مئة وثلاث سنين!
هناك نقاط مثيرة في حياة أنس بن مالك هذا، تستحق النظر والتدقيق، وهي مدعاة مطابقة وموازنة بينها وبين ما يروي عن النبي الكريم في بعض الأمور.
أنس بن مالك كان ذا مال كثير، وكثير جدا، هذا ما يقوله هو بالذات عن نفسه، فهو يقول: (... فإني لَمِن أكثر الأنصار مالا...) 3 / البخاري رقم 1982 / ويقول في رواية اخرى: (... والله اكثر مالي حتى إن كرْما لي لتحمل في السنة مرتين) 4 / صحيح مسلم رقم 2480
لم يكن أنس بن مالك كثير المال وحسب، بل كان كثير الذريّة، فهو يقول عن نفسه: (... أَنّه دُفِن لِصُلبي مَقدم الحجاج البصرة بضع وعشرون ومئة) / 5 البخاري نفسه /. وفي رواية: (تسع وعشرون ومئة) / 6 الذهبي ص 399 /.
يروي الذهبي عن ابن عساكر: ( قال أبو اليقظان: مات لأنس في طاعون الجارف ثمانون ابنا، وقيل سبعون): المصدر ص 405 / ويبدو أ نهم أ بناء مباشرون، وليسوا أحفادا!!!
يروي الطيالسي عن ثراء أنس بن مالك عن أنس بن مالك أنه قال: (... وكان له بستان يحمل في السنة مرتين،وكان فيها ريحان يجيء منه ريح ومسك) 8الترمذي رقم 3833 /
يبدو أن الرجل كان صاحب أراض شاسعة، نفهم ذلك من رواية ابن عساكر ففيه: (ثابت ا لبناني قال: جاء قَيِّمُ أرض أنس، فقال: عطشت أَرَضوك، فتردّى أنس، ثم خرج إلى البرية، ثم صلّى،ودعا، فثارت سحابة، وغشيت أرضه ومطرت...) 9 عن الذهبي ص /402
يبدو أن الرجل له أخلاقه الخاصة بالاكل، فهو عندما كان يتناول طعامه (... يُلقم لُقماً كبيرا...)/ المصدر نفسه ص 405، وهي عادة غير محبوبة، وليست كريمة، وقد كان الرجل يلقم فمه لقما كبيرا مع حال يُرثى له، إذ كان) أبرص وبه وضح شديد)!!! والخبر من الرواية ا لسابقة، أي الرواية التي تتحدث عن لقمه الكبيرة.
هذا منظر لا يبعث على الإرتياح، وربما يثير التقزز عند ذوي المروءات والذوق السليم، خاصة ويبدو إن الراوي كان يروي عنه هذه الظاهرة وكان كبير السن!!
تروي الاخبار أن له خاتمه الخاص به، ولكن ما هي هيئة هذا الخاتم؟ تقول الرواية: (حمّاد بن سلمة: عن حُميد،عن أنس: نهى عمر أن نكتب في الخواتم عربيا، وكان في خاتم أنس ذئب أو ثعلب) / طبقات بن سعد جزء 7 ص 20، والرواية صحيحة!
يدعي أنس بن مالك إن كل هذا المال الوثير والأراضي الشاسعة، والذرية المنتشرة كان بدعاء الرسول له! فهل هي محاولة من الرجل لتبرير هذا الثراء الذي لا نعرف مصدره، وتبرير هذه الحياة الجنسية التي يبدو إنها كانت مضاعفة؟
يقول أنس: (... أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر، عن أنس، قال: استعملني أبو بكر على الصدقة، فقدمت، وقد مات، فقل عمر: يا أنس! أجئتنا بظهرٍ؟ قلت: نعم.قال: جئنا به، والمال لك.قلتُ: هو أكثر نم ذلك.قال: وإن كان، فهو لك، وكان أربعة آلاف)/ابن عساكر نقلا عن الذهبي ص 401، ولست أدري كيف يبيح أنس لنفسه ذلك، وهو الذي تربى في حضن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ألا كان الأجدر به أن يكون مثل أبي ذر الغفاري؟
يركز ويؤكد أنس بن مالك أن كل هذه الثروة والجاه وا لذرية كان بدعاء رسول الله، فقد دعا له: (اللّهم أكثر مالُه وولدُه...) / صحيح مسلم رقم 2481 /
هذا الدعاء تطور في رواية أخرى: (... اللّهم أكثر ماله وولده، وأطل حياته...) / ا بن سعد ص 19 /
هكذا تمت الحبكة إذن، لقد دعا له النبي الكريم السعة بالمال، وكان له منه حظ وفير وكثير ومثير، ودعا له بكثرة العيال، فكان له من الأبناء المباشرين وغير المباشرين بالعشرات ودعا له بطول العمر فكان عمره مائة وثلاث سنين!!
تطابق مذهل بين الدعاء والحاصل، ومثل هذه التماهي يثير الشك والريبة، فهل سيق الدعاء لتبرير هذا السعة بالمال والكثرة في العيال والطول في العمر؟!
النقطة الحساسة هنا إن دعاء النبي لأنس لم يروه غير انس نفسه، ولكن حيفي عليه، إن النبي لم يدع له بالسلامة من البرص، فأصيب با لبرص!!
يبدو أن الحجاج بن يوسف الثقفي كان مطلعا على حياة أنس جيدا، فلما ألقي القبض عليه بسبب إشتراكه مع ابن الاشعث قال له كما في رواية علي بن زيد: (... يا خبيث. جوال في الفتن، مرّة مع علي، ومرّة مع ابن الزبير، ومرّة مع ابن الاشعث، أما والذي نفسي بيده، لأستأصلنك كما تُستأصل الصَّمغة،ولأجردنّك كما يُجرّد الضّبُّ...) / الذهبي نقلا عن ابن عساكر ص 404، ولكن للأنصاف إن الرواية ضعيفة بـ ( علي بن زيد)، ولكن التاريخ يشهد أنه كان ذا تلون، ولم يرو عن علي!!
ولابد من مبرر غير هذا الدعاء اليتيم، وهو دعاء يتيم إذ لم يروه سوى أنس، أي نفسه، فلابد من مبرر آخر..
قراءة سريعة لمسند (أنس بن مالك) الذي تضمّنه مسند (أحمد بن حنيل) تكشف عن ولع الرجل المهوس بالجنس والطعام، كلا الأمرين
الحلقة الأولى
سيطرا على هاجسه الروحي والمعنوي، مما يجعلنا نشك إن رواياته عن النبي هي تعبير عن هذا النهم الرهيب في داخله، وما أن نطالع هاجسه هذا في رواياته التي ينسبها بشكل وآخر وحالة وأخرى بالنبي الكريم نتذكر حالا كيف كان يلقم اللقمة الكبيرة في أكله وهو أبرص قد شابه وضاح شديد مخيف وقد بلغ من العمر عتيا، كذلك نتذكر تلك الجمهرة من الأبناء الذي خلفهم مباشرة، بحيث نجزم إنه لم يحفظ أسماءهم لكثرتهم الكاثرة.
أن أشد ما يؤلم المسلم المتحفظ المخلص للنبي الكريم هو حديث هذا الرجل عن خصوصيات النبي العزيز بشكل فاضح ومثير، وفي تصوري إنه يكشف بذلك عن هاجسه ا لتجسسي والتلصصي على الجسد.
يروي أنس بن مالك: (... عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على جميع نسائه في ليلة واحدة بغسل واحد) مسند احمد ح 11952 /
هذا كلام متلصص وليس كلام عالم، محدّث، ولست أدري لم يخبرنا بذلك، وهل كان حقا نبي الله بهذه الجسدانية الغليظة المكثفة المقززة؟
هل كان يتجسس على النبي الكريم ويرصد حياته الخاصة به؟ أم نساء النبي أخبرناه بذلك وكن على غاية من الحياء والشرف والعفة والكرامة؟
يبدو أن الذهبي شعر بوخزة ضمير هنا، فحاول تبرير الخبر بطريقة تبريرية مزعجة، فهو يقول: (وكان النبي يخصّه ببعض العلم، فنقل أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه طاف على تسع نسوة في ضحوة بغسل وا حد)/الذهبي ص 402 /
هذا هو العلم في تصور الذهبي، وهذا هو ما أخبر به النبي الكريم خادمه أنس بن مالك، كي يعلن علينا أنس أن النبي فحل لا كالفحول، ولكنها الفحولة التي تكشف عن شبقية مزعجة ومدمرة، وتسيء لأشرف خلق الله، ولأكثر الناس تذوقا للجمال والعفاف والشفافية.
ترى هل تعبير عن هاجس أنس الجنسي الجاثم على صدره، و الحابس لأنفاسه الجنسانية الغليظة المكثفة؟ فليس من مسلم نظيف لا يشك بأن هذا سلوكا نبويا محمديا، أبدا، ولمذا يخبر أنس بن مالك بهذا الخاصية الخصوصية به؟ هل هو إلاّ حديث الناس الذين يرتادون أوقات الفراغ، العابثين بقيمة الزمن؟
يروي كذلك: (كان يطيف بنسائه في ليلة يغتسل غسلا واحدا) / المسند رقم 1204 /
لحن الرواية تفيد إنها عادة للنبي الكريم، وليست مرة واحدة ولا مرتين، فيا هولنا من نبوة هذا ديدنها وهذا سلوكها، ولكن هيهات، فنحن بين يدي نبي كريم كان يقوم الليل ويصوم النهار ويقود الجيوش وينظم الناس ويقضي الحوائج ويقضي بن المتخاصمين، ويعود المرضى، ويساعد الفقير ويتلقى الوحي ويفسر كتاب الله للناس ويصلي جماعة بالمسلمين...
ولكن هي هواجس أنس الجسدانية الغليظة أفرغها من دا خله ونسبها للنبي النظيف الشريف العفيف الخير، ولست أدري كيف كان يتحدث بذلك، هل كان يسعر جنسا وهو يدلي بمثل هذا الكلام الغليظ؟
يقول في رواية أخرى: (... كان النبي صلى الله عليه وسلم والمراة من نسائه، يغتسلان في إناء واحد،وكان يغتسل بخمس مكاكي، ويتوضا بمكوك) المسند رقم 12112 /
فهو يروي وكأنه مطلع مباشرة على صلب الحدث!
يروي بعضهم عن النبي الكريم إنه كان يقول ما معناه: إنّه ـ سلام الله عليه ـ حُبِّب إليه من دنياه النساء، وقد سيق بطريقة تشي عن نهمية جسدية، وليس بطريقة تكشف عن سلامة ذوق، إذ جاء بلغة المطلق غير المهذب باستثناء وتوضيح، مما يشير من البداية إلى الجانب الجسدي من الأنثى، وقد روى هذا الحديث المزعوم أنس بن مالك أكثر من مرّة، فإذا تفرد به يكون ذلك دليلا آخر على نهم أنس الجسدي الجنسي، وإنه كان يسقط نهمه هذا بطريقة ما على سلوك النبي الكريم.
لقد كان أنس يحشر نفسه في خصوصيات النبي الكريم بشكل وأخر، يريدنا أن نقتنع أنه أقرب إليه من علي بن طالب وأقرب إليه حتى من أبنته فاطمة، وحتى من زوجته عائشة. ويروي مايقزز النفس ويبعث على القرف،فهو يروي مثلا:(... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبرّز لحاجته اتيته بماء يغسل به) /المسند رقم 12107 / ولست أدري ما الداعي لمثل هذه الرواية الفجة سوى إن هذا المدعو أنس بن مالك يريد أن يقول لنا أ نه أخص الناس بالنبي الكريم؟ ولكنه بئس الإختصاص، ويقيني أن النبي الكريم ارقى من هذا المستوى الذي حط إليه نبينا الجميل المدعو أنس بن مالك.
يروي الحادثة التالية: (... إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر، فصلينا عندها الغداة بغلس، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف نبي الله صلى الله عليه وسلم، فأجرى نبي الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإن ركبتي لتمس فخذي نبي الله، وأنحسر الإزار عن فخذ النبي صلى الله عليه وسلم فإني لأرى بياض فخذي نبي الله...) / المصدر رقم 11998 / هذه رواية تعريف بـ(أنس)، فهو كان رديف النبي، وكان مختصا به دون غيره، ولست أدري ما السر في ذكر فخذي النبي وبياضهما وسر ملامسة ركبتي أنس فخذي النبي الكريم؟ كلام مدروس الهدف والغاية، وفيه فجاجة وغثاء، وهو ينم عن محاولة يريد أنس من ورائها أن يقول لنا أنه ا لعارف الوحيد بأخص خواص النبي الجسدية، وهي نزعة غير ممدوحة ولا بريئة، وكان الأولى بـ(أنس) أن يروي الحادثة بجوهرها من دون ذكر هذه الخصوصيات، وكان الأولى بـ(أنس) إن كانت روايته صحيحة عن رسول الله أن لا يتطرق إلى الخصوصيا الجسدية للنبي الكريم صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم.
يتحدث في ذات الرواية حيث يقول بعد أن يذكر بعض الحوادث: [ ... فجاء دحية فقال: يا نبي الله أعطني جارية من السبي، قال: (إذهب فخذ جارية)... فأخذ دحية صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله اعطيت دحية صفية بنت حيي، سيدة بني قريظة والنضير، والله ما تصلح إلاّ لك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ادعوه بها).فجاء بها فلما نظر إليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خذ جارية من السبي غيرها).ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتقها وتزوجها...) / المصدر وذات الرقم /.
هذه الرواية تعرض لنا المجتمع الإسلامي في تلك اللحظة وكأنه مجتمع أباحي مقنن بعض الشيء، وإلا أي معنى عندما يذهب (دحية) إلى مجمع من النساء الأسيرات ليختار سبية جارية له؟ ويتم الاختيار فعلا !! إنها مهزلة بلا شك، ولا يمكن للنبي الكريم وهو بتلك الرحمة والشرف والعفاف أن يعطي لدحية أو غيره مثل هذه الحرية الإباحية المزعجة، وأتعس من ذلك أن يأمر النبي دحية بأن يتخلى عن اختياره لأن (صفية) بنت حيي (... فلما نظر إ ليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذ جارية من السبي غيرها) !!!
أنس بن مالك يخالطه هوس جنسي، وهو بهذا الخبر المزعوم يسقط هاجسه هذا النبى عليه السلام
كانت ركبته تلامس فخذي رسول الله، وكان يقول: (ما مسست شيئا قط خزا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت رائحة أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم) / المسند رقم 12054 /
هذا سوف نلتقي مع القراء الكرام حول نقطة أخرى في خصوص مرويات أنس بن مالك، وهي اهتمامه المنقطع النظير بموضوعة الطعام والأكل حيث هي الأخرى تسيدت على مساحة كبيرة من رواياته المزعومة عن النبي الكريم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..
-------
* عن موقع (إيلاف ) . .
صورة مفقودة