يحيى السماوي - صحن من الشبق على مائدة من عفاف

عَـرَّيْـتُ جِـذْعَـكِ ..
فـارْتـديـنـي !
وتَـسَـتّـريْ بـيْ ..
واسْــتُـريـنـي !
نَـسَـجَ الـفُـراتُ لـنـا الـدُّجـى
ثـوبا ً ..
وعِـطـرَ الـيـاسـمـيـن ِ
فـتَـلـحَّـفـي بـأضـالـعـي ..
وبـدفءِ نـهـديـكِ
اْلـحـفِـيـنـي
شَـفـتـان ِ ..
أيُّ فـم ٍ بـواحِـدة ٍ يـزخُّ :
صـدى الـلـحـون ِ ؟
لـولا رُبـا ضِـفـتـيـهِ :
هـل لـلـنـهـرِ
مـن مـعـنـىً مُـبِـيـن ِ ؟
قـسَـمـا ً بـجـاعِـلِ مُـقـلـتــيـكِ
أعَـزَّ
عـندي مـن جـفـونـي ..
وأتـاكِ لـيَ فـجـرَ الـيـقـيـن ِ
يُـزيـلُ بـيْ
لـيـلَ الـظـنـون ِ ..
وبِـعـاقِـدٍ قـلـبـي عـلـيـكِ :
قِـرانَ بَـحـر ٍ
بـالـسَّـفـيـن ِ
لا تـرفِـقـي بـيْ ..
إنـنـي :
حَـطَـبـا ً أتـيـتُـكِ
فـاسْـجـريـنـي !
هَـيّـأتُ مـائـي يـا طـحـيـنُ
لِـصَـحْـن ِ خُـبْـزِك ِ
فـاعْـجِـنِـيـنـي !
فـمـتـى اخْـتـلاطُ الـمـاءِ

يُـنـبـئُ بالـفـسـيـلـة ِ
والـجـنـيـن ِ ؟
كـلُّ الـمـرايـا كـاذبـاتٌ فـي الـرّؤى
إلآ
عـيـونـي !
وحـدي رأيْـتُـكِ جَـنّـة ً مُـلْـكـي ..
ووحـدُكِ " حُـورُ عِـيـن ِ " !!
ولـظىً
أرَقَّ مـن الـنـمـيـرِ الـعـذب ِ
فـي كـأسِ الـمـنـون ِ !
أنـا أنـتِ .. أنـتِ أنـا ..
كِـلانـا :
" الـدّالُ " مـن " يـاءٍ " و " نـون ِ " !
أنـا أنـتِ .. أنـتِ أنـا :
عَـدُوّا كـلِّ ذي " غَـيـن ٍ " و " شِـيـن ِ "
أنـا أنـتِ .. أنـتِ أنـا :
كـتـابُ الـسـرِّ ..
مـفـضـوحُ الـمـتـون ِ ..
أنـا أنـتِ .. أنـتِ أنـا :
حـروفٌ لـم تـزلْ
فـي
طـور سِـيـن ِ ! (1)

**

صُـبّـي جـنـونـي ..
واشْـربـيـنـي :
قُـبَـلا ً مُـعـتَّـقـة َ الـحَـنـيـنِ
فـلـرُبَّـمـا حـازَ الـثّـوابَ
فـمٌ
عـلـى عَـطـشـي مُـعِـيـنـي !
فـدعـي الـوقـارَ الـمُـسْـتـعـارَ
إذا
سـريـرُكِ يـحـتـويـنـي
هـلْ تـسْـتـحـي الأشـجـارُ مـن عُـشّ ٍ ؟
وحـقـلٌ مـن غـصـونِ ؟
أمْ قـد سـمـعـتِ
بـمُـرْسَـل ٍ بـاسـمِ الـعـظيـم ِ
بـدون دِيْـن ِ ؟
لا تـحـذريـنـي لـو شـهَـرْتُ عـلـيـكِ
مـن شَـبَـق ٍ:
جـنـونـي
أسَـفـي عـلـى أمـسِ الـوقـارِ :
غـضَـضْـتُ كـوزي عـن
هَــتـون ! (2)
وغـضَـضْـتُ أوتـارَ الـرَّبـابـة ِ
عـن
صُـداحِ ٍ يـسْـتـبـيـنـي !
مَـكَّـنْـتِـنـي مـن " أكـرَمَـيْـكِ " ..
فـمـكّـنـيـنـي
مـن " ضَـنـيـن ِ " ! (3)
مـن كـوثـرِ الـوادي الـبـعـيـدِ
وزهْـرِ رُمّـان ٍ
دفـيـن ِ
بـعـضُ " الـسّـخـيـن ِ " يـصـيـرُ " بَـرْدا ً "
حـيـنَ :
يُـمْـزَجُ بــ " الـسّـخـيـن ِ " !
يـا أنـتِ : يـا مـائـي ..
ويا زادي ..
ويـا " يـائـي " ..
و " سِـيـنـي " :
مـعـصـومـة َ الأعـذاق ِ ..
والـسَّـعَـفـاتِ ..
والـرُّطَـبِ الـثـمـيـن ِ :
إيّـاكِ أنْ تـتـهَـيَّـمـي
كـتـهَـيُّـمـي بـكِ ..
فـاسْـمَـعـيـنـي !
لـي صَـبْـرُ صَـحـراءِ " الـسّـمـاوة ِ"
فـي
مُـجـالـدة ِ الـطـعـون ِ
حَـبَّـبْـتِ لـي إثـمـي ..
وطـيـشـي ..
وانـدحـاراتي ..
وهُـونـي ! (4)
ورَسَـمْـتِـنـي " حَـبْـلا ً " جـديـدا ً
شـدَّ قـلـبـي
بـالـوَتِـيـن ِ : (5)
فإذا " الـسّـمـاوةُ " :
كـعـبـتـي ..
و" فُـراتُـهـا " :
دُنّـيْ ودِيـنـي !
أهِـيَ الـسّـمـاءُ تـأرَّضَـتْ
أنْ قـال فـيـهـا الـلـه :
كـونـي ؟ ( 6)
لـبَّـتْ
فـكـانـتْ ما أرادَ :
ديـارَ فـردوس ٍ أمِـيـن ِ !
الـنـاسُ فـيـهـا كـالـمـلائِـكِ
فـي
الـمـودّة ِوالـشـجـون ِ
ورثـوا الـهُـدى
ـ إلآ خـسـيـسٌ واحِـدٌ فـي الـقـوم ِ :
" دُوْنـي " !! (7)

**

سـتـون عـامـا ً يـا ربـيـبَ الـنـخـلِ :
تـرضـعُ كـلّ حـيـن ِ !
فـمـتـى فِـطـامُـكِ
مـن تـبـاريـح ِ " الـسّـمـاوة ِ "
يـا سـنـيـنـي ؟
لـيـسَـتْ بـذي زرع ٍ ..
ولـكـنْ :
طـيـنُـهـا كـمـذاق ِ تِـيـنِ !
أزِفَ الـوداعُ ..
فـيـا دمـوع َ رجـولـتـي :
لا تـفـضـحـيـنـي !

**

لـيْ فـي الـهـوى طـبـعُ الـمُـرابـي :
فـي
مُـطـالـبَـةِ الـمَـديـن ِ
حـان الـسّـدادُ
فـهـاتِـنـي
مـا قـدْ تـبـقّـى مـن ديـون ِ ..
أقْـرَضْـتُ خَـصْـرَكِ :
قُـبـلـتـيـن ِ ..
ومَـصَّ :
تُـوْتِ الـحُـلـمَـتـيـن ِ ..
وغـسَـلـتُ بـالآهـاتِ :
شِـبْـرا ً
فـوقَ تِـبْـر ِ الـرُّكْـبَـتـيـن ِ ..
وجَـعَـلـتُ لـيـلا ً كـامِـلا ً :
كـفّـيَّ
عُـشَّ حَـمـامَـتـيـن ِ ..
وشَـغَـلْـتِـنـي عـن لـثـمِ مُـنْـتَـهِـدٍ
بـِنَـسْـلِ :
ضَـفـيـرتَـيْـن ِ ..
رُدِّي الـدّيـونَ ونـفْـعَـهـا ..
وإذا رَغِـبْـتِ :
فـأقْــرِضِـيـنـي ...
سـأزيـدُ بـالـرّبْـح ِ الـوفـيـر ِ ..
فـجَـرّبـي :
أنْ تُـؤْجِـريـنـي .. (8)
سـأكـون :
" مـوسى " كِ الـجديـدَ
وخـيـرَ نـاطـور ٍ خـديـن ِ ..
إثـمـي عَـفـيـفٌ
يـا بـتـولُ ..
ونـاسِـكٌ حـتـى مـجـونـي !
فـلـتـكْـنـسـي :
ما فـي شـمـالـي ..
واملـئـي صُـحُـفـا ً يـمـيـنـي
وتَـبَـرَّدي بـحـرائـقـي ..
وبِـبَـرْدِ كـأسِـكِ
دَفّـِئـيـنـي !
تـصـبـو " سـمـاحـاتـي " إلـيـكِ
فـتـشْـتـكـيـكِ ..
وتـشْـتـكـيـنـي !
الـزّورقُ الـمـهـجـورُ نـامَ ..
ونـحـنُ :
يـقـظـةُ حـارسَـيْـن ِ
مُـتـدَثِّـران ِ ..
فلا تـرى أهـدابُ " جِـيـم ٍ "
جـفـنَ " سِـيـن ِ " !
جَـسَـدان ِ :
وحَّـدَنـا سـريـرُ الـعـشـبِ :
تـحـتَ غـصـون ِ تِـيـن ِ !
فـي زورق ٍ حَـجَـبَـتْهُ عـن عـيـن ٍ:
خـمـيـلـة ُ زيـزفـون ِ
حـسْـبـي قـريـنُـكِ فـي تُـقـاكِ ..
وأنـتِ :
فـي نَـزَقـي قـريـنـي !
أيـن الـهـروبُ وأنـتِ مني :
كـالـغـريـبِ
مـن الـحـنـيـن ِ ؟
جَـرَّبْـتِ قـصـرَ الـمُـوسِـريـنَ ..
فـجَـرِّبـي :
كـوخـي وطـيـنـي !
كـمْ سَـبَّـنـي نـذلٌ بـحـبِّـكِ ..
وابـنُ
فـاحِـشـةٍ خـؤون ِ !
و " مُـخَـنَّـثٌ "
لا فـرقَ
بـيـن " قِـفـاهُ " ـ خِـزيـا ً ـ والـجَـبـيـن ِ !!!
لـو يُـشْـتَـرى وأبـوهُ :
ما بـلـغـا بـسـوق ٍ
درهَـمَـيـن ِ !
مَـلَـصَـتْـهُ فـي الـمـاخـورِ " حَـسْـنـةُ "
فـهـو خُـفٌّ مـن :
" حُـنَـيـن ِ " (9)
وأعَـزَّنـي :
مَـنْ شـمـسُـهُ فـي الـطـهـرِ :
مـثـلُ فـؤادِ " جُـون ِ " ! (10)
إنْ حَـدّثـوا
فـالـطـيـبُ فـوحٌ مـن
ريـاضِ الـجـنّـتـيـن ِ
هـمْ قُـرَّةُ الـروح الـطـهـور ِ ..
وكُـحـلُ قـلـبي قـبـلَ
عَـيـنـيِ !
" الـمُـجْـعِـلاتُ " :
حُـصـونُـهُ ..
وبـنـو " ابـن ِ آمِـنـة ٍ " :
حـصـونـي ! (11)
مـا لـيْ ؟
أنـا ابـنُ الـطـيّـبـيـنَ :
بـمـا يـرى " نـسْـلُ الـلـعـيـن ِ " ؟
خَـلّـيـكِ مـنـهُ
فـنـعـم مـدحـا ً سَـبُّ مـثـلِـكِ مـن
مُـشـيـن ِ
زعَـلَ الـهـوى لـو تـزعـلـيـن ..
وإنْ زعَـلـتُ :
فـلـن تـكـونـي !
غـال ٍ " عـلـيـهِ/ مْ شِـسْـعُ نـعْـلِـكِ
يـا بـتـولُ
فلا تُـهـِـيـنـي !(12)
أمّـا أحِـبّـتُـنـا ؟
فـأرخَـصُـهُـم :
أعـزُّ مـن الـبـنـيــن ِ ..
الـذّائـدون :
عـن الأصـيـلِ ..
الـمُـسْـتـحـونَ :
مـن الـهـجـيـن ِ .. (13)
والـكُـحْـلُـهُـنّ :
نـدى الـعَـفـافِ ..
وكـبـريـاءُ الـمُـقْـمِـرَيـن ِ ..
وثـيـابُـهـنّ كـمـا السـمـاءُ :
كـأنّـهـا
مـحضُ الـلـجَـيـن ِ ..
جِـنـفـاصُ " زيـنـبَ " لا زُبُـرجُـد ُ " هـنـدَ " :
فـخـرُ الـكـعـبـتـيـن ِ(14)
الـفـضـلُ فـضـلُ الـزّادِ
لا شـكـل الـملاعِـق ِ والـصّـحـون ِ !
فَـسَـلـي الـجـذورَ مَـنِ الأعَـزُّ :
الـتّـبْـرُ ؟
أمْ نـبَـضـاتُ طِـيـن ِ ؟
الـطـيّـبـون كـنـوزُنـا ..
مـا عَـوْزُنـا لـ " الـفَـرْدَتَـيـن ِ " ؟ (15)
لا تُـرخِـصـي نـعـلـيـكِ تـاجـا ً :
لـ " لـدُوَيْـنـةِ " ..
و " الـدُوَيْـنـي " .. (16)
سـأنـامُ مـقـرورَ الـعِـنـاق ِ..
فـدَثّـريـك ِ ..
ودثّـريـنـي ..
قـايـضْـتُ شـوكـا ً بـالـحـريـر ِ
ولـمْ أخُـنْ :
شـرَفَ الأنـيـن ِ

السماوة في 4/12/2012




الهوامش :

(1) طور سينِ : تناص خفي مع قوله تعالى : " وشجرةٍ تخرج من طور سيناء " .. والمراد : أبجدية محبة جديدة قيد التكوين ..
(2) الهتون : من المطر فوق الثقيل .. ومن النعمى خيرها .
(3) الضنين : الإمساك والبخل ـ والغالب عن طهر ونجابة كقول الله تعالى : " وما هو على الغيب بضنين " .. وفي الحديث الشريف : " إن لله ضنائن "

(4) الهُون : بضم الهاء عكس العز كقوله تعالى " فأخذتهم صاعقة العذاب الهون " ... وبفتح الهاء : اليسر والسهل من الأمور .
(5) الحبل : العهد والذمة والأمانة ويأتي بمعنى الدين أيضا كما في قوله تعالى " واعتصموا بحبل الله جميعا ... " والوتين : عرق في القلب يموت المخلوق بانقطاعه .
(6) تأرّضتْ : أصبحت أرضا بعد أن كانت سماء أو شيئا آخر .
(7) الدّوني : هو الكامل نقصا .. وتعني باللهجة العراقية الجنوبية : الشخص الذي لا يُدانى في عهره ونذالته وانحرافه ويخجل الناس من ذكر اسمه فيكتفى بوصفه " الدوني " .
(8) تؤجريني : إشارة إلى قوله تعالى : " قالت إحداهما يا أبتِ إستأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين "
(9) ملص : المرأة الملص : هي التي تسقط جنينها قبل تمامه تخلصا من عار كونه نغلا أو لأنها تجهل من يكون أبوه ( والعراقيون يطلقون لقب الملص على أشهر عاهر في تاريخ بغداد ... وثمة لقب آخر لملص جديد أظنه سيشيع شيوع لقب حسنة في غد قريب حين يصدر كتابي الوثائقي عن ملص أخرى )
(10) . جون : هو مولى الإمام الحسين عليه السلام الذي أبى إلآ أن يستشهد مع أهل بيت النبوة في ملحمة الطف بكربلاء .
(11) المجعلة : الكلبة تتشمم دبر الكلب كي ..... !! وبنو آمنة : بنو أم نبي الحق والهدى آمنة بنت وهب عليها السلام .
(12) تُهيني : المفعول به هو النعل لكونه أكرم وأطهر من أن يُهان بضرب وجه " الدّوني " ..
(13) الهجين : من معانيه : المجهول الأصل والنسب والمشكوك بشرفه لاشتهاره بانحراف مبين .
(14) جنفاص زينب : الجنفاص هو الرخيص والخشن من الثياب الذي كانت السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب عليهما السلام ترتديه .. موجودة بردة منه في متحف تركي وتُعدّ كنزا من أثرى كنوز الدنيا يحج المؤمنون للتبرك برؤيته ـ وهو القماش الرخيص !!... وهند : هي الملعونة آكلة كبد الحمزة عليه السلام والتي كانت ترتدي من الحرير أثمنه فانتهى إلى مزبلة مثلما انتهت هي إلى اللعنة المؤبدة.
(15) الفردتين : تعني باللهجة العراقية الجنوبية الحذاء البالي الذي لم يعد يصلح لغير المزبلة .
(16) الدوينة والدويني : تصغير للمصغّر أساسا / كناية عن منتهى الإحتقار !!!!


يحيى السماوي



 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...