سلت صوارمها من الأجفان = فسطت على الآساد والغزلان
وتبسمت عن لؤلوءٍ متمنع = حتى بكيت عليه بالعقيان
غيداء أستجلي البدور لوجهها = إذ ليس حظي منه غير عيان
تركية للقان ينسب خدها = واصبوني منه بأحمر قاني
خدٌّ يريك تنعماً وتلهباً = يا من رأى الجنات في النيران
ومحاسن تزهو وتخلف عهدها = وكذا يكون الروض ذا ألوان
كالجنة الزهراء إلا أنّ لي = من أدمعي فيها حميماً آن
يحمي نعيم خدودها أن يحتنى = أو ما سمعت شقائق النعمان
ترنو لواحظها إلى عشاقها = فتصول بالأسياف في الأجفان
و يهز حلو قوامها مرج الصبا = هز الكماة عواليَ المران
ان صدها عني المشيب فطالما = عطفت شمائبلها بما أرضاني
و بلغت مالا سولته شبيبتي = وفعلت ما لا ظنه شيطاني
و جنيت من ثمر الذنوب تعمدا = لما رأيت العفو حظّ الجاني
و حلبت هذا الدهر أشطر عيشه = فوجدت زبدتها متاعاً فاني
و سبرت اخلاق الكرام فلم أجد = في الفضل للملك المؤيد ثاني
ملك ترنحت المنابر باسمه = حتى ادّكرنَ معاهد الأغصان
بادي الوقار اذا احتبى وحبا الندى = أبصرت سير السيل من نهلان
قامت بسؤدده مآثر بيته = وعلى العماد إقامة البنيان
قسماً بمن أعلى وأعلن مجده = وأفاض أنعمه بكلّ مكان
ما حاد عني الفقر حتى صحت في = مدحي أنا بالله والسلطان
فوجدت للنعماء ملء مآربي = ووجدت للأوصاف ملء لساني
و مدحت من نشرت مدائح مجده = ذكري فلو لم يعطني لكفاني
ملكاً أبر على الأولى متأخراً = عنهم كبسم الله في العنوان
تعب الأنامل لا يغب نواله = إنَّ العلى والمجد للتعبان
اعطى وقد منع الغمام وأرشدت = أراؤه والنجم كالحيران
و اعتادت الهيجاء منه غضنفراً = سار من اليزنيَّ في خفان
تتالف العقبان فوق رماحه = إلف الحمام على غصون البان
و يصح علم الكيمياء وسيفه = فترى اللجين يعود كالعقبان
و يقول فيض فعاله ومقاله = مرج النهى بحرين يلتقيان
يا مشتري سلع الثناء بماله = هنئت مرتبة على كيوان
صانت يداك عن الأنام وسائلي = وثني حماك عن البلاد عناني
فمحوت الاّ من ثناك خواطري = ونفضت الاّ من نداك بناني
وتركت مدح العالمين وذمهم = وشغلت عن هذا الندى في شاني
وأقمت متصل الرجاء بواحدٍ = لم يختلف في الفضل منه اثنان
متسلسل الكلمات في أوصافه = متقيداً بصنائع الاحسان
لا يعدم الدهر الأخير بدائعاً = تنهال بين سماحة ٍ وبيان
أكتال بالمكيال فضل هباته = وأبيحه الأمداح بالأوزان
- ابن نباتة المصري