النابغة الشيباني - أتصرم أم تواصلك النجود ؟

أتصرم أم تواصلك النجود ؟ = وليسَ لها وإنْ وصلتك جُودُ
إذا لا ينتها مطلت ولانت = وفيها حين تَنْزُرُها صُلودُ
تُشيرُ إلى الحديثِ بِحُسْنِ دَلٍّ = عن الفحشاء معرضة ٌ حيود
لها وجهٌ كصحنِ البدر فخمٌ = ومنسجرٌ على المتنين سود
وعينا برغزٍ خرقٍ غريرٍ = وزان النحر واللبات جيد
ترى فوق الرهاب لها سموطاً = مع الياقوت فصله الفريد
وأعظمها مبتلة ٌ رواءٌ = وذو عكنٍ وإن طعمت خضيد
من العين الجوازئ ليس يخزي = محاسنها الرياط ولا البرود
وقد عَبِقَ العبيرُ بِها ومِسْكٌ = يخالطه من الهندي عود
وتبسِمُ عن نقيِّ اللون غُرٍّ = لهُ أَشَرٌ ومنهِلُهُ بَرودُ
شفاءٌ للعميد فلم تنله = وكان بمثله يشفى العميد
يَراحُ القلبُ ما دامتْ قريباً = وذِكْراها وإنْ شحطتْ تصيدُ
وعوص الدهر بالإنسان جسمٌ = ولا ينجي من التلف الجدود
إذا ما المرءُ غالَتْهُ شَعوبٌ = فما للشامتين به خلود
وكُلُّ منعَّمٍ وأخي شقاءٍ = ومثرٍ والمقل معاً يبيد
إذا ما ليلة ٌ مرّتْ ويومٌ = أتى يومٌ ولَيْلتُه جَديدُ
أبار الأولين وكل قرنٍ = وعاداً مثلما بارت ثمود
ولا ينجي من الآجال أرضٌ = يُحَلُّ بِها ولا القَصْرُ المَشيدُ
وما لابد منه سوف يأتي = ولكن الذي يمضي بعيد
وَجَدتُ الناسَ شتّى شيمتاهُمْ = غوي والذي يهدى رشيد
مُريدُ الذمِّ مذمومٌ بخيلٌ = ومعطي المال منتجبٌ حميد
يُراحُ إلى الثناءِ له ثناءٌ = على مَهلٍ إذا بَخِلَ الزهيدُ
وخير الناس في الدنيا صنيعاً = على العلات متلافٌ مفيد
فصاحِبْ كلَّ أروعَ دهثميٍّ = ولا يَصْحبْكَ ذو الغَلَقِ الحديدُ
يرى ما نال غنماً كل يومٍ = صفاة ٌ حينَ تَخْبُرُهُ صَلودُ
وشرُّ مُصاحَبٍ خُلُقٌ قَسِيٌّ = ونعم الصاحب الخلقُ السديد
ووصل الأقربين سبيل حق = وقطع الرِّحْمِ مُطَّلَعٌ كؤودُ
إذا ما الكَهْلُ عُوتبَ زادَ شرّاً = ويُعْتِبُ بعدَ صبْوتِهِ الوليدُ
يغيض الأكثرون حصى رجالٍ = ويثرى بعد قلته الوحيد
ويُعطى المرءُ بعد الضَّعْفِ أَيْداً = ويَضْعُفُ بَعْدَ قُوَّتهِ الشديدُ
ويصرع خصمه ذو الجهل يوماً = ويَبْطُرُ عندَ حُجّتهِ الجَليدُ
ولا ينجي الجبان حذار موتٍ = ويبلغ عمره البطل النجيد
وطَلاّبُ التِّراتِ بها طلوبٌ = ذكيٌّ لا يحالفه الهجود
وشرُّ مُطالبِ الأوتارِ نِكْسٌ = من الأقوام جثامٌ لبود
فما بالي وبالُ بني لَكَاعٍ = عليَّ لهم إذا شبعوا فديد
إذا ما غِبْتُ عنهم أوعدوني = وأي الناس يقتله الوعيد ؟‍
متى ما يسمعوا رزي يدينوا = كما دانت لسيدها اليهود
لهُ من مدِّ عافية ٍ ورُودُ = مخافة أن أجدعهم سجود
بهرتهم وأفحم ناطقوهم = كما بهر المحملة الصعود
تفادَوْا مِن خُبَعْثِنَة ٍ هموسٍ = تُبوِّلُ من مخافتهِ الأُسودُ
هريت الشدق يقعص كل قرنٍ = على كتفيه من لبدٍ لبود
دقيقِ الخصرِ رحْبِ الجوفِ شَثْنٍ = كأن أخا تواليه عمود
وليسَ يَعيبني إنْ غِبْتُ إلاَّ = دعي أو دحيقٌ أو حسود
نفى عنّي العدوَّ قُراسياتٌ = قرومٌ من بني شيبان صيد
فمنهُمْ حينَ تَنْتَطِحُ النواصي = إذا ذكر المآثر والعديد
فمفروقٌ وحارثة ُ بن عَمْروٍ = هما الفرعانِ مجدُهما تليدُ
وساد الهانئان بني نزارٍ = ومن يُحلُلْ بأرضهما مَسُودُ
وبِسطامٌ تغمَّطَ والمثَنّى = بهِ فُضَّتْ من الفُرْسِ الجُنودِ
وعوف المأثرات وكل عهدٍ = وَفيٌّ حينَ تُنتقضُ العهودُ
وذو المانا أبو حرب بن عوفٍ = معاذته تفك بها القيود
وكان الحَوْفَزانُ شِهابَ حَرْبٍ = رئيس الناس متبعاً يقود
وفكّاكُ العُناة ِ أبو ثبيتٍ، = يزيدُ بعدَه منّاً يزيدُ
وعُدَّ أبا الوجيهة ِ في نُجومٍ = نجومٍ جمّة ٍ تلك السُّعودُ
قبيصَة ُ وابن ذي الجَدّين منهم = وأشرسُ والمجبّة ُ والشريدُ
وعمرو والأغن عميد حي = وكلٌّ في أرومته عميد
وسادَ ابنَ القُريمِ وكان قَرْماً = أخا حربٍ يشب لها الوقود
وحمال المئين أبو حماسٍ = أناب بها إذا ضلع اللهيد
وجادَ ابنُ الحصينِ وكان بَحْراً = وللهزهاز عند الجهد جود

ومصقلة ُ الذي أجدى وأعطى
به عتقٌ لسامة بعد رقً = إذ ابطت عن فكاكهم الوفود
جُلودُهُمُ من العَثَراتِ مُلْسٌ = نقياتٌ إذا دنس الجلود
أولئكَ أُسرتي سأذودُ عنهم = إذا ما خامَ عنهمْ منْ يَذودُ
بِغُرٍّ من قَوافٍ نافِذاتٍ = جوارحَ في الصُّدورِ لَها خُدودُ
فشعري كله بيتان : بيتٌ = أثقِّفه، وقافية شَرودُ
وإني حاكمٌ في الشعر حكماً = إذا ذكر القوافي والنشيد
فخيرُ الشِّعرِ أَكْرَمُهُ رِجالاً = وشر الشعر ما نطق العبيد
شُهودي الناسُ أنْ قد قلتُ حقّاً = وكانَ الحقُّ يوجِبُهُ الشُّهودُ
 
ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) مطلوبة لاستخدام هذا الموقع. يجب عليك قبولها للاستمرار في استخدام الموقع. معرفة المزيد...